دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 11:09 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

(وتُؤْمِنُ الفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ.(174)
والإِيمانُ بالقَدَرِ عَلى دَرَجَتينِ، كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئينِ).
(فالدَّرَجَةُ الأوْلى: الإِيمانُ بأَنَّ اللهَ تَعَالى [عليمٌ بالخَلْقِ وهُمْ] عَامِلُونَ بعِلْمِهِ القَديمِ الذي هُوَ مَوْصوفٌ بهِ أَزَلاً وأَبداً، وَعَلِمَ جَميعَ أَحوالِهِمْ مِن الطَّاعاتِ والمَعاصي والأرْزاقِ والآجالِ.(175)
ثُمَّ كَتَبَ اللهُ في اللَّوْحِ المَحْفوظِ مَقاديرَ الخَلْقِ، فأَوَّل مَا خَلَقَ اللهُ القَلَم قالَ لهُ: اكْتُبْ. قالَ: ما أَكْتُبُ؟ قالَ: اكْتُبْ مَا هُو كَائِنٌ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ. فمَا أَصَابَ الإِنْسانَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، ومَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصيبَهُ، جَفَّتِ الأْقلامُ، وطُوِيَتِ الصُّحُفُ.(176)
كَما قالَ تَعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ في كِتابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلى اللهِ يَسيرٌ)، وقالَ: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ في الأرْضِ ولا في أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذَلِكَ عَلى اللهِ يَسيرٌ)، وهذا التَّقْديرُ التَّابِعُ لِعِلْمِهِ سُبْحانَهُ يَكُونُ في مَواضِعَ جُمْلَةً وتَفْصيلاً فقدْ كَتَبَ في اللَّوْحِ المَحْفوظِ مَا شَاءَ. وإِذا خَلَقَ جَسَدَ الجَنينِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فيهِ؛ بَعَثَ إِليهِ مَلَكاً، فيُؤمَرُ بأَرْبِعِ كَلِماتٍ، فيُقالُ لهُ: اكْتُبْ: رِزْقَةُ، وأَجَلَهُ، وعَمَلَهُ، وشَقِيٌّ أَمْ سَعيدٌ. ونحوَ ذلك.(177)
فهذا التَّقديرُ قَدْ كانَ يُنْكِرُهُ غُلاةُ القَدَرِيَّةِ قديماً، ومُنْكِروهُ اليَوْمَ قليلٌ).(178)



(174) قولُه: (وتُؤمِنُ الفِرقةُ النَّاجيَةُ) إلخ (القَدَرِ) بالفتحِ والسُّكونِ لغةً: مصدْرُ قَدَرْتُ الشَّيءَ إذا أحطْتُ بمقدارِه، وعرَّفه بعضُهم بقولُه: هُوَ تعلُّقُ عِلمِ اللَّهِ وإرادَتِه أزلاً بالكائناتِ قَبلَ وجودِها، فلا حادِثَ إلاَّ وقد قدَّرَه اللَّهُ أزلاً أي سَبَق بِهِ عِلمُه، وتعلَّقتْ بِهِ إرادَتُه، والإيمانُ بالقدَرِ هُوَ أَحدُ أصولِ الإيمانِ السِّتَّةِ المذكورةِ في حديثِ جبريلَ وغيرِه، وأَجمعَ عليها أهلُ السُّنَّةِ والجَماعَةِ ولم يخالِفْ في ذَلِكَ إلا مَجوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ القدَريَّةُ، وقد خرجوا في أواخِرِ عهدِ الصَّحابةِ، وأنكَرَ عليهم الصَّحابةُ الموجودُونَ إذْ ذاك، وأوَّلُ مَن قال ذَلِكَ مَعبدٌ الجُهنيُّ بالبصرةِ، كما روى مسلمٌ في "صحيحِه" عن ابنِ عمرَ أنَّه قال: والذي نَفْسي بِيدِه لو كان لأحَدِهم مِثلُ أُحُدٍ ذهبًا ما قَبِلَه اللَّهُ منه حتى يُؤْمِنَ بالقدَرِ خيرِه وشرِّه، ثم اسْتدَلَّ بقولِ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((الإِيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)) فجَعلَ الإيمانَ بالقدَرِ سادِسَ أصولِ الإيمانِ، فمَن أنْكَرَه فليس بمؤمنٍ، بل ولا مسلمٍ فلا يُقبلُ عملُه، وقال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذِكرِ آثارٍ في الإيمانِ بالقدَرِ، قال: وَهَذِهِ الآثارُ كُلُّها تُحقِّقُ هَذَا المَقامَ، وتُبيِّنُ أنَّ مَن لم يؤمنْ بالقدَرِ فقد انْسلَخَ مِن التَّوحيدِ وَلَبِسَ جِلبابَ الشِّركِ، بل لم يُؤمنْ باللَّهِ ولم يعرِفْه، وهَذَا في كُلِّ كتابٍ أنزلَه اللَّهُ على رُسلِه. انتهى.
وقال طاوُسٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أدركتُ ثلاثَمائةٍ مِن أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولون كُلُّ شيءٍ بقدَرٍ. وقال أيوبُ السِّخْتِيَانيُّ: أدركتُ النَّاسَ وما كلامُهم إلا أنْ قَضى وقَدَّرَ، وفي صحيحِ مسلمٍ عن طاوسٍ: أدركتُ أناسًا من أصحابِ رسولِ اللَّهِ يقولون: كُلُّ شيءٍ بقدَرٍ، وسمعتُ عبدَ اللَّهِ بنَ عمرَ يقولُ: قال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزَ وَالْكَيَسَ)).
قولُه: (خيرِه وشرِّه) فلا كائنٌ إلا بإرادتِه ومشيئتِه، فهُوَ الخالقُ لكُلِّ شيءٍ.
قال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إثباتُ الشَّرِّ في القضاءِ إنَّما هُوَ بالإضافةِ إلى العبدِ والمفعولِ إذا كان يَقْدِرُ عليه بسببِ جَهلِه وظُلمِه وذُنوبِه لا إلى الخالِقِ، فَلَهُ في ذَلِكَ مِن الحِكَمِ ما تَقْصُرُ عنه أفهامُ البَشرِ، فهُوَ شَرٌّ بالإضافةِ إلى العبدِ، وأمَّا بالإضافةِ إلى الخالِقِ فكُلُّهُ خيرٌ وحِكمةٌ، فإنَّه صادِرٌ عن حِكمةٍ وعِلمٍ، وما كان كذَلِكَ فهُوَ خيرٌ محْضٌ بالنِّسبةِ إلى الرَّبِّ؛ إذْ هُوَ موجبُ أسمائِه وصفاتِه، ولا تعارُضَ بينه وبين قولِه: ((وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ)) لأنَّ معناه أنَّه يُمنعُ إضافةُ الشَّرِّ إليكَ بوَجهٍ مِن الوجوهِ، فلا يُضافُ الشَّرُّ إلى ذاتِه ولا إلى أسمائِه وصفاتِه وأفعالِه، فإنَّ ذاتَه مُنَزَّهَةٌ عن كُلِّ شرٍّ، وصفاتُه كذَلِكَ؛ إذْ كُلُّها صفاتُ كمالٍ ونُعوتُ جلالٍ لا نَقْصَ فيها بوجهٍ مِن الوجوهِ. انتهى. بتصرُّفٍ.

(175)
قولُه: (والإيمانُ بالقدَرِ على دَرجتَيْنِ) الخ ذَكرَ المصنِّفُ مَراتبَ الإيمانِ بالقدَرِ فبدأَ بمرتبةِ العِلمِ، وقد تَقدَّمَ الكلامُ على صِفةِ العِلمِ وأنها مِن الصِّفاتِ الذَّاتيَّةِ، وأنَّها متناوِلةٌ الموجودَ والمعدومَ والواجبَ والممْكِنَ والممْتنِعَ، قال شيخُ الإسلامِ: إنَّ عِلمَ اللَّهِ السَّابقَ مُحيطٌ بالأشياءِ على ما هي عليه لا مَحْوٌ فيه ولا تَغييرٌ ولا زيادةٌ ولا نقصٌ، فإنَّه -سُبْحَانَهُ- يَعلَمُ ما كان وما يكونُ وما لا يكونُ ولو كان كَيْفَ يكونُ، انتهى، والأدِلَّةُ على إثباتِها مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ أكثرُ مِن أنْ تُحصرَ، واتَّفقَ عليها الصَّحابةُ والتَّابِعون ومَن تَبِعَهم، ولم يُخالِفْ فيها إلاَّ مَجوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قولُه: (الأولى الإيمانُ بأَنَّ اللَّهَ) إلخ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، فهُوَ -سُبْحَانَهُ- موصوفٌ بالعِلمِ، وبأنَّهُ بكُلِّ شيءٍ عليمٌ أزلاً وأبداً، فلم يتَقدَّمْ عِلمَه جهالةٌ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِياًّ)، فيَعلَمُ -سُبْحَانَهُ- ما كان وما يكونُ، وما لم يكنْ لو كان كَيْفَ يكونُ، كما قال تعالى: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) وأشار بما تَقدَّمَ للرَّدِّ على غُلاةِ المعتزِلةِ والرَّافِضةِ الذين أنْكَروا أَنَّ اللَّهَ عالِمٌ بالأزلِ، وقالوا: إنَّ اللَّهَ لا يَعلَمُ أفعالَ العِبادِ حتى يَفعلُوها – تعالى اللَّهُ عن قولِهم عُلُواًّ كبيراً – قال تعالى: (أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
قولُه: (أزلاً وأبدًا) الأزلُ القِدمُ الذي لا نهايةَ له، فالأزلُ هُوَ الدَّوامُ في الماضي، والأبَدُ ما ليس له آخِرٌ، فهُوَ الدَّوامُ في المستقبَلِ، فالأزليُّ: هُوَ الذي لم يَزلْ كائِنًا، والأبَديُّ: هُوَ الذي لا يَزالُ كائنًا، وكونُه لم يَزَلْ ولا يَزالُ معناه دَوامُه وبقاؤُه الذي ليس مُبتَدأً ولا مُنْتَهًى. انتهى. مِن كلامِ شيخِ الإسلامِ.
قولُه: (مِن الطَّاعاتِ) جَمعُ طاعةٍ، مأخوذةٌ مِن طَاعَ يَطُوعُ، واصطلاحًا: الطَّاعةُ: هي مُوافَقةُ الأمرِ، وكُلُّ قُربةٍ طاعةٌ ولا عَكْسَ، والمعاصي: جَمعُ معصيةٍ وَهِيَ ضِدُّ الطَّاعةِ، والمعصيةُ: هُوَ الذَّنْبُ والإثمُ ألفاظٌ مترادِفةٌ، والمعصيةُ اصطلاحًا: مخالَفةُ الأمرِ.
قولُه: (والأرزاقُ والآجالُ) الأرزاقُ جَمعُ رِزقٍ، وهُوَ لغةً: الحظُّ والنَّصيبُ، وشَرْعًا: هُوَ ما يَنفَعُ مِن حلالٍ وحرامٍ، قال اللَّهُ تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) فلا بدَّ لكُلِّ مخلوقٍ مِن استكمالِ رِزقِه، كما في حديثِ حذيفةَ أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَفَثَ فِي رُوعِى أنَّهُ لاَ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا)) رَواهُ البَزَّارُ، وفي المتَّفقِ عليه مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ قال: ((يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعيِدٌ)) الحديثَ، وزعَمَت المعتزِلةُ أَنَّ الحرامَ ليس برِزقٍ، فعلى قولِهم يكونُ مَن أكَلَ الحرامَ طُولَ عُمرِه لم يَرْزقْه اللَّهُ، وهَذَا باطِلٌ مخالِفٌ للكتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ السَّلَفِ، فإنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- رازِقُ كُلِّ الخَلْقِ، وليس مخلوقٌ بغيرِ رِزقٍ، ومعلومٌ أَنَّ الحرامَ مَعيشةٌ لبعضِ النَّاسِ، وقد قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وقد قَسَمَ -سُبْحَانَهُ- معايِشَهم في الحياةِ الدُّنْيَا قال تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وفي الحديثِ: ((إنَّ اللَّهَ قَسَمَ بِيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ)) إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأدِلَّةِ.
قولُه: (والآجالَ) أي: أنَّه -سُبْحَانَهُ- قد عَلِمَ رِزقَه وأَجَلَه قَبلَ خَلقِه وإيجادِه، قال تعالى: (إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) والأجَلُ هُوَ غايةُ الوقتِ في الموتِ، ومُدَّةُ الشَّيءِ. وفي صحيحِ مسلمٍ عن عبدِ اللَّهِ قال: قالتْ أُمُّ حبيبةَ زَوجُ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: (اللَّهم أَمْتِعْني بِزَوْجِي رسولِ اللَّهِ، وبأبي أبي سفيانَ، وبأخي مُعاوِيةَ) قال فقال النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((لَقَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئاً قَبْلَ أَجَلِهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئاً عَنْ أَجَلِهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْراً أَوْ أَفْضَلَ)) إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأدلَّةِ الدَّالَّةِ على أَنَّ الميِّتَ ماتَ بعد استيفاءِ أجَلِه واستكمالِ رِزقِه، سواءٌ ماتَ حتْفَ أنْفِه أو ماتَ بالقتلِ، خلافًا للمعتزِلةِ القائِلينَ بأَنَّ المقتولَ قُطِعَ عليه أَجَلُه، وقولُهم باطِلٌ تَردُّه أدلَّةُ الكِتابِ والسُّنَّةِ.

(176) قولُه: (ثُمَّ كَتَبَ اللَّهُ في اللَّوحِ) إلخ هَذِهِ المرتبةُ الثَّانيةُ مِن مراتبِ الإيمانِ بالقدَرِ، وَهِيَ مرتبةُ الكتابةِ، وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ كتَبَ مقادِيرَ الخلائقِ وما هُوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ في اللَّوحِ المحفوظِ، فأعمالُ العِبادِ تَجري على ما سَبَقَ في عِلمِه وكتابَتِه، والأدِلَّةُ مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ على إثباتِ هَذِهِ المرتبةِ كثيرةٌ جِداًّ، وأَجمعَ على إثباتِها الصَّحابةُ والتَّابعونَ وجميعُ أهلِ السُّنَّةِ والحديثِ، قال اللَّهُ تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ) الآيةَ، وفي سُننِ أبي داودَ عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ قال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ: ((أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: ومَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ)) وفي الصَّحيحِ مِن حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، قال: قال رسولُ اللَّهِ –صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِين أَلْفِ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)). وأفادَ هَذَا الحديثُ أَنَّ التَّقديرَ وَقَعَ بعد خَلقِ العرشِ، فدلَّ على أَنَّ العرشَ مخلوقٌ قبلَ القَلمِ.
ققولُه: (فما أصابَ الإنسانَ) إلخ هَذَا هُوَ حقيقةُ الإيمانِ بالقدَرِ فما يُصيبُ الإنسانَ ممَّا يَضُرُّه ويَنفَعُه فكُلُّه مُقدَّرٌ عليه، ولا يُصِيبُ العبدَ إلاَّ ما كُتِبَ له مِن مقاديرَ ذَلِكَ في الكتابِ السَّابقِ، كما قال -سُبْحَانَهُ-: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّهُ عنهما- أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال له: ((وَاعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لم يَكُنْ لِيُصِيبَكَ …)) الحديثَ.
قولُه: (جَفَّتِ الْأَقْلاَمُ وَطُوِيتِ الصُّحُفُ) هَذَا كنايةٌ عن تَقدُّمِ كتابةِ المقاديرِ كُلِّها، والفَراغِ منها مِن أمدٍ بعيدٍ، وقد دلَّ الكِتابُ والسُّنَّةُ على مِثلِ هَذَا المعنى، كما في حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ المتقدِّمِ: ((وَاعْلَمْ أَنَّ الأمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ)) رواه التِّرمذيُّ وقال: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ.
وفي "الصَّحيحَيْنِ" مِن حديثِ أبي هريرةَ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال له: ((جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاقٍ)). وفي صحيحِ مسلمٍ عن جابرٍ -رضي اللَّهُ عنه- أنَّ رَجُلاً قال: يا رسولَ اللَّهِ: فِيمَ العَملُ؟ أفيما جَفَّتْ بِهِ الأقلامُ وجَرتٍ بِهِ المقاديرُ؟ أَمْ فيما يُستقبَلُ؟ قال: ((فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الأقلامُ وَجَرَتْ بِهِ المقاديرُ))، قال: فَفِيمَ العملُ؟ قال: ((اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ)). قال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد تَضَمَّنَ هَذَا الحديثُ الرَّدَّ على القدَريَّةِ والجبريَّةِ، وإثباتَ القدَرِ والشَّرعِ، وإثباتَ الكتابِ الأوَّلِ المتضمِّنِ لعِلمِ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ- الأشياءَ قَبلَ كونِها، وإثباتَ خَلقِ الفِعلِ الجَزائيِّ، وهُوَ يُبطِلُ أُصولَ القدَريَّةِ الذين يَنفونَ خَلقَ الفِعلِ مُطلقًا، ومَن أَقَرَّ مِنهم بِخَلقِ الفِعلِ الجَزائيِّ دُونَ الابتداءِ هَدَمَ أَصْلَه ونقَضَ قاعدتَه، والنَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أخبَرَ بِمِثلِ ما أخبَرَ بِهِ الرَّبُّ أَنَّ العبدَ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له لا مجبورٌ، فالجَبْرُ لفظٌ بِدْعيٌّ، والتَّيسِيرُ لفظُ القرآنِ والسُّنَّةِ. ا.هـ.
قولُه: (الأقلامُ) ذِكرُ الأقلامِ في هَذِهِ الأحاديثِ وغيرِها مجموعةً، دليلٌ على أنَّ للمقاديرِ أقلاماً غيرَ القَلَمِ الأوَّلِ الذي تَقدَّمَ ذِكْرُه مع اللَّوحِ المحفوظِ، والذي دَلَّتْ عليه السُّنَّةُ أَنَّ الأقلامَ أربعةٌ:
الأوَّلُ: القَلَمُ العَامُّ الشَّامِلُ لجميعِ المخلوقاتِ، وهُوَ الذي كُتِبَ بِهِ مقاديرُ كُلِّ شيءٍ.
الثَّاني: خبَرُ خَلقِ آدمَ، وهُوَ قَلمٌ عامٌّ أيضًا لكنْ لبَنِي آدمَ، وورَدَ في هَذِهِ آياتٌ تَدلُّ على أَنَّ اللَّهَ قدَّرَ أعمالَ بني آدمَ وأرْزَاقَهم وآجالَهم وسعادَتهم عَقِيبَ خَلقِ أَبيهِم.
الثَّالثُ: حين يُرسَلُ المَلَكُ إلى الجنينِ في بطنِ أُمِّهِ فيَنفُخُ فيه الرُّوحَ ويُؤمَرُ بأربعِ كلماتٍ: بكَتْبِ رِزْقِه، وأجَلِه، وعَمَلِه، وشَقِيٌّ أو سعيدٌ.
الرَّابعُ: الموضوعُ على العبدِ عندَ بُلوغِه، الذي بأيدِي الكِرامِ الكاتِبينَ الذين يَكتبون ما يَفعلُه بنو آدمَ، كما وَرَدَ ذَلِكَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ. انتهى. مِن كلامِ ابنِ القَيِّمِ.

(177) قولُه: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ) أيْ: مِن قَحْطٍ وقِلَّةِ نباتٍ وقِلَّةِ ثِمارٍ.
قولُه: (ولا في أَنْفُسِكُمْ) مِن أمراضٍ وفَقْدِ أولادٍ ونحوِ ذَلِكَ.
قولُه: (إِلاَّ فِي كِتابٍ) وهُوَ اللَّوحُ المحفوظُ.
قولُه: (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) أي: مِن قَبلِ أنْ نَخلُقَ الأرضَ والأنْفُسَ.
قولُه: (إِنَّ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ يَسيرٌ) أي: إنَّ عِلْمَه الأشياءَ قَبلَ كَوْنِها وكتابَتَه لها طِبقَ ما يُوجَدُ في حِينِها سَهْلٌ على اللَّهِ، لأنَّه -سُبْحَانَهُ- يَعلَمُ ما كان وما يكونُ وما لم يكن لو كان كَيْفَ يكونُ، ففي هَذِهِ الآياتِ أخْبَرَ -سُبْحَانَهُ- عن قَدَرِه السَّابِقِ في خَلْقِه قَبْلَ أنْ يَبْرَأَ البَريَّةَ، فما أصابَهُم مِن خيرٍ وشرٍّ قد كُتِبَ عليهم، وقُدِّرَ ولا بُدَّ مِن وقوعِه، وَهَذِهِ الآياتُ فيها الرَّدُّ على القَدريَّةِ نفاةِ العِلمِ السَّابِقِ.
قال النَّوويُّ في شرحِ مسلمٍ: قال العلماءُ رَحِمَهم اللَّهُ: وكتابُ اللَّهِ وَلَوْحُه وقَلَمُه والصُّحُفُ المذكورةُ في الأحاديثِ، كُلُّ ذَلِكَ مما يَجِبُ الإيمانُ به، وأمَّا كيفيَّةُ ذَلِكَ وصِفَتُه فعِلمُه إلى اللَّهِ (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مَّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ)، اهـ.
قولُه: (وهَذَا التَّقديرُ) إلخ، أي المتقدِّمُ ذِكرُه، وهُوَ تقديرُ اللَّهِ –سبحانَهُ وتعالَى- لمقاديرِ الخَلْقِ في عِلمِه وكِتابِه قبلَ تكوينِها وإيجادِها يكونُ في مواضِعَ جملةً وتفصيلا، فمِنها ما هُوَ عامٌّ شامِلٌ لكُلِّ كائنٍ، كما في حديثِ: لماَّ خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَال له أُكتبْ فجَرى بما هُوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ، ومنها ما هُوَ كالتَّفصيلِ مِن القدَرِ السَّابقِ، وبعضُها أخَصُّ مِن بعضٍ، فما في الحديثِ المتقدِّمِ تقديرٌ شامِلٌ، وأخَصُّ مِنه ما في حديثِ ابنِ مسعودٍ: ((يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ …))، الحديثَ، وأخصُّ منهما ما وَرَدَ أنَّه يُقدِّرُ في ليلةِ القَدْرِ ما يَلْقَاه في تِلْكَ السَّنَةِ إلى السَّنَةِ الأُخرى، فقولُه: (فقد كتبَ اللَّهُ في اللَّوحِ المحفوظِ) إلى آخِرِه، هَذَا هُوَ التَّقديرُ العامُّ قبلَ خَلقِ السَّماواتِ والأرضِ، وما ذَكَرَه في حديثِ ابنِ مسعودٍ: ((يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يومًا نُطْفَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يومًا عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرْبَعِينَ يومًا مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فيُؤْمَرُ بَأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وأجَلِهِ، وعَمَلِهِ، وَشَقيٌّ أَمْ سَعِيدٌ))، الحديثَ، فهَذَا تقديرٌ عُمْريٌّ، وما رواه عبدُ الرَّزَّاقِ وابنُ جريرٍ عن قتادةَ -رضي اللَّهُ عنه- في قولِه تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ) الآيةَ. قال: يُقضَى ما يكونُ في السَّنَةِ إلى مِثلِها، فهَذَا التَّقديرُ تَقديرٌ حَوْليٌّ، وما في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّهُ عنه-: ((إنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَوْحًا مَحْفُوظًا مِن دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، دَفَّتَاهُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، قَلَمُهُ نُورٌ وَكِتَابُهُ نُورٌ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ، يَنْظُرُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ ويَفْعَلُ ما يَشَاءُ، فكذَلِكَ قولُه -سُبْحَانَهُ-: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) رواه عبدُ الرَّزَّاقِ، وابنُ المنذرِ، والطَّبرانيُّ، والحاكِمُ، فهَذَا التَّقديرُ المذكورُ في هَذَا الحديثِ تقديرٌ يوميٌّ.
قال ابنُ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكُلُّ واحدٍ مِن هَذِهِ التَّقاديرِ كالتَّفصيلِ مِن القدَرِ السَّابقِ، وفي ذَلِكَ دليلٌ على كمالِ عِلمِه -سُبْحَانَهُ- وقُدرَتِه وحِكمَتِه، وزيادةِ تعريفِه الملائكةَ وعبادَه المؤمنين بنَفْسِه وأسمائِه، قال: فاتَّفقتْ هَذِهِ الأحاديثُ ونظائِرُها على أَنَّ القدَرَ السَّابقَ لا يَمنَعُ العَملَ ولا يُوجِبُ الاتِّكالَ عليه، بل يُوجِبُ الجِدَّ والاجتهادَ. اهـ.

(178) قولُه: (فهَذَا القدَرُ) أي: المذكورُ فيما تقدَّمَ وهُوَ عِلمُه الأشياءَ قَبلَ كونِها، وكتابَتُه لها طِبقَ ما يُوجَدُ في حِينِها، قد كان يُنكِرُه غُلاةُ القدريَّةِ، كمَعبدِ الجُهنيِّ الذي سأل ابنُ عمرَ عن مقالَتِه، وكعمرِو بنِ عُبَيدٍ وغيرِه، فيُنكِرون عِلمَه المتقدِّمَ، وكِتابَتَه السَّابقةَ، ويَزعُمون أنَّه أمَرَ ونَهَى وهُوَ لا يَعلَمُ مَن يُطيعُه ممَّن يَعصِيهِ، بل الأمْرُ أُنُفٌ أي مُستأنَفٌ، وهَذَا القولُ أوَّلُ ما حَدَثَ في الإسلامِ بعدَ انْقِراضِ عَصْرِ الخُلفاءِ الرَّاشِدينَ، وكان أوَّلَ مَن أَظهَرَ ذَلِكَ بالبصرةِ معبدٌ الجهنيُّ، وأخَذَ عنه هَذَا المذهبَ غَيلانُ الدِّمشقيُّ، فلمَّا ابتدعَ هؤلاء التَّكذيبَ بالقدَرِ رَدَّ عليهم مَن بَقِي مِن الصَّحابةِ، كعبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ، وعبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، وواثِلةَ بنِ الأسقعِ وغيرِهم، والقدريَّةُ يَنقسمونَ إلى فِرْقتَيْنِ:
الأُولى: تُنكِرُ أَنَّ اللَّهَ سَبقَ عِلمُه بالأشياءِ قَبلَ وُجودِها، وتزعُم أَنَّ اللَّهَ لم يُقدِّر الأمورَ أزلاً ولم يتقدَّمْ عِلمُه بها، وإنَّما يَعلَمُها إذا وَقَعتْ، قال العلماءُ: والمنكِرونَ لهَذَا انْقَرضُوا وهم الذين كفَّرهم الأئمَّةُ مالكٌ والشَّافعيُّ وأحمدُ، وهم الذين قال فيهم الشَّافعيُّ ناظِروا القدريَّةَ بالعِلمِ، فإنْ أقرُّوا بِهِ خُصِموا، وإنْ أَنكَروه كَفُروا.
الفِرقةُ الثَّانيةُ: المُقِرُّونَ بالعِلمِ وإنَّما خَالَفوا السَّلَفَ في زَعْمِهم بأنَّ أفعالَ العِبادِ مَقدورةٌ لهم وواقِعةٌ منهم على جِهةِ الاستقلالِ، وهُوَ مع كَونِه مذهباً باطِلاً أخَفُّ مِن المذهبِ الأوَّل: قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأمَّا هؤلاء – يعني الفِرقةَ الثَّانيةَ – فإنهم مُبتدِعون ضالُّون لكنَّهم ليسوا بمنزلةِ أولئكَ، قال: وفي هؤلاء خَلْقٌ كَثيرٌ مِن العلماءِ والعُبَّادِ وكُتِبَ عنهم وأَخرجَ البخاريُّ ومُسلمٌ لِجماعةٍ منهم، لكنْ مَن كان داعيةً لم يُخَرِّجوا له، وهَذَا مذهبُ فقهاءِ الحديثِ كأحمدَ وغيرِه، ومَن كان داعيةً إلى بِدْعةٍ فإنَّه يَسْتَحقُّ العقوبةَ لدَفعِ ضررِه عن النَّاسِ وإنْ كان في الباطنِ مجتهِداً، فأقَلُّ عُقوبَتِه أنْ يُهجَرَ فلا يكونُ له رتبةٌ في الدِّينِ، فلا يُستقضَى ولا تُقبلُ شهادَته ونحوُ ذَلِكَ. اهـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بالقدر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir