(وتُفِيدُ وَلايةُ الحُكْمِ العامَّةُ: الفَصْلَ بينَ الخُصومِ, وأَخْذَ الحقِّ لِبَعْضِهِم من بعضٍ)؛ أي: أَخْذَهُ لِرَبِّهِ مِمَّن هو عليهِ. (والنظرَ في أموالِ غيرِ المُرْشِدِينَ)؛ كالصغيرِ والمجنونِ والسَّفِيهِ، وكذا مالُ غائبٍ، (والحَجْرَ على مَن يَسْتَوْجِبُه؛ لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ. والنظرَ في وُقُوفِ عَمَلِه لِيُعْمَلَ بِشَرْطِها، وتنفيذَ الوَصَايَا، وتزويجَ مَن لا وَلِيَّ لها) من النِّساءِ، (وإقامةَ الحدودِ، وإقامةَ الجُمُعَةِ والعِيدِ) ما لم يَخُصَّها بإمامٍ، (والنظرَ في مصالِحِ عَمَلِه بكفِّ الأَذَى عن الطرُقَاتِ وأَفْنِيَتِها ونحوِهِ)؛ كجِبَايَةِ خَرَاجٍ وزكاةٍ, ما لم يُخَصَّا بعَاملٍ، وتَصَفُّحِ شُهُودِهِ وأُمَنَائِهِ؛ لِيَسْتَبْدِلَ بِمَن يَثْبُتُ جَرْحُهُ، والاحتسابِ على الباعةِ والمُشْتَرِينَ وإلزامِهم بالشرعِ.
(ويَجُوزُ أنْ يُوَلِّىَ) القاضِي (عُمُومَ النظرِ في عمومِ العملِ)؛ بأنْ يُوَلِّيَه سائرَ الأحكامِ في سائرِ البُلدانِ. ويَجُوزُ أنْ (يُوَلِّيَ خَاصًّا فيهما)؛ بأنْ يُوَلِّيَه الأَنْكِحَةَ بِمِصْرٍ مثلاً، (أو) يُوَلِّيَه خاصًّا (في أَحَدِهِما)؛ بأنْ يُوَلِّيَه سائرَ الأحكامِ ببلدٍ مُعَيَّنٍ, أو يُوَلِّيَهُ الأنكحةَ بسائرِ البُلدانِ، وإذَا وَلاَّه بمُعَيَّنٍ, نَفَذَ حُكْمُهُ في مُقِيمٍ به وطارِئٍ إليه فقطْ، وإنْ وَلاَّهُ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ, لم يَنْفُذْ حُكْمُه في غيرِهِ، ولا يَسْمَعْ بَيِّنَةً إلاَّ فيهِ؛ كتَعْدِيلِها.
وللقاضِي طَلَبُ رِزْقٍ مِن بيتِ المالِ لنفسِهِ وخُلَفَائِهِ، فإنْ لم يُجْعَلْ له شيءٌ, وليسَ له ما يَكْفِيهِ, وقالَ للخَصْمَيْنِ: لا أَقْضِي بينَكما إلاَّ بِجُعْلٍ. جازَ، ومَن يأخُذُ مِن بيتِ المالِ, لم يَأْخُذْ أُجْرَةً لِفَتَيَاهُ، ولا لِخَطِّه.