دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 ذو القعدة 1439هـ/27-07-2018م, 03:00 AM
مها محمد مها محمد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 251
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة:
إجابة السؤال الأول: اذكر الأدلّة الدالة على بيان الله تعالى للقرآن.
أول بيان للقرآن هو بيان الله عز وجل ،والادلة على ذلك نذكر منها:
-1 قال الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه}. ووجه دلالة ذلكأنه سبحانه وتعالى قال : {ثم إن علينا بيانه } أي أنه تكفل ببيانه.
2-وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً}،ووجه الدلالة : في قوله تعالى أحسن تفسيراً أي أحسن بيانا وتفصيلا.
3-وقال تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا }،ووجه الدلالة : من قوله تعالى : مفصلا: أي مبينا.
4-وقال تعالى:{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} ، ووجه الدلالةأن الله عز وجل قد وصف الله عز وجل كتابه بأنه مبين أي يبين بعضه بعضاً ، كما يبين للناس ما ينفعهم ويهديهم.
5- وقال تعالى: {حم . والكتاب المبين}في مطلع سورتي الزخرف والدخان، وهذا إقسام من الله تعالى بالقرآن بصفة من أظهر صفاته وهو أنه قرآن مبين؛ يبين بعضه بعضاً، ويبين للناس بيانا مفصلا ما يحتاجون إليه ليهتدوا إلى صراط الله المستقيم وينالوا رضوانه وثوابه، ويسلموا من سخطه وعقابه.
وهناك من الأدلة ما يدل باللزوم على أن الله عز وجل بين القرآن منها:
1- قال :تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}
وجه الدلالة : أن الله عز وجل أمر باتباعالقرآن ويلزم من ذلك أن يكون وضحه وبينه ليسهل اتباعه.
2- وقال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}؛
وجه الدلالة:
أن الله عز وجل أمر باتباع القرآن ، ووعد على اتباعه الهدى وعدم الشقاء ، وهذا يلزم منه أن يكون مبينا، وأن الله بينه ، لأنه لا يعقل أن يأمر الله عز وجل باتباع أمر غير واضح.

س2: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم القرآن لأصحابه؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم القرآن لأصحابه بطرق كثيرة منها:
التلاوة
وذلك بتلاوة القرآن تلاوة بينة يُسمعها أصحابه فيفهموا ما تدل عليه الآيات ، ويظهر أثر هذا الفهم عليهم ، حتى أن كثيرا من الصحابة أسلم بمجرد سماعه للقرآن ، كالطفيل بن عمرو الدوسي ، وقصته مشهورة .
الدعوة
وذلك بمعرفة ما وقع بينه وبين مخالفيه من خصومات ومجادلات ودحض شبه وحجج المبطلين ، ومثال ذلك ما وقع بينه وبين الوليد بن المغيرة ، وعتبة بن ربيعة .
العمل
وذلك ببيان كيفية العمل بما جاء في القرآن ، كإقامة الصلاة وقوله عليه الصلاة والسلام : "صلوا كما رأيتموني أصلى" .
بابتداء التفسير
فكان صلى الله عليه وسلم يبتدأ بتفسير بعض الآيات وبيان المراد منها ، كما في حديث أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) قال : لا إله إلا الله " رواه الترمذي وصححه الألباني
بإجابة أسئلة المشركين وغيرهم
فكان صلى الله عليه وسلم يجيب عن أسئلة المشركين وأهل الكتاب والمنافقين عن بعض المعاني والشبه التي يردونها ، كجوابه عن المشركين حين سألوه عن الروح ، وكمجادلته وفد نصارى نجران في عيسى .
بإجابة ما يشكل على المسلمين
فكان عليه الصلاة والسلام يجيب على ما أشكل على المسلمين من معاني الآيات ، كما ورد في صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شعبة أنه قال : لما قدمت نجران سألوني : إنكم تقرؤون (يا أخت هارون) وموسى قبل عيسى؟ فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك ، فقال : "إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم".
بتعليم الصحابة
فكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه وينبههم إلى أخطائهم ، ويرشدهم إلى الصواب ، كما في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ، فدعاني فلم أنه حتى صليت ثم أتيت ، فقال : "ما منعك أن تأتيني" ، فقلت : كنت أصلى ، فقال : ألم يقل الله : (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) ثم قال : "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد " فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكرته ، فقال : "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" .
بالتلقي بالوحي
فكان عليه الصلاة والسلام يفسر ويبين بعض المعاني من الأمور الغيبية التي لا تدرك إلا بالتلقي بالوحي ، وهذا النوع من خصائص التفسير النبوي ، ومن ذلك ما ورد عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا قعد المؤمن في قبره أتي ، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) متفق عليه .
الخلاصة :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقن القرآن أصحابه بكل طريقة ،فيحفظونه ،ويتعلموا منه ألفاظه ومعانيه ،فلم يتجاوزوا العشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ،بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم الإيمان قبل القرآن ،فكان تعلمهم القرآن بعد ذلك زيادة في إيمانهم ، ولم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع القرآن طائفة من أصحابه .
ويؤيد هذا ما رواه الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، قال: «كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن» رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير الطبري في تفسيره.
و عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات؛ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل). رواه الإمام أحمد وابن جرير الطبري وابن سعد في الطبقات.
وعن جندب بن عبد الله البجلي قال: « كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا» رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجه في سننه.

إجابة السؤال الثالث: ما هي طرق الصحابة رضي الله عنهم في تعلم التفسير وتعليمه؟
كان للصحابة طرق في تدارس معاني القرآن وتعلّمه وتعليمه منها:
1-طريقة الإقراء والتعليم.
كانوا يتعلمون من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لا يتجاوزونها إلا بعد معرفة معانيها وما فيها من العلم والعمل ، فعن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن).رواه ابن أبي شيبة وابن جرير.
وذكر مالك في الموطّأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر (مكث على سورة البقرة، ثماني سنين يتعلمها).

2-طريقة القراءة والتفسير
كانوا رضوان الله عليهم يجتمعون ويفتحون المصحف ويفسرونه .
فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن مسعود: " أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا، وفسر لهم" ). رواه أبو عبيد وصححه ابن كثير.
3-طريقة السؤال والجواب:
يسأل العالم أصحابه؛ فإن أصابوا أقرّهم على صوابهم، وأثنى على علمهم، وإن أخطؤوا بيّن لهم الصواب، ومن أمثلة ذلك:
1- ما رواه ابن جرير من طريق الأسود بن هلالٍ المحاربي، قال: قال أبو بكرٍ: " ما تقولون في هذه الآية: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}قال: فقالوا " ربنا الله ثم استقاموا من ذنبٍ، قال: فقال أبو بكرٍ: " لقد حملتم على غير المحمل، قالوا: ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره ".
2-ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي بشر اليشكري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟
فقال عمر: إنه من قد علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم؛ فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم.
قال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}؟
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا.
فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟
فقلت: لا.
قال: فما تقول؟
قلت: «هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له»قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} «وذلك علامة أجلك»{فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تقول».

4-طريقة التدارس والتذاكر
فقد حثَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن وتدارسه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
وكان لتدارسهم القرآن أثر في استثارة معانيه والتفقه فيه، والوقوف على عجائبه.
-
وروى أبو إسحاق، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين». رواه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطبراني في المعجم الكبير واللفظ له.
وفي لفظ عند المروزي في "قيام الليل": «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين»
والمراد بإثارة القرآن بحث معانيه والتفكّر فيه وتدارسه.
4- بتصحيح الخطأ الشائع في فهم الآية :
مثال ذلك :
-
عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب فقال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه". رواه الإمام أحمد.

6-الرد على من تأوّل تأولاً خاطئاً في القرآن.
-
مثاله ما وردعن ابن عباسٍ، أن قدامة بن مظعونٍ، شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه ثم سئل فأقر أنه شربه، فقال له عمر بن الخطاب: ما حملك على ذلك، فقال: لأن الله يقول:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناحٌ، فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا، وعملوا الصالحات}، وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين، ومن أهل بدرٍ، وأهل أحدٍ، فقال: للقوم أجيبوا الرجل فسكتوا، فقال لابن عباسٍ: أجبه، فقال: إنما أنزلها عذرًا لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم وأنزل:{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ}من عمل الشيطان، حجةٌ على الباقين ثم سأل من عنده عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالبٍ: إنه إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى فاجلدوه ثمانين). رواه النسائي في السنن الكبرى.

-
وقال سعيد بن المهلب: حدثني طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيبا بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله تعالى فيها خلود أهل النار؛ فقال: يا طلق، أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مني؟
قال: فاتضعت له، فقلت: لا والله، بل أنت أقرأ لكتاب الله مني، وأعلم بسنته مني.
قال: إن الذين قرأت هم أهلها، هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا فعذبوا، ثم أخرجوا منها ثم أهوى بيديه إلى أذنيه، فقال: صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرجون من النار بعدما دخلوا". ونحن نقرأ كما قرأت: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم (39) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير (40) }. رواه الإمام أحمد في مسنده وابن مردويه في تفسيره كما في تفسير ابن كثير، واللالكائي في أصول السنة.

7-الدعوة بالقرآن
فكانوا يدعون إلى الله عزّ وجلّ بالقرآن، ويبيّنون للناس ما أنزل الله فيه، بأساليب حسنة فيها تفسير وتقريب، وترغيب وترهيب، وإرشاد وتبصير.
وقد تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم أساليب التذكير بالقرآن وآدابه.
-
قال مالك بن سعيد بن الحسن: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، قال: حججت أنا وصاحب لي، وابن عباس على الحج، فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها؛ فقال صاحبي: يا سبحان الله، ماذا يخرج من رأس هذا الرجل، لو سمعت هذا الترك لأسلمت.رواه الحاكم في المستدرك وصححه.

8-مناظرة المخالفين وكشف شبههم
كما في مناظرة ابن عباس للخوارج، والقصة مذكورة بطولها في مصنف عبد الرزاق والسنن الكبرى للنسائي ومستدرك الحاكم وغيرها.

9-إجابة السائلين عن التفسير
وأمّا إجاباتهم لأسئلة السائلين عن معاني القرآن؛ فكثيرة جداً.
-
قال عطاء بن أبي رباح: «ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس كانوا يجيئون أصحاب القرآن فيسألونه، ثم يجيء أهل العلم فيسألونه، ثم يجيء أصحاب الشعر فيسألونه» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة.
-
وقال أبيّ بن كعب لزرّ بن حبيش:لا تريد أن تدع آية في كتاب الله تعالى إلا سألتني عنها!! ) رواه الإمام أحمد.

10-اجتهاد الرأي
وكان من علماء الصحابة من يجتهد رأيه في التفسير – عند الحاجة - إذا لم يجد نصّاً، وكانوا أقرب الأمة إلى التوفيق للصواب، وذلك مثل اجتهاد أبي بكر رضي الله عنه في تفسير الكلالة؛ فإنه قد روي عنه من طرق متعددة أنه قال: «إني قد رأيت في الكلالة رأيا، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه بريء؛ إن الكلالة ما خلا الولد والوالد»
قال الشعبي: (فلما استخلف عمر رضي الله عنه، قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه). رواه ابن جرير.
وهذا الاجتهاد من أبي بكر قد أصاب فيه رضي الله عنه، وهذا من دلائل حسن اجتهاده، وأدبه في الاجتهاد؛ فإنّه بيّن للصحابة أنه رأي يحتمل الصواب والخطأ عنده، وأنّه إن كان خطأ فالله برئ منه لا يصح أن يُنسب إليه خطأ على أنّه مراده.
ودليل إصابته ما في الصحيحين من حديث محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: مرضت مرضاً، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أغمي علي؛ فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه علي، فأفقت؛ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي، كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء، حتى نزلت آية الميراث {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وفي رواية عند مسلم فقلت: «يا رسول الله، إنما يرثني كلالة، فنزلت آية الميراث».
فقد يكون مستند أبي بكر في اجتهاده علمه بسبب النزول، وغاب عنه قول جابر للنبي صلى الله عليه وسلم"إنما يرثني كلالة"، أو أن القصة رويت بالمعنى.

س4: بيّن طبقات المفسرين في عصر التابعين.
كان المشتغلون بالتفسير في عصر التابعين على طبقات:
الطبقة الأولى : طبقة أئمة أهل التفسير الذين جمعوا الرواية والدراية.
وهم الذين اعتنوا بالتفسير على الطريقة التي تعلّموها من الصحابة رضي الله عنهم رواية ودراية، ومنهم: محمد بن الحنفية، وعَبيدة السلماني، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، والربيع بن خثيم الثوري، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وشريح القاضي، وقيس بن أبي حازم، والأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وزرّ بن حبيش، وصلة بن زفر، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء العطاردي، وسعيد بن المسيب، وغيرهم .
وهؤلاء ثقات ، وهم اكثر من يروى عنهم في التفاسير المسندة ولكن قد يدخل في رواياتهم بعض الخطأ في أقوالهم ، ويحتاج له النظر لعلل التفسير .
الطبقة الثانية : طبقة ثقات نقلة التفسير.
وهؤلاء الذين رووا تفاسير الصحابة وكبار التابعين،وأدوها كما سمعوها ،ولكن أقوالهم المحفوظة في كتب التفسير قليلة .
ومن هؤلاء: سعيد بن نمران، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وحسان بن فائد، وأربدة التميمي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، والربيع بن أنس البكري،وغيرهم.
أصحاب الطبقتين الأولى والثانية هم عماد كتب التفسير.

الطبقة الثالثة : طبقة المفسرون المتكلم فيهم.
وهم الذين نُقل كلامهم في التفسير ولهم مرويات، ولكن متكلم فيهم عند أهل الحديث ، لكن هم على قسمين :
- قسم لا يصل إلى ترك الرواية عنه .
- وقسم يوجب ترك الرواية عنهم .
والذي ينتقده أهل العلم :
- الاتهام بالكذب .
- فيما يتعلق بالضبط : كثرة الخطأ في المرويات ،والتحديث عن المجاهيل ، وكثرة الإرسال والمجاهيل .
- الرواية عن الأقوال المنكرة و المخالفة لرواية الثقات .
وحكم هؤلاء على أصناف:
الصنف الأول : من يترجح قبول مروياتهم بشرط عدم مخالفة الثقات، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: أبو صالح مولى أم هانئ، والسدي الكبير.
الصنف الثاني : من لا يحتج بهم إذا تفردوا في جانب المرويات لضعفهم، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: شهر بن حوشب، وعطية العوفي، وشرحبيل بن سعد المدني.
الصنف الثالث : المتركون بسبب اتهامهم بالكذب أو لغلوهم وبدعتهم ،ومنهم: الحارث بن عبد الله الهمداني، وجابر الجعفي.
الطبقة الرابعة : طبقة ضعفاء النقلة .
وهم الذين غلبت المناكير على مروياتهم، وكثرت أخطاؤهم في الرواية فحذر منهم الأئمة النقاد.
وهؤلاء على درجات :
- منهم من هو صالح في نفسه لكنّه لا يقيم الحديث من كثرة ما يخطئ فيه.
- منهم من هو متّهم بالكذب؛ فهم ليسوا على درجة واحدة في الضعف، فمنهم من تعتبر روايته فتقبل بتعدد الطرق، ومنهم من لا تعتبر روايته.

شروط قبول الضعفاء واعتبار رواياتهم :
1- السلامة من النكارة .
2- السلامة من المخالفة .
مثال المقبولين: علي بن زيد بن جدعان، وعبد الله بن محمد بن عقيل.
مثال على المتروكين الذين لا تعتبر رواياتهم :
أبان بن أبي عياش، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعبد الله بن يزيد الدالاني، وغيرهم .

------

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 ذو القعدة 1439هـ/4-08-2018م, 03:34 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها محمد مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة:
إجابة السؤال الأول: اذكر الأدلّة الدالة على بيان الله تعالى للقرآن.
أول بيان للقرآن هو بيان الله عز وجل ،والادلة على ذلك نذكر منها:
-1 قال الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه}. ووجه دلالة ذلكأنه سبحانه وتعالى قال : {ثم إن علينا بيانه } أي أنه تكفل ببيانه.
2-وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً}،ووجه الدلالة : في قوله تعالى أحسن تفسيراً أي أحسن بيانا وتفصيلا.
3-وقال تعالى: {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا }،ووجه الدلالة : من قوله تعالى : مفصلا: أي مبينا.
4-وقال تعالى:{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} ، ووجه الدلالةأن الله عز وجل قد وصف الله عز وجل كتابه بأنه مبين أي يبين بعضه بعضاً ، كما يبين للناس ما ينفعهم ويهديهم.
5- وقال تعالى: {حم . والكتاب المبين}في مطلع سورتي الزخرف والدخان، وهذا إقسام من الله تعالى بالقرآن بصفة من أظهر صفاته وهو أنه قرآن مبين؛ يبين بعضه بعضاً، ويبين للناس بيانا مفصلا ما يحتاجون إليه ليهتدوا إلى صراط الله المستقيم وينالوا رضوانه وثوابه، ويسلموا من سخطه وعقابه.
وهناك من الأدلة ما يدل باللزوم على أن الله عز وجل بين القرآن منها:
1- قال :تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}
وجه الدلالة : أن الله عز وجل أمر باتباعالقرآن ويلزم من ذلك أن يكون وضحه وبينه ليسهل اتباعه.
2- وقال تعالى: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}؛
وجه الدلالة:
أن الله عز وجل أمر باتباع القرآن ، ووعد على اتباعه الهدى وعدم الشقاء ، وهذا يلزم منه أن يكون مبينا، وأن الله بينه ، لأنه لا يعقل أن يأمر الله عز وجل باتباع أمر غير واضح.

س2: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم القرآن لأصحابه؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم القرآن لأصحابه بطرق كثيرة منها:
التلاوة
وذلك بتلاوة القرآن تلاوة بينة يُسمعها أصحابه فيفهموا ما تدل عليه الآيات ، ويظهر أثر هذا الفهم عليهم ، حتى أن كثيرا من الصحابة أسلم بمجرد سماعه للقرآن ، كالطفيل بن عمرو الدوسي ، وقصته مشهورة .
الدعوة
وذلك بمعرفة ما وقع بينه وبين مخالفيه من خصومات ومجادلات ودحض شبه وحجج المبطلين ، ومثال ذلك ما وقع بينه وبين الوليد بن المغيرة ، وعتبة بن ربيعة .
العمل
وذلك ببيان كيفية العمل بما جاء في القرآن ، كإقامة الصلاة وقوله عليه الصلاة والسلام : "صلوا كما رأيتموني أصلى" .
بابتداء التفسير
فكان صلى الله عليه وسلم يبتدأ بتفسير بعض الآيات وبيان المراد منها ، كما في حديث أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) قال : لا إله إلا الله " رواه الترمذي وصححه الألباني
بإجابة أسئلة المشركين وغيرهم
فكان صلى الله عليه وسلم يجيب عن أسئلة المشركين وأهل الكتاب والمنافقين عن بعض المعاني والشبه التي يردونها ، كجوابه عن المشركين حين سألوه عن الروح ، وكمجادلته وفد نصارى نجران في عيسى .
بإجابة ما يشكل على المسلمين
فكان عليه الصلاة والسلام يجيب على ما أشكل على المسلمين من معاني الآيات ، كما ورد في صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شعبة أنه قال : لما قدمت نجران سألوني : إنكم تقرؤون (يا أخت هارون) وموسى قبل عيسى؟ فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك ، فقال : "إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم".
بتعليم الصحابة
فكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه وينبههم إلى أخطائهم ، ويرشدهم إلى الصواب ، كما في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ، فدعاني فلم أنه حتى صليت ثم أتيت ، فقال : "ما منعك أن تأتيني" ، فقلت : كنت أصلى ، فقال : ألم يقل الله : (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) ثم قال : "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد " فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكرته ، فقال : "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" .
بالتلقي بالوحي
فكان عليه الصلاة والسلام يفسر ويبين بعض المعاني من الأمور الغيبية التي لا تدرك إلا بالتلقي بالوحي ، وهذا النوع من خصائص التفسير النبوي ، ومن ذلك ما ورد عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا قعد المؤمن في قبره أتي ، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) متفق عليه .
الخلاصة :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقن القرآن أصحابه بكل طريقة ،فيحفظونه ،ويتعلموا منه ألفاظه ومعانيه ،فلم يتجاوزوا العشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ،بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم الإيمان قبل القرآن ،فكان تعلمهم القرآن بعد ذلك زيادة في إيمانهم ، ولم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع القرآن طائفة من أصحابه .
ويؤيد هذا ما رواه الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، قال: «كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن» رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير الطبري في تفسيره.
و عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات؛ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل). رواه الإمام أحمد وابن جرير الطبري وابن سعد في الطبقات.
وعن جندب بن عبد الله البجلي قال: « كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا» رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجه في سننه.

إجابة السؤال الثالث: ما هي طرق الصحابة رضي الله عنهم في تعلم التفسير وتعليمه؟
كان للصحابة طرق في تدارس معاني القرآن وتعلّمه وتعليمه منها:
1-طريقة الإقراء والتعليم.
كانوا يتعلمون من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لا يتجاوزونها إلا بعد معرفة معانيها وما فيها من العلم والعمل ، فعن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن).رواه ابن أبي شيبة وابن جرير.
وذكر مالك في الموطّأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر (مكث على سورة البقرة، ثماني سنين يتعلمها).

2-طريقة القراءة والتفسير
كانوا رضوان الله عليهم يجتمعون ويفتحون المصحف ويفسرونه .
فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن مسعود: " أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا، وفسر لهم" ). رواه أبو عبيد وصححه ابن كثير.
3-طريقة السؤال والجواب:
يسأل العالم أصحابه؛ فإن أصابوا أقرّهم على صوابهم، وأثنى على علمهم، وإن أخطؤوا بيّن لهم الصواب، ومن أمثلة ذلك:
1- ما رواه ابن جرير من طريق الأسود بن هلالٍ المحاربي، قال: قال أبو بكرٍ: " ما تقولون في هذه الآية: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}قال: فقالوا " ربنا الله ثم استقاموا من ذنبٍ، قال: فقال أبو بكرٍ: " لقد حملتم على غير المحمل، قالوا: ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره ".
2-ما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي بشر اليشكري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟
فقال عمر: إنه من قد علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم؛ فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم.
قال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}؟
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا.
فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟
فقلت: لا.
قال: فما تقول؟
قلت: «هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له»قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} «وذلك علامة أجلك»{فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تقول».

4-طريقة التدارس والتذاكر
فقد حثَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن وتدارسه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
وكان لتدارسهم القرآن أثر في استثارة معانيه والتفقه فيه، والوقوف على عجائبه.
-
وروى أبو إسحاق، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين». رواه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطبراني في المعجم الكبير واللفظ له.
وفي لفظ عند المروزي في "قيام الليل": «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين»
والمراد بإثارة القرآن بحث معانيه والتفكّر فيه وتدارسه.
4- بتصحيح الخطأ الشائع في فهم الآية :
مثال ذلك :
-
عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب فقال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه". رواه الإمام أحمد.

6-الرد على من تأوّل تأولاً خاطئاً في القرآن.
-
مثاله ما وردعن ابن عباسٍ، أن قدامة بن مظعونٍ، شرب الخمر بالبحرين فشهد عليه ثم سئل فأقر أنه شربه، فقال له عمر بن الخطاب: ما حملك على ذلك، فقال: لأن الله يقول:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناحٌ، فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا، وعملوا الصالحات}، وأنا منهم أي من المهاجرين الأولين، ومن أهل بدرٍ، وأهل أحدٍ، فقال: للقوم أجيبوا الرجل فسكتوا، فقال لابن عباسٍ: أجبه، فقال: إنما أنزلها عذرًا لمن شربها من الماضين قبل أن تحرم وأنزل:{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ}من عمل الشيطان، حجةٌ على الباقين ثم سأل من عنده عن الحد فيها، فقال علي بن أبي طالبٍ: إنه إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى فاجلدوه ثمانين). رواه النسائي في السنن الكبرى.

-
وقال سعيد بن المهلب: حدثني طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيبا بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله تعالى فيها خلود أهل النار؛ فقال: يا طلق، أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مني؟
قال: فاتضعت له، فقلت: لا والله، بل أنت أقرأ لكتاب الله مني، وأعلم بسنته مني.
قال: إن الذين قرأت هم أهلها، هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا فعذبوا، ثم أخرجوا منها ثم أهوى بيديه إلى أذنيه، فقال: صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرجون من النار بعدما دخلوا". ونحن نقرأ كما قرأت: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم (38) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم (39) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير (40) }. رواه الإمام أحمد في مسنده وابن مردويه في تفسيره كما في تفسير ابن كثير، واللالكائي في أصول السنة.

7-الدعوة بالقرآن
فكانوا يدعون إلى الله عزّ وجلّ بالقرآن، ويبيّنون للناس ما أنزل الله فيه، بأساليب حسنة فيها تفسير وتقريب، وترغيب وترهيب، وإرشاد وتبصير.
وقد تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم أساليب التذكير بالقرآن وآدابه.
-
قال مالك بن سعيد بن الحسن: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، قال: حججت أنا وصاحب لي، وابن عباس على الحج، فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها؛ فقال صاحبي: يا سبحان الله، ماذا يخرج من رأس هذا الرجل، لو سمعت هذا الترك لأسلمت.رواه الحاكم في المستدرك وصححه.

8-مناظرة المخالفين وكشف شبههم
كما في مناظرة ابن عباس للخوارج، والقصة مذكورة بطولها في مصنف عبد الرزاق والسنن الكبرى للنسائي ومستدرك الحاكم وغيرها.

9-إجابة السائلين عن التفسير
وأمّا إجاباتهم لأسئلة السائلين عن معاني القرآن؛ فكثيرة جداً.
-
قال عطاء بن أبي رباح: «ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس كانوا يجيئون أصحاب القرآن فيسألونه، ثم يجيء أهل العلم فيسألونه، ثم يجيء أصحاب الشعر فيسألونه» رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة.
-
وقال أبيّ بن كعب لزرّ بن حبيش:لا تريد أن تدع آية في كتاب الله تعالى إلا سألتني عنها!! ) رواه الإمام أحمد.

10-اجتهاد الرأي
وكان من علماء الصحابة من يجتهد رأيه في التفسير – عند الحاجة - إذا لم يجد نصّاً، وكانوا أقرب الأمة إلى التوفيق للصواب، وذلك مثل اجتهاد أبي بكر رضي الله عنه في تفسير الكلالة؛ فإنه قد روي عنه من طرق متعددة أنه قال: «إني قد رأيت في الكلالة رأيا، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه بريء؛ إن الكلالة ما خلا الولد والوالد»
قال الشعبي: (فلما استخلف عمر رضي الله عنه، قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه). رواه ابن جرير.
وهذا الاجتهاد من أبي بكر قد أصاب فيه رضي الله عنه، وهذا من دلائل حسن اجتهاده، وأدبه في الاجتهاد؛ فإنّه بيّن للصحابة أنه رأي يحتمل الصواب والخطأ عنده، وأنّه إن كان خطأ فالله برئ منه لا يصح أن يُنسب إليه خطأ على أنّه مراده.
ودليل إصابته ما في الصحيحين من حديث محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: مرضت مرضاً، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أغمي علي؛ فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه علي، فأفقت؛ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي، كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء، حتى نزلت آية الميراث {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وفي رواية عند مسلم فقلت: «يا رسول الله، إنما يرثني كلالة، فنزلت آية الميراث».
فقد يكون مستند أبي بكر في اجتهاده علمه بسبب النزول، وغاب عنه قول جابر للنبي صلى الله عليه وسلم"إنما يرثني كلالة"، أو أن القصة رويت بالمعنى.

س4: بيّن طبقات المفسرين في عصر التابعين.
كان المشتغلون بالتفسير في عصر التابعين على طبقات:
الطبقة الأولى : طبقة أئمة أهل التفسير الذين جمعوا الرواية والدراية.
وهم الذين اعتنوا بالتفسير على الطريقة التي تعلّموها من الصحابة رضي الله عنهم رواية ودراية، ومنهم: محمد بن الحنفية، وعَبيدة السلماني، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، والربيع بن خثيم الثوري، ومرة بن شراحيل الهمداني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وشريح القاضي، وقيس بن أبي حازم، والأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي، وزرّ بن حبيش، وصلة بن زفر، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء العطاردي، وسعيد بن المسيب، وغيرهم .
وهؤلاء ثقات ، وهم اكثر من يروى عنهم في التفاسير المسندة ولكن قد يدخل في رواياتهم بعض الخطأ في أقوالهم ، ويحتاج له النظر لعلل التفسير .
الطبقة الثانية : طبقة ثقات نقلة التفسير.
وهؤلاء الذين رووا تفاسير الصحابة وكبار التابعين،وأدوها كما سمعوها ،ولكن أقوالهم المحفوظة في كتب التفسير قليلة .
ومن هؤلاء: سعيد بن نمران، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وحسان بن فائد، وأربدة التميمي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، والربيع بن أنس البكري،وغيرهم.
أصحاب الطبقتين الأولى والثانية هم عماد كتب التفسير.

الطبقة الثالثة : طبقة المفسرون المتكلم فيهم.
وهم الذين نُقل كلامهم في التفسير ولهم مرويات، ولكن متكلم فيهم عند أهل الحديث ، لكن هم على قسمين :
- قسم لا يصل إلى ترك الرواية عنه .
- وقسم يوجب ترك الرواية عنهم .
والذي ينتقده أهل العلم :
- الاتهام بالكذب .
- فيما يتعلق بالضبط : كثرة الخطأ في المرويات ،والتحديث عن المجاهيل ، وكثرة الإرسال والمجاهيل .
- الرواية عن الأقوال المنكرة و المخالفة لرواية الثقات .
وحكم هؤلاء على أصناف:
الصنف الأول : من يترجح قبول مروياتهم بشرط عدم مخالفة الثقات، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: أبو صالح مولى أم هانئ، والسدي الكبير.
الصنف الثاني : من لا يحتج بهم إذا تفردوا في جانب المرويات لضعفهم، وتعتبر أقوالهم في التفسير، ومنهم: شهر بن حوشب، وعطية العوفي، وشرحبيل بن سعد المدني.
الصنف الثالث : المتركون بسبب اتهامهم بالكذب أو لغلوهم وبدعتهم ،ومنهم: الحارث بن عبد الله الهمداني، وجابر الجعفي.
الطبقة الرابعة : طبقة ضعفاء النقلة .
وهم الذين غلبت المناكير على مروياتهم، وكثرت أخطاؤهم في الرواية فحذر منهم الأئمة النقاد.
وهؤلاء على درجات :
- منهم من هو صالح في نفسه لكنّه لا يقيم الحديث من كثرة ما يخطئ فيه.
- منهم من هو متّهم بالكذب؛ فهم ليسوا على درجة واحدة في الضعف، فمنهم من تعتبر روايته فتقبل بتعدد الطرق، ومنهم من لا تعتبر روايته.

شروط قبول الضعفاء واعتبار رواياتهم :
1- السلامة من النكارة .
2- السلامة من المخالفة .
مثال المقبولين: علي بن زيد بن جدعان، وعبد الله بن محمد بن عقيل.
مثال على المتروكين الذين لا تعتبر رواياتهم :
أبان بن أبي عياش، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعبد الله بن يزيد الدالاني، وغيرهم .

------

التقويم : أ
- تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة كان على طريقتين مباشر، مثل سؤالهم له أو ابتدائه التفسير لهم، أو مجرد تلاوته ..
أما الطريق غير المباشر فكان بتعلمهم من دعوته وعمله ورده على المشركين ...
- الخصم للتأخير.
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ربيع الثاني 1440هـ/24-12-2018م, 08:15 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

المجموعة الأولى:
س1: بيّن فوائد دراسة تاريخ علم التفسير.

1: معرفة كيف نشأ علم التفسير وكيف كانوا يتعلمونه ويعلمونه .
2: الكشف عن بدايات تدوينه وكيف تدرج علم التأليف فيه حتى وصل التفسير إلى هذذ التآليف الكبيرة
3: الوقوف على نقاط ومعالم مهمة في مناهج التأليف عند المفسرين .
4: التنور بمعرفة أئمة وعلماء التفسير ومعرفة مراتبهم وطرق عنايتهم وتفسيرهم للقرآن .
5: الكشف عن سبب شهرة بعض التفاسير ومن أين استمدت نصوصها وكيف كان انتقاد العلماء لها ومعرفة جوانب الإجادة أو مواطن الضعف فيها .
6: إدراك جملة من أصول التفسير وعلله.
7: معرفة مصادر التفسير وأقوال اللغويين .
8: معرفة أسباب انتشار بعض المرويات المعلولة والأقوال الضعيفة، وبدع التفاسير.

س2: ما سبب عناية علماء أهل السنة بتقرير البيان الإلهي للقرآن؟
- لأنه مفيد لليقين هادٍ للحق عاصم من الضلال
- فيه أصول تحصنه من ضلالات الطوائف المخالفة لأهل السنة والجماعة
- الرد على من يتؤلون القرآن بغير حق

س3: اذكر أنواع البيان النبوي للقرآن مع التوضيح والتمثيل.
- تلاوة القرآن تلاوة بينة بلسان عربي مبين
- ما يكون بيانه بمعرفةدعوته صلى الله عليه وسلم للمخالفين والمشركين
- العمل به
- ابتداءالنبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه للصحابة الكرام
- جوابه صلى الله عليه وسلم لأسئلة المشركين وأهل الكتاب
- ما يشكل على بعض الصحابة من معاني القرآن
-تعليم الصحابة وإرشادهم وتنبيه من أخطأ منهم في فهم معاني القرآن .
- التفسير المتلقى بالوحي مما فيه بيان بعض معاني القرآن

س4: ما سبب قلة الرواية عن بعض أكابر الصحابة وكثرتها عن صغارهم؟
سبب قلة الرواية عن بعض الأكابر لأنهم هلكوا قبل الحاجة إليهم او انشغال بعضهم بما ظاوكل إليه من مهام كسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه بسبب انشغاله بحروب الردة والأحداث العظام في عهده وقلة المدة التي عاشها بعد النبي صلى الله عليه وسلم ووفرة من علماء الصحابة في عصره
وإنما كثرت الرواية عن عمر الفاروق وعلي الكرار رضي الله عنه لأنهما وليا القضاء
وكل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسم أئمة يقتدى بهم وإنما كثرت عن صغار الصحابة لأنهم عاشوا جهرا طويلا واحتيج إلى علمهم وخاصة من هاحر منهم في سبيل الله وتعليم عباد الله دين الله

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 جمادى الأولى 1440هـ/1-02-2019م, 03:52 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

ماهر القسي ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك
ج3: اختصرت جوابه فلم تمثّل لبعض الأنواع مما ورد في الدرس.
- خصمت نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir