دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 11:09 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الفضائل: الباب الرابع: فضائل الصحابة رضي الله عنهم (3)

الفرع الثاني: في فضائلهم على الانفراد، بذكر أسمائهم
القسم الأول: في الرجال، وأولهم:
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه-
6403 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «دخل أبو بكر [الصدّيق] على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبشر، فأنت عتيق الله من النار، قلت: فمن يومئذ سمّي عتيقا». أخرجه الترمذي.

6404 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاني جبريل، فأخذ بيدي، فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمّتي، فقال أبو بكر: يا رسول الله، وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما إنّك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمّتي». أخرجه أبو داود.
6405 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه، ما خلا أبو بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قطّ ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متّخذا خليلا من الناس لاتّخذت أبا بكر خليلا، ألا وإنّ صاحبكم خليل الله». أخرجه الترمذي.
وزاد رزين: «وما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة، إلا أبو بكر، فإنه لم يتلعثم في قوله».

[شرح الغريب]
كبوة: كبا الفرس يكبو: إذا خر لوجهه، والمراد: أن أبا بكر رضي الله عنه لم يتوقف في تصديقه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يجري للعاثر، إنما بادر إلى التصديق.
التلعثم: التردد في القول والفعل والتتعتع فيه. وهو قريب من الكبوة في الاستعارة.
لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا: قد ذكرنا معنى الخلة وأنها من المودة، وقيل: هو من تخللها القلب، أي دخولها فيه، والمقصود من الحديث: أن الخلة تلزم فضل مراعاة للخليل، وقيام بحقه، واشتغال القلب بأمره، فأخبره -صلى الله عليه وسلم- أنه ليس عنده فضل مع خلة الحق للخلق، لاشتغال قلبه بمحبة الله سبحانه،فلا يحتمل ميلا إلى غيره.

6406 - (خ م ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: «خطب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال: إنّ الله عز وجل خيّر عبدا بين الدنيا، وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عنده، قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد خيّر، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخيّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته، لا يبقينّ في المسجد باب إلا سدّ، إلا باب أبي بكر». أخرجه البخاري، ومسلم.
وعند الترمذي: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر، فقال: إنّ عبدا خيّره الله بين أن يؤتيه [من] زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فقال أبو بكر: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمّهاتنا، قال: فعجبنا، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد خيّره الله بين أن يؤتيه [من] زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمّهاتنا، قال: فكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هو المخيّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا به، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر [خليلا]، ولكن أخوّة الإسلام، لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر».
وفي رواية مسلم: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر، فقال: عبد خيّره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا، وبين ما عنده [فاختار ما عنده]: فبكى أبو بكر وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمّهاتنا، قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا، لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر».

[شرح الغريب]
زهرة الدنيا: زينتها ومتاعها، وما هو محبوب إلى النفوس من موجوداتها.
الخوخة: منفذ يكون بين منزلين يجعل عليه باب.

6407 - (ت) [سعيد] بن أبي المعلى - رحمه الله -: عن أبيه: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب يوما، فقال: إنّ رجلا خيّره ربّه بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش، ويأكل في الدنيا ما شاء أن يأكل، وبين لقاء ربّه، فاختار لقاء ربّه، [قال]: فبكى أبو بكر، فقال أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ألا تعجبون من هذا الشيخ إذ ذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رجلا صالحا خيّره الله بين الدنيا ولقاء ربّه؟ فاختار لقاء ربه، قال: فكان أبو بكر أعلمهم بما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو بكر: بل نفديك بآبائنا، وأموالنا، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ما من الناس أحد أمنّ إلينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا، ولكن ودّ وإخاء إيمان - مرتين أو ثلاثا - وإن صاحبكم خليل الله عز وجل».
أخرجه الترمذي، وقال: ومعنى قوله: «أمنّ إلينا». يعني: أمنّ علينا.

6408 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت متخذا من أمّتي خليلا لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي»، وفي رواية: «ولكن أخوة الإسلام أفضل».
وفي أخرى قال: «خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنّه ليس من الناس أحد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متّخذا من الناس خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلّة الإسلام أفضل، سدّوا عني كلّ خوخة في هذا المسجد، غير خوخة أبي بكر».
وفي أخرى: «أمّا الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو كنت متّخذا من هذه الأمة خليلا لاتّخذته، ولكن خلّة الإسلام أفضل - أو قال: خير - فإنه أنزله أبا - أو قال: قضاه أبا - يعني الجدّ». أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
من أمن الناس علي: أي: أسمح بماله وأبذل له، ولم يرد به معنى الامتنان، لأن المنة تفسد الصنيعة، ولا منة لأحد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل له المنة على الأمة قاطبة،والمن في كلام العرب: الاحسان إلى من تستثيبه، ومنه قوله تعالى: ولاتمنن تستكثر (المدثر: 6) أى: لا تعط لتأخذ أكثره مما أعطيت.

6409 - (م ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنّه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا».
زاد بعضهم في أوله: «ألا إني أبرأ إلى [كلّ] خلّ من خلّه».
وفي أخرى: «ولو كنت متّخذا من أهل الأرض خليلا لاتّخذت ابن أبي قحافة خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله عز وجل». أخرجه مسلم.
وأخرج الترمذي الرواية الأولى بالزيادة.

6410 - (م) جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، وإن الله قد اتخذني خليلا، كما اتّخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمّتي خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك». أخرجه مسلم.
6411 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: «أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر بسدّ الأبواب، إلا باب أبي بكر». أخرجه الترمذي.
6412 - (د ت) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: «أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتصدّق، ووافق ذلك مني مالا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقته - قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكلّ ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدا». أخرجه أبو داود، والترمذي.
وزاد فيها رزين: «فأتى أبو بكر بكلّ ما عنده، وقد تخلّل بعباءة».

6413 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: أنّ عمر بن الخطاب قال: «أبو بكر سيّدنا، وخيرنا، وأحبّنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه الترمذي.
6414 - (خ) أبو الدرداء - رضي الله عنه -: قال: «كنت جالسا عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه، حتى أبدى عن ركبته، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أمّا صاحبكم فقد غامر فسلّم، فقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه، ثمّ ندمت فسألته أن يغفر لي، فأبى عليّ، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثمّ إنّ عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فقال: أثمّ أبو بكر؟ قالوا: لا، فأتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فجعل وجه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتمعّر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه، وقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ - مرتين - فما أوذي بعدها».
وفي أخرى قال: «كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر [عمر]، فانصرف عمر مغضبا، فاتّبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم - قال أبو الدرداء - ونحن عنده - فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أمّا صاحبكم هذا فقد غامر، قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلّم، وجلس إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقصّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ إني قلت: يا أيّها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت». أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
غامر: أي: خاصم، وقد جاء في تفسيره في متن الحديث كذلك، والمغامرة: المقابلة، ورجل مغامر: يقتحم المهالك، ولا يبالي الموت.
التمعّر: تغيّر اللون من الغضب.

6415 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمّهم غيره». أخرجه الترمذي.
6416 - (د) عبد الله بن زمعة - رضي الله عنه -: قال: «لما استعزّ بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- - وأنا عنده في نفر من الناس - دعاه بلال إلى الصلاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مروا أبا بكر يصلّي بالناس، قال: فخرجنا، فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبا، فقلت: يا عمر، قم فصلّ للناس، فتقدّم فكبّر، فلما سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صوته - وكان عمر رجلا مجهرا - قال: فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس».
زاد في رواية قال: «لمّا أن سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صوت عمر [قال ابن زمعة]: خرج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى أطلع رأسه من حجرته، ثم قال: لا، لا، لا، ليصلّ بالناس ابن أبي قحافة، يقول ذلك مغضبا» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
استعزّ بالمريض: إذا غلب على نفسه من شدة المرض، وأصله من العزّة، وهي الغلبة والاستيلاء على الشيء. مجهرا: رجل مجهر، أي: صاحب جهر ورفع لصوته، يقال: جهر الرجل صوته وأجهر: إذا عرف بالجهر، فهو جاهر ومجهر.
يأبى الله ذلك والمسلمون: فيه نوع دلالة على خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -؛ لأن هذا القول يعلم منه أن المراد به ليس نفي جواز الصلاة خلف عمر، كيف وهي جائزة خلف غيره من آحاد المسلمين ممن هو دون عمر؟ وإنما أراد به الإمامة التي هي الخلافة والنيابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلذلك قال فيه: «يأبى الله ذلك والمسلمون»، وعلى أنه يجوز أن يكون أراد بهذا القول: أن الله يأبى والمسلمون أن يتقدم في الصلاة أحد على جماعة فيهم أبو بكر، حيث هو أكبرهم قدرا ومنزلة وعلما، فإن التقدّم عليه في مثل الصلاة التي هي أكبر أعمال الإسلام وأشرفها مما يأباه الله والمسلمون، وهذا صريح في الدلالة، والأول مفهوم من اللفظ.
ك

6417 - (س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت الأنصار: منّا أمير، ومنكم أمير، فأتاهم عمر، فقال: ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمر أبا بكر - رضي الله عنه - أن يصلّي بالناس، فأيّكم تطيب نفسه أن يتقدّم أبا بكر؟ فقالوا: نعوذ بالله أن نتقدّم أبا بكر». أخرجه النسائي.
6418 - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: «مرض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فاشتدّ مرضه، فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، قالت عائشة: يا رسول الله، إنّه رجل رقيق، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلّي بالناس، فقال: مري أبا بكر فليصلّ بالناس، فعادت، فقال: مري أبا بكر فليصلّ بالناس، فإنكنّ صواحب يوسف، فأتاه الرسول، فصلّى بالناس في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه البخاري، ومسلم.
[شرح الغريب]
رقيق: رجل رقيق،أي: هين لين.
صواحب يوسف: الصواحب: جمع صاحبة، وهي المرأة،ويوسف هو يوسف النبي -صلى الله عليه وسلم- وصواحبه: امرأة العزيز، والنساء اللاتي قطعن أيديهن، أراد: إنكن تحسن للرجل ما لا يجوز، وتغلبن على رأيه.

6419 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «لما اشتدّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعه، قيل له في الصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، قالت عائشة: إنّ أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء، قال: مروه فليصلّ، فعاودته، فقال: مروه فليصلّ، فإنكنّ صواحب يوسف». أخرجه البخاري.
6420 - (خ م ط ت س) عائشة - رضي الله عنها -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في مرضه: «مروا أبا بكر يصلّي بالناس، قالت عائشة: قلت: إنّ أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصلّ، فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي [له]: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصلّ بالناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنكنّ لأنتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا».
وفي رواية قال: «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يصلّي بالناس في مرضه، فكان يصلّي بهم، قال عروة: فوجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نفسه خفّة، فخرج، فإذا أبو بكر يؤمّ الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن كما أنت، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذاء أبي بكر إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلّي بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس يصلّون بصلاة أبي بكر».
وفي رواية: قال الأسود بن يزيد: «كنّا عند عائشة، فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، فقالت: لما مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأذّن، فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقيل: إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلّي بالناس، وأعاد، فأعادوا، وأعاد الثالثة، فقال: إنّكنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ للناس، فخرج أبو بكر يصلّي، فوجد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من نفسه خفّة، فخرج يهادى بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطّان من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخّر، فأومأ إليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أن مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه، فقيل للأعمش: فكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصلّي، وأبو بكر يصلّي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم». قال البخاري: وزاد معاوية: «جلس عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر قائما».
وفي رواية للبخاري، وفيه: «جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر يصلّي بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنّ أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر؟ فقال: مروا أبا بكر يصلّي بالناس... ثم ذكر قولها لحفصة،وقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إنّكنّ لأنتنّ صواحب يوسف،وأنه عليه السلام وجد خفّة فخرج... ثم ذكر إلى قوله: حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي قائما، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي قاعدا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والناس بصلاة أبي بكر».
وفي أخرى نحوه، وفيه: «إنّ أبا بكر رجل أسيف، إن يقم مقامك يبك، ولا يقدر على القراءة»، ولم يذكر قولها لحفصة. وفي آخره: «فتأخّر أبو بكر، وقعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى جنبه، وأبو بكر يسمع الناس التكبير».
وفي أخرى لهما: أن عائشة قالت: «لقد راجعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحبّ الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا، وأني كنت أرى أنه لن يقوم مقامه أحد إلا تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أبي بكر».
وفي أخرى لهما قالت: «لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيتي، قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنّ أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه، فلو أمرت غير أبي بكر؟ قالت: والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأوّل من يقوم في مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: فراجعته مرتين أو ثلاثا، فقال: ليصلّ بالناس أبو بكر، فإنكنّ صواحب يوسف».
هذه روايات البخاري، ومسلم، وسيجيء لهما روايات في مرض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وموته في «كتاب الموت» من حرف الميم.
وأخرج الموطأ الرواية الأولى، وأخرج الرواية الثانية عن عروة مرسلا، وأخرج الترمذي الرواية الأولى، وأخرج النسائي الأولى.
وله في أخرى قالت: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا بكر يصلّي بالناس، قالت: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين يدي أبي بكر قاعدا، وأبو بكر يصلّي بالناس، والناس خلف أبي بكر».
وفي أخرى له قالت: «إنّ أبا بكر صلّى للناس ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصف».
وأخرج أيضا هاتين الروايتين حديثا واحدا، وقال فيه: «إنّ أبا بكر رجل أسيف، إذا قام في مقامك لم يسمع - وقال في آخره: فقام عن يسار أبي بكر جالسا، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلّي بالناس جالسا، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر».

[شرح الغريب]
أسيف: رجل أسيف: شديد الحزن والبكاء من الأسف: الحزن.
يهادى بين اثنين: يقال: جاء فلان يهادى بين اثنين: إذا كان يمشى بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله.

6421 - ([خ م] س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أنّ أبا بكر كان يصلّي لهم في وجع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الذي توفّي فيه، حتى إذا كان يوم الإثنين - وهم صفوف في الصلاة - كشف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف،ثم تبسّم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-،فنكص أبو بكر على عقبه، ليصل الصّفّ، وظنّ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أن أتمّوا صلاتكم، وأرخى السّتر فتوفّي من يومه». [أخرجه البخاري، ومسلم].
وفي أخرى قال: «لم يخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا، وأبو بكر يصلّي بالناس، فأقيمت الصلاة، فذهب أبو بكر يتقدّم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحجاب، فرفعه، فلما وضح وجه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين وضح لنا، فأومأ بيده إلى أبي بكر أن يتقدّم، وأرخى الحجاب، فلم نقدر عليه حتى مات».
وفي أخرى: «أنّ المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين، وأبو بكر يصلّي بهم، لم يفجأهم إلا [و] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة، ثم تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصفّ، وظنّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصلاة، قال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فرحا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليهم بيده: أن أتمّوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة، وأرخى السّتر».
وفي أخرى قال: «آخر نظرة نظرتها إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كشف السّتارة يوم الاثنين...» وذكر نحوه. والذي قبله أتمّ.
وأخرج النسائي هذه الآخرة، وهذا لفظه: «وقال: آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كشف الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر، فأراد أبو بكر أن يرتدّ، فأشار إليهم: امكثوا، وألقى السّجف، وتوفّي من آخر ذلك اليوم الاثنين».

[شرح الغريب]
نكص على عقبيه، أي: رجع إلى ورائه من حيث جاء.
السجف: الستر والغطاء.

6422 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال أبو بكر: «ألست أحقّ الناس بها؟ ألست أوّل من أسلم؟ ألست صاحب كذا؟ ألست [صاحب] كذا؟» أخرجه الترمذي.
وفي رواية عن أبي نضرة قال: قال أبو بكر - ولم يذكر أبا سعيد - قال الترمذي: وهذا أصح.

6423 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر: أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار». أخرجه الترمذي.
6424 - (خ) عروة بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: «سألت عبد الله بن عمر عن أشدّ ما صنع المشركون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلّي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، ثم قال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربّي الله؟ وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم} [غافر: 38]».
وفي رواية: «بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلفّ ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فجاء أبو بكر فأخذ بمنكبيه، ودفعه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... وذكر الحديث». أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
أشمط: رجل أشمط: قد شاب بعض شعره.
الكتم: نبت يختضب به مخلوطا مع غيره.
قنأ: الأحمر القانئ: هو الشديد الحمرة.

6425 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلّفها بالحنّاء والكتم». أخرجه البخاري.
زاد رزين: «حتى قنأ لونها، وكان أسنّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
s أشمط: رجل أشمط: قد شاب بعض شعره.
الكتم: نبت يختضب به مخلوطا مع غيره.
قنا الأحمر القانىء: هو الشديد الحمرة.

6426 - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «ذكر عنده أبو بكر، فبكى، وقال: وددت أن عملي كلّه مثل عمله يوما واحدا من أيامه، وليلة واحدة من لياليه، أما ليلته، فالليلة التي سار مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الغار فلما انتهيا إليه قال: والله لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه، فوجد في جانبه ثقبا، فشقّ إزاره، وسدّها به، فبقي منها اثنان، فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ادخل، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرّك مخافة أن ينتبه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسقطت دموعه على وجه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما لك يا أبا بكر؟ قال: لدغت، فداك - أبي وأمّي - فتفل عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذهب ما يجده، ثم انتقض عليه، وكان سبب موته، وأما يومه، فلما قبض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب، وقالوا: لا نؤدّي زكاة، فقال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، فقلت: يا خليفة رسول الله، تألّف الناس، وارفق بهم، فقال لي: أجبّار في الجاهلية وخوّار في الإسلام؟ إنّه قد انقطع الوحي، وتمّ الدّين، أينقص وأنا حيّ؟». أخرجه....
[شرح الغريب]
الكسح: الكنس والمكسحة: المكنسة.
الجحر: بضم الجيم: الثقب، وجمع جحرة.
التفل: من أقل ما يكون من البزق.والنفث: أقل منه.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه
6427 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو بكر: أما إنّك إن قلت ذاك، فلقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ?«ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر». أخرجه الترمذي.

6428 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم أعزّ الإسلام بأحب هذين الرّجلين إليك: بأبي جهل [بن هشام]، أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبّهما إليه عمر». أخرجه الترمذي.
6429 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم أعزّ الإسلام بأبي جهل بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، فأصبح، فغدا عمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلم». أخرجه الترمذي.
6430 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «بينما هو يعني - أباه عمر- في الدار خائفا، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي، أبو عمرو وعليه حلّة حبرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك - [بعد أن قالها]: أمنت - فخرج العاص، فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ، قال: لا سبيل إليه، فكبّر الناس».
وفي رواية قال: «لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، فقالوا: صبأ عمر - وأنا غلام فوق ظهر بيتي - فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار، فرأيت الناس تصدّعوا عنه، فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل».
أخرجه البخاري، وأورد الحميديّ الرواية الأولى في «مسند عمر»، والثانية في «مسند ابن عمر»، وكلاهما عن ابن عمر.

[شرح الغريب]
الحبرة: كعنبة: برد يماني، والجمع: حبر وحبرات.
الحلفاء: جمع حليف: وهو الذي يحلف لك وتحلف له على التعاضد والتناصر.
جار: أنا لفلان جار: أي: حام، وفلان في جواري: في حماي وحفظي.

6431 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ الله تعالى جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه»، قال: وقال ابن عمر: «ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه، وقال فيه عمر - أو قال: ابن الخطاب شكّ خارجة - إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر». أخرجه الترمذي.
6432 - (د) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ الله وضع الحق على لسان عمر، يقول فيه». أخرجه أبو داود.
6433 - (ت) عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب». أخرجه الترمذي.
6434 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقد كان فيمن كان قبلكم من الأمم ناس محدّثون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فإنّه عمر».
وفي رواية مثله، ولم يذكر: «من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فإنّه عمر». قال ابن وهب: تفسير «محدّثون»: ملهمون. أخرجه البخاري، ومسلم.
قال الحميديّ: أخرجه أبو مسعود في المتفق بين البخاري، ومسلم، ولم يخرجه مسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإنما أخرجه عن أبي سلمة عن عائشة.

[شرح الغريب]
محدّثون: أراد بقوله: محدثون: أقواما يصيبون إذا ظنوا وحدسوا،فكأنهم قد حدثوه بما قالوا.وقد جاء في الحديث تفسيره: «أنهم ملهمون» والملهم: الذي يلقى في نفسه الشيء، فيخبر به حدسا وظنّا وفراسة، وهو نوع يختص الله به من يشاء من عبادة الذين اصطفى، مثل عمر رضي الله عنه.

6435 - (م ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قد كان يكون في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في أمتي أحد، فعمر بن الخطاب». أخرجه مسلم، والترمذي، وقال ابن عيينة: «محدّثون». أي: مفهّمون.
6436 - (خ) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: «ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر». أخرجه البخاري.
6437 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رأيتني دخلت الجنة، ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لعمر، فأردت أن أدخله، فذكرت غيرتك، فقال عمر: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، أعليك أغار؟». أخرجه مسلم هكذا، وقد تقدّم له وللبخاري مثله بزيادة تتضمّن ذكر بلال، وقد ذكرناه في الفرع الأول من هذا الفصل.
6438 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته، فوّليت مدبرا، فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟».
وفي رواية: «فذكرت غيرة عمر، فولّيت مدبرا.
قال أبو هريرة: فبكى عمر ونحن جميعا في ذلك المجلس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال عمر: بأبي أنت يا رسول الله، أعليك أغار؟». أخرجه البخاري، ومسلم.

6439 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لشابّ من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب». أخرجه الترمذي.
6440 - (خ م ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثّدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض عليّ ابن الخطاب، وعليه قميص يجترّه، قالوا: فما أوّلته يا رسول الله؟ قال: الدّين». أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، والترمذي.
وأخرجه الترمذي أيضا عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولم يسمّه.

6441 - (خ م ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بينا أنا نائم أوتيت بقدح لبن، فشربت منه، حتى إني لأرى الرّيّ يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قال من حوله: فما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
6442 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة، فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم استحالت غربا، فأخذها ابن الخطاب، فلم أر عبقريّا من الناس ينزع نزع عمر، حى ضرب الناس بعطن». أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بينما أنا نائم رأيت أني على حوضي أسقي الناس، فأتاني أبو بكر فأخذ الدّلو من يدي ليريحني، فنزع ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، فأتى ابن الخطاب، فأخذه منه، فلم يزل ينزع حتى تولّى الناس والحوض يتفجّر».
ولمسلم أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رأيت ابن أبي قحافة ينزع...» وذكر نحو الأولى.
وله في أخرى قال: «بينا أنا نائم أريت أني أنزع على حوضي أسقي الناس، فجاءني أبو بكر، فأخذ الدّلو من يدي ليريحني، فنزع دلوين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، فجاء ابن الخطاب، فأخذه منه، فلم أر نزع رجل قطّ أقوى حتى تولى الناس والحوض ملآن يتفجر».

[شرح الغريب]
القليب: البئر إذا لم تكن مطوية.
نزعت الدلو من البئر: إذا جذبتها واستقيت الماء بها.
الذنوب: بفتح الذال: الدلو العظيمة.
الغرب: الدلو العظيمة.
العبقري: الرجل القوي الشديد، وفلان عبقري القوم، أي سيدهم وكبيرهم.
العطن: الموضع الذي تناخ فيه الإبل إذا رويت، يقال: عطنت الإبل، فهي عاطنة،وعواطن: إذا شربت فبركت عند الحوض لتعاد إلى الشرب مرة أخرى، وأعطنتها أنا، والمراد بقوله: حتى ضرب الناس بعطن، حتى رووا وأرووا إبلهم، فأبركوها وضربوا لها عطنا.

6443 - (خ م ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أريت كأني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا، والله يغفر له، ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت غربا، فلم أر عبقريّا من الناس، يفري فريه، حتى روي الناس، وضربوا بعطن».
وفي رواية عن رؤيا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أبي بكر وعمر قال: «رأيت الناس اجتمعوا، فقام أبو بكر، فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف...» ثم ذكر نحوه.
وفي أخرى: «رأيت الناس مجتمعين في صعيد، فقام أبو بكر...» وذكره.أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، وللبخاري نحو الأولى.

[شرح الغريب]
يفري فريه: أي: يعمل عمله، وفرى يفري: إذا قطع.تقول العرب: فلان يفري الفري: إذا عمل العمل وأجاده، تعظيما لإحسانه وهذا الحديث أريه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثلا لأيام خلافتهما، وأن أبا بكر رضي الله عنه قصرت مدة خلافته، ولم يفرغ من قتال أهل الردة، لافتتاح الأمصار، وأن عمر رضي الله عنه طالت مدته حتى تيسرت له الفتوح، وأفاء الله عليه الغنائم، وكنوز الأكاسرة.

6444 - (د ت) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العمرة، فأذن لي، وقال لي: لا تنسنا يا أخيّ من دعائك - أو قال: أشركنا يا أخيّ في دعائك- قال عمر: فقال كلمة ما يسرّني أنّ لي بهذا الدنيا». أخرجه أبو داود.
وعند الترمذي: «أنه استأذن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في العمرة، فقال: أي أخي، أشركنا في دعائك ولا تنسنا»، لم يزد.

6445 - (ت) بريدة - رضي الله عنه -: قال: «خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جويرية سوداء، فقالت: إني كنت نذرت إن ردّك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدّفّ وأتغنّى، فقال لها: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فقالت: نذرت، وجعلت تضرب.
زاد رزين: وتقول:
طلع البدر علينا من ثنيّات الوداع
وجب الشّكر علينا ما دعا لله داع
ثم اتفقا - فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدّفّ تحت استها وقعدت عليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدّفّ وجلست عليه». أخرجه الترمذي.

6446 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسا، فسمعنا لغطا وصوت صبيان، فقام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإذا حبشيّة تزفن، والصبيان حولها، فقال: يا عائشة، تعالي فانظري، فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: أما شبعت؟ أما شبعت؟ قالت: فجعلت أقول: لا، لأنظر منزلتي عنده، إذ طلع عمر، قالت: فارفضّ الناس عنها، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من عمر، قالت: فرجعت». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
اللغط: الأصوات المختلفة والضجة.
الزفن: الرقص، ورجل زفان: رقاص.
ارفض القوم: أي تفرقوا فظ رجل فظ: سيئ الخلق، وفلان أفظ من فلان: أي أسوأ خلقا.

6447 - (خ م) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: «استأذن عمر على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعنده نسوة من قريش يكلّمنه - وفي رواية: يسألنه، ويستكثرنه - عالية أصواتهنّ على صوته، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فدخل عمر والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنّك، بأبي وأمّي - قال الحميديّ: زاد البرقاني: ما أضحكك؟ ثم اتفقا - قال: عجبت من هؤلاء اللاتي كنّ عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، قال عمر: فأنت يا رسول الله لأحق أن يهبن، ثم قال عمر: أي عدوّات أنفسهنّ، أتهبنني، ولا تهبن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟ قلن: نعم، أنت أفظّ وأغلظ من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكا فجّا إلا سلك فجّا غير فجّك». أخرجه البخاري ومسلم بغير زيادة البرقاني.
6448 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «إنّ عمر بن الخطاب جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعنده نسوة قد رفعن أصواتهنّ على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلما استأذن عمر ابتدرن الحجاب... ثم ذكر نحو حديث قبله، وفيه: - فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - يعني فدخل - ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عجبت من هؤلاء اللاتي كنّ عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال عمر: فأنت يا رسول الله أحق أن يهبن، ثم قال عمر: أي عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلن: نعم، أنت أغلظ وأفظّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قطّ سالكا فجّا إلا سلك فجّا غير فجّك». أخرجه مسلم.
6449 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن عمر قال: «وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت: {واتّخذوا من مّقام إبراهيم مصلّى} [البقرة: 125] وقلت: يا رسول الله: يدخل على نسائك البرّ والفاجر، فلو أمرتهنّ أن يحتجبن؟ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغيرة، فقلت: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجا خيرا منكنّ} [الطلاق: 5] فنزلت كذلك».
وفي رواية لابن عمر قال: قال عمر: «وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر».
وفي أخرى مثل الأولى، وقال: وقلت: يا رسول الله، لو حجبت نساءك؟ فنزلت آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعض نسائه، فدخلت عليهنّ، فقلت: إن انتهيتنّ، أو ليبدلنّ الله رسوله خيرا منكنّ، حتى أتت إحدى نسائه، فقالت: يا عمر، أما في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يعظ نساءه، حتى تعظهنّ أنت؟ فأنزل الله: {عسى ربّه إن طلّقكنّ....} الآية [الطلاق: 5]. أخرجه البخاري، ومسلم.

6450 - (خ) المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: قال: «لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزّعه: يا أمير المؤمنين، ولا كلّ ذلك، لقد صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأحسنت صحبته، ثم فارقك وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر، فأحسنت صحبته، ثم فارقك وهو عنك راض، ثم صحبت المسلمين، فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون، قال: أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضاه فإنما ذلك منّ منّ [الله] به عليّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه، فإنما ذلك منّ منّ الله به عليّ، وأما ما ذكرت من جزعي، فهو من أجلك، ومن أجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه». أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
جزعت الرجل: أي نسبته إلى الجزع، ويجوز أن يكون: أذهبت عنه الجزع بما تسليه.
طلاع الأرض: ملؤها كأنه قد ملأها حتى تطلع وتسيل.

6451 - (خ م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «إنّي لواقف في قوم يدعون الله لعمر، وقد وضع عمر على سريره، فتكنّفه الناس يدعون ويصلّون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ بمنكبي - وفي رواية: إذا رجل خلفي قد وضع مرفقه على منكبي - فإذا عليّ، فترّحم على عمر، وقال: ما خلّفت أحدا أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله، إن كنت لأظنّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، لأني كنت كثيرا أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، [وخرجت أنا وأبو بكر وعمر]، فإن كنت لأرجو- أو لأظنّ - أن يجعلك الله معهما». أخرجه البخاري، ومسلم.
[شرح الغريب]
فتكنفه، تكنفت فلانا: إذا أحطت به وصرت حوله.
لم يرعني إلا وفلان قائم: أي لم أشعر، وإن لم يكن من لفظه،والروع: الفزع، فكأنه فاجأه بغتة من غير موعد ولا معرفة، فراعه ذلك وأفزعه.

6452 - (خ) أسلم - مولى عمر - رحمه الله -: قال: «سألني ابن عمر عن بعض شأنه؟ - يعني: عمر - فأخبرته، فقال: ما رأيت [أحدا] قطّ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حين قبض كان أجدّ وأجود، حتى انتهى: من عمر». أخرجه البخاري.
6453 - (ط) يحيى بن سعيد: «أنّ عمر - رضي الله عنه - كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير، يحمل الرجل إلى الشام على بعير والرجلين إلى العراق على بعير فجاء رجل من أهل العراق، فقال: احملني وسحيما، فقال له عمر: أنشدك الله، أسحيم زقّ؟ قال: نعم». أخرجه الموطأ.
6454 - (خ) عبد الله بن هشام - رضي الله عنه -: قال: «كنّا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب»، لم يزد على هذا القدر.أخرجه البخاري هكذا طرفا، وأخرجه بطوله، وقد ذكر في «كتاب فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم-».
وهذه أحاديث جاءت مشتركة بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
6455 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: [قال]: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينما راع في غنمه، عدا الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبها حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب، فقال [له]: من لها يوم السّبع يوم ليس لها راع غيري؟ فقال الناس: سبحان الله ! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإني أومن به، وأبو بكر وعمر، وما ثمّ أبو بكر وعمر». كذا عند البخاري.
وعند مسلم: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، التفتت إليه [البقرة]، فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث، فقال الناس: سبحان الله! تعجّبا وفزعا أبقرة تكلّم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإني أومن به، وأبو بكر وعمر».
قال أبو هريرة: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بينما راع في غنمه، عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي، حتى استنقذها منه...». وذكر الحديث بنحو ما تقدّم، وليس فيه عنده: «وما ثمّ أبو بكر وعمر».
وفي رواية لهما قال: صلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، ثم أقبل على الناس، فقال: بينا رجل يسوق بقرة، إذ ركبها فضربها، فقالت: إنّا لم نخلق لهذا، إنّا خلقنا للحرث، فقال الناس: سبحان الله ! بقرة تكلّم؟ فقال: إني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر، وما هما ثمّ، ثمّ ذكر باقي الحديث في الشاة والذئب بنحو ما تقدّم إلى قوله: «فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر، وهما ثمّ». لفظ الحديث للبخاري.
وفي أخرى لهما في قصة الشاة والبقرة بمثل الرواية التي قبلها.
وأخرج الترمذي الرواية الأولى والثالثة، وقال في أولهما: «بينما رجل راكب بقرة، إذ قالت: لم أخلق لهذا... الحديث».

[شرح الغريب]
عدا عليه: اعتدى وتجاوز في ظلمه.
يوم السّبّع: قال ابن الأعرابي: السبع، بسكون الباء: الموضع الذي يحبس الناس فيه يوم القيامة، أراد: من لها يوم القيامة؟ وهذا [التأويل] يفسد بقول الذئب: «يوم لا راعي لها غيري» والذئب لا يكون لها راعيا يوم القيامة، وقيل: السّبع: الشدة والذعر، يقال: سبعت الأسد: إذا ذعرته، والمعنى: من لها يوم الفزع؟ وقيل: من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملا لا راعي لها، نهبة للذئاب والسباع؟ فجعل السّبع لها راعيا، إذ هو منفرد بها [ويكون حينئذ بضم الباء]، وهذا إنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يهمل الناس فيها أنعامهم، ومواشيهم، فتستمكن منها السباع بلا مانع.

6456 - (د ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم، كما ترون النّجم الطالع في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما». أخرجه أبو داود، والترمذي.
ولفظ أبي داود: «إنّ الرجل من أهل علّيّين ليشرف على أهل الجنّة، فتضيء الجنّة لوجهه، كأنه كوكب درّيّ، قال - وهكذا جاء في الحديث «درّيّ» مرفوع الدال لا يهمز، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما».

[شرح الغريب]
وأنعما: أنعم فلان النظر في الأمر: إذا بالغ في تدبره، والتفكر فيه، وأحسن فلان إليّ وأنعم، أي: أفضل [وزاد] في الإحسان، وكذلك هنا، أي: هما منهم، وزادا في هذا الأمر، وتناهيا فيه إلى غايته.
الكوكب الدري: هو الكبير المضيء، كأنه نسب إلى الدّرّ، تشبيها بها.

6457 - (ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لا أدري ما بقائي فيكم؟ فاقتدوا باللّذين من بعدي: أبي بكر وعمر». أخرجه الترمذي.
وفي رواية: «وأشار إلى أبي بكر وعمر».

6458 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر وعمر: «هذان سيّدا كهول أهل الجنة من الأوّلين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين». أخرجه الترمذي.
مثله، وزاد: قال عليّ: قال لي: «لا تخبرهما يا عليّ». أخرجه الترمذي.

6459 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار، فلا يرفع طرفه أوّلا إلا إلى أبي بكر وعمر، كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويتبسّمان إليه، ويتبسّم إليهما خاصة، وإلى سائر أصحابه عامّة».
أخرجه الترمذي، وفي حديث: «فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر... الحديث». وآخره: «ويتبسّم إليهما».

6460 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج ذات يوم، فدخل المسجد، وأبو بكر وعمر، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وهو آخذ بأيديهما، وقال: هكذا نبعث يوم القيامة». أخرجه الترمذي.
6461 - (ت) عبد الله بن حنطب - رضي الله عنه - قال: «رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وعمر، فقال: هذان السمع والبصر». أخرجه الترمذي.
6462 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من نبي إلا له وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء، فجبريل، وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض، فأبو بكر وعمر». أخرجه الترمذي.
6463 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يطّلع عليكم رجل من أهل الجنة، فاطّلع أبو بكر، ثم قال: يطّلع عليكم رجل من أهل الجنة، فاطّلع عمر». أخرجه الترمذي.
6464 - (خ د) محمد بن الحنفية - رحمه الله -: قال: «قلت لأبي: أيّ الناس خير بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر، قلت: ثمّ من؟ قال: عمر، وخشيت أن أقول: ثم من؟ فيقول: عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين». أخرجه البخاري، وأبو داود.
6465 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنا أول من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة، ثم أبو بكر، ثم عمر، فنأتي البقيع فيحشرون معي، ثم ننتظر أهل مكّة، حتى نحشر بين أهل الحرمين». أخرجه الترمذي.
6466 - عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «بينا رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجري في ليلة ضاحية، إذ قلت: يا رسول الله، هل يكون لأحد من الحسنات عدد نجوم السّماء؟ قال: نعم، عمر، قلت: فأين حسنات أبي بكر؟ قال: إنما جميع حسنات عمر كحسنة واحدة من حسنات أبي بكر». أخرجه....
عثمان بن عفان رضي الله عنه
6467 - (م) سعيد بن العاص - رضي الله عنه -: أن عثمان وعائشة حدّثاه: «أنّ أبا بكر الصّدّيق استأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه، فجلس وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك، قال: فقضيت إليه حاجتي، ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر، كما فزعت لعثمان؟ فقال: إنّ عثمان رجل حييّ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال: أن لا يبلغ إليّ في حاجته». أخرجه مسلم..

[شرح الغريب]
المرط: الكساء من الخزّ والصوف يؤتزر به.
فزعت لمجيء فلان، أي: تأهبت له متحولا من حال إلى حال، يقال: فزع من نومه: إذا استيقظ، فانتقل من حال النوم إلى حال اليقظة.

6468 - (م) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطجعا في بيته، كاشفا عن فخذيه - أو ساقيه - فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدّث، ثمّ استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدّث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسوّى ثيابه، قال محمد - يعني ابن أبي حرملة -: ولا أقول ذلك في يوم واحد، فدخل فتحدّث فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهشّ ولم تباله، ثم دخل عمر، فلم تهشّ له ولم تباله، ثم دخل عثمان، فجلست وسوّيت ثيابك؟فقال: ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة». أخرجه مسلم.
وقد جعل الحميديّ هذا الحديث والذي قبله حديثا واحدا، وقال: ومنهم من أخرج الرواية الأولى في مسند عثمان.

[شرح الغريب]
هشّ لهذا الأمر، واهتش: إذا ضحك له وفرح به.
لم تباله: أي لم تحتشم له وتتأهّب لحضوره.

6469 - (خ ت) عثمان بن عبد الله بن موهب - رحمه الله -: قال: «جاء رجل من أهل مصر يريد حجّ البيت، فرأى قوما جلوسا، فقال: من هؤلاء القوم؟ قالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ منهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر، قال: يا ابن عمر، إني سائلك عن شيء، فحدّثني: هل تعلم أن عثمان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم، قال: هل تعلم أنّه تغيّب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم، قال: [هل] تعلم أنه تغيّب عن بيعة الرّضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم، قال: الله أكبر، قال ابن عمر: تعال أبيّن لك، أمّا فراره يوم أحد، فأشهد أنّ الله عفا عنه [وغفر له]، وأما تغيّبه عن بدر، فإنه كان تحته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت مريضة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ لك أجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه، وأما تغيّبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد أعزّ ببطن مكة من عثمان لبعثه، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده اليمنى: هذه يد عثمان، فضرب بها على يده، وقال: هذه لعثمان، ثم قال ابن عمر: اذهب بها الآن معك». أخرجه البخاري، والترمذي.
وزاد الترمذي بعد قوله: «فأشهد أنّ الله عفا عنه»، قال: «وغفر له».
وزاد رزين، وتلا: {إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهم الشّيطان ببعض ما كسبوا، ولقد عفا الله عنهم} [آل عمران: 155].

6470 - (ت) عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنهما -: قال: «جاء عثمان إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار - قال الحسن بن واقع في موضع آخر من كتابي: في كمّه -حين جهّز جيش العسرة، فنثرها في حجره.
قال عبد الرحمن: فرأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقلّبها في حجره، ويقول: ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم - مرتين». أخرجه الترمذي.

6471 - (ت) عبد الرحمن بن خباب - رضي الله عنه -: قال: «شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يحثّ على تجهيز جيش العسرة، فقام عثمان بن عفان، فقال: يا رسول الله، عليّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضّ على الجيش، فقام عثمان فقال: يا رسول الله، عليّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضّ على الجيش، فقام عثمان بن عفان، فقال: عليّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فأنا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل عن المنبر، وهو يقول: ما على عثمان ما فعل بعد هذه، ما على عثمان ما عمل بعد هذه؟». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الأحلاس: الأكسية التي تكون على ظهور الإبل تحت الرحال والأقتاب، واحدها: حلس.

6472 - (ت) طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لكلّ نبي رفيق، ورفيقي يعني في الجنة عثمان». أخرجه الترمذي.
6473 - (س) الأحنف بن قيس - رضي الله عنه -: قال: «خرجنا حجّاجا، فقدمنا المدينة ونحن نريد الحجّ، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت، فقال: إنّ الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا، فانطلقنا، فإذا الناس مجتمعون على بئر في المسجد، فإذا عليّ والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص؛ فإنّا لكذلك إذ جاء عثمان وعليه ملاءة صفراء، قد قنّع بها رأسه، فقال: أهاهنا عليّ؟ [أها هنا طلحة]؟ أها هنا الزبير؟ أهاهنا سعد؟ قالوا: نعم، قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له؟ فابتعته بعشرين ألفا - أو بخمسة وعشرين ألفا - فأتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فقال: اجعله في مسجدنا وأجره لك؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من يبتاع بئر رومة، غفر الله له؟ فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: قد ابتعتها بكذا وكذا، قال: اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك؟ قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر في وجوه القوم، فقال: من يجهّز هؤلاء غفر الله له؟ - يعني جيش العسرة - فجهزتهم، حتى لم يفقدوا عقالا، ولا خطاما؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
المربد: موقف الإبل.
الملاءة: الإزار برتدي به، ويتشح به.
أنشدكم: أي أسألكم وأقسم عليكم.

6474 - (ت س) ثمامة بن حزن القشيري - رحمه الله -: قال: «شهدت يوم الدار، حين أشرف عليهم عثمان، فقال: ائتوني بصاحبيكم اللّذين ألّبا[كم] عليّ، فجيء بهما كأنهما جملان - أو كأنهما حماران - [قال: فأشرف عليهم عثمان]، فقال: أنشدكم بالله والإسلام - زاد رزين: ولا أنشد إلا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -: هل تعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة وليس ماء يستعذب إلا بئر رومة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من يشتريها ويجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من [صلب] مالي، وأنا اليوم أمنع أن أشرب منها حتى أشرب من ماء الملح؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنشدكم بالله والإسلام: هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من يشتري بقعة آل فلان، فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتريتها من صلب مالي، وأنا اليوم أمنع أن أصلّي فيه ركعتين؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنشدكم [بالله والإسلام]، هل تعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من جهّز جيش العسرة وجبت له الجنة، وجهزته؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنشدكم بالله [والإسلام]، هل تعلمون أني كنت على ثبير مكة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فتحرّك الجبل، حتى تساقطت حجارته بالحضيض، فركضه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجله، وقال: اسكن ثبير، فإنما عليك نبيّ وصدّيق وشهيدان؟ فقالوا: اللهم نعم، فقال: الله أكبر، شهدوا لي بالجنة وربّ الكعبة - ثلاثا».
وفي رواية: «شهدوا لي وربّ الكعبة أني شهيد - ثلاثا».
أخرجه الترمذي، والنسائي، ولم يذكر النسائي قوله: «ائتوني بصاحبيكم... إلى قوله: كأنهما حماران».

[شرح الغريب]
ألبت عليه الناس، أي: جمعتهم عليه، وحملتهم على قصده، وصار القوم على فلان ألباً واحداً، أي: اجتمعوا عليه يقصدونه.
ماء ملح أي: شديد الملوحة، ويقال أيضاً: ماء مالح، والأول أفصح.

6475 - (ت خ س) أبو عبد الرحمن السلمي: قال: «لمّا حصر عثمان - رضي الله عنه- أشرف عليهم فوق داره، ثم قال: أذكّركم بالله، هل تعلمون [أن] حراء حين انتفض قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اثبت حراء، فليس عليك إلا نبيّ أو صدّيق أو شهيد؟ قالوا: نعم، قال: أذكّركم بالله، هل تعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في جيش العسرة: من ينفق نفقة متقبّلة - والناس مجهدون معسرون - فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم، ثم قال: أذكّركم بالله، هل تعلمون أن رومة، لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن، فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا: اللهم نعم، وأشياء عدّها». هذه رواية الترمذي.
وفي رواية البخاري: «أن عثمان حين حوصر أشرف عليهم، فقال: أنشدكم بالله - ولا أنشد إلا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ألستم تعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من جهّز جيش العسرة فله الجنة، فجهّزتهم؟ ألستم تعلمون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من حفر بئر رومة فله الجنة، فحفرتها؟ قال: وصدّقوه بما قال».
وفي رواية النسائي قال: «لما حصر عثمان في داره اجتمع الناس حول داره، [قال: ] فأشرف عليهم...» وساق الحديث. هكذا قال النسائي ولم يذكر لفظه.

[شرح الغريب]
جهد الرجل، فهو مجهود: إذا وجد مشقة، وهو من الجهد، وجهد الناس: إذا قحطوا فهم مجهودون، فأما أجهد فهو مجهد،فإنما يكون على تقدير أنه وقع في الجهد، وهو المشقة، وكذلك مجهد - بالكسر - أي: إنه ذو جهد ومشقة، أو هو من أجهد دابته: إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها، ورجل مجهد ومجهد: إذا كان ذا دابة ضعيفة، فاستعاره للحال في قلة المال ونحوه.
وابن السبيل: السبيل: الطرق، وابن السبيل: هو المسافر، كأنه للزومة السرفر، والطريق نسب إليها.

6476 - (س) أبو سلمة بن عبد الرحمن «أنّ عثمان أشرف عليهم حين حصروه، فقال: أنشد بالله رجلا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يوم الجبل، حين اهتزّ فركله برجله، فقال: اسكن، فإنّه ليس عليك إلا نبيّ أو صديق أو شهيدان، وأنا معه؟ فأنشد معه رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلا شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم بيعة الرضوان يقول: هذه يد الله، وهذه يد عثمان، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلا سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم جيش العسرة يقول: من ينفق نفقة متقبّلة، فجهزت نصف الجيش من مالي؟ فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلا سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من يزيد في هذا المسجد ببيت في الجنة؟ فاشتريته من مالي، فانتشد له رجال، ثم قال: أنشد بالله رجلا شهد رومة تباع، فاشتريتها من مالي فأبحتها لابن السبيل، فانتشد له رجال». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
ركله برجله: رفسه وركضه.
نشده: إذا سأله وأقسم عليه.
نتشد له: أجاب كأنه رفع نشيده، أي: أزاله، وهذه الألف تسمى ألف الإزالة، تقول: قسط الرجل: إذا جار، وأقسط: إذا عدل كأنه أزال جوره.

6477 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «لمّا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببيعة الرضوان، كان عثمان بن عفان رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل مكة، قال: فبايع الناس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم». أخرجه الترمذي.
6478 - (ت) أبو الأشعث الصنعاني - رحمه الله -: «أنّ خطباء قامت بالشام، وفيهم رجال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقام آخرهم رجل يقال له: مرّة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت، وذكر الفتن فقرّبها، فمر رجل مقنّع في ثوب، فقال: هذا يومئذ على الهدى، فقمت إليه، فإذا هو عثمان ابن عفّان، فأقبلت عليه بوجهه، فقلت: هذا؟ قال: نعم». أخرجه الترمذي.
6479 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: «أتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بجنازة رجل ليصلّي عليها، فلم يصلّ عليه، فقيل: يا رسول الله، ما رأيناك تركت الصلاة على أحد قبل هذا؟ قال: إنّه كان يبغض عثمان، فأبغضه الله». أخرجه الترمذي.
6480 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يا عثمان، لعلّ الله يقمّصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه حتى يخلعوه». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
قمصته هذا الأمر: أي فوضته إليه، وجعلته في عهدته،وألبسته إياه مثل القميص،وأراد به الخلافة.

6481 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر فتنة، فقال: «يقتل هذا فيها - مظلوما - يعني: عثمان». أخرجه الترمذي.
6482 - (ت) أبو سهلة - رحمه الله -: قال: سمعت عثمان - رضي الله عنه- يقول يوم الدّار: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليّ عهدا، فأنا ممتثل له، وصابر عليه إن شاء الله، فصبر حتى قتل رحمه الله شهيدا».
أخرجه الترمذي، وهذا لفظه، قال: قال لي عثمان يوم الدار: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد إليّ عهدا، فأنا صابر عليه» لم يزد.

6483 - (خ م) عبيد الله بن عدي بن الخيار: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن ابن الأسود قالا له: «ما يمنعك أن تكلّم أمير المؤمنين عثمان في شأن أخيه الوليد بن عقبة، فقد أكثر الناس فيه، فقصدت لعثمان حين خرج إلى الصلاة، وقلت: إن لي إليك حاجة وهي نصيحة [لك]، قال: يا أيها المرء، أعوذ بالله منك، فانصرفت، [فرجعت إليهما]، إذ جاء رسول عثمان، فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله عز وجل بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ورسوله، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأيت هديه، وقد أكثر الناس في شأن الوليد، قال: أدركت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: قلت: لا، ولكن خلص إليّ من عمله ما يخلص إلى العذراء في سترها. قال: فقال: أمّا بعد، فإنّ الله تبارك وتعالى بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- [بالحق]، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بعث به، ثم هاجرت الهجرتين كما قلت، وصحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبايعته، فوالله ما عصيته، ولا غششته حتى توفاه الله عز وجل، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، ثم استخلفت، أفليس لي من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى، قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أمّا ما ذكرت من شأن الوليد، فسنأخذ فيه بالحق، إن شاء الله، ثم دعا عليّا، فأمره أن يجلده، فجلده ثمانين». أخرجه البخاري.
قال الحميديّ: وفي أفراد مسلم من مسند عليّ: «أن الوليد لما جلد أربعين قال عليّ: أمسك، جلد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلّ سنّة، وهذا أحبّ إليّ».

[شرح الغريب]
الهجرة: فراق الرجل وطنه إلى بلد آخر فرارا بدينه من الكفر، والهجرتان: هما: الهجرة الأولى، وهي هجرة المسلمين في صدر الإسلام إلى الحبشة،فرارا من أذى قريش، وهجرة ثانية، وهي هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين قبله ومعه وبعده وإلى المدينة، فكان عثمان رضي الله عنه ممن هاجر الهجرتين.
الهدي: السمت والطريقة والسيرة.
العذراء: البكر المخدرة التي لم تتزوج بعد.

علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
6484 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الإثنين، وصلّى عليّ يوم الثلاثاء». أخرجه الترمذي.

6485 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «أول من صلّى عليّ». أخرجه الترمذي.
6486 - (ت) زيد بن أرقم - رضي الله عنه -: قال: «أوّل من أسلم عليّ. قال عمرو بن مرّة: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فأنكره، وقال: أول من أسلم أبوبكر الصّدّيق». أخرجه الترمذي.
6487 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «لمّا آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، جاءه عليّ تدمع عيناه، فقال له: يا رسول الله آخيت بين أصحابك، ولم تؤاخ بيني وبين أحد، قال: فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول له: أنت أخي في الدنيا والآخرة». أخرجه الترمذي.
6488 - (ت) زيد بن أرقم - أو أبو سريحة حذيفة - شك شعبة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من كنت مولاه، فعليّ مولاه». أخرجه الترمذي.
6489 - (خ م ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلّف عليّ بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبيّ بعدي؟».
وفي رواية مثله، ولم يقل فيه: «غير أنه لا نبيّ بعدي». أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعليّ: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبيّ بعدي».
قال ابن المسيب: أخبرني بهذا عامر بن سعد عن أبيه، فأحببت أن أشافه به سعيدا، فلقيته، فقلت: أنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فوضع إصبعيه على أذنيه، فقال: نعم، وإلا فاستكّتا.
وفي رواية الترمذي مختصرا: أنه قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى».

6490 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعليّ: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبيّ بعدي». أخرجه الترمذي.
6491 - (م ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: «أنّ معاوية بن أبي سفيان أمر سعدا، فقال: ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثا قالهنّ له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلن أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النّعم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول له - وقد خلّفه في بعض مغازيه - فقال له عليّ: يا رسول الله، خلّفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنّه لا نبوّة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، قال: فتطاولنا، فقال: ادعوا لي عليّا، فأتي به أرمد، فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية: {ندع أبناءنا وأبناءكم} [آل عمران: 61] دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي». أخرجه مسلم، والترمذي.
[شرح الغريب]
الرمد: مرض في العين، والرجل أرمد، والعين رمدة.

6492 - (ت) عمران بن حصين - رضي الله عنه -: قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيشا، فاستعمل عليهم عليّ بن أبي طالب، فمضى في السّريّة، فأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: إذا لقينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرناه بما صنع عليّ، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدؤوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسلّموا عليه، ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السريّة، فسلّموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قام أحد الأربعة، فقال: يا رسول الله، ألم تر إلى عليّ بن أبي طالب، صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام إليه الثالث، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ إن عليّا مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي». أخرجه الترمذي.
6493 - (ت) حبشي بن جنادة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «عليّ منّي، وأنا من عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلا أنا أو عليّ». أخرجه الترمذي.
6494 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «كان عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طير، فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء عليّ، فأكل معه». أخرجه الترمذي.
وقال رزين: قال أبو عيسى: في هذا الحديث قصّة، وفي آخرها: «أن أنسا قال لعليّ: استغفر لي، ولك عندي بشارة، ففعل، فأخبره بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».

6495 - (خ م) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: قال: «كان عليّ قد تخلّف عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلّف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فخرج فلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم-، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لأعطينّ الراية - أو ليأخذنّ الراية - غدا رجل يحبه الله ورسوله - أو قال: يحب الله ورسوله - يفتح الله عليه، فإذا نحن بعليّ، وما نرجوه، فقالوا: هذا عليّ، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراية، ففتح الله عليه».أخرجه البخاري، ومسلم.
6496 - (خ م) سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم: أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق في عينه، ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله عز وجل فيهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النّعم». أخرجه البخاري، ومسلم.
[شرح الغريب]
يدوكون: بات القوم يدوكون دوكا: إذا وقعوا في أخلاط ودوران وخاضوا في أمر.
نفذ في الأمر: إذا مضى فيه.
وعلى رسلك: أي: على حالتك وهينتك.

6497 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: «لأعطينّ هذه الراية رجلا يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّ بن أبي طالب، فأعطاه إياها، وقال: امش، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، قال: فسار عليّ شيئا، ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقّها، وحسابهم على الله». أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
تساورت لها: أي: ثرت وانزعجت وتطلعت. والسورة: الثورة والحركة بحدة،يقال: سار الرجل يسور،وهو سوار: إذا ثار وزال عنه السكون الذي كان عليه، هذا أصله، ثم قد يكون عن غضب أو عن شيء يتبعه نفسه، فيريد أن يقف عليه.

6498 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: «إن كنّا لنعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصار - ببغضهم عليّ بن أبي طالب». أخرجه الترمذي.
6499 - (ت) أم سلمة - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحبّ عليّا منافق، ولا يبغضه مؤمن». أخرجه الترمذي.
6500 - (م س) زر بن حبيش: قال: سمعت عليّا - رضي الله عنه - يقول: «والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبيّ الأميّ إليّ: أنه لا يحبّني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق». أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[شرح الغريب]
الحبة، بفتح الحاء: حبة الحنطة والشعير ونحوهما، وبكسرها.البزورات.
وفلقها: شقها للإنبات.
النسمة: كل شيء فيه روح.
وبرأها: خلقها.

6501 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أنا مدينة العلم، وعليّ بابها». أخرجه الترمذي.
6502 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعليّ: «يا عليّ، لا يحلّ لأحد [أن] يجنب في هذا المسجد غيري، وغيرك».
أخرجه الترمذي [وقال]: قال علي بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى هذا الحديث؟ قال: لا يحل لأحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك.

6503 - (س) بريدة - رضي الله عنه -: قال: «خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّها صغيرة، فخطبها عليّ، فزوجها منه». أخرجه النسائي.
6504 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: «كنت إذا سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاني، وإذا سكتّ ابتدأني». أخرجه الترمذي.
6505 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: «دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّا يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمّه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما انتجيته، ولكنّ الله انتجاه». أخرجه الترمذي.
وقال: ومعنى قوله: «ولكن الله انتجاه»، يقول: إنّ الله أمرني أن أنتجي معه.

[شرح الغريب]
ناجاه وانتجاه: أي حادثه وساره.

6506 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بسدّ الأبواب إلا باب عليّ». أخرجه الترمذي.
6507 - (س) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: «كانت لي منزلة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لم تكن لأحد من الخلائق، فكنت [آتيه] كلّ سحر، فأقول: السلام عليك يا نبيّ الله، فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي، وإلا دخلت عليه». أخرجه النسائي.
6508 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ب[براءة] مع أبي بكر، ثم دعاه، فقال: لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلا رجل من أهلي، فدعا عليّا، فأعطاه إياها». أخرجه الترمذي.
6509 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر، وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات، ثم أتبعه عليّا فبينا أبو بكر ببعض الطريق، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القصواء، فقام أبو بكر فزعا يظن أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا عليّ، فدفع إليه كتابا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمر عليّا أن ينادي بهؤلاء الكلمات - زاد رزين: فإنه لا ينبغي لأحد أن يبلّغ عني إلا رجل من أهلي، ثم اتفقا- فانطلقا، [فحجّا]، فقام عليّ أيام التشريق، ينادي: ذمّة الله ورسوله بريئة من كل مشرك، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، ولا يحجّنّ بعد العام مشرك، ولا يطوفنّ بعد اليوم عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، قال: فكان عليّ ينادي بهؤلاء الكلمات، فإذا عيي قام أبو بكر، فنادى بها». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الرغاء: صوت البعير.
القصواء: بالمد: لقب ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،ولم تكن قصواء، فإن القصواء: هي المشقوقة الأذن من النوق.
ذمة الله: الذمة: العهد والأمان.
ساح في الأرض: إذا ذهب منها حيث أراد.

6510 - (ت) أم عطية - رضي الله عنها -: قالت: بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جيشا فيهم عليّ، قالت: فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول [وهو رافع يديه]: «اللهم لا تمتني حتى تريني عليّا». أخرجه الترمذي.
6511 - (خ) أبو إسحاق [السبيعي] - رحمه الله -: قال: «سأل رجل البراء - وأنا أسمع - قال: أشهد عليّ بدرا؟ قال: [و] بارز، وظاهر». أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
المظاهرة: النصرة والإعانة.

6512 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: «كنت شاكيا، فمرّ بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخّرا، فارفعني، وإن كان بلاء فصبّرني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كيف قلت؟ فأعاد عليه [ما] قال، فضربه برجله، وقال: اللهم عافه، أو اشفه - شك شعبة - قال: فما اشتكيت وجعي بعد». أخرجه الترمذي.
6513 - (م) سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال: «استعمل على المدينة رجل من آل مروان، قال: فدعا [سهل بن سعد، فأمره أن يشتم عليّا، قال: فأبى سهل، فقال له: أمّا إذا أبيت فقل]: لعن الله أبا التّراب، فقال سهل: ما كان لعليّ اسم أحبّ إليه من أبي التراب، وإن كان ليفرح إذا دعي بها، فقال له: أخبرنا عن قصّته، لم سمّي أبا التراب؟ قال: جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت فاطمة، فلم يجد عليّا في البيت، فقال: أين ابن عمّك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء، فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقّه، فأصابه تراب، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسحه عنه ويقول: قم أبا التراب، قم أبا التراب». أخرجه مسلم، وقد أخرج هو والبخاري رواية أخرى، وقد ذكرت في «كتاب الأسامي» من حرف الهمزة.
6514 - محمد بن كعب القرظي: قال: «افتخر طلحة بن شيبة بن عبد الدار، وعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، فقال طلحة: أنا صاحب البيت، ومعي مفتاحه - وفي رواية: ومعي مفتاح البيت - ولو أشاء بتّ فيه، وقال عباس: أنا صاحب السّقاية، ولو أشاء بتّ في المسجد، وقال عليّ: ما أدري ما تقولان؟ لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله، والله لا يهدي القوم الظّالمين} [التوبة: 19]».
وفي رواية قال: «افتخر عليّ وعبّاس وشيبة، فقال عباس: أنا أسقي حاجّ بيت الله، وقال شيبة: أنا أعمر مسجد الله، وقال عليّ: أنا هاجرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل [الله] تعالى هذه الآية». أخرجه....

6515 - عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -: قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورهط من قومي، فقلنا: إن قومنا حادّونا لما صدّقنا الله ورسوله، وأقسموا لا يكلّمونا، فأنزل الله تعالى: {إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا} [المائدة: 55] ثم أذّن بلال لصلاة الظهر، فقام الناس يصلّون، فمن بين ساجد وراكع وسائل، إذا سائل يسأل، فأعطاه عليّ خاتمه، وهو راكع، فأخبر السائل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرأ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «{إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا، الّذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزّكاة، وهم راكعون. ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا، فإنّ حزب الله هم الغالبون} [المائدة: 55، 56]». أخرجه....
[شرح الغريب]
المحادة: المخالفة والمنازعة

[فضائل] طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
6516 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله» أخرجه الترمذي.

6517 - (ت) الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: كان على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- درعان يوم أحد، فنهض إلى الصخرة، فلم يستطع، فأقعد طلحة تحته، وصعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى استوى على الصخرة، قال: فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أوجب طلحة» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
أوجب طلحة: أوجب فلان: إذا فعل فعلا تجب له به الجنة، أو النار، والمراد به هاهنا: الجنة.

6518 - (خ) قيس بن أبي حازم - رحمه الله - قال «رأيت يد طلحة التي وقى بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد شلّت» وفي رواية «رأيت يد طلحة شلاّء وقى بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
شلت: الشلل: فساد اليد بمرض أو قطع، ورجل أشل، ويد شلاء، وشلت يده، فهي مشلولة.

6519 - (خ م) أبو عثمان النهدي - رحمه الله -: قال: لم يبق مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في بعض تلك الأيام - التي قاتل فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير طلحة وسعد، عن حديثهما. أخرجه البخاري ومسلم.
6520 - (ت) موسى بن طلحة، وأخوه عيسى عن أبيهما «أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا لأعرابيّ جاهل: سل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمن {قضى نحبه} [الأحزاب: 23] من هو؟ وكانوا لا يجترئون على مسألته، وكانوا يوقّرونه ويهابونه، فسأله الأعرابيّ، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، قال طلحة: ثم طلعت من باب المسجد وعليّ ثياب خضر، فلما رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: أين السائل عمّن قضى نحبه؟ قال الأعرابي: أنا يا رسول الله، فقال: هذا ممن قضى نحبه». أخرجه الترمذي.
وزاد فيها رزين - بعد قوله «على مسألته» - لما نزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101].

[شرح الغريب]
النحب: النذر، وقيل: الموت، وذلك أن طلحة بن عبيد الله ألزم نفسه إذا لقي العدو، أن يصدقه القتال ففعل.
الاجتراء: الإقدام على الأمر، والجسارة عليه.

6521 - (ت) موسى بن طلحة - رحمه الله -: قال: دخلت على معاوية فقال: ألا أبشّرك؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «طلحة ممن قضى نحبه» أخرجه الترمذي.
الزبير بن العوام - رضي الله عنه-
6522 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن لكلّ نبيّ حواريّا، وإن حواريّ الزبير بن العوّام».أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
الحواري: خالصة الإنسان وصفيه المختص به، كأنه أخلص ونقي من كل عيب؛ لأن تحوير الثياب: تبييضها وغسلها، ومنه سمي الحواريون أصحاب المسيح عليه السلام، لأنهم كانوا قصارين، وقيل: الحواري: الناصر، فلما انضم هؤلاء إلى المسيح وتابعوه ونصروه سموا حواريين.

6523 - (خ م ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب: «من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزّبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزّبير: أنا، ثم قال في الثالثة: إنّ لكلّ نبيّ حواريّا، وإن حواريّ الزّبير».
وفي رواية قال: «ندب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس يوم الخندق، فانتدب الزبير ثلاثا...» وذكره.
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

6524 - (خ م ت) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: «كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة مع النساء - يعني نسوة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - في أطم حسّان بن ثابت، فنظرت، فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة، فلما رجع قلت: يا أبت، رأيتك تختلف؟ قال: وهل رأيتني يا بنيّ؟ قلت: نعم، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟ فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه، قال: فداك أبي وأمي» وفي رواية «في أطم حسان، فكان يطأطئ لي مرة فأنظر، وأطأطئ له مرة فينظر...» وذكره. أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج منه الترمذي قال: «جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه يوم قريظة، فقال: بأبي وأمّي».

[شرح الغريب]
الأطم: بناء مرتفع، وجمعه آطام.

6525 - (ت) عروة بن الزبير - رحمه الله - قال: «أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله، صبيحة يوم الجمل، فقال: ما منّي عضو إلا وقد جرح مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى انتهى ذلك مني إلى الفرج» أخرجه الترمذي.
6526 - (خ) عروة بن الزبير - رحمه الله - قال: «أخبرني مروان بن الحكم قال: أصاب عثمان رعاف شديد، سنة الرّعاف، حتى حبسه عن الحج،وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف،قال: نعم، قال: ومن؟ فسكت، فدخل عليه رجل آخر، فقال: استخلف، فقال عثمان: أو قالوه؟ قال: نعم، قال: ومن هو؟ فسكت، قال: فلعلهم قالوا: الزبير؟ قال: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده، إنه لخيرهم ما علمت، وإن كان لأحبّهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه البخاري.
6527 - (خ) عروة بن الزبير - رحمه الله -: قال: «كان في الزبير ثلاث ضربات، إحداهن في عاتقه، إن كنت لأدخل أصابعي فيها، ألعب بها وأنا صغير، قال له أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم اليرموك: ألا تشدّ فنشدّ معك؟ قال: إني إن شددت كذبتم،قالوا: لا نفعل، فحمل عليهم، حتى شقّ صفوفهم فجاوزهم، وما معه أحد، ثم رجع مقبلا، [فأخذوا بلجامه] فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة: وكان معه عبد الله[بن الزبير] يوم اليرموك وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس، ووكّل به رجلا» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
اليرموك: اسم موضع بالشام، ويومه يوم حرب كان بين المسلمين وبين الروم في خلافة عمر -رضي الله عنه -، وكانت الدولة فيه للمسلمين، وأبلى فيه الزبير بلاء حسنا. الشد: في الحرب: الحملة والجولة.

6528 - (خ) عروة بن الزبير - رحمه الله - قال: قال لي عبد الملك بن مروان، حين قتل عبد الله «يا عروة، هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم، قال: فما فيه؟ قلت: [فيه] فلّة فلّها يوم بدر، قال: صدقت. بهنّ فلول من قراع الكتائب.ثم رده على عروة، قال هشام: فأقمناه [بيننا] بثلاثة آلاف، فأخذه بعضنا، وودت أني كنت أخذته، وكان عليّ بعضه» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
فلة: الفلة: الثلمة في السيف.
قراع الكتائب: الكتائب: جمع كتيبة، وهي القطعة من الجيش.
وقراعها: قتالها وكفاحها ومحاربتها.

سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه-
6529 - (خ م ت) سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال: سمعت سعدا يقول: «جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه يوم أحد».
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

6530 - (خ م ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفدّي أحدا غير سعد بن أبي وقاص، سمعته يوم أحد يقول: ارم، فداك أبي وأمّي» وفي رواية «ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك....» الحديث. أخرجه البخاري ومسلم.
وزاد الترمذي في آخره «وقال له: ارم، أيّها الغلام الحزوّر».

[شرح الغريب]
الحزور: الغلام المشتد.

6531 - (خ) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «رأيتني وأنا ثالث الإسلام» وفي رواية «ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت [فيه]، ولقد مكثت سبعة أيام، وإني لثالث الإسلام» أخرجه البخاري.
6532 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كنت جالسا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأقبل سعد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هذا خالي، فليرني امرؤ خاله».أخرجه الترمذي، وقال: كان سعد من بني زهرة، وكانت أمّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من بني زهرة، فلذلك قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «هذا خالي».
6533 - (م ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «أنزلت فيّ أربع آيات من القرآن، قال: حلفت أمّ سعد أن لا تكلّمه أبدا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصّاك بوالديك فأنا أمّك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد فقام ابن لها يقال له: عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} [العنكبوت: 8] {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا} [لقمان: 15] قال: وأصاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته، فأتيت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: نفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله، فقال: ردّه [من] حيث أخذته، فانطلقت حتى [إذا] أردت أن ألقيه في القبض، لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فشدّ لي صوته: ردّه من حيث أخذته، قال: فأنزل الله عزّ وجلّ {يسألونك عن الأنفال} [الأنفال: 1] ومرضت، فأرسلت إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت، قال: فأبى، قلت: فالنصف، قال: فأبى،قلت: فالثلث، قال: فسكت، فكان بعد الثلث جائزا، قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك، ونسقيك خمرا- وذلك قبل أن تحرّم الخمر - قال: فأتيتهم في حشّ - والحشّ: البستان - فإذا رأس جزور مشويّ عندهم، وزقّ من خمر، فأكلت وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به، فجرح أنفي، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فأنزل الله فيّ - يعني نفسه - شأن الخمر {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}» [المائدة: 90].
وفي رواية في قصة أم سعد «فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها بعصا، ثم أوجروها».
وفي آخرها «فضرب به أنف سعد ففزره، فكان أنف سعد مفزورا» أخرجه مسلم.
واختصره الترمذي قال: نزلت فيّ أربع آيات، فذكر قصة، وقالت أم سعد: «أليس قد أمر الله بالبرّ؟ والله لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا حتى أموت، أوتكفر، قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها، فنزلت هذه الآية {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك...} الآية [العنكبوت: 8]».

[شرح الغريب]
نفلني: نفلته كذا، أي: أعطيته نافلة وزيادة على سهمه من الغنيمة.
القبض: بسكون الباء: مصدر قبضت الشيء قبضا: أخذته إليك، فصار في قبضتك، أي: في يدك وتحت تصرفك، وبفتح الباء: الشيء المقبوض، وأراد به: ما يجمع من الغنائم ويحرز، وهو المراد في الحديث.
الجزور: البعير، ذكرا كان أو أنثى، وأصله: البعير ينحر ويقطع لحمه، إلا أن اللفظة مؤنثة.
الميسر: القمار.
الأنصاب: الأصنام أو الحجارة التي كانوا يذبحون عليها لآلهتهم.
والأزلام: القداح، واحدها: زلم،وزلم - بفتح الزاي وضمها -وهي سهام بلا نصول ولا ريش، كانوا يضربون بها في القمار ليعرفوا نصيب كل واحد منهم، وكانوا يضربون بها أيضا عند الشروع في الأمر يعرض لهم من سفر أو زواج أو بيع أو نحو ذلك، يعرفون بها في زعمهم ما هو الأصلح لهم، فإن خرج لهم افعل فعلوا، وإن خرج لا تفعل لم يفعلوا.
رجس: الرجس: النجس.
شجروا فاها: أي: فتحوه كرها.
أوجرت: الدواء في فيه: إذا ألقيته فيه، فشبه إلقاء الطعام في فيها كرها بإلقاء الدواء عن غير اختيار.

6534 - (خ) جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: «شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر بن الخطاب، فعزله، واستعمل عليهم عمارا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلّي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق، إنّ هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلّي، قال: أمّا أنا فوالله إني كنت أصلّي بهم صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،لا أخرم عنها: أصلّي صلاتي العشي، فأركد في الأوليين، وأخفّف في الأخريين، قال: فإن ذاك الظنّ بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلا - أو رجالا - إلى الكوفة، يسأل عنه أهل الكوفة، فلم يدع مسجدا إلا سأل عنه؟ ويثنون [عليه] معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة - يكنى أبا سعدة - فقال: أمّا إذ نشدتنا فإنّ سعدا كان لا يسير بالسّرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله، لأدعونّ بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا، قام رياءا وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرّضه للفتن، فكان بعد ذلك إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد» قال عبد الملك بن عمير - الراوي عن جابر بن سمرة - فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرّض للجواري في الطرق، فيغمزهنّ.
أخرجه البخاري، وقد أخرج هو ومسلم معنى الصلاة، وقد ذكرناه في «كتاب الصلاة» من حرف الصاد.

[شرح الغريب]
لا أخرم عنها: ماخرمت منه شيئا، أي: ما نقصت.
صلاتي العشي: صلاتا العشي هاهنا: هما صلاة الظهر والعصر، فإن العشي: هو من لدن زوال الشمس إلى آخر النهار، وقيل: إلى طلوع الفجر.
الركود: كناية عن السكون والثبات.
لا يسير بالسرية: قوله: لا يسير بالسرية، أي: لا يخرج بنفسه معها في الغزو، ويجوز أن يريد: لا يسير فينا بالقضية السرية، أي: النفيسة. رياء وسمعة: يقال: فعل فلان كذا وكذا رياء وسمعة، أي: ليرى فعله ويسمع عنه ذلك.

6535 - (ت) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم استجب لسعد إذا دعاك».
أخرجه الترمذي، وقال: وقد روي هذا الحديث عن قيس بن سعد: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك.

6536 - (خ م ت) قيس بن أبي حازم - رحمه الله -: قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: «إني لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله، ورأيتنا نغزو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومالنا طعام إلا الحبلة وورق السّمر، وإن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة، ماله خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزّرني على الإسلام، لقد خبت إذا وضلّ عملي.
وكانوا وشوا به إلى عمر، وقالوا: لا يحسن يصلّي».
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، وزاد الترمذي في أوله في رواية أخرى «إني لأول رجل أهراق دما في سبيل الله».

[شرح الغريب]
الحبلة: ثمر العضاه.
والسمر: شجر معروف من شجر البادية وأشجار الشوك.
يضع كما تضع الشاة: أراد أن نجوهم يخرج بعرا، ليبسه وعدم الغذاء المألوف.
ماله خلط: أي: لا يختلط بعضه ببعض، لجفافه ويبسه.
تعزرني: على الإسلام، أي: توقفني وتوبخني على التقصير فيه وقيل: معناه: يعلمونني الفقه.

6537 - (خ م ت) عبد الله بن عامر - رحمه الله -: قال: سمعت عائشة تقول: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهر مقدمه المدينة ليلة، فقال: ليت رجلا من أصحابي يحرسني الليلة، قالت: فبينا نحن كذلك، إذ سمعنا خشخشة سلاح، فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما جاء بك؟ قال: وقع في نفسي خوف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم نام».
وفي رواية نحوه، وفي آخره «فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى سمعت غطيطه»، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

سعيد بن زيد - رضي الله عنه -
6538 - (خ) قيس بن أبي حازم - رحمه الله - قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو في مسجد الكوفة يقول: «والله لقد رأيتني وإنّ عمر لموثقي على الإسلام أنا وأخته قبل أن يسلم عمر، ولو أن أحدا انقضّ - وقيل: ارفضّ - للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقا أن ينقضّ» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
انقض: الانقضاض: الهوي والسقوط.
ارفض: والارفضاض: التفرق.

عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -
6539 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لنسائه: «إن أمركنّ مما يهمّني من بعدي، ولن يصبر عليكنّ إلا الصابرون الصّدّيقون - قالت عائشة: يعني المتصدّقين - ثم قالت عائشة لأبي سلمة بن عبد الرحمن: سقى الله أباك من سلسبيل الجنة، وكان ابن عوف قد تصدّق على أمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعين ألفا» أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
سلسبيل: السلسبيل: اسم عين في الجنة، ويقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل: إذا كان سائغا سلسا في الحلق، وهو صفة لما كان في غاية السلاسة.
الحديقة: البستان عليه حائط أحدق به.

6540 - (ت) أبو سلمة بن عبد الرحمن - رضي الله عنهما -: «أن عبدالرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف».أخرجه الترمذي.
أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -
6541 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لكلّ أمّة أمينا، وإن أميننا أيّتها الأمّة أبو عبيدة بن الجراح» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم «أنّ أهل اليمن قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلّمنا السّنّة والإسلام، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة [بن الجراح]، فقال: هذا أمين هذه الأمة».
وزاد رزين في الأولى «وفيه نزل {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم...} الآية [المجادلة: 22] وكان قتل أباه - وهو من جملة أسارى بدر - بيده، لما سمع منه في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يكره، ونهاه فلم ينته».

6542 - (خ م ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - قال: «جاء أهل نجران إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول الله، ابعث إلينا رجلا أمينا، فقال: لأبعثن إليكم رجلا أمينا حقّ أمين، فاستشرف لها الناس، قال: فبعث أبا عبيدة بن الجراح» أخرجه البخاري ومسلم.
وعند مسلم «حقّ أمين، حقّ أمين - مرتين».
وفي رواية الترمذي قال: «جاء العاقب والسّيّد إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالا: ابعث معنا أمينك، قال فإني سأبعث معكم...» وذكر الحديث.
قال: وكان أبو إسحاق إذا حدّث بهذا الحديث عن صلة [بن زفر وهو الراوي عن حذيفة] قال: سمعته منذ ستين سنة.

[شرح الغريب]
السيد: مقدم القوم وكبيرهم.
والعاقب: هو الذي يخلفه ويكون من بعده.

العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -
6543 - (ت) عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - رضي الله عنه-: أن العباس دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مغضبا، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أغضبك؟ فقال: يا رسول الله، أرى قوما من قريش يتلاقون بينهم بوجوه مسفرة، وإذا لقونا بغير ذلك [قال]: فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرّ وجهه، وقال: والذي نفسي بيده، لا يدخل قلب رجل إيمان حتى يحبّكم لله ورسوله، ثم قال: أيّها الناس، من آذى عمّي فقد آذاني، إنما عمّ الرجل صنو أبيه» أخرجه الترمذي عن عبد المطلب وحده.

[شرح الغريب]
وجه مسفر: أي مستبشر.
الصنو: المثل، يقال لكل نخلتين طلعتا في منبت واحد: هما صنوان.

6544 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر في العباس: «إنّ عمّ الرّجل صنو أبيه، وكان عمر كلّمه في صدقة» أخرجه الترمذي، وهو طرف من حديث طويل يتضمّن ذكر الزكاة، وقد ذكر في «كتاب الزكاة» من حرف الزاي.
6545 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عمّ، إذا كان غداة الاثنين فائتني أنت وولدك، حتى أدعو لكم بدعوة ينفعك الله بها وولدك، قال: فغدا وغدونا معه، فألبسنا كساء، ثم قال: اللهم اغفر للعباس وولده، مغفرة ظاهرة وباطنة، لا تغادر ذنبا، اللهم احفظه في ولده» أخرجه الترمذي.وزاد رزين «واجعل الخلافة باقية في عقبه».
6546 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تخرج من خراسان رايات سود، فلا يردّها شيء حتى تنصب بإيلياء» أخرجه الترمذي.
جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -
6547 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة» أخرجه الترمذي.

6548 - (خ ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة ! وإني كنت ألزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لشبع بطني، حين لا آكل الخمير، ولا ألبس الحرير - وفي رواية: الحبير - ولا يخدمني فلان ولا فلانة، وكنت ألصق بطني بالحصى من الجوع، وإن كنت لأستقريء الرجل الآية وهي معي فيطعمني، وكان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليخرج إلينا بالعكّة التي ليس فيها شيء، فيشقّها فنلعق ما فيها» أخرجه البخاري.
وفي رواية الترمذي قال: «إن كنت لأسأل الرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الآيات من القرآن، أنا أعلم بها منه، ما أسأله إلا ليطعمني شيئا، وكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله، فيقول لامرأته: يا أسماء أطعمينا، فإذا أطعمتنا أجابني، وكان جعفر يحب المساكين، ويجلس إليهم، ويحدّثهم ويحدّثونه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكنيه بأبي المساكين».

[شرح الغريب]
الخمير: الطعام المختمر.
الحبير: الثياب المنقوشة المخططة.
استقرأت: فلانا آية كذا، أي: طلبت إليه أن يقرئنيها ويأخذها علي.
العكة: ظرف السمن.
اللعق: أخذ الطعام بالأصابع ولحسها، وذلك لقلة الشيء.

6549 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنه كان يقول: «ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا ركب الكور - بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - أفضل من جعفر ابن أبي طالب» أخرجه الترمذي.
6550 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا سلّم على عبد الله ابن جعفر قال: «السلام عليك يا ابن ذي الجناحين» أخرجه البخاري.
6551 - (خ م ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجعفر بن أبي طالب: «أشبهت خلقي وخلقي».
أخرجه الترمذي، قال: وفي الحديث قصة، ولم يذكرها، وهذا طرف من حديث طويل قد أخرجه البخاري ومسلم، وهو مذكور في «عمرة القضاء» في «كتاب الغزوات» من حرف الغين.

الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب عليه السلام
6552 - (خ م ت) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسن بن عليّ على عاتقه، يقول: اللهم إني أحبّه فأحبّه» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.وللترمذي أيضا: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أبصر حسنا وحسينا فقال: اللهم إني أحبّهما فأحبّهما».

6553 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حامل الحسن بن عليّ على عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ونعم الراكب هو» أخرجه الترمذي.
6554 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «سئل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أيّ أهل بيتك أحبّ إليك؟ فقال: الحسن والحسين، وكان يقول لفاطمة: ادعي لي ابنيّ، فيشمّهما، ويضمّهما إليه». أخرجه الترمذي.
6555 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في طائفة من النهار، لا يكلّمني، ولا أكلّمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى مخبأ فاطمة، فقال: أثمّ لكع؟ - يعني حسنا - فظننا أنّه إنّما تحبسه أمّه لأن تغسله، أو تلبسه سخابا، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إني أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه».
وفي رواية قال: «كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سوق من أسواق المدينة، فانصرف وانصرفت، فقال: أي لكع، ثلاثا، ادع الحسن بن عليّ، فقام الحسن بن عليّ يمشي في عنقه السّخاب، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيده هكذا فالتزمه، وقال: اللهم إني أحبّه وأحبّ من يحبّه» قال أبو هريرة: فما كان أحد أحبّ إليّ من الحسن بن عليّ بعد ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال. أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
مخبأ: المخبأ: المخدع والبيت.
أثم: أي: أهنالك
لكع: يريد به الصغير، يقال للصغير: لكع، فإن أطلق على الكبير، أريد به الصغير العلم.
السخاب: القلادة.

6556 - (ت) أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: «طرقت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو مشتمل على شيء، لا أدري ما هو؟ فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه، فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
الطروق: إتيان المنزل ليلا.

6557 - (ت) يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حسين منّي، وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسينا، حسين سبط من الأسباط» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
السبط: ولد الولد، وأسباط بني إسرائيل: هم أولاد يعقوب عليه السلام، وهم فيهم كالقبائل في العرب، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حسينا -رضي الله عنه- واحدا من أولاد الأنبياء، يعني أنه من جملة الأسباط الذين هم أولاد يعقوب عليه السلام.

6558 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» أخرجه الترمذي.
6559 - (خ ت) عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي الكوفي - رحمه الله - قال: كنت شاهدا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض؟ فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق، فقال: انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وسمعت النبي الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا !».
وفي رواية شعبة قال: «وأحسبه سأل عن المحرم يقتل الذباب؟ قال: يا أهل العراق، تسألونا عن قتل الذباب، وقد قتلتم ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... وذكر الحديث».
وفي رواية «ما أسألهم عن صغيرة، وأجرأهم على كبيرة !!... وذكر الحديث» وفي آخره «وهما سيدا شباب أهل الجنة».
أخرجه البخاري، وأخرج الترمذي الأولى، وزاد فيها «عن دم البعوض يصيب الثوب».

[شرح الغريب]
البعوض: جمع بعوضة، وهو صغار البق.
الريحان والريحانة: الرزق والراحة، ويسمى الولد ريحانا وريحانة لذلك.

6560 - (س) عبد الله بن شداد - رحمه الله -: عن أبيه قال: «خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى صلاتي العشيّ، وهو حامل حسنا - أو حسينا - فتقدّم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فوضعه، ثم كبّر للصلاة فصلى،فسجد بين ظهراني صلاة سجدة أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي، فإذا الصبيّ على ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة قال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: كلّ لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
ظهراني: القوم والأمر، أي: وسطه وفيما بينه.

6561 - (ت د س) بريدة - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبنا، فجاء الحسن والحسين عليهما السلام، وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المنبر، فحملهما، ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله {إنّما أموالكم وأولادكم فتنة} [التغابن: 15] نظرت إلى هذين الصبيّين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما».
أخرجه الترمذي، ولم يذكر أبو داود «ووضعهما بين يديه» وقال في آخره: «رأيت هذين فلم أصبر - ثم أخذ في الخطبة» ولم يذكر النسائي «ووضعهما بين يديه» أيضا.

6562 - (خ س ت د) الحسن البصري - رحمه الله - قال: «سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، والحسن بن عليّ إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرّة، وعليه أخرى، ويقول: إن ابني هذا سيّد، ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين» أخرجه النسائي.
وفي رواية الترمذي قال: «صعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المنبر، فقال: إن ابني هذا سيّد، يصلح الله به بين فئتين».
وفي رواية أبي داود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للحسن بن عليّ، «إنّ ابني هذا سيّد، وإني لأرجو أن يصلح الله به بين فئتين من أمتي».
وفي رواية «ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».
وأخرجه البخاري في جملة حديث طويل، يتضمن ذكر الصلح بين الحسن بن علي، وبين معاوية بن أبي سفيان، وقد ذكر في «كتاب الخلافة» من حرف الخاء.

6563 - (خ ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لم يكن أحد أشبه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحسين بن عليّ».
وفي رواية «من الحسن» أخرجه البخاري والترمذي.

6564 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «الحسن أشبه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه به فيما كان أسفل من ذلك» أخرجه الترمذي.
6565 - (ت) أبو جحيفة - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان الحسن بن عليّ يشبهه» أخرجه الترمذي.
6566 - (خ) عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال: «صلّى أبو بكر العصر، ثم خرج يمشي ومعه عليّ، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان، فحمله على عاتقه،وقال: بأبي،شبيه بالنبيّ،ليس شبيه بعليّ، وعليّ يضحك» أخرجه البخاري.
6567 - (ت) سلمى - امرأة من الأنصار -: - رضي الله عنها - قالت: دخلت على أمّ سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت الآن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - تعني في المنام- وعلى رأسه ولحيته التراب وهو يبكي، فقلت: ما لك يا رسول الله؟ فقال: شهدت قتل الحسين آنفا.أخرجه الترمذي.
6568 - (خ ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين، فجعل في طست، فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئا، قال أنس: فقلت: والله، إنه كان أشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان مخضوبا بالوسمة».
وفي رواية قال: «كنت عند ابن زياد، فجيء برأس الحسين، فجعل يضرب بقضيب في أنفه، ويقول: ما رأيت مثل هذا حسنا، فقلت: أما إنّه كان من أشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-».أخرج الأولى البخاري، والثانية الترمذي.

[شرح الغريب]
النكت بالقضيب: أن يضرب الأرض بطرفه ليؤثر فيه.
الوسمة: شيء أسود يصبغ به الشعر.

6569 - (ت) عمارة بن عمير - رحمه الله - قال: «لما جيء برأس عبيد الله ابن زياد وأصحابه نضدت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت، قد جاءت، فإذا حيّة قد جاءت تخلّل الرؤوس، حتى دخلت في منخر عبيدالله بن زياد، فمكثت هنيهة، ثم خرجت فذهبت حتى تغيّبت، ثم قالوا: قد جاءت قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا».أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
نضدت المتاع: جعلت بعضه فوق بعض مرتبا.

زيد بن حارثة وابنه أسامة رضي الله عنهما
6570 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فقرع الباب، فقام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عريانا يجرّ ثوبه، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبّله. أخرجه الترمذي.

6571 - (ت) جبلة بن حارثة - رضي الله عنه - قال: «قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، ابعث معي أخي زيدا، قال: هو ذاك، انطلق إليه، فإن ذهب معك لم أمنعه، فجاء زيد فقال: يا رسول الله، أو أختار عليك أحدا؟ قال جبلة: فأقمت أنا مع أخي، ورأيت أنّ رأي أخي أفضل من رأيي» أخرجه الترمذي.
6572 - (خ م ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثا، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله، إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحبّ الناس إليّ، وإنّ هذا لمن أحبّ الناس إليّ بعده».
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وهو على المنبر: «إن تطعنوا في إمارته... وذكر نحوه» وفي آخره «وأوصيكم به، فإنه من صالحيكم».

[شرح الغريب]
خليق: فلان خليق بهذا الأمر: إذا كان أهلا له، وأن ذلك من خلقه وهو به حقيق.

6573 - (ت) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عقد لي لواءا في مرضه الذي مات فيه، وبرزت بالناس فلما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتيته يوما، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع يده عليّ ويرفعها، فعرفت أنه كان يدعو لي، فلما بويع لأبي بكر، كان أول ما صنع، أمر بإنفاذ تلك الراية التي كان عقدها لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنه كان سألني في عمر: أن أتركه له، ففعلت».
هذه الرواية ذكرها رزين.
وفي رواية الترمذي قال: «لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هبطت، وهبط الناس إلى المدينة، فدخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أصمت فلم يتكلّم، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع يديه عليّ ويرفعهما، فعرفت أنه يدعو لي».

6574 - (خ) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذه والحسن بن عليّ، فيقول: «اللهم أحبّهما، فإني أحبّهما» أو كما قال.
وفي رواية: كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمّهما، ثم يقول: «اللهم إني أرحمها،فارحمهما» أخرجه البخاري.

6575 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينحّي مخاط أسامة، قالت عائشة: دعني حتى أنا الذي أفعل، فقال: يا عائشة، أحبّيه، فإني أحبّه. أخرجه الترمذي.
6576 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن عمر فرض لأسامة في ثلاثة آلاف وخمسمائة، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف، فقال عبد الله بن عمر لأبيه: لم فضّلت أسامة عليّ، فوالله، ما سبقني إلى مشهد، قال: لأن زيدا كان أحبّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبيك، وكان أسامة أحبّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك، فآثرت حبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حبّي. أخرجه الترمذي.
6577 - (خ) عبد الله بن دينار - رحمه الله - قال: «نظر ابن عمر يوما - وهو في المسجد - إلى رجل يسحب ثيابه في ناحية من المسجد، فقال: انظروا من هذا؟ فقال له إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟ هذا محمد بن أسامة، قال: فطأطأ ابن عمر رأسه، ثم قال: لو رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحبّه» أخرجه البخاري.
وزاد رزين بعد قوله: «من هذا؟ قال: ليت هذا عندي» وبعد قوله «فطأطأ ابن عمر رأسه»، و«نقر بيده الأرض».

6578 - (خ) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله -: قال: أخبرني حرملة مولى أسامة بن زيد: أن الحجّاج بن أيمن، ابن أمّ أيمن - وكان أيمن أخا أسامة لأمه - وهو رجل من الأنصار، رآه ابن عمر لم يتمّ ركوعه، فقال: أعد، فقال ابن عمر لحرملة - وكان معه -: من هذا؟ قلت: الحجاج بن أيمن، ابن أم أيمن، فقال: لو رأى هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحبّه... فذكر حبّه، وما ولدته أمّ أيمن.
زاد في رواية «وكانت حاضنة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه البخاري.

عمار بن ياسر - رضي الله عنه -
6579 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «جاء عمار بن ياسر، يستأذن على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ائذنوا له، مرحبا بالطيّب المطيّب» أخرجه الترمذي.

6580 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «أخبرني من هو خير منّي - أبو قتادة - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمّار حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه، ويقول: بؤس ابن سميّة، تقتلك فئة باغية».
وفي رواية «من هو خير منّي، ولم يسمه»، وفي أخرى «ويقول: ويس، أو يا ويس ابن سميّة» أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
البؤس: الشدة في الأمر، وشدة الحاجة.
ويس: كلمة تقال لمن يترحم عليه، ويرفق به، مثل: ويخ، وذلك في حال الشفقة والتعطف.

6581 - (م) أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية».
وفي رواية قال: «تقتل عمّارا الفئة الباغية» أخرجه مسلم.

6582 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمار: «أبشر [عمار]، تقتلك الفئة الباغية».
واستسقى يوم صفّين، فأتي بقعب فيه لبن، فلما أن نظر إليه كبّر، ثم قال: أخبرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ آخر رزقي من الدنيا ضياح لبن في مثل هذا القعب، ثم حمل، فلم ينثن حتى قتل.
أخرج الترمذي المسند منه فقط، والباقي ذكره رزين.

[شرح الغريب]
الضياح: بالفتح: اللبن الرقيق الممزوج.

6583 - (خ) عكرمة - مولى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال لي ابن عباس ولابنه عليّ: «انطلقا إلى أبي سعيد، فاسمعا من حديثه، فانطلقنا، فإذا هوفي حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدّثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد، فقال: كنّا نحمل لبنة لبنة، وعمار [يحمل] لبنتين لبنتين، فرآه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فجعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ينفض التراب عنه ويقول: ويح عمّار، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النّار، قال: ويقول عمار: أعوذ بالله من الفتن» أخرجه البخاري.
وفي رواية له: أنّ ابن عباس قال له ولعليّ بن عبد الله: «ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه، قال: فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما، [فسلّمنا]، فلما رآنا، جاء فاحتبى وجلس. وقال: كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فمرّ به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومسح عن رأسه الغبار، وقال: ويح عمّار، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار، فقال عمار: أعوذ بالله من الفتن».
قال الحميديّ: في هذا الحديث زيادة مشهورة، لم يذكرها البخاريّ أصلا من طريقي هذا الحديث، ولعلها لم تقع إليه فيهما، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك، وأخرجها أبو بكر البرقانيّ، وأبو بكر الإسماعيلي قبله، وفي هذا الحديث عندهما «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ويح عمّار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار» قال أبو مسعود الدمشقي في كتابه: لم يذكر البخاري هذه الزيادة، وهي في حديث عبد العزيز بن المختار، وخالد بن عبد الله الواسطي، ويزيد ابن زريع، ومحبوب بن الحسين، وشعبة، كلهم عن خالد الحذّاء عن عكرمة، ورواه إسحاق عن عبد الوهّاب، هكذا. وأما حديث عبد الوهّاب الذي أخرجه البخاري، دون هذه الزيادة، فلم يقع إلينا من غير حديث البخاري، هذا آخر ما قاله أبو مسعود الدمشقي، وهو آخر ما قاله الحميديّ في كتابه.
قلت أنا: والذي قرأته في كتاب البخاري - من طريق أبي الوقت عبد الأول السّجزي - رحمه الله - من النسخة التي قرئت عليه، عليها خطّه: أمّا في متن الكتاب، فبحذف الزيادة، وقد كتب في الهامش هذه الزيادة، وصحح عليها وجعلها في جملة الحديث، وأنها من رواية أبي الوقت هكذا، بإضافتها إلى الحديث، وذلك في موضعين من الكتاب، أولهما: في «باب التعاون في بناء المسجد» من «كتاب الصلاة» والثاني: فى «باب مسح الغبار عن الناس في السبيل» في «كتاب الجهاد» وما عدا هذه النسخة، فلم أجد الزيادة فيها، كما قاله الحميدي ومن قبله، والله أعلم.

[شرح الغريب]
الاحتباء: أن يجمع الرجل بين ركبتيه وظهره بحبل أو نحوه، وهي الحبوة بالضم والكسر، وقد يكون الاحتباء باليدين.

6584 - (ت) عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما خيّر عمّار بين أمرين إلا اختار أرشدهما» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
أرشد الأمرين: أصوبهما وأقربهما إلى الحق.

6585 - (س) عمرو بن شرحبيل - رحمه الله - عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ملئ عمّار إيمانا إلى مشاشه» أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
مشاشه: المشاش: جمع مشاشة: وهي رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها.

عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -
6586 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو كنت مؤمّرا أحدا منهم من غير مشورة لأمّرت عليهم ابن أمّ عبد» أخرجه الترمذي.

6587 - (خ ت) عبد الرحمن بن يزيد - رحمه الله - قال: «سألت حذيفة عن رجل قريب السّمت والهدي والدّلّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نأخذ عنه؟ فقال: ما نعلم أحدا أقرب سمتا وهديا ودلاّ بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- من ابن أمّ عبد، حتى يتوارى بجدار بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة» أخرجه البخاري.
وعند الترمذي «أقربهم إلى الله زلفى».

[شرح الغريب]
السمت والدل والهدي: متقاربات، وهي بمعنى السيرة والحالة.
حتى يتوارى: قوله: حيى يتوارى: احتراز من الشهادة عل الباطل المستور.
لقد علم المحفوظون: وقوله: لقد علم المحفوظون: يعني: الذين حفظهم الله من تخريف أو تحريف في قول أو فعل.

6588 - (خ م س) مسروق وشقيق - رحمهما الله - قال مسروق: قال عبد الله: «والذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه».
وفي رواية شقيق قال: «خطبنا عبد الله بن مسعود، فقال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ والله لقد أخذت القرآن من فيّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية: «لقد قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّي من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم، ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه».
قال شقيق: «فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك، ولا يعيبه» أخرجه مسلم، وأخرج البخاري الثانية.
وفي رواية النسائي قال: «خطبنا ابن مسعود فقال: كيف تأمرونني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، بعد ما قرأت من فيّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعا وسبعين سورة، وإنّ زيدا مع الغلمان له ذؤابتان».

6589 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: «قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينا، وما نرى أن ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كثرة دخولهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولزومهم له» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
6590 - (م) أبو الأحوص عوف بن مالك - رحمه الله - قال: «شهدت أبا موسى وأبا مسعود الأنصاري - رضي الله عنهما - حين مات ابن مسعود، فقال أحدهما لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله؟ فقال: إن قلت ذلك إن كان ليؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا».
وفي رواية قال: «كنّا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، فقال أبو موسى: [أما] لئن قلت ذلك لقد كان يؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا».
وفي رواية: قال زيد بن وهب الجهني: «كنت جالسا مع حذيفة وأبي موسى.. وساق الحديث» أخرجه مسلم.

6591 - (م ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت [هذه الآية] {ليس على الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جناح فيما طعموا....} إلى آخر الآية [النساء: 93] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قيل لي: أنت منهم» [أخرجه مسلم].
وفي رواية الترمذي قال [عبد الله بن مسعود]: لما نزلت - وقرأ الآية - قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنت منهم».

أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه-
6592 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما أظلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء أصدق من أبي ذرّ» أخرجه الترمذي.

6593 - (ت) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال [لي] رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما أظلّت الخضراء، ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذرّ، شبه عيسى ابن مريم، فقال عمر بن الخطاب كالحاسد: يا رسول الله أفنعرف ذلك له؟ قال: نعم فاعرفوه».
أخرجه الترمذي، وقال: وقد روى بعضهم هذا الحديث فقال: «أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم».

6594 - (خ م) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال عبد الله بن الصامت: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار، وكانوا يحلّون الشهر الحرام قال: فخرجت أنا وأخي أنيس وأمّنا،فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه، فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس، فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له، فقلت: أمّا ما مضى من معروفك، فقد كدّرته، ولا جماع لنا فيما بعد، فقرّبنا صرمتنا، فاحتملنا عليها، وتغطّى خالنا بثوبه، فجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهن فخيّر أنيسا، فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها، قال: وقد صلّيت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنين، قلت: لمن؟ قال: لله تعالى، قلت: فأين توجّه؟ قال: أتوجه حيث يوجّهني ربّي أصلّي عشاء، حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس، فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني، فانطلق أنيس،حتى أتى مكة، فراث عليّ، ثم جاء، فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر، وكان أنيس،أحد الشعراء، قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق،وإنهم لكاذبون، قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة فتضعّفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصّابئ؟ فأشار إليّ، فقال: الصّابئ؟ فمال عليّ أهل الوادي بكل مدرة وعظم، حتى خررت مغشيا عليّ، قال: فارتفعت [حين ارتفعت] كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم، فغسلت عنّي الدماء، وشربت من مائها، ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين، بين ليلة ويوم،وما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسّرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع، قال: فبينما أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان، إذ ضرب على أصمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، إلا امرأتان منهم تدعوان إسافا ونائلة، قال: فأتتا عليّ في طوافهما، فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما تناهتا عن قولهما، قال: فأتتا عليّ، فقلت: هن مثل الخشبة - غير أني لا أكني - فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا؟ قال: فاستقبلهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، وهما هابطان، قال: ما لكما؟ قالتا: الصّابي بين الكعبة وأستارها، قال: ما قال لكما؟ قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته، قال أبو ذرّ، فكنت أوّل من حيّاه بتحية الإسلام، [قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله] فقال: وعليك ورحمة الله، ثم قال: ممن أنت؟ قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده، فقدعني صاحبه، وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه، فقال: متى كنت ها هنا؟ قال: [قلت]: كنت ها هنا منذ ثلاثين، بين ليلة ويوم، قال: فمن كان يطعمك؟ قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسّرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال: إنها مباركة، إنها طعام طعم، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ائذن لي في طعامه الليلة، فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، وكان ذلك أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنه قد وجّهت لي أرض ذات نخل، لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلّغ عني قومك، عسى الله أن ينفعهم بك، ويأجرك فيهم؟ فأتيت أنيسا، فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدّقت، قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدّقت، فأتينا أمّنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدّقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا، فأسلم نصفهم، وكان يؤمّهم أيماء ابن رحضة الغفاري، وكان سيّدهم، وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [المدينة]، فأسلم نصفهم الباقي، وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله، إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله».
زاد بعض الرواة - بعد قول أبي ذر لأخيه: «فاكفني حتى أذهب فأنظر» - «قال: نعم، وكن على حذر من أهل مكة، فإنهم قد شنفوا له وتجهّموا».
وفي رواية قال: «فتنافرا إلى رجل من الكهّان، [قال]: فلم يزل أخي [أنيس] يمدحه حتى غلبه، فأخذنا صرمته [فضممناها إلى صرمتنا]».
أخرجه مسلم، وأعاد مسلم طرفا منه، وهو قوله: «أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها».
وفي رواية البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس قال: «ألا أخبركم بإسلام أبي ذر؟ قلنا: بلى، قال: قال أبو ذر: كنت رجلا من غفار، فبلغنا أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبيّ، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل فكلّمه، وائتني بخبره».
وفي رواية: أنّ ابن عباس قال: «لما بلغ أبا ذرّ مبعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بمكة، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني، فانطلق حتى قدم مكة، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشّعر، فقال: ما شفيتني فيما أردت، فتزوّد وحمل شنّة له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، حتى أدركه الليل، فاضطجع، فرآه عليّ، فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه، فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، فظل ذلك اليوم، ولا يرى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمرّ به عليّ، فقال: ما آن للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه فذهب [به] معه، ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث فعل مثل ذلك، فأقامه عليّ معه، فقال: ألا تحدّثني ما الذي أقدمك هذا البلد؟ قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنّي فعلت، ففعل، فأخبره، فقال: إنه حق، وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا أصبحت فاتّبعني، فإني إن رأيت شيئا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتّبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ودخل معه، فسمع من قوله، فأسلم مكانه، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ارجع إلى قومك فأخبرهم، حتى يأتيك أمري، فقال: والذي نفسي بيده، لأصرخنّ بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وثار القوم، فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العبّاس، فأكبّ عليه، وقال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجّاركم إلى الشام عليهم؟ فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد بمثلها، وثاروا إليه فضربوه، فأكبّ عليه العباس فأنقذه».
وفي الرواية الأخرى «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال له لما أسلم: يا أبا ذر، اكتم هذا [الأمر]، وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل، قال: فقلت: والذي بعثك بالحق، لأصرخنّ بها بين أظهرهم... وذكر نحوه».
قال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر - رضي الله عنه -.

[شرح الغريب]
نثا: الحديث ينثوه نثوا: إذا أظهره.
لا جماع: أي: لا مجامعة لنا معك ولا مقام.
صرمتنا: الصرمة: القطعة من الإبل نحو الثلاثين.
فنافر: المنافرة: المحاكمة تكون في تفضيل أحد الشيئين على الآخر، يقال: نافرته، فنفرته، أي: حاكمته، فغلبته، ونفره الحاكم في المنافرة، أي: غلبه وحكم له.
خفاء: الخفاء بالخاء المعجمة وكسرها: كساء يطرح على السقاء - وبالجيم المضمومة -ما رمي به السيل مما يطفو على رأسه من زبد وغيره، والذي في الحديث هو الأول.
فراث: راث فلان علينا: أبطأ.
أقراء الشعر: طرائقه وأنواعه، واحدها: قرء- بفتح القاف.
مدرة: المدرة: الطينة المستحجرة.
نصب: النصب: الحجر أو الصنم الذي كانوا ينصبونه في الجاهلية ويذبحون عليه، فيحمر من كثرة دم القربان والذبائح، أراد: أنهم ضربوه حتى أدموه، فصار كأنه نصب أحمر.
سخفة جوع: سخفة الجوع: رقته وهزاله.
ليلة إضحيان: وإضحيانة، أي: مضيئة لا غيم فيها، فقمرها ظاهر يظيئها.
ضرب على أصمختهم: الأصمخة: جمع صماخ، وهو ثقب الأذن، والضرب هاهنا: المنع من الاستماع، وذلك كناية عن النوم المفرط.
إسافا ونائلة: إساف ونائلة: صنمان تزعم العرب أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا.
هن: الهن: عنى به الذكر.
لا أكني: قوله: «غير أني لا أكني» يعني: أنه أفصح باسمه، ولم يكن عنه، فيكون قد قال: أير مثل الخشبة، فلما أراد أن يحكي قوله كنى فقال: «هن مثل الخشبة، غير أني لا أكني».
تولولان: الولولة: الاستغاثة والصياح.
أنفارنا: الأنفار: الجماعة، أي: من أصحابنا وجماعتنا، وهو من النفر الذي هو من الثلاثة إلى العشرة. تملأ الفم: قولها: تملأ الفم، أي: أنها عظيمة.
قدعته: لا يجوز أن يقال: قدعته، أي: منعته وكففته.
طعام طعم: يقال: هذا طعام طعم، أي: طعام شبع، يعني، أنه يشبع ويكف الجوع ويكفي منه.
غبرت: الغابر هاهنا: الباقي، وهو من الأضداد.
شنفوا له: أي: أبغضوه ونفروا منه، والشنف: البغض، تقول: شنفته، وشنفت له.
تجهموا: تجهمت لفلان، أي: تنكرت له واستقبلته بما يكره، وفلان جهم المحيا، أي: كريه المنظر.
الشنة: الزق البالي الذي يحمل فيه الماء.

حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه-
6595 - (ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: «سألتني أمي: متى عهدك برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقلت: مالي به عهد منذ كذا وكذا، فنالت مني، فقلت لها: دعيني آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأصلّي معه المغرب، وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيته، فصلّيت معه المغرب، ثم قام فصلّى حتى صلى العشاء، ثم انفتل، فتبعته، فسمع صوتي، فقال: من هذا، حذيفة؟ قلت: نعم، فقال: ما حاجتك؟ غفر الله لك ولأمّك، [قال]: إن هذا ملك لم ينزل إلى الأرض قطّ قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلّم عليّ ويبشّرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».أخرجه الترمذي.

6596 - (ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: قالوا: يا رسول الله لو استخلفت؟ قال: إني إن استخلفت فعصيتم خليفتي عذّبتم، ولكن ما حدّثكم حذيفة فصدّقوه، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود فاقرؤوه. أخرجه الترمذي.
سعد بن معاذ -رضي الله عنه-
6597 - (خ م ت) أبو إسحاق - رضي الله عنه - قال: قال البراء بن عازب: «أهدي للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثوب حرير، فجعلنا نلمسه ونتعجب منه، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أتعجبون من هذا؟ قلنا: نعم، قال: مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا».
وفي رواية: «أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين».
وفي أخرى «والذي نفسي بيده، لمناديل سعد في الجنة خير من هذا» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج الترمذي الأولى.

6598 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أهدي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبّة من سندس - وكان ينهى عن الحرير - فعجب الناس منها، فقال: والذي نفس محمد بيده، إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا».
قال البخاري: وقال سعيد عن قتادة عن أنس: «إن أكيدر دومة أهدى» وأخرج مسلم «أن أكيدر دومة الجندل أهدى.... بنحوه» ولم يذكر فيه «وكان ينهى عن الحرير» وفي أخرى له بنحوه.
وفي رواية الترمذي والنسائي عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: «قدم أنس بن مالك فأتيته، فقال: من أنت؟ فقلت: أنا واقد بن عمرو [بن سعد بن معاذ] قال: فبكى، وقال: إنك لشبيه بسعد، وإن سعدا كان من أعظم الناس وأطولهم، وإنه بعث إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جبّة من ديباج، منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصعد المنبر، فقام -أو قعد - فجعل الناس يلمسونها، فقالوا: ما رأينا كاليوم ثوبا قطّ، فقال: أتعجبون من هذا؟ لمناديل سعد في الجنة خير مما ترون».

[شرح الغريب]
السندس: الحرير، ومارق من الإبريسيم.
دومة الجندل: بضم الدال وفتحها: موضع.
وأكيدر: مقدمه وصاحبه، وهو أكيدر بن عبد الملك.

6599 - (خ م ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اهتزّ العرش لموت سعد بن معاذ» زاد البخاري فقال رجل لجابر: إن البراء يقول: اهتزّ السّرير؟ فقال: إنه كان بين هذين الحيّين ضغائن، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اهتزّ عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ».
وفي رواية لمسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم-: «اهتز لها عرش الرحمن عز وجل».وأخرج الترمذي رواية مسلم.

[شرح الغريب]
اهتزاز العرش: كناية عن ارتياحه بروحه حين صعد بها لكرامته على ربه، وكل من خف لأمر وارتاح له، فقد اهتز له، والمعنى: فرح أهل العرش بقدومه على الله لما رأوا من منزلته وكرامته وفضله.
ضغائن: الضغائن: الحقود والعداوات، واحدتها: ضغينة.

6600 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال - وجنازته موضوعة-: «اهتز لها عرش الرحمن» يعني: سعد بن معاذ، ذكره مسلم في عقيب حديث قبله.
6601 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لما حملت جنازة سعد ابن معاذ قال المنافقون: ما أخفّ [ما كانت] جنازته - يعني لحكمه في بني قريظة - فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إن الملائكة كانت تحمله» أخرجه الترمذي.
عبد الله بن العباس رضي الله عنهما
6602 - (خ م ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: ضمّني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى صدره، وقال: «اللهم علّمه الكتاب» وفي رواية «الحكمة» أخرجه البخاري.
وفي رواية «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أتى الخلاء، فوضعت له وضوءا، فلما خرج قال: من وضع هذا؟ فأخبر، قال: اللهم فقّهه في الدّين» كذا عند البخاري.
وعند مسلم: «اللهم فقّهه» قال الحميدي: وحكى أبو مسعود قال: «اللهم فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل» قال: ولم أجده في الكتابين.
وفي رواية الترمذي قال: «ضمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: اللهم علّمه الحكمة».
وفي أخرى قال: «دعا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يؤتيني الحكمة».
وفي أخرى قال: «إنه رأى جبريل مرتين، ودعا له النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مرتين».

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
6603 - (خ م ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «رأيت في المنام كأن بيدي قطعة إستبرق، وليس مكان أريده من الجنة إلا طارت بي إليه، قال: فقصصته على حفصة، فقصّته حفصة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أرى عبد الله رجلا صالحا» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي «فقال: إن أخاك رجل صالح - أو [قال]: إن عبد الله رجل صالح» وقد تقدم لهذا الحديث روايات في كتاب «تعبير الرؤيا» من حرف التاء.

[شرح الغريب]
الاستبرق: ما غلظ من الحرير.

6604 - (خ) نافع - مولى ابن عمر - رحمه الله -: قال: «الناس يتحدّثون أنّ ابن عمر أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر عام الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبايع تحت الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله، ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر وعمر يستلئم للقتال، فأخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو الذي يتحدّث الناس أن ابن عمر بايع قبل عمر» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
استلأم المحارب: إذا لبس لأمته، وهي الدرع وآلة الحرب.

عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-
6605 - (خ) ابن أبي مليكة - رحمه الله - قال: «كان بين ابن العباس وابن الزبير شيء، فغدوت على ابن عباس، فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير، فتحلّ ما حرّم الله؟ فقال: معاذ الله، إن الله كتب ابن الزبير وبني أميّة محلّين للحرم، وإني [والله] لا أحلّه أبدا، قال ابن عباس: قال الناس: بايع لابن الزبير، فقلت: وأنّى بهذا الأمر عنه؟ أمّا أبوه: فحواريّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - يريد: الزبير - وأما جدّه: فصاحب الغار - يريد: أبا بكر- وأمّا أمه: فذات النّطاقين - يريد: أسماء - وأما خالته: فأمّ المؤمنين - يريد عائشة - وأما عمته، فزوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - يريد خديجة - وأما عمّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فجدّته - يريد صفيّة - ثم هو عفيف في الإسلام، قارئ للقرآن، والله إن وصلوني وصلوني من قريب، وإن ربّوني ربّني أكفاء كرام، فآثر التّويتات والأسامات والحميدات - يعني: أبطنا من بني أسد بن تويت، وبني أسامة، وبني أسد، أن ابن أبي العاص برز يمشي القدميّة، يعني عبد الملك بن مروان - وإنه لوّى بذنبه - يعني ابن الزبير».
وفي رواية: أن ابن عباس قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير: «قلت: أبوه الزبير، وأمّه أسماء، وخالته عائشة، وجدّه أبو بكر، وجدته صفية».
وفي أخرى قال: «دخلنا على ابن عباس، فقال: ألا تعجبون لابن الزبير، قام في أمره هذا؟ فقلت: لأحاسبنّ نفسي له حسابا ما حاسبته لأبي بكر ولا عمر، ولهما كانا أولى بكل خير منه، فقلت: ابن عمّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وابن الزبير، وابن بنت أبي بكر، وابن أخي خديجة، وابن أخت عائشة، فإذا هو يتعلّى عليّ، ولا يريد ذلك، فقلت: ما كنت أظنّ أني أعرض هذا من نفسي فيدعه، وما أراه يريد خيرا، وإن كان لابد يربّني، بنو عمي أحبّ إليّ من أن يربّني غيرهم» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
ربوني: أي: كانوا لي أربابا، يعني رؤوسا وأصحابا مقدمين.
أكفاء: الأكفاء النظراء والأمثال.
القدمية: الذي جاء في الحديث فيما رواه البخاري القدمية ومعناها: أنه يقدم في الشرف والفضل على أصحابه، وقد جاء في كتب غير الحديث مشي التقدمية واليقدمية: بالتاء والياء، والقدمية، والكل بمعنى واحد، إلا أن التاء والياء زائدتان، أما الأزهري فلم يرو في كتابه إلا بالتاء المعجمة من فوق، قال الميداني صاحب كتاب الأمثال: إن اليقدمية، بالياء المعجمة من تحت، وهو التقدم بهمته وأفعاله، يقال: مشى فلان التقدمية، واليقدمية: إذا تقدم في الشرف والفضل ولم يتأخر عن غيره في الإفضال عن الناس، وقال: قال أبو عمرو: معناه: التبختر، ولم يرد المشي بعينه، كذا رواه القوم: اليقدمية، بالياء، وأورده الجوهري بالياء المنقوطة من تحت، كما رواه هؤلاء.
قلت: والذي حكاه الميداني عن الجوهري صحيح، وما حكاه الجوهري عن سيبويه أيضا من زيادة التاء صحيح، وكذلك أورده سيبويه بالتاء المعجمة من فوق، وقال: والتاء زائدة، والله أعلم.

6606 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - قالت: «أول مولود في الإسلام: عبد الله ابن الزبير، أتوا به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأوّل ما دخل بطنه ريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية لعروة وفاطمة بنت المنذر قالا: «خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت، وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء، فنفست بعبد الله بقباء، ثم خرجت حين نفست إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليحنّكه، فأخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوضعه في حجره، قال: قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها - يعني تمرة - قبل أن نجدها، فمضغها ثم بصقها في فيه، فأوّل شيء دخل بطنه لريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت أسماء: ثم مسحه، وصلّى عليه، وسمّاه عبد الله، ثم جاء وهو ابن سبع سنين - أو ثمان - ليبايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره بذلك الزبير، فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآه مقبلا، ثم بايعه».
وفي رواية قالت: «جئنا بعبد الله بن الزبير إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يحنّكه، فطلبنا تمرة، فعزّ علينا طلبها» أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
نفست المرأة: بضم النون وفتحها: إذا ولدت.

6607 - (خ م) أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: «أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت: فخرجت وأنا متمّ، فأتيت المدينة، فنزلت قباء، فولدت بقباء، ثم أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم حنّكه بالتمرة، ثم دعا له،وبرّك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من المهاجرين» زاد في رواية «ففرحوا به فرحا شديدا، لأنهم قيل لهم: إن اليهود سحرتكم، فلا يولد لكم» أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
متم: أتمت الحبلى، فهي متم: إذا تمت أيام حملها.

6608 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «رأى في بيت الزبير مصباحا، فقال: يا عائشة، ما أرى أسماء إلا قد نفست، فلا تسمّوه حتى أسمّيه، فسمّاه عبد الله، وحنّكه بتمرة» أخرجه الترمذي.
بلال بن رباح -رضي الله عنه-
6609 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبلال صلاة الغداة: «حدّثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة، فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يديّ في الجنة، قال بلال: ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أنّي لا أتطهّر طهورا تاما في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطّهور ما كتب الله لي أن أصلي».
وفي رواية «فإني سمعت دفّ نعليك، والدّف: التحريك».
أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
دف: الدفيف: الدبيب، وهو السير اللين.

6610 - (خ) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كان عمر يقول: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيّدنا - يعني بلالا» أخرجه البخاري.
6611 - (خ) قيس بن عاصم: أن بلالا قال لأبي بكر: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله. أخرجه البخاري.
أبي بن كعب -رضي الله عنه-
6612 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبيّ: «إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك {لم يكن الّذين كفروا} قال: وسمّاني؟ قال: نعم، فبكى».
وفي رواية مثله، ولم يسمّ سورة، وفيه قال: «الله سمّاني لك؟ قال: الله سمّاك لي؟ قال: فجعل أبيّ يبكي» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لأبيّ بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرئك القرآن، قال: الله سمّاني لك؟ قال: نعم، قال: وقد ذكرت عند ربّ العالمين؟ قال: نعم، فذرفت عيناه» وأخرج الترمذي الأولى.

6613 - (ت) أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن» أخرجه الترمذي.
6614 - (خ) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «أقرؤنا أبيّ، وأفضلنا عليّ، وإنا لندع كثيرا من لحن أبيّ، وذلك أن أبيّا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال الله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسأها} [البقرة: 106]».
وفي رواية «وأبيّ يقول: أخذته من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا أتركه لشيء» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
لحن: اللحن: الطريقة واللغة، والمراد به روايته وقراءته.

أبو طلحة الأنصاري -رضي الله عنه-
6615 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق، ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت: مثل ذلك، وقلن كلّهنّ مثل ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من يضيفه يرحمه الله؟» فقام رجل من الأنصار يقال له: أبو طلحة، فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، إلا قوت صبياني، قال: فعلّليهم بشيء ونوّميهم، فإذا دخل ضيفنا فأريه أنّا نأكل، فإذا أهوى بيده ليأكل فقومي إلى السّراج كي تصلحيه فأطفئيه، ففعلت، فقعدوا فأكل الضّيف، وباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقد عجب الله - أو ضحك الله - من فلان وفلانة».
وفي رواية مثله، ولم يسمّ أبا طلحة، إنما قال: «من يضيف هذا الليلة، رحمه الله؟ فقام رجل من الأنصار، فقال: أنا يا رسول الله... وذكر نحوه».
وفي آخره: فأنزل الله عز وجل {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9].
وفي أخرى «فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وفي أخرى «فقال: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة».
قال الحميديّ: وألفاظ الرواة - فيما عدا ما ذكرناه - متقاربة. أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
مجهود: رجل مجهود: مهزول جائع.
فعلليهم: تعليل الطفل: وعده وتسويفه وتمنيته، وشغله عما يراد صرفه عنه.
طاويين: طوى الصائم: إذا نام ولم يفطر فهو طاو.
خصاصة: الخصاصة: الحاجة والفاقة.

6616 - (م ت) المقداد بن عمرو - وهو ابن الأسود - رضي الله عنه - قال: أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فليس أحد منهم يقبلنا فأتينا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا، قال: فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نصيبه، قال: فيجيء من الليل، فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان، قال: ثم يأتي إلى المسجد فيصلّي، قال: ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي، فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلما أن وغلت في بطني،وعلمت أن ليس إليها سبيل، ندّمني الشّيطان، فقال: ويحك: ما صنعت؟ أشربت شراب محمد، فيجيء فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك؟ وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي، فناما، ولم يصنعا ما صنعت، قال: فجاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- [فسلّم] كما كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلّى، ثم أتى شرابه فكشف عنه، فلم يجد فيه شيئا، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك، فقال: اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها عليّ، وأخذت الشّفرة، وانطلقت إلى الأعنز، أيّتها أسمن فأذبحها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا هي حافل، وإذا هنّ حفّل كلّهن، فعمدت إلى إناء لآل محمد -صلى الله عليه وسلم-، ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه، قال: فحلبت فيه، حتى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟ قلت: يا رسول الله، اشرب، فشرب، ثم ناولني» زاد في رواية رزين: فقلت: يا رسول الله، اشرب، فشرب، ثم ناولني» ثم اتفقا «فلما عرفت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد روي وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احدى سوآتك يا مقداد»، فقلت: يا رسول الله، كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا وكذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما هذه إلا رحمة من الله، أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا، فيصيبان منها معنا؟ قال: فقلت: والذي بعثك بالحق،إذا أصبتها وأصبتها معك لا أبالي من أخطأته من الناس» أخرجه مسلم.
وأخرج منه الترمذي طرفا من أوله إلى قوله: «ثم يأتي شرابه فيشربه» لم يزد عليه، وذلك لحاجته إليه في باب كيفية السلام.

[شرح الغريب]
الجهد: بالفتح: المشقة.
فيتحفونه: التحفة: الهدية والبر، وتسكن حاؤها وتفتح، والسكون أكثر.
وغلت: وغل الرجل يغل: إذا دخل في السحر، فاستعار الوغول لدخول اللبن البطن.
شملة: الشملة: كل مئزر من مآزر الأعراب.
حافل: ضرع حافل، أي: ممتلىء لبنا، والجمع حفل.

أبو قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-
6617 - (م د) أبو قتادة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «كان في سفر له، فعطشوا، فانطلق سرعان الناس، فلزمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة، فقال: حفظك الله بما حفظت به نبيّه».أخرجه أبو داود، وهو طرف من حديث طويل قد أخرجه مسلم وأبوداود أيضا، وهو مذكور في «المعجزات» من «كتاب النبوة» من حرف النون.

[شرح الغريب]
سرعان القوم: أولهم ومقدموهم.

سلمان الفارسي -رضي الله عنه-
6618 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية {وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم، ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمد: 38] قالوا: ومن يستبدل بنا؟ قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على منكب سلمان، ثم قال: هذا وقومه».
وفي رواية قال: «قال ناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء الذين ذكر الله: إن تولّينا استبدلوا بنا، ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: وكان سلمان بجنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذ سلمان، وقال: هذا وأصحابه، والذي نفسي بيده، لو كان الإيمان منوطا بالثّريّا لتناوله رجال من فارس» أخرجه الترمذي.
وقد أخرج البخاري ومسلم نحو هذا إلا أنه في ذكر غير هذه الآية، وسيجيء في ذكر فضل العجم.

[شرح الغريب]
منوطا: المنوط: المعلق بالشيء.

6619 - (خ) أبو عثمان النهدي - رضي الله عنه - قال: سمعت سلمان يقول: «أنا على رامهرمز» أخرجه البخاري.
6620 - (خ) أبو عثمان النهدي - رضي الله عنه - قال: عن سلمان الفارسي «أنه تداوله بضعة عشر، من ربّ إلى رب» أخرجه البخاري.
أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-
6621 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو رأيتني البارحة، وأنا أسمع لقراءتك؟ لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود».
قال الحميديّ: زاد البرقاني «قلت: والله يا رسول الله، لو علمت أنك تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرا» قال: وحكي أن مسلما أخرجه.
ولم أجد هذه الزيادة عندنا من كتاب مسلم، وليس عند البخاري والترمذي قوله: «لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة».

[شرح الغريب]
مزمارا: المزمار: واحد المزامير، وهو من ألات الغناء، وقد ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المزمار مثلا لحسن صوت داود -عليه السلام- وحلاوة نغمته، كأن في حلقه مزامير يزمر بها، والآل في قوله: «آل داود» مقحمة، ومعناه: الشخص.
لحبرته: التحبير: التحسين.

6622 - (م) بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن عبدالله بن قيس الأشعري أعطي مزمارا من مزامير آل داود». أخرجه مسلم.
6623 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «سمع قراءة أبي موسى، فقال: لقد أوتي [هذا] من مزامير آل داود». أخرجه النسائي.
عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-
6624 - (خ م) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: ما سمعت رسول الله يقول لحيّ يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت: {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله...} الآية [الأحقاف: 10] قال الراوي: لا أدري، قال مالك: الآية، أو في الحديث؟ أخرجه البخاري ومسلم.

6625 - (خ م) قيس بن عباد - رضي الله عنه - قال: «كنت جالسا في مسجد المدينة، في ناس فيهم بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء رجل في وجهه أثر من خشوع، فقال بعض القوم: هذا رجل من أهل الجنة، هذا رجل من أهل الجنة، فصلّى ركعتين تجوّز فيهما، ثم خرج، فاتّبعته، فدخل منزله ودخلت فتحدّثنا، فلما استأنس قلت [له]: إنّك لما دخلت قبل قال رجل كذا وكذا، قال: سبحان الله ! ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدّثك ما ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقصصتها عليه: رأيتني في روضة - ذكر سعتها وعشبها وخضرتها - ووسط الروضة عمود من حديد، أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارقه، فقلت: لا أستطيع، فجاءني منصف - قال ابن عون، والمنصف: الخادم - فقال بثيابي من خلفي - وصف أنّه رفعه من خلفه بيده - فرقيت حتى كنت في أعلى العمود، فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك، فلقد استيقظت، وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: تلك الروضة: الإسلام، وذلك العمود، عمود الإسلام، وتلك العروة، عروة الوثقى، وأنت على الإسلام حتى تموت، والرجل: عبد الله بن سلام».
وفي رواية قرّة بن خالد قال: «كنت في حلقة فيها سعد بن مالك وابن عمر، فمرّ عبد الله بن سلام، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة... فذكر نحوه، وفيه: والمنصف: الوصيف» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم أيضا من رواية خرشة بن الحرّ قال: «كنت جالسا في حلقة في مسجد المدينة، قال: وفيها شيخ حسن الهيئة، وهو عبد الله بن سلام، قال: فجعل يحدّثهم حديثا حسنا، قال: فلما قدم قال القوم: من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، قال: قلت: والله لأتبعنّه، فلأعلمنّ مكان بيته، قال: فتبعته، فانطلق، حتى كاد أن يخرج من المدينة، ثم دخل منزله، قال: فاستأذنت عليه، قال: فأذن لي، فقال: ما حاجتك يا ابن أخي؟ قال: فقلت له: سمعت القوم يقولون لك - لما قمت- من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فأعجبني أن أكون معك، قال: الله أعلم بأهل الجنة، وسأحدّثك ممّ قالوا ذاك؟ إني بينا أنا نائم إذ أتاني رجل فقال لي: قم، فأخذ بيدي، فانطلقت معه، قال: فإذا أنا بجوادّ على شمالي، قال: فأخذت لآخذ فيها، فقال لي: لا تأخذ فيها، فإنها طرق أصحاب الشمال، وإذا جوادّ منهج على يميني، فقال لي: خذ ها هنا، قال: فأتى بي جبلا، فقال لي: اصعد، قال: فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت [على استي] قال: حتى فعلت ذلك مرارا، قال: ثم انطلق بي حتى أتى بي عمودا، رأسه في السماء وأسفله في الأرض، في أعلاه حلقة، فقال لي: اصعد فوق هذا، قال: قلت: كيف أصعد هذا، ورأسه في السماء؟ [قال]: فأخذ بيدي، فزجل بي، قال: فإذا أنا متعلّق بالحلقة، قال: ثم ضرب العمود فخرّ، قال: وبقيت متعلّقا بالحلقة، حتى أصبحت، قال: فأتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقصصتها عليه، فقال: أمّا الطّرق التي رأيت عن يسارك: فهي طرق أصحاب الشمال، وأمّا الطرق التي رأيت عن يمينك: فهي طرق أصحاب اليمين، وأما الجبل، فهو منزل الشهداء، ولن تناله، وأما العمود: فهو عمود الإسلام، وأما العروة: فهي عروة الإسلام، ولن تزال متمسّكا بها حتى تموت».

[شرح الغريب]
تجوز في صلاته: إذا اختصرها وقصرها.
منصف: المنصف بكسر الميم: الخادم.
جواد: الجواد جمع جادة، وهي الطريق.
المنهج: الطريق الواضح المطروق.
خررت: خر يخر: إذا وقع من فوق إلى أسفل.
فزجل: زجلته وزجلت به: إذا دفعته ورميته.

6626 - (خ) أبو بردة - رحمه الله - قال: «قدمت المدينة، فلقيت عبد الله ابن سلام، فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا، وتدخل في بيت؟ وفي رواية: انطلق إلى المنزل، فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتصلّي في مسجد صلّى فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - فانطلقت معه، فسقاني سويقا، وأطعمني تمرا، وصلّيت في مسجده».
وفي حديث شعبة «ثم قال لي: إنك بأرض، الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير، أو حمل قتّ، فلا تأخذه، فإنه ربا» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
فاش: الفاشي: الظاهر، فشا الشيء يفشو: إذا ظهر.
قت: القت: الفصفصة وهي التي تسميها الناس: الرطبة من علف الدواب.

جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-
6627 - (خ م ت) جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «ما حجبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أسملت، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي».
وفي رواية «ولقد شكوت إليه: أني لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري، وقال: اللهم ثبّته، واجعله هاديا مهديّا».
أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج الترمذي الأولى.

جابر بن عبد الله الأنصاري وأبوه رضي الله عنهما
6628 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لقد استغفر لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة البعير خمسا وعشرين مرة».
أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
ليلة البعير: وهي التي اشترى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جابر بن عبد الله جمله وهم في السفر، وحديث الجمل مشهور.

6629 - (ت) جابر - رضي الله عنه - قال: «جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ليس براكب بغل، ولا برذون» أخرجه الترمذي.
6630 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لقيني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا مهتمّ، فقال: ما لي أراك منكسرا؟ قلت: استشهد أبي يوم أحد، وترك عيالا ودينا، فقال: ألا أبشّرك بما لقي الله به أباك؟ قلت: بلى، قال: ما كلّم الله أحدا قطّ إلا من وراء حجاب، وإنه أحيى أباك، فكلّمه كفاحا، فقال: يا عبدي، تمنّ عليّ أعطك، قال: يا ربّ، تحييني فأقتل ثانية، قال سبحانه: قد سبق مني أنّهم إليها لا يرجعون، فنزلت {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون} [آل عمران: 169]» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
كفاحا: يقال: كلمته كفاحا، أي: مواجهة ليس بيننا حجاب.

6631 - (خ) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «شهد [بي] خالاي العقبة» قال ابن عيينة: أحدهما: البراء بن معرور.
وفي رواية قال: «[أنا و] أبي وخالاي من أصحاب العقبة».أخرجه البخاري.

6632 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع عشرة غزوة، لم أشهد بدرا، ولا أحدا، منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد لم أتخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه مسلم.
أنس بن مالك -رضي الله عنه-
6633 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «قالت أمّ سليم: يا رسول الله، خادمك أنس، ادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته».
وفي رواية عنه، عن أمّ سليم - جعله من مسندها - قالت: «يا رسول الله خادمك أنس، ادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال: «دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على أمّ سليم، فأتته بتمر وسمن، فقال: أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، [فإني صائم]، ثم قام إلى ناحية من البيت، فصلّى غير المكتوبة، فدعا لأمّ سليم، وأهل بيتها، فقالت أمّ سليم: يا رسول الله، إن لي خويصة، قال: ما هي؟ قالت: خادمك أنس، قال: فما ترك [لي] خير دنيا ولا آخرة إلا دعا لي به: اللهم ارزقه مالا وولدا، وبارك له، فإني لمن أكثر الأنصار مالا، وحدّثتني ابنتي أمينة: أنه دفن لصلبي إلى مقدم الحجاج البصرة: بضع وعشرون ومائة».
ولمسلم: أنّ أمّ سليم قالت: يا رسول الله، خادمك أنس: ادع الله له... وذكر نحو الأولى.
وله في أخرى قال: «دخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- علينا، وما هو إلا أنا، وأمّي وأمّ حرام، خالتي، فقال لنا أهل البيت: قوموا لأصلي لكم، في غير وقت صلاة، فصلى بنا - فقال رجل لثابت: أين جعل أنسا منه؟ قال: جعله عن يمينه - ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة، فقالت أمي: يا رسول الله، خويدمك، ادع الله له، فدعا لي بكل خير، وكان في آخر ما دعا لي، أن قال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيه».
وله في أخرى قال: «جاءت بي - أمّ سليم - إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له، فقال: اللهم أكثر ماله وولده، قال: فوالله إنّ مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون على نحو المائة اليوم».
وله في أخرى قال: «مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسمعت أمّي أمّ سليم صوته، فقالت: بأبي وأمّي يا رسول الله، أنيس، فدعا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة» وأخرج الترمذي الرواية الأولى والرواية الآخرة.

[شرح الغريب]
خويصة: تصغير خاصة: وهي ما يخص به الإنسان.

6634 - (ت) ثابت البناني - رحمه الله -: أن أنسا قال له: «خذ عنّي فإنك لن تأخذ عن أحد أوثق مني، أخذته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل، وأخذه جبريل عن الله عز وجل».
وفي رواية نحوه، ولم يذكر فيه «أخذه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل» أخرجه الترمذي.

6635 - (د ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «يا بنيّ» أخرجه أبو داود والترمذي.
6636 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كناني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببقلة كنت أجتنيها». أخرجه الترمذي.
6637 - (ت) أبو خلدة - رحمه الله -: قال: قلت لأبي العالية: سمع أنس من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: خدمه عشر سنين، ودعا له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكان له بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منه ريح المسك. أخرجه الترمذي.
6638 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «لم يبق ممّن صلّى القبلتين غيري» أخرجه البخاري.
البراء بن مالك -رضي الله عنه-
6639 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه، منهم: البراء بن مالك» أخرجه الترمذي.
وزاد رزين قال: «وقتل يوم اليمامة - رضي الله عنه -».

[شرح الغريب]
أشعث: الأشعث: البعيد العهد بالدهن والتسريح والغسل.
ذي طمرين: الطمر: الثوب الخلق، وذو الطمرين: الذي عليه ثوبان خلقان.
لا يؤبه له: فلان لا يؤبه له، أي: لا يعرف ولا يعلم به لحقارته.
لأبره: أبر قسمه، أي: صدقه وجعله بارا فيه لا يحنث.

ثابت بن قيس بن شماس -رضي الله عنه-
6640 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «افتقد ثابت ابن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه، فوجده جالسا في بيته منكّسا رأسه، فقال: ما شأنك؟ قال: شرّ، كان يرفع صوته فوق صوت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد حبط عمله،وهو من أهل النار، فأتى الرجل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى بن أنس: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار،ولكنك من أهل الجنة» هذه رواية البخاري.
وفي رواية مسلم «أنه لما نزلت هذه الآية {يا أيّها الّذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النّبيّ...}الآية [الحجرات: 2] جلس ثابت في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ، فقال: يا أبا عمرو، ما شأن ثابت؟ اشتكى؟ فقال سعد: إنه لجاري، وما علمت له شكوى، قال: فأتاه سعد، فذكر له قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، وقد علمتم أنّي من أرفعكم صوتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنا من أهل النار،فذكر ذلك سعد للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: بل هو من أهل الجنة» هذا لفظ رواية حمّاد عن أنس.
ورواه سليمان التيمي، وجعفر بن سليمان،وسليمان بن المغيرة، جميعا عن ثابت بنحو حماد، وليس عندهم ذكر سعد بن معاذ،وأول حديث جعفر بن سليمان: كان ثابت بن قيس بن شمّاس خطيب الأنصار،فلمانزلت هذه الآية - وذكرقول ثابت- زاد في حديث سليمان التيمي «فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة».

[شرح الغريب]
حبط عمله: إذا بطل أجره ولم يثب عليه.

أبو هريرة -رضي الله عنه-
6641 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «قلت: يا رسول الله أسمع منك أشياء فلا أحفظها، قال: ابسط رداءك، فبسطته، فحدّث حديثا كثيرا، فما نسيت شيئا حدّثني [به]».
هكذا أخرجه الترمذي، وهو طرف من حديث قد أخرجه البخاري ومسلم، وهو مذكور في «كتاب العلم» من «حرف العين».
وللترمذي في أخرى قال: «أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبسطت ثوبي عنده، ثم أخذه،فجمعه على قلبي، فما نسيت بعده».

6642 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - [أنه] قال لأبي هريرة: كنت ألزمنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأحفظنا لحديثه. أخرجه الترمذي.
6643 - (ت) مالك بن عامر - رحمه الله -: قال: «جاء رجل إلى طلحة بن عبيد الله، فقال: يا أبا محمد، أرأيت هذا اليمانيّ - يعني أبا هريرة - أهو أعلم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك؟ نسمع منه ما لم نسمع منكم، أو يقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل؟ قال: أمّا أن يكون سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم نسمع، فذاك أنه كان مسكينا لا شيء له، ضيفا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده مع يد رسول الله، وكنّا نحن أهل بيوتات وغنى، وكنّا نأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرفي النهار، لا أشك إلا أنّه سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم نسمع، ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل». أخرجه الترمذي.
6644 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ممن أنت؟ قلت: من دوس، قال: ما كنت أرى أن في دوس أحدا فيه خير» أخرجه الترمذي.
6645 - (ت) عبد الله بن رافع - رضي الله عنه - قال: «قلت لأبي هريرة: لم كنيت بأبي هريرة؟ قال: أما تفرق منّي؟ قلت: بلى، والله إني لأهابك، قال: كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هريرة صغيرة، فكنت أضعها باللّيل في شجرة، فإذا كان النهار وسرّحت الغنم ذهبت بها معي، فلعبت بها، فكنوني أبا هريرة» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
تفرق: الفرق: الفزع والخوف.
هريرة: الهريرة: تصغير الهرة، وهي السنور.

حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه-
6646 - (م ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن عبدا لحاطب جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكو حاطبا إليه، فقال: يا رسول الله ليدخلنّ حاطب النار، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كذبت لا يدخلها، فإنه قد شهد بدرا والحديبية» أخرجه مسلم والترمذي.

جليبيب -رضي الله عنه-
6647 - (م) أبو برزة الأسلمي - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان في مغزى له، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نعم، فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نعم، فلانا وفلانا [وفلانا]، ثم قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: لا، قال: لكنّي أفقد جليبيبا، فاطلبوه، فطلب، فوجد في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فوقف عليه، ثم قال: قتل سبعة ثم قتلوه، هذا منّي، وأنا منه [هذا مني، وأنا منه] قال: فوضعه على ساعديه، ليس له سرير إلا ساعدا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: فحفر له ووضع في قبره، ولم يذكر غسلا» أخرجه مسلم.
قال الحميديّ: وهو طرف من حديث طويل قد أخرجه البرقاني، وأوّل حديثه «أن جليبيبا كان امرءا من الأنصار، وكان يدخل إلى النساء، ويتحدّث إليهن، قال أبو برزة: فقلت لامرأتي: لا يدخل عليكن جليبيب، وكان أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا كان لأحدهم أيّم لم يزوّجها حتى يعلم ألرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها حاجة، أما لا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم لرجل من الأنصار: يا فلان، زوّجني ابنتك، قال: نعم ونعمة عين، قال: إني لست لنفسي أريدها، قال: فلمن؟ قال: لجليبيب، قال: يا رسول الله، حتى أستأمر أمّها، فأتاها، فقال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب ابنتك، قالت: نعم، ونعمة عين، نزوّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: إنه ليس لنفسه يريدها، قالت: فلمن يريدها؟ قال: لجليبيب، قالت: حلقى، لجليبيب الابنة؟ لا، لعمر الله، لا أزوّج جليبيبا، فلما قام أبوها ليأتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قالت الفتاة من خدرها لأبويها: من خطبني إليكما؟ قالا: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: أفتردّون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره؟ ادفعوني إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لن يضيّعني، فذهب أبوها إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسأله؟ فقال: شأنك بها، فزوّجها جليبيا.
قال حماد: قال إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لثابت: هل تدري ما دعا لهما به؟ قال: اللهم صبّ الخير عليهما صبّا، ولا تجعل عيشهما كدّا.
قال ثابت: فزوّجها إياه، فبينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مغزى له، فأفاء الله عليهم، فقال: هل تفقدون من أحد؟... فذكر نحو مسلم» وقال في آخره: قال ثابت: «فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها».

[شرح الغريب]
أفاء الله عليه: أي: أعطاه فيئا، وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار وأهلهم وديارهم بغير قتال ولا حرب.
أيم: الأيم: المرأة التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا.
حلقي: كلمة يدعى بها على الإنسان، وأصلها: أن يصاب بوجع في حلقه، والمحدثون يروونه غير منون، وهو عند أهل اللغة منون.
كذا: الكد: الشدة والتعب.

حارثة بن سراقة -رضي الله عنه-
6648 - (خ ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن أمّ الرّبيّع بنت البراء - وهي أمّ حارثة بن سراقة - أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: «يا نبيّ الله ألا تحدّثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر، أصابه سهم غرب - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء؟ قال: يا أمّ حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى».
وفي رواية: قال أنس: «أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمّه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع، فقال: ويحك - أو هبلت - أو جنّة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس [الأعلى] أخرجه البخاري، وأخرج الترمذي نحوه.
وزاد رزين: وإنه في الفردوس الأعلى، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجّر أنهار الجنة، وإنّ غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم - أو موضع قدّه - من الأرض في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطّلعت إلى الأرض لأضاءت الدنيا وما فيها، ولنصيفها - يعني خمارها - خير من الدنيا وما فيها».

[شرح الغريب]
سهم غرب: يقال: أصابه سهم غرب، يضاف ولا يضاف، وتحرك الراء وتسكن إذا لم يدر من أين أتاه.
ولقاب قوس أحدكم أو موضع قده: القاب: القدر، والقد: السوط، يعني لقدر قوسه وسوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها.

قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنه-
6649 - (خ ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان قيس بن سعد اابن عبادة بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنزلة صاحب الشّرط من الأمير».قال الأنصاري: يعني مما يلي أموره.
أخرجه البخاري والترمذي.

[شرح الغريب]
الشرط: أعوان السلطان المرتبون لتتبع أحوال الناس، سموا بذلك لأنهم كانوا يعلمون على أنفسهم بعلامات يعرفون بها، والأشراط: العلامات.

6650 - أبو مالك [الأشعري]: قال: «كان صاحب لواء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد مصعب: قيس بن سعد» أخرجه...
خالد بن الوليد -رضي الله عنه-
6651 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «نزلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلا، فجعل الناس يمرّون، فيقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول: فلان، فيقول: نعم عبد الله هذا، ويقول: من هذا؟ فأقول: فلان، فيقول: بئس عبد الله هذا، حتى مرّ خالد بن الوليد، فقال: من هذا؟ فقلت: خالد بن الوليد، فقال: نعم عبد الله خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله».
أخرجه الترمذي، وقال: هو مرسل.

عمرو بن العاص -رضي الله عنه-
6652 - (ت) عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص».
أخرجه الترمذي، وقال: ليس إسناده بالقوي.

6653 - (ت) طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «عمرو بن العاص من صالحي قريش» أخرجه الترمذي، وقال: إسناده ليس بمتصل، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة.
6654 - (م) عبد الرحمن بن شماسة المهدي - رحمه الله -: قال: «حضرنا عمرو بن العاص [وهو] في سياق الموت، فبكى طويلا، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: ما يبكيك يا أبتاه؟ أما بشّرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا وكذا؟ فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعدّ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله، إني كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشدّ بغضا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مني، ولا أحبّ إليّ أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو متّ على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت النبيّ، فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، فقال: مالك يا عمرو؟ [قال]: قلت: أردت أن أشترط، فقال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ وما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحلى في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينيّ منه إجلالا [له]، ولو قيل لي: صفه لما استطعت أن أصفه، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو متّ على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء، ما أدري ما حالي فيها؟ فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنّوا عليّ التراب سنّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى استأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي؟» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
سياق الموت: وقت حضور الأجل، كأن روحه تساق لتخرج من جسده.
أطباق: جمع طبق، وهو الحالة.
تجب: التوبة تجب ما قبلها: أي تقطع وتمحو الذنوب فلا يؤاخذ بها.
فسنوا: سننت التراب على الميت: إذا رميته فوقه برفق ولطف.

أبو سفيان بن حرب -رضي الله عنه-
6655 - (م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا نبيّ الله، ثلاث أعطنيهنّ، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله: أمّ حبيبة، أزوّجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمّرني حتى أقاتل الكفّار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: نعم، قال أبوزميل: ولولا أنه طلب ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أعطاه إياه، لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال: نعم» أخرجه مسلم.قال الحميديّ - رحمه الله -: قال لنا بعض الحفّاظ: هذا الحديث وهم فيه بعض الرواة، لأنه لا خلاف فيه بين اثنين من أهل المعرفة بالأخبار: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تزوّج أمّ حبيبة قبل الفتح بدهر، وهي بأرض الحبشة، وأبوها كافر يومئذ، وفي هذا نظر.

معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-
6656 - (ت) عبد الرحمن بن أبي عميرة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاوية: «اللهم اجعله هاديا مهديا، واهد به». أخرجه الترمذي.

6657 - (ت) أبو إدريس الخولاني - رحمه الله -: قال: لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص وولّى معاوية، قال الناس: عزل عميرا، وولّى معاوية، فقال عمير: لا تذكروا معاوية إلا بخير، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم اهد به» أخرجه الترمذي.
6658 - (م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة، وقال: اذهب، فادع لي معاوية، قال: فجئت، فقلت هو يأكل، ثم قال لي: اذهب، فادع لي معاوية، قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه، قال ابن المثنى: فقلت: لأمية: ما معنى حطأني؟ قال: قفدني قفدة» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
فحطأني: الحطء بالهمز: الدفع بوسط الكتف بين الكتفين، وقد جاء في الحديث غير مهموز، وهو أن تحرك الشيء وتزعزعه، قد جاء في الحديث قال: قلت: ما حطاني قال: قفدني، والقفد: صفع الرأس ببسط الكف من قبل القفا، تقول: قفدته قفدا.

سنين أبو جميلة -رضي الله عنه-
6659 - (خ) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله - قال: «زعم أبو جميلة أنه أدرك النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وخرج معه عام الفتح» أخرجه البخاري.

عباد بن بشر -رضي الله عنه-
6660 - (خ) عائشة - رضي الله عنها - قالت: «تهجّد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فسمع صوت عبّاد يصلّي في المسجد، فقال: يا عائشة أصوت عباد هذا؟ قلت: نعم،قال: اللهم ارحم عبّادا» أخرجه البخاري.

ضماد بن ثعلبة الأزدي -رضي الله عنه-
6661 - (م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أن ضمادا قدم مكة، وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء مكة يقولون: إنّ محمدا مجنون، فقال: لو أني أتيت هذا الرجل، لعلّ الله يشفيه على يديّ، فلقيه، فقال: يا محمد، إنّي أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يديّ من شاء، فهل لك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، أما بعد، قال ضماد: فقلت له: أعد عليّ كلماتك هؤلاء، فأعادهنّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، وقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وعلى قومك؟ قال: وعلى قومي. فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سريّة بعد مقدمه المدينة، فمرّوا على قومه، فقال صاحب السّريّة للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة - وفي نسخة: إداوة - فقال: ردّوها، فإن هؤلاء قوم ضماد. أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
قاموس: قاموس البحر: معظمه ووسطه.
سرية: السرية: طائفة من الجيش ينفذون في طلب العدو، سموا بذلك لأنهم ينفذون ليلا لينكتم أمرهم، فهم يسرون إلى العدو سرى، والسرى: سير الليل.
مطهرة: المطهرة والإداوة: السطيحة.

عدي بن حاتم -رضي الله عنه-
6662 - (خ م ت) عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: «أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي [بن حاتم]، وكنت جئت بغير أمان، ولا كتاب، فلما دفعت إليه أخذ بيدي، وقد كان بلغني أنه قال: إني لأرجو أن يجعل الله يده في يدي، قال: فقام بي، فلقينا امرأة معها صبيّ، فقالا: إنّ لنا إليك حاجة، فقام معهما، حتى قضى حاجتهما ثم أخذ بيدي حتى أتى [بي] داره، فألقت له الوليدة وسادة، فجلس عليها وأنا بين يديه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال لي: يا عديّ، ما يفرّك من الإسلام؟ أن تقول: لا إله إلا الله، فهل تعلم من إله سوى الله؟ قال: قلت: لا، ثم تكلّم ساعة، ثم قال: أتفرّ من أن يقال: الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ قال: قلت: لا، قال: اليهود مغضوب عليهم، و[إنّ] النصارى ضلاّل، قلت: فإني حنيف مسلم، قال: فرأيت وجهه تبسّط فرحا، ثم أمر بي، فأنزلت عند رجل من الأنصار، وجعلت أغشاه، آتيه طرفي النهار، قال: فبينما أنا عنده عشيّة، إذ جاءه قوم في ثياب من الصوف من هذه النّمار، قال: فصلّى، وقام فحثّ عليهم، ثم قال: ولو صاع، ولو بنصف صاع، ولو قبضة، ولو ببعض قبضة، يقي أحدكم وجهه من حرّ جهنم - أو النار - ولو بتمرة، ولو بشقّ تمرة، فإن أحدكم لاقي الله وقائل له ما أقول لكم: ألم أجعل لك سمعا وبصرا؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول: بلى، فيقول: أين ما قدّمت لنفسك؟ فينظر قدّامه وبعده، وعن يمينه وعن شماله، ثم لا يجد شيئا يقي به وجهه حر جهنم، ليق أحدكم وجهه النار ولو بشقّ تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة، فإني لا أخاف عليكم الفاقة، فإن الله ناصركم ومعطيكم، حتى تسير الظعينة فيما بين يثرب والحيرة [أو] أكثر، ما يخاف على مطيّتها السّرق، فجعلت أقول في نفسي: فأين لصوص طيّء؟» أخرجه الترمذي هكذا بطوله.
وقد أخرج البخاري ومسلم منه طرفا في معنى الصدقة، وأخرجه البخاري بلفظ آخر وزيادة ونقصان يرد في المعجزات من «كتاب النبوة» من حرف النون.

[شرح الغريب]
ما يفرك: أفررت الرجل: إذا فعلت به فعلا يفر منك لأجله، أي: ما يهربك من الإسلام؟.
حنيف: الحنيف في الأصل: المائل، وهو في الوضع الشرعي: المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام.
النمار: جمع نمرة، وهي كل شملة من مآزر الأعراب مخططة، وقيل: هي أكسية كان يلبسها الإماء.
الظعينة: المرأة ما دامت في الهودج، ثم سميت زوجة الرجل ظعينة توسعا.
السرق: السرقة: إلا أنه المصدر، سرق يسرق سرقا.

6663 - (خ م) عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: «أتينا عمر في وفد، فجعل يدعو رجلا رجلا، ويسمّيهم، فقلت: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى،أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، قلت: فلا أبالي إذا» أخرجه مسلم.
وفي رواية البخاري قال: «أتيت عمر بن الخطاب في أناس من قومي، فجعل يفرض للرجل من طيّء في ألفين، ويعرض عنّي،قال: فاستقبلته فأعرض عنّي، ثم أتيته من حيال وجهه، فأعرض عني، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، أتعرفني؟ قال: فضحك، ثم قال: نعم، والله إنّي لأعرفك، آمنت إذ كفروا،وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وإنّ أول صدقة بيّضت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجوه أصحابه صدقة طيء،جئت بها إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخذ يعتذر، ثم قال: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة، وهم سادة عشائرهم،لما ينوبهم من الحقوق، فقال عديّ: فلا أبالي إذا».

[شرح الغريب]
يفرض في ألفين: أي يوجب له هذا المقدار من المال في العطاء.
حيال الشيء: تلقاؤه وما يواجهه.
أجحفت به الحاجة: إذا أفقرته وأذهبت ماله، وجعلته محتاجا إلى غيره، والفاقة: الفقر والحاجة.
ينوبهم: نابهم الأمر: أي طرقهم وعرض لهم، والمراد به: ما يتجدد من الحوادث التي يحتاجون أن ينفقوا فيها.

ثمامة بن أثال -رضي الله عنه-
6664 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، سيّد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتل ذا دم، وإن تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا كان الغد،قال له: ما عندك يا ثمامة؟ فقال مثل ذلك، فتركه حتى إذا كان بعد الغد، فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قلت لك... وذكر مثله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أطلقوا ثمامة، فأطلقوه، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض [وجه] أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه كلّها إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فقد أصبح دينك أحبّ الدّين كلّه إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فقد أصبح بلدك أحبّ البلاد كلّها إليّ، وإنّ خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قيل له: أصبأت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبّة حنطة، حتى يأذن فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» هذا لفظ حديث مسلم.
وأخرجه البخاري مختصرا.
وأخرج منه أبو داود إلى قوله: «وأن محمدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» ثم قال... وساق الحديث، ولم يذكر لفظه.قال أبو داود: وقد روي «ذا ذمّ».
وأخرج النسائي منه طرفا في غسل الكافر إذا أراد أن يسلم، وهذا لفظه، قال أبو هريرة: «إنّ ثمامة بن أثال انطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا عبده ورسوله، يا محمد، والله ما كان على وجه الأرض [وجه] أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه كلّها إليّ، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن يعتمر».

عمرو بن عبسة السلمي-رضي الله عنه-
6665 - (م) أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: «قال عمرو بن عبسة السّلميّ: كنت وأنا في الجاهلية أظنّ أنّ الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستخفيا، حراء،عليه قومه، فتلطّفت، حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ فقال: أنا نبي، فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، فقلت: فبأيّ شيء [أرسلك]؟ قال: [أرسلني] بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحّد الله ولا يشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: حر وعبد، قال: ومعه يومئذ ممّن آمن به: أبو بكر وبلال، قلت: إنّي متّبعك، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فائتني، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبّر الأخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم عليّ نفر من أهل يثرب [من أهل المدينة] فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله، أتعرفني؟ قال: نعم، أنت الذي لقيتني بمكة؟ [قال: فقلت: بلى] فقلت: يا رسول الله، أخبرني عمّا علّمك الله وأجهله أخبرني عن الصلاة؟ قال: صلّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقلّ الظّل بالرّمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا فاء الفيء فصلّ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلّي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، قال: ثم صلّ ما بدا لك، فقلت: يا نبيّ الله فالوضوء حدّثني عنه، قال: ما منكم من رجل يقرّب وضوءه فيمضمض ويستنشق ويستنثر إلا خرّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا غسل وجهه، كما أمره الله تعالى، إلا خرّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرّت خطايا رأسه من أطراف شعره ومن أذنيه مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامل رجليه مع الماء، فإن هو قام فصلّى، فحمد الله وأثنى عليه، ومجّده بالذي هو له أهل، وفرّغ قلبه لله في صلاته، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه».
فحدّث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له أبو أمامة: يا عمرو، انظر ما تقول؟ [في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟] فقال [عمرو: يا أبا أمامة]، لقد كبرت سنّي، ورقّ عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، و[لا] على رسوله، ولو لم أسمعه منه إلا مرتين أو ثلاثا - حتى عدّ سبعا - ما حدّثت به أبدا، ولكنّي سمعته منه أكثر من ذلك. أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
حراء: قوم حراء: غضاب مغمومون قد انتقصهم أمر، وعيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم، وهو من قولهم: حرى جسمه يحري: إذا نقص من ألم وغم.
مشهودة: تشهدها الملائكة ويحضرونها.
يستقل الظل بالرمح: استقلال الظل بالرمح: كناية عن وقت الظهر، وهو أن يصير الظل مثل ذي الظل.
تسجر: سجرت النار: إذا أوقدتها.
قرني شيطان: قرنا الشيطان: كناية عن جنبي رأسه، وقيل: هو مثل، معناه: أنه في هذا الوقت يتحرك الشيطان فيتسلط، وقيل: القرن: القوة.
فاء: الفيء: أي رجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق.
مجده: التمجيد: التعظيم، والمجيد، الكريم الشريف.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفضائل, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir