ويشترط فيمن يتولى القضاء أن تتوفر فيه عشر صفات تعتبر حسب الإمكان:
أن يكون مكلفا: أي: بالغا عاقلاً؛ لأن غير المكلف تحت ولاية غيره؛ فلا يكون واليا على غيره.
وأن يكون ذكرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"
أن يكون حرًا؛ لأن الرقيق مشغول بحقوق سيده.
وأن يكون مسلما؛ لأن الإسلام شرط للعدالة، ولأن المطلوب إذلال الكفار، وفي توليته القضاء رفعة واحترام له.
وأن يكون عدلاً؛ فلا تجوز توليه الفاسق؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}، وإذا كان لا يقبل خبره؛ فعدم قبول حكمه من باب أولى.
وأن يكون سميعا، لأن الأصم لا يسمع كلام الخصمين.
وأن يكون بصيرًا؛ لأن الأعمى لا يعرف المدعي من المدعى عليه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قياس المذهب تجوز ولايته كما تجوز شهادته؛ إذ لا يعوزه إلا معرفة عين الخصم، ولا يحتاج إلى ذلك، بل يقضي على موصوف؛ كما قضى داود بين الملكين، ويتوجه أن يصح مطلقا، ويعرف بأعيان الشهود والخصوم كما يعرف بمعاني كلامهم في الترجمة، إذ معرفة كلامه وعينه سواء..." انتهى.
ويشترط في القاضي أن يكون متكلما؛ لأن الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم، ولا يفهم جميع الناس إشارته.
وأن يكون مجتهدًا، ولو في مذهبه الذي يقلد فيه إماما من الأئمة؛ بأن يعرف القول الراجح فيه من المرجوح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهذه الشروط تعتبر حسب الإمكان، وتجب ولاية الأمثل فالأمثل، وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره، فيولى الأنفع من الفاسقين وأقلهما شرًا، وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد".
قال صاحب "كتاب الفروع": "وهو كما قال".
وقال الإنصاف في تولية المقلد: "وعليه العمل من مدة طويلة، وإلا؛ تعطلت أحكام الناس".
وذكر ابن القيم: أن المجتهد هو العالم بالكتاب والسنة، ولا ينافي اجتهاده تقليد غيره أحيانا؛ فلا تجد أحدًا من الأئمة إلا وهو مقلد من هو أعلم منه في بعض الأحكام.
[الملخص الفقهي: 2/ 622-623]