دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1430هـ/6-03-2009م, 10:05 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي لا يلزم الرهن إلا بالقبض، واستدامته شرط

ولا يَلزَمُ الرهْنُ إلا بالْقَبْضِ، واستدامتُه شَرْطٌ، فإن أَخْرَجَه إلى الراهنِ باختيارِه زالَ لُزومُه، فإن رَدَّهَ إليه عادَ لُزُومُه إليه، ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ واحدٍ منهما فيه بغيرِ إِذْنِ الآخَرِ، إلا عِتْقُ الراهنِ فإنه يَصِحُّ مع الْإِثْمِ، وتُؤْخَذُ قِيمتُه رَهْنًا مَكانَه.


  #2  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 01:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 02:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ولا يَلْزَمُ الرَّهْنُ) في حَقِّ الرَّاهِنِ (إلا بالقَبْضِ) كقبضِ المبيعِ؛ لقَولِه تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. ولا فَرْقَ بينَ المَكِيلِ وغيرِه، وسواءٌ كَانَ القبضُ مِن المُرْتَهِنِ أو مَن اتَّفَقَا عليه. والرَّهْنُ قبلَ القبضِ صحيحٌ وليس بلازمٍ، فللرَّاهِنِ فَسْخُه والتصَرُّفُ فيه، فإن تَصَرَّفَ فيه بنَحْوِ بَيْعٍ أو عِتْقٍ بَطَلَ. وبنحوِ إِجارةٍ أو تدبيرٍ لا يَبْطُلُ؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ مِن البَيْع.ِ واستدامَتُه؛ أي: القبضِ (شرطٌ) في اللُّزُومِ للآيَةِ وكالابتداءِ، (فإن أَخْرَجَه) المُرْتَهِنُ (إلى الرَّاهِنِ باختِيَارِه) ولو كَانَ نِيَابَةً عنه (زَالَ لُزُومُه) لزَوَالِ استِدَامَةِ القَبْضِ، وبَقِيَ العَقْدُ كأنَّهُ لم يُوجَدْ فيه قَبْضٌ. ولو آجَرَهُ أو أَعَارَه لمُرْتَهِنٍ أو غيرِه بإِذْنِه فلُزُومُه بَاقٍ. (فإن رَدَّه)؛ أي: رَدَّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (إليه)؛ أي: إلى المُرْتَهِنِ (عَادَ لُزُومُه إليه)؛ لأنَّه أَقْبَضَه باختِيَارِه فلَزِمَ كالابتداءِ.
ولا يَحْتَاجُ إلى تجديدِ عقدٍ لبقائِه. ولو استَعَارَ شَيْئاً ليَرْهَنَه جَازَ. ولرَبِّه الرُّجُوعُ قبلَ إِقْبَاضِه لا بعدَه، لكنْ له مُطَالَبَةُ الرَّاهِنِ بفِكَاكِه مُطلقاً. ومتى حَلَّ الحَقُّ ولم يَقْضِهِ فللمُرْتَهِنِ بَيْعُه واستيفاءُ دَيْنِه مِنه. ويَرْجِعُ المُعِيرُ بقيمَتِه أو مِثْلِه. وإن تَلَفَ ضَمِنَهُ الرَّاهِنُ وهو المُستَعِيرُ، ولو لم يُفَرِّطِ المُرْتَهِنُ. (ولا يَنْفَذُ تَصَرُّفُ واحدٍ مِنهما)؛ أي: مِن الرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ (فيه)؛ أي: في الرَّهْنِ المَقْبُوضِ (بغيرِ إذنِ الآخَرِ)؛ لأنَّه يُفَوِّتُ على الآخَرِ حَقَّه. فإن لم يَتَّفِقَا على المنافِعِ لم يَجُزْ= الانتِفَاعُ، وكَانَت مُعَطَّلَةً. وإن اتَّفَقَا على الإجارَةِ أو الإعارَةِ جَازَ. ولا يَمْنَعُ المُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِن سَقْيِ شجرٍ وتَلْقِيحٍ ومُدَاوَاةٍ وفَصْدٍ وإِنْزَاءِ فَحْلٍ على مَرْهُونِه، بل مِن قَطْعِ سِلْعَةٍ خَطِرَةٍ. (إلا عِتْقَ الرَّاهِنِ) المَرْهُونَ (فإنَّه يَصِحُّ معَ الإثمِ)؛ لأنَّه مَبْنِيٌّ على السِّرَايَةِ والتغليبِ. (وتُؤْخَذُ قِيمَتُه) حالَ الإعتاقِ مِن الرَّاهِنِ؛ لأنَّه أَبْطَلَ حَقَّ المُرْتَهِنِ مِن الوَثِيقَةِ، وتَكُونُ (رَهْناً مَكَانَه)؛ لأنَّها بدلٌ عنه. وكذا لو قَتَلَه أو أَحْبَلَ الأمَةَ بلا إِذْنِ المُرْتَهِنِ أو أَقَرَّ بالعِتْقِ وكَذَّبَه.


  #4  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 02:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ولا يلزم الرهن) في حق الراهن (إلا بالقبض)([1]).
كقبض المبيع([2]) لقوله تعالى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ([3]) ولا فرق بين المكيل وغيره([4]) وسواء كان القبض من المرتهن أو من اتفقا عليه([5]) والرهن قبل القبض صحيح، وليس بلازم([6]) فللراهن فسخه، والتصرف فيه([7]).
فإن تصرف فيه بنحو بيع أو عتق بطل ([8]) أو بنحو إجارة، أو تدبير لا يبطل ([9]) لأنه لا يمنع من البيع([10]) (واستدامته) أي القبض (شرط) في اللزوم للآية، وكالابتداء([11]).
(فإن أَخرجه) المرتهن (إلى الراهن باختياره) ([12]) ولو كان نيابة عنه (زال لزومه)([13]) لزوال استدامة القبض([14]) وبقي العقد كأنه لم يوجد فيه قبض([15]) ولو آجره أو أعاره لمرتهن أو غيره بإذنه فلزومه باق([16]).
(فإن رده) أي رد الراهن الرهن (إليه) أي إلى المرتهن (عاد لزومه إليه) ([17]) لأنه أقبضه باختياره، فلزم كالابتداء ([18]) ولا يحتاج إلى تجديد عقد لبقائه ([19]) ولو استعار شيئًا ليرهنه جاز ([20]) ولربه الرجوع قبل إقباضه لا بعده ([21]).
لكن له مطالبة الراهن بفكاكه مطلقًا ([22]) ومتى حل الحق ولم يقضه، فللمرتهن بيعه، واستيفاء دينه منه ([23]) ويرجع المعير بقيمته، أو مثله([24]) وإن تلف ضمنه الراهن وهو المستعير، ولو لم يفرط المرتهن ([25]) (ولا ينفذ تصرف واحد منهما) أي من الراهن والمرتهن (فيه) أي في الرهن المقبوض (بغير إذن الآخر) ([26]).
لأنه يفوت على الآخر حقه ([27]) فإن لم يتفقا على المنافع لم يجز الانتفاع، وكانت معطلة ([28]) وإن اتفقا على الإجارة أو الإعارة جاز ([29]) ولا يمنع الراهن من سقي شجر وتلقيح([30]) ومداواة، وفصد ([31]).
وإنزاء فحل على مرهون([32]) بل من قطع سلعة خطرة ([33]) (إلا عتق الراهن) المرهون (فإنه يصح مع الإثم)([34]) لأنه مبني على السراية والتغليب([35]) (وتؤخذ قيمته) حال الإعتاق، من الراهن، لأنه أبطل حق المرتهن من الوثيقة ([36]).
وتكون (رهنًا مكانه) لأنها بدل عنه ([37]) وكذا لو قتله ([38]) أو أحبل الأمة بلا إذن المرتهن ([39]) أو أقر بالعتق وكذبه ([40])



([1])قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: الراجح – الذي عليه كثير من العلماء أو أكثرهم – أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وقبض كل شيء هو المتعارف، وقبض الدار والعقار: هو تسلم المرتهن له، ورفع يد الراهن عنه، هذا هو القبض بالإجماع. قال: فإذا أراد صاحبها أن يأكل أموال الناس بالباطل، ويخون في أمانته لمسألة اختلف فيها، فالرجوع إلى الفتوى بقول الجمهور، وكان أفتى بالقول الثاني لضرورة، فإن رجعنا إلى كتاب الله وسنة رسوله في إيجاب العدل، وتحريم الخيانة، فهذا هو الأقرب قطعًا، وإن رجعنا إلى كلام غالب العلماء فهم لا يلزمون ذلك إلا برفع يد الراهن، وكونه في يد المرتهن.
وقال حفيده الشيخ عبد الرحمن: وهذا الذي أشار إليه من الخروج عن العدل رأيناه عيانًا، وسببه الإفتاء بخلاف قول الجمهور في هذه المسألة، وذلك أن الشيخ أبا بطين وغيره قالوا: الذي حملنا على عدم اشتراط القبض قلة ما في أيدي الناس، واضطرارهم إلى ذلك، إذ لا يمكن صاحب العقار أن يرفع يده عن عقاره، لأن معيشته فيه. وقال سليمان بن عبد الله: إذ لو قيل لمرتهن الدور والعبيد، والزروع والثمار والدواب: اقبضها. ما أراد ذلك، وكان عليه من المشقة ما لا يخفى،
ولو قيل للراهن: قبضها. لم يستطع لأنه إنما يستدين فيما رهنه، فلا تمتنع الفتيا باللزوم، لأنها من طرق الترجيح، فالله أعلم.
([2])هذا تمثيل للقبض، لا تشبيه، لأن البيع يلزم إذا لم يكن ثم خيار، وإن لم يقبض المبيع، ويكون تشبيهًا على القول الثاني بلزوم الرهن بالقبض كالبيع.
([3])أي فارتهنوا ممن تدينونه رهونا مقبوضة، لتكون وثيقة لكم بأموالكم، قال ابن رشد: اتفقوا في الجملة على أن القبض شرط في الرهن، للآية، ولأنه عقد إرفاق، يفتقر إلى القبول، فافتقر إلى القبض، كالقرض.
([4])من أن القبض شرط في لزومه، وصفة قبضه كقبض مبيع.
([5])أي وسواء القبض للرهن، من المرتهن نفسه بإذن راهن، فإنهم اتفقوا على أن من شرطه: أن يكون إقراره في يد مرتهن من قبل راهن. أو كان القبض ممن اتفق الراهن والمرتهن على أن يكون الرهن بيده، فيلزم الرهن بذلك القبض، في حق راهن دون مرتهن.
([6])لعدم وجود شرط اللزوم، وهو القبض عند الجمهور. ويعتبر في القبض إذن ولي أمرٍ، لمن جن ونحوه.
([7])أي فللراهن قبل الإقباض، الرجوع في الرهن، ولو كان الراهن أذن في القبض، لعدم لزوم الرهن، وله التصرف في الرهن بما شاء لعدم لزومه، مكيلا كان أو غيره، وإن امتنع من إقباضه لم يجبر.
([8])أي فإن تصرف الراهن في الرهن قبل إقباضه، بنحو بيع، من أي عقد كان يخرج به عن ملكه، بطل الرهن. أو تصرف فيه بعتق بطل الرهن، وكذا لو رهنه ثانيًا، بطل الرهن الأول، سواء أقبض الثاني أو لا، لخروجه عن إمكان استيفاء الدين من ثمنه، ثم البائع مخير، بين إمضاء البيع بلا رهن، أو الفسخ.
([9])أي وإن تصرف الراهن في الرهن، تصرفا لا يخرجه عن ملكه، بنحو إجارة قبل إقباضه، لم يبطل الرهن، أو بنحو تدبير وكتابة وتزويج الأمة قبل القبض، لا يبطل الرهن بذلك.
([10])أي فلم تمتنع صحة الرهن، ولأنه لا يمنع ابتداء الرهن، فلا يقطع استدامته.
([11])أي استدامة قبض رهن من مرتهن، أو من اتفقا عليه، شرط لبقاء لزوم عقده، لقوله{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وكابتداء لزومه بالقبض، فإن الأولى بمن يشترط القبض في لزومه أن يشترط الاستدامة، وهو المذهب، وقول أبي حنيفة ومالك، وذلك لأن الرهن يراد للوثيقة، ليتمكن من بيعه، واستيفاء دينه، فإذا لم يكن في يده زال ذلك.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: مثل هذه الرهون- يعني العقارات والثمار والمواشي – لا تقبض أو لا يستديم الراهن قبضها، كما هو الواقع في هذه الأقطار، فعلى القول الصحيح: لا يقع على الراهن إضرار لزوال اللزوم، وله أن يتصرف فيه برهن وغيره، فإذا تصرف، بطل الرهن الأول، وصح الثاني، ولا يلزم إلا بشرطه المتقدم، ولا يسع الناس إلا هذا. اهـ. وفيه قول آخر نصره بعض الأصحاب، وأجابوا عن قوله{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} أنه وصف أغلبي، وأن الحاجة داعية إلى ذلك في المعين، لا سيما في قرى نجد، لقلة ما في أيديهم، قالوا: فلا تمتنع الفتيا باللزوم، للاضطرار إلى ذلك، والله أعلم.
([12])زال لزومه، لأخذ الراهن الرهن باختيار المرتهن، وإذنه للراهن في أخذه، ولو كان إخراجه له بإجارة أو إعارة أو غير ذلك.
([13])أي ولو كان أخذ الراهن الرهن نيابة للمرتهن، كأن يؤمنه إياه، أو يودعه عنده، زال لزوم الرهن.
([14])التي هي شرط اللزوم، والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه.
([15])لأن استدامة القبض شرط في اللزوم، وقد زالت، ولكن ينبغي أن يدفع الرهن إذا طلبه المرتهن، لعموم قوله{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وهذا عقد، ولعموم «المؤمنون عند شروطهم» وخروجًا من خلاف من قال بلزومه بمجرد العقد، وفي التلخيص: هو أشهر الروايتين.
([16])أي ولو آجر الرهن راهن لمرتهن، أو غيره بإذن المرتهن، أو أعار الرهن لمرتهن، أو غيره بإذن مرتهن، فلزوم الرهن باق، لأن هذا التصرف لا يمنع البيع، فالقبض بحاله، لكن بشرط كونه ليس في يد الراهن، فيما إذا آجره غير المرتهن، وإن وهبه ونحوه بإذن مرتهن صح وبطل الرهن.
([17])أي إلى المرتهن: بحكم العقد السابق، وكذا يعود لزوم الرهن برده إلى من اتفقا عليه.
([18])وكذا يعود لزوم الرهن في عصير تخمر ولم يرق، ثم تخلل، بحكم العقد السابق، لأنه يعود ملكا بحكم الأول.
([19])حيث لم يطرأ عليه ما يبطله، أشبه ما لو تراخى القبض عن العقد، وإن أزيلت يد المرتهن بغير حق، فلزوم الرهن باق، لثبوتها عليه حكما.
([20])قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه، أن الرجل إذا استعار من الرجل شيئًا، يرهنه على دنانير معلومة، عند رجل سماه، إلى وقت معلوم ففعل، أن ذلك جائز، وينبغي أن يذكر المرتهن، والقدر الذي يرهنه به، وجنسه، والمدة، لأن الضرر يختلف بذلك، فاحتيج إلى بيانه كأصل الرهن. قال: وأجمع أهل العلم على أنه متى شرط شيئًا من ذلك، فخالف ورهنه بغيره، لم يصح الرهن، وإن رهنه بأقل مما قدره صح، وبأكثر، يصح في المقدر، ويبطل في الزائد، وإن أطلق فقال القاضي وغيره: يصح بما شاء، وإلى أي وقت شاء، وممن شاء.
([21])أي وللمعير الرجوع عن إذنه في الرهن، قبل اقباض المستعير، لا بعده، فليس له الرجوع بعد الإقباض، لتعلق حقهما به، وكذا مؤجر، لأنه لا يلزم إلا بالقبض.
([22])أي سواء عين مدة الرهن، أو العارية أو لا، حالاً كان الدين أو لا، في محل الحق أو قبله، لأن العارية لا تلزم، وأما المؤجر فلا رجوع له قبل مضي الإجارة، للزومها.
([23])لأن هذا هو مقتضى الرهن.
([24])أي يرجع المعير على المستعير بقيمة المعار، إن كان متقومًا، أو مثله إن كان مثليًا يوم بيعه، وإلا يكن مثليًا رجع بأكثر الأمرين من قيمته أو ما بيع به، صوبه في الإنصاف وغيره.
([25])أي وإن تلف المعار ضمنه الراهن، لأن العارية مضمونة مطلقًا، لا المؤجر، لأن المؤجر أمانة، إن لم يتعد أو يفرط، وفي هذه الصورة العارية مستمرة حتى بعد الرهن، لانتفاع المستعير بها في ذلك.
([26])أما المرتهن فالرهن أمانة في يده، وأما الراهن فإذا تصرف في الرهن المقبوض بغير إذن المرتهن، ببيع، أو هبة أو وقف أو رهن ونحوه، فتصرفه باطل قولاً واحدًا، وفي الوقف وجه أنه يصح، وقال الموفق وغيره: الصحيح أنه لا يصح.
([27])فلم يصح تصرف أحدهما فيه، وذلك أن تصرف الراهن يبطل حق المرتهن من الوثيقة، كفسخ الرهن، وتصرف المرتهن تصرف في ملك الغير، وإن أذن للراهن في بيع الرهن صح إجماعًا، وبطل الرهن بلا نزاع في الجملة، إلا أن يأذن له في بيعه، بشرط أن يجعل ثمنه رهنا، وذكر الشيخ صحة الشرط، أو يجعل دينه من ثمنه، ويجوز للمرتهن الرجوع في كل تصرف أذن فيه، قال في الإنصاف: بلا نزاع، وإن ادعى أنه رجع قبل البيع، فصوب في الإنصاف أنه لا يقبل، وإن باعه بعد حلول الدين صح، وصار ثمنه رهنًا، بمعنى أنه يؤخذ منه.
([28])فإن كانت دارًا أغلقت، وإن كان عبدًا أو غيره تعطلت منافعه، حتى يفك الرهن، ولم ينفرد أحدهما بالتصرف، لأنه لا ينفرد بالحق، لأن الرهن عين محبوسة كالمبيع المحبوس عند البائع على قبض ثمنه، وقال مالك والشافعي: للراهن إجارته وإعارته، مدة لا يتأخر انقضاؤها عن حلول الدين.
([29])لأن المقصود بالرهن الاستيثاق بالدين، واستيفاؤه من ثمنه، عند تعذر استيفائه من ذمة الراهن، وهذا لا ينافي الانتفاع به، ولا إجارته وإعارته، فجاز كانتفاع المرتهن، ولأن تعطيل منفعته إضاعة للمال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته.
([30])أي ولا يمنع المرتهن الراهن، من سقي شجر مرهون، وتلقيحه، لأن ذلك من مصلحة الرهن.
([31])وكتشريط وفتح رهصة التبزيع، وغير ذلك من إصلاح الرهن، ودفع
الفساد عنه. وله تعليم قن صناعة، ودابة السير، ونحو ذلك مما فيه صلاح الرهن، والرهن مع ذلك بحاله.
([32])لأن فيه مصلحة الرهن وزيادته، وذلك زيادة في حق المرتهن من غير ضرر، وإن كانت فحولا لم يكن للراهن إطراقها بغير رضى المرتهن، لأنه انتفاع لا مصلحة للرهن فيه، إلا أن يتضرر بترك الإطراق، فله ذلك، لأنه كالمداواة، وليس له تزويج الأمة المرهونة على المذهب، وهو قول مالك والشافعي.
([33])أي بل يمنع الراهن من قطع "سلعة" بالكسر، زيادة تحدث في الجسد كالغدة، تتحرك إذا حركت، إذا كان فيها خطر، لأنه يخاف عليها من قطعها، وكذا يمنع من قطع إصبع زائدة، لا من ختان لا يخاف عليه منه، يبرأ عادة قبل الأجل، ولا يمنع من قطع أكلة يخاف عليه من تركها.
([34])لما فيه من إبطال حق المرتهن من الوثيقة، وإنما نفذ مع التحريم لأنه إعتاق من مالك تام الملك، فنفذ كعتق المستأجر.
([35])بدليل أنه ينفذ في ملك الغير، ففي ملكه أولاً "والسراية" هي أنه إذا أعتق الموسر جزءًا من عبد له فيه شرك، سرى إلى جميعه "والتغليب" أن يقول مثلا: عبدي حر. فإنه إذا لم تكن نية ولا تخصيص عتق كل عبد له.
([36])فأشبه ما لو أتلفه.
([37])ونائبه عن الرهن، وكبدل أضحية ونحوها، وكما لو أبطله أجنبي، هذا إن كان المعتق للرهن موسرًا، وإن كان معسرًا عتق، ويكون الدين مسرحًا إلى أن يوسر، فعليه قيمته تكون رهنًا مكانه، وبعد حلول الدين يطالب بالدين فقط، وعن أحمد: لا ينفذ عتق المعسر. وهو مذهب مالك، لأنه يسقط حقه من الوثيقة، فلم ينفذ، لما فيه من الإضرار بالمرتهن، وعنه: لا ينفذ وإن كان موسرًا وهو أحد قولي الشافعي، واختاره الشيخ وغيره، لإبطاله حق الوثيقة من الرهن، أشبه البيع.
([38])أي وكالعتق لو قتل المرهون، في أنه يجعل قيمته رهنا مكانه.
([39])أي وكالعتق أيضًا لو أحبل الأمة المرهونة بلا إذن المرتهن، يجعل قيمتها رهنًا مكانها، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للمرتهن منع الراهن من وطء أمته المرهونة. اهـ. وإن أولدها خرجت من الرهن، وعليه قيمتها حين أحبلها، وإن كان أذن خرجت من الرهن، ولا شيء للمرتهن، لأنه أذن في سبب ما ينافي حقه، فكان إذنًا فيه، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا.
([40])أي فيلزمه قيمته رهنًا مكانه لأنه عتق بإقراره، وإن كان أعتقه بإذن مرتهن، نفذ العتق إجماعًا، لإسقاطه حقه من الوثيقة.


  #5  
قديم 29 جمادى الأولى 1431هـ/12-05-2010م, 09:17 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

ولا يَلزَمُ الرهْنُ إلا بالْقَبْضِ(11)، واستدامتُه شَرْطٌ(12)، فإن أَخْرَجَه إلى الراهنِ باختيارِه زالَ لُزومُه، فإن رَدَّهَ إليه عادَ لُزُومُه إليه(13)، ولا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ واحدٍ منهما فيه بغيرِ إِذْنِ الآخَرِ(14)، إلا عِتْقُ الراهنِ فإنه يَصِحُّ مع الْإِثْمِ، وتُؤْخَذُ قِيمتُه رَهْنًا مَكانَه(15).

(11) لقوله تعالى : {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } . وهذا قول الجمهور ، والقول الآخر : لا يشترط القبض .
(12) أي : استمرار القبض شرط للزوم الرهن ليتمكن من بيعه واستيفاء دينه عند الحاجة إلى ذلك .
(13) هذا فرع على القول باشتراط القبض للزوم الرهن .
(14) أي : لا ينفذ تصرف كل من الراهن والمرﺗﻬن في الرهن المقبوض بغير إذن الآخر ؛ لأنه يفوت على الآخر حقه فتصرف المرﺗﻬن تصرف في ملك الغير ، وتصرفالراهن يفوت على المرﺗﻬن الاستيثاق بالرهن .
(15) لأن العتق مبني على السراية والتغليب لكن تؤخذ قيمته من الراهن وتجعل مكانه ؛ لأنه فوت حق المرﺗﻬن من الوثيقة .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 11:32 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَلاَ يَلْزَمُ الرَّهْنُ إِلاَّ بِالقَبْضِ وَاسْتدَامَتُهُ شَرْطٌ، فَإِنْ أَخْرَجَه إِلى الرَّاهِنِ بِاخْتِيَارِهِ زَالَ لُزُومُهُ، فَإِنْ رَدَّهَ إِليْهِ عَادَ لُزُومُهُ إِليْهِ،...
قوله: «ولا يلزم الرهن إلا بالقبض» «لا يلزم» أي: في حق من هو لازم في حقه وهو الراهن، إلا بالقبض من المرتهن، يعني لا بد أن يقبض المرتهن الرهن، فلا يلزم بمجرد العقد، فإن لم يقبضه فالعقد صحيح، لكنه ليس بلازم.
دليل هذا: قول الله ـ تبارك وتعالى ـ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ، فوصفها بأنها مقبوضة.
وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدَّرِّ يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة))[(1)]، وهذا يدل على أن المرتهن يقبض الرهن؛ ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما رهن درعه لليهودي أقبضه إياه[(2)]، فإذا كان كذلك فإنه لو لم يقبضه لم يكن الرهن لازماً.
والتعليل أنه لا يتم الاستيثاق إلا بقبض الرهن؛ لأنه قبل القبض على وشك أن يتصرف الراهن فيه بأخذ شيء منه أو بيعه وما أشبه ذلك، وهذا هو المشهور من المذهب، وعلى هذا فإذا رهن شخص بيتاً بدين عليه، ولكن المرتهن لم يقبضه، فللراهن أن يبيع البيت ويتصرف فيه؛ لأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، ولا قبض هنا، وهذا أحد القولين في هذه المسألة.
القول الثاني: أنه يلزم بالعقد في حق من هو لازم في حقه، بدون قبض وأن القبض من التمام؛ لأننا متفقون على أن الرهن يثبت بالعقد فإذا كان كذلك فقد قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ، وهذا يدخل فيه عقد الرهن سواء قبض المرهون أم لم يقبض.
وقوله ـ تعالى ـ {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 34] ، لأن جميع الناس يستقبحون هذا، أي: أن يرهنه ويعطيه ثقةً، ثم بعد ذلك يبيع ويفسخ الرهن، وأيضاً فإننا لو قلنا بعدم اللزوم، لكان في ذلك فتح باب لكل متحيِّل، يتحيل عليه بعدم القبض، ثم إذا تم العقد والرهن ذهب فباعه، وما كان ذريعة إلى الباطل فهو باطل، وهذا القول هو الراجح، للأدلة التي ذكرت.
وأما قوله ـ تعالى ـ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ، فليقرأ الإنسان ما بعدها، حيث قال {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}، فإن آخر الآية يدل على أنه إذا حصل الائتمان بيننا فإنه لا يجب رهن ولا إشهاد ولا كتابة، وأيضاً ظاهر الآية أنه لا يجوز الرهن إلا في حال السفر، وأنتم ترون جوازه في السفر والحضر وهو الحق، وإنما نص الله ـ تعالى ـ على القبض في المسألة الأولى؛ لأنه لا يمكن أن يتمكن من التوثقة حق التمكن إلا إذا قبض، فهو على سفر، وليس عنده كاتب فلا يتوثق من حقه إلا بالرهن المقبوض؛ لأنه إذا لم يقبضه فإنه يجوز أن ينكر المدين الرهن، كما أن الرهن إنما كان من أجل ألا يحصل هناك تناكر بين البائع والمشتري، وعلى هذا فنقول: ليس في الآية ما يدل على أن القبض شرط، وإنما يدل على أن القبض من كمال التوثقة؛ لأن الله ـ تعالى ـ ذكره في صورة معينة: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}، ثم أعقب ذلك بقوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] .
أما الحديث وهو: ((الظهر يركب بنفقته، ولبنُ الدَّرِّ يشرب بنفقته)) [(3)] فهذا نعم، نقول بموجبه إذا قبض، وهل هذا يدل على أن القبض شرط للزوم؟
الجواب: لا، وكذلك نقول في مسألة رهن النبي صلّى الله عليه وسلّم درعه عند اليهودي[(4)]، فالصواب أنه يلزم بمجرد العقد وهو الذي عليه عمل الناس من قديم الزمان ـ وهو خلاف المذهب ـ فتجد الفلاح يستدين من الشخص ويرهن مزرعته وهو باقٍ في المزرعة، ويستدين صاحب السيارة من شخص ويرهن السيارة والسيارة بيد صاحبها، وكلٌ يعرف أن هذا المرهون لا يمكن أن يتصرف فيه الراهن، وأن الرهن لازم، ولا يملك الراهن أن يفسخه.
قوله: «واستدامته شرط» هذه زيادة على القبض، يعني استدامة القبض شرط في اللزوم، فلو قبضه المرتهن لمدة يوم أو يومين، ثم رده على الراهن زال اللزوم؛ لأنه لا بد أن يستمر القبض.
مثال ذلك: رجل رهن سيارته عند إنسان بدين عليه، وقبضها المرتهن ـ صاحب الدين ـ، وبعد مضي يومين أتى إليه الراهن، وقال: أرجو أن تعطيني السيارة؛ لأني أحتاجها وهي عندك واقفة لا تستفيد منها، قال: نعم، فردها المرتهن إلى الراهن، ففي هذه الصورة يزول لزوم الرهن، وللراهن أن يتصرف فيه، هذا على كلام المؤلف، ولهذا قال:«فإن أخرجه إلى الراهن باختياره زال لزومه، فإن رده إليه عاد لزومه إليه» وهذا كله مبني على أن القبض شرط في لزوم الرهن، وأن استدامته شرط كذلك.
وقوله «باختياره» يفهم منه أنه إن أخرجه مكرهاً فاللزوم باق، مثاله: أتى الراهن إلى المرتهن بعد أن سلمه الرهن وقال: لتعطيني رهني أو لأقتلنك، وهو قادر على تنفيذ ما هدد به، فقال المرتهن: خذ الرهن، فإن اللزوم يبقى؛ لأنه مكره.
ولو أن المرتهن قال له أبوه: أعطِ الراهن سيارته لينتفع بها وهي برهنها، فمن أجل بره بوالده أعطى الراهن سيارته، فلا يبقى اللزوم؛ لأن والده لم يكرهه وهو باختياره.
ولو فرض أن المرتهن أراد أن يسافر فرد الرهن إلى الراهن على أنه وديعة عنده وأنه نائب منابه، فاللزوم على رأي المؤلف يزول لأنه رده إلى الراهن، وقد أطلق المؤلف ولم يشترط إلا شرطاً واحداً وهو «باختياره»، وعلى رأي المؤلف لو تصرف فيه الراهن ببيع ونحوه فتصرفه حلال؛ لأن اللزوم زال، وهذا مما يدل على بطلان هذا القول؛ لأن القول إذا لزم منه شيء ينكر دل ذلك على بطلانه.
وقوله: «فإن رده إليه عاد لزومه إليه » فإن رده الراهن إلى المرتهن، فلا يحتاج لزومه مرة ثانية إلى تجديد العقد، فيعود لازماً بمجرد رده إلى المرتهن، فصار هذا الرهن يوم السبت لازماً، يوم الأحد غير لازم، ويوم الاثنين لازماً، ويوم الثلاثاء غير لازم.
وقوله: «فإن أخرجه إلى الراهن» علم منه أنه لو أخرجه إلى غير الراهن فلا يزول اللزوم، مثل أن يودعه ثقة، لكنه لا يمكن أن يودعه أحداً إلا بموافقة الراهن؛ لأن الراهن له حق الملكية والمرتهن له حق التوثقة.
وقوله: «فإن رده إليه» فلو رده الراهن إلى غير المرتهن فلا يعود اللزوم، نعم لو كان هذا الشخص وكيلاً للمرتهن فرده الراهن إليه عاد اللزوم.
وقوله: «فإن رده إليه عاد لزومه إليه» ولم يقل باختياره، فلو ذهب المرتهن إلى الراهن وقال: أعطني الرهن وإلا فعلت، وفعلت حتى رده إليه، فهنا يعود اللزوم؛ لأن هذا الإكراه بحق؛ لأن حقه ما زال موجوداً في هذا الرهن، فهو لم يكرهه على شيء ليس من حقه، هذا ظاهر كلام المؤلف، لكن قد يقال: إن المؤلف أسقط قوله باختياره؛ لأن الأصل في الفعل أن يكون اختيارياً.
والصواب خلاف هذا فليس القبض شرطاً ولا استدامته شرطاً.

وَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ بغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ إلاَّ عِتْقَ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الإِثْمِ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ رَهْنَاً مَكَانَهُ
قوله: «ولا ينفذ تصرف واحد منهما فيه» يعني لو أن أحدهما أي: الراهن أو المرتهن، تصرف فيه بأي تصرف فإنه لا ينفذ، لماذا؟
الجواب: أما كون الراهن لا ينفذ تصرفه؛ فلأن الرهن مشغول بحق غيره، وتصرفه فيه إبطال لحق الغير، وأما كون المرتهن لا يملك التصرف؛ فلأن المرتهن ليس مالكاً ولا قائماً مقام المالك، فالرهن ملك للراهن له غُنمه وعليه غُرمه، فلا يصح أن يتصرف، لا الراهن، ولا المرتهن في المرهون.
وظاهر كلام المؤلف سواء كان هذا التصرف نقلاً لملكية العين أو لمنافعها، فمعناه أن الراهن لا يبيع المرهون ولا يؤجره، وعلى هذا فيبقى الرهن معطلاً إذا امتنع كل منهما أن يأذن للآخر.
فلو أن الإنسان رهن بيتاً في دين، والدين خمسمائة ألف، والبيت تساوي أجرته خمسين ألفاً، فطلب الراهن من المرتهن أن يؤجر البيت لينتفع بالأجرة فأبى المرتهن، أو طلب المرتهن من الراهن أن يؤجر البيت فأبى الراهن، فإن البيت يبقى معطلاً لا ينتفع به أحد، وهذا القول كما ترى فيه شيء من إضاعة المال.
والصواب أنه إذا طلب أحدهما عقداً لا يُضِرُّ بحق المرتهن فإن الواجب إجابته، وأن الممتنع منهما يجبر على استغلال هذا النفع.
فإذا قال الراهن: أنا أريد أن أؤجر البيت وأنتفع بالأجرة، خمسون ألفاً تمثل قسطاً كبيراً من الدين الذي عليَّ، وأبى المرتهن، فإنه يجبر أن يوافق لكن بشرط أن يكون على وجه لا يضيع به حق المرتهن، فإن كان يضيع به حق المرتهن، مثل أن يطلب الراهن تأجيره على من يدمر البيت فيكسر الأبواب، ويكسر الزجاج، ويفسد الدهان، وما أشبه ذلك، فللمرتهن أن يمتنع؛ لأن ذلك يضر به، إذ أن هذا المرهون عند بيعه سوف ينقص فله أن يمتنع، أما إذا لم يكن هناك نقص فإن الممتنع منهما يجبر؛ لأن في تركه وإهماله إضاعة للمال وضرراً على الراهن.
قوله: «بغير إذن الآخر» عُلم منه أنه إذا أذن أحدهما للثاني أن يتصرف فإنه جائز، فإذا قال المرتهن للراهن؛ أجِّره من شئت، فأجره فلا حرج، ولكن أين تكون الأجرة؟
الجواب: تكون تبعاً للرهن تحفظ في أي مكان تحفظ فيه الدراهم حتى يحل الدين، وكذلك إذا أذن الراهن للمرتهن، وقال: لا بأس أجره، فإنه يؤجره، وإذا قبض الأجرة أسقط قدرها من دينه، وهذا هو المتعين، أعني أنه إذا امتنع أحدهما أجبر، ما لم يكن هناك ضرر على المرتهن.
قوله: «إلا عتق الراهن فإنه يصح مع الإثم وتؤخذ قيمته رهناً مكانه» يعني إلا عتق الراهن، وهذا من باب إضافة المصدر إلى الفاعل يعني إلا عتق الراهنِ المرهونَ، فإنه ينفذ، ويعتق العبد المرهون، لكن مع الإثم، ويُضَمَّن الراهن قيمته، وتكون رهناً مكانه.
مثال ذلك: رجل استدان من شخص خمسين ألفاً، وأرهنه عبده، ثم إن الراهن أعتق العبد، يقول المؤلف: إعتاقه العبد حرام، لكن العتق ينفذ[(5)]، أما كون إعتاقه حراماً؛ فلأنه تصرف يسقط به حق المرتهن فكان حراماً، وأما كونه نافذاً فلأن العتق مبني على السراية والتغليب فينفذ مع التحريم، ولأن الشارع متشوف إلى العتق ويحث عليه ويرغب فيه، ولكن ماذا عن حق المرتهن؟



[1] سبق تخريجه ص(121).
[2] سبق تخريجه ص(121).
[3] سبق تخريجه ص(121).
[4] سبق تخريجه ص(121).
[5] وهو المذهب.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, يلزم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir