دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 10:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي ما يسقط عنه الفدية بنسيان أو جهل أو إكراه

ويَسْقُطُ بنِسيانٍ فِديةُ لُبْسٍ وطِيبٍ، وتَغطيةِ رأسٍ دونَ وَطْءٍ، وصَيْدٍ وتقليمٍ وحِلاقٍ.


  #2  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 02:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 03:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويَسْقُطُ بنسيانٍ) أو جهلٍ أو إكراهٍ (فِدْيَةُ لُبْسٍ وطِيبٍ وتغطيةِ رأسٍ) لحديثِ ((عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الخَطَأِ والنِّسْيَانِ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)). ومتى زَالَ عُذْرُه أَزَالَه في الحالِ (دونَ) فِدْيَةِ (وَطْءٍ وصَيْدٍ وتَقْلِيمٍ وحِلاقٍ) فتَجِبُ مُطلقاً؛ لأنَّ ذلك إتلافٌ فاستَوَى عَمْدُه وسَهْوُه، كمَالِ الآدَمِيِّ، فإن استَدَامَ لُبْسُ مَخِيطٍ أَحْرَمَ فيه ولو لَحْظَةً فوقَ المُعتادِ مِن خَلْعِه فَدَى ولا يَشُقُّه.


  #4  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 03:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

ويسقط بنسيان أو جهل أو إكراه، فدية لبس ، وطيب وتغطية رأس([1]).
لحديث: ((عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)) ([2] ومتى زال عذره أزاله في الحال([3]) (دون) فدية (وطء وصيد، وتقليم وحلق) فتجب مطلقا([4]) لأن ذلك إتلاف، فاستوى عمده وسهوه، كمال الآدمي([5]).
وإن استدام لبس مخيط فيه، ولو لحظة، فوق المعتاد من خلعه فدى([6]) ولا يشقه([7])



([1]) اختاره الخرقي وغيره، وهو مذهب الشافعي، وقال ابن القيم: الراجح من الأقوال أن الفدية في ذلك لا تجب مع النسيان والجهل.

([2]) رواه ابن ماجه، والطبراني والدارقطني، والبيهقي، وجوَّد إسناده وقال ابن حزم: حديث مشهور، ولحديث الجبة، والخلوق، ولم يأمره صلى الله عليه وسلم بفدية، وقال تعالى عن المؤمنين:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: قد فعلت، رواه مسلم.

([3]) أي ومتى زال عذره من نسيان، أو جهل أو إكراه بأن ذكر، أو علم أو ارتفع الإكراه أزال المحظور عليه في الحال.

([4]) سواء كان ذاكرًا أو ناسيًا، أو جاهلاً، أو مكرهًا، وفاقا، لأن الله تعالى أوجب الفدية على من حلق لأذى به، وهو معذور، فدل على وجوبها على معذور آخر.

([5]) أي كإتلاف مال آدمي، وقال ابن كثير وغيره: كالعمد في قتله والخطأ سواء عند جمهور العلماء، إلا أن المتعمد آثم، والمخطئ غير آثم، وقال غير واحد: تجب بقتل الصيد مطلقا لظاهر الخبر والأثر، في جزاء الصيد وبيضه، قال الزهري: على المتعمد بالكتاب، وعلى المخطئ بالسنة، وقال عطاء: نعم يعظم حرمات الله، ومضت به السنن.
ولما ذكر شيخ الإسلام، عدم مؤاخذة الجاهل والناسي، وقال: وأما الكفارة والفدية، فتلك وجبت لأنها بدل المتلف من جنس ما يجب ضمان المتلف بمثله كما لو أتلفه صبي ضمنه، وجزاء الصيد وجب على الناسي والمخطئ، فهو من هذا الباب، بمنزلة دية المقتول خطأ، والكفارة الواجبة بقتله خطأ، بنص القرآن
وإجماع المسلمين وأما سائر المحظورات فليست من هذا الباب، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والترفه المنافي للتفث، كالطيب واللباس، ولو فدى كانت فديته من جنس فدية المحظورات، ليست بمنزلة الصيد المضمون بالبدل، فأظهر الأقوال في الناسي والمخطئ إذا فعل محظورا، أن لا يضمن من ذلك إلا الصيد.

([6]) أي لاستدامت عالمًا ذاكرًا، كابتدائه، ولو إشارة إلى خلاف أبي حنيفة حيث قيده بيوم.

([7]) أي اللباس، إذا كان مخيطا، بل ينزعه، وإن غطى رأسه لأن شقه إتلاف مال لم يحتج إليه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم يعلى بن أمية ولم يأمره بشقه.



  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 01:53 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيَسْقُطُ بِنِسْيَانٍ فِدْيَةُ لُبْسٍ وطِيبٍ وتَغْطِيْةِ رَأْسٍ،..........
قوله: «ويسقط بنسيان فدية لبس وطيب وتغطية رأس» المحظورات تنقسم باعتبار سقوطها بالعذر إلى قسمين:
الأول: تسقط فديته بالعذر.
الثاني: لا تسقط فديته بالعذر.
يقول المؤلف: «ويسقط بنسيان» ومثله الجهل والإكراه، أي: لو أن الإنسان نسي فلبس ثوباً وهو محرم، فليس عليه شيء، ولكن عليه متى ذكر أن يخلعه ويلبس الإزار والرداء، وكذلك الطيب فلو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه، لكن عليه إذا ذكر أن يبادر بغسله، وفي حال غسله إياه لا شيء عليه، مع أنه سيباشره؛ لأن هذه المباشرة للتخلص منه لا لإقراره، والتحرك في الشيء للتخلص منه لا يعتبر حراماً، أرأيت لو أن شخصاً غصب أرضاً وسكن فيها، ثم جاءه رجل ووعظه فخرج، فمدة مشيه في هذه الأرض للخروج لا يؤاخذ به؛ لأنه إنما تحرك للتخلص.
لكن لو قام يتمشى في الأرض مطمئناً، فإنه يأثم بذلك؛ لأنه لم يحاول التخلص.
ومثل ذلك استنجاء الرجل، ومباشرته النجاسة بيده فإنه لا يذم عليه؛ لأنه إنما فعل ذلك للتخلص منها.
ومثله تغطية الرأس إذا نسي ولبس قميصاً، فإنه يخلعه من أعلى وإن غطى رأسه؛ لأن هذه التغطية عابرة للتخلص من هذا اللباس.
وقال بعض العلماء: يوسع الجيب وينزله من أسفل، لكن الصحيح ما ذكرنا.
ولو غطى رأسه ناسياً وهو محرم فلا شيء عليه، لكن متى ذكر وجب عليه كشفه، ولو أن إنساناً وهو نائم غطى رأسه فلا فدية عليه؛ لأنه مرفوع عنه القلم، لكن متى استيقظ وجب عليه كشفه.
والدليل على سقوط هذه الأشياء، بالنسيان، والجهل، والإكراه ما يلي:
أولاً: قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] ، فقال الله: «قد فعلت» [ (1)].
ثانياً: قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] .
ثالثاً: قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} [النحل: 106] ، فالكفر إذا كان يسقط موجبه بالإكراه، فما دونه من باب أولى.
رابعاً: من السنة قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) [(2)].
خامساً: التعليل أن هذا لم يتعمد المخالفة، فلا يعد عاصياً، وإذا لم يكن عاصياً لم يترتب عليه الإثم ولا الفدية.

دُونَ وَطْءٍ وَصَيْدٍ وَتَقْلِيمٍ ................
قوله: «دون وطء» ، أي: أنه لا تسقط الفدية إذا وطئ ناسياً، وكذلك إن وطئ جاهلاً، أو وطئ مكرهاً [(3)]، وهذا وما بعده هو القسم الذي لا يسقط بالعذر.
وتعليل ذلك أنه يبعد أن ينسى فيطأ، ولا سيما، وأن عليه لباس الإحرام، وإذا قدر أنه نسي ذكرته زوجته.
فيقال في الجواب على هذا: إن النسيان وصف مسقط لحكم المحظور، وإذا كان كذلك فسواء، بَعُد أم لم يَبْعُد.
وكذلك الجهل إذا جامع جاهلاً لزمه ما يلزم العالم؛ لأن الجماع يتضمن إتلافاً حيث تزول به البكارة، والإتلاف يستوي فيه الجاهل والعالم، فيقال: الجواب عن هذا من وجهين:
الأول: أنه لا يلزم أن يكون الجماع جماع بكر، فإنه لا فرق بين البكر وغيرها في تحريم الوطء في الإحرام.
الثاني: أن ضمان البكارة حق للآدمي، قالوا وإن كانت الموطوءة ثيباً وجب المهر، والجواب أن المهر حق للموطوءة فهو حق آدمي، وأما الجماع في الإحرام فهو حق لله تعالى وقد أسقطه عن عباده بالجهل، فكيف نلزم عباد الله بما أسقطه الله عنهم؟!
وكذا الإكراه: فلو أكره الرجل على أن يجامع زوجته لم تسقط الفدية، فإذا كان قبل التحلل الأول يلزمه خمسة أحكام: البدنة، والقضاء، وفساد النسك، والمضي فيه، والإثم.
وعللوا أن الإكراه على الجماع لا يمكن؛ لأنه لا وطء إلا بانتشار؛ ولا انتشار مع إكراه، ولكن هذا التعليل عليل، لأن من قال لا انتشار مع الإكراه، فجوابه بالمنع فلو أجبرته زوجته، وهي شابة، محبوبة إليه وقالت: إما إن تفعل، وإلا قتلتك، فهو بين أمرين، إما أن يدعها ويمكن أن تنفذ تهديدها، وإما أن يجامع في هذه الحال، وإذا دنا منها مهما كان الأمر سوف ينتشر، فالقول بأنه لا جماع مع إكراه غير صحيح.
فالوطء بلا شك يمكن أن يكون مع الإكراه، ومع ذلك يقولون: لا تسقط الفدية فيه.
قوله: «وصيد» يعني أن قتل الصيد لا يعذر فيه بالنسيان، وكذلك لا يعذر فيه بالجهل، ولا بالإكراه [(4)] قالوا: لأنه إتلاف، والإتلاف يستوي فيه العمد وغيره.
فنقول: ـ سبحان الله ـ الحاكم في عباده وبين عباده يقول: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] ، ونحن نقول من قتله متعمداً وغير متعمدٍ، فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم، هذا لا يمكن!
و«متعمداً» وصف مناسب للحكم، فوجب أن يكون معتبراً؛ لأن الأوصاف التي علقت بها الأحكام إذا تبين مناسبتها لها صارت علة موجبة، يوجد الحكم بوجودها وينتفي بانتفائها، وإلا لم يكن للوصف فائدة.
فالآية نص في الموضوع مؤيدة بقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] .
والجواب: عن تعليلهم أن الإتلاف الذي يستوي فيه العمد وغيره هو ما كان في حق الآدمي، أما ما كان في حق الله ـ عزّ وجل ـ الذي أسقطه تفضلاً منه وكرماً، فإذا كان الله قد أسقطه فكيف نلزم العباد به؟
مثال النسيان: محرم رأى الصيد، وكان مشغوفاً بالصيد، فنسي فأخذ البندقية ورمى الصيد، فعلى المذهب عليه الفدية.
مثال الجهل: محرم وقف بعرفة فسمع أن الحج عرفة، فلما كان في صباح العيد قبل أن يرمي وجد صيداً من الطيور أو الظباء أو غيرها فصاده، فهذا جاهل وعليه الجزاء، على المذهب.
مثال المكره: محرم عند سيده، فقال له سيده: انظر الصيد، فقال: أنا محرم، قال: إما أن تفعل، وإما أن أفعل بك كذا، فأكرهه فصاد، فعليه الجزاء على المذهب.
والصحيح في هذه المسائل كلها أنه لا جزاء عليه.
قوله: «وتقليم» ، أي أن تقليم الأظفار لا يسقط بنسيان، وكذلك لا بجهل، ولا بإكراه[(5)]؛ والعلة أن فيه إتلافاً.
فيقال: ألستم تقولون: إن تقليم الأظفار حرام على المحرم؛ لأنه من باب الترفه، والطيب واللباس ترفه، ومع ذلك لا تعذرونه بالجهل والنسيان والإكراه في التقليم، وتعذرونه بذلك في اللباس والطيب، مع أن الترفه بالطيب أقوى ترفهاً وقد سقطت فديته بالنسيان، فهذا من باب أولى.
قالوا: هناك فرق، والفرق أن تقليم الأظفار فيه إتلاف.
فيقال لهم: وهل هذا إتلاف مطلوب؛ أو محظور في غير الإحرام؟
الجواب: هو مطلوب، إذن لا قيمة له شرعاً، ولا عرفاً، ولا أحد يجمع أظفاره ليبيعها، بل تقليمها إتلاف مشروع لولا الإحرام.

وَحِلاقٍ................
قوله: «وحلاق» ، يعني أن فدية الحلق لا تسقط بالنسيان وكذلك الجهل والإكراه؛ والعلة في ذلك هو أنه إتلاف، ولكن نقول: إنه إتلاف ما لا قيمة له شرعاً ولا عرفاً.
فتبين بهذا ضعف هذا القول، أعني القول بأن فدية الحلق وتقليم الأظفار وقتل الصيد لا تسقط بالنسيان والجهل والإكراه، لأن أعظم الإتلافات إتلاف الصيد، ومع ذلك قيد الله ـ سبحانه وتعالى ـ وجوب الجزاء فيه بالتعمد.
والراجح أن فاعل المحظورات كلها لا يخلو من ثلاثة أقسام، والمراد هنا المحظورات التي فيها فدية، وأما التي ليس فيها فدية كعقد النكاح، فهذا لا يدخل في هذا التقسيم:
الأول: أن يفعلها بلا عذر شرعي ولا حاجة، فهذا آثم، ويلزمه ما يترتب على المحظور الذي فعله على حسب ما سبق بيانه.
الثاني: أن يفعله لحاجة متعمداً، فعليه ما يترتب على فعل ذلك المحظور، ولكن لا إثم عليه للحاجة، ومنه حلق شعر الرأس لدفع الأذى كما نص الله عليه في القرآن، فقال ـ تعالى ـ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] .
ومثله أيضاً لو احتاج المحرم إلى لبس المخيط، لبرد شديد فيلبس الفانيلة أو القميص، وعليه الفدية، وهذا نادر لكن ربما يوجد.
ومن الحاجة، حاجة الجنود إلى اللباس الرسمي فهي حاجة تتعلق بها مصالح الحجيج جميعاً؛ إذ لو عمل الجندي بدون اللباس الرسمي لما أطاعه الناس، وصار في الأمر فوضى، ولكن إذا كان عليه لباسه الرسمي صار له هيبة.
ولكن هل عليه الفدية أو لا؟ أي: أن جواز اللباس، ليس عندنا فيه ـ إن شاء الله ـ إشكال لدعاء الحاجة أو الضرورة إلى ذلك ولكن هل عليه فدية؟
الجواب: قد نقول: لا فدية عليه؛ لأنه يشتغل بمصالح الحجيج، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أسقط المبيت عن الرعاة[(6)] والمبيت بمنى واجب من واجبات الحج وأسقطه عنهم، لمصلحة الحجاج، ورخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحجاج[(7)]، وسقاية الحجاج أدنى حاجة من حفظ الأمن وتنظيم الناس، فيحتمل أن لا تجب عليه الفدية، ولا سيما أن لبس المخيط، ليس فيه نص على وجوب الفدية فيه، فينبني عدم إلزامه بالفدية على أمرين:
الأول: عدم القطع في وجوب الفدية في لبس المخيط.
الثاني: القياس على سقوط الواجب عمن يشتغل بمصلحة الحجاج.
لكن لو قلنا: يفدي احتياطاً لكان أحسن، والفدية سهلة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة.
القسم الثالث: أن يكون معذوراً بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فعلى المذهب التفريق بين المحظورات، فبعضها لا تسقط فديته بالنسيان والجهل والإكراه وهو ما كان إتلافاً، أو بمعنى الإتلاف، وبعضها تسقط وهو ما ليس كذلك وسبق تفصيل ذلك.
والصحيح أن جميعها تسقط، وأن المعذور بجهل أو نسيان أو إكراه لا يترتب على فعله شيء إطلاقاً، لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التقليم، ولا في لبس المخيط، ولا في أي شيء، وذكرنا فيما سبق الدليل من القرآن، والسنة، والنظر.
وهكذا في جميع المحظورات في العبادات، لا يترتب عليها الحكم، إذا كانت مع الجهل أو النسيان، أو الإكراه؛ لعموم النصوص، ولأن الجزاء، أو الفدية، أو الكفارة إنما شرعت لفداء النفس من المخالفة أو للتكفير عن الذنب، والجاهل أو الناسي أو المكره لم يتعمد المخالفة، ولهذا لو كان ذاكراً أو عالماً أو مختاراً لم يفعل.
فالشرب في رمضان نسياناً ليس فيه قضاء، والدليل حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «من نسي وهو صائم فأكل، أو شرب، فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» [(8)] ، فمن لم يتعمد المخالفة، فليس عاصياً، ولا فدية عليه.
وكذلك عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ : «لما أراد الصيام جعل عقالين أبيض وأسود؛ لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ، وكانوا يأخذون الأحكام من القرآن مباشرة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن وسادك لعريض أن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك)) [(9)] ، فلم يأمره بالإعادة للجهل بالحكم.
وكذلك أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ: «أخبرت أنهم أفطروا في يوم غيم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يأمرهم بالقضاء» [(10)] ، لجهلهم بالحال.
وكذلك في الصلاة، والدليل أن معاوية بن الحكم ـ رضي الله عنه ـ دخل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في الصلاة فعطس رجل، فقال: الحمد لله، قال: يرحمك الله، وهو يصلي، فرماه الناس بأبصارهم، أي ـ نظروا إليه منكرين ـ فقال: واثكل أمياه ـ رضي الله عنه ـ، فزاد الكلام كلاماً آخر، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما سلم دعاه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، قال معاوية: بأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً أحسن تعليماً منه، قال صلّى الله عليه وسلّم: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن)) [(11)]، ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه جاهل.
والنصوص الدالة على هذا الأصل، أعني عدم المؤاخذة مع النسيان والجهل والإكراه كثيرة، وهذا من مقتضى قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54] ، وقوله في الحديث القدسي: ((سبقت رحمتي غضبي)) [(12)].
وأما ترك الواجبات فلا يسقط بالنسيان والجهل والإكراه متى أمكن تداركه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) [(13)]، فلم تسقط عنه بالنسيان، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يسقط الصلاة الحاضرة بالجهل كما في حديث المسيء في صلاته[(14)] أمره بالإعادة مع أنه جاهل، لأنه ترك مأموراً، والمأمورات أمور إيجابية لا بد أن تكون، والمنهيات أمور عدمية لا بد أن لا تكون.
ثم إن المأمورات يمكن تداركها بفعلها، لكن المنهيات مضت، لكن إذا كان في أثناء المنهي فيجب التدارك بقطعه، فإن قال قائل: إن قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} عام في ترك المأمور وفعل المحظور، فالجواب أن الأمر كذلك، فتارك المأمور جاهلاً أو ناسياً غير مؤاخذ بالترك، لكن عدم فعله إياه يقتضي إلزامه به متى زال العذر إبراء لذمته.



[1] أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق (126) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
[2] أخرجه ابن ماجه في الطلاق/ باب طلاق المكره والناسي (2043) عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ، وعن ابن عباس (2045) بلفظ: وضع، وصححه ابن حبان (7219).
[3] وهذا هو المذهب إلا إذا كانت المرأة مكرهة.
[4] وهذا هو المذهب.
[5] وهذا هو المذهب.
[6] سيأتي تخريجه ص(357).
[7] أخرجه البخاري في الحج/ باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى (1634)؛ ومسلم في الحج/ باب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق (1315) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[8] أخرجه البخاري في الصوم/ باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً (1933) ومسلم في الصيام/ باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155).
[9] أخرجه البخاري في التفسير/ باب وكلوا واشربوا... (4509)؛ ومسلم في الصيام/ باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (1090).
[10] أخرجه البخاري في الصوم/ باب إذا أفطر في رمضان... (1959).
[11] أخرجه مسلم في الصلاة/ باب تحريم الكلام في الصلاة (537).
[12] أخرجه البخاري في التوحيد/ باب ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (7453)؛ ومسلم في التوبة/ باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها تغلب غضبه (2751) (15) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[13] أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة/ باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر (597)؛ ومسلم في الصلاة/ باب قضاء الصلاة الفائتة (684) (315) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ واللفظ لمسلم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, يسقط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir