دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب القضاء

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1431هـ/26-05-2010م, 06:57 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي ما تفيده ولاية القضاء

وتُفيدُ ولايةُ الحكْمِ العامَّةِ الفصْلَ بينَ الخصومِ وأَخْذَ الحقِّ لبَعضِهم مِن بعضٍ، والنظَرَ في أموالِ غيرِ الْمُرْشَدِينَ، والحَجْرَ على مَن يَستوجِبُه لسَفَهٍ أو فَلَسٍ، والنظَرَ في وُقوفِ عمَلِه ليعملَ بشَرْطِها، وتَنفيذَ الوَصايَا، وتزويجَ مَن لا وَلِيَّ لها، وإقامةَ الحدودِ، وإمامةَ الجُمُعَةِ والعيدِ , والنظَرَ في مصالِحِ عمَلِه بكَفِّ الأَذَى عن الطُّرُقاتِ وأَفْنِيَتِها ونحوَه، ويَجوزُ أن يُوَلَّى عُمومَ النظَرِ في عُمومِ العمَلِ ويولِّيَ خاصًّا فيهما أو في أحدِهما.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(وتُفِيدُ وَلايةُ الحُكْمِ العامَّةُ: الفَصْلَ بينَ الخُصومِ, وأَخْذَ الحقِّ لِبَعْضِهِم من بعضٍ)؛ أي: أَخْذَهُ لِرَبِّهِ مِمَّن هو عليهِ. (والنظرَ في أموالِ غيرِ المُرْشِدِينَ)؛ كالصغيرِ والمجنونِ والسَّفِيهِ، وكذا مالُ غائبٍ، (والحَجْرَ على مَن يَسْتَوْجِبُه؛ لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ. والنظرَ في وُقُوفِ عَمَلِه لِيُعْمَلَ بِشَرْطِها، وتنفيذَ الوَصَايَا، وتزويجَ مَن لا وَلِيَّ لها) من النِّساءِ، (وإقامةَ الحدودِ، وإقامةَ الجُمُعَةِ والعِيدِ) ما لم يَخُصَّها بإمامٍ، (والنظرَ في مصالِحِ عَمَلِه بكفِّ الأَذَى عن الطرُقَاتِ وأَفْنِيَتِها ونحوِهِ)؛ كجِبَايَةِ خَرَاجٍ وزكاةٍ, ما لم يُخَصَّا بعَاملٍ، وتَصَفُّحِ شُهُودِهِ وأُمَنَائِهِ؛ لِيَسْتَبْدِلَ بِمَن يَثْبُتُ جَرْحُهُ، والاحتسابِ على الباعةِ والمُشْتَرِينَ وإلزامِهم بالشرعِ.
(ويَجُوزُ أنْ يُوَلِّىَ) القاضِي (عُمُومَ النظرِ في عمومِ العملِ)؛ بأنْ يُوَلِّيَه سائرَ الأحكامِ في سائرِ البُلدانِ. ويَجُوزُ أنْ (يُوَلِّيَ خَاصًّا فيهما)؛ بأنْ يُوَلِّيَه الأَنْكِحَةَ بِمِصْرٍ مثلاً، (أو) يُوَلِّيَه خاصًّا (في أَحَدِهِما)؛ بأنْ يُوَلِّيَه سائرَ الأحكامِ ببلدٍ مُعَيَّنٍ, أو يُوَلِّيَهُ الأنكحةَ بسائرِ البُلدانِ، وإذَا وَلاَّه بمُعَيَّنٍ, نَفَذَ حُكْمُهُ في مُقِيمٍ به وطارِئٍ إليه فقطْ، وإنْ وَلاَّهُ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ, لم يَنْفُذْ حُكْمُه في غيرِهِ، ولا يَسْمَعْ بَيِّنَةً إلاَّ فيهِ؛ كتَعْدِيلِها.
وللقاضِي طَلَبُ رِزْقٍ مِن بيتِ المالِ لنفسِهِ وخُلَفَائِهِ، فإنْ لم يُجْعَلْ له شيءٌ, وليسَ له ما يَكْفِيهِ, وقالَ للخَصْمَيْنِ: لا أَقْضِي بينَكما إلاَّ بِجُعْلٍ. جازَ، ومَن يأخُذُ مِن بيتِ المالِ, لم يَأْخُذْ أُجْرَةً لِفَتَيَاهُ، ولا لِخَطِّه.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(وتفيد ولاية الحكم العامة، الفصل بين الخصوم، وأخذ الحق لبعضهم من بعض) أي أخذه لربه ممن هو عليه([1]) (والنظر في أموال غير الراشدين) كالصغير والمجنون، والسفيه([2]) وكذا مال غائب([3]) (والحجر على من يستوجبه، لسفه أو فلس([4]).

والنظر في وقوف عمله، ليعمل بشرطها([5]) وتنفيذ الوصايا([6]) وتزويج من لا ولي لها) من النساء([7]) (وإقامة الحدود([8]) وإمامة الجمعة والعيد) ما لم يخصا بإمام([9]) (والنظر في مصالح عمله، بكف الأذى عن الطرقات وأفنيتها([10]) ونحوه) كجباية خراج وزكاة، ما لم يخصـا بعامل([11]) وتصـفح شهوده وأمـنائه، ليستبدل بمن يثبت جرحه([12]).

والاحتساب على الباعة والمشترين، وإلزامهم بالشرع([13]) (ويجوز أن يولي القاضي عموم النظر في عموم العمل)([14]) بأن يوليه سائر الأحكام في سائر البلدان([15]).
(و) يجوز أن (يولي خاصا فيهما)([16]) بأن يوليه الأنكحة بمصر مثلا([17]) (أو) يوليه خاصا (في أحدهما)([18]).
بأن يوليه سائر الأحكام ببلد معين([19]) أو يوليه الأنكحة بسائر البلدان([20]) وإذا ولاه ببلد معين، نفذ حكمه في مقيم به، وطارئ إليه فقط([21]) وإن ولاه بمحل معين، لم ينفذ حكمه في غيره([22]).

ولا يسمع بينة إلا فيه، كتعديلها([23]) وللقاضي طلب رزق من بيت المال، لنفسه وخلفائه([24]) فإن لم يجعل له فيه شيء وليس له ما يكفيه، وقال للخصمين: لا أقضي بينكما إلا بجعل جاز([25]) ومن يأخذ من بيت المال، لم يأخذ أجرة لفتياه، ولا لحكمه([26])


([1]) لأن المقصود من القضاء ذلك، ولهذا قال أحمد وغيره: لئلا تذهب حقوق الناس.
([2]) لأن ترك ذلك يؤدي إلى ضياع أموالهم.
([3]) أي وتفيد ولاية القاضي النظر في مال غائب، لئلا يضيع.
([4]) أي وتفيد ولايته الحجر، على من يستوجب الحجر عليه، لسفه، أو الحجر لفلس، لأن الحجر يفتقر إلى نظر واجتهاد، فلذلك كان مختصا به.
([5]) أي والنظر في وقوف عمله، أي ولايته، ليعمل بشرط الأوقاف، التي في محل نفوذ حكمه، لأن الضرورة تدعو إلى إجرائها، على شرط الواقف، سواء كان له ناظر خاص أولا.
([6]) لأن الميت محتاج إلى ذلك، كغيره.
([7]) لقوله صلى الله عليه وسلم «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له»، والقاضي نائب السلطان.
([8]) لأنه صلى الله عليه وسلم: كان يقيمها والخلفاء من بعده، ونقل أبو طالب: أمير البلد إنما هو مسلط على الأدب، وليس له مواريث، والوصايا والفروج، والحدود والرجم، إنما يكون هذا في القاضي.
([9]) أي وتفيد ولايته إقامة الجمعة، ونصب إمامها، وإقامة العيد، لأن الخلفاء كانوا يقيمونها.
([10]) جمع فناء، ما اتسع أمام دور عمله، لأنه مرصد للمصالح.
([11]) يجيبها من جهة الإمام.
([12]) ويستبقى من يصلح، لأن العادة، في القضاة ذلك، فعند إطلاق الولاية تنصرف إلى ما جرت به العادة.
([13]) ذكره في التبصرة، وفي المنتهى، لا يستفيد ذلك، لأن العادة لم تثبت بتولي القضاة لذلك اهـ وتسمى ولاية الحسبة، وهو: جعل من ينظر في الأسواق بين الباعة، والمشترين من المعاملات المحرمة، وإلزامهم بالشرع، بسبب توفية الكيل والوزن، والذرع والسعر، وتقدم حكم التسعير، أما إن تخاصموا في صحة البيع وفساده، وقبض الثمن والمثمن، فله النظر في ذلك.
وقال الشيخ: ما يستفيده بالولاية لا حد له شرعا، بل يتلقى من الألفاظ والأحوال والعرف، لأن كل ما لم يحد شرعا، يحمل على العرف، كالحرز، والقبض
([14]) وخاصا فيهما أو في أحدهما، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يستنيب أصحابه كلا في شيء، وقال ابن رشد: اتفقوا أن القاضي يحكم في كل شيء من الحقوق، سواء كان حقا لله أو حقا للآدميين، وأنه نائب عن الإمام الأعظم في هذا المعنى.
([15]) وهذا عام في النظر، عام في العمل.
([16]) أي القضاء والعمل.
([17]) وهذا خاص في النظر، خاص في العمل.
([18]) أي القضاء والعمل، قال الشيخ: ولاية الأحكام يجوز تبعيضها ولا يجب أن يكون عالما في غير ولايته، فإن منصب الاجتهاد ينقسم حتى لو ولاه في المواريث
لم يجب أن يعرف إلا الفرائض والوصايا، وما يتعلق بذلك، وإن ولاه عقود الانكحة وفسخها، لم يجب أن يعرف إلا ذلك، وعلى هذا إذا قال: اقض فيما تعلم، كما يقول أفت فيما تعلم، جاز، ويسمى ما لا يعلم خارجا عن ولايته، كما نقول في الحاكم الذي ينزل على حكمه الكفار، وفي الحكمين في جزاء الصيد.

([19]) وهذا عام في النظر، خاص في العمل.
([20]) وهذا خاص في النظر، عام في العمل.
([21]) لأن الطارئ يصير من أهلها، في كثير من الأحكام، وأما من ليس مقيما بها ولا طارئا إليها، فلم يدخل تحت ولايته، قال القاضي: إذا استأذنت امرأة في غير عمله، فزوجها في عمله لم يصح العقد، لأن إذنها لم يتعلق بالحكم، وحكمه في غير عمله لا ينفذ، فإذا قالت، إذا حصلت في عملك فقد أذنت لك، فزوجها في عمله صح.
قال الشيخ: لا فرق بين أن تقول زوجني إذا صرت في عملك، أو إذا صرت في عملك فزوجني لأن تقييد الوكالة، أحسن حالا من تعليقها، نعم لو قالت زوجني الآن، أو فهم ذلك من إذنها، فهنا أذنت لغير قاض، وهذا هو مقصود القاضي.
([22]) فلا ينفذ حكمه، إذا سافر لبلد آخر، ولا ينفذ حكمه إذا ولاه القضاء بمجلس أو مسجد معين.
([23]) أي: ولا يسمع بينة إلا في محل عمله، وهو محل حكمه، وكذا تعديلها، فتجب إعادة الشهادة إذا سمعها في غير عمله، وإعادة تعديل البينة، إذا سمعها في غير عمله، لأن سماع ذلك في غير محل عمله، كسماعه قبل التولية.
([24]) لأن الصديق لما ولي الخلافة، فرضوا له كل يوم درهمين، وعمر رزق شريحا كل شهر مائة درهم، ورزق ابن مسعود نصف شاة كل يوم وخلفاؤه، هم أمناؤه ونوابه، ولهم الأخذ مع الحاجة وعدمها، لما تقدم وعمر أمر بالفرض لمن ولي القضاء، وقال: ارزقوهم واكفوهم من مال الله تعالى، ولأنه لو لم يجز فرض الرزق تعطلت وضاعت الحقوق.
([25]) قال الموفق: في الأصح، ولعل المراد قدر كفايته، واستظهره في شرح المنتهى ولا يختص بواحد منهما.
وقال الموفق أيضا وغيره: يحتمل أن لا يجوز، وصوبه في الإنصاف.
([26]) ولا لخطه اكتفاء بما يأخذ من بيت المال.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 12:57 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

ثم انتقل المؤلف إلى بيان ما تفيده ولاية الحكم فقال:

وَتُفِيدُ وِلاَيَةُ الْحُكْمِ الْعَامَّةُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَأَخْذَ الْحَقِّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالنَّظَرَ فِي أَمْوَالِ غَيْرِ الْمُرْشِدِينَ، وَالْحَجْرَ عَلَى مَنْ يَسْتَوْجِبُهُ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالنَّظَرَ فِي وُقُوفِ عَمَلِهِ لِيَعْمَلَ بِشَرْطِهَا، وَتَنْفِيذَ الْوَصَايَا، وَتَزْوِيجَ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهَا، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ، وَإِمَامَةَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، وَالنَّظَرَ فِي مَصَالِحِ عَمَلِهِ، بِكَفِّ الأَذَى عَنِ الطُّرُقَاتِ، وَأَفْنِيَتِهَا، وَنَحْوِهِ،.0.........
«وتفيد ولاية الحكم العامة» احترز بقوله: «العامة» من الخاصة، فإن الخاصة تختص بما خصصت به، لكن العامة تفيد أولاً:
قوله: «الفصل بين الخصوم» ، و «الخصوم» جمع خصم، والمراد المتخاصمون، سواء كانوا اثنين أو أكثر.
والفصل بينهما أي التمييز بينهما، بأن الحق لفلان على فلان.
ثانياً: قوله: «وأخذ الحق لبعضهم من بعض» فالذي يتولى التنفيذ هو القاضي، فيجبر المحكوم عليه بأن ينفذ الحكم، هذا من مسؤوليات القاضي في عهد المؤلف ـ رحمه الله ـ ومن سبقه، لكن في عهدنا صار التنفيذ للأمير، القاضي يفصل ويبين، وأما الذي ينفذ فهو الأمير، ثم أظنها الآن تحولت إلى الشرطة.
ثالثاً: قوله: «والنظر في أموال غير المرشدين» وغير المرشدين، إما لصغرهم أو جنونهم، أو سفههم؛ لأن الرشد يتضمن ثلاثة أمور: البلوغ، والعقل، وحسن التصرف، فغير المرشد إما الصغير، وإما المجنون، وإما السفيه الذي لا يحسن التصرف في ماله، فالذي ينظر في ماله هو القاضي.
رابعاً: قوله: «والحجر على من يستوجبه لسفه، أو فلس» الحجر هو منع الإنسان من التصرف في ماله، وأشار المؤلف بقوله: «سفه أو فلس» إلى أن الحجر نوعان: حجر لسفه، وحجر لفلس، أما السفه فهو عدم الرشد، وأما الفلس فهو أن تكون ديون الإنسان أكثر مما عنده من المال، فإذا كان الإنسان مديناً وديونه أكثر من ماله، فإنه يحجر عليه لفلس، والفرق بينهما: أن الحجر للسفه لا يتصرف المحجور عليه لا في ماله ولا في ذمته، والحجر للفلس يتصرف في ذمته لا في ماله.
فمن لم يكن رشيداً فهو سفيه، فلا يصح تصرفه لا في ماله ولا في ذمته، يعني لا يصح أن يبيع شيئاً من ماله، ولا أن يشتري شيئاً في ذمته، كأن يشتري من شخص سلعة، ويقول: الثمن في الذمة، فهذا محجور عليه في ذمته وماله.
والذي لفلس محجور عليه في ماله لا في ذمته، فلا يصح أن يتصرف في أعيان ماله، أما في ذمته بأن يشتري شيئاً بثمن مؤجل يحل بعد فك الحجر عنه، فإن هذا جائز ولا بأس به.
خامساً: قوله: «والنظر في وقوف عمله ليعمل بشرطها» «وقوف» جمع وقف، والوقف هو المال الذي حُبِس أصله وسبِّلت ثمرته ومَغله، مثاله: رجل قال: وقفت هذا البيت على الفقراء، فأصله محبوس ما يمكن أن يباع، وثمرته مسبَّلة تكون للفقراء يتصرفون فيها كما شاؤوا إذا ملكوها.
وقوله: «في وقوف عمله» المراد بعمل القاضي المكان الذي فيه ولايته، ولنفرض أنه قاضٍ في المدينة، فعمله ومحل ولايته المدينة، فينظر في أوقاف المدينة ليعمل بشرطها، سواء كانت هذه الأوقاف خاصة أم عامة، فالخاصة كما لو قال: هذا وقف على ذريته، والناظر فلان ومن بعده القاضي، فإذا مات الناظر الأول صار النظر للقاضي.
والعام مثل أن يقول: هذا وقف على المساجد، فالناظر القاضي، وله الحق أن يطلع على تصرف الناظر؛ لينظر هل هو يعمل بالشرط أو لا يعمل به؟ لأنه ليس كل ناظر على وقف يؤدي الأمانة، قد يخون، ويصرف الوقف إلى غير ما شرط له، فلهذا نقول: إن القاضي له النظر في الوقوف ليعمل بشرطها.
سادساً: قوله: «وتنفيذ الوصايا» كأن يوصي شخص بعشرة آلاف بعد موته يُبنى بها مسجد، فالذي ينظر في التنفيذ القاضي، إلا إذا كان لها وصي خاص، فالوصي الخاص هو الذي ينظر.
سابعاً: قوله: «وتزويج من لا ولي لها» أي: من النساء، أو لها ولي ليس أهلاً للولاية.
مثال الأول: امرأة ليس لها إلا أخوالها وإخوانها من الأم، وليس لها إخوان أشقاء، ولا لأب، ولا أعمام، ولا بنو أعمام، فالذي يزوجها القاضي؛ لأنها ليس لها ولي.
مثال الثاني: أن يكون لها عم، أو أخ لكن لا يصلي، فالذي لا يصلي ليس أهلاً لأن يزوج؛ لأنه كافر، ولا ولاية لكافر على مسلم، فإذاً يزوج القاضي من لا ولي لها، سواء كان الولي معدوماً أو ليس أهلاً.
ثامناً: قوله: «وإقامة الحدود» يعني الذي يتولى إقامة الحدود هو الحاكم الشرعي؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي كان يقيم الحد، وأحياناً يوكل، كما قال لأنيس: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» [(201)]، وهنا يجوز أن يوكل القاضي من يقيم الحد عنه.
وقوله: «الحدود» هي عقوبات مقدرة شرعاً في معصية؛ لتمنع من الوقوع في مثلها وتُكفِّر عن صاحبها، والحدود هي حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، وحد قطاع الطريق، والمهم معرفة الضابط.
تاسعاً: قوله: «وإمامة الجمعة والعيد» يعني هو الذي يتولى إمامة الجمعة والعيد، إلا إذا كانا لهما إمام خاص، فإمامهما أولى من غيره، لكن إذا لم يكن لهما إمام فالذي يُخاطب بإمامة الجمعة والعيد هو القاضي، فإن تعددت الجُمَع يوكل.
عاشراً: قوله: «والنظر في مصالح عمله» أي: مصالح مكان عمله.
قوله: «بكف الأذى عن الطرقات وأفنيتها ونحوه» يعني هو الذي يتولى ما تتولاه البلدية، فيكف الأذى عن الطرقات وأفنيتها، فهو المسؤول، فإذا وجدنا شيئاً في السوق ذهبنا إلى القاضي، وقلنا له: في السوق الفلاني أذى فأزله.
وقوله: «الطرقات وأفنيتها» الطرقات معروفة، والأفنية هي المتسعات التي تكون في الطرقات تلقى فيها الكناسة، والقمامة، وما أشبه ذلك، فالذي ينظر فيها هو القاضي.
هذه عشرة أمور يستفيدها القاضي من ولايته، ولكن لاحِظ أن هذه الأمور العشرة التي ذكرها المؤلف ليست أموراً منصوصاً عليها من الشرع، بحيث لا نتجاوزها ولا نقصر عنها، لكنها أمور عُرفية، أي: جرى العرف أن القاضي يتولى هذه الأمور من قبل الإمام، فإذا تغيرت الأحوال وصار مقتضى أو موجَب عقد القضاء أن القاضي لا يُلزم أن يقوم بهذه الأعمال كلها، فعلى حسب العرف، فالآن الفصل بين الخصوم لا زال باقياً، وأما أخذ الحق لبعضهم من بعض ليس على القاضي، فليس عليه إلا أن يفصل بينهم، وأما أخذ الحق لبعضهم من بعض فعلى جهة أخرى، فالنظر في أموال غير المرشدين له إلى الآن، والحجر على من يستوجبه له وليس لوزارة التجارة، والنظر في وقوف عمله ليس له، فالآن هناك وزارة الأوقاف هي التي تتولى هذا، وتنفيذ الوصايا الظاهر أنه للأوقاف أيضاً، وليس للقاضي، وتزويج من لا ولي لها، الآن جعل مأذونون شرعيون، وهم على قسمين: مأذون يسمى قاضي أنكحة، هذا يتولى تزويج من لا ولي لها، ومأذون لمجرد العقد فهذا لا يتولى التزويج، وإقامة الحدود الآن ليس له، فهو يحكم ويقيم غيره، وإمامة الجمعة والعيد ليس له الآن، وبعض العلماء ما يجيزون غير القاضي، والنظر في مصالح العمل بكف الأذى عن الطرقات الآن ليس له، ولكن للبلدية.
إذاً موجَب ولاية القضاء ليس أمراً شرعياً متلقى من الشرع بحيث نُلزم القاضي به، لكنه أمر عرفي حسب ما تقتضيه الولاية في العرف.

وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ العَمَلِ،..........
قوله: «ويجوز أن يُولى» الذي يتولى تولية القاضي السلطان والوالي العام.
قوله: «عموم النظر» «النظر» أي: القضايا التي ينظر فيها، كأن يوليه جميع الأحكام في البيوع، والرهون، والإجارات، والأنكحة، والفرائض، وكل ما يتعلق بالخصومات.
قوله: «في عموم العمل» أي: المكان الذي يعمل فيه، وعموم العمل لا يمكن أن يكون عموماً مطلقاً؛ لأن العموم المطلق لا يتصور، لكنه عموم نسبي، فعموم العمل أن يقول: ولَّيتك الحكم في جميع أقطار الدنيا، وهذا لا يمكن؛ لأنه يتعذر الإحاطة به، إذاً عموم العمل عموم نسبي، مثل أن يقول: وليتك الحكم في منطقة القصيم، هذا عموم بالنسبة لكـلِّ بلد على حدة، لكنه ليس عموماً مطلقاً، أعم منه أن يقول: ولَّـيـتـك الحكم في نجد، هذا أعم، لكن هل هو عموم مطلق؟ لا.
وليتك الحكم في منطقة المدينة هذا عموم، أعم منه في منطقة الحجاز، أعم من ذلك كله وليتك الحكم في جميع الحجاز ونجد، فالمهم أن عموم العمل معناه المكان الذي يحكم فيه القاضي، فيجوز أن يولى العموم، وأن يولى الخصوص، فإذا قال: وليتك جميع الأحكام في عموم القصيم، فهذا عموم نظر في عموم عمل.

وَأَنْ يُوَلَّى خَاصّاً فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا،.......................
قوله: «وأن يُولّى خاصاً فيهما» الضمير في قوله: «فيهما» يعود على النظر والعمل، أي: خاصاً في النظر وفي العمل، النظر مثل أن يقول: وليتك الأنكحة والعمل في عنيزة، هذا خصوص نظر وعمل، خصوص النظر؛ لأنه خص القضاء في الأنكحة، وخصوص العمل؛ لأنه خصه في بلد معين.
أو يقول: وليتك الفرائض في بريدة، هذا خصوص نظر في خصوص عمل، خصوص نظر؛ لأنه في الفرائض فقط، فلو جاء اثنان يتحاكمان إلى هذا الذي ولي الفرائض في النكاح فإنه لا يقضي بينهما، بل لو قضى بينهما من غير تحكيم لم ينفذ حكمه؛ لأنه خص بالنظر في الفرائض، كما أنه لا يملك أن يقضي بين اثنين في مسألة فرضية في عنيزة؛ لأن العمل خاص في بريدة، هاتان صورتان متقابلتان:
الأولى: عموم النظر في عموم العمل.
الثانية: خصوص النظر في خصوص العمل.
قوله: «أو في أحدهما» نبدأ بالنظر، خصوص النظر في عموم العمل: أن يقول: وليتك الفرائض في منطقة الحجاز، فكل منطقة الحجاز ترجع إلى هذا الرجل في الفرائض فقط، وعموم النظر في خصوص العمل: أن يقول: ولّيتك جميع الأحكام في مكة، فيدخل فيها البيوع والإيجارات، والأوقاف، والأنكحة، والفرائض، والجنايات، والحدود وغير ذلك؛ لأنه قال له: وليتك عموم النظر في مكة، يعني جميع الأحكام في مكة، إذاً ينظر في جميع الأحكام لكن في مكة خاصة، فلو ذهب إلى جدة فما يكون حاكماً فيها، فكانت الصور أربعاً.
وهل يجوز أن يوليه خاصاً في الخاص، بمعنى أن يقول له: وليتك الحكم في المناسخات من علم الفرائض؟ يجوز، فيكون هذا الرجل مثلاً قد بلغ القمة في علم الفرائض، فيقول: وليتك النظر في المناسخات فقط، وهذا أكثر ما يكون في الانتدابات، تكون مسائل معقدة في أملاك موروثة من قديم وفيها مناسخات، فينتدب لها شخص معين ينظر فيها، أما على سبيل أنه ولي دائم، فهذا قليل، لكن مع ذلك يصح.
الآن هناك قضاة يولون خصوص النظر في خصوص العمل، مثل أن يقال: قاضي الأنكحة في الرياض، فيتولى الأنكحة عقدها وفسخها، لكن تأتيه مسألة في البيع يقول: ما لي فيها نظر.
والفائدة من ذكر هذه الصور الأربع أن من وُلي في صورة منها لم يملك غيرها، فمن وُلي في الأنكحة ونظر في الفرائض لم ينفذ حكمه ولو حكم بالشرع، وهذا يدلك على أن الإسلام ينظر إلى هذه المسائل على وجه الضبط؛ لأنه لو خلي الأمر متفلتاً، كلٌّ يتكلم ويحكم بما شاء، ضاعت الأمور، اللهم إلا في مسألة التحكيم، يعني لو أن رجلين رضيا أن يُحكما فلاناً في مسألة بينهما، وإن لم تكن مما وُلي فيه، فهذا لا بأس به، حتى ولو رضيا أن يحكِّما شخصاً غير قاضٍ كما سيأتي، لكن القضاء الذي يكون مستنداً إلى تولية ولي الأمر لا يمكن أن ينفذ حكمه إلا على حسب ما خط له.



[201] أخرجه البخاري في الوكالة/ باب الوكالة في الحدود (2315)، ومسلم في الحدود/ باب من اعترف على نفسه بالزنا (1698) عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, تفيده

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على من يجب القضاء عبد العزيز الداخل دورة أحكام الصيام 0 16 شعبان 1430هـ/7-08-2009م 10:11 AM


الساعة الآن 07:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir