(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِبَاحَةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ) إذْ هِيَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ الْمُتَوَقِّفِ وُجُودُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الشَّرْعِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ لَا إذْ هِيَ انْتِفَاءُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَهُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَهُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوُجُوبَ) لِشَيْءٍ (إذَا نُسِخَ) كَأَنْ قَالَ الشَّارِعُ نَسَخْتُ وُجُوبَهُ (بَقِيَ الْجَوَازُ) لَهُ الَّذِي كَانَ فِي ضِمْنِ وُجُوبِهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ بِمَا يُقَوِّمُهُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التَّرْكِ الَّذِي خَلَفَ الْمَنْعُ مِنْهُ إذْ لَا قِوَامَ لِلْجِنْسِ بِدُونِ فَصْلٍ وَلَا إرَادَةَ ذَلِكَ قَالَ (أَيْ عَدَمُ الْحَرَجِ) يَعْنِي فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ الْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ أَوْ الْكَرَاهَةِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِخِلَافِ الْأَوْلَى إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا (وَقِيلَ) الْجَوَازُ الْبَاقِي بِمُقَوِّمِهِ (الْإِبَاحَةَ) إذْ بِارْتِفَاعِ الْوُجُوبِ يَنْتَفِي الطَّلَبُ فَيَثْبُتُ التَّخْيِيرُ (وَقِيلَ) هُوَ (الِاسْتِحْبَابُ) إذْ الْمُتَحَقِّقُ بِارْتِفَاعِ الْوُجُوبِ انْتِفَاءُ الطَّلَبِ الْجَازِمِ فَيَثْبُتُ الطَّلَبُ غَيْرُ الْجَازِمِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَبْقَى الْجَوَازُ ; لِأَنَّ نَسْخَ الْوُجُوبِ يَجْعَلُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَيَرْجِعُ الْأَمْرُ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ إبَاحَةٍ أَيْ لِكَوْنِ الْفِعْلِ مَضَرَّةً أَوْ مَنْفَعَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ الْخَامِسِ