دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 11:28 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الفضائل والمناقب: الباب الثامن: فضل الأمكنة

الباب الثامن: في فضل الأمكنة
الفصل الأول: في فضل مكة،والبيت، والمسجد الحرام وما جاء في عمارة البيت وهدمه
الفرع الأول: في فضلها
النوع الأول: في البيت
6881 - (خ م س) أبو ذرّ الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ أوّل بيت وضع للنّاس مباركا يصلّى فيه: الكعبة، قلت: ثم أيّ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون عاما» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.

6882 - (ت س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نزل الحجر الأسود من الجنّة وهو أشدّ بياضا من اللّبن، وإنما سوّدته خطايا بني آدم» أخرجه الترمذي.
وعند النسائي: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الحجر الأسود من الجنّة» لم يزد.

6883 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحجر: «والله ليبعثنّه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحقّ». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
استلمه: استلام الحجر الأسود: هو أن يمسه بيده ويقبلها، وكأنه افتعال من السلام، وهي الحجارة.

6884 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ الرّكن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنّة، طمس الله نورهما، ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب» أخرجه الترمذي،وقال: هذا يروى عن ابن عمرو موقوفا.
6885 - (خ) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليحجّنّ هذا البيت، وليعتمرنّ بعد [خروج] يأجوج ومأجوج» قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة: «لا تقوم السّاعة حتى لا يحجّ البيت» قال البخاري: والأوّل أكثر.
6886 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليهلّنّ ابن مريم بفجّ الرّوحاء حاجّا أو معتمرا، أو ليثنينّهما» أخرجه مسلم.
6887 - (خ م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «مرّ بوادي الأزرق - وهو ما بين مكة والمدينة - فقال: أيّ واد هذا؟ قالوا: وادي الأزرق، قال: كأنّي أنظر إلى موسى هابطا من الثّنيّة وله جؤار إلى الله بالتّلبية، مارّا بهذا الوادي، ثم أتى على ثنيّة هرشى، فقال: أيّ ثنية هذه؟ قالوا: ثنيّة هرشى، أو لفت، فقال: لكأني أنظر إلى يونس بن متّى على ناقة حمراء جعدة، عليه جبّة من صوف، خطام ناقته خلبة، مارّا بهذا الوادي يلبّي».
قال ابن حنبل: قال هشيم: يعني: ليفا، أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
الجؤار: بضم الجيم: رفع الصوت.
الخلب: الليف، واحده: خلبة.

6888 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها - قالت: «عبث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في منامه، فقلنا: يا رسول الله، صنعت شيئا في منامك، لم تكن تفعله؟ فقال: العجب أن ناسا من أمتي يؤمّون هذا البيت لرجل من قريش، قد لجأ بالبيت، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فقلنا: يا رسول الله، إنّ الطّريق قد تجمع النّاس، فقال: نعم، فيهم المستبصر والمجبور وابن السّبيل، يهلكون مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتّى، يبعثهم الله عز وجل على نيّاتهم» هذه رواية مسلم.
وفي رواية البخاري قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوّلهم وآخرهم، قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأوّلهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأوّلهم وآخرهم، ويبعثون على نيّاتهم».

[شرح الغريب]
جبرت: فلانا وأجبرته: إذا قهرته، فهو مجبور ومجبر.
المصادر: المراجع، ورد ثم صدر، أي: جاء ثم رجع.
شتى متفرقة: يعني أن مهلك هذا الجيش مهلك واحد يخسف بهم جميعهم، إلا أنهم يصدرون عن الهلكة، مصادر متفرقة، فواحد إلى الجنة، وآخر إلى النار، على قدر أعمالهم ونياتهم.

6889 - (م ت) عبيد الله بن القبطية [الكوفي - رحمه الله]: قال: «دخل الحارث بن أبي ربيعة، وعبد الله بن صفوان [وأنا معهما] على أم سلمة، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به؟ - وذلك في أيام ابن الزبير - فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف به معهم، ولكنّه يبعث يوم القيامة على نيّته» وفي رواية زهير عن عبد العزيز بن رفيع قال: فلقيت أبا جعفر، فقلت: إنها [إنما] قالت: ببيداء من الأرض، فقال أبو جعفر: كلا والله، إنها لبيداء المدينة» أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي عن أم سلمة: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذكر الجيش الذي يخسف بهم، فقالت أم سلمة: لعلّ فيهم المكره؟ قال: إنهم يبعثون على نيّاتهم».

[شرح الغريب]
العائذ: اللاجىء إلى الشيء المحتمي به، الممتنع على من يطلبه.
البيداء: المفازة، وهي الأرض الواسعة القفر، وقد جاء في بعض الطرق: أنه أراد به البيداء التي هي بالقرب من المدينة، وهي معروفة بالقرب من ذي الحليفة.

6890 - (ت) مسلم بن صفوان - رحمه الله - عن صفية - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش، حتى إذا كانوا بالبيداء - أو ببيداء من الأرض - خسف بأوّلهم وآخرهم، ولم ينج أوسطهم، قلت: يا رسول الله فمن كره منهم؟ قال: يبعثهم الله على ما في أنفسهم» أخرجه الترمذي.
6891 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يغزو هذا البيت جيش، فيخسف بهم بالبيداء».
وفي رواية قال: «لا ينتهى عن غزو بيت الله حتى يخسف بجيش منهم» أخرجه النسائي.

6892 - (م س) عبد الله بن صفوان - رحمه الله - قال: حدّثتني حفصة: أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ليؤمّنّ هذا البيت جيش يغزونه، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم، وينادي أوّلهم آخرهم، ثم يخسف بهم، ولا يبقى إلا الشّريد، الذي يخبر عنهم، فقال رجل: أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة، وأشهد على حفصة أنها لم تكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية عن عبد الله بن صفوان عن أم المومنين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدّة، يبعث إليهم جيش، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم - قال يوسف بن ماهك: وأهل الشام يومئذ يسيرون إلى مكّة - فقال عبد الله بن صفوان: أما والله ما هو بهذا الجيش» وفي رواية الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، عن أم المؤمنين مثل الرواية الثانية غير أنه لم يذكر قول عبد الله بن صفوان، ولا سمّيا أم المؤمنين. أخرجه مسلم. وأخرج النسائي الأولى.

[شرح الغريب]
ومنعة: فلان في عز ومنعة وقد تسكن: إذا كان له من يمنعه عمن يريده، ويعزه عمن يريد هوانه، وقيل المنعة: جمع مانع، مثل كافر وكفرة

6893 - (خ د) شقيق [أبو وائل]: أن شيبة بن عثمان قال له: قعد عمر - رضي الله عنه - في مقعدك الذي أنت فيه؟ فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة، قال: ما أنت بفاعل، قال: بلى، لأفعلنّ، قلت: ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قلت: لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رأى مكانه، وأبو بكر، وهما أحوج منك إلى المال، فلم يخرجاه، فقام فخرج. أخرجه أبو داود.
وفي رواية البخاري قال: «جلست مع شيبة بن عثمان الحجيّ على الكرسيّ في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر، فقال: لقد هممت أن لا أدع فيه صفراء ولا بيضاء إلا قسمته، قلت: إن صاحبيك لم يفعلا، فقال: هما المرآن اقتدي بهما» وفي رواية: «إلا قسمتها بين المسلمين، فقلت: ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قال: لم يفعله صاحباك، قال: هما المرآن يقتدى بهما».

[شرح الغريب]
الصفراء: الذهب.
البيضاء: الفضة.

النوع الثاني: في المسجد الحرام
6894 - (خ م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تشدّ الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرّسول، ومسجد الأقصى» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: «إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: [مسجد] الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء».وأخرجه أبو داود والنسائي، وقالا: «ومسجدي هذا».

[شرح الغريب]
لا تشد الرحال: هذا مثل قوله: «لا تعمل المطي» وكنى به عن السير والنفر، والمراد: لا يقصد موضع من المواضع بنية العبادة والتقرب إلى الله تعالى إلا إلى هذه الأماكن الثلاثة، تعظيما لشأنها وتشريفا.

6895 - (خ م ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تشدّ الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» قال: وسمعته يقول: «لا تسافر المرأة يومين من الدّهر إلا ومعها ذو محرم منها، أو زوجها» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه الترمذي إلى قوله: «الأقصى».
6896 - (خ م ط ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا: أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام» وفي رواية «خير» وفي رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي عبد الله بن الأغرّ، مولى الجهنيّين - وكان من أصحاب أبي هريرة - أنهما سمعا أبا هريرة يقول: «صلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، فإنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء، وإن مسجده آخر المساجد» قال أبو سلمة وأبو عبد الله بن الأغرّ: لم نشكّ أن أبا هريرة كان يقول عن حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمنعنا ذلك أن نستثبت أبا هريرة عن ذلك الحديث، حتى إذا توفّي أبو هريرة تذاكرنا ذلك، وتلاومنا أن لا نكون كلّمنا أبا هريرة في ذلك، حتى يسنده إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إن كان سمعه منه، فبينما نحن على ذلك جالسنا عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، فذكرنا ذلك الحديث، والذي فرّطنا فيه من نصّ أبي هريرة عنه، فقال لنا عبد الله بن إبراهيم: أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد».
وفي رواية يحيى بن سعيد - هو الأنصاري - قال: سألت أبا صالح: هل سمعت أبا هريرة يذكر فضل الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا، ولكن أخبرني عبد الله بن إبراهيم بن قارظ أنه سمع أبا هريرة يحدّث، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة - أو كألف صلاة - فيما سواه من المساجد، إلا [أن يكون] المسجد الحرام» أخرجه مسلم.
وأخرج البخاري قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام» وأخرج «الموطأ» رواية البخاري، وأخرج الترمذي الرواية الأولى وقال: «خير من ألف صلاة» وأخرج النسائي الرواية الثانية بطولها.

6897 - (م س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» أخرجه مسلم والنسائي.
6898 - (س) ميمونة - رضي الله عنها - قالت: من صلى في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصّلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة» أخرجه النسائي.
النوع الثالث: في مكة وحرمها
6899 - (خ م ت س) أبو شريح العدوي - رضي الله عنه - قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة -: «ائذن لي أيّها الأمير أحدّثك قولا قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلّم به: أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنّ مكّة حرّمها الله، ولم يحرّمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما، ولا يعضد فيها شجرة، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها، فقولوا له: إنّ الله قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ليبلغ الشّاهد الغائب، فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا، ولا فارّا بدم، ولا فارّا بخربة».
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وأخرجه الترمذي أيضا نحوه، وقال في آخره: «ثمّ إنّكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الرّجل من هذيل، وإني عاقله، فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين، إما أن يقتلوا، أو يأخذوا العقل» قال البخاري: الخربة: الجناية والبليّة، وقال الترمذي: ويروى «بخزية».

[شرح الغريب]
عضد الشجر: قطعه بالمعضد، وهي حديدة تتخذ لقطعه.
الفار: الهارب.
والخربة: بالخاء المعجمة والراء المهملة والباء المعجمة بواحدة: أصلها العيب، والمراد به هاهنا: الذي يفر بشيء يريد أن ينفرد به ويغلب عليه، مما لا تجيزه الشريعة، والخارب أيضا: اللص، وقيل: هو سارق البعران خاصة، ثم نقل إلى غيرها اتساعا، وقد جاء في سياق الحديث عن البخاري: أن الخربة: «الجناية والبلية» وقال الترمذي: وقد روي بخزية: فيجوز أن يكون بكسر الخاء وفتحها، فبالكسر: الشيء الذي يستحى منه، أو هو الهوان، وبالفتح: الفعلة الواحدة منهما، والخزي: الهوان والفضيحة، والخزاية: الاستحياء.
العاقل: الذي يؤدي العقل، وهو الدية، والعاقلة: الجماعة الذين يتحملون الدية، وهم أقارب القاتل.

6900 - (خ م س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم فتح مكة: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونيّة، وإذا استنفرتم فانفروا» وقال يوم فتح مكة: «إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السّموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها، ولا يختلى خلاه، فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: إلا الإذخر» أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يعضد عضاهها، ولا ينفّر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد، ولا يختلى خلاها، قال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر؟ قال: إلا الإذخر» وفي أخرى: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «حرّم الله مكة، فلم تحلّ لأحد قبلي، ولا تحلّ لأحد بعدي، أحلّت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفّر صيدها، ولا تحلّ لقطتها إلا لمعرّف، فقال العباس: إلا الإذخر» لصاغتنا وقبورنا - وفي رواية: ولسقف بيوتنا - فقال: إلا الإذخر، فقال عكرمة: هل تدري: ما ينفّر صيدها؟ هو أن تنحّيه من الظّلّ وتنزل مكانه.
وأخرجه عن مجاهد مرسلا، وأخرجه النسائي مثل الرواية الثانية التي للبخاري.
وله في أخرى: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الفتح: «هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السّموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها، ولا يختلى خلاه، قال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر - أو قال كلمة معناها: إلا الإذخر» وله في أخرى: أنه قال: «إن هذا البلد حرّم بحرمة الله عزّ وجلّ، لم يحلّ فيه القتال لأحد [قبلي]، وأحل لي ساعة، فهو حرام بحرمة الله [عز وجلّ]».
وأخرج أبوداود بمثل حديث قبله عن أبي هريرة - وهذا لفظه عقيب حديث أبي هريرة عن ابن عباس في هذه القصة: «ولا يختلى خلاها» وحديث أبي هريرة الذي أخرجه أبو داود وأحال هذا الحديث عليه قد ذكر في «غزوة الفتح» من «كتاب الغزوات» في حرف الغين.

[شرح الغريب]
اللقطة: بفتح القاف: ما يوجد ولا يعرف صاحبه، واللقطة في جميع الأرض لا تحل إلا لمن يعرفها حولا، فإن ظهر صاحبها أخذها، وإلا انتفع بها بشرط الضمان عند ظهور صاحبها، وحكم مكة فيها كحكم غيرها من الأرض، فأي فائدة في تخصيصها بالذكر، قال: «ولا تحل لقطتها إلا لمن عرفها»؟ فقيل في ذلك: إنه أراد تعريفها على الدوام، بخلاف غيرها، فإنه محدود بسنة واحدة، والله أعلم.
الخلا مقصورا: الرطب من المرعى، واختلاؤه: قطعه.
العضاه: كل شجر يعظم وله شوك، وهو على ضربين: خالص، كالطلح والسلم والسدر، وغير خالص: كالنبع، والشوحط والسراء، وما صغر من شجر الشوك، فهو العض.
نشدت الضالة: إذا طلبتها، فأنت ناشد، وأنشدتها: إذا عرفتها، فأنت منشد.

6901 - (م) جابر - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- [قال]: «لا يحلّ [لأحدكم] أن يحمل السلاح بمكة» أخرجه مسلم.
6902 - (ت) الحارث بن مالك [بن البرصاء] - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يوم فتح مكة: «لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
لا تغزى هذه- يعني مكة- بعد اليوم إلى يوم القيامة: إن حمل على قصد أهلها بقتال ما ممن كان فقد غزيت بعد الفتح في زمن يزيد بن معاوية مع حصين بن نمير السكوني، لما استخلفه مسلم بن عقبة المري عند موته، بعد وقعة الحرة بالمدينة، وفي زمن عبد الملك بن مروان بن الحكم مع الحجاج، وبعد ذلك، وإنما يحتمل أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أنها لا يغزوها كافر، يريد البيت، فأما المسلمون فلا، على أن من غزاها من المسلمين في زمن يزيد وعبد الملك لم يقصدوا مكة ولا البيت، إنما كان قصدهم: عبد الله بن الزبير، مع تعظيمهم أمر مكة والبيت، وإن كان قد جرى منهم ما جرى في حق البيت، من رميه بالنار في المنجنيق، وإحراقه، ولأجل ذلك هدمه ابن الزبير، وبناه بعد عود أهل الشام عن حصاره لما وصلهم موت يزيد، ولو كانت الرواية في الحديث على أن «لا» ناهية لكان واضحا لا يحتاج إلى تأويل، كما قلنا في قوله: «لا يقتل قرشي بعد هذا اليوم صبرا.».

6903 - (ت) عبد الله بن عدي بن الحمراء - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقفا على الحزوّرة وهو يقول: والله إنّك لخير أرض [الله]، وأحبّ أرض [الله] إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» أخرجه الترمذي.
6904 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكة: «ما أطيبك من بلد، وأحبّك إليّ، ولولا أنّ قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» أخرجه الترمذي.
6905 - (ط س) محمد بن عمران الأنصاري: عن أبيه قال: عدل إليّ عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة، فقال لي: ما أنزلك تحت هذه السّرحة؟ فقلت: أردت ظلّها، قال: هل غير ذلك؟ قلت: لا، قال ابن عمر: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا كنت بين الأخشبين من منى- ونفح بيده نحو المشرق - فإنّ هناك واديا يقال له: السّرر، به سرحة - زاد رزين: لم تعبل، ثم اتفقوا - سرّ تحتها سبعون نبيّا» أخرجه «الموطأ» والنسائي.
[شرح الغريب]
السرح: شجر طوال عظام، يقال: إنه الآء بوزن العاع، واحدته سرحة.
سررت الصبي: إذا قطعت سرره، وهو فضل سرته، فالمقطوع السرر، والباقي: السرة، والمعنى بقوله: سر تحتها أي ولد تحتها سبعون نبيا.
لم تعبل: عبلت الشجر: إذا حتتت ورقه ونثرته، وعبلت الشجرة: إذا طلع ورقها، والعبل: الورق.

6906 - (د) يعلى بن أمية - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «احتكار الطّعام في الحرم إلحاد فيه» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الاحتكار: ادخار الطعام والأقوات لتغلو أسعارها وتباع على المسلمين.
الإلحاد: الظلم، وأصله: من الميل والعدول عن الشيء.

الفرع الثاني: في بناء البيت، وهدمه وعمارته
6907 - (خ م ط ت س) عائشة - رضي الله عنها -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لها: «ألم تري أنّ قومك حين بنوا الكعبة، اقتصروا عن قواعد إبراهيم، فقلت: يا رسول الله، ألا تردّها على قواعد إبراهيم؟ فقال رسول الله: لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت، فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما أرى أن رسول الله ترك استلام الرّكنين اللّذين يليان الحجر إلا أنّ البيت لم يتمّم على قواعد إبراهيم» وفي رواية قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو قال: بكفر - لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر، وفي أخرى قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ثم لبنيتها على أساس إبراهيم، فإنّ قريشا استقصرت بناءه، وجعلت له خلفا» قال هشام: يعني بابا.
وفي رواية أخرى قالت: «سألت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الجدر: أمن البيت هو؟ قال: نعم، قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إنّ قومك قصرت بهم النّفقة،قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا، ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض».
وفي أخرى قالت: «سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحجر... وذكره بمعناه» وفيه «فقلت: ما شأن بابه مرتفعا، لا يصعد إليه إلا بسلّم؟» وفيه: «مخافة أن تنفر قلوبهم» وفي رواية: أن الأسود بن يزيد قال: قال لي ابن الزبير: كانت عائشة تسرّ إليك كثيرا، فما حدّثتك في الكعبة؟ قلت: قالت لي: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة،ولولا أن أهلك حديث عهدهم، قال ابن الزبير: بكفر، لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس منه، وباب يخرجون منه، ففعله ابن الزبير. هذه روايات البخاري ومسلم.
وللبخاري: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة: لولا أن قومك حديث عهدهم بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابا شرقيّا، وبابا غربيا، فبلغت به أساس إبراهيم» فذلك الذي حمل [ابن] الزبير على هدمه، قال يزيد هو ابن رومان: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم عليه السلام حجارة كأسنمة الإبل، قال جرير بن حازم: فقلت له - يعني ليزيد بن رومان -: أين موضعه؟ فقال: أريكه الآن فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان، فقال: ها هنا، قال جرير، فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها.
ولمسلم من حديث سعيد بن ميناء قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: حدثتني خالتي - يعني عائشة - قالت: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة، فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابا شرقيّا، وبابا غربيّا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإنّ قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة» وله في أخرى عن عطاء بن رباح، قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية، حين غزاها أهل الشّام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير، حتى قدم الناس الموسم، يزيد أن يجرّئهم - أو يحرّبهم - على أهل الشام، فلما صدر النّاس قال: يا أيّها الناس، أشيروا عليّ في الكعبة: أنقضها، ثم أبني بناءها، أو أصلح ما وهى منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فرق لي رأي فيها: أرى أن تصلح ما وهى منها، وتدع بيتا أسلم الناس عليه، وأحجارا أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجدّه، فكيف ببيت ربكم؟ إني مستخير ربّي ثلاثا، ثم عازم على أمري، فلما مضى الثلاث، أجمع رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيها أمر من السماء، ثم صعد رجل، فألقى منها حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوا حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها السّتور، حتى ارتفع بناؤه، قال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوّي على بنيانه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت له بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرج منه، قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف النّاس، قال: فزاد فيه خمس أذرع من الحجر حتى أبدى أسّا، فنظر الناس إليه، فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة: ثمانية عشر ذراعا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه، فلما قتل ابن الزبير: كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أسّ قد نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله: فأقرّه، وأما ما زاد فيه من الحجر: فردّه إلى بنائه؛ وسدّ الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه».وله في أخرى من رواية عبد الله بن عبيد بن عمير، والوليد بن عطاء، عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال عبد الله بن عبيد: «وفد الحارث على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال: ما أظن أبا خبيب - يعني ابن الزبير - سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها، قال الحارث: بلى، أنا سمعته منها، قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حدثان عهدهم بالشّرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمّي لأريك ما تركوا منه، فأراها قريبا من سبعة أذرع».
هذا حديث عبد الله بن عبيد، وزاد عليه الوليد بن عطاء: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقيّا وغربيّا، وهل تدرين: لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا، قال: تعزّزا أن لا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه، فسقط، قال عبد الملك للحارث: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم، قال: فنكت ساعة بعصاه، ثم قال: وددت أني تركته وما تحمّل».
وله في أخرى عن أبي قزعة أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت، إذ قال: قاتل الله ابن الزبير، حيث يكذب على أم المؤمنين، يقول: سمعتها تقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة، لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر، فإن قومك قصّروا في البناء، فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعت أمّ المؤمنين تحدّث هذا، فقال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير».
وأخرج «الموطأ» الرواية الأولى، وأخرج النسائي الرواية الأولى والثانية والأولى من روايات مسلم، وله في أخرى مثل رواية البخاري، إلى قوله: «كأسنمة الإبل» وزاد: «متلاحكة».
وأخرج الترمذي عن الأسود [بن يزيد] «أن الزبير قال له: حدّثني بما كانت تفضي إليك أم المؤمنين - يعني عائشة - فقال: حدّثتني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها: «لولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة، وجعلت لها بابين، فلما ملك ابن الزبير هدمها وجعل لها بابين».

[شرح الغريب]
حدثان الشيء: أوله، والمراد به: قرب عهدهم بالجاهلية، وأن الإسلام لم يتمكن بعد، فكأنهم كانوا ينفرون لو هدمت الكعبة وغيرت هيئتها.
الجدر: أصل الحائط، وأراد به هاهنا: الحجر، لما فيه من أصول الحيطان.
أن يجرئهم: من رواه بالجيم والياء المعجمة بنقطتين من تحت، فهو الجرأة، وهي الإقدام على الشيء، أراد: أن يزيد في جرأتهم عليهم ومطالبتهم واستحلالهم بحرق الكعبة، ومن رواه بالحاء المهملة والباء المعجمة بواحدة من تحت، أراد: أن يزيد في غضبهم، يقال: حرب الرجل، إذا غضب، وحربته أنا: إذا حرشته وسلطته وعرفته بما يغضب منه.
فرق: بضم الفاء وكسر الراء، أي: كشف، وبين لي، قال الله تعالى: وقرآنا فرقناه أي: بيناه، وهذا نقل من الجمع المصحح بخط الشيخ ابن الصلاح رحمه الله: فرق لي رأي فيها: اتجه وعن لي ووضح عندي، ومنه: فرق الأمر: إذا بان.
تعززا: التعزز: من العزة، وهي القوة، أراد: تكبرا على الناس، وقد جاء في بعض نسخ مسلم تعزرا بالزاي والراء بعدها من التعزير: التوقير، فإما أن يريد توقير البيت وتعظيمه، أو تعظيم أنفسهم وتكبرهم على الناس بذلك.
وهي: البناء: تهدم، ووهي السقاء: إذا تخرق.
نكت: في الأرض بأصبعه أو بقضيب: إذا أثر فيها بأحدهما ضربا.
تركته وما تحمل: يعني: أدعه وما اكتسب من الإثم الذي تحمله في نقض الكعبة وتجديد بناتها.
تلطيخ ابن الزبير: أراد اختلاف فعاله، وما اعتمده من هدم الكعبة.
الجدر: جمع جدار، وهي الحائط.

6908 - (خ م) عمرو بن دينار - رحمه الله -: قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، - وفعل ذلك قبل أن يبعث - فخرّ إلى الأرض، فطمحت عيناه في السماء، فقال: إزاري، إزاري، فشدّه عليه» وفي رواية «فسقط مغشيّا عليه، فما رؤي بعد عريانا» أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
طمحت العين إلى الشيء: امد نظرها إليه.

6909 - (خ) عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد - رحمهما الله - قالا: «لم يكن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمسجد حائط، كانوا يصلّون حول البيت، حتى كان عمر، فبنى حوله حائطا، [قال عبيد الله]: جدره قصير، فعلاّه ابن الزبير» أخرجه البخاري.
6910 - (خ م س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرّب الكعبة ذو السّويقتين من الحبشة» وفي رواية قال: «ذو السّويقتين من الحبشة، يخرّب بيت الله».
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.

[شرح الغريب]
ذو السويقتين: الساق: ساق الإنسان، وهي مؤنثة، وتصغيرها: سويقة بالتاء، على قياس تصغير أمثالها، وتثنيتها: سويقتان، بإثبات التاء في التثنية، لأن تثنيتها مصغرة، وإنما صغرها لأنه أراد ضعفها ودقتها، لأن عامة الحبشة في أسوقتهم دقة وحموشة.

6911 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كأني به أسود أفحج، يقلعها حجرا حجرا - يعني الكعبة» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
أفحج الفحج: بعيد ما بين الساقين.

6912 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنّه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السّويقتين من الحبشة» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
كنز المال: المخبأ، وأراد به: مال الكعبة الذي كان معدا فيها من النذور التي كانت تحمل إليها قديما وغيرها.

الفصل الثاني: في فضل مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
الفرع الأول: في تحريمها
6913 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال عاصم بن سليمان الأحول: قلت لأنس: أحرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة؟ قال: نعم، ما بين كذا إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا، قال لي: هذه شديدة، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» وفي رواية قال: «سألت أنسا أحرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة؟ قال: نعم، هي حرام، لا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» وفي رواية عن أنس - يتضّمن ذكر زواجه بصفية بنت حيي - وسيجيء في «كتاب النكاح» من حرف النون، وقال في آخره: «ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد، قال: هذا جبل يحبّنا ونحبّه، فلما أشرف على المدينة قال: «اللهم إني أحرّم ما بين جبليها مثل ما حرّم إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدّهم وصاعهم».أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
الحدث: الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، وأما المحدث، فيروى بكسر الدال وهو فاعل الحدث وبفتحها وهو الأمر المبتدع نفسه.
الصرف: النافلة.
العدل: الفريضة.

6914 - (خ م د ت س) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: ما كتبنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا القرآن، وما في هذه الصّحيفة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المدينة حرام ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف، ذمّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما، فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف».
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
ولأبي داود - بهذه القصة - وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يختلى خلاها، ولا ينفّر صيدها، ولا يلتقط لقطتها،إلا من أشاد بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السّلاح لقتال، ولا أن يقلع منها شجرة، إلا أن يعلف رجل بعيره».
وفي رواية البخاري قال: «خطبنا عليّ على منبر من آجرّ وعليه سيف فيه صحيفة معلّقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله عزّ وجلّ، وما في هذه الصحيفة، فنشرها، فإذا فيها: أسنان الإبل، وإذا فيها: المدينة حرم، من عير إلى كداء، فمن أحدث فيها حدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا».

[شرح الغريب]
عير، وثور: جبلان، فأما عير: فبالمدينة، وأما ثور: فالمعروف بمكة، والحديث يعطي أنه بالمدينة، وليس بالمدينة جبل يسمى ثورا، ولعل الحديث «ما بين عير إلى أحد» والله أعلم.
خفرت الرجل: إذا أمنته، وأخفرته: إذا نقضت عهده.
الإشادة: رفع الصوت بالشيء، والمراد به: تعريف اللقطة وإنشادها.

6915 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف» زاد في رواية: «وذمّة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما: فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف» وزاد في أخرى: «ومن تولّى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين، ولا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف» وفي رواية: «ومن والى غير مواليه بغير إذنهم».
أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
والى قوما بغير إذن مواليه: ظاهر هذا اللفظ: أنهم إذا أذنوا له أن يوالي غيرهم جاز له، وليس الأمر على هذا، فإنهم لو أذنوا له لم يجز له، وإنما ذلك على معنى التوكيد لتحريمه، والتنبيه على بطلانه، وذلك: أنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم، منعوه من ذلك، وإذا استبد دونهم: خفي أمره عليهم، فربما ساغ له ذلك، فإذا تطاول عليه الوقت وامتد الزمان، عرف بولاء من انتقل إليهم، فيكون ذلك سببا لبطلان حق مواليه، فهذا وجه ما ذكر من إذنهم.

6916 - (خ م) عبد الله بن زيد المازني - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ إبراهيم حرّم مكّة، ودعا لها - وفي رواية: ودعا لأهلها - وإني حرّمت المدينة، كما حرّم إبراهيم مكّة، وإني دعوت في صاعها ومدّها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة».أخرجه البخاري ومسلم.
6917 - (م) عتبة بن مسلم - رحمه الله - قال: قال نافع بن جبير: إنّ مروان ابن الحكم خطب النّاس، فذكر مكة وأهلها وحرمتها، فناداه رافع بن خديج، فقال: «ما لي أسمعك ذكرت مكة وأهلها وحرمتها، ولم تذكر المدينة، وأهلها وحرمتها، وقد حرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بين لابتيها وذلك عندنا في أديم خولانيّ، إن شئت أقرأتكه؟ فسكت مروان، ثم قال: قد سمعت بعض ذلك» وفي رواية عن رافع [بن خديج] قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ إبراهيم حرّم مكة، وإني أحرّم ما بين لابتيها».يريد المدينة، أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
اللابة: الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة بين حرتين.

6918 - (م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّي حرّمت ما بين لابتي المدينة،كما حرّم إبراهيم مكة» ثم قال الراوي: كان أبو سعيد يأخذ - أو قال: يجد - أحدنا في يده الطير، فيفكّه من يده، ثم يرسله. أخرجه مسلم.
6919 - جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ إبراهيم حرّم مكة، وأني حرّمت المدينة، ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها» أخرجه....
6920 - (م د) عامر بن سعد بن أبي وقاص: «أن سعدا - رضي الله عنه - ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبدا يقطع شجرا، أو يخبطه، فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد، فكلّموه أن يردّ على غلامهم - أو عليهم - ما أخذ من غلامهم، فقال معاذ الله أن أردّ شيئا نفّلنيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبى أن يردّه عليهم» أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود عن سعد [بن أبي وقاص]: «أنه وجد عبيدا من عبيد المدينة يقطعون من شجر المدينة، فأخذ متاعهم، وقال لمواليهم: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء، وقال: من قطع منه شيئا فلمن أخذه سلبه».

[شرح الغريب]
خبطت الشجر: إذا ضربتها لينتثر ورقها.
التنفيل: الزيادة في العطاء، وأن يعطيه خاصة دون غيره.

6921 - (د) سليمان بن أبي عبد الله - رحمه الله - قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسلبه ثيابه، فجاء مواليه فكلّموه [فيه]، فقال: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّم هذا الحرم، وقال: من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه، فلا أردّ عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه» أخرجه أبو داود.
6922 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله -: عن رجل أنه قال: «دخل عليّ زيد بن ثابت بالأسواف، وقد اصطدت نهسا، فأخذه من يدي، فأرسله» أخرجه «الموطأ».
[شرح الغريب]
النهس: طائر يشبه الصرد، إلا أنه غير ملمع، يديم تحريك ذنبه يصيد العصافير.

6923 - (ط) أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: [أنه] «وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية، فطردهم عنه،قال مالك: لا أعلم إلا أنه قال: أفي حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع هذا؟» أخرجه «الموطأ».
6924 - (خ م ط ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: لو رأيت الظّباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين لابتيها حرام».
وفي رواية: قال: «حرّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما بين لابتي المدينة» قال أبوهريرة: «فلو وجدت الظّباء ما بين لابتيها ما ذعرتها، قال: وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج «الموطأ» والترمذي إلى قوله: «حرام».

6925 - (د) جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن يهشّ هشّا رفيقا» أخرجه أبو داود.
6926 - (م) سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: «أهوى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى المدينة، وقال: إنها حرم آمن» أخرجه مسلم.
6927 - عدي بن زيد - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمى كلّ ناحية من المدينة بريدا بريدا، لا يخبط شجره، ولا يعضد، ولا يقطع منها إلا ما يسوق به إنسان بعيره. أخرجه...
[شرح الغريب]
البريد: المسافة التي كان يسكنها خيل البريد، وهي فرسخان، وقيل أربعة، والأصل فيه: أن البريد هو البغل، وهي كلمة فارسية، أصلها: بريده دم: أي محذوف الذنب، لأن بغال البريد كانت محذوفات الأذناب، فعربت الكلمة وخففت، ثم سمى الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافة التي تكون بين السكين بريدا.

الفرع الثاني: في المقام بها، والخروج منها
6928 - (م) أبو سعيد مولى المهري: «أنه أصابهم بالمدينة جهد وشدة، وأنه أتى أبا سعيد [الخدري - رضي الله عنه -] فقال له: إني كثير العيال، وقد أصابتنا شدّة، فأردت أن أنقل عيالي إلى بعض الرّيف، فقال أبو سعيد: لا تفعل، الزم المدينة، فإنا خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - أظن أنه قال: حتى قدمنا عسفان - فأقمنا بها ليالي، فقال الناس: والله ما نحن ها هنا في شيء، وإن عيالنا لخلوف، ما نأمن عليهم، فبلغ ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما هذا الذي بلغني من حديثكم؟ [ما أدري كيف؟ قال: والذي أحلف به - أو والذي نفسي بيده -] لقد هممت - أو إن شئتم - لا أدري أيتهما قال: لآمرنّ بناقتي فترحل، ثم لا أحلّ لها عقدة حتى أقدم المدينة، وقال: اللهم إن إبراهيم حرّم مكة، فجعلها حراما، وإني حرّمت المدينة حراما ما بين مأزميها: أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في صاعنا، اللهم بارك لنا في مدّنا، اللهم بارك لنا في صاعنا، [اللهم بارك لنا في مدّنا]، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم اجعل مع البركة بركتين، والذي نفسي بيده، ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها، حتى تقدموا إليها، ثم قال للناس: ارتحلوا، فارتحلنا، فأقبلنا إلى المدينة، فوالذي نحلف به - أو يحلف به - ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة، حتى أغار علينا بنوعبد الله بن غطفان، وما يهيجهم قبل ذلك شيء».
وفي رواية أنه جاء إلى أبي سعيد ليالي الحرّة، فاستشاره في الجلاء من المدينة، وشكا إليه أسعارها، وكثرة عياله، وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها، فقال له: ويحك، لا آمرك، بذلك، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعا - أو شهيدا - يوم القيامة، إذا كان مسلما» أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
الريف: الخصب وكثرة النبات في الأرض.
حي خلوف: قد غاب رجاله عنه، وأقام النساء والأطفال.
مأزميها: كل طريق بين جبلين: مأزم، ومنه سمي الموضع الذي بين المشعر الحرام وبين عرفة: مأزمين.
النقب: المضيق بين الجبلين، والجمع: النقوب، والأنقاب، والنقاب.
اللأواء: الشدة والأمر العظيم الذي يشق على الإنسان، من عيش أو قحط، أو خوف ونحو ذلك.
هاجهم العدو يهيجهم: أي حركهم وأخافهم وأزعجهم.

6929 - (م ط ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: يحنّس مولى مصعب بن الزبير: إنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة، فأتته مولاة له تسلّم عليه، فقالت: إني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن، اشتدّ علينا الزمان، فقال لها عبد الله: اقعدي لكاع، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة» يعني المدينة.
وفي رواية عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من صبر على لأوائها [وشدّتها] - يعني المدينة - كنت له شفيعا، أو شهيدا يوم القيامة» أخرجه مسلم.
وأخرج «الموطأ» الثانية، وأخرج الترمذي نحو الأولى، وفيه: قالت: «إني أريد [أن] أخرج إلى العراق، قال: فهلاّ إلى الشام أرض المنشر؟ واصبري لكاع».

[شرح الغريب]
لكاع: رجل لكع وامرأة لكاع: إذا كانا لئيمين، وقيل: هو وصف بالحمق، وقيل: العبد عند العرب: لكع، والأمة: لكاع.
أرض المنشر: الموضع الذي ينشر الله الموتى فيه يوم القيامة، أي: يحييهم ويخرجهم من القبور للعرض والحساب، وذلك الموضع هو بالأرض المقدسة، وهي من الشام.

6930 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يصبر على لأواء المدينة، وشدّتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة، أو شهيدا» أخرجه مسلم والترمذي.
6931 - (م) سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إني أحرّم ما بين لابتي المدينة: أن يقطع عضاهها، أو يقتل صيدها، وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا - أو شهيدا - يوم القيامة، زاد في رواية: ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء، إلا أذابه الله بالنار ذوب الرصاص، أوذوب الملح في الماء» أخرجه مسلم.
6932 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «سيأتي على الناس زمان يدعو الرجل قريبه وابن عمه: هلمّ إلى الرّخاء، هلمّ إلى الرّخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه، ألا وإن المدينة كالكير يخرج الخبث، لا تقوم السّاعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد» أخرجه مسلم.
6933 - (ط) عروة بن الزبير: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه». أخرجه «الموطأ».
6934 - (خ م ط) سفيان بن أبي زهير - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسّون، فيتحمّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام، فيأتي قوم يبسّون، فيتحمّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسّون فيتحمّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون».
أخرجه البخاري ومسلم و«الموطأ» ولمسلم نحوها، وهذه أتم.

[شرح الغريب]
يبسون: تقول: بسست الإبل وأبسستها: إذا سقتها وزجرتها في السير، المعنى: أنهم يسوقون بهائمهم سائرين عن المدينة إلى غيرها، والأصل فيه: أنه بس بس: زجر للإبل.

6935 - (خ م ط ت س) جابر - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموما - وفي رواية: فأصاب الأعرابيّ وعك بالمدينة - فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه، فقال: أقلني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابيّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها وينصع طيّبها» أخرجه البخاري ومسلم و«الموطأ» والترمذي والنسائي، ولم يذكر النسائي وعكه.
[شرح الغريب]
الوعك: الألم، وقيل: هو ألم الحمى.
الإقالة: في البيع: وهو نقض البيع المنعقد، والمراد به هاهنا: أنقض العهد الذي بيننا من الإسلام، حتى أرجع عنك إلى وطني، وذلك لما ناله من المرض بالمدينة.
الناصع: الخالص، والمراد به: ويظهر طيبها هكذا هي الرواية بالصاد المهملة والنون، وقد شرحه أهل الغريب كذلك فلم يبق للتصحيف مع الشرح وجه، ورأيت الزمخشري -رحمه الله - قد ذكره في الفائق، ويبضع طيبها بالباء والضاء المعجمة، قال: ومعناه: من البضاعة، يقال: أبضعته بضاعة: إذا دفعتها إليه ليتجر لك فيها، أراد: أن المدينة تعطي طيبها بضاعة لساكنها ولعله قد رواها هو كذلك، فشرح ما رواه.

6936 - (خ م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» أخرجه البخاري ومسلم و«الموطأ».
[شرح الغريب]
أمرت بقرية تأكل القرى: أراد: أن الله ينصر الإسلام بأهل المدينة، وهم الأنصار، ويفتح على أيديهم القرى، ويغنمها إياهم فيأكلونها، هذا من باب الاتساع والاختصار وحذف المضاف، التقدير: ويأكل أهلها أموال القرى.
يثرب: اسم أرض هي بها، فغيرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بطيبة وطابة، كراهة التثريب: وهو المبالغة في اللوم والتعنيف والتعيير، وطيبة وطابة من الطيب.

6937 - (م) زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّها طيبة -يعني المدينة - وإنّها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضّة» أخرجه مسلم، وهذه الرواية لم يذكرها الحميديّ في كتابه.
6938 - (ت) ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها». أخرجه الترمذي.
6939 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان جالسا، وقبر يحفر في المدينة، فاطّلع رجل في القبر، فقال: بئس مضجع المؤمن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بئس ما قلت؟ فقال الرجل: إني لم أرد هذا يا رسول الله، إنما أردت القتل في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا مثل للقتل في سبيل الله، ما على الأرض بقعة [هي] أحبّ إلى أن يكون قبري بها منها، ثلاث مرات» أخرجه «الموطأ».
6940 - (خ ط) حفصة بنت عمر وأسلم مولى عمر: قالا: قال عمر: «اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك» وفي رواية عن حفصة: «فقلت: أنّى يكون هذا؟ قال: يأتيني به الله إذا شاء» أخرجه البخاري و«الموطأ».
الفرع الثالث: في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم لها
6941 - (خ م ط) عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما قدم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت، كيف تجدك؟ ويا بلال، كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول:
كلّ امرئ مصبّح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه، يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بواد وحولي إذخر وجليل؟
وهل أردن يوما مياه مجنّة وهل يبدون لي شامة وطفيل؟
قالت عائشة: فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فقال: اللهمّ حبّب إلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشدّ، اللهم صحّحها، وبارك لنا في مدّها وصاعها، وانقل حمّاها فاجعلها بالجحفة.
وفي رواية نحوه، وزاد بعد بيتي بلال من قوله: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأميّة بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، ثم قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم حبّب إلينا المدينة... وذكر باقي الدعاء. قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، قالت: وكان بطحان يجري نجلا، تعني ماء آجنا» أخرجه البخاري ومسلم و«الموطأ».
وأخرج «الموطأ» عقيب هذا الحديث عن يحيى بن سعيد أن عائشة قالت: وكان عامر بن فهيرة يقول:
قد رأيت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه

[شرح الغريب]
الجليل: الثمام، وهو من نبت البادية.
مجنة: موضع معروف بينه وبين مكة ستة أميال، وكان للعرب فيه سوق.
شامة وطفيل: جبلان بأرض مكة، وماوالاها، وقال بعض العلماء: هما عينان لاجبلان.
النجل: الماء القليل الذي ينز نزا، وهو كالرشح.
أجن: الماء يأجن فهو آجن: إذا تغير لونه وطعمه وريحه.

6942 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا كنا بحرّة السّقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ائتوني بوضوء، فتوضأ ثم قام، فاستقبل القبلة، فقال: اللهم إنّ إبراهيم كان عبدك وخليلك، ودعا لأهل مكة بالبركة، وأنا عبدك ورسولك، أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدّهم وصاعهم مثلي ما باركت لأهل مكة، مع البركة بركتين» أخرجه الترمذي.
6943 - (خ م ط) أنس - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة».
وفي رواية: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم،وبارك لهم في مدّهم»أخرجه البخاري ومسلم،وأخرج «الموطأ» الثانية.

6944 - (خ م) سعد وأبو هريرة - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لأهل المدينة في مدّهم... وساق الحديث، وفيه: من أراد أهلها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» أخرجه مسلم هكذا، قال... وساق الحديث.
وأخرج البخاري ومسلم عن سعد قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يكيد لأهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء» وقد تقدّم في «الفرع الثاني» عن سعد نحو هذا في آخر حديث.
ولمسلم عن سعد: «من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» وفي أخرى «بدهم أو بسوء».

[شرح الغريب]
الكيد: المكر والاحتيال.
انماع الشيء: إذا ذاب وتفرقت أجزاؤه.
الدهم: الجماعة من الناس، وأمر دهم، أي: عظيم، كأنه قد دهم، أي: جاء بغتة، وهو من الدهمة، وهي السواد.

6945 - (م ط ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإذا أخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدّنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيّك، وإني عبدك ونبيّك وإنه دعاك لمكة، وإني أدعو للمدينة بمثل ما دعاك ومثله معه، قال: ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر.
وفي رواية: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان يؤتى بأول الثمر، فيقول: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارنا، وفي مدّنا، وفي صاعنا، بركة مع بركة، ثم يعطيه أصغر من يحضر من الولدان» أخرجه مسلم.
وأخرج «الموطأ» والترمذي الرواية الأولى.

6946 - (م) أبو سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لنا في مدّنا وصاعنا، واجعل [مع] البركة بركتين» أخرجه مسلم.
الفرع الرابع: في حفظها وحراستها
6947 - (خ م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطّاعون،ولا الدّجال» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق، وهمّته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهناك يهلك» وأخرج «الموطأ» الأولى.
وقد أخرج الترمذي رواية مسلم في جملة حديث يرد.

6948 - (خ) أبو بكرة - رضي الله عنه - قال: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدّجّال، لها يومئذ سبعة أبواب، على كلّ باب ملكان» أخرجه البخاري.
6949 - (خ م) أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدّجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافّين، يحرسونها، فينزل السّبخة، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق».
وفي رواية نحوه، وقال: «فيأتي سبخة الجرف» وقال: «فيخرج إليه كل منافق ومنافقة» أخرجه البخاري ومسلم.

6950 - (خ ت) أنس - رضي الله عنه - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «المدينة يأتيها الدّجّال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدّجال ولا الطاعون إن شاء الله» أخرجه البخاري والترمذي.
وهذا الحديث أخرجه الحميدي في أفراد البخاري من «مسند أنس»، وأخرج الذي قبله في المتفق عليه، وهما بمعنى، وحيث أفرده اتّبعناه ونبّهنا عليه.
وقد تقدم في «الفصل الأول» من الأحاديث ما يشتمل على فضله حيث كان مشتركا بين المسجد الحرام وبينه، وحيث ذكرناها هنالك لم نعدها، ونذكر ها هنا ما هو مختص بمسجد المدينة.

الفرع الخامس: في مسجد المدينة
6951 - (خ م ط س) عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي و«الموطأ».

6952 - (ت) علي وأبو هريرة - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة». أخرجه الترمذي عنهما. وأخرجه مرة أخرى عن أبي هريرة.
6953 - (ط خ م) أبو هريرة أو أبو سعيد - رضي الله عنهما -: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي» أخرجه «الموطأ» هكذا عن أبي هريرة أو أبي سعيد.
وأخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة بغير شك.

6954 - (س) أم سلمة - رضي الله عنها - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن قوائم منبري هذا رواتب في الجنة» أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
رواتب: جمع راتب، وهي الشيء الثابت المقيم، رتب في المكان: إذا قام فيه وثبت.

6955 - (م ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله أيّ المسجد الذي أسّس على التقوى؟ قال: فأخذ كفّا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا، لمسجد المدينة» أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي والنسائي قال: تماري رجلان في المسجد الذي أسّس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هو مسجدي هذا».
قال الترمذي: وقد روي هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه.

[شرح الغريب]
المماراة: الجدال والخصام.

الفرع السادس: في عمارتها وهرابها
6956 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تبلغ المساكن إهاب - أو يهاب - قال زهير: قلت لسهيل: فكم ذلك من المدينة؟ قال: كذا وكذا ميلا» أخرجه مسلم.

6957 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة» أخرجه الترمذي.
6958 - (خ م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي - يريد عوافي السباع والطير - فآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة، ينعقان بغنمها، فيجدانها ملئت وحوشا، حتى إذا بلغا ثنيّة الوداع خرّا على وجوههما».
وفي رواية «ليتركنّها أهلها على خير ما كانت مذللّة للعوافي - يعني السباع والطير» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية «الموطأ»: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لتتركنّ المدينة على أحسن ما كانت، حتى يدخل الكلب أو الذئب، فيغذّي على بعض سواري المسجد، أو على المنبر، فقالوا: يا رسول الله، فلمن تكون الثمار ذلك الزمان؟ فقال: للعوافي: الطير والسباع».

[شرح الغريب]
العوافي: جمع عافية، والعافية: كل طالب، سواء كان من السباع أو الطير أو الدواب أو الناس، إلا أنه قدكثر استعماله وغلب على السباع والطير.
النعق: الراعي بالغنم: إذا دعاها لتعود إليه.
مذللة بلدة مذللة، وأرض مذللة، وناقة مذللة، أي: متمكن منها غير محمية ولا ممتنعة، والمراد: أن المدينة تكون يومئذ مخلاة تنتابها السباع والوحوش لخولها من الساكنين، وقيل: أراد مذللة قطوفها، يعني دانية، ممكنا منها، أي على أحسن أحوالها.
غذى: الكلب ببوله تغذية: إذا رماه متقطعا.

الفرع السابع: في أحاديث متفرقة
6959 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحيّة إلى جحرها» أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
أرزت الحية إلى ثقبها، تأرز: إذا انضمت إليه والتجأت.

6960 - (م) جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله سمّى المدينة طابة» أخرجه مسلم.
6961 - (خ ت) أنس [بن مالك] - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر، فنظر إلى جدرات المدينة، أوضع راحلته، وإن كان على دابة حرّكها من حبّها».[وفي رواية «دوحات المدينة»] أخرجه البخاري والترمذي.
[شرح الغريب]
دوحات: جمع دوحة، وهي الشجرة العظيمة.
الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال.
والإيضاع: في سير الإبل: سرعة مع سهولة، وضعت هي، وأوضعها راكبها.

6962 - سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: «لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تبوك، تلقاه رجال من المتخلّفين من المؤمنين، فأثاروا غبارا، فخمّر بعض من كان مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنفه، فأزال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللّثام عن وجهه، وقال: والذي نفسي بيده: إن في غبارها شفاء من كل داء، قال: وأراه ذكر: ومن الجذام والبرص» أخرجه....
6963 - (ط) عبد الرحمن بن القاسم: أن أسلم مولى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أخبره: «أنه زار عبد الله بن عياش المخزوميّ، فرأى عنده نبيذا وهو بطريق مكة، فقال له أسلم: إن هذا لشراب يحبّه عمر بن الخطاب، فحمل عبد الله ابن عياش قدحا عظيما، فجاء به إلى عمر بن الخطاب، فوضعه في يده، فقرّبه إلى فيه، ثم رفع رأسه، فقال عمر: إن هذا لشراب طيب فشرب منه، ثم ناوله رجلا عن يمينه، فلما أدبر عبد الله بن عياش ناداه عمر بن الخطاب، فقال: أنت القائل: لمكة خير من المدينة؟ [قال عبد الله]: فقلت: هي حرم الله وأمنه، وفيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئا، ثم قال عمر: أنت القائل: لمكّة خير من المدينة؟ فقلت: هي حرم الله وأمنه، وفيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئا، ثم انصرف» أخرجه «الموطأ».
الفرع الثامن: في مسجد قباء
6964 - (خ م س ط د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يزور قباء، أو يأتي قباء، راكبا وماشيآ» زاد في رواية «فيصلّي فيه ركعتين».
وفي رواية: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان عبد الله يفعله».
وفي رواية «أن ابن عمر كان يأتي قباء كل سبت، وكان يقول: رأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يأتيه كل سبت».
وفي أخرى «كان يأتيه راكبا وماشيا».
قال [عمرو] بن دينار: وكان ابن عمر يفعله.
أخرج الأولى والزيادة البخاري ومسلم، وأخرج الثانية البخاري والنسائي، وأخرج الثالثة والرابعة مسلم، وأخرج «الموطأ» الرابعة، وأخرج أبو داود الأولى، وقد تقدّم في «صلاة الضحى» للبخاري رواية طويلة، فلم نعدها.

6965 - (س) سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من خرج حتى يأتي هذا المسجد - مسجد قباء - فصلى فيه، فإن له كعدل عمرة» أخرجه النسائي.
6966 - (ت) أسيد بن ظهير - رضي الله عنه - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصلاة في مسجد قباء كعمرة» أخرجه الترمذي.
الفرع التاسع: في جبل أحد
6967 - (خ م ط ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أحدا جبل يحبّنا ونحبّه».
وفي رواية قال: نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أحد، فقال: «إن أحدا جبل يحبنا ونحبّه» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية «الموطأ» والترمذي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد، فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبّه، اللهم إن إبراهيم حرّم مكة، وإني أحرّم ما بين لابتيها».

6968 - (ط) عروة بن الزبير - رحمه الله - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلع له أحد، فقال: هذا جبل يحبّنا ونحبّه. أخرجه «الموطأ».
6969 - (خ) سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحد جبل يحبّنا ونحبّه» أخرجه البخاري.
6970 - (خ م) أبو حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة تبوك... وساق الحديث - وفيه: ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني مسرع، فمن شاء منكم فليسرع، ومن شاء فليمكث، فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة، فقال: هذه طابة، وهذا أحد، وهو يحبنا ونحبه».
أخرجه مسلم هكذا، قال: وساق الحديث، والحديث بطوله قد أخرجه هو والبخاري، وهو مذكور في موضعه.

الفرع العاشر: في العقيق وذي لحليفة
6971 - (خ م س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أتي وهو في معرّسه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل له: إنك ببطحاء مباركة. قال موسى - هو ابن عقبة - وقد أناخ بنا سالم في المناخ من المسجد الذي كان عبد الله ينيخ به، يتحرّى معرّس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي، بينه وبين القبلة، وسطا من ذلك» أخرجه البخاري ومسلم، وأخرج النسائي منه إلى قوله: «مباركة» وله في أخرى «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، وصلّى بها».

[شرح الغريب]
المعرس: موضع التعريس، وهو نزول المسافر آخر الليل نزلة للاستراحة والنوم.
التحري: القصد والاعتماد لتحقيق الغرض المطلوب.

6972 - (خ د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وهو بوادي العقيق - يقول: «أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجّة».وفي رواية «وقل: عمرة وحجة».
وفي أخرى قال: «عمرة في حجة» أخرجه البخاري وأبو داود.

6973 - (د) مالك [بن أنس] - رحمه الله - قال: «لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرّس، إذا قفل راجعا إلى المدينة، حتى يصلّي فيه ما بدا له، لأنه بلغني: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرّس به».أخرجه أبو داود، وقال: «المعرّس على ستة أميال من المدينة».
الفصل الثالث: في أماكن متعددة من الأرض
الحجاز
6974 - (ت) عمرو بن عوف - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الدّين ليأرز إلى الحجاز، كما تأرز الحية إلى جحرها، وليعقلنّ الدّين من الحجاز معقل الأرويّة من رأس الجبل، إن الدّين بدأ غريبا، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس [من بعدي] من سنّتي».أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
ليعقلن: أي ليعتصم ويلتجىء ويحتمي.
الأروية: الشاة الواحدة من شياه الجبل، وجمعها: أروى.
طوبى: اسم الجنة، أي: فالجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا غرباء في أول الإسلام، والذين يصيرون غرباء بين الكفار في آخره لصبرهم على أذى الكفار أولا وآخرا، أو لزومهم دين الإسلام.

6975 - (م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وهو يأرز المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
بدأ الإسلام غريبا: أي: كان في أول الأمر كالغريب الذي لا أهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ، وسيعود كما بدأ، أي: يقل المسلمون في آخر الزمان، فيصيرون كالغرباء بين الكفار.

6976 - (ط) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يقول: «لبيت بركبة أحبّ إليّ من عشرة أبيات بالشام» قال مالك: يريد لطول الأعمار والبقاء، ولشدة الوباء بالشام. أخرجه «الموطأ».
6977 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «غلظ القلوب والجفاء: في المشرق، والإيمان في أهل الحجاز» أخرجه مسلم.
جزيرة العرب
6978 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
التحريش: الإغراء وإيقاع الفتن بين الناس، وحمل بعضهم على بعض بايقاع الفساد بينهم.

6979 - (ط) محمد بن شهاب الزهري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب».
قال محمد بن شهاب: ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب، حتى أتاه الثلج واليقين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» فأجلى يهود خيبر.
قال مالك: وقد أجلى عمر يهود نجران وفدك، فأما يهود خيبر: فخرجوا منها،ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء، وأما يهود فدك: فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض، [لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض، فأقام لهم عمر بن الخطاب: نصف الثمر ونصف الأرض] قيمة من ذهب وورق وإبل، وحبال وأقتاب، ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها. أخرجه «الموطأ».

[شرح الغريب]
الفحص: البحث عن حقيقة الأمر وكشفه.
الثلج: اليقين، ثلج الأمر في قلبي: إذا ثبت واطمأننت إليه، وثلجت نفسي بالأمر تثلج ثلوجا، وثلجت تثلج ثلجا.

6980 - (د) مالك بن أنس: قال: [إن] عمر - رضي الله عنه - أجلى أهل نجران، ولم يجلوا من تيماء، لأنها ليست من بلاد العرب، فأمّا الوادي: فإني أرى أنما لم يجل من فيها من اليهود: أنهم لم يروها من أرض العرب. وعن مالك قال: وقد أجلى عمر يهود نجران وفدك. أخرجه أبو داود.
6981 - (م د ت) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما».
قال سعيد بن عبد العزيز: جزيرة العرب: ما بين الوادي إلى أقصى اليمن، إلى تخوم العراق إلى البحر.
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي، ولم يذكر كلام سعيد بن عبد العزيز [سوى أبي داود].

6982 - (د) عبد الله بن عباس وجويرية بن قدامة - رضي الله عنهما - قالا: أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند موته: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم».
قال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب؟ فقال: مكة والمدينة واليمامة واليمن، وقال يعقوب: العرج أول اليمامة، قال يعقوب: وحدّثت: أن جزيرة العرب: ما بين وادي القرى إلى أقصى اليمن، وما بين البحر إلى تخوم العراق في الأرض في العرض.
وفي رواية عن ابن عباس وحده: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- «أوصى بثلاثة، فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة، أو قال: فأنسيتها. أخرج أبو داود الثانية، والأولى ذكرها رزين.

[شرح الغريب]
أجيزوا الوفد: الوفد: الجماعة الذين يقصدون الملوك والأمراء ومن يجري مجراهم، ينتجعونهم ويستنجدونهم، وإجازتهم: إعطاؤهم الجائزة، وهي ما جاؤوا يلتمسونه من العطاء، وأصل ذلك في اللغة: أن يعطي الرجل الرجل ماء، ويعيره ليذهب في وجهه الذي يريد، يقول الرجل إذا ورد الماء لقيم الماء: أجزني ماء، أي: أعطني ماء حتى أذهب لوجهي، وأجوز عنك، ثم كثر هذا حتى استعمل في العطاء، فسموا العطية جائزة.

6983 - (خ م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن عمر أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض لمّا ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقرّهم بها على أن يكفوا العمل ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نقرّكم بها على لك ما شئنا، فقرّوا بها حتى أجلاهم عمر في إمارته إلى تيماء وأريحاء.
زاد في رواية: وأجلى أهل خيبر وأهل فدك، ونصارى نجران، ولم يجل أهل الوادي، ولا أهل تيماء، لأنهما ليستا من جزيرة العرب.
أخرجه البخاري ومسلم.

اليمن
6984 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاكم أهل اليمن أرقّ أفئدة، وألين قلوبا، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، ورأس الكفر قبل المشرق، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم».
وفي رواية: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الفخر والخيلاء في الفدّادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية للبخاري قال: «أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبا، أرقّ أفئدة، الفقه يمان، والحكمة يمانية».
ولمسلم قال: «جاء أهل اليمن هم أرقّ أفئدة، وأضعف قلوبا، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية».
وفي رواية الترمذي: أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإيمان يمان، والكفر قبل المشرق، والسكينة لأهل الغنم، والفخر والرّياء في الفدّادين أهل الخيل والوبر، يأتي المسيح، حتى إذا جاء دبر أحد صرفت الملائكة وجهه قبل الشام، وهنالك يهلك».

[شرح الغريب]
أفئدة: جمع فؤاد.
الخيلاء: الكبر والعجب.
الفدادين: قال الهروي: قال أبو عمرو: هي الفدادين جمع فدان مشددا وهي البقر التي يحرث بها، وأهلها أهل جفاء لبعدهم عن الأمصار، قال: وقال أبو بكر: أراد: في أصحاب الفدادين، فحذف أصحاب وأقام الفدادين مقامهم، قال: وقال الأصمعي: الفدادين مشددا وهم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم، يقال: فد يفد فديدا: إذا اشتد صوته، قال: وقال أبو عبيدة: الفدادين مشددا: هم المكثرون من الإبل، وهم جفاة أهل خيلاء، ويكون معنى فداد في هذا كمعنى بزاز، وعطار، أي: أنه منسوب إليه معروف به، وقال أبو العباس: الفدادون: الجمالون، والرعيان، والبقارون، والحمارون.
أهل الوبر: الوبر، وبر الإبل، والمراد: أهل ذوات الوبر، أي: أصحاب الإبل.

6985 - (خ م) أبو مسعود [البدري] - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإيمان ها هنا - وأشار بيده إلى اليمن - والقسوة وغلظ القلوب في الفدّادين عند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر» أخرجه البخاري ومسلم.
6986 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر قبل اليمن، فقال: «اللهم أقبل بقلوبهم، وبارك لنا في صاعنا ومدّنا» أخرجه الترمذي.
الشام
6987 - (د) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض: ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في كل أرض إذ ذاك شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله عز وجل، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
المهاجر: الموضع الذي يهاجر إليه، ومهاجر إبراهيم خليل الله عليه السلام: هو الشام، فأراد بالهجرة الثانية في قوله: «ستكون هجرة بعد هجرة» الهجرة إلى الشام، يرغب في المقام بها.
لفظتهم: الأرض تلفظهم، أي: تقذفهم كما ترمي اللفاظة من الفم.
تقذرهم نفس الله: معناه أن الله عز وجل يكره خروجهم إليها ومقامهم بها، فلا يوفقهم لذلك، فصاروا بالردة وترك القبول كالشيء الذي تقذره النفس فلا تقبله.

6988 - (ت) زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: كنّا يوما عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نؤلّف القرآن من الرّقاع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «طوبى للشام، فقلت: لم ذلك يا رسول الله؟ قال: لأن الملائكة باسطة أجنحتها عليها» أخرجه الترمذي.
6989 - (د) عبد الله بن حوالة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجنّدة: جند بالشام، وجند بالعراق، فقلت: خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام، فإنها خيرة الله في أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكل [لي] بالشام وأهله».أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
خرلي: اجعل لي من أمري خيرا، وألهمني فعله، أو اختر لي الأصلح.
الاجتباء: الاختيار والإصفاء.

6990 - (ت) بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت «يا رسول الله أين تأمرني؟ قال: ها هنا، ونحا بيده نحو الشام».
أخرجه الترمذي.

دمشق
6991 - (د) أبو الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
العوطة: اسم البساتين والمياه التي عند دمشق، وهي غوطة دمشق.
الفسطاط: هاهنا: أراد به البلدة الجامعة للناس، ومنه سميت مصر الفسطاط.
الملحمة: الحرب والقتال، جمعها: الملاحم.

6992 - (د) مكحول: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «موضع فسطاط المسلمين في الملاحم: أرض يقال لها: الغوطة» أخرجه أبو داود.
وفي رواية عنه موقوفا قال: «ليمخرنّ الرّوم الشّام أربعين صباحا لا يمتنع فيها إلا دمشق وعمّان» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
المخر: شق السفينة الماء وجريها فيه، فنقل إلى كل من فعل مثل ذلك في الماء والأرض وغيرهما، أراد: أن الروم تدخل الشام وتجوس خلاله وتطوفه.

6993 - (د) عبد الرحمن بن سليمان: سيأتي ملك من ملوك العجم يظهر على المدائن كلها إلا دمشق. أخرجه أبو داود.
بيت المقدس
6994 - (د) ميمونة - مولاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس؟.
قال: ائتوه فصلّوا فيه - وكانت البلاد إذ ذاك حربا - فإن لم تأتوه [وتصلّوا فيه] فابعثوا بزيت يسرج في قناديله. أخرجه أبو داود.
وقد تقدّم في «فضل مكة» أحاديث «لا تشدّ الرّحال إلا لثلاثة مساجد» فلم نعد ذكرها ها هنا.
وجّ

وج
6995 - (د) الزبير بن العوام - رضي الله عنه - قال: «لمّا أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ليّة، حتى إذا كنّا عند السّدرة، وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طرف القرن الأسود حذوها، واستقبل نخبا ببصره [وقال مرة: واديه] ووقف حتى اتّقف الناس كلّهم، ثم قال: إن صيد وجّ وعضاهه حرم محرّم لله، وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره على ثقيف» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
وج: واد بين الطائف ومكة، قال الخطابي: ولست أعلم لتحريم وج معنى إلا أن يكون على سبيل الحمى لنوع من منافع المسلمين، أو أنه حرمه وقتا مخصوصا، ثم أحله، ويدل على ذلك قبل نزوله الطائف لحصار ثقيف، ثم عاد الأمر فيه إلى الإباحة.
لية: موضع، والقرن الأسود: جبيل صغير هناك.
نخبا: قال الخطابي: أراد جبلا أو موضعا، ولست أحقه.
اتقف: مطاوع وقف، تقول: وقفته فاتقف، مثل: وعدته فاتعد، والأصل فيه: ايتقف وايتعد، فلما ثقل النطق به أدغموا.

مسجد العشار
6996 - (د) إبراهيم بن صالح بن درهم: قال: سمعت أبي يقول: انطلقنا حاجّين، فإذا رجل، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبلّة؟ قلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم أن يصلّي لي في مسجد العشّار ركعتين، أو أربعا، ويقول: هذه لأبي هريرة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله تبارك وتعالى يبعث من مسجد العشّار يوم القيامة شهداء لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم» أخرجه أبو داود.
وقال رزين: وقال أبو داود: المسجد هو مما على النهر.

أنهار مخصصة
6997 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنّيل: كلّ من أنهار الجنة» أخرجه مسلم.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفضائل, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir