اختلف العلماء في وقوع المجاز في القرآن على قولين:
الأول::طائفة قالت إن في القرآن مجاز,واحتجوا لذلك بأدلة منها:
1-أنه من أساليب اللغة العربية والقرآن نزل بأساليب العرب,وكل ما جاز وقوعه في اللغة جاز وقوعه في القرآن0
2-وروده في كثير من الآيات كقوله تعالى(جدارا يريد أن ينقض)و(ليس كمثله شيء)0
وغير ذلك من الآيات التي تؤكد وروده في القرآن0
الثاني::طائفة نفت وقوع المجاز في القرآن وأنكرته ,ومنهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية,وابن خويز منداد من المالكية,وابن تيمية
وابن القيم,وهو الراجح ,واحتجوا لذلك بأدلة منها:
1-تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز لم يرد في كلام النبي ولاصحابته الكرام ولا التابعين وإنما وضعه أبو عبيدة معمر بن المثنى0
2-العلماء أنفسهم لا يتفقون على وقوعه في اللغة فقد أنكر وقوعه في اللغة الأستاذ الإسفرائيني,وأبو علي الفارسي,فإنكار
وقوعه في القرآن من باب أولى0
3-اتفاق أئمة البلاغة على أن المجاز يجوز نفيه وهذا مجمع عليه بينهم ,والقرآن منزه عن أن يكون فيه ما يجوز نفيه0
4-القول بوقوع المجاز في القرآن هو الذي فتح الباب أمام المبتدعة لإنكار صفات الرب تبارك وتعالى زاعمين أنها من باب المجاز
فالقول بعدم وقوع المجاز في القرآن يغلق الباب تماما على هؤلاء المبتدعة0
5-قول المجوزين لوقوع المجاز في القرآن(إن كل ما جاز وقوعه في اللغة جاز وقوعه في القرآن) مردود بوقوع كثير من
الأساليب البلاغية في اللغة ولا يجوز وقوع مثلها في القرآن مثل:
تجاهل العارف-الاستعارة التخيلية-الرجوع وهو نقض اللاحق للسابق-الإغراق والغلو-إيراد الجد في قالب الهزل
وغيرها من الأساليب البلاغية التي لا تليق بالقرآن الكريم0
6-كل ما يحتج به المجوزون من آيات زاعمين أنها من قبيل المجاز ليست كذلك بل هي آيات جاءت وفق أساليب العرب
فعلى سبيل المثال قوله تعالى (ليس كمثله شيء)ليس فيه مجاز زيادة لأن العرب تستخدم المثل وتعني به الذات,كقولهم
مثلك لا يفعل كذا,أي:لا يليق بك أن تفعله0
وكذلك قوله تعالى(جدارا يريد أن ينقض)ليس فيه مجاز,لأن الله أعلم بمخلوقاته,ولقد ورد في السنة قصة الجذع الذي حنَّ
لرسول الله ,وكذلك الحجر الذي كان يسلم عليه,
وهكذا لو تتبعنا جميع الآيات لوجدناها جارية على أساليب العرب على حقيقتها التي وضعت لها مقيدة بما يوضح معناها0
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب0