دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > مقدمات المفسرين > مقدمة تفسير الألوسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 جمادى الأولى 1431هـ/21-04-2010م, 03:39 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الفائدة الثانية : ما يحتاجه التفسير ومعنى التفسير بالرأي


الفائدة الثانية: فيما يحتاجه التفسير ومعنى التفسير بالرأي وحكم كلام السادة الصوفية في القرآن فأما ما يحتاجه التفسير فأمور الأول علم اللغة لأن به يعرف شرح مفردات الألفاظ ومعلولاتها بحسب الوضع ولا يكفي اليسير إذ قد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر فمن لم يكن عالما بلغات العرب لا يحل له التفسير كما قاله مجاهد وينكل كما قاله مالك وهذا مما لا شبهة فيه نعم روي عن أحمد أنه سئل عن القرآن يمثل له الرجل ببيت من الشعر فقال ما يعجبني وهو ليس بنص في المنع عن بيان المدلول اللغوي للعارف كما لا يخفى. الثاني معرفة الأحكام التي للكلم العربية من جهة أفرادها وتركيبها ويؤخذ ذلك من علم النحو أخرج أبو عبيدة عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته فقال: حسن فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها وفي قصة الأسود ما يغني عن الإطالة. الثالث: علم المعاني والبيان والبديع ويعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى وبالثاني خواصها من حيث اختلافها وبالثالث وجوه تحسين كلام وهو الركن الأقوم واللازم الأعظم في هذا الشأن كما لا يخفى ذلك على من ذاق طعم العلوم ولو بطرف اللسان. الرابع: تعيين مبهم وتبيين مجمل وسبب نزول ونسخ ويؤخذ ذلك من علم الحديث. الخامس: معرفة الإجمال والتبيين والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد ودلالة الأمر والنهي وما أشبه هذا وأخذوه من أصول الفقه. السادس: الكلام فيما يجوز على الله وما يجب له وما يستحيل عليه والنظر في النبوة ويؤخذ هذا من علم الكلام ولولاه يقع المفسر في ورطات. السابع: علم القراءات لأنه به يعرف كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات ترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض هذا وعد السيوطي مما يحتاج إليه المفسر علم التصريف وعلم الاشتقاق وأنا أظن أن المهارة ببعض ما ذكرنا يترتب عليها ما يترتب عليهما من الثمرة وعد أيضا علم الفقه ولم يعده غيره ولكل وجهة وعد علم الموهبة أيضا من ذلك قال وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بالحديث ((من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم)) ثم قال: ولعلك تستشكل علم الموهبة وتقول هذا شيء ليس في قدرة الإنسان تحصيله وليس كما ظننت والطريق في تحصيله ارتكاب الأسباب الموجبة له من العمل والزهد إلى آخر ما قاله وفيه أن علم الموهبة بعد تسليم أنه كسبي إنما يحتاج إليه في الاطلاع على الأسرار لا في أصل فهم معاني القرآن كما يفهمه كلام البرهان وكثير من المفسرين بصدد الثاني والواقفون على الأسرار وقليل ما هم لا يستطيعون التعبير عن كثير مما أفيض عليهم فضلا عن تحريره وإقامة البرهان عليه على أن ذلك تأويل لا تفسير فلعل السيوطي أراد من عبارته معنى آخر يظهر لك بالتدبر فتدبر وأما التفسير بالرأي فالشائع المنع عنه واستدل عليه بما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من قوله صلى الله عليه وسلم: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)) وفي رواية عن أبي داود: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) ولا دليل في ذلك أما أولا فلأن في صحة الحديث الأول مقالا قال في المدخل: في صحته نظر وإن صح فإنما أراد به والله تعالى أعلم فقد أخطأ الطريق إذ الطريق الرجوع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة وفي نحو الناسخ والمنسوخ إلى الأخبار وفي بيان المراد منه إلى صاحب الشرع فإن لم يجد هناك وهنا فلا بأس بالفكرة ليستدل بما ورد على ما لم يرد أو أراد من قال بالقرآن قولا يوافق هواه بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا له فيرد إليه بأي وجه فقد أخطأ فالباء على ذلك سببية أو يقال ذلك في المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله أو في الجزم بأن مراد الله تعالى كذا على القطع من غير دليل وأما الحديث الثاني فله معنيان الأول من قال في مشكل القرآن بما لا يعلم فهو متعرض لسخط الله تعالى والثاني وصحح من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار وأما ثانيا فلأن الأدلة على جواز الرأي والاجتهاد في القرآن كثيرة وهي تعارض ما يشعر بالمنع فقد قال تعالى: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} وأخرج أبو نعيم وغيره من حديث ابن عباس القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس بقوله: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)) وقد روي عن علي كرم الله وجهه أنه سئل هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة أو فهم يؤتاه الرجل في كتابه إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة والعجب كل العجب مما يزعم أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني التراكيب ولم ينظر إلى اختلاف التفاسير وتنوعها ولم يعلم أن ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك كالكبريت الأحمر فالذي ينبغي أن يعول عليه أن من كان متبحرا في علم اللسان مترقيا منه إلى ذوق العرفان وله في رياض العلوم الدينية أو في مرتع وفي حياضها أصفى مكرع يدرك إعجاز القرآن بالوجدان لا بالتقليد وقد غدا ذهنه لما أغلق من دقائق التحقيقات أحسن إقليد فذاك يجوز له أن يرتقي من علم التفسير ذروته ويمتطي منه صهوته وأما من صرف عمره بوساوس أرسطاطاليس واختار شوك القنافذ على ريش الطواويس فهو بمعزل عن فهم غوامض الكتاب وإدراك ما تضمنه من العجب العجاب وأما كلام السادة الصوفية في القرآن فهو من باب الإشارات إلى دقائق تنكشف عي أرباب السلوك ويمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة وذلك من كمال الإيمان ومحض العرفان لا أنهم اعتقدوا أن الظاهر غير مراد أصلا وإنما المراد الباطن فقط إذ ذاك اعتقاد الباطنية الملاحدة توصلوا به إلى نفي الشريعة بالكلية وحاشى سادتنا من ذلك كيف وقد حضوا على حفظ التفسير الظاهر وقالوا لا بد منه أولا إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر ومن ادعى فهم أسرار القرآن قبل إحكام التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب ومما يؤيد أن للقرآن ظاهرا وباطنا ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف هوى أخبار وأمثال وحلال وحرام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التلاوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء.
وقال ابن مسعود: من أراد علم الأولين والآخرين فليتل القرآن ومن المعلوم أن هذا لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر وقد قال بعض من يوثق به: لكل آية ستون ألف فهم وروي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع)) قال ابن النقيب أن ظاهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر وباطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله تعالى عليها أرباب الحقائق ومعنى قوله: ((ولكل حرف حد)) أن لكل حرف منتهى فيما أراده الله تعالى من معناه ومعنى قوله: ((ولكل حد مطلع)) أن لكل غامض من المعاني والأحكام مطلعا يتوصل به إلى معرفته ويوقف عن المراد به وقيل في رواية: ((لكل آية ظهر وبطن وحد ومطلع)) والمذكور بوساطة الألفاظ وتأليفاتها وضعا وإفادة وجعلها طرقا إلى استنباط الأحكام الخمسة هو الظهر وروح الألفاظ أعني الكلام المعتلى عن المدارك الآلية بجواهر الروح القدسية هو البطن وإليه الإشارة بقول الأمير السابق والحد إما بين الظهر والبطن يرتقى منه إليه وهو المدرك بالجمعية من الجمعية وإما بين البطن والمطلع فالمطلع مكان الاطلاع من الكلام النفسي إلى الاسم المتكلم المشار إليه بقول الصادق لقد تجلى الله تعالى في كتابه لعباده ولكن لا يبصرون والحد بينهما يرتقي به من البطن إليه عند إدراك الرابطة بين الصفة والاسم واستهلاك صفة العبد تحت تجليات أنوار صفة المتكلم تعالى شأنه وقيل الظهر التفسير والبطن التأويل والحد ما تتناهى إليه الفهوم من معنى الكلام والمطلع ما يصعد إليه منه فيطلع على شهود الملك العلام انتهى.
فلا ينبغي لمن له أدنى مسكة من عقل بل أدنى ذرة من إيمان أن ينكر اشتمال القرآن على بواطن يفيضها المبدأ الفياض على بواطن من شاء من عباده ويا ليت شعري ماذا يصنع المنكر بقوله تعالى: {وتفصيلا لكل شيء} وقوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} ويا لله العجب كيف يقول باحتمال ديوان المتنبي وأبياته المعاني الكثيرة ولا يقول باشتمال قرآن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآياته وهو كلام رب العالمين المنزل على خاتم المرسلين على ما شاء الله تعالى من المعاني المحتجبة وراء سرادقات تلك المباني سبحانك هذا بهتان عظيم بل ما من حادثة ترسم بقلم القضاء في لوح الزمان إلا وفي القرآن العظيم إشارة إليها فهو المشتمل على خفايا الملك والملكوت وخبايا قدس الجبروت.
وقد ذكر ابن خلكان في تاريخه أن السلطان صلاح الدين لما فتح مدينة حلب أنشد القاضي محيي الدين قصيدة بائية أجاد فيها كل الإجادة وكان من جملتها: وفتحك القلعة الشهباء في صفر مبشر بفتوح القدس في رجب
فكان كما قال فسئل القاضي من أين لك هذا؟ فقال: أخذته من تفسير ابن برجان في قوله تعالى: {الم * غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} قال المؤرخ: فلم أزل أتطلب التفسير المذكور حتى وجدته على هذه الصورة وذكر له حسابا طويلا وطريقا في استخراجه وله نظائر كثيرة ومن المشهور استنباط ابن الكمال فتح مصر على يد السلطان سليم من قوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} فالإنصاف كل الإنصاف التسليم للسادة الصوفية الذين هم مركز للدائرة المحمدية ما هم عليه واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل لكثرة العوائق والعلائق إليه
وإذا لم تر الهلال فسلم = لأناس رأوه بالأبصار
وسيأتي تتمة لهذا البحث إن شاء الله تعالى والله الهادي إلى سواء السبيل.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثانية, الفانية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir