726- ثَلاثَةٌ بالتاءِ قُلْ لِلْعَشْرَهْ = فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ
727- فِي الضِّدِّ جَرِّدْ، والمُمَيِّزَ اجْرُرِ = جَمْعًا بلفظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ
(ثلاثةٌ بالتاءِ قُلْ للعَشَرَهْ * فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ * فِي الضِدِّ) وهُوَ مَا آحَادُهُ مُؤَنَّثَةٌ، وَلَوْ مَجَازًا (جَرِّدْ) مِنَ التاءِ، نحوُ: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}، هَذَا إِذَ ذُكِرَ المَعْدُودُ، فَإِنْ قُصِدَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي اللفظِ فالفصيحُ أَنْ يكونَ كَمَا لَوْ ذُكِرَ، فتقولُ: "صُمْتُ خَمْسَةً" تُرِيْدُ أَيَّامًا و"سِرْتُ خَمْسًا" تُرِيْدُ ليَالِيَ، ويجوزُ أَنْ تَحْذِفَ التاءَ فِي المُذَكَّرِ، ومنهُ: ((وأَتْبَعَهُ بِسِتٍ مِنْ شَوَّالٍ)) أَمَّا إِذَا لَمْ يُقْصَدْ معدودٌ، وإِنَّمَا قُصِدَ العَدَدُ المطلقُ كانتْ كُلُّهَا بالتاءِ، نحوُ: "ثلاثةٌ نِصْفُ سِتَّةٍ"، ولَا تَنْصَرِفُ لِأَنَّهَا أَعْلَامٌ، خِلَافًا لبعضِهِمْ، وأَمَّا إِدْخَالُ "أَلْ" عليهَا فِي قولِهِمْ: "الثلاثةُ نِصْفُ السِّتَّةِ" فكدخُوْلِهَا علَى بعضِ الأَعْلَامِ كقولِهِم: إِلَاهَةَ، وهو اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الشمسِ حينَ قالُوا: الإِلَهَةَ، وكذلكَ قولُهُم: "شَعُوبُ" و"الشَّعُوبُ" للمَنِيَّةِ، وهذِهِ لَمْ يَشْمَلْهَا كلامُهُ، وشَمِلَ الأَوَّلَيْنِ.
تنبيهاتٌ: الأوَّلُ: فُهِمَ مِنْ قَولِهِ: "مَا آحَادُهُ" أَنَّ المُعْتَبَرَ تَذْكِيْرُ الواحِدِ وتَأْنِيْثُهُ، لَا تَذْكِيْرَ الجَمْعِ وتأنيثَهُ، فيُقَالُ: ثَلاثَةُ حَمَّامَاتٍ، خِلَافًا للبُغْدَادِيِّيْنَ فَإِنَّهُم يقولونَ: "ثلاثُ حَمَّامَاتٍ" فيعتَبِرُونَ لفظَ الجَمْعِ، وقَالَ الكِسَائِيُّ تَقولُ: مَرَرْتُ بثلاثِ حَمَّامَاتٍ، ورَأَيْتُ ثلاثَ سِجِلَّاتٍ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وإِنْ كَانَ الوَاحِدُ مُذَكَّرًا، وقاسَ عليهِ مَا كانَ مِثْلَهُ، ولَمْ يَقُلْ بِهِ الفَرَّاءُ.
الثانِي: اعتبارُ التأنيثِ فِي واحدِ المعدودِ، إنْ كانَ اسْمًا فبلَفْظِهِ، تقولُ: "ثلاثةُ أَشْخُصٍ" قَاصِدَ نِسْوَةٍ، و"ثلاثَ أَعْيُنٍ" قَاصِدَ رِجَالٍ؛ لِأَنَّ لفظَ شَخْصٍ مُذَكَّرٍ، ولفظَ عَيْنٍ مُؤنثٌ، هَذَا مَا لَمْ يَتَّصِلْ بالكلامِ مَا يُقَوِّي المعنَى، أو يُكْثِرُ فيهِ قَصْدَ المعنَى، فإنِ اتصلَ بِهِ ذَلكَ جَازَ مُرَاعَاة المعنىَ..
فالأوَّلُ كقولِهِ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
1131- فكَانَ مِجَنِّي دُوَنَ مَنْ كُنْتُ أَتَّقِي = ثَلاثُ شُخُوصٍ كاعبانِ ومُعَصِرُ
وقولِهِ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
1132- وإِنْ كِلَابًا هَذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ = وأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ قَبَائِلِهَا العَشْرُ
وجُعِلَ مِنْهُ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): {وقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَي عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} قَالَ: فَبِذِكْرِ {أُمَمٍ} تَرَجَّحَ حُكْمُ التأنيثِ، لكنَّهُ جَعَلَ {أَسْبَاطًا} فِي (شَرْحِ التَّسْهِيْلِ) بَدَلًا مِنْ "اثْنَتَي عَشْرَةَ"، وهو الوجهُ كَمَا سَيَأْتِي.
والثانِي كقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
1133- ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ وثَلاثُ ذَوْدٍ = لَقَدْ جَارَ الزمانُ عَلَى عِيَالِي
فَإِنَّ "النَّفْسَ" كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا مقصودًا بِها إِنْسانٌ.
وإَنْ كَانَ صفةً، فبِمَوُصُوفِهَا المَنْوِيِّ، لا بِهَا، نحوُ: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} أَيْ: عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وتقولُ: ثلاثةُ رَبْعَاتٍ، إذَا قَصَدْتَ رِجَالًا، وَكَذَا تقولُ ثلاثةُ دوَّابٍ، إذَا قَصَدْتَ ذُكُورًا؛ لأَنَّ الدابةَ صِفَةٌ فِي الأَصْلِ.
الثالثُ: إِنَّمَا تكونُ العِبْرَةُ فِي التأنيثِ والتذكيرِ بِحَالِ المُفْرَدِ مَعَ الجَمْعِ، أَمَّا مَعَ اسْمَيِ الجِنْسِ والجمعِ فالعبرةُ بحَالِهِمَا، فيُعْطِي العددُ عكسَ مَا يَسْتَحِقُّهُ ضَمِيْرُهُمَا، فتقولُ: "ثَلاثَةٌ مِنَ القومِ وأربعةٌ مِنَ الغَنَمِ"، بالتاءِ لِأَنكَّ تقولُ "قومٌ كَثِيرُونَ" و"غَنَمٌ كَثِيْرٌ" بالتذكيرِ، و"ثلاثٌ مِنَ البَطِّ" بتركِ التاءِ؛ لأنَّكَ تقولُ: "بَطٌ كَثِيْرَةٌ" بالتأنيثِ، و"ثلاثةٌ مِنَ البَقَرِ" أو "ثَلاثٌ" لِأَنَّ فِي البَقَرِ لُغَتَيْنِ: التذكيرُ والتأنيثُ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} وقُرِئَ: (تَشَابَهَتْ).
هَذَا مَا لَمْ يَفْصِلْ بينَهُ وبينَ العددِ صفةٌ دالةٌ عَلَى المَعْنَى، وإِلَّا فالمُرَاعَى هُو المَعْنَى، أو يكونُ نَائِبًا عَنْ جمعِ مُذَكَّرٍ، فالأوَّلُ نحوُ: "ثلاثُ إِنَاثٍ مِنَ الغَنَمِ"، و"ثَلاثَةُ ذُكُورٍ مِنَ البَطِّ" ولا أَثَرَ للوصفِ المُتْأَخرِ كقولِكَ: "ثلاثةٌ مِنَ الغَنَمِ إِنَاثٌ، وثلاثٌ مِنَ البَطِّ ذُكُورٌ" والثانِي نحوُ: "ثَلاثَةٌ رَجْلَةٍ" فـ"رَجْلَةٌ" اسْمُ جَمْعٍ مؤنثٍ إَلَّا أَنَّهُ جَاءَ نَائِبًا عَنْ تَكْسِيْرِ "رَاجِلٍ" عَلَى "أَرْجَالٍ"، فَذَكَرَ عَدَدَهُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ بالمَنُوبِ عَنْهُ.
الرابعُ: لا يُعْتَبَرُ أيضًا لفظُ المُفْرَدِ إذَا كانَ عَلمًا، فتقولُ: "ثلاثةُ الطلحاتِ وخَمْسُ الهِنْدَاتِ".
الخامسُ: إِذَا كانَ فِي المَعْدُودِ لُغَتَانِ: التذكيرُ والتأنيثُ كالحالِ جَازَ الحذفُ والإثباتُ، تقولُ: "ثَلاثُ أَحْوَالٍ وثلاثةُ أحوالٍ" ا هـ.
(والمُمَيِّزُ اجْرُرْ جَمْعًا بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ) أَيْ: مُمَيِّزُ الثلاثةِ وأخواتِهَا لا يكونُ إلا مَجْرُورًا، فَإِنْ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ أو اسْمَ جَمْعٍ جُرَّ بِـ "مِنْ"، نحوُ: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ}، و"مَرَرْتُ بثلاثةٍ مِنَ الرَّهْطِ" وقَدْ يُجَرُّ بإضافةِ العَدَدِ، نحوُ: {وَكَانَ فِي المَدِيْنَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} وفِي الحديثِ: ((لَيْسَ فِيْمَا دُوْنَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ)) وقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ وثَلاثُ ذَوْدٍ = لَقَدْ جَارَ الزَّمانُ عَلَى عِيَالِي
والصحيحُ قَصْرُهُ عَلَى السَّمَاعِ، وإِنْ كَانَ غيرُهُمَا فبإضافةَ العَدَدِ إليهِ، وحقُّهُ حينئذٍ أَنْ يكونَ جَمْعًا مُكَسَّرًا مِنْ أَبْنِيَةِ القِلَّةِ، نحوُ: "ثَلاثَةُ أَعْبُدٍ وثَلاثُ آمٍ" وقدْ يَتَخَلَّفُ كلُّ واحدٍ مِنْ هَذِهِ الثلاثةِ فيُضَافُ للمفردِ، وذلكَ إِنْ كَانَ مائِةً، نحوُ: "ثَلاثُمَائِةٍ" و"سَبْعَمَائِةٍ" وشذَّ فِي الضرورةِ قولُهُ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
1134- ثَلاثُ مِئِينٍ للملوكِ وفِى بِهَا = رِدَائِي، وَجَلَّتْ عَنْ وُجُوهِ الأَهَاتِمِ
ويضافُ لجمعِ التصحيحِ فِي ثَلاثِ مَسَائِلَ:
أحَدُهَا: أَنْ يُهْمَلَ تَكْسِيْرُ الكلمةِ، نحوُ: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} و"خَمْسَ صَلَوَاتٍ" {وسَبْعَ بَقَرَاتٍ}.
والثانيةُ: أَنْ يُجَاوِرَ مَا أُهْمِلَ تَكْسِيْرَهُ، نحوُ: {سُنْبُلَاتٍ} فإنَّهُ فِي التنزيلِ مُجَاورٌ لـ {سَبْعَ بَقَرَاتٍ}.
والثالثةُ: أَنْ يَقِلَّ استعمالُ غَيْرِهِ، نحوُ: "ثلاثُ سَعَادَاتٍ" فيجوزُ لِقِلَّةٍ "سَعَائِدٍ"، ويجوزُ "ثَلاثُ سَعَائِدٍ" أيْضًا، بَلِ المُخْتَارُ فِي هاتينِ الأخيرتينِ التصحيحُ، ويُتَعَيَّنُ فِي الأُوْلَى، لإِهْمَالِ غيرِهِ.
فَإِنْ كَثُرَ استعمالُ غيرِهِ، وَلَمْ يُجَاوِرْ مَا أُهْمِلَ تكسيرُهُ لَمْ يُضَفْ إِلَيْهِ إلا قليلًا، نحوُ: "ثلاثةُ أَحْمَدِيْنَ وثلاثُ زَيْنَبَاتٍ"، والإضافةُ إِلَى الصفةِ مِنْهُ ضعيفةٌ، نحوُ: "ثلاثةُ صَالِحِيْنَ"، فالأَحْسَنُ الإِتْبَاعُ عَلَى النَّعْتِ، ثُمَّ النصبُ عَلَى الحَالِ.
ويضافُ لِبِنَاءِ الكَثْرَةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
إحدَاهُمَا أَنْ يُهْمَلَ بِنَاءُ القِلَّةِ، نحوُ: "ثَلاثُ جَوَارٍ، وأربعةُ رِجَالٍ وخمسةُ دراهمَ".
والثانيةُ: أَنْ يكونَ لَهُ قِلَّةٌ، ولكنَّهُ شذَّ قِيَاسًا أو سَمَاعًا، فيُنَزَّلُ لذلكَ مَنْزِلَةَ المَعْدُومِ فالأوَّلُ نحوُ: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}، فَإِنَّ جَمْعَ "قَرْءٍ" بالفتحِ عَلَى "أَقْرَاءٍ" شاذٌّ، والثانِي نحوُ: ثلاثةُ شُسُوعٍ فَإِنَّ "أَشْسَاعًا" قليلُ الاستعمالِ.
728- و مَائَةً والأَلْفَ للفردِ أَضِفْ = ومَائَةٌ بالجَمْعِ نَزْرًا قَدْ رُدِفْ
(ومَائَةً والأَلْفَ للفردِ أَضِفْ) نحوُ: "عِنْدِي مَائَةُ دِرْهَمٍ، ومائَتَا ثَوْبٍ، وثَلْثمائةِ دِيْنارٍ، وأَلْفُ عَبْدٍ، وأَلْفًا أَمَةٍ، وثلاثَةُ آلافِ فَرَسٍ" (ومَائَةٌ بِالْجَمْعِ نَزْرًا قَدْ رُدِفْ) فِي قراءةِ حَمْزَةَ والكِسَائِيِّ {ثَلْثَمَائَةِ سِنِيْنَ}.
تنبيهٌ: شَذَّ تمييزُ "المَائَةِ" بمفردٍ منصوبٍ كقولِهِ [مِنَ الوَافِرِ]:
1135- إِذَا عَاشَ الفَتَى مَائتينِ عَامًا = فَقَدْ ذَهَبَ اللَّذَاذَةُ والفَتَاءُ
فَلَا يُقَاسُ عليهِ، وأَجَازَ ابْنُ كَيْسَانَ المَائَةَ = دِرْهَمًا والألفَ دِيْنَارًا.