دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ذو القعدة 1441هـ/15-07-2020م, 12:09 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)}
=المعنى الإجمالي للآية:
يحرم تعالى زوجات الآباء تكرمةً لهم، وإعظامًا واحترامًا أن توطأ من بعده، حتّى إنّها لتحرم على الابن بمجرّد العقد عليها، وهذا أمرٌ مجمعٌ عليه.

المسائل في الآية:
=المخاطب في الآية:
هذه الآية يخاطب الله سبحانه وتعالى فيها المؤمنين من العرب في مدة نزولها أصالة ثم يدخل في الخطاب من جاء بعدهم من المؤمنين.

=سبب نزولها:
أن العرب كان منهم قبائل قد اعتادت أن يخلف الرجل أبيه على امرأته ، كما كان من أمر أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، ومن ذلك خبر أبي قيس بن الأسلت، ومن ذلك صفوان بن أمية بن خلف، تزوج بعد أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد، وكانت امرأة أبيه قتل عنها، وغيرهم. فنهى الله المؤمنين عما كان عليه آباؤهم من هذه السير، وهذا الأمر مجمع عليه فبمجرد العقد لا يحل للرجل أن ينكح المرأة التي عقد عليها أبوه وإن لم يدخل بها.
- فعن عديّ بن ثابتٍ، عن رجلٍ من الأنصار قال: لمّا توفّي أبو قيس -يعني ابن الأسلت-وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: إنّما أعدّكّ ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأستأمره. فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: إنّ أبا قيسٍ توفّي. فقال: "خيرًا". ثمّ قالت: إنّ ابنه قيسًا خطبني وهو من صالحي قومه. وإنّما كنت أعدّه ولدًا، فما ترى؟ فقال لها: "ارجعي إلى بيتك". قال: فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} الآية. رواه ابن أبي حاتم عن أشعث بن سوار عنه.
-وروي هذا القول عن عكرمة عن ابن عباس كما عند الطبري.

=المراد بقوله تعالى "ما نكح آباؤكم"
-القول الأول:
أن "ما" هنا موصولة بمعنى الذي، فالمراد ما سلف من النساء اللواتي نكح آباؤكم،
-القول الثاني:
أن "ما" هنا مصدرية ويكون المعنى ولا تنكحوا النكاح الذي نكح آباؤكم من العقود الفاسدة.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية في تفسيره

=المراد بقوله تعالى "إلا ما قد سلف" [هذه المسألة مرتبطة بالمسألة قبلها، فعلى القول الأول يكون المعنى، إلا ما قد سلف من نكاحكم لنساء آبائكم فدعوه، أو هو معفو عنه، وعلى القول ا لثاني: فالمعنى فهو معفو عنه، أو يجوز لكم الإقامة عليه في الإسلام، إذا كان يجوزه الشرع لو ابتدأ في الإسلام]
أي أن ما سبق من فعلكم فهو معفو عنه ولكن دعوه واتركوه وفارقوهن
روي هذا القول عن ابن عباس عند الطبري من رواية عكرمة عنه، وذكره عنه ابن عطية وابن كثير،
كما ذكره ابن كثير عن عطاء وقتادة
-القول الثاني:
وقيل المعنى أي معفو عنه ولا حرج عليكم في الإقامة عليه، ولا تفعلوه في المستقبل بعد نزول النهي،
-القول الثالث:
قيل إن المراد إلا ما سلف من فعل الآباء من الزنا الذي ليس على وجه المناكحة فإن كان الأب زنى بامرأة فإنه يجوز ان يتزوجها الابن.
القائلين به:
روي هذا القول عن ابن زيد وذكره عنه ابن عطية
ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن عطية في تفسيره
[وسيأتي قريبا بيان هذه المسألة في نهاية مسائل الآية]

=مرجع الضمير في قوله "إنه"
أي هذا النكاح السابق ذكره. [نكاح الابن لامرأة أبيه، أو " ما قد سلف " على القول بأن المراد بها الزنا]

=معنى كونه فاحشة.
أي زنا ذكره الزجاج

=معنى قوله "ومقتا"
المقت هو أشد البغض. ذكره الزجاج
وعن عطاء: أي: يمقت اللّه عليه ذكره ابن كثير عنه
وقال أبو عبيدة وغيره: كانت العرب تسمي الولد الذي يجيء من زوج الوالد المقتي
واستخرج ابن كثير معنى جميل في سبب تسميته مقتا، وهو أن العادة جرت أن من تزوج امرأة كانت متزوجة قبله فإنه يمقت من كان متزوجها قبله، فإن فعل الابن هذا فإنه قد يمقت أباه، ولهذا حرمت أمهات المؤمنين على المؤمنين.

=معنى قوله تعالى "وساء سبيلا"
أي ذلك الطريق هو بئس الطريق.

=هل "كان" زائدة؟
الجواب: أنه لا يقال لشيء في القرآن أنه زائد، ولكن يبحث في علة الاتيان به، ومن قال هي زائدة هنا فهو غلط كما قال أبو إسحاق وذكره عنه الزجاج واختاره ابن عطية في تفسيره حيث بين أنها لو كانت زائدة لما نصبت خبرها فلما نصبته تبين أنها على بابها.

=حكم من فعل هذا النكاح المحرم [في الإسلام]
=قيل إن من فعله فقد ارتد عن دينه فيقتل ويصير ماله فيئا لبيت المال
القائلين به:
روي هذا القول الإمام أحمد وأهل السنن من حديث البراء بن عازبٍ، عن خاله أبي بردة -وفي رواية: ابن عمر-وفي روايةٍ: عن عمّه: أنّه بعثه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى رجلٍ تزوّج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله.

=الأمور التي تحرم نكاح ما نكح الأب
-تحرم من وطئها الأب بالزوج؛ فإن تزوجها الأب حرمت على الابن
-وتحرم من وطئها الأب بملك اليمين
-وتحرم من وطئها الأب بشبهة أيضا.
وقد نقل ابن كثير اجماع العلماء على هذه الثلاث

=هل تحرم من باشرها الأب بدون جماع
قد اختلف فيمن باشرها الأب بشهوة دون الجماع أو نظر إلى ما لا يحل له النظر إليه منها لو كانت أجنبية.
فروي عن الإمام أحمد أنها تحرم أيضا بذلك
وروى ابن عساكر في ترجمة خديج الحصني مولى معاوية قصة وفيها أن معاوية لما رأى الجارية مجردة وأراد أن يرسلها لابنه فسأل فافتي بعدم الجواز فلم يرسلها وأهدها لغير ابنه.



تفسير قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)}


=المعنى الإجمالي للآية
في الآية تحريم سبعا من النسب، وستا من بين رضاع وصهر، وألحقت السنة المأثورة سابعة، وذلك الجمع بين المرأة وعمتها، ومضى ذكر الإجماع عليه. [أين مضى؟]
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: حرمت عليكم سبعٌ نسبًا، وسبعٌ صهرًا، وقرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية. وهذا الأثر قد رواه ابن ابي حاتم عن سعيد بن جبير عنه.
وقيل إن السابعة هي في القرآن وهي المذكورة في قوله تعالى "والمحصنات من النساء".

=سبب نزولها:
-ذكر ابن عطية في تفسيره لقوله تعالى "وحلائل أبنائكم " الآية عن عطاء أنه قال: يتحدث- والله أعلم- أنها نزلت في محمد عليه السلام حين تزوج امرأة زيد بن حارثة، فقال المشركون: قد تزوج امرأة ابنه، فنزلت الآية، وحرمت حليلة الابن من الرضاع وإن لم يكن للصلب بالإجماع المستند إلى قوله صلى الله عليه وسلم، يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.

=القراءات الواردة في الآية
-قرأ أبو حيوة «من الرّضاعة» بكسر الراء،
- وقرأ ابن مسعود «اللاي» بكسر الياء، وقرأ ابن هرمز «وأمهاتكم التي» بالإفراد

=معنى التحريم المبهم ومثاله:
هو الذي لا يحل بوجه ولا سبب مثل تحريم الأمهات والبنات والأخوات.

=معنى التحريم غير المبهم ومثاله
هو الذي قد يحل بوجه أو سبب، ومثاله في الآية الربيبة إذا لم يدخل بأمها.

=المحرمات من النسب والمصاهرة
يحرم من النسب سبعا وهن:
-1-الأم؛ وهي كل من ولدت المرء وإن علت
-2-البنت؛ وهي كل من ولدها وإن سفلت، [وقد استدلّ جمهور العلماء على تحريم البنت المولودة من الزّاني عليه بعموم قوله تعالى: {وبناتكم}؛ وللشافعي في إباحتها كلام لأنها ليست بنتا شرعية كما أنها لم تدخل في الميراث اجماعا]
-3-الأخت؛ وهي كل من جمعه وإياها صلب أو بطن،
-4-العمة أخت الأب،
-5-والخالة أخت الأم،
وكذلك عمة الأب وخالته، وعمة الأم وخالتها، وكذلك عمة العمة،
وأما خالة العمة فينظر، فإن كانت العمة أخت أب لأم، شقيقة فالخالة إذن أخت الجدة فلا تحل، وإن كانت العمة أخت أب لأب فقط فخالتها أجنبية من بني أخيها، تحل للرجال، ويجمع بينها وبين النساء،
وكذلك عمة الخالة ينظر، فإن كانت الخالة أخت أم لأب، فعمتها حرام، لأنها أخت جد، وإن كانت الخالة أخت أم لأم فقط فعمتها أجنبية من بني أختها،
-6-بنات الأخ،
-7-وبنات الأخت
سواء كانت الأخوة شقيقة. أو لأب أو لأم،
وهؤلاء هن السبع المذكورات في قوله تعالى: (حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت) فهنّ النّسب.
ويحرم من المصاهرة مثلهن، ومنهن:
-أم الزوجة [ويقاس عليها أم المملوكة إن وطأها فلا يجوز له وطأ بنتها المملوكة له]
-الربيبة إذا دخل بأمها.
-الجمع بين الأختين.
والمحرمات من المصاهرة سبعا أيضا مثل النسب ومنهن الثلاثة المتقدمة.
[وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم]
=المحرمات من الرضاعة:
يحرم من الرضاع مثل ما يحرم من النسب.
لما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة أمّ المؤمنين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الرّضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة»، وفي لفظٍ لمسلمٍ: «يحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب».

=يحرم من الرضاع مثل ما يحرم من النسب دون استثناء
حيث أنه قد وقع في كلام بعض الفقهاء: كما يحرم بالنّسب يحرم بالرّضاع إلّا في أربع صورٍ». وقال بعضهم: «ستّ صورٍ، هي مذكورةٌ في كتب الفروع». والتّحقيق أنّه لا يستثنى شيءٌ من ذلك؛ لأنّه يوجد مثل بعضها في النّسب،
وإنما قالوا ذلك لأن بعض الصور في النسب لا يوجد لها مثيل في الرضاع والتحقيق أن هذه الصور ليست من النسب بل هي من المصاهرة وعليه فإن الحديث لا يرد عليه شيء البتة.

=عدد الرضعات المحرمة ؟
قيل في عدد الرضعات المحرمة اقوال:
-الأول: أنه يحرم مجرد الرضاع لعموم هذه الآية وهذا قول الإمام مالك ويحكى عن ابن عمر وإليه ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري.
-والثاني: أنه لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لما ثبت عند مسلم من حديث عائشة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « لا تحرّم المصة والمصّتان».
وما ثبت عن أمّ الفضل قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم:« لا تحرم الرّضعة ولا الرّضعتان، والمصّة ولا المصّتان »، وفي لفظٍ آخر: « لا تحرّم الإملاجة ولا الإملاجتان » رواه مسلمٌ أيضا.
وممّن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبلٍ، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيدٍ، وأبو ثورٍ. ويحكى عن عليٍّ، وعائشة، وأمّ الفضل، وابن الزّبير
-والثالث: أنه لا يحرم أقل من خمس رضعات لما ثبت عند مسلم من حديث عائشة؛ رضي اللّه عنها، قالت
: «كان فيما أنزل اللّه من القرآن: عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرّمن. ثمّ نسخن بخمسٍ معلوماتٍ، فتوفّي رسول اللّه صلّى للّه عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن ».
ورواه عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة بنحو ذلك.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير في تفسيره.

=شروط الرضاع المحرم
-أن يكون في سن الصغر دون الحولين، وهو قول الجمهور.
-أن يكون بعدد الرضعات المعتبرة شرعا على التفصيل المبين في المسألة المتقدمة.
ذكرهما بن كثير في تفسيره

=تعريف الربيبة
هي بنت امرأة الرجل من رجل غيره.

=ذكر الخلاف في "أمهات نسائكم".
وقع خلاف في عدها من المبهم أو غير المبهم.
-فأما القول الأول:
أنها من المبهم، فإذا تزوج المرأة حرمت عليه أمها دخل بها أو لم يدخل بها.
القائلين به
قال ابن عباس : {وأمّهات نسائكم} من المبهمة. وقد ذكره ابن عطية
وهذا القول قد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن قتادة عن عكرمة عنه.
ثمّ قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن مسعودٍ، وعمران بن حصين، ومسروقٍ، وطاوسٍ، وعكرمة، وعطاءٍ، والحسن، ومكحولٍ، وابن سيرين، وقتادة، والزّهريّ نحو ذلك. وهذا مذهب الأئمّة الأربعة والفقهاء السّبعة، وجمهور الفقهاء قديمًا وحديثًا، وللّه الحمد والمنّة. انتهى كلامه.
وروي في ذلك عن زيد بن ثابت أنه قال:« أمّهات نسائكم مبهمة، وإنما الشرط في الربائب»، وقد ذكره ابن عطية
علة القائلين به:
أنهم جعلوا قوله تعالى "اللاتي دخلتم بهن" إنما هو متصل بالربائب.
ورجحه أبو العباس محمد بن يزيد وقال "والدليل على ذلك إجماع الناس أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها"
وهذا القول هو ما مال إليه الزجاج في تفسيره وكذا ابن كثير فلم يذكر خلافه.
وذكر ابن عطية أنه قول الجمهور وأنه مذهب جملة الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار
-القول الثاني:
أنها من غير المبهم، فإذا تزوج المرأة لم تحرم أمها إلا إذا دخل بها، فتقدير المعنى على هذا القول وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فتكون "اللاتي دخلتم بهن" متعلقة بأمهات النساء، وتكون أيضا متعلقة بأمهات الربائب.
القائلين به:
هذا القول مروي عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت في أحد قوليه، وابن عباس في أحد الروايتين عنه، كما ذكر ابن عطية وابن كثير.
وقول علي قد رواه ابن جرير في تفسيره عن قتادة عن خلاس بن عمرو عنه .
وأما قول ابن عباس فرواه عبد الرزاق عن مسلم بن عويمرٍ الأجدع أنّ بكر بن كنانة أخبره أنّ أباه أنكحه امرأة بالطائف وساق الأثر.
وأما قول زيد بن ثابت فقد رواه الطبري في تفسيره عن قتادة عن سعيد بن المسيب عنه قال: :« إذا ماتت عنده وأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمّها، فإذا طلّقها قبل أن يدخل بها فإن شاء فعل».
مناقشة هذا القول
هذا القول رده الزجاج من جهة اللغة لأن الخبرين مختلفين فلا يكون نعتهما واحدا عند النحويين ولا يجيزون هذا، وكذا قال ابن عطية وابن كثير.
وهذا القول إذن يتوجه بأن يكون منصوبا على محذوف تقديره "أعنى" فيكون معنى الآية: وأمهات نسائكم أعني من نسائكم اللاتي دخلتم بهن.
قال ابن كثير عن هذا القول:
"وقد خالفه جمهور العلماء من السّلف والخلف، فرأوا أنّ الرّبيبة لا تحرم بمجرّد العقد على الأمّ، وأنّها لا تحرم إلّا بالدّخول بالأمّ، بخلاف الأمّ فإنّها تحرم بمجرّد العقد على الرّبيبة." انتهى
وقال ابن جريرٍ:
"والصّواب، أعني قول من قال: "الأمّ من المبهمات"؛ لأنّ اللّه لم يشرط معهنّ الدّخول كما شرط ذلك مع أمّهات الرّبائب، مع أنّ ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجّة الّتي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متّفقةً عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خبرٌ، غير أنّ في إسناده نظرًا" انتهى كلامه.

=سبب تسميتها بنت الزوجة من غيره بالربيبة
سبب التسمية بذلك هو لأن الرجل يتولى تربيتها، ويسمى الرجل الذي تزوج أمها بربيبها والعرب تسمي الفاعل بما يقع بهم، فيقولون هذا مقتول وهذا ذبيح أي قد وقع بهم القتل والذبح، وتسمي المفعول بما يوقعه، ومنه هنا قوله "ربيبة" بمعنى "مربوبة"

=متى تحرم الربيبة؟
تحرم إذا دخل بأمها لقوله تعالى " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم".

=معنى "الحجر"
حجر بكسر الحاء وفتحها، وهو مقدم ثوب الإنسان وما بين يديه منه في حالة اللبس، ثم استعملت اللفظة في الحفظ والستر.
والمراد بها هنا البيوت نفسها كما رواه ابن المنذر عن أبي عبيدة في قوله: {اللاتي في حجوركم} قال:«في بيوتكم».

=هل يشترط كون الربيبة في حجره
الجواب، لا يشترط كونها في حجره حتى تحرم عليه، بل متى دخل بأمها حرمت عليه سواء أكانت في حجره أم بعيدة عنه، وإنما ذكر الحجر لأنه الغالب.
وذكر ابن عطية أنه قدر روي عن علي ابن أبي طالب أنه قال: تحل إذا لم تكن في الحجر وإن دخل بالأم، إذا كانت بعيدة عنه.
الترجيح:
القول الأول هو الذي عليه جمهور الأئمة كما ذكر ابن كثير وقالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له كقوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنًا}.
ويستدل له بما في الصّحيحين أنّ أمّ حبيبة قالت: يا رسول اللّه، انكح أختي بنت أبي سفيان -وفي لفظٍ لمسلمٍ: عزّة بنت أبي سفيان-قال: "أو تحبّين ذلك؟ " قالت: نعم، لست لك بمخلية، وأحبّ من شاركني في خيرٍ أختي. قال: "فإنّ ذلك لا يحل لي". قالت: فإنّا نحدث أنّك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة. قال بنت أمّ سلمة؟ " قالت نعم. قال:« إنّها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي، إنّها لبنت أخي من الرّضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن عليّ بناتكنّ ولا أخواتكنّ». وفي روايةٍ للبخاريّ: « إنّي لو لم أتزوّج أمّ سلمة ما حلّت لي».
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العلة في المنع هو مجرد الزواج من أم سلمة دون النظر لكونها في حجره أم لا، وهذا القول هو ما عليه المذاهب الأربعة والفقهاء السبعة وجمهور الخلف والسلف.
وأما قول علي فقد قال عنه ابن كثير أنه غريب جدا وأن هذا أيضا هو ما ذهب إليه داود بن عليٍّ الظّاهريّ وأصحابه.

=معنى الدخول في قوله "اللاتي دخلتم بهن"
اختلف العلماء في معناه على قولين:
-القول الأول:
أن الدخول هنا يراد به الجماع.
وقد قال بهذا القول ابن عباس وطاوس وابن دينار
وعليه فإذا طلقها قبل الوطء فإن الربية تحل له.
-القول الثاني:
إن التجريد والتقبيل والمضاجعة وجميع أنواع التلذذ مثل الوطء فتحرم الربيبة به.
وهذا القول قال عنه ابن عطية أنه قد قال جمهور من العلماء به منهم مالك بن أنس وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.
وقال الطبري: " وفي إجماع الجميع على أنّ خلوة الرّجل بامرأته لا يحرم ابنتها عليه إذا طلّقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النّظر إلى فرجها بشهوةٍ، ما يدلّ على أنّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع."

=معنى "حلائل أبنائكم"
الحلائل: جمع حليلة وهي امرأة ابن الرجل، بمعنى محلة، مشتق من الحلال فهي حليلة بمعنى محللة [ذكره الزجاج]، وذكر ابن عطية أنها سميت بذلك لأنها تحل مع الرجل حيث حل فهي فعيلة بمعنى فاعلة.
وهي من المبهمات -فهي تحرم بمجرد العقد سواء دخل بها أم لا- كما ذهب إليه الحسن بن محمد فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ثم قال: وروي عن طاوسٍ وإبراهيم والزّهريّ ومكحولٍ نحو ذلك.

=سبب التقييد في قوله تعالى "من أصلابكم"
ليخرج من كان من غير الصلب، حيث كان من عادة العرب التبني.

=هل تحرم حليلة ابنه من الرضاع
نعم تحرم مع أنه ليس من صلبه، ولكن للرضاع لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: "يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب".

=معنى قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين}
المعنى: حرمت هذه الأشياء التي سبق ذكرها في صدر الآية، والجمع بين الأختين، والجمع يعم النكاح وملك اليمين، وانعقد الإجماع على ذلك.
ولكن الجمع بالملك جائز ما لم يطأهما فإن وطئ واحدة حرم عليه وطء الأخرى إلا أن يفعل أحد أمرين:
أولهما: أن ينوي تحريم التي وطأها على نفسه وتستبرأ بحيضة ثم يجوز له بعد ذلك وطء الثانية، وهذا القول رواه ابن المنذر عن قتادة وذكره ابن عطية.
وثانيهما: أن يحرم من وطئها على نفسه بعتقها أو بيعها أو تزويجها، ثم بعد ذلك يحل له وطء الأولى، وهذا القول روي عن جماعة منهم علي بن أبي طالب وابن عمر والحسن والاوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وذكره عنهم ابن عطية.
-مسألة: إذا كانت عنده مملوكة وتزوج أختها ففي مذهب مالك ثلاثة أقوال:
أحدها: أن عقد النكاح به تصير المملوكة محرمة فلا يطأها.
وثانيهما: أن عقد النكاح لا ينعقد.
والثالث: أن العقد صحيح ولكن يوقف حتى يحرم إحداهما.
ومحل بسط هذه المسائل كتب الفقهاء.

=يدخل في الجمع بين الأختين العمة والخالة
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها،
وقد انعقد اجماع الأمة على ذلك وقد رأى بعض العلماء أن هذا الحديث ناسخ لعموم قوله تعالى: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم}.

=معنى قوله "إلا ما قد سلف"
أي ما سلف من الجمع بين الأختين مغفور لكم، ولا يقصد به الاستثناء فيكون ذلك باقيا مستمرا وهذا كقوله تعالى : {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} فدلّ على أنّهم لا يذوقون فيها الموت أبدًا.
وقد قال ابن كثير عند هذا الموضع "أجمع العلماء من الصّحابة والتّابعين والأئمّة قديمًا وحديثًا على أنّه يحرم الجمع بين الأختين في النّكاح، ومن أسلم وتحته أختان خيّر، فيمسك إحداهما ويطلّق الأخرى لا محالة." انتهى.
قال الإمام أحمد بن حنبلٍ: حدّثنا موسى بن داود حدّثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن الضّحّاك بن فيروز، عن أبيه قال: أسلمت وعندي امرأتان أختان، فأمرني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن أطلّق إحداهما.

=الذي يحرم من الرضاع
يحرم من الرضاع التي أرضعت فهي أم للمرضَع
وأبناء المرضعة يكونوا أخوة له سواء السابقين له أو المتأخرين عنه منها.
وأبناء صاحب اللبن -فهو أب له- المتقدمين والمتأخرين هم أخوة له


تفسير قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

=سبب نزول هذه الآية:
ما رواه أبو سعيد الخدري: أن الآية نزلت بسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا وأصابوا سبيا لهن أزواج من المشركين، فتأثم المسلمون من غشيانهن، فنزلت الآية مرخصة،
وقال عبد الله بن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن ابن أبي الحسن وأبيّ بن كعب وجابر بن عبد الله وابن عباس أيضا: «معنى المحصنات ذوات الأزواج، فهن حرام إلا أن يشتري الرجل الأمة ذات الزوج، فإن بيعها طلاقها، وهبتها طلاقها والصدقة بها طلاقها، وأن تعتق طلاقها، وأن تورث طلاقها، وتطليق الزوج طلاقها» ذكر هذين الأثرين ابن عطية في تفسيره.

=القراءات الواردة في الآية:
-قوله تعالى "والمحصنَات"
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة، «والمحصنات» بفتح الصاد في كل القرآن، وقرأ الكسائي كذلك في هذا الموضع وحده، وقرأ سائر ما في القرآن المحصنات بكسر الصاد «ومحصنات» كذلك، وروي عن علقمة أنه قرأ جميع ما في القرآن بكسر الصاد، وقرأ يزيد بن قطيب «والمحصنات» بضم الصاد. وهذا على إتباع الضمة الضمة.
والمعنى على قراءة الفتح: اللاتي أحصن بالأزواج أو بالإسلام أو بالعفة أو بالحرية.
والمعنى على قراءة الكسر أنهن يحصن فروجهن بهذه الوجوه أو ببعضها.
-قوله تعالى "وأحل"
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «وأحل لكم» بفتح الألف والحاء،
وهذه مناسبة لقوله كتاب اللّه إذ المعنى كتب الله ذلك كتابا،
وقرأ حمزة والكسائي «وأحل» بضم الهمزة وكسر الحاء
وهذه مناسبة لقوله: حرّمت عليكم
-قوله تعالى "كتاب الله"
وقرأ جمهور الناس «كتاب الله» وذلك نصب على المصدر المؤكد،
وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السميفع اليماني «كتب الله عليكم» على الفعل الماضي المسند إلى اسم الله تعالى.

=معنى الإحصان
التحصن هو التمنع ومنه قولهم حصن المكان إذا امتنع، وحصنت المرأة ، وأحصنت نفسها وأحصنها غيرها.
ويستعمل في لسان العرب في أربعة أشياء وعليها تصرف في القرآن وهي:
-الزواج؛ لأن ملك الزوجة منعة وحفظ
-الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك فالحرية منعة وحفظ،
-و في الإسلام لأنه حافظ، ومنه قول النبي عليه السلام «الإيمان قيد الفتك»
-وفي العفة

=المراد بالمحصنات في الآية
قيل في المراد بها قولان:
-القول الأول: المتزوجات
قيل أنه هو المراد بقوله تعالى "والمحصنات" فهن من المحرمات، ويدل عليه تفسير السلف ومنهم ابن عباس وأبو قلابة وابن زيد ومكحول والزهري وأبو سعيد الخدري: «هن ذوات الأزواج، أي هن محرمات، إلا ما ملكت اليمين بالسبي، من أرض الحرب، فإن تلك حلال للذي تقع في سهمه، وإن كان لها زوج» وقد روى قول ابي سعيد مسلم في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة، كلاهما عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ ورواه غيره وإنما اكتفينا بالعزو لمسلم لأنها طريقة أهل الحديث، وذكر هذا القول ابن عطية وابن كثير
-القول الثاني: العفيفات
ويكون معنى الآية كل النساء العفيفات محرمات، إلا ما ملكت يمينكم ويكون ملك اليمين إما بالنكاح أو بالشراء.
وقد قال بهذا القول أبو العالية وعبيدة السلماني وطاوس وسعيد بن جبير وعطاء، ورواه عبيدة عن عمر رضي الله عنه، وقال ابن عباس: « المحصنات العفائف من المسلمين ومن أهل الكتاب». قول ابن عباس قد رواه الطبري عن سعيد بن جبير عنه.
الترجيح:
الذي يظهر لي من كلام ابن عطية بعد ذكر القولين أنه جمع بينهما بكلام نقله عن ابن شهاب فقال:
(وروي عن ابن شهاب أنه سئل عن هذه الآية والمحصنات من النّساء فقال: يروى أنه حرم في هذه الآية ذوات الأزواج والعفائف من حرائر ومملوكات، ولم يحل شيئا من ذلك إلا بالنكاح أو الشراء والتملك، وهذا قول حسن عمم لفظ الإحسان ولفظ ملك اليمين، وعلى هذا التأويل يتخرج عندي قول مالك في الموطأ، فإنه قال: هن ذوات الأزواج، وذلك راجع إلى أن الله حرم الزنا، ففسر الإحصان بالزواج، ثم عاد عليه بالعفة) انتهى.
وذهب ابن كثير إلى القول الأول فقط.

=قوله تعالى "إلا ما ملكت أيمانكم"
أي أن هذه تحل وهي من ملكها سواء كانت محصنة في بلاد الشرك أو كانت غير محصنة، وعليه أن يستبرئها بحيضة، وهذا على القول بأن المراد بالمحصنات النساء المتزوجات، وعلى القول الثاني أنهن العفيفات فما ملكت اليمين يدخل فيها النكاح والإماء.
كما دلت عليه الأثار المتقدمة. ولم يذكر ابن كثير إلا الأول منهما معللا ذلك بأن الآية إنما نزلت فيه.

=الأمور التي يحل بها وطء الأمة
-أن تباع
-أو يتم هبتها.
-أو يتصدق بها.
-أو تعتق.
-أو تطلق من زوجها.
فكل هذه الأمور هي بمنزلة طلاقها من زوجها. كما جاء في الأثر الذي ذكرناه في سبب نزول الآية.
عن إبراهيم: أنّه سئل عن الأمة تباع ولها زوجٌ؟ قال: كان عبد اللّه يقول: بيعها طلاقها، ويتلو هذه الآية {والمحصنات من النّساء إلا ما ملكت أيمانكم}.
رواه الطبري في تفسيره عن شعبة عن مغيرة عنه.
وعن ابن عبّاسٍ قال: «طلاق الأمة ستٌّ بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها». وهذا الأثر رواه الطبري في تفسيره عن خالد عن عكرمة عنه.
قال ابن كثير بعد ذكر هذا القول ونقل الآثار عن السلف:
"فهذا قول هؤلاء من السّلف رحمهم اللّه وقد خالفهم الجمهور قديمًا وحديثًا، فرأوا أنّ بيع الأمة ليس طلاقها ؛ لأنّ المشتري نائبٌ عن البائع، والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة وباعها مسلوبةً عنها، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرّج في الصّحيحين وغيرهما؛ فإنّ عائشة أمّ المؤمنين اشترتها ونجّزت عتقها، ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيثٍ، بل خيّرها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ، وقصّتها مشهورةٌ، فلو كان بيع الأمة طلاقها -كما قال هؤلاء لما خيّرها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا خيّرها دلّ على بقاء النّكاح، وأنّ المراد من الآية المسبيّات فقط، واللّه أعلم." انتهى كلامه.
وقد ذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء إلى أن انتقال الملك في الأمة لا يكون طلاقا ولا تطلق إلا بالطلاق.

=قوله تعالى "كتاب الله عليكم" [إعراب]
منصوب على التوكيد فهو توكيد لقوله تعالى "حرمت عليكم أمهاتكم" فالمعنى : كتب الله عليكم هذا كتابا.
وقد يجوز أن يكون: منصوبا على جهة الأمر، فيكون المعنى ألزموا كتاب اللّه عليكم .
ويجوز أن يكون {كتاب اللّه عليكم} رفعا على معنى هذا فرض اللّه عليكم. وهو الموافق لقراءة أبو حيوة ومحمد بن السميفع اليماني "كتب الله عليكم"

=وقوله تعالى "ما وراء ذلكم"
أي ما بعد هذه المحرمات فهو حلال، وقد صرحت السنة بتحريم الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها. وقيل في المراد ثلاثة أقوال:
-ما وراء من حرم من القرابة فهن حلال لكم أن تتزوجوهن، وهو قول إبراهيم، وعطاء وغيره.
-ما وراء ذلك من النساء فيما دون الخمس، وهو قول عبيدة والسدي.
-ما وراء ذلك من الإماء. وهو قول قتادة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله بعد سرد هذه الأقوال: ولفظ الآية يعم جميع هذه الأقوال.، وقال ابن كثير عن القول الثاني أنه بعيد وأن الصحيح الأول.

=معنى قوله تعالى " أن تبتغوا بأموالكم"
أي أحل لكم أن تبتغوا محصنين أي متزوجين غير زناة ما طاب لكم من النساء إلى أربع، ويعم أيضا شراء الإماء بالطريق الشرعي.

=معنى "محصنين"
الإحصان: إحصان الفرج وهو إعفافه. والمراد بذلك النكاح أو ملك اليمين فلا يتجاوزها.

=معنى قوله تعالى "متخذات اخدان"
من كانت تزني بواحد فهي ذات خدن، والسفاح: الزنا، وهو مأخوذ من سفح الماء أي صبه وسيلانه، فحرم الله الزنا على الجهات كلها سواء السفاح أو اتخاذ الصديق.

= قوله تعالى "فما استمتعتم به منهن"
اختلف المفسرون في المعنى على قولين:
-أحدهما: فما استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء ولو مرة فقد وجب إعطاء الأجر، وهو المهر كله
وهذا القول يروى عن ابن عباس ومجاهد في أحد الروايتين عنهما، والحسن وابن زيد وغيرهم.
-والآخر: أن الآية في المتعة.
وهذا القول يروى عن ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم وقرأ ابن عباس وأبيّ بن كعب وسعيد بن جبير، «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهنّ أجورهن» وقال ابن عباس لأبي نضرة: هكذا أنزلها الله عز وجل.
وقد كانت المتعة في صدر الإسلام، ثم نهى عنها النبي عليه السلام وقد ذهب الشّافعيّ وطائفةٌ من العلماء إلى أنّه أبيح ثمّ نسخ، ثمّ أبيح ثمّ نسخ، مرّتين. وقال آخرون أكثر من ذلك، وقال آخرون: إنّما أبيح مرّةً، ثمّ نسخ ولم يبح بعد ذلك.

وذكر الزجاج أن القول بأن استمتعتم من المتعة غلط فقال: "غلط فيها قوم غلطا عظيما ففسروها بأنها المتعة التي قد أجمع أهل الفقه أنها حرا".
والجمهور على القول الأول والعمدة ما ثبت في الصّحيحين، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه قال: نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهليّة يوم خيبر
وفي صحيح مسلمٍ عن الرّبيع بن سبرة بن معبدٍ الجهنيّ، عن أبيه: أنّه غزا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتح مكّة، فقال:«يأيّها النّاس، إنّي كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النّساء، وإنّ اللّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شيءٌ فليخلّ سبيله، ولا تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئًا»وفي روايةٍ لمسلمٍ في حجّة الوداع

=معنى "أجورهن"
أي مهورهن، فإن استمتع بالدخل دفع كامل المهر، وإن عقد فقد دفع النصف.

= وقوله عزّ وجلّ: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}
أي لا إثم عليكم إن وهبت المرأة شيء من مهرها للرجل أو وهب هو نصف المهر كاملا للتي لم يدخل عليها، فما وقع التراضي عليه بعد استقرار الفريضة فإنه يكون ماضيا.
وعلى القول بأن الآية في المتعة فإن المعنى لا إثم عليكم فيما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة وزيادة في الأجر فهذا جائز سائغ.
واختار القول الأول ابن جريرٍ الطبري وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} والتّراضي أن يوفيها صداقها ثمّ يخيّرها

=وقوله تعالى "إن الله كان عليما حكيما"
أي عليم بما يصلح أمر العباد وهو سبحانه حكيم فيما فرض لهم من عقد النكاح الذي حفظت به الأموال والأنساب.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك، أرجو الاعتناء بتخريج الأقوال، وعدم إجمال عدد من المسائل في مسألة واحدة قصد الاختصار، فالتفصيل أحيانا يساعدك على فهم المسألة جيدًا
وأشكر الأستاذة نورة على ملحوظاتها، وأضيف عليها الملحوظات اليسيرة أثناء الاقتباس، وتتعلق باستيعاب بعض الأقوال في تحرير مسائل الآية الأولى
التقويم: ب+
زادك الله توفيقًا وسدادًا

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir