وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته:
أ- تعريف الخلع:
الخلع لغة: مأخوذ من خلع الثوب؛ لأن كلاً من الزوجين لباس للآخر.
وشرعاً: فرقةٌ تجري بين الزوجين على عوض تدفعه المرأة لزوجها، بألفاظ مخصوصة.
ب- مشروعية الخلع:
الخلع مشروع؛ لقوله تعالى: {فإن خفتم ألّا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229].
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (أتردّين عليه حديقته؟)، قالت: نعم. فقال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة).
المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة به، والحكمة منه:
أ- أحكام الخلع:
تتلخص أحكام الخلع في الآتي:
1 - أن الخلع جائز لسوء العشرة بين الزوجين، ولا يقع إلا بعوض مالي، تفرضه الزوجة للزوج.
2 - لا يقع من غير الزوجة الرشيدة؛ لأن غير الرشيدة لا تملك التصرف لنقص الأهلية.
3 - إذا خالع الرجل امرأته ملكت المرأة بذلك أمر نفسها، ولم يبق للزوج عليها من سلطان، ولا رجعة له عليها.
4 - لا يلحق المخالعة طلاق، أو ظهار، أو إيلاء، أثناء عدتها من زوجها الذي خالعها، لأنها تصير أجنبية عن زوجها.
5 - يجوز الخلع في الحيض والطهر الذي جامعها فيه؛ لعدم الضرر عليها بذلك، فإن الله سبحانه أطلقه، ولم يقيده بزمن دون زمن.
6 - يحرم على الرجل أن يؤذي زوجته ويمنعها حقوقها، حتى يضطرها إلى خلع نفسها؛ لقوله تعالى: {ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلّا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ} [النساء: 19].
7 - يكره للمرأة ويحظر عليها مخالعة زوجها مع استقامة الحال ودون سبب يقتضيه، كأن يكون الزوج معيباً في خلقه ولم تطق المرأة البقاء معه، أو كان سيّئاً في خلقه، أو خافت ألا تقيم حدود الله.
ب- الحكمة من مشروعية الخلع:
من المعلوم أن الزواج ترابط بين الزوجين وتعاشر بالمعروف. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً} [الروم: 21].
فهذه ثمرة النكاح، فإذا لم يتحقق هذا المعنى، فلم توجد المودة من الطرفين أو لم توجد من الزوج وحده، فساءت العشرة، وتعسّر العلاج، فإن الزوج مأمور بتسريح الزوجة بإحسان؛ لقوله تعالى: {فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} [البقرة: 229]. فإذا وجدت المحبة من جانب الزوج دون الزوجة بأن كرهت خلق زوجها، أو كرهت نقص دينه، أو خافت إثماً بترك حقه، فإنه في هذه الحالة يباح للمرأة طلب فراقه على عوض تبذله له، وتفتدي به نفسها؛ لقوله تعالى: {فإن خفتم ألّا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]). [الفقه الميسر: 310-311]