دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1430هـ/6-03-2009م, 09:48 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي لا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه

ولا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه، ولا هِبَتُه، ولا الْحَوَالةُ به، ولا عَلَيْهِ، ولا أَخْذُ عِوَضِه، ولا يَصِحُّ الرَّهْنُ والكَفيلُ به.


  #2  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

................

  #3  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 01:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ولا يَصِحُّ بيعُ المُسَلَّمِ فيه) لمَن هو عليه أو غيرِه (قبلَ قَبْضِه) لنَهْيِه عليه السَّلامُ عَن بيعِ الطعامِ قبلَ قَبْضِه. (ولا) تَصِحُّ أَيْضاً (هِبَتُه) لغيرِ مَن هو عليه لعدمِ القُدرةِ على تَسليمِه. (ولا الحِوَالَةُ به)؛ لأنَّها لا تَصِحُّ إلا على دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ والسَّلَمُ عُرْضَةٌ للفَسْخِ. (ولا) الحِوَالَةُ (عليه)؛ أي: على المُسَلَّمِ فيه أو رَأْسِ مَالِه بعدَ فَسْخٍ. (ولا أَخْذُ عِوَضِه) لقَولِه عليه السَّلامُ: ((مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلاَ يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ)). وسواءٌ فيما ذَكَرَ إذا كَانَ المُسَلَّمُ فيه مَوجُوداً أو مَعْدُوماً، والعِوَضُ مِثْلَه في القِيمَةِ أو أَقَلَّ أو أَكْثَرَ. وتَصِحُّ الإقَالَةُ في السَّلَمِ. (ولا يَصِحُّ) أخذُ (الرَّهْنِ، والكَفِيلُ به)؛ أي: بدَيْنِ السلم. رُوِيَت كَرَاهِيَتُه عَن عَلِيٍّ وابنِ عَبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ؛ إذ وُضِعَ الرَّهْنُ للاستيفاءِ مِن ثمنِه عندَ تَعَذُّرِ الاستيفاءِ مِن الغريمِ، ولا يُمْكِنُ استيفاءُ المُسَلَّمِ فيه مِن عَيْنِ الرَّهْنِ ولا مِن ذِمَّةِ الضَّامِنِ حَذَراً مِن أَنْ يَصْرِفَهُ إلى غَيْرِه. ويَصِحُّ بيعُ دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ كقَرْضٍ أو ثَمَنِ مَبِيعٍ لمَن هو عليه بشَرْطِ قَبْضِ عِوَضِه في المَجْلِسِ. وتَصِحُّ هِبَةُ كُلِّ دَيْنٍ لمَن هو عليه، ولا يَجُوزُ لغَيْرِه، وتَصِحُّ استنابَةُ مَن عليه الحَقُّ للمُسْتَحِقِّ.


  #4  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 01:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ولا يصح بيع المسلم فيه) لمن هو عليه ([1]) أو غيره (قبل قبضه)([2]) لنهيه عليه السلام ((عن بيع الطعام قبل قبضه)) ([3]) (ولا) تصح أيضًا (هبته) لغير من هو عليه، لعدم القدرة على تسليمه ([4]).
(ولا الحوالة به) لأنها لا تصلح إلا على دين مستقر، والسلم عرضة للفسخ ([5]) (ولا) الحوالة (عليه) أي على المسلم فيه([6]) أو رأس ماله بعد فسخ ([7]) (ولا أخذ عوضه) ([8]) لقوله عليه السلام ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ([9]).
وسواء فيما ذكر إذا كان المسلم فيه موجودًا أو معدومًا ([10]) والعوض مثله في القيمة، أو أقل، أو أكثر ([11]) وتصح الإقالة في السلم ([12]) (ولا يصح) أخذ (الرهن والكفيل به) أي بدين السلم ([13]) رويت كراهيته عن علي وابن عباس، وابن عمر ([14]).
إذ وضع الرهن للاستيفاء من ثمنه، عند تعذر الاستيفاء من الغريم، ولا يمكن استيفاء المسلم فيه من عين الرهن، ولا من ذمة الضامن، حذرًا من أن يصرفه إلى غيره ([15])ويصح بيع دين مستقر – كقرض، أو ثمن مبيع – لمن هو عليه ([16]) بشرط قبض عوضه في المجلس([17]).
وتصح هبة كل دين لمن هو عليه، ولا يجوز لغيره ([18]) وتصح استنابة من عليه الحق للمستحق([19]).



([1])قبل قبضه، قال الموفق وغيره: لا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه بغير خلاف علمناه، وروي أنه يجوز لبائعه، واختاره الشيخ، وقال: هو قول ابن عباس. لكن يكون بقدر القيمة فقط، لئلا يربح فيما لم يضمن، وقال ابن القيم: نهى عن ربح ما لم يضمن، المراد به أن لا يصرف المسلم فيه إلى سلم آخر، أو يبيعه بمعين مؤجل، لأنه حينئذ يصير بيع دين بدين، من جنس ما نهي عن بيع الكاليء بالكالئ، والذي يجوز منه هو من جنس ما أذن فيه، من بيع النقد لمن هو في ذمته بغيره من غير ربح، وقال: النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، إنما هو في المعين أو المتعلق به حق توفية، وأما ما في الذمة فالاعتياض عنه من جنس الاستيفاء، وفائدته سقوط ما في ذمته لا حدوث ملك له.
([2])أي ولا يصح بيع المسلم فيه على غير من هو عليه قبل قبضه إجماعًا.
([3])متفق عليه، وفي لفظ "حتى يستوفيه" وفي لفظ "حتى يكتاله" ولنهيه عن ربح ما لم يضمن، فدلت هذه الأحاديث وما في معناها على عدم صحة بيع الدين قبل قبضه.
([4])أي ولا تصح هبة المسلم فيه قبل قبضه لغير من هو عليه، لعدم القدرة على تسليمه قبل قبضه، ولأن الهبة تنقل الملك كالبيع، وعنه: تصح هبته لغير من هو عليه؛ اختارها في الفائق، قال في الإنصاف: وهو مقتضى كلام الشيخ تقي الدين.
([5])أي ولا تصح الحوالة بالمسلم فيه، بأن يحيل المسلَمُ إليه المسلِمَ بالمسلَمِ فيه على آخر، ليأخذه منه، وتعليله ينبغي أن يكون تعليلا لقوله "ولا عليه" وتعليل الحوالة به بأنها معاوضة بالمسلم فيه قبل قبضه، فلم تجز كالبيع.
([6])أي بأن يحيل المسِلمُ آخر، له عليه دين من جنس المسلَمِ فيه، بذلك الدين، على المسلَمِ إليه، ليأخذه منه.
([7])أي ولا تصح الحوالة على رأس ماله بعد فسخ، وقبل قبض، إلحاقًا له بدين السلم، وذلك لأنه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم فأشبه المسلم فيه، والوجه الثاني يصح، قال في تصحيح المحرر: وهو أصح على ما يظهر لي، وجوزهما الشيخ، وعليه لا يجوز للمحال بيعه قبل قبضه من نفسه.
([8])أي ولا يصح أخذ المسلِمِ عوضًا عن المسلَمِ فيه، وجزم الموفق وغيره بتحريمه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي.
([9])أي "من أسلم في شيء" من مكيل، أو موزون، أو غيرهما مما يصح السلم فيه «فلا يصرفه إلى غيره» أي إلى شيء آخر قبل قبضه، وهو قول الجمهور، وأخذ العوض صرف له إلى غيره، رواه أبو داود، وللدارقطني «فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه» وجوزه مالك والشيخ بقدر القيمة، قال ابن عباس: إذا أسلمت في شيء فخذ عوضًا أنقص، ولا تربح مرتين. قال ابن المنذر: وهذا قول صحابي ثبت عنه، وهو حجة ما لم يخالف.
قال ابن القيم: فثبت أنه لا نص فيه، ولا إجماع، ولا قياس، وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة. وقال: ثبت عن ابن عمر: إني أبيع الإبل بالبقيع الخ. فهذا بيع للثمن ممن هو في ذمته قبل قبضه، وقال: إذا فسخ العقد بإقالة أو غيرها جاز أن يأخذ عن دين السلم عوضًا من غير جنسه، وهو اختيار القاضي، وشيخنا، ومذهب الشافعي، وهو الصحيح، فإن هذا عوض مستقر في الذمة، فجازت المعاوضة عليه، كسائر الديون، ولا نص في المنع، ولا إجماع، ولا قياس.
([10])أي فلا يصح أخذ عوضه.
([11])لم يصح لما تقدم، ولأن أخذ العوض عن المسلم فيه بيع له، فلم يجز كبيعه لغيره، عند الجمهور، لعموم الأخبار، وبيع الصكاك، وهي الديون الثابتة على الناس تكتب في ورق ونحوه، فإن كان الدين نقدًا، وبيع بنقد، فقال في الإنصاف: لا يجوز بلا خلاف، لأنه صرف بنسيئة، وإن بيع بعرض فروايتان، وقال أحمد: هو غرر.
([12])لأنها فسخ، وليست بيعا، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه جائزة، وتجوز في بعضه، عند الجمهور، وبرد الثمن في المجالس إن كان باقيًا، أو مثله إن كان مثليا، أو قيمته.
([13])قالوا: ولا بثمن رأس مال السلم بعد فسخه.
([14])والحسن، وسعيد بن جبير، والأوزاعي، وغيرهم.
([15])أي إلى غير المسلم فيه، ونظَّره المجد وغيره، وعنه: يجوز ويصح، فيشتري ذلك من ثمن الرهن ويسلمه، ويشتريه الضامن ويسلمه، لئلا يصرفه إلى غيره، وعليه أكثر الأصحاب، وهو مذهب الأئمة الثلاثة وغيرهم، لقوله{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} واللفظ يدخل فيه السلم، ولأنه أحد نوعي البيع فجاز أخذ الرهن بما يسلم في الذمة، والكفالة وثيقة، أشبهت الرهن، فيجوز شرطهما اختاره الشيخ، والموفق، والمجد، وغيرهم، وصححه في التصحيح وغيره، وصوبه الزركشي، وهو المفتى به.
([16])فقط، وكذا مهر بعد دخول أو نحوه مما يقرره، وأجرة استوفى نفعها أو فرغت مدتها، وأرش جناية، وقيمة متلف، وكجعل بعد عمل، وعوض نحو خلع.
([17])هذا مذهب الجمهور، لخبر: كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدنانير، ونأخذ عنها الدراهم، فقال «لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شيء» فدل على جواز بيع ما في الذمة من أحد النقدين بالآخر، وغيره مقاس عليه، فأما إن باعه بما لا يباع به نسيئة أو عكسه، أو باعه بموصوف في الذمة، فيشترط قبضه في المجلس، لا إن باعه بمعين يباع به نسيئة، كذهب ببر معين، فلا يشترط قبضه في المجلس، ولا يصح بيعه لغير من هو عليه مطلقًا، لأنه غير قادر على تسليمه، ولا بيع دين غير مستقر، كدين كتابة ونحوه.
([18])أي ولا يجوز هبة كل دين لغير من هو عليه، لأن الهبة تقتضي وجود معين، وهو منتف هنا، وإنما صحت لمن هو عليه من سلم أو غيره لأنها غير هبة حقيقة، بل بمعنى الإسقاط، وعنه: تصح لغير من هو عليه، اختاره في الفائق، وهو مقتضى كلام الشيخ.
([19])ثبتت هذه العبارة في بعض النسخ، وقد تقدمت في آخر باب الخيار، وهي أن يقول لغريمه: اقبضه لي، ثم اقبضه لنفسك، ومفهومه عدم صحة عكسه، بأن يقول لغريمه: اقبض سلمي لنفسك.
وقال ابن القيم: يكفي قبضه من نفسه لرب المال، وإذا تصدق عنه بالذي قال كان عن الآمر، هذا هو الصحيح وهو تخريج بعض أصحابنا، وفي الإنصاف: عن قبضه جزافًا فالقول قوله في قدره بلا نزاع، وإن قبضه كيلا ووزنا وادعى غلطًا لم يقبل قوله، والوجه الثاني: يقبل إذا ادعى غلطًا ممكنًا عرفًا، صححه غير واحد، قال في الإنصاف: والنفس تميل إليه مع صدقه وأمانته.


  #5  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 10:55 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

ولا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه(53)، ولا هِبَتُه(54)، ولا الْحَوَالةُ به(55)، ولا عَلَيْهِ(56)، ولا أَخْذُ عِوَضِه(57)، ولا يَصِحُّ الرَّهْنُ والكَفيلُ به(58).

(53) لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه ، متفق عليه .
(54) لعدم القدرة عل تسليمه ، وتجوز هبته لمن هو في ذمته .
(55) أي : لا تصح الحوالة بالمسلم فيه بأن يحيل المسْلمُ إليه المسْلمَ بالمسْلم فيه على آخر ليأخذه ؛ لأﻧﻬا معاوضة بالمسلم فيه قبل قبضه .
(56) أي : ولا الحوالة على المسلم فيه بأن يحيل المسلم آخر له عليه دين من جنس المسلَمٍ فيه بذلك الدين على المسلَمٍ إليه ليأخذه منه .
(57) أي :لا يصح أخذ المسلم عوضاً عن المسلم فيه لقوله صلى الله عليه وسلم (( من أسلم فيشيء فلا يصرفه إلى غيره )) رواه أبو داود .
(58) أي : بدين السلم ؛ لأن الرهن للاستيفاء من ثمنه عند تعذر الاستيفاء من الغريم . والضمان لأجل الاستيفاء من الضامن عند تعذر ذلك من المدين وفي كلا الحالتينصرف للمسلم فيه إلى غيره المنهي عنه . والصحيح جواز ذلك لأنه يشتري من ثمن الرهن دين السلم وكذلك الكفيل يشتري ذلك فلا محذور .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 11:20 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ المُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلاَ هِبَتُهُ وَلاَ الحَوَالَةُ بِهِ وَلاَ عَلَيْهِ وَلاَ أَخْذُ عِوَضِهِ، وَلاَ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالكَفِيْلُ بِهِ.
قوله: «ولا يصح بيع المسلَم فيه قبل قبضه» سواء بيع على المسلم إليه أو على رجل أجنبي؛ لأنه بيع دين في ذمة الغير، والمشتري قد يتمكن من القبض وقد لا يتمكن، ولحديث: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) [(1)]، لكن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به.
فإن قال قائل: إذاً هل يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه؟
فالجواب: نعم يجوز بيعه على المسلم إليه، وعند شيخ الإسلام يجوز بيعه حتى على أجنبي، لكن فيه نظر؛ لأنه حقيقة إذا بعته على غير من هو عليه قد يتعذر عليه أخذه، ثم إذا بعته على غير من هو عليه بما يباع نسيئة معناه ما قبضه، فالتوسع غير ظاهر لي جداً، وشيخ الإسلام يجوز بيع الدين على غير من هو عليه، ولكنه يشترط القدرة على أخذه، لكن إن باعه على المسلم إليه فإنه يشترط ثلاثة شروط:
الأول: ألا يربح، بأن يبيعه بسعر يومه؛ لأنه لو باعه بأكثر من سعر يومه لربح فيما لم يضمن، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربح ما لم يضمن[(2)]، فمثلاً أسلم في مائة صاع بُر حلَّت وقيمتها عند الوفاء مائتا درهم فقط، فقال: أبيعها عليك بمائتين وخمسين درهماً، لا يجوز؛ لأنه ربح في هذا البر قبل أن يدخل في ضمانه؛ لأنه لم يملكه ولم يقبضه، فيكون قد ربح فيما لم يضمن، ولحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وفيه: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها» [(3)]، حتى لا يربح فيما لم يضمن، فإن كانت مائة الصاع تساوي مائتي درهم وباعها عليه بمائة وخمسين يجوز؛ لأنه إذا جاز بسعر يومها فبما دونه من باب أولى، ولأننا عللنا منع الزيادة بألا يربح فيما لم يضمن، وهذا لم يربح بل خسر، والمراد بقوله «بسعر يومها» ألا تزيد، فإن نقصت فقد فَعَلْتَ خيراً.
الشرط الثاني: أن يحصل التقابض قبل التفرق فيما إذا باعه بشيء يجري فيه ربا النسيئة، مثاله: أن يبيع البر بشعير، مائة صاع بر بمائتي صاع شعير، فهذا جائز بشرط التقابض قبل التفرق؛ لأن بيع البر بالشعير يشترط فيه التقابض قبل التفرق، ولحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء» لأنه يبيع دراهم بدنانير أو دنانير بدراهم، وبيع الدراهم بالدنانير يشترط فيه التقابض قبل التفرق.
الشرط الثالث: ألا يجعله ثمناً لسلم آخر؛ لأنه إذا جعله ثمناً لسلم آخر فإن الغالب أن يربح فيه، وحينئذ يكون ربح فيما لم يضمن، مثاله: حل السلم مائة صاع من البر، فقالا: سنجعلها سلماً في خمس من الغنم ـ لأن السلم في الحيوان يجوز كما سبق ـ خمس من الغنم صفتها كذا وكذا تحل بعد سنة، فهذا لا يجوز؛ لأن الغالب أنه لا يفعل هذا إلا بربح، وأن هذه الغنم الخمس تساوي مائة وعشرين صاعاً؛ ولأنه يؤدي إلى قلب الدين بحيث يكون كلما حل دينه جعله سلماً آخر، وهذا حيلة على قلب الدين وازدياده في ذمة المدين بهذه الطريقة، وكلما حل الدين قال: اجعله سلماً آخر، وهكذا حتى تتراكم عليه الديون، فالراجح أن بيعه جائز لكن بالشروط الثلاثة المذكورة، أما المذهب فإن بيعه لا يجوز مطلقاً ودليلهم حديث: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) [(4)] كما سبق، لكن هذا الحديث ضعيف كما حققه ابن القيم في تهذيب السنن، وعلى تقدير صحته فإنه يتعين أن يكون معناه من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره، أي: إلى سلم غيرِهِ، أي: لا يجعله رأس مالٍ لسلم جديد، وأما إذا قلنا: إن الحديث ليس بصحيح فإن بيعَهُ الأَصلُ فيه الحِلُّ؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ولأن حديث ابن عمر ـ رضي الله عنها ـ يدل على جواز مثل هذه المعاملة؛ إذ لا فرق بين دين السلم وغيره، ومن ادعى فرقاً بين دين السلم وغيره فليأت به.
قوله: «ولا هبته» أي هبة المسلم فيه فلا يجوز أن تهبه، وهذه العبارة تحتها نوعان:
الأول: أن يهبه لمن هو عليه.
الثاني: أن يهبه لرجل آخر، وعموم كلام المؤلف يشمل هذا وهذا، فلا يجوز أن تهب المسلَم فيه لمن هو عليه، ولا لرجل آخر، أما هبته لمن هو عليه فقالوا: إن هذا داخل في قوله: «فلا يصرفه إلى غيره» [(5)]، وأيضاً الهبة تقتضي عيناً مملوكة تعطيها لشخص.
والجواب: أما الحديث فقد قال: «فلا يصرفه إلى غيره» وهذا لم يصرفه إلى غيره، وأما التعليل فنقول: إنه إذا وهب المسلم فيه لمن هو عليه، وقال: وهبتك ما في ذمتك من البر، فهذه الهبة بمعنى الإبراء، وهم قد ذكروا في باب الهبة أن من أبرأ غريمه بلفظ الإبراء أو الهبة أو الإسقاط أو ما أشبه ذلك برئ، فكيف تجيزون الإبراء بلفظ الهبة في الديون ولا تجيزونه في دين السلم؟! أليس دين السلم من جملة الديون؟! فلا شك أنه إذا وهب المسلم فيه إلى المسلم إليه جاز؛ لأن أكثر ما فيه أنه أبرأه منه، والإبراء خير وإحسان فكيف نمنعه؟!
أما إذا وهبه لغيره، مثل أن يأتي رجل فقير إلى المسلِم، فيقول: أنا محتاج إلى قوت فقال له: عند فلان لي سلم، مائة صاع بر، وهبتك إياها، فعلى رأي المؤلف لا يصح؛ لأنه لم يقبض السلم ولم يصر ملكاً له حتى يهبه، ولكن الصحيح أنه يصح؛ لأن هذه المعاملة ليس فيها ضرر إطلاقاً، فكأنه أحاله على هذا الرجل يقبض الحق منه ثم يتملكه لنفسه، وأي مانع شرعي يكون في هذا؟! وليس هناك غرر فلو كان بيعاً نعم، إذا باع المسلَم فيه لغير المسلم إليه ربما يتعذر قبضه ويصير فيه جهالة، لكن في الهبة، فالموهوبُ له إما غانم أو سالم، وعلى هذا فالقول الصحيح أنه يجوز هبة المسلم فيه، سواء وهبته للمسلم إليه أو لآخر.
قوله: «ولا الحوالة به» مثل أن يقول المسلم إليه للمسلم: أحلتك بدينك على فلان؛ لأني أطلبه، فهذه حوالة به، أي: لما حل الأجل جاء المسلِم إلى المسلَم إليه وقال: أعطني السلم، قال: إن فلاناً عنده لي مائة صاع بر على قدر ما أنت تطلبني وإني أحيلك به عليه، فيقول المؤلف: إنه لا يصح؛ لأنه ربما يؤدي إلى أخذ شيء من غير جنسه ومن أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره.
قوله: «ولا عليه» أي: الحوالة عليه، وذلك بأن يكون المسلم في ذمته دين لشخص، فلما جاء يطلبه قال: أحيلك على فلان؛ لأن في ذمته لي مائة صاع بر سلماً، فيقول المؤلف: لا يصح؛ لأن هذا يقتضي صرف المسلم فيه إلى غيره وقد ورد النهي عنه؛ ويعللون بأنه يشترط في الدين المحال عليه أن يكون مستقراً ودين السلم ليس مستقراً؛ لأنه سبق أنه إذا تعذر الوفاء فله الصبر أو الفسخ، فنقول: في الواقع إنه مستقر؛ لأن هذا المحال إذا حل الأجل ولم يجد شيئاً فله الصبر أو الفسخ ويرجع بالثمن.
وأما الحديث فلا دلالة فيه؛ لأنه إما ضعيف أو متأول كما سبق.
والصواب أنه يصح، فيصح أن يحال به وأن يحال عليه؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من أحيل بدينه على مليء فليتبع)) [(6)].
قوله: «ولا أخذ عوضه» أليس هذا هو البيع، وقد سبق أنه لا يجوز بيعه؟ فنقول: المراد بالبيع فيما سبق إذا باعه بالنقود، أما أخذ العوض هنا إذا اعتاض عنه بغير النقود فلا يجوز؛ وذلك نظراً لأنهم جاؤوا بعبارتين فلا بد أن ننزل كل واحدة على معنى يخالف الأخرى حتى لا يكون في ذلك تكرار، فنقول: ولا أخذ عوضه فيما إذا اعتاض عنه ما ليس بنقد، فلا يجوز، أي: لو أنه لما حل الأجل قال المسلِم للمسلَم إليه: في ذمتك لي مائة صاع بر، وأريد أن تعطيني شعيراً أو أرزاً فإن هذا لا يصح؛ لأنه حوله وصرفه إلى غيره، ولحديث: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) [(7)]، لكن كما سبق أن هذا الحديث غير صحيح، وعليه فإذا أخذ عوضه فلا بأس لكن بالشروط الثلاثة السابقة.
قوله: «ولا يصح الرهن والكفيل به» أي: لو أن المسلم قال للمسلم إليه: أنا أريد أن ترهنني شيئاً أتوثق به، فقال: أرهنك نخلي، أو أرهنك سيارتي، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يصح؛ لأنه عند تعذر الوفاء يرجع المسلم إلى هذا الرهن، فيكون قد صرف السلم إلى غيره.
وكذلك لا يصح أخذ الكفيل به؛ لأنه إذا تعذر الوفاء من المكفول أخذ من الكفيل، وحينئذ يكون المسلم فيه قد صُرف إلى غيره، وهذا ضعيف أيضاً؛ لأنه إذا تعذر الاستيفاء من المكفول وأخذته من الكفيل لم أصرفه إلى غيره، صحيح أنه انتقل من ذمة إلى ذمة، وأما المسلم فيه فهو نفسه لم أصرفه إلى غيره.
فالصواب إذاً جواز أخذ الرهن والكفيل والضمين به، كلها جائزة؛ لأنه ليس فيها محظور ولا ربا ولا ظلم ولا غرر ولا جهالة، وهذه عقود توثقة والأصل في العقود الحل.



[1] أخرجه أبو داود في البيوع/ باب السلف يحول (3468)، وابن ماجه في التجارات/ باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره (2283). قال الحافظ: «فيه عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم، والبيهقي، وعبد الحق، وابن القطان». «التلخيص» (1203)، وانظر: «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (884)، و«نصب الراية» (4/51).
[2] أخرجه الإمام أحمد (2/174)، وأبو داود في البيوع/ باب الرجل يبيع ما ليس عنده (3504) والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (1234)، والنسائي في البيوع/ باب سلف وبيع (7/295)، وابن حبان (4321) والحاكم (2/17) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.
[3] أخرجه الإمام أحمد 2/83، 139، وأبو داود في البيوع/ باب اقتضاء الذهب من الورق (3354) والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في الصرف (1242) والنسائي في البيوع/ باب بيع الفضة والذهب (7/281)، وابن ماجه في التجارات/ باب اقتضاء الذهب من الورق (2262) وصححه ابن حبان (18620) إحسان، والحاكم (2/44) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصوب شعبة والترمذي والبيهقي (2/284) أنه موقوف ورجحه الحافظ في الدراية (2/155).
[4] سبق تخريجه ص(87).
[5] سبق تخريجه ص(87).
[6] أخرجه البخاري في الحوالات/ باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة؟ (2287)، مسلم في البيوع/ باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة (1564) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[7] سبق تخريجه ص(87).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, يصح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir