دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الآخرة 1431هـ/8-06-2010م, 04:11 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 106: قصيدة عامر بن الطفيل: لقد علمَت علْيا هوازنَ أَننِي = أَنا الفارس الحامِي حقِيقَةَ جعْفرِ

قال عامر بن الطفيل:

لقد عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي = أَنا الفارِسُ الحامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ
وقد عَلِمَ المَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ = علَى جَمْعِهِمْ كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ = وقُلتُ: لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ = علَى المَرْءِ ما لم يُبْلِ جَهْداً ويُعذِرِ
أَلَسْتَ تَرَى أَرماحَهُمْ فِيَّ شُرَّعاً = وأَنْتَ حِصَانٌ ماجِدُ العِرْقِ فاصْبِرِ
أَرَدْتُ لِكيْ لا يَعْلمَ اللهُ أَنَّنِي = صَبَرْتُ وأَخْشَى مِثْلَ يومِ المُشَقَّرِ
لَعَمْرِي، وما عَمْرِي عليَّ بِهَيِّنٍ، = لقَدْ شَانَ حُرَّ الوَجْهِ طعْنَةً مُسْهِرِ
فَبِئْسَ الفَتَى إِن كُنْتُ أَعْوَرَعاقِراً = جَباناً، فَما عُذْرِي لدى كُلِّ مَحْضَرِ
وقد عَلِمُوا أَنِّي أَكُرُّ عليهمُ = عَشِيَّةَ فَيْف الرِّيح كَرَّ المُدَوِّرِ
وما رِمْتُ حتي بَلَّ نَحْري وصَدْرَهُ = نَجيعٌ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُسيَّرِ
أَقُولُ لِنَفْسِ لا يُجادُ بِمِثْلِها = :أَقِلِّي المِراحَ إِنَّنِي غيرُ مُقْصِرِ
فلو كانَ جَمْعٌ مثلُنا لم نُبالِهِمْ = ولكِنْ أَتَتْنا أُسْرَةٌ ذاتُ مَفْخَرِ
فَجَاؤُوا بِفُرْسانِ العَرِيضَةِ كُلِّها = وأَكْلُبَ طُرًّا في لباسِ السَّنَوَّرِ


  #2  
قديم 7 رجب 1432هـ/8-06-2011م, 09:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

106


وقال عامر بن الطفيل*


1: لقد علمت عليا هوازن أنني = أنا الفارس الحامي حقيقة جعفر
2: وقد علم المزنوق أني أكره = على جمعهم كر المنيح المشهر
3: إذا ازور من وقع الرماح زجرته = وقلت: له ارجع مقبلا غير مدبر
4: وأنبأته أن الفرار خزاية = على المرء ما لم يبل جهدا ويعذر
5: ألست ترى أرماحهم في شرعا = وأنت حصان ماجد العرق فاصبر
6: أردت لكي لا يعلم الله أنني = صبرت وأخشى مثل يوم المشقر
7: لعمري وما عمري علي بهين، = لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
8: فبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا = جبانا، فما عذري لدى كل محضر
9: وقد علموا أني أكر عليهم = عشية فيف الريح كر المدور
10: وما رمت حتى بل نحري وصدره = نجيع كهداب الدمقس المسير
11: أقول لنفس لا يجاد بمثلها: = أقلي المراح إنني غير مقصر
12: فلو كان جمع مثلنا لم نبالهم = ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر
13: فجاؤوا بفرسان العريضة كلها = وأكلب طرا في لباس السنور



*ترجمته: هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر، ابن أخي معود الحكماء الماضي في 104 وأمه كبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن مالك بن جعفر وأم أبيه أم البنين وهي أم معود الحكماء وكنية عامر في الحرب "أبو عقيل" وفي السلم "أبو علي" وهو فارس مشهور غير مدافع، وشاعر مجيد فحل، له وقائع في مذحج وخثعم وغطفان وسائر العرب ولد يوم شعب جبلة يوم فرغ الناس من القتال قبل الإسلام بسبع وخمسين سنة وحكى الأنباري أنه كان "من أشهر فرسان العرب بأسا ونجدة وأبعدها اسما، حتى بلغ من ذلك أن قيصر ملك الروم كان إذا قدم عليه قادم من العرب قال: ما بينك وبين عامر بن الطفيل؟ فإن ذكر نسبا عظم عنده" وتنازع هو وعلقمة بن علاثة على الرياسة، فتنافرا إلى هرم بن قطبة بن سيار الفزاري وعامر هو الذي غدر بأصحاب بئر معونة في السنة 4 من الهجرة ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر حياته وفد بني عامر وفيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم وكان عامر وأربد قد اعتزما الغدر برسول الله فحفظه الله منهما ثم رجعا كافرين فأما أربد فأرسل الله عليه صاعقة أحرقته، وأما عدو الله عامر فبعث الله عليه الطاعون في عنقه وهو في بعض الطريق فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، فجعل يقول: "أغدة كغدة الإبل وموتا في بيت سلولية". ثم ركب فرسه حتى سقط ميتا وكان عمره 80 سنة وفي المعمرين (ص 60) أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن نيف وثمانين سنة، وأن لبيد بن ربيعة أكبر منه بتسع سنين. وديوانه مطبوع في ليدن سنة 1913 بشرح أبي بكر بن الأنباري عن ثعلب وانظر تفصيل أخباره ووقعاته في الخزانة 1: 473-474، 3: 493 والشعراء 191-192، 151، 224 والمؤتلف 154 والمرزباني 222 والنقائض في يوم شعب جبلة 654-678 ويوم فيف الريح 469-472 والأغاني 15: 50-56 وسيرة ابن هشام 648-652، 939-940 وتاريخ ابن كثير 5: 56-60.
جو القصيدة: ذكر فيها يومان من أيام العرب: يوم المشقر ويوم فيف الريح. وكان من أمر يوم المشقر أن بني تميم وألفافا من القبائل قطعوا على لطيمة لكسرى جاءت من اليمن، عرضوا لها في موضع يقال له نطاع بأرض نجد وانتهبوها فبلغ الخبر كسرى فأرسل إلى عامله على هجر، يأمره أن يصفق على مضر، ووافق ذلك جدبا من الزمان، وكانت تميم تصير إلى هجر للميرة، وفتح العامل بأبي المشقر، وهو حصن بالبحرين، وأذن للعرب في الميرة ومكر بهم فجعل يدخلهم فوجا فوجا، وكلما دخل فوج ضرب أعناقهم وأما يوم فيف الريح، فكان بين بني عامر بن صعصعة قوم عامر وبين الحرث بن كعب، وكانت عامر تطلب الحرث بأوتار كثيرة فجمعت بنو الحرث قبائل شتى منهم زبيد وسعد العشيرة ومراد ونهد وخثعم وشهران وأقبلوا يريدون بني عامر وهم منتجعون مكانا يقال له فيف الريح فاقتتلوا وكان عامر يتعهد الناس فيقول: يا فلان ما رأيتك فعلت شيئا، فمن أبلى فليرني سيفه أو رمحه، فانتهز الفرصة رجل من أعدائه بني الحرث اسمه مسهر، فقال: يا أبا علي انظر إلى ما صنعت بالقوم. انظر إلى رمحي وسناني! فلما أقبل عامر لينظر وجأه بالرمح في وجنته ففلقها وانشقت عين عامر، ثم افترقوا وكان الصبر والشرف في هذه الحرب لبني عامر وقد بدأ القصيدة بالفخر بفروسته ونوه بفرسه المزنوق وما كان بينهما من حديث، يحضض فيه فرسه على خوض المعارك للظفر خشية أن يصيب قومه ما أصاب العرب يوم المشقر ثم أشار في البيت 7 إلى طعنة مسهر الحارثي وأنه إن فقد إحدى عينيه فإنه لم يفقد الشجاعة والإقدام والمصابرة وأشار في البيتين 12، 13 إلى كثرة الأحلاف الذين جمعهم بنو الحرث وأن ذلك لم يكن ليستل من قومه شجاعتهم وقوة جلادهم.
تخريجها: ديوانه 116-120 والأصمعيات 77 والأبيات 2، 3، 8، 7 في الشعراء 191 والأبيات 2-5، 8، 7 في الخيل لابن الكلبي 21 والبيت في الخيل لابن الأعرابي 76 والبيت 7 في الاشتقاق 239 والبيت 11 في الحيوان 6: 427 والسمط 144 ومجمع الأمثال 2: 29 وانظر الشرح 704-711.
(1) هوازن: جدهم الأعلى، وهو ابن منصور بن عكرمة بن خصفة وعليا هوازن هم سعد بن بكر بن هوازن الذين استرضع فيهم رسول الله، وجشم ونصر ابنا معاوية بن بكر بن هوازن وثقيف بن منبه بن هوازن. الحقيقة: ما يحق عليهم أن يحموه من منع جار وإدراك ثأر. جعفر: هو ابن كلاب بن ربيعة بن عامر.
(2) المزنوق: اسم فرسه. المنيح: قدح تكثر به القداح لا حظ له، وإنما خص المنيح لكثرة جولانه في القداح، لأنه إذا خرج منها رد فيها، وإذا خرج منها غيره مما لا حظ عزل عنها وهو غير المنيح الذي يزجر انظر الأصمعية 10: 19، والميسر لابن قتيبة 57-68. المشهر: المشهور عني بذلك كثرة جولانه عليهم.
(3) الازورار: الميل علن الشيء والانحراف عنه.
(4) الخزاية: الاستحياء أي أن الفرار يوجب ذلك. يعذر: يأتي بعذر.
(5) شرعا: جمع شارع، من قولهم "شرع الرمح" تسدد وانظر 99: 16.
(6) لكي لا: "لا" زائدة.
(7) مسهر: هو الذي غدر بعامر وطعنه بالرمح في وجهه ففلق الوجنة وانشقت عينه وهو مسهر بن يزيد بن عبد يغوث الحارثي وكان فارسا شريفا وجده عبد يغوث هو المترجم في 30.
(9) المدور: الذي يطوف بالدوار بضم الدال وتخفيف الواو وهو أعماد كانوا يتخذونها بحذاء أوثانهم وهذا لم يذكر في المعاجم وفيها أن الدوار اسم صنم.
(10) ما رمت: ما برحت. النجيع: الدم المصبوب. الدمقس: الحرير المسير: برود من اليمن يؤتي بها مسيرة أي فيها خطوط وهذا البيت لم يروه أبو عكرمة ورواه الحرمازي والأثرم.
(11) المراح: المرح وهو شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره أو التبختر والاختيال.
(13) العريضة: الأرض كلها. أكلب: حي من خثعم. السنور: الدروع.


  #3  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 09:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال عامر بن الطفيل

ابن مالك بن جعفر بن كلاب: ولم يرفعه الضبي في النسب أكثر من هذا، ورفعه أحمد بن عبيد عن أبي علي الحرمازي وأبو بكر بن علي بن المغيرة الأثرم عن أبيه، وربما زاد أحدهما على صاحبه فيما يجيء من الكلام بعد هذا الموضع وبينته في موضعه: قالا: كان أبو علي عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر من أشهر فرسان العرب بأسًا ونجدةً وأبعدها اسمًا: حتى بلغ ذلك أن قيصر ملك الروم كان إذا قدم عليه قادم من العرب قال: ما بينك وبين عامر بن الطفيل فإن ذكر نسبًا عظم عنده، حتى وفد عليه علقمة بن علاثة فانتسب له: فقال: أنت ابن عم عامر بن الطفيل: فغضب علقمة وقال: ألا أراني أعرف إلا بعامر، فكان ذلك مما أوحر صدره عليه (كذا روى الحرمازي وأما الأثرم فروى أوغر عليه) وهيجه إلى أن دعاه إلى المنافرة.
وكان عمرو بن معدي كرب وهو فارس اليمن يقول ما أبالي أي ظعينةٍ لقيت على ماءٍ من أمواه معدٍ ما لم يلقني دونها حراها أو عبداها: يعني بالحرين عامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي وعنى بالعبدين عنترة العبسي والسليك بن السلكة. (قال الأثرم: وهي أمه وهو ابن عمير بن يثربي السعدي. وقال الحرمازي: هو ابن عامر بن يثربي). قال الأثرم: ويقال كانت المنافرة أن علقمة بن علاثة شرب الخمر فضربه عمر رضي الله عنه الحد فلحق بالروم فارتد: فلما دخل على ملك الروم قال انتسب: فانتسب له علقمة: فقال: أنت ابن عم عامر بن الطفيل؟ فقال: ألا أراني أعرف ههنا إلا بعامر، فغضب فرجع فأسلم. وقال الأثرم: زعموا أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أشبه الناس بخالد بن الوليد رضي الله عنه وأنهم كانوا على سفر فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعلقمة في ظلمة الليل: فظن علقمة أنه خالد فقال: أبا سليمان أعزلك أمير المؤمنين. قال: نعم: قال: فما عندك له. قال: السمع والطاعة. فلما أصبحوا اجتمعوا فقال عمر لخالدٍ: قال لك علقمة كذا وكذا فقلت له كذا وكذا. فقال: لا والله ما كان من هذا شيء. فقال له علقمة: حلاً يا أبا سليمان. فجعل خالد يردد اليمين ويقول له علقمة حلاً، فضحك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وقال: أنا الذي كنت تحادثه والله لوددت أن الناس كلهم مثلك. (قال الأثرم: حلاً أي استثن).
قال: ولما مات عامر منصرفه من عند النبي صلى الله عليه وسلم نصبت عليه بنو عامر أنصابًا ميلاً في ميل حمى على قبره. قال الحرمازي: لا تنشر (وقال الأثرم لا تنتشر) فيه راعية ولا ترعى ولا يسلكه راكب ولا ماشٍ. وكان جبار بن سلمى بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب غائبًا. فلما قدم قال: ما هذه الأنصاب؟ قالوا: نصبناها حمى على قبر عامر. فقال: ضيقتم على أبي عليٍ.
إن أبا علي بان من الناس بثلاثٍ: كان لا يعطش حتى يعطش الجمل وكان لا يضل حتى يضل النجم ولا يجبن حتى يجبن السيل.
قالا: وله وقائع في مذحجٍ وخثعمٍٍ وغطفان وسائر العرب تكتب في مواضعها بأخبارٍ متفرقة.
(قال الأثرم: واسم خثعمٍ عمرو: قال ابن حبيب: سمي خثعم خثعمًا لأنهم غمسوا أيديهم في دم جزور فذلك الخثعمة: واسم تغلب دثار). قال: وكان عامر مع شجاعته سخيًا حليمًا. مما يذكر من ذلك أن أبا براء عامر بن مالك بن جعفر ابن كلاب رجع من غزوةٍ غزاها اليمن بقبائل بني عامر قد ظفر وملأ يديه. فلما صاروا إلى مأمنهم وأرادوا أن يتفرقوا في محالهم خطبهم عامر فقال: إن الله تعالى قد أثرى عددكم وأكثر أموالكم وقد ظفرتم، ومن الناس البغي والحسد ولم يكثر قوم قط إلا تباغوا. ولست آمنها عليكم وبينكم حسائف وأضغان: فتواعدوا ماء النظيم يوم كذا وكذا فأعطي بعضكم من بعض وأستل ضغن بعضكم من بعضٍ. قالوا: ما تعقبنا قط من رأيك إلا يمنًا وحزمًا ونحن موافوك في اليوم الذي أمرت بالنظيم. فاجتمعت بنو عامر ولم يفقد منهم أحد غير عامر بن الطفيل فأقاموا على النظيم ثلاثًا ينجرون الجزر. فقال علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص: ما يحبس الناس أن يفرغوا مما اجتمعوا له؟ قيل له: ينتظرون عامر بن الطفيل: فقام مغضبًا وكان فيه حدة فأقبل على ناديهم فقال: ما يحبسكم؟ قالوا: ننتظر أبا عليٍ فقال: وما تنتظرون منه: إنه لأعور البصر عاهر الذكر قليل النفر. فقال له عامر بن مالك: اجلس ولا تقل لابن عمك إلا خيرًا فلو شهد وغبت لم يقل فيك مقالتك فيه.
فأقبل عامر بن الطفيل على ناقةٍ له فتلقاه بعض من غضب له من فتيان مالك بن جعفر فأخبره بمقالة علقمة. قال: فهل قال غير هذا؟ قال: لا. قال: وقد والله صدق إني لعاهر الذكر أعور البصر قليل النفر (وخبر عنه في فيف الريح: قال الأثرم: طعنه مسهر الحارثي في عينه ففقأها). ثم قال للذي أخبره: فهل رد عليه أحد. قال: لا. قال: أحسنوا. فجاء حتى وقف على راحلته على ناديهم فحياهم: ثم قال: لم تقرون بشتمي بينكم: فوالله ما أنا عن عدوكم بجبانٍ ولا فيما نابكم بخاذلٍ ولا إلى أعراضكم بسريعٍ. وما حبسني عنكم إلا خمر قدم بها فسبأتها. فجمعت عليها شباب الحي فكرهت أن أدعهم فيتفرقوا حتى أنفدتها. وقد علمت في أي شيء جمعكم أبو براء، فأصلح الله ثآكم ولم شعثكم وكثر أموالكم: كل قرامةٍ أو حقٍ أو خدشٍ أو ظفرٍ تطلبه بنو عامرٍ كلها فهو من أموال بني مالك ومالي أول ذلك، وكل شيءٍ هو لنا فيكم فهو لكم. وقال أعمامه: قد رضينا ما فعل وحملنا ما حمل.
فتصدع الناس على ذلك. وكان ذلك مما زاد صدر علقمة عليه وغرًا حتى دعاه إلى المنافرة. وقال الأثرم: القرامة الأثر اليسير من الخدش ويقال قرمت السهم أقرمه قرمًا إذا عضضته وأثرت فيه.
قالا: وهو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار. وأمه كبشة بنت عروة الرحال بن عتيبة بن مالك بن جعفر. وأم أبيه أم البنين بنت ربيعة بن عمرو بن عامرٍ فارس الضحياء بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. قال الحرمازي: الضحياء والضحيان. وقال الأثرم: الضحياء هي البيضاء.
1: لقد علمت عليا هوزان أنني.......أنا الفارس الحامي حقيقة جعفر
قال الضبي: الحقيقة ما يحق عليهم أن يحموه من منع جارٍ وإدراك ثأرٍ. وجعفر هو جعفر بن كلاب.
2: وقد علم المزنوق أني أكره.......على جمعهم كر المنيح المشهر
قال الضبي: (المزنوق) فرسه. والمنيح: قدح تكثر به القداح لا حظ له. وإنما خص المنيح لكثرة جولانه في القداح لأنه إذا خرج منها رد فيها وإذا خرج منها غيره مما له حظ عزل عنها. ورواه أبو عبد الله: أني أكره * عشية فيف الريح كر المشهر.
وقال الأثرم: المنيح يكثر به القداح ليس له غنم ولا عليه غرم، فكلما خرج رد، قال: وقال الكلابي: المنيح خراج ولاج. ومشهر مشهور. وفيف الريح يوم للعرب مشهور. والمعنى في ذكره المنيح في كثرة جولانه عليهم.
3: إذا ازور من وقع الرماح زجرته.......وقلت له ارجع مقبلاً غير مدبر
(الازورار): الميل عن الشيء والانحراف عنه، كقول عنترة:
وازور من وقع القنا بلبانه.......وشكا إلي بعبرةٍ وتحمحم
يقول كلما عدل عن القصد زجرته ليتقدم.
4: وأنبأته أن الفرار خزاية.......على المرء ما لم يبل جهدًا ويعذر
قال الضبي: (الخزاية) الاستحياء. وقوله: (ويعذر) أي: يأتي بعذر. ومنه قول العرب: قد أعذر من أنذر: أي من أنذر فقد أتى بعذرٍ. وكان عبد الله بن العباس يقرأ: {وجاء المعذرون من الأعراب} أي: من جاء منهم بعذرٍ، ويقول لعن الله المعذرين إنما المعذرون المقصرون. ويروى: وأخبرته أن الفرار خزاية: رواها الحرمازي والأثرم، وروى الأثرم: جهدًا فيعذر، وعذرًا فيعذر، وقال ذو الرمة:
خزايةً أدركته بعد جولته.......من جانب الحبل مخلوطًا بها غضب
(خزايةً) استحياءً يقال خزي يخزى خزايةً وخزىً مقصور. وقد خزي يخزى خزيًا إذا وقع في الهلاك: وخزا فلان فلانًا يخزوه إذا ساسه وقهره، قال ذو الإصبع العدواني: ولا أنت دياني فتخزوني.
5: ألست ترى أرماحهم في شرعًا.......وأنت حصان ماجد العرق فاصبر
أصل المجد كثرة الفعل للخير: تقول العرب يا غلام امجد الدابة علفًا أي أكثر له.
6: أردت لكي لا يعلم الله أنني.......صبرت وأخشى مثل يوم المشقر
كذا رواها الضبي وأحمد بن عبيد. وغيرهما: لكيما يعلم الله. قال الأثرم: رواها الكلابي صبرت حفاظا يعلم الله أنني أحاذر يوما مثل يوم المشقر قال الأثرم: قال الكلابي: (يوم المشقر) يوم كان فيه بلاء وشر.
قال أحمد: قال الحرمازي: (المشقر) مدينة هجر، وكانت بنو تميم وألفاف من القبائل قطعوا على لطيمةٍ لكسرى جاءت من قبل باذان من اليمن، فلما صارت في أرض نجدٍ يخفرها هوذة بن عليٍ الحنفي عرض لها بنو تميم في موضع يقال له نطاع فأخذوا فيها سيوفًا وآنيةً ومناطق ذهبٍ وجواهر وعطرًا، وكان الزبرقان فيهم وهو قوله: الله أعطاني وأنعم يوم زوملة الأعاجم: ويروى: وغنم: وزومل إبل كثيرة عليها تجارات. وادعى الفرزدق أن صعصعة بن ناجية جده كان رئيس القوم فيها في قوله ببيت شعرٍ:
ورئيس يوم نطاع صعصعة الذي.......حينًا يضر وكان حينًا ينفع
ورئيسها من بني سعدٍ يشك فيه. فمضى الأساورة الذين كانوا فيها وهوذة معهم فأخبروا كسرى الخبر فكتب إلى جوان بوذان رجلٍ من أرض أزدشير خرة كان عامله على هجر يأمره أن يصفق على مضر. ووافق ذلك جدبًا من الزمان. وكتب إلى عماله على عذار العرب (وهو فصل ما بين العرب والعجم) أن يمنعوهم من الميرة. وفتح جوان بوذان بابي المشقر وأذن للعرب في الميرة ومكر بهم. فجعل يدخلهم خمسة خمسة وعشرة عشرة وأقل وأكثر يدخلون من باب السوق على أن يخرجوا من باب جنان. وكلما دخلت قطعة ضرب أعناقهم. فلما طال ذلك عليهم يدخل الناس ولا يخرجون بعثوا فنظروا إلى أبواب المشقر فإذا هي مأخوذ بها ما خلا الباب الذي يدخلون منه، فشد رجل من بني عبس فضرب السلسلة فقطعها فخرج وخرج من كان يليه.
وأمر المكعبر وهو جوان بوذان وإنما سمي المكعبر لكعبرته الرؤوس بإغلاق الباب ثم قتل من بقي في المدينة.
وكان كسرى حين قدم عليه هوذة أوجهه ونادمه وألبسه تاجًا من تيجانه وحللاً من حلله، فزعمت بنو حنيفة أنه كان لا يراه أحد من العجم إلا سجد لذلك التاج لصورة كسرى فيه، فقال الأعشى:
من ير هوذة يسجد غير متئبٍ.......إذا تصعب فوق التاج أو وضعا
ترى أكاليل بالياقوت زينها.......صواغها لا ترى عيبًا ولا طبعا
وقدم هوذة على جوان بواذن يريد أن ينفذ إلى اليمامة يوم الصفقة، فكلم هوذة جوان بوذان في مائةٍ من بني تميم فوهبهم له فأعتقهم. وكانت الصفقة يوم فصح النصارى أي فطرهم. فقال الأعشى:

سائل تميمًا به أيام صفقتهم = إذ بايعوه أسارى كلهم ضرعا
وسط المشقر في عيطاء مشرفةٍ = لا يستطيعون بعد الضر ممتنعا
لو أطعموا المن والسلوى مكانهم = ما أبصر الناس طعمًا فيهم نجعا
فقال للملك أطلق منهم مائةً = رسلاً من القول مخفوضًا وما رفعا
ففك عن مائةٍ منهم وثاقهم = فأصبحوا كلهم عن غله خلعا
بهم تقرب يوم الفصح ضاحيةً = يرجو الإله بما أسدى وما صنعا
لعمري وما عمري علي بهينٍ = لقد شان حر الوجه طعنة مسهر
قال الحرمازي: مسهر بن يزيد الحارثي: وكان مسهر وطفيل ومعاوية بنو زيد من فرسان العرب، فقال أبو بكر عن أبيه عن الأثرم مسهر حارثي، قال: وقال ابن الكلبي: ذكر علماء من قضاعة قالوا كان مسهر بن يزيد الحارثي بن عبد يغوث بن صلاءة فارسًا شريفًا وهو أخو طفيل اللجلاج بن يزيد. قد جنى جنايةً في قومه فلحق ببني عامر فحالفهم فشهد معهم يوم فيف الريح. وذكر شيئًا مما روى الحرمازي. غيره قال: كان عامر يتعاهد القوم يومئذٍ فيقول: يا فلان والله ما رأيتك فعلت شيئًا، فيقول له الرجل الذي قد أبلى، انظر إلى سيفي وما فيه وإلى سناني وما فيهما وإن مسهرا أقبل في الهيئة فقال يا أبا علي انظر إلى ما صنعت بالقوم انظر إلى رمحي وسناني حتى أقبل عليه عامر وأمكنه فوجأه بالرمح في وجنته ففلق الوجنة وانشقت عين عامر ففقأها، وخلى مسهر الرمح في عينه وضرب فرسه فلحق بقومه، وإنما دعا مسهرًا إلى الغدر بعامر أنه كان يراه وما يصنع بقومه. فقال هذا والله مبير قومي، فطعنه أسفًا وغيظًا عليه.
8: فبئس الفتى إن كنت أعور عاقرًا.......جبانًا فما عذري لدى كل محضر
ورواها الأثرم والحرمازي: فما أغنى لدى كل محضر.
9: وقد علموا أني أكر عليهم.......عشية فيفٍ الريح كر المدور
قال الحرمازي: (المدور) الذي يطوف بالدوار، والدوار أعماد كانوا يتخذونها بحذاءٍ أوثانهم، تخرج إليها الأبكار فتتبدل، وأنشد لعامر:
ألا يا ليت أخوالي غنيًا.......عليهم كلما أمسوا دوار
ويروى: لهم في كل ثالثةٍ دوار.
ببر إلاههم وتكون فيهم.......على العافين أيام قصار
قال الأثرم: (المدور) صاحب الدوار.
وما رمت حتى بل نحري وصدره.......نجيع كهدابٍ الدمقس المسير
وروى الحرمازي والأثرم هذا البيت ولم يروه الضبي. وقال الأثرم: المسير برود من اليمن يؤتى بها مسيرةً.
11: أقول لنفسٍ لا يجاد بمثلها.......أقلي المراح أنني غير مقصر
ورواها الحرمازي: أقلي مراحًا. ورواها الأثرم: (أقلي المزاح). ويروى: أقلي المراء. من المماراة ورواها: إنني غير مدبر. ورواها أحمد: المزاح: فكان المزاح هو المصدر ما زحت الرجل ممازحةً ومزاحًا وكان المزاح الاسم.
12: فلو كان الجمع مثلنا لم نبالهم.......ولكن أتتنا أسرة ذات مفخر
ورواها الحرمازي: جمعًا مثلنا لم يبزنا ورواها الأثرم: جمع مثلنا لم يبزنا * ولكن أتتنا ثورة ذات مفخر.
قال: ويروى ثروة. ويبزنا: يغلبنا، يقال من عز بز أي: من غلب سلب، ويقال إنه لمبز يغلبنا أي غالب وقاهر، وأنشد للرماح بن ميادة: تجدني إن عضتني الحرب بازيًا، ويقال جاءت المرأة تتبازى والرجل يتبازى تبازيًا يمشي مشيةً فيها بغي.
13: فجاؤوا بفرسان العريضة كلها.......وأكلب طرًا في لباس السنور
قال الضبي: قال هذه القصيدة عامر يوم فيف الريح يوم لقي خثعم وأحلافها من اليمن.
قال محمد بن حبيب: سمي خثعم لأنهم غمسوا أيديهم في دم جزورٍ وذلك الخثعمة، قال: واسم تغلب بن وائل دثار.
ورواها الحرمازي والأثرم:
أتونا بشهران العريضة كلها.......وأكلب طرًا في جياد السنور
وقال الأثرم: (السنور): الدروع. وشهران حي من خثعم وأكلب حي منهم أيضًا.
وقال أحمد: العريضة الأرض كلها. و(السنور): الدروع: قال الأسعر بن حمران الجعفي:
وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ.......فيها السنور والمغافر والقنا
[شرح المفضليات: 704-712]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
106, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir