المبحث الثاني: الإضافة
الإضافة في اللغة العربية على قسمين:
القسم الأول: الإضافة المعنوية
وهي التي تفيد تعريف المضاف أو تخصيصه، ولذلك تُسمَّى الإضافة الحقيقية، والإضافة المحضة، وهي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الإضافة على معنى اللام، وهي أكثر أنواع الإضافات، وأصلها.
وهذه اللام قد تفيد الملك، كعباد الله، وقلم زيد؛ فتكون من باب إضافة المملوك إلى مالكه.
وقد تفيد الاختصاص كفناء المسجد، ويوم الخميس، وزيد صديق عمرو
وقال الشاعر:
علا زيدنا يوم النَّقا رأس زيدكم .. بأبيض مصقول الغرار يمان
فإن تقتلوا زيداً بزيد فإنما .. أقادكم السلطان بعد زمان
فالإضافة في قوله: "زيدنا" و"زيدكم" بمعنى اللام المفيدة للاختصاص لا للملك
والنوع الثاني: الإضافة على معنى "مِن" البيانية التي تفيد بيان الجنس، كقولهم خاتم ذهب، وثوب حرير، فيكون المضاف إليه اسماً للجنس الذي منه المضاف.
وضابطها أن يكون المضاف بعض المضاف إليه، مع صحة تقدير "من" بين المضاف والمضاف إليه إذا قطعت الإضافة؛ فتقول: خاتم من ذهب، وثوب من حرير.
ومن أمثلة هذا النوع في القرآن الكريم: قول الله تعالى: {تلك آيات الكتاب}، وقوله تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير}، وقوله تعالى: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} وقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}.
والنوع الثالث: الإضافة على معنى "في"، وضابطها أن يكون المضاف إليه ظرفاً للمضاف؛ فيصحّ تقدير "في" بين المضاف والمضاف إليه إذا قطعت الإضافة؛ كقولهم: سَهَرُ الليل، وعالِمُ المدينة.
ومن أمثلتها في القرآن الكريم: قول الله تعالى: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض}، وقوله تعالى: {وهو ألدّ الخصام}، وقوله تعالى: {تربّص أربعة أشهر}، وقوله تعالى: {بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله} على أحد القولين في تفسيرها.
- قال ابن مالك في شرح التسهيل: (وقد أغفل النحويون التي بمعنى "في" وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح).
وذكر لها شواهد كثيرة من القرآن والحديث وأشعار العرب.
- وخالفه ابنه في شرح الألفية؛ فقال: (والذي عليه سيبويه وأكثر المحققين أن الإضافة لا تعدو أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى "من" وموهم الإضافة بمعنى "في" محمول على أنها فيه بمعنى اللام على المجاز).
- وقال ابن هشام:(أكثر النحويين لم يثبت مجيء الإضافة بمعنى "في").
والقسم الثاني: الإضافة اللفظية، وهي الإضافة التي يكون فيها المضاف إليه معمولاً للمضاف، ويكون المضاف اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، كقولك: قائم الليل، ومسموع الكلمة، وليّن الجانب.
وهذه الإضافة ليس فيها تقدير حرف، ولا تفيد تعريف المضاف ولا تخصيصه، ولذلك سمّيت إضافة غير حقيقية، وإضافة غير محضة لأنها لم تتمحّض للإضافة، وإنما جيء بها لتخفيف التركيب؛ ليحذف التنوين ونونا التثنية والجمع في المضاف، فالذي استفاده المضاف من الإضافة إنما هو أمر لفظي لا معنوي، ولذلك سمّيت إضافة لفظية.
ومن دلائل عدم إفادتها التعريف:
1: أنها تأتي وصفاً للنكرة كقولك: رأيت رجلاً حسَنَ الوجه؛ فلم يفد هذا القول تعريفاً بالرجل.
2: وتأتي حالاً بعد المعرفة، والحال لا تكون إلا نكرة، قال الشاعر: جاء شقيقٌ عارضاً رمحَه؛ فيجوز أن تقول: عارضَ رمحِه على الإضافة اللفظية.
3: وتأتي بعد ربّ؛ كقول الشاعر: ألا رُبَّ راجي شَرْبة لا يذوقها
ويجوز أن يقطع الإضافة فيقول: ربَّ راجٍ شربةً؛ بتنوين "راجٍ".
ومن أمثلتها في القرآن الكريم: قول الله تعالى: {إن الله فالق الحبّ والنوى} وقوله تعالى: {إن ربي لسميع الدعاء} وقوله تعالى: {هديا بالغ الكعبة} ، وقوله تعالى: {بديع السموات والأرض} وقوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربّهم} وقوله تعالى: {كلّ نفس ذائقة الموت} وقوله تعالى: {إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم..} الآية