دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 05:27 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعريف الفقه

وَالْفِقْهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ، الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ.

  #2  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:12 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي منع الموانع للقاضي: عبد الوهاب السبكي


السؤال الثاني: ما الجمع بين تقييدكم الأحكام الشرعية بالعملية، في حد الفقه، وتقييد الحكم بفعل المكلف، مع أن الاعتقادات الدينية كأصول الدين أحكام؟ وهل تسمى الاعتقادات والنيات والأقوال أفعالاً حقيقة أو مجازاً؟ وإن قلتم: مجازاً، فهل يجوز إدخال المجاز في الحد أو لا؟
. . .
وأما قولنا في حد الفقه: (العملية)، مع قولنا: (الحكم خطاب الله المتعلق بفعل المكلف) فلا منافاة فيه.
وقولكم: (الاعتقادات الدينية كأصول الدين أحكام):
جوابه: أن أصول الدين، منه ما يثبت بالعقل وحده كوجود الباري، ومنه ما لا يثبت إلاَّ بكل من العقل والسمع، وهذان خرجا بقولنا (الشرعية) وتفسيرنا إياها نحن وغيرنا بما يتوقف على الشرع.
ومنه ما لا يثبت إلاَّ بالسمع كمسألة أن الجنة مخلوقة، ونحوها. فنقول: المراد بالحكم الإنشائي لا الخبري. وما لا يثبت إلاَّ بالسمع ينظر إليه من جهتين.
إحداهما: أصل ثبوته، وذلك ليس بإنشاء، لأن السمع فيه مخبر لا منشئ، كقولنا: الجنة مخلوقة والصراط حق.
والثانية: وجوب اعتقاده وذلك حكم شرعي إنشائي وهو عندنا عملي من مسائل الفقه، وهو داخل في قولنا (الحكم خطاب الله المتعلق بفعل المكلف).
وقولكم: هل تسمى الاعتقادات والنيات والأقوال أفعالاً؟
جوابه: أنها تسمى.
وأما كون ذلك بالحقيقة أو المجاز فيتوقف على نقل اللغة، والأظهر عندي أنه بالحقيقة.
ومن هنا يعلم أن عدول الآمدي وابن الحاجب وغيرهما عن لفظ العملية إلى لفظ الفرعية احتجاجاً بأن النية من مسائل الفروع وليست عملاً ليس بجيد؛ لأنها عمل، فإن قلت فلفظ الفرعية أوضح من العملية فلم لا= اخترتموه؟ قلت: لأنه لا يدخل فيه وجوب اعتقاد مسائل الديانات التي لا تثبت إلاَّ بالسمع فإنها عندي فقه وليست فرعية.
وفي كلام الشيخ الإمام الوالد رحمه الله تعالى في (شرح المنهاج) ما يقتضي أن لفظ الفرعية أجود، وأن الأظهر أن وجوب اعتقاد ما ثبت من الديانات بالسمع لا يسمى فقهاً، ولكني لست أوافق على ذلك.
المجاز إذا اشتهر يجوز دخوله في الحدود:
وأما دخول المجاز في الحد فجائز إذا كان مشهوراً.
وأنا أقول: إني لم أر تعريفاً إلى الآن لا مجاز فيه، لا في المنطق ولا في الكلام، ولا الأصول وهي العلوم التي تحرر التعاريف فيها أكثر من غيرها، فما ظنك بغيرها؟!

  #3  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(وَالْفِقْهُ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ) أَيْ بِجَمِيعِ النِّسَبِ التَّامَّةِ (الشَّرْعِيَّةِ) أَيْ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الشَّرْعِ الْمَبْعُوثِ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ (الْعَمَلِيَّةِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ الْوِتْرَ مَنْدُوبٌ (الْمُكْتَسَبِ) ذَلِكَ الْعِلْمُ (مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ) أَيْ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ لِلْأَحْكَامِ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَحْكَامِ الْعِلْمُ بِغَيْرِهَا مِنْ الذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ وَالْبَيَاضِ وَبِقَيْدِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ النَّارَ مُحْرِقَةٌ وَبِقَيْدِ الْعِلْمِيَّةِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ أَيْ الِاعْتِقَادِيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَبِقَيْدِ الْمُكْتَسَبِ عِلْمُ اللَّهِ وَجِبْرِيلَ وَالنَّبِيِّ بِمَا ذُكِرَ وَبِقَيْدِ التَّفْصِيلِيَّةِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ الْمُكْتَسَبِ لِلْخِلَافِيِّ مِنْ الْمُقْتَضَى وَالنَّافِي الْمُثْبَتِ بِهِمَا مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْفَقِيهِ لِيَحْفَظَهُ عَنْ إبْطَالِ خَصْمِهِ فَعِلْمُهُ مَثَلًا بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي أَوْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ لِوُجُودِ النَّافِي لَيْسَ مِنْ الْفِقْهِ وَعَبَّرُوا عَنْ الْفِقْهِ هُنَا بِالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ لِظَنِّيَّةِ أَدِلَّتِهِ ظَنًّا كَمَا سَيَأْتِي التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّهُ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي هُوَ لِقُوَّتِهِ قَرِيبٌ مِنْ الْعِلْمِ وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِالْأَحْكَامِ جَمِيعًا لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ أَكَابِرِ الْفُقَهَاءِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً مِنْ أَرْبَعِينَ سُئِلَ عَنْهَا لَا أَدْرِي ; لِأَنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لِلْعِلْمِ بِأَحْكَامِهَا بِمُعَاوَدَةِ النَّظَرِ، وَإِطْلَاقُ الْعِلْمِ عَلَى مِثْلِ هَذَا التَّهَيُّؤِ شَائِعٌ عُرْفًا يُقَالُ فُلَانٌ يَعْلَمُ النَّحْوَ وَلَا يُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ مَسَائِلِهِ حَاضِرَةٌ عِنْدَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ بَلْ إنَّهُ مُتَهَيِّئٌ لِذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ قَيْدٌ وَاحِدٌ جَمْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُعَرَّفَ بِخِطَابِ اللَّهِ الْآتِي فَخِلَافُ الظَّاهِرِ وَإِنْ آلَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ كَوْنِهِمَا قَيْدَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى.

  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


ص: (والفِقْهُ: العِلْمُ بالأحكامِ الشرعيَّةِ العَمَلِيَّةِ،المُكْتَسَبُ مِن أَدِلَّتِها التفصيليَّةِ).
ش: هذا حَدُّ الفِقْهِ اصْطِلاحاً،فالعِلْمُ جِنْسٌ، ولو عَبَّرَ بالمعرفةِ لكانَ أحسنَ، كما قالَ الشيخُ تَقِيُّ الدينِ؛فإنَّ العلمَ يُطْلَقُ بمعنى حصولِ المعنَى في الذهنِ، ويُطْلَقُ على أخصَّ من ذلك، وهو الاعتقادُ الجازِمُ المطابِقُ لِمُوجِبٍ، ولهذا جاءَ سؤالُ الفقهِ من بابِ الظنونِ، فلا يَحْسُنُ جَعْلُه عِلْماً، ومَن عَبَّرَ بالمعرفةِ سَلِمَ منه لذلكَ. انْتَهَى.
وقد انْفَصَلَ المصنِّفُ عن هذا، فقالَ: المرادُ به هنا الصِّنَاعةُ، كما تقولُ: عِلْمُ النحوِ؛أي: صِنَاعَتُه، وحينَئذٍ يَنْدَرِجُ فيه الظنُّ واليقينُ، ولا يَرِدُ سؤالُ الظنِّ، وهذا يُنَازِعُ فيه أنَّ جَوَابَهُم عن السؤالِ بالطريقِ التي ذَكَرُوها، يَدُلُّ على أنَّ مُرَادَهم بالعلمِ اليقينُ، وإلاَّكانَ جَوَابُهُم أنَّ الظنَّ دَاخِلٌ في العلمِ، ولو تَجَنَّبَهُ المصنِّفُ لَسَلِمَ مِن التَّمَحُّلِ لِدَفْعِ السؤالِ.
وقولُه: (بالأحكامِ) فَصْلٌ يُخْرِجُ الإدراكَ بلا حُكْمٍ؛ كالعلمِ بالذواتِ والصفاتِ الحقيقيَّةِ والإضافةِ، فلا شيءَ مِن هذه العلومِ بِفِقْهٍ.
وقولُه: (الشرعيَّةِ) يُحْتَرَزُ به عن العلمِ بالأحكامِ العقليَّةِ، مثلُ كونِ العَرَضِ هل يَبْقَى زَمَانَيْنِ، والمرادُ بالشرعيَّةِ ما يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُها على الشرعِ، والشرعُ: الحُكْمُ، والشارِعُ هو اللهُ تعالَى. والرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَلِّغٌ، ويُطْلَقُ عليه أيضاًً بهذا الاعتبارِ.
واعْلَمْ أنَّ جَعْلَ قولِهم: بالأحكامِ الشرعيَّةِ، قيديْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ، حتَّى يُحْتَرَزَ بكلِّ واحدٍ مِنهما عن شيءٍ.وهي طريقةُ الإمامِ في (المحصولِ) ومُتَابِعِيهِ.والتحقيقُ أنَّ الأحكامَ الشرعيَّةَ لفظٌ مُفْرَدٌ لا يَدْخُلُ جُزْؤُه فيه على شيءٍ؛ فإنَّ الأحكامَ الشرعيَّةَ جمعُ الحكمِ الشرعيِّ، وهو عِلْمٌ لِمَا سيأتي تَعْرِيفُه مِن الخطابِ المُنْقَسِمِ إلى الإيجابِ والتحريمِ وغيرِهما، وقد صَرَّحَ إِمامُ الحَرَمَيْنِ في (البُرهانِ) بأنَّ المرادَ بالأحكامِ الشرعيَّةِ في حَدِّ الفِقْهِ ذلكَ، فلْيُتَفَطَّنْ له؛فإنَّه مِن النفائِسِ.
قولُه: (العَمَلِيَّةِ) قَيْدٌ لم يَذْكُرْهُ القاضِي، ولكِنْ ذَكَرَه المُتَأَخِّرُونَ،واخْتَلَفُوا في المُحْتَرَزِ عنه؛ فقالَ الإمامُ: إنَّه احترازٌ عن العِلمِ بكونِ الإجماعِ حُجَّةً،وخبرِ الواحدِ والقياسِ حُجَّةً؛فإنَّ العِلمَ به ليسَ عِلْماً بكيفيَّةِ عَمَلٍ، فلا يكونُ فِقهاً،وفَسَّرُوا العَمَلِيَّةَ بما يكونُ العلمُ به عِلْماً بكيفيَّةِ عَمَلٍ.
واسْتَشْكَلَهُ ابنُ دَقِيقِ العِيدِ؛ لأنَّ جميعَ هذه القواعدِ التي ذَكَرَ أنَّه يُحْتَرَزُ عنها - فإنما الغايةُ المطلوبُ منها العملُ. والخَلاَصُ من هذا بزيادةِ الكيفيَّةِ غيرُ واضحٍ كلَّ الوضوحِ، إلاَّ أنْ يَرُدُّوا الأمرَ إلى الاصطلاحِ، وتفسيرِ معنى ما يُرِيدُه المتكلِّمُ من كلامِهِ، فيَقْرُبَ الحالُ.
وقالَ القَرَافِيُّ: يُخْرِجُ العِلْمِيَّةَ؛كأصولِ الدينِ، وساعَدَهُ الشيخُ علاءُ الدينِ البَاجِيُّ، وخَالَفَه صَاحِبُه الشيخُ الإمامُ السُّبْكِيُّ، وقالَ: أُصُولُ الدينِ مِنه ما يَثْبُتُ بالعقلِ وَحْدَهُ؛ كوُجُودِ البارِي، ومنه ما يَثْبُتُ بكلِّ واحدٍ مِن العقلِ والسمعِ؛كالوَحْدَانِيَّةِ والرؤيةِ، ومِنه ما لا يَثْبُتُ إلاَّ بالسمعِ؛ككَثِيرٍ مِن أحوالِ القيامةِ، فأمَّا ما يَثْبُتُ بالعقلِ فخَرَجَ بقولِنا: الشرعيَّةِ، وتَفْسِيرِنا إيَّاها بما يَتَوَقَّفُ على الشرعِ، وأمَّا ما يَتَوَقَّفُ على السمعِ فقد يقالُ: إنها داخلةٌ في حَدِّ الشرعيَّةِ.
وقولُه: (المُكْتَسَبُ) مرفوعٌ على أنَّه صفةٌ للعِلْمِ، وخَرَجَ به علمُ اللهِ تعالَى، وما يُلْقِيهِ في قلوبِ الأنبياءِ والملائكةِ عليهم الصلاةُ والسلامُ مِن الأحكامِ بلا اكتسابٍ.
وقولُه: (مِن أَدِلَّتِها التفصيليَّةِ) قالَ الإمامُ وغيرُه: يُخْرِجُ اعتقادَ المُقَلِّدِ؛ فإنَّه مُكْتَسَبٌ مِن دليلٍ إجماليٍّ، وهو أنَّ هذا أَفْتَانِي به المُفْتِي، وكلُّ ما أَفْتَانِي به فهو حكمُ اللهِ في حَقِّي.
وقالَ المصنِّفُ: خروجُ اعتقادِ المقلِّدِ به يَسْتَدْعِي سَبْقَ حُصُولِهِ، ولا أُسَلِّمُ أنَّ الحاصلَ عندَ المقلِّدِ عِلْمٌ، وقد قالَ الإمامُ في تعريفِ العلمِ: إنَّه لا بُدَّ أنْ يكونَ عن مُوجِبٍ.وعِلْمُ المُقَلِّدِ ليسَ لِمُوجِبٍ، فالأَوْلَى أنْ يُخْرَجَ بِقَيْدِ (التفصيليَّةِ) عِلْمُ الخلافِ؛ فإنَّه عِلْمٌ مُكْتَسَبٌ بأحكامٍ شرعيَّةٍ عَمَلِيَّةٍ، لكِنَّها إجماليَّةٌ؛ لأنَّ الجَدَلِيَّ لا يَقْصِدُ صورةً بعينِها، وإنما يَضْرِبُ الصورةَ مِثالاً لقاعدةٍ كلِّيَّةٍ، فيَقَعُ عِلْمُهُ مُسْتَفَاداً من الدليلِ الإجمالِيِّ، لا من التفصيليِّ؛ كذا قالَ الأصفهانيُّ في (شرحِ المحصولِ): اعتقادُ المُقَلِّدِ لا يُسَمَّى عِلماً. وقد صَرَّحَ بذلك في (المحصولِ) في تقسيمِهِ، وجَعَلَ اعتقادَ المُقَلِّدِ قَسِيماً للعلمِ، وحينَئذٍ فهو خارجٌ بقيدِ العلمِ، فلا حاجةَ إلى الاحترازِ عنه بقيدٍ آخرَ.
قلتُ: الأَوْلَى أنْ يُقالَ: خُرُوجُ المُقَلِّدِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ دُخُولِهِ، ولا أُسَلِّمُ أنَّ قولَ المُفْتِي دليلُ الحكمِ الشرعيِّ؛ فإنَّ دليلَه النصُّ والإجماعُ والقياسُ، والظاهرُ أنَّ ذِكْرَها ليسَ للاحترازِ عن شيءٍ؛ فإنَّ اكتسابَ الأحكامِ لا يكونُ من غيرِ أَدِلَّتِها التفصيليَّةِ، وإنما ذُكِرَ للدَّلالةِ على المُكْتَسَبِ مِنه بالمطابقةِ.
قيلَ: وقولُ الإمامِ: علمُ المُقَلِّدِ ليسَ لِمُوجِبٍ ممنوعٌ، بل لا بُدَّ له مِن مُوجِبٍ؛كحُسْنِ ظَنِّهِ بِمَن قَلَّدَهُ فيه.
قلتُ: مرادُه (بالموجِبِ) ما كانَ عن بُرْهَانٍ حِسِّيٍّ أو عقليٍّ أو مُرَكَّبٍ مِنهما، واعتقادُ المُقَلِّدِ خارِجٌ عن ذلك، ولهذا قالَ في (المَطَالِبِ العالِيَةِ): أمَّا التقليدُ فهو أنْ يَعْتَقِدَ الإنسانُ اعتقاداً جازِماً في الشيءِ من غيرِ دليلٍ ولا شُبْهَةٍ.
وقولُه: إنَّه يَخْرُجُ به علمُ الخلافِ. أي: فإنَّ الخلافِيَّ يقولُ: يَجِبُ بالمُقْتَضِي ولا يَجِبُ بالنافِي،بلا تَعْيِينٍ للمُقْتَضِي ولا للنافي، فغيرُ سَدِيدٍ؛ لأنَّ قولَ المُسْتَدِلِّ بالمُقْتَضِي أو النافي لا يُفِيدُ شَيْئاً إنْ لم يُعَيِّنْهُما، ثمَّ الظاهرُ أنَّ المرادَ به في كلامِهِ مُقْتَضٍ ونافٍ معهودٌ، فلم يَخْرُجْ عن التفصيلِ، فكانَ الصوابُ الاقتصارَ على (أَدِلَّتِهَا) من غيرِ وَصْفِها (بالتفصيليَّةِ)؛لِئَلاَّ يُتَوَهَّمَ أنَّه قيدٌ زائدٌ.

  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 10:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


تعريف الفقه

ص: والفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية، المكتسب من أدلتها التفصيلية.
ش: هذا حد الفقه من جهة الاصطلاح، فـ (العلم) جنس، وقال الشيخ تقي الدين: لو عبر بالمعرفة لكان أحسن، فإن العلم يطلق بمعنى حصول المعنى في الذهن، ويطلق على أخص من ذلك، وهو الاعتقاد الجازم المطابق لموجب، ولهذا جاء سؤال الفقه من باب الظنون.
وأجاب المصنف عن هذا بأن المراد بالعلم هنا الصناعة، كقولك: علم النحو أي صناعته، فيندرج فيه الظن أيضاً، ولا يرد السؤال، لكن جوابهم عن ذلك السؤال يدل على أن مرادهم بالعلم اليقين.
وخرج بقوله: (بالأحكام) العلم بالذوات والصفات والأفعال، والمراد (بالحكم) نسبة أمر إلى آخر، بالإيجاب أو السلب.
وخرج بقوله: (الشرعية) العقلية واللغوية، والمراد بالشرعية المتوقفة على الشرع.
وخرج بقوله: (العملية) العلمية، كأصول الدين.
قاله القرافي وساعده الباجي، وخالفه السبكي فقال: أصول الدين منه ما ثبت بالعقل وحده، كوجود الباري، ومنه ما ثبت بالعقل والسمع كالوحدانية، وما ثبت بالسمع وحده ككثير من أحوال يوم القيامة، فخرج ما ثبت بالعقل بقولنا: (الشرعية) وأما المتوقف على السمع، فقد يقال بدخوله في حد الشرعية، وفي (المحصول): أن الاحتراز بالعملية عن كون الإجماع حجة، والقياس حجة، فإنه ليس علماً بكيفية عمل، واستشكله ابن دقيق العيد، لأن جميع هذه القواعد التي ذكر أنه يحترز عنها، فإنما الغاية المطلوبة منها العمل.
وقوله: (المكتسب) مرفوع صفة للعلم، وخرج به علم الله تعالى، وما يلقيه في قلوب الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام: من الأحكام.
وخرج بقوله: (من أدلتها التفصيلية) اعتقاد المقلد، كما قال الإمام وغيره، فإنه مكتسب من دليل إجمالي، وهو أنه أفتاه به المجتهد، وكل ما أفتاه به فهو حكم الله في حقه، لكن الحق أن اعتقاد المقلد لم يدخل في الحد حتى يحتاج إلى إخراجه فإنه ليس علماً كما صرح به في (المحصول) وجعله قسيماً للعلم، فلذلك قال المصنف: الأولى أن يخرج به علم الخلاف، لأن الجدلي، لا يقصد صورة بعينها، وإنما يضرب الصورة مثالاً لقاعدة كلية، فيقع علمه مستفاداً من الدليل الإجمالي، لا من التفصيلي.
وقال الشارح: الظاهر أن ذكرها ليس للاحتراز عن شيء فإن اكتساب الأحكام لا يكون من غير أدلتها التفصيلية، وإنما ذكر للدلالة على المكتسب منه بالمطابقة، فالصواب عدم وصفها بالتفصيلية، لئلا يوهم أنه قيد زائد.
قلت: لا يقال في الموهم: إنه غير الصواب، وقد علم أنه لبيان الواقع، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفقه, تعريف

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir