دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 19 صفر 1441هـ/18-10-2019م, 12:50 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
علوم الاية :
الوقف :
الوقف في قوله ( وتلك حدود الله ) :
وقف تام ، وذكرذلك الأشموني والأنباري وأبو عمرو الداني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( خالدين فيها ) :
وقف حسن ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى هنا أيضا ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( عظيم ) :
(تام) للابتداء بعده بالشرط.، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( وندخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه ) فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.

مناسبة الآية :
هذه الآية اشارة إلى قسمة المواريث التي كانت في الآيات السابقة ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

مقصد الاية :
بيان الوعد ، وذكر ذلك ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
المراد باسم الإشارة ( تلك ) :
اشارة إلى القسمة المتقدمة في المورايث ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .

ضابط مقادير قسمة المواريث :
بحسب قربهم وفقدهم له عند عدمه ، ذكر ذلك ابن كثير .

معنى الحدود :
الحدود في اللغة جمع حد .
قال الخليل أحمد : (حد: فَصلُ ما بينَ كُلِّ شيئين حَدٌّ بينهما. ومُنْتَهَى كُلِّ شيءٍ حدُّه.).
وهو الحجز المانع لأمر ما أن يدخل على غيره أو يدخل عليه غيره، ومن هذا قولهم للبواب حداد لأنه يمنع، ومنه إحداد المرأة وهو امتناعها عن الزينة، ذكره ابن عطية.

المراد بحدود الله :
اختلفوا في المراد بحدود الله على أقوال :
القول الأول : شروط الله ، وهو قول السدي .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96) وابن المنذر في تفسيره (2/596)عن أسباط عن السدي .
ووجه هذا القول على أن الآيات السابقة تكلمت عن شروط دفع الأموال لليتامى أو للورث .
القول الثاني :سنة الله ، وهو قول سعيد .
وقول سعيد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن عطاء عن سعيد .
وهذا القول من معانيها التي تتضمنها في اللغة ، فما سنه الله هو شرعه وهو الحد الفاصل بين الحلال والحرام ، كقوله تعالى : (سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
القول الثالث : فرائض الله ، وهو قول أبي عبيدة .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/577)عن الأثرم، عَنْ أبي عبيدة.
وهذا القول مبني على أن الآية متعلقة بالآية التي قبلها عن أحكام الفرائض ، فيكون الحدود هنا هو الفرائض والقسمة فيها ،وقد ذكر ذلك ابن جرير .
القول الرابع: طاعة الله ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96)وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
ووجه هذا القول على أنها الحدود التي يكون فيها طاعة الله ، ومن جهة أخرى أنه عطف القول على طاعة الله في قوله ( وتلك حدود الله ومن يطع الله ) ، فهي الطاعة فيما أمر وما حده من حدود .
الراجح :
أنها كلها صحيحة وكلها من اختلاف التنوع ، لأنها كلها تدل على معنى واحد ، وقد ذكر ابن عطية أيضا ذلك .
فالحدود هو ما وضعه الشارع لبيان أوامر الله ونواهيه وما يمكن فعله وما يمنع من فعله ،
فقال ابن منظور في لسان العرب : وأَصل الحَدِّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فكأَنَّ حُدودَ الشَّرْعِ فَصَلَت بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
وقال الزمخشري في الكشاف : وسماها حدوداً، لأن الشرائع كالحدود المضروبة الموقتة للمكلفين، لا يجوز لهم أن يتجاوزوها ويتخطوها إلى ما ليس لهم بحق.

فائدة ( من ) :
شرطية تفيد العموم ، ذكر ذلك الرزاي .

معنى الطاعة :
الطاعة في اللغة : هو الانقياد ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
واصطلاحا : فعل المأمورات وترك المنهيات ، وهذا خلاصة ما ذكره الكفوي وابن حجر وأبو البقاء وغيرهم .

المراد بطاعة الله :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :طاعة عامة لكل ما ذكر في الآيات السابقة عن أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وقسمة الموريث ، وذكره الزمخشري .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يرجع إلى المذكور الأبعد مادام أنه لايوجد ما يمنع ذلك .
القول الثاني : الطاعة في قسمة المواريث ، وهو قول ابن جريج وذكر ذلك القول أيضا ابن عطية وابن كثيروغيرهم .
وقول ابن جريج أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/597) عن ابن ثور عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة لكنه يدلس .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يعود على أقرب مذكور .
الراجح :
أنها عامة تشمل الاية السابقة والآيات التي قبلها ، لعدم وجود مخصص ، وتشمل أيضا كل أنواع الطاعات .
قال الرزاي : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْكُلَّ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْعَامَّ إِنَّمَا ذُكِرَ عَقِيبَ تَكَالِيفَ خَاصَّةٍ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعُمُومِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الغرض من العطف في قوله ( ومن يطع ) :
للاستئناف ، ذكره النحاس .

دلالة العطف في قوله ( ومن يطع الله ورسوله ) :
يدل على أن طاعة الرسول مساوية لطاعة الله ؛ لأن الرسول مبلغ عن الله ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( رسوله ):
مرجعه إلى لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية والزجاج .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ):
تدل الفعل على التجدد والحدوث ، ذكر ذلك السيوطي .

معنى جنات :
في اللغة: الجنات وهي البساتين ، وذكر ذلك الزجاج ( سورة البقرة ،ج1 ) .

سبب تسمية الجنة :
وسميت بذلك لأنها تجن من دخلها أي تستره، ومنه المجن والجنن وجن الليل نذكر ذلك ابن عطية ( سورة البقرة ،1/108).

دلالة تنكير ( جنات ) :
لأن الجنة اسم لدار الثواب ، وهي مشتملة على جنان كثيرة ، مرتبة مراتب على حسب استحقاقها للعاملين ، ذكره الزمخشري .

المراد ب(تحتها ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : تحت بناءها وأشجارها ، وهو قول سعيد جبير ،وذكر ذلك أيضا ابن عطية
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/ 891)عن عطاء بن دينار عن سعيد جبير
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).
القول الثاني : بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان،وهذا القول ذكره ابن عطية في تفسيره للبقرة .
وهذا القول لم أجده .
و ضعفه ابن عطية .
الراجح : رجح ابن عطية وبقية المفسرين القول الأول ، ولدلالة اللغة على التحت وهو الأسفل .
فقال ابن منظور : تحت نقيض الفوق .

المراد بالأنهار :
أنهار الجنة ، ذكر ذلك ابن عطية .

نوع أل تعريف ( الأنهار ) :
فيه قولان :
القول الأول : أل للجنس ، وذكره البيضاوي .
وهذا القول على أنه العهد الذهني الذي يتبادر في الذهن عن سماع كلمة أنهار ، فيدل على الاستغراق .
القول الثاني : أل للعهد ، وذكره البيضاوي .
وعلى هذا القول يقصد بالأنهار التي ورد ذكرها في سورة محمد .

الراجح :
أن القولان محتملان ، ويعتمد القول الأول على نزول السورة هل هي مدنية أو مكية ، فيصح إن كانت السورة مدنية ، ويصح القول الثاني إن كانت السورة مكية ، وقد صح أن السورة مدنية ، وهذا قد ذكره شهاب الدين في حاشيته للبيضاوي ، فقد روى البخاري في صحيحه ، عن عائشة أنها قالت : " ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ،ولكن القول الثاني أيضا محتمل من جهة أخرى وهو أن القرآن يفسر بعضه بعضا فما جاء مجملا في جهة يأتي مفصلا من موضع آخر منه أو في السنة ، فقد جاء تحديده هذه الأنهار في سورة محمد .

معنى الخلود :
في اللغة : من دوام البقاء والثبوت .
قال ابن فارس : (خَلَدَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْمُلَازَمَةِ، فَيُقَالُ: خَلَدَ: أَقَامَ.

الفائدة البلاغية في جمع ( خالدين ) بعد الإفراد:
مراعاة للفظ مَنْ وعكس ذلك لايجوز ، ذكره ابن عطية .
وذكر النحاس (اعراب القرآن وبيانه ) سبب آخر فقال : لأن كل من دخل الجنة كان خالدا فيها أبدا أو لتفاوت درجات الخالدين. أما أهل النار فبينهم الخالدون وغير الخالدين من عصاة المؤمنين، فساغ الجمع هناك ولم يسغ هنا. لأن الخالدين في النار فرقة واحدة أما الخالدون في الجنان فهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم.

الغرض من الواو في قوله ( وذلك الفوز العظيم ) :
حالية أو اسئنافية ، وذكر ذلك النحاس .

معنى (الفوز) :
الْفَوْزُ النجاة والخلاص، ذكر ذلك ابن عطية ( تفسير سورة التوبة ).

معنى( العظيم) :
قال الخليل أحمد : العِظم: مصدر الشيء العظيم. عَظُم الشيء عِظَماً فهو عظيم.

والسبب في و صف الفوز بالعظيم :
وصف الفوز بالعظيم اعتبارًا بفوز الدنيا ،ذكر ذلك الراغب الأصفهاني .

تفسير قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}
الوقف :
الوقف في قوله ( خالدافيها ) :
وقف جائز ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي سبب جوازه فقال : لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( مهين ) :
تام ، لأنه آخر القصة ، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( يدخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه )، فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.

مناسبة الآية :
رجّى الله تعالى على التزام هذه الحدود في قسمة الميراث، وتوعد على العصيان فيها بحسب إنكار العرب لهذه القسمة، ذكره ابن عطية.

مقصد الآية :
الوعيد ، ذكر ذلك ابن عطية .

معنى العصيان :
عصا في اللغة لها معنيان متباينان فيطلق على الإجتماع ويطلق على الافتراق ، وقد تكلم عن ذلك بن فارس القزويني في مقاييس اللغة .
وقال ابن فارس في مجمل اللغة : العصيان: خلاف الطاعة.
واصطلاحا: مخالفة الأمر ، وذكر ذلك القاضي أبو يعلى .

المراد بنوع المعصية في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الكفر ، وهو قول ذكره ابن جرير و القرطبي
وهذا القول مبني على استحلال تعدي حدود الله في قسمة المورايث أو رده ولم يرض بقسمته ، وهذا قول الكلبي ذكره علاء الدين في تفسير الخازن ، وخلاصة ما ذكره ابن جرير أيضا .
القول الثاني :الكبائر ، وهو قول ابن عباس وذكره ايضا القرطبي
وقول ابن عباس أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 10/60)و ابن المنذر في تفسيره ( 2/598)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/891 ) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وهذا الأثر صححه ابن حجر .
وهذا القول مبني على الأدلة التي فيها تدل على الإضرار بالوصية من الكبائر ،ويؤيد هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.( وهذا الحديث صححه أحمد شاكر ) .
ومبني على شدة الوعيد في الآية فيدل على أنها في الكبائر وليس في الصغائر ، فقال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) .
والراجح : أنها تشمل القولين وتحتملها اية الوعيد ، فمن رد قسمة المواريث ولم يرضا بها فهو رد حكم حكم الله وهذا كفر ، لدلالة قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ومن جهة أخرى اضرار الآخرين في الوصية من الكبائر التي توعد الله عليها كما صح ذلك في الأثر .
وقال السعدي : اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي.

المراد بالعصيان :
القول الأول : عصيان عام ، وهذا قول للمحققون وذكره الرازي .
وحجة هذ القول أن اللفظ عام فيدخل فيه المواريث وغيرها .
القول الثاني : في قسمة المواريث ،وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وابن جريج خلاصة ما ذكره ابن عطية و ابن كثير.
وقول ابن عباس أخرجه بن جرير في تفسيره (6/491)عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/891) وابن المنذر في تفسيره (2/598)عن عكرمة عن ابن عباس بألفاظ مختلفة . .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218)عن عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الظلم في الوصية والإضرار فيها ،من حديث ابي هريرة ، فقد أخرج الإمام أحمد عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.
القول الثالث : في عصيان في كل ما ذكر في الآيات السابقة ، وهذا قول ذكره الرزاي .

الراجح :
الراجح أن الوعيد يشمل لكل أنواع العصيان غير أن الوعيد بالخلود في النار الأبدي خاص بالكفار ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يعفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال تعالى أيضا ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) . والقول بأنه عام رجحه الرازي ، من جهة استعمالات العرب في الكلام .
فقال الرزاي : أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال ابن عاشور : آيَاتِ الْوَعِيدِ لَفْظُهَا عُمُومٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فِي الْكَفَرَةِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِنَ الْعُصَاةِ. وَآيَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ جَلَتِ الشَّكَّ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ مُبْطِلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَقَوْلَهُ: لِمَنْ يَشاءُ رادّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ غُفْرَانَ مَا دُونُ الشِّرْكِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ».

فائدة العطف في قوله ( يعص الله ورسوله ):
دليل على المساواة في الحكم في معصية الرسول ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور من خلال تفسيره للآية السابقة .

معنى (يتعد):
أي تجاوز الحد ، ذكر ذلك الزجاج و ابن كثير .

معنى الحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بالحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( حدوده ):
على لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

فائدة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ) :
سبق ذكره في تفسير الآية السابقة .

دلالة تنكير قوله ( نارا ) :
للتعظيم والتهويل ، وذكره وليد قاصب في علم المعاني .

معنى ( خالدا ) :
سبق ذكره في الآية السابقة.

موضع ( خالدا ) في الإعراب :
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : نعت لجنات ، ذكره الزجاج .
الثاني : منصوب على الحال ، ذكره الزجاج .
وهذا القول على بمعنى : يدخله مقدَّراً له الخلود فيها.
وهو مبني على اعتبار اللفظ والمعنى وهي مقدرة ، لأن الخلود بعد الدخول .
الراجح : أجاز الزجاج القولين ، لكن ابن عادل رجح القول الثاني ، فقال ابن عادل : أنَّ الصِّفة إذا جَرَتْ على غير مَنْ هي له وجب إبرازُ الضَّمير مطلقاً على مذهب البصريين ألْبسَ أو لم يُلْبَسْ.

المراد بالخلود :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :خلود أبدي لا خروج منها ، وهو حاصل ماذكره النحاس وابن جرير والقرطبي وابن عاشور وغيرهم .
القول الثاني : خلود مؤقت لعصاة المؤمنين ،وهو حاصل ما ذكره النحاس والقرطبي و ابن عاشور وغيرهم .
الراجح :
الراجح أن الخلود الأبدي لمن يرد حكم الله في المورايث ، فيكفر بسبب ذلك ، ويكون مخلدا في النار لايخرج منها إن مات على ذلك دون توبة ، وأما من لم يرد حكم الله في القسمة فيكون من الكبائر ، ويكون الخلود هنا مستعارا ، كما ذكر ذلك القرطبي وغيره .
قال ابن الجوزي : قوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ فلم يرض بقسمه يُدْخِلْهُ ناراً، فان قيل: كيف قطع للعاصي بالخلود؟ فالجواب: أنه إِذا ردَّ حكم الله، وكفر به، كان كافرا مخلدا في النار.

مرجع الضمير في قوله ( فيها ) :
يرجع الضمير على النار ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج والنحاس وغيرهم .

معنى مهين :
الإهانة والعذاب الأليم والمقيم ، ذكر ذلك ابن كثير .
وفي اللغة : من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .

دلالة عصيان أمر الله في تقسيم الورث :
عَدَمِ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ، ذكره ابن كثير .

السبب في المجازاة بالإهانة :
لِكَوْنِهِ غَيَّرَ مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ وَضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، ذكره ابن كثير .

مناسبة ختم الآية ( وله عذاب مهين ) :
لأن منع النساء والأطفال استهانة بهم ، ناسب ختمها بالعذاب المهين ، وذكر ذلك البقاعي ، وهذا مبني على أن المعصية المراد بها هنا في إيتاء حق الورثة .
وأما لو كان المعصية تدل على لفظ عام وتشمل جميع المعاصي ، فقد ذكر أبو حيان مناسبة أخرى .
فقال أبو حيان : لأن العاصي المتعدّي للحدود برز في صورة من اغتر وتجاسر على معصية الله.
وقد تقل المبالاة بالشدائد ما لم ينضم إليها الهوان، ولهذا قالوا: المنية ولا الدنية.

مسألة لغوية:
الوجه البلاغي في الآيتين :
مساواة ، ذكره مصطفى الصاوي .

الوجه البلاغي في قوله :(ومن يطع )( ومن يعص ):
طباق ، ذكره أبو حيان .

مسألة عقدية استطرادية :
خروج العصاة من النار :
فيه قولان :
القول الأول : خروج العصاة الموحدين ، وهو الذي عليه مذهب أهل السنة والجماعة ، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
وحجة هذا القول أدلة القرآن والسنة ، كقوله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) ، فدل على أن أهل المعاصي من أهل التوحيد يغفر الله لهم ، وقوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا ) دليل على نحاة عصاة الموحدين من النار ، ومن جهة أخرى من جهة اللغة ، فالخلود لا يلزم منه عدم الخروج لأنه يأتي بمعنى طول البقاء والمكث ، كما ذكر ذلك ابن منظور وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
القول الثاني : الخلود الأبدي وعدم الخروج من النار ، وهذا قول المعتزلة وفرق الخوارج .
الراجح :
القول الأول هو الأرجح وهو الصحيح ،لدلالة الكتاب والسنة ، ومنها أحاديث الشفاعة لعصاة الموحدين .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir