دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 06:40 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي ما يقول من يسمع الأذان

ويُسَنُّ لسامِعِه مُتابعتُه سِرًّا، وحَوْقَلَتُه في الْحَيْعَلَةِ، وقولُه بعدَ فراغِه " اللَّهُمَّ رَبَّ هِذِه الدَّعْوَةِ التامَّةِ والصلاةِ القائمةِ آتِ مُحَمَّدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا محمودًا الذي وَعَدْتَه".


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 05:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(ويُسَنُّ لسَامِعِه)؛ أي: لسَامِعِ المُؤَذِّنِ أو المُقِيمِ, ولو أنَّ السَّامِعَ امرَأَةٌ, أو سَمِعَهُ ثَانِياً وثَالِثاً, حيثُ سُنَّ (مُتَابَعَتُه سِرًّا) بمِثْلِ ما يقُولُ, ولو في طوافٍ أو قِرَاءةٍ, ويَقْضِيهَا المُصَلِّي والمُتَخَلِّي.
(و) تُسَنُّ (حَوْقَلَتُه في الحَيْعَلَةِ)؛ أي: أنْ يَقولَ السَّامِعُ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ. إذا قالَ المُؤَذِّنُ أو المُقِيمُ: حَيَّ على الصَّلاةِ, حَيَّ علَى الفَلاَحِ. وإذا قالَ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِن النَّوْمِ –ويُسَمَّى التَّثْوِيبَ- قالَ السَّامِعُ: صَدَقْتَ وبَرَرْتَ.
وإذا قالَ المُقِيمُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ. قالَ السَّامِعُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وأَدَامَهَا. وكذا يُسْتَحَبُّ للمُؤَذِّنِ والمُقِيمِ إِجَابَةُ أَنْفُسِهِمَا؛ للجَمْعِ بينَ ثَوَابِ الأذانِ والإجَابَةِ، (و) يُسَنُّ (قَوْلُه)؛ أي: قَوْلُ المُؤَذِّنِ وسَامِعِه (بعدَ فَرَاغِه: اللَّهُمَّ). أَصْلُه: يا اللَّهُ، والميمُ بَدَلٌ مِن (يا), قالَهُ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ.
(رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ) بفَتْحِ الدَّالِ؛ أي: دَعْوَةِ الأَذَانِ, (التَّامَّةِ)؛ أي: الكَامِلَةِ السَّالِمَةِ مِن نَقْصٍ يَتَطَرَّقُ إليها، (والصَّلاةِ القَائِمَةِ) التي ستَقُومُ وتُفْعَلُ بصِفَاتِهَا, (آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ): مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ, (والفَضِيلَةَ, وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ)؛ أي: الشَّفَاعَةَ العُظْمَى في مَوْقِفِ القِيَامَةِ؛ لأنَّه يَحْمَدُه فيهِ الأَوَّلُونَ والآخِرُونَ ثُمَّ يَدْعُو, ويَحْرُمُ خُرُوجُ مَن وَجَبَتْ عليهِ الصَّلاةُ بعدَ الأذانِ في الوَقْتِ, مِن مَسْجِدٍ بلا عُذْرٍ أو نِيَّةِ رُجُوعٍ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويسن لسامعه) أي لسامع المؤذن([1]) أو المقيم([2]) ولو أن السامع امرأة([3]) أو سمعه ثانيا وثالثا، حيث سن([4]) (متابعته سرا) بمثل ما يقول([5]) ولو في طواف أو قراءة([6]) ويقضيه المصلي والمتخلي([7]) (و) تسن (حوقلته في الحيعلة)([8]أي أن يقول السامع: لا حول ولا قوة إلا بالله([9]) إذا قال المؤذن أو المقيم: حي على الصلاة، حي على الفلاح([10]) وإذا قال: الصلاة خير من النوم، ويسمى التثويب([11]) قال السامع: صدقت وبررت([12]).
وإذا قال المقيم: قد قامت الصلاة، قال السامع: أقامها الله وأدامها([13]) وكذا يستحب للمؤذن والمقيم إجابة أنفسهما([14]) للجمع بين ثواب الأذان والإجابة([15]).
(و) يسن (قوله) أي قول المؤذن وسامعه (بعد فراغه([16]) اللهم) أصله: يا الله، والميم بدل من يا([17]) قاله الخليل وسيبويه([18]).
(رب هذه الدعوة) بفتح الدال([19]) أي دعوة الأذان (التامة) أي الكاملة السالمة من نقص يتطرق إليها([20]) (والصلاة القائمة) أي التي ستقوم وتفعل بصفاتها([21]) (آت محمدا الوسيلة)([22]) منزلة في الجنة([23]) والفضيلة([24]) (وابعثه المقام المحمود الذي وعدته)([25]) أي الشفاعة العظمة في موقف القيامة، لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون([26]) ثم يدعو([27]).
ويحرم خروج من وجبت عليه الصلاة بعد الأذان في الوقت من مسجد، بلا عذر([28]) أو نية رجوع([29]).



([1]) إجابته إجماعا، على أي حال كان، من طهارة وغيرها، ولو جنبا أو حائضا، إلا حال جماع وتخل لقوله: «إذا سمعتم النداء فقولا مثل ما يقول المؤذن» رواه الجماعة وقيل بالوجوب، فلو لم يجاوبه حتى فرغ استحب له التدارك، ما لم يطل الفصل، ويدل على الندب حديث عمر عند مسلم «إذا قال المؤذن الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر، إلى قوله: قال لا إله إلا الله دخل الجنة» وللبخاري نحوه من حديث معاوية.

([2]) أي يستحب لسامع المقيم. صححه في الإنصاف، وهو قول جمهور أصحاب الأئمة الثلاثة، لما روى أبو داود عن أبي أمامة، وقال في سائر ألفاظ الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان، لكن قال المنذري وغيره: في سنده مجهول وشهر، وهو متكلم فيه، وقال النووي: وكيف كان فهو حديث ضعيف منقطع قال ابن حوشب لم يسمع من ابن أبي أوفى، وقال الحافظ: استدل به يعني قولوا إذا سمعتم المؤذن إلخ على مشروعية إجابة المؤذن في الإقامة اهـ وهل يعتبر فهم الصوت أولا؟ استظهر بعضهم أنه يعتبر فهمه، فإن سمع بعضه تابعه فيما سمع فقط لقوله: إذا سمعتم.

([3]) لعموم الأخبار.

([4]) أي حيث كان الأذان مشروعا، قال في المبدع: ظاهر كلامهم أنه يجيب ثانيا وثالثا حيث سن، واختاره الشيخ. لكن لو سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعته لم يجب الثاني، لأنه غير مدعو بهذا الأذان وإجابة الأول أفضل، إلا أذاني الفجر فهما سواء.

([5]) أي قولا بمثل ما يقول المؤذن لما تقدم من قوله فقولا مثل مايقول وفي حديث عمر، من قال مثل ما يقول صدقا من قلبه دخل الجنة، رواه مسلم، وله أيضا من قال حين يسمع النداء وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمدا عبده، ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه.

([6]) أو ذكر فيقطع القراءة والذكر ويجيبه، لعموم الأخبار، قال الشيخ: ولأن موافقة الأذان عبادة مؤقتة يفوت وقتها، وهذه الأذكار لا يفوت وقطع الموالاة فيها لسبب شرعي جائز بخلاف الصلاة.

([7]) أي يقضي المصلي إذا فرغ من صلاته والمتخلي إذا خرج من الخلاء ما فاته من إجابة المؤذن حين سماعه، ولا يقضي إذا سمع البعض فقط، وإن أجابه المصلي بطلت بلفظ الحيعلة فقط، دون باقي ألفاظ الأذان لأنها أقوال مشروعة في الصلاة في الجملة، وكرهه مالك وغيره، وهل يجيب المستنجي في حال الاستنجاء أو بعده، ظاهر يجيب لتعميمهم غير المصلي والمتخلي.

([8]) كلمة استعجال مولدة وهي حكاية قول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، كما تقدم أنهم أخذوا الحاء والياء من حي، والعين واللام من على، كما يقال الحوقلة لا حول ولا قوة إلا بالله، أخذوا الحاء والواو من حول، والقاف من قوة واللام من اسم الله تعالى، والحكمة في إبدال الحوقلة من الحيعلة، أن الحيعلة دعاء إلى الصلاة معناه هلموا، وإنما يحصل الأجر فيه بالإسماع، فأمر السامع بالحوقلة، لأن الأجر يحصل لقائلها، سواء أعلنها أوأخفاها، ولمناسبتها لقول المؤذن، وتكون جوابا له، بأن تبرأ من الحول والقوة على إتيان الصلاة والفلاح إلا بحول الله وقوته.

([9]) تقدم معناه: وفي الصحيحين «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة»، أي أجر مدخر لقائلها، كما يدخر الكنز، وأخرج النسائي في اليوم والليلة وغيره: إن العبد إذا قالها قال الله: أسلم عبدي واستسلم.

([10]) لحديث عمر عند مسلم ثم قال: حي على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وللبخاري عن معاوية إذا قال: حي على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، وإنما لم يتابعه لأن الحيعلة المقصود بها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن فعوض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة ثواب الحوقلة، ولأنها خطاب فإعادته عبث، بل سبيله الطاعة وسؤال الحول والقوة الدالين على الاعتراف بالعجز وطلب المعونة من الله في كل الأمور.

([11]) أي إلى العود بالإعلام بعد الإعلام بإقام الصلاة، من ثاب إذا رجع، لأن المؤذن رجع إلى الدعاء للصلاة بعد أن دعا إليها بالحيعلة، وهو في الأصل الإعلام بالشيء والإنذار بوقوعه، وهو مخصوص بأذان الفجر.

([12]) أي صدقت في دعائك إلى الطاعة، وبررت بكسر الراء الأولى وسكون الثانية، ودعاء له أي بر عملك، أو صيرك الله دابر، أي خير كثير، وهذا استحسان من قائليه وإلا فليس فيه سنة تعتمد، ولا أصل له، لعدم وروده، والصواب ما ذهب إليه مالك وغيره أن يقول مثل ما يقول، لقوله: «قولوا كما يقول المؤذن» متفق عليه، زاد النسائي حتى ينتهي.

([13]) لما روى أبو داود عن أبي أمامة أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال: أقامها الله وأدامها وتقدم الكلام فيه والله أعلم.

([14]) أي بعد كل كلمة كالسامع.

([15]) صرح به جماعة وعنه لا يجيب نفسه، وقال ابن رجب: الأرجح أن المؤذن لا يجيب نفسه، وهو ظاهر كلام جماعة اهـ.
فالمقيم أولى للأمر بالإسراع فيها.

([16]) أي يقول المؤذن بعد فراغه وكذا سامعه بعد فراغه من إجابته وبعد فراغه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لحديث عبد الله بن عمرو «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليها بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» رواه مسلم.

([17]) أي حذف حرف النداء من قولك يا الله، وعوض عنه ميم مشددة في الأخر.

([18]) أي الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي اليحمدي الأزدي الإمام في علم النحو، واستنبط علم العروض، ومن تأسيسه بناء كتاب العين، وكتاب العروض والشواهد وغيرها توفي سنة مائة وسبعين، وسيبويه بكسر السين وسكون الهاء أبو بكر عمرو بن عثمان بن قنبر، اشتهر بلقبه سيبويه، وهو لقب فارسي معناه بالعربية رائحة التفاح، صاحب الكتاب المشهور، جميع كتب الناس في النحو عيال عليه، خرج من بغداد لما تعصبوا عليه للكسائي، وتوفي بشيراز سنة مائة وثمانين وله نيف وأربعون.

([19]) احتراز عن الدعوة بالكسر للنسب، وأما دعوة الوليمة فبالفتح: وقيل بالضم.

([20]) لكمالها وعظم موقعها، والمراد دعوة التوحيد لقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم القيامة، وقال ابن التين: وصفت الدعوة بالتمام لأنها ذكر الله، ويدعى به إلى عبادته.

([21]) والدائمة التي لا يغيرها ملة، ولا ينسخها شريعة، وإنها قائمة ما قامت السموات والأرض.

([22]) أي أعط نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الوسيلة، من الإيتاء وهو الإعطاء، والوسيلة هي ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أي تقربت، والوسيلة علم على أعلم منزلة في الجنة، وهي منزلة الله صلى الله عليه وسلم وداره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش.

([23]) وقد فسرها به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم.

([24]) الرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرا للوسيلة، قال السخاوي: وأما الدرجة الرفيعة فيما يقال بعد الأذان فلم أره في شيء من الروايات.

([25]) أي ابعثه يوم القيامة فأقمه المقام المحمود الذي وعدته وهو الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون، ومن سأل الله له الوسيلة حلت له الشفاعة يوم القيامة، زاد البيهقي إنك لا تخلف الميعاد، والموصول إما بدل، وإما خبر مبتدأ محذوف وإما مفعول بفعل محذوف، وقيل: بدل على رواية النكير، نعت على رواية التعريف، ورواه النسائي وغيره بالتعريف بإسناد صحيح، ورواه البخاري وأكثر أهل الحديث بالتنكير، قال ابن القيم: وهو الصحيح من وجوه:
(أحدها) اتفاق أكثر الرواة عليه.
(والثاني) موافقته للفظ القرآن.
و(الثالث) لفط التنكير قد يقصد به التعظيم.
(والرابع) دخول اللام يعينه وحذفها يقتضي إطلاقا وتعددا.
و(الخامس) محافظته عليه الصلاة والسلام على ألفاظ القرآن، وأراد بذلك قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.

([26]) لتعجيل الحساب والراحة من طول الموقف في المحشر، ويحمده الخالق جل وعلا، وهذه الشفاعة مختصة به صلى الله عليه وسلم يشفع في أهل الموقف، ليقضي بينهم، بعدما يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، وله صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات.

([27]) لحديث الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، رواه أحمد والترمذي وغيرهما وحسنه، أي فادعوا قالوا: فما نقول؟ قال: سلوا الله العفو والعافية في الدنيا
والآخرة قال ابن القيم: حديث صحيح، ولحديث قل كما يقول فإذا انتهيت فسل تعطه رواه أبو داود، ويستحب أن يقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، لحديث سعد بن أبي وقاص رواه مسلم، وغيره، وتقدم ويقول عند أذان المغرب، «اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي»، لحديث أم سلمة رواه أبو داود والترمذي.

([28]) مع صحتها منه، لحديث «من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة هو لا يريد الرجعة فهو منافق»، رواه ابن ماجه، ولأحمد عن أبي هريرة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم من المسجد حتى يصلي، ورأى أبو هريرة رجلا خرج من المسجد بعد الأذان فأتبعه بصره، وقال: إن هذا قد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وقاله ابن عبد البر: أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يصل، وكان على طهارة اهـ ولأن خروجه بعد الأذان من المسجد ذريعة إلى اشتغاله عن الصلاة جماعة قال الشيخ: وإن كان التأذين للفجر قبل الوقت لم يكون الخروج، وأما خروجه لعذر فلا يحرم، كقضاء حاجة، ومثله لو خرج بعد الأذان ليصلي جماعة بمسجد آخر، لا سيما مع فضل إمامه.

([29]) أي إلى المسجد قبل فوت الجماعة، ويستحب أن لا يقوم إذا أخذ المؤذن في الأذان، بل يصبر قليلا لئلا يتشبه بالشيطان، ولو دخل المسجد والمؤذن قد شرع في الأذان لم يأت بتحية المسجد لا بغيرها، بل يجيب المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد، ليجمع بين أجر الإجابة والتحية، والمراد غير أذان الخطبة، لأن استماع الخطبة أهم.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 02:53 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَيَسَنُّ لسَامِعِهِ مُتَابَعَتُه سِرًّا ............
قوله: «ويُسَنُّ لسامعه مُتابعتُه سِرًّا» ، السُّنَّة لها إطلاقان: إطلاق اصطلاحي عند الفقهاء، وإطلاق شرعي في لسان الشَّارع.
أما عند الفقهاء: فيطلقون السُّنَّة على ما يُثاب فاعُله، ولا يُعاقبُ تاركُه.
وأما في لسان الشَّارع، فالسُّنَّة هي: الطريقة التي شرعها الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلام، سواء كانت واجبة يُعاقب تاركها أم لا.
فحديث أنس: «من السُّنَّةِ إذا تزوَّج البكرَ على الثَّيِّبِ أقام عندها سبعاً»، من السُّنَّةِ الواجبة. وحديث ابن الزبير: «من السُّنَّةِ وضْعُ اليد اليُمنى على اليد اليسرى في الصَّلاة». هذا من السُّنَّة المستحبَّة، فإذا وجدنا السُّنَّة في كلام الفقهاء فالمُراد به السُّنَّة الاصطلاحيَّة.
وقول المؤلِّف: «يُسَنُّ لسامعه»، أي لسامع الأذان فيشمل الذَّكر والأُنثى، ويشمل المؤذِّن الأول والثاني إذا اختلف المؤذِّنُون.
فيجيب الأول ويجيب الثَّاني؛ لعموم قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول». ثم هو ذِكْرٌ يُثاب الإنسان عليه، ولكن لو صَلَّى ثم سمع مؤذِّناً بعد الصَّلاة فظاهر الحديث أنَّه يجيب لعمومه.
وقال الأصحاب: إنه لا يجيب؛ لأنه غير مدعو بهذا الأذان فلا يتابعه. وأجابوا عن الحديث: بأن المعروف في عهد النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أن المؤذِّنَ واحد، ولا يمكن أن يؤذِّن آخر بعد أن تُؤدَّى الصَّلاة، فيُحمل الحديث على المعهود في عهد النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وأنه لا تكرار في الأذان. ولكن لو أخذ أحدٌ بعموم الحديث وقال: إنه ذِكْر؛ وما دام الحديث عاماً فلا مانع من أن أذكر الله عزّ وجل.
وقوله: «يُسَنُّ لسامعه متابعتُه سِرًّا»، صريحٌ بأنه لو ترك الإجابة عمداً فلا إثم عليه، وهذا هو الصَّحيح. وقال بعض أهل الظَّاهر: إن المتابعة واجبة، وإنه يجب على من سمع المؤذِّن أن يقول مثلَ ما يقول.
واستدلُّوا بالأمر: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول» والأصل في الأمر الوجوب، ولكن الجمهور على خلاف ذلك.
واستدلَّ الجمهور بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم سمع مؤذِّناً يؤذِّن فقال: «على الفِطرة»، ولم يُنقل أنه أجابه أو تابعه، ولو كانت المُتابعة واجبة لفعلها الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام ولنُقِلَتْ إلينا.
وعندي دليلٌ أصرحُ من ذلك، وهو قولُ النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام لمالك بن الحُويرث ومن معه: «إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، ثم لِيَؤمَّكُم أكبرُكم»، فهذا يدلُّ على أنَّ المتابعة لا تجب. ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم؛ وتدعو الحاجةُ إلى بيان كلّ ما يُحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في متابعة الأذان، فلمَّا ترك النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم التنبيه على ذلك مع دُعاءِ الحاجة إليه؛ وكون هؤلاء وفداً لَبِثُوا عنده عشرين يوماً؛ ثم غادروا؛ يدلُّ على أنَّ الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح.
وقوله: «يُسَنُّ لسَامعه متابعتُه سِرًّا»، ظاهره: أنه إذا رآه ولم يسمعه فلا تُسَنُّ المتابعة؛ لأن الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «إذا سمعتم» فعلَّق الحكمَ بالسَّماع؛ ولأنه لا يمكن أن يتابعَ ما لم يسمعه؛ لأنه قد يتقدَّم عليه.
وظاهر كلامه أيضاً: أنه لو سَمِعَه ولم يَرَهُ؛ تابعه للحديث.
وظاهر الحديث كما هو ظاهرُ كلام المؤلِّف أنه يتابعه على كلِّ حال؛ إلا أن أهل العلم استثنوا مَنْ كان على قضاء حاجته؛ لأنَّ المقام ليس مقام ذِكْر، وكذا المصلِّي لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الصَّلاةِ شُغْلاً»، فهو مشغول بأذكار الصَّلاة.
وقال شيخ الإسلام: بل يتابع المصلّي المؤذِّنَ؛ لعموم الأمر بالمتابعة، ولأنه ذِكْرٌ وُجِدَ سببُه في الصَّلاة، فكان مشروعاً، كما لو عَطَسَ المصلِّي فإنه يحمد الله كما جاءت به السُّنَّة.
لكن قد يقال: إن بينهما فَرْقاً، فإن حَمْدَ العاطس لا يُشْغِلُ كثيراً عن أذكار الصَّلاة، بخلاف متابعة المؤذِّن، وربما يكون ذلك أثناء قراءة الفاتحة فتفوت الموالاة بينها، فالرَّاجح أن المصلِّي لا يتابع المؤذِّن، وكذا قاضي الحاجة.
لكن هل يقضيان أم لا؟ المشهور من المذهب أنهما يقضيان؛ لأن السبب وُجِدَ حال وجود المانع؛ فإذا زال المانع ارتفع وقضى ما فاته. وفي النَّفس من هذا شيء، خصوصاً إذا طال الفصلُ والله أعلم.

وَحَوْقَلَتُهُ فِي الحَيْعَلَة.
قوله: «وحَوقَلَتُه في الحَيْعَلة» ، هذان مصدران مصنوعان ومنحوتان؛ لأنَّ الحَوقَلَة مصنوعة من «لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله»، والحيعلة من «حيَّ على الصَّلاة» «حيّ على الفلاح»، فتقول إذا قال المؤذِّنُ: «حَيَّ على الصَّلاة»: لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله، وإذا قال: «حَيَّ على الفلاح»: لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله.
لو قال قائل: هل ابتُليتُ بمصيبة حتى أقول: لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله؟ لأنَّ العامَّة عندهم أن الإنسان إذا أُصيب بمصيبة قال: «لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله». والمشروع عند المصائب أن تقول: «إنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون»، أما هذه الكلمة: «لا حول ولا قوة إلا بالله» فهي مشروعة عند التحمُّل، وهي كلمة استعانة، وليست كلمة استرجاع.
فالجواب: أن المؤذِّنَ لما قال: «حيَّ على الصلاة»، فإنما دعاك إلى حضورها؛ فاستعنت بالله، وذلك حيثُ تبرَّأت من حولك وقوَّتك إلى ذي الحَول والقوَّة عزّ وجل فاستعنت به، وقلت: لا حَول ولا قوَّة إلا بالله، وهذا من باب التوسُّل بذكر حال الدَّاعي وكمال المدعو.
فإن قيل: ما هو الحَول؛ وما هي القوَّة؟
فقد قال العلماء: الحَول بمعنى التحوُّل، أي: لا تحوّل من حال إلى حال إلا بالله عزّ وجل. والقوَّة أخصُّ من القدرة، فكأنَّك قلت: لا أستطيع ولا أقوى على التَّحوُّل إلا بمعونة الله، ولهذا نقول: إن «الباء» في قوله: «إلا بالله» للاستعانة، فكلُّ إنسان لا يستطيع أن يتحوَّل من حال إلى حال، سواء من معصية إلى طاعة، أو من طاعة إلى أفضل منها إلا بالله عزّ وجل.
وقوله: «حيَّ على الفلاح» بعد قوله: «حيَّ على الصّلاة» تعميمٌ بعد تخصيص، أو دعاء إلى النتيجة والثَّواب بعد الدُّعاء إلى الصَّلاة، كأنه قال: أقبل إلى الصَّلاة، فإذا صليت نِلْتَ الفلاح.
وفي متابعة المؤذِّنِ دليلٌ على رحمة الله عزّ وجل، وسِعة فضله؛ لأن المؤذِّنين لما نالوا ما نالوه من أجر الأذان شُرع لغير المؤذِّن أن يتابعه؛ لينال أجراً كما نال المؤذِّن أجراً، ولهذا نظائر، فمن ذلك أنَّ الحُجَّاج يذبحون الهدايا يوم النَّحر، وغيرهم ممن لم يحجَّ شُرِع لهم ذبح الأضاحي، وكذلك الحجَّاج إذا أحرموا تركوا الترفُّه فلا يحلقون شعر الرَّأس، وغيرهم من أهل الأضاحي لا يأخذون من شعورهم.

وَقَوْلُه بَعْدَ فَرَاغِهِ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذه الدَّعْوةِ التَّامَّةِ، ....................
قوله: «وقوله بعد فراغه: اللهم رَبَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّة... إلخ» ، الحقيقة أن المؤلِّف اقتصر في الدُّعاء الذي بعد الأذان على ما ذكره، وإلا فينبغي بعد الأذان أن تُصلِّي على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ثم تقول: «اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة... إلخ»، وفي أثناء الأذان إذا قال المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسولُ الله» وأجبته تقول بعد ذلك: «رضيت بالله رَبًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً» كما هو ظاهر رواية مسلم حيث قال: «من قال حين سمع النداء: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله، رضيت بالله رَبًّا وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، غُفِرَ له ذَنْبه». في رواية ابن رُمْح ـ أحد رجال الإسناد ـ: «من قال: وأنا أشهد». وفي قوله: «وأنا أشهد» دليلٌ على أنه يقولها عقب قول المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله»، لأنَّ الواو حرف عطف، فيعطف قولَه على قولِ المؤذِّن. فإذاً؛ يوجد ذِكْرٌ مشروع أثناء الأذان.
وقوله: «اللهم رَبَّ هذه الدعوة التَّامة»، الدعوة التامة: هي الأذان؛ لأنه دعوة، ووَصَفَها بالتَّامة؛ لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده، والشهادة بالرسالة، والدعوة إلى الخير.
وقوله: «اللهُم رَبَّ»، اللَّهُ بالضم، وربَّ بالفتح، لأنَّ اللَّهَ عَلَمٌ مفردٌ فيُبنى على الضمِّ، و«ربَّ» مضاف، فيكون منصوباً؛ لأن المُنادى أو ما وقع بدلاً منه إذا كان مضافاً فإنه يكون منصوباً.
وقوله: «اللهم» منادى حُذِفَت منه ياءُ النداء، وعُوِّضَ عنها الميم، وجُعِلَت الميم بعد لفظ الجلالة تيمُّناً وتبرُّكاً بالابتداء بلفظ الجلالة، واخْتِيرَ لفظ الميم دون غيره من الحروف للدلالة على الجمع؛ كأن الدَّاعي يجمع قلبه على ربِّه عزّ وجل، وعلى ما يريد أن يدعوه به.
وقوله: «رَبَّ»، «ربّ» هنا بمعنى صاحبَ الدَّعوة الذي شرعها، ولو كانت «ربّ» بمعنى خالق أشكل علينا؛ لأنَّ هذه الدَّعوة فيها أسماء الله وهي غير مخلوقة؛ لأنها من الكلام الذي أخبر به عن نفسه، وكلامه غير مخلوق، لكن لو فَسَّرنا «ربّ» بمعنى خالق على إرادة اللفظ الذي هو فعل المؤذِّن، فهذا لا إشكال فيه.

والصَّلاَةِ القَائِمَةِ ..............
قوله: «والصَّلاة القائمة» ، أي: وربَّ هذه الصَّلاة القائمة؛ والمشار إليه ما تصوَّره الإنسانُ في ذِهنه؛ لأنك عندما تسمع الأذان تتصوَّر أنَّ هناك صلاة. و«القائمة»: قال العلماء: التي ستقام فهي قائمة باعتبار ما سيكون.

آتِ محمداً الوَسِيْلَةَ والفَضِيْلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الذي وَعَدْتُه.
قوله: «آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ» ، آتِ: بمعنى أعطِ، وهي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، والمفعول الأوَّل «محمداً» و«الوسيلة» المفعول الثَّاني. والوسيلة: بيَّنها الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أنها: «درجة في الجنة، لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله»، قال: «وأرجو أن أكون أنا هو». ولهذا نحن ندعو الله ليتحقَّق لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما رجَاه عليه الصَّلاة والسلام.
وأما الفضيلة: فهي المَنْقبَة العالية التي لا يشاركه فيها أحد.
قوله: «وابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الذي وَعَدْتهُ» ، ابعثه يوم القيامة «مقاماً» أي: في مقام محمود الذي وعدته، وهذا المقام المحمود يشمل كلّ مواقف القيامة، وأَخَصُّ ذلك الشفاعة العُظمى، حينما يلحق الناس من الكرب والغَمِّ في ذلك اليوم العظيم ما لا يُطيقون، فيطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم الصَّلاة والسَّلام، فيأتون في النهاية إلى نبيِّنا محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام فيسألونه أن يشفع إلى الله فيشفع لهم.
وهذا مقام محمود؛ لأن الأنبياء والرُّسل كلهم يعتذرون عن الشَّفاعة، إما بما يراه عُذراً كآدم ونوح وإبراهيم وموسى، وإمَّا لأنه يرى أن في المقام مَنْ هو أولى منه كعيسى. وانظر كيف أَلْهَمَ اللَّهُ الناسَ أن يأتوا إلى هؤلاء؛ لأن هؤلاء الأربعة هم أولو العزم، وآدم أبو البشر خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته، ثم انظر كيف يُلْهِمُ الله هؤلاء أن يعتذر كُلُّ واحد بما يرى أنَّه حائل بينه وبين الشفاعة، لأن الشافع لا يتقدَّم في الشَّفَاعة، وهو يرى أنه فعل ما يُخِلُّ بمقام الشَّفاعة، وهؤلاء الأربعة: آدم ونوح وإبراهيم وموسى؛ استحيوا أن يتقدَّموا في الشَّفاعة؛ لكونهم فعلوا ما يُخِلُّ بمقام الشَّفاعة في ظَنِّهم، مع أنهم قد تابوا إلى الله تعالى.
أما بالنسبة لإبراهيم عليه السلام فالذي فعله كان تأويلاً، لكن لكمال تواضعه اعتذر به. والخامس لم يذكر شيئاً يُخِلُّ بمقام الشفاعة، ولكن ذَكَرَ مَنْ هو أَولى منه في ذلك، وهو محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام لتتمَّ الكمالات لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وهذا من المقام المحمود الذي قال الله له فيه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا *} [الإسراء] هذه الدعوات. وقد ثَبَت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن من صَلَّى عليه، ثم سأل الله له الوسيلة، فإنها تحلُّ له الشفاعة يوم القيامة». فيكون مستحقًّا لها، وهذا لا شَكَّ أنه من نعمة الله سبحانه علينا وعلى الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم. أما علينا فلِمَا ننالُه من الأجر من هذا الدُّعاء، وأما على الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم. فلأن هذا مما يرفع ذكرَه أن تكون أمته إلى يوم القيامة تدعو الله له.
لكن لو قال قائل: إذا كانت الوسيلة حاصلة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما الفائدة من أن ندعو الله له بها؟
فالجواب: لعلَّ من أسباب كونها له دُعاءُ النَّاس له بذلك، وإن كان صلّى الله عليه وسلّم أحقَّ الناس بها. ولأن في ذلك تكثيراً لثوابنا؛ وتذكيراً لحقِّه علينا.
وفي هذا الدُّعاء عِدَّة مسائل:
المسألة الأولى: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بشرٌ لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضَرًّا، ووجهه: أننا أمرنا بالدُّعاء له.
المسألة الثانية: أن الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أفضل البشر؛ لأنَّ الوسيلة لا تحصُل إلا له خاصَّة، ومعلومٌ أن الجزاء على قَدْرِ قيمة المجزيِّ، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] .
المسألة الثالثة: الإشكال في قوله: «آتِ محمَّداً»، ولم يقل: «آتِ رسول الله»، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] على أحد التفسيرين في أنَّ المعنى لا تنادوه باسمه كما يُنادي بعضكم بعضاً؟
والجواب: أن النهي في الآية عن مناداته باسمه، وأما في باب الإخبار فلا نهيَ في ذلك.
وفي الآية قولٌ آخر؛ وهو أن قوله: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضً} [النور: 63] من باب إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله، يعني: لا تجعلوا دُعاءَ الرَّسول إيَّاكم كدُعاء بعضكم بعضاً، إن شئتم أجبتم، وإن شئتم لم تجيبوا، بل تجب إجابته.
تنبيه: لم يذكر المؤلِّف قوله: «إنك لا تخلف الميعاد»؛ لأن المحدثين اختلفوا فيها، هل هي ثابتة أو ليست بثابتة؟ فمنهم من قال: إنها غير ثابتة لشُذُوذِها؛ لأن أكثر الذين رَوَوا الحديث لم يرووا هذه الكلمة، قالوا: والمقام يقتضي ألا تُحذف؛ لأنه مقام دُعاء وثناء، وما كان على هذا السبيل فإنه لا يجوز حذفه إلا لكونه غير ثابت؛ لأنه مُتَعَبَّدٌ به.
ومن العلماء من قال: إنَّ سندها صحيح، وإنها تُقال؛ لأنها لا تُنَافي غيرَها، وممن ذهب إلى تصحيحها الشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: إن سندَها صحيح، وقد أخرجها البيهقي بسند صحيح. وقالوا: إنَّ هذا مما يُختم به الدُّعاء كما قال تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ *} [آل عمران] فمن رأى أنَّها صحيحة فهي مشروعة في حقِّه، ومن رأى أنَّها شاذة فليست مشروعة في حقِّه، والمؤلِّف وأصحابُنَا يرون أنها شاذَّة ولا يُعمل بها.
تَنْبِيهات:
الأوَّل: ظاهر كلام المؤلِّف أنه لا تُسَنُّ متابعةُ المقيم، وهو أظهر. وقيل: بل تُسَن، وفيها حديث أخرجه أبو داود لكنه ضعيف؛ لا تقوم به الحُجَّة.
الثاني: ظاهر كلامه: أنَّه إذا قال المؤذِّن في صلاة الصُّبْح: «الصَّلاة خير من النوم»، فإن السَّامع يقول مثل ما يقول: «الصَّلاةُ خير من النوم» وهو الصَّحيح؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول»، وهذا عامٌّ في كلِّ ما يقول، لكن الحيعلتين يُقال في متابعتهما: «لا حول ولا قوَّة إلا بالله» كما جاء في الحديث، ولأن السَّامع مدعو لا داع، والمذهب أنه يقول في المتابعة في «الصلاة خير من النوم»: «صدقت وبررت» وهذا ضعيف، لا دليل له؛ ولا تعليل صحيح.
التنبيه الثالث: ظاهر كلام المؤلِّف أيضاً: أن المؤذِّن لا يتابعُ نفسَه، وهو الصَّحيح؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول»، والمذهب أنه يُتابع نفسه ، وهو ضعيفٌ مخالف لظاهر الحديث، وللتعليل الصَّحيح وهو: أن المقصود مشاركة السَّامع للمؤذِّن في أصل الثواب.


  #6  
قديم 25 رجب 1432هـ/26-06-2011م, 12:55 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي شرح الزاد للشيخ حمد الحمد

( ويسن لسامعه متابعته سراً )
لما ثبت في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله(( إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم : الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : أشهد ألا إله إلا الله ، فقال : أشهد ألا إله إلا الله ، ثم قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، فقال : أشهد أن محمداً رسول الله ، ثم قال : حي على الصلاة ، فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال :حي على الفلاح ،فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، فقال : لا إله إلا الله ، من قلبه دخل الجنة )).
وثبت في صحيح مسلم أن النبي قال : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً )) وفيه استحباب الصلاة على النبي بعيد الأذان (( ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وإني أرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة )) .
وثبت في أبي داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلاً سأل النبي فقال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا ، فقال : (( قل كما يقولون ثم سل تعطه )) .
ففي هذه الأحاديث سنية إجابة المؤذن , ويستثنى من ذلك المصلي والمتخلي .
أما المصلي ؛ فلأن الصلاة شغل ، كما قال (( إن في الصلاة لشغلاً )) ، فيستثنى ؛ لأنه متى أجاب المؤذن انشغل عن تدبر الصلاة والخشوع فيها . وهذا هو مذهب الجمهور ، وحكاه شيخ الإسلام في الفتاوى ولم يتعرض لخلافه بترجيح .
- ورجح – رحمه الله – كما في كتب الحنابلة في النقل عنه استحباب ذلك في الصلاة ، وهو رواية عن الإمام مالك ، وأنه يستحب إجابة المؤذن في الصلاة نفلاً وفرضاً ، واختاره شيخ الإسلام كما تقدم ، واختاره الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ، قال : " والعمومات تؤيده " .
والجواب : إن العمومات وإن كانت تؤيده ، لكن الصلاة لها معنى خاص يقتضي إخراجها من هذا الحكم ؛ لأنه متى أجاب فإن هذا يخل في خشوعه في صلاته وإقباله على الله فيها بمتابعة المؤذن .
فالأظهر مذهب الجمهور ، وأن إجابة المؤذن لست بمشروعة في الصلاة ، وكما تقدم فإن شيخ الإسلام ذكر في الفتاوى قول الجمهور ولم يعقب عليه .
وأما ما ذكره من الترجيح السابق فقد ذكر عنه في كتب الحنابلة ، فلعله قول قديم له . والعلم عند الله تعالى .
* وأما المتخلي ، فكذلك ، قالوا : ويجيب بعد خروجه من الخلاء .
واختار شيخ الإسلام أنه يجيب في الخلاء سراً .
والراجح خلافه ؛ لأنه ثبت أن النبي لم يجب المسلِّم عند قضاء حاجته ، وأجابه بعد ذلك ، وقال : (( إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر )) ، وكذلك الأذان فإنه يجيب بعد خروجه من الخلاء ، كما فعل النبي لما سلم عليه ، فإنه لم يجب حتى قضى حاجته .
فالراجح : أن المتخلي يجيب بعد خروجه من الخلاء .
فائدة ذكرها النووي :
أنه قال : " ولم أر لأصحابنا في متابعة المؤذن بعد الأذان تعرضاً " . وهي مسألة : إجابة المؤذن بعد فراغه من الأذان ، قال : " والذي يظهر إنه إن كان قد قرب فإنه يجيب وإن كان هناك فاصل كثير ، فإنه لا يجيب " ، وهو قول حسن ، وأن من ترك الإجابة فإن كان الفاصل بين الأذان والمتابعة قريباً فإنه يجيب ، أما إذا كان طويلاً عرفاً فإنه لا يجيب . هذا ما قرره النووي .
ومعلوم أن السنة أن يتابع المؤذن جملة جملة كما تقدم في حديث عمر .
• وقد ذكر الحنابلة وهو مستحب عند الشافعية كما هو مستحب عند الحنابلة إجابة المقيم أيضاً ؛ واستدلوا بما رواه أبو داود : أن بلالاً أخذ بالإقامة فلما قال : قد قامت الصلاة ، قال النبي : (( أقامها الله وأدامها )) ، لكن الحديث إسناده ضعيف لا يثبت عن النبي، بل هو ضعيف جداً . لكن عمدتهم في الاستدلال هو عمومات الأحاديث ، كقوله : (( إذا سمعتم المؤذن )) ، ومعلوم أن المقيم مؤذن ، لقول النبي : (( بين كل أذانين صلاة )) ، فكما أن الإعلام الخارجي بالأذان الأول أذان ، فكذلك إعلام الحاضرين بالأذان الثاني هو أذان .
لكن الذي يظهر أن هذا الإطلاق من باب التغليب ، كما يقال : العمران والقمران .
والأظهر : أن الإقامة لا تشرع لها الإجابة ، وهو ما ذهب إليه بعض الشافعية ؛ وذلك لوجوه :
1- منها : أن الإقامة المشروع فيها الحدر ومتى كان ذلك فإن في المتابعة عسراً .
2- ومنها : أنه قد ورد في الأحاديث في متابعة الأذان استحباب الصلاة على النبي بعد ذلك واستحباب الدعاء بالدعاء الوارد للنبي بالوسيلة والمقام المحمود ، وهذا لا يسعه الوقت الذي يكون بين الإقامة والصلاة ، فإنه وقت يسير جداً ، فمتى انتهى المقيم من الإقامة واعتدلت الصفوف كبر للصلاة ، وهذا في الغالب لا يسع لمثل هذا الدعاء .
3- ومنها : أن الإقامة إنما شرعت لإعلام الحاضرين بإقامة الصلاة في المسجد ، وقد أجابوا منادي الله فحضروا في المسجد .
وأما الأذان الأول فهو إعلام للغائبين فشرع لهم أن يتلفظوا بتلك الألفاظ إعلاناً منهم بإجابة المؤذن وإجابة ندائه ، وأنهم مستعدون ومتهيئون لحضور الصلاة وإجابة منادي الله تعالى .
فالأظهر ما ذهب إليه بعض الشافعية لهذه الوجوه المتقدمة .
مسألة : هل تشرع الإجابة للمؤذن نفسه ؟ بمعنى يجيب نفسه ؟
- ذهب الحنابلة : إلى مشروعية ذلك ؛ وعللوا ذلك : بالجمع بين الأجرين ، أجر الأذان وأجر المتابعة .
لكن الراجح خلاف ذلك ، فهذه مسألة فيها نظر ظاهر ، فإنه مناد لا مجيب ، فهذا منادي ،وهذا مجيب ، فكيف يكون المنادي مجيباً؟ .
ثم إن هذا قد يشغله عن إقامة الإذان على وجهه الصحيح .
ثم إن عمومات النصوص الشرعية إنما وردت في السامع ( إذا سمعتم الأذان ) ، ونحو ذلك ، وليس يدخل في تلك الألفاظ إلا السامع ، وإدخال المؤذن يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك .
واعلم أن المستحب له أن يقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " عن قول المؤذن : "حي على الصلاة ، حي على الفلاح " كما تقدم في حديث عمر .
وفي قول " الصلاة خير من النوم " في الإجابة قولان :
1- القول الأول ، وهو المشهور في المذهب : أن يقول : " صدقت وبرِرْت " .
2- القول الثاني : أنه يجيبه بقول : " الصلاة خير من النوم " . وهذا هو الراجح ؛ لعموم قوله : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول )) ، ويدخل في ذلك كل الألفاظ سوى الحيعلة ، فإن الحديث الآخر – حديث عمر – قد ورد باستثنائها .
قال الحافظ ابن حجر : " وليس لصدقت وبررت أصل " .
ومثل ذلك " أقامها الله وأدامها " عند الإقامة فهي ضعيفة لا تصح .
قال : ( وحوقلته في الحيعلة )
الحوقلة : هي اختصار لقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " .
والحيعلة : هي اختصار لقول : " حي على الصلاة ، حي على الفلاح ".
فيسن أن يجيبه بـ" لا حول ولا قوة إلا بالله " أي ليس لي تحول من حالتي هذه إلى حالة أخرى أجيب بها المنادي وأحضر إلى الصلاة إلا بقوة وتأييد من الله تعالى .
قال : ( وقوله بعد فراغه : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)
والحديث رواه البخاري في صحيحه : أن النبي قال :(( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً الذي وعدته )) وفي النسائي وابن خزيمة : (( وابعثه المقام المحمود )).
ولفظة ( مقاماً محموداً ) أولى لوجهين :
1- الوجه الأول : أنها ثابتة في الصحيح .
2- الثاني : أنها موافقة للقرآن في قوله تعالى في سورة الإسراء : {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } .
3- وفي التنكير من التعظيم ما هو ظاهر ، لقوله تعالى : { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } أي رجال عظماء ، وهنا ( مقاماً محموداً ) أي مقامً عظيماً محموداً .
أما لفظة ( إنك لا تخلف الميعاد ) فقد وردت في البيهقي بإسناد صحيح ، لكن راويها قد شذ عن بقية الرواة ، وهم عشرة الذي رووا هذا الحديث فلم يذكروا هذه اللفظة ، فشذ هذا الراوي – وهو ثقة – بذكرها . فعلى ذلك : هذه اللفظة شاذة لا تصح نسبتها إلى النبي ، وعليه فالسنة أن يقف إلى قوله ( الذي وعدته ) .
• ويستحب له أن يدعو الله بين الأذان والإقامة بما شاء ؛ لما ثبت في الترمذي أن النبي قال : (( الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد ))، وهو حديث صحيح . وقد تقدم حديث ( قل كما يقولون ثم سل تعطه ) .
أما ما رواه الترمذي من أن النبي قيل له : فماذا نقول ؟ فقال : ( سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة ) ، فالحديث فيه يحيى بن اليمان وهو ضعيف ، فهذا التخصيص ضعيف ، فيدعو الله بما شاء من خير الدنيا والآخرة , وهذا الموطن من مواطن الإجابة .
قوله : ( الدعوة التامة ) : هي دعوة التوحيد التي رفع المؤذن بها صوته .
" والصلاة القائمة " : أي الصلاة الدائمة المستمرة ، وهي الصلاة التي دعا الناس إليها .
" الوسيلة " : هي منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأن النبي  يرجو أن يكون هو .
" مقاما محموداً " : هو مقام الشفاعة العظمى الذي يقومه النبي بين يدي الله بعد أن يسجد له فيشفع لعباد الله للفصل بينهم يوم القيامة وهي الشفاعة العظمى والمقام المحمود الذي وُهبه رسوله .
مسألة : لفظة " حي على خير العمل " هل تستحب في الأذان ؟
صحت هذه اللفظة عن ابن عمر ، كما في البيهقي بإسناد صحيح، وأنه قالها إثر قوله " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " .
ورواها البيهقي عن علي بن الحسين ، وتعقب البيهقي ذلك بقوله : " وليست هذه اللفظة ثابتة في الأذان الذي علمه النبي بلالاً وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة " ، وهو كما قال ، فهذه اللفظة تعارض حصر النبي الأذان كما تقدم من تعليمه لبلال وأبي محذورة .
وقد ذكر شيخ الإسلام : أن هذه اللفظة إنما فعلها من فعلها من الصحابة لعارض تحضيضاً على الصلاة أي وجد تكاسلاً من الناس في الصلاة فوضع هذه اللفظة تحضيضاً على الصلاة ، فيكون ذلك أمر عارض وليست في الأذان الراتب ، كما قال شيخ الإسلام .
لكن في الحقيقة ليس بمبرر لمثل هذا ، فهذا الاجتهاد من صحابي خالف فيه فعل النبي ، فيكون مردوداً ، والسنة في فعله ، وأما أفعال الصحابة فحيث لا تخالف ما ثبت عن النبي وتعليم النبي لبلال وأبي محذورة الأذان وبقاؤهما تلك الفترة الطويلة بين يديه من غير زيادة يدل على أن الزيادة فيه ليست من السنة .
على أنها أصبحت من شعار أهل البدعة ، فعلى ذلك : أصبحت بدعة ظاهرة ، لكونها وإن كانت في زمن ابن عمر قد يتردد بالجزم بأنها بدعة ، لكن لما أصبحت من شعار أهل البدعة فينبغي أن يشدد في النهي عنها .
مسألة : هل يشرع الأذان على الراحلة ؟
لا بأس به ، وقد صح ذلك عن ابن عمر كما في البيهقي بإسناد صحيح أنه أذن على الراحلة ثم نزل فأقام ".
مسألة : يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان أو لمن دخل المسجد بعد الأذان ، فيحرم الخروج إلا لعذر أو إرادة الرجعة ، أما مع عدم ذلك فإنه لا يجوز . هذا ما صرح به الحنابلة .
ودليل ذلك : ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي الشعثاء قال : " كنا قعوداً في المسجد ومعنا أبو هريرة ، قال : فأذن المؤذن ، فقام رجل من المسجد يمشي ، فرماه أبو هريرة ببصره حتى خرج من المسجد ، فقال : " أما هذا فقد عصى أبا القاسم " .
فهذا الحديث ظاهر في تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان ، ومثل ذلك من دخل المسجد وقد أذن فيه ؛ لأن هذا بمعنى الأول تماماً .
قال الترمذي : " والعمل على هذا من أصحاب النبي فمن بعدهم ، يرون أنه لا يجوز لأحد أن يخرج من المسجد إلا لعذر ".
ومن الأعذار أن يخرج لقضاء الحاجة أو لوضوء أو نحو ذلك ، أما أن يخرج لغير ذلك ، فلا يجوز .
وقد استثنى بعض الحنابلة : خروجه لمسجد آخر لا سيما إذا كان إمامه أفضل .
ونحن إذا نظرنا إلى اللفظ العام المتقدم فإننا نقول : إن هذا لا يجوز وأنه لا يجوز أن يخرج لجماعة أخرى .
لكن إذا نظرنا إلى المعنى وهو ما يورثه الخروج من التهمة في ترك الصلاة جماعة ، وما قد يكون سبباً لفوات الجماعة عليه فنحن نقيدهذا الخروج بهذه القيود ، فإذا خرج حيث لا تهمة ، حيث لا يظن به ظناً سيئاً ، وأن يظن ظناً غالباً أن يدرك جماعة أخرى ، فإنه يرجى أنّ خروجه لا بأس به ، حيث توفرت هذه المعاني المتقدمة .
ومع ذلك : فالأولى له والأحوط ألا يخرج من المسجد إلا لعذر من وضوء أو نحوه .
وهذا فيمن يجب عليه الصلاة جماعة .
أما من لا يجب عليه الصلاة جماعة ، كامرأة أو من لا يجب عليه الصلاة أصلاً ، فإن خروجه جائز ؛ لأن الصلاة جماعة ليست بواجبة عليه ، بل الصلاة فرضاً ليست بواجبة عليه .
إذاً : يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لمن أراد الرجعة أو كان معذوراً .
مسألة : أي مؤذن يجيب ؟
ذكر الحنابلة : أنه يجيب المؤذن ومؤذناً ثالثــاً ورابعــاً.. الخ . فهذا هو المستحب .
لكن هذا فيه نظر ،والراجح أنه لا يجيب إلا المسجد الذي يريد أن يصلي فيه ،وقد اختار هذا النووي .وقال صاحب المبدع : " فإن أجاب وحضر المسجد للصلاة فسمع المؤذن فإنه لا يجيب " ؛ لأنه ليس بمدعو .
وما ذكره – رحمه الله – ليس خاصاً فيمن أجاب وحضر المسجد فحسب ، بل هو عام فيه وفيمن كان في حكمه وهو من يريد أن يذهب إلى مسجد خاص فسمع المنادي ينادي إليه ، فإنه يجيب هذا المسجد بخصوصه الذي يقصد حضور الجماعة فيه .
والأظهر كذلك : أنه إن لم يحدد مسجداً فإنه يجيب مؤذناً واحداً ؛ لأن المقصود الإجابة ، وقد أجاب ،وإذا أمر الشارع بأمر فإنه يفعل لا على التكرار إلا إذا دل دليل على التكرار ، وإلا فإنه يفعل مرة واحدة ، وهذا قد أجاب مؤذناً لصلاة فرض ، فحينئذ لا يشرع له أن يجيب مؤذناً آخر للصلاة بعينها ، فإنهما مؤذنا صلاة واحدة فلم يشرع إلا أن يجيب المؤذن الذي أجابه .
وإذا كان الإنسان مسجده بعيداً وهو لا يسمع النداء فإنه يجيب أي مؤذن


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, يقول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir