دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 12:19 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الحال المؤكدة


وعاملُ الحالِ بها قدْ أُكِّدَا = في نحوِ لا تَعْثُ في الأرضِ مُفْسِدَا
وإنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فمُضْمَرُ = عاملُها ولَفْظُها يُؤَخَّرُ

  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


وعامِلُ الحالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا = فِي نَحْوِ: (لاَ تَعْثَ فِي الأَرْضِ مُفْسِدَا) ([1])

تَنْقَسِمُ الحالُ إلى مُؤَكِّدَةٍ وغيرِ مُؤَكِّدَةٍ، فالمُؤَكِّدَةُ على قِسْمَيْنِ، وغيرُ المؤكِّدَةِ ما سِوَى القِسْمَيْنِ.
فالقِسْمُ الأوَّلُ مِن المُؤَكِّدَةِ: ما أَكَّدَتْ عَامَلَهَا، وهي المرادُ بهذا البيتِ، وهي كلُّ وَصْفٍ دَلَّ على معنى عامِلِه وخَالَفَه لَفْظاً، وهو الأكثرُ، أو وَافَقَه لَفْظاً، وهو دونَ الأوَّلِ في الكثرةِ.
فمثالُ الأوَّلِ: (لا تَعْثُ في الأرضِ مُفْسِداً)، ومنه قولُه تعالَى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}، وقولُه تعالَى: {وَلاَ تَعْثُوا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، ومن الثاني قولُه تعالَى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}، وقولُه تعالى: {وَسَخَّرَ لَكَمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ}.
وَإِنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فَمُضْمَرُ = عَامِلُهَا وَلَفْظُهَا يُؤَخَّرُ ([2])
هذا هو القِسْمُ الثاني من الحالِ المُؤَكِّدَةِ، وهي: ما أَكَّدَتْ مَضْمُونَ الجملةِ، وشرطُ الجملةِ أنْ تكونَ اسميَّةً، وجُزْآهَا مَعْرِفَتَانِ جامدانِ، نحوُ: (زَيْدٌ أخوكَ عَطُوفاً، وأنا زيدٌ معروفاً)، ومنه قولُه:
191- أنَا ابنُ دَارَةَ مَعْرُوفاً بِهَا نَسَبِي = وهلْ بِدَارَةَ يَا لَلنَّاسِ مِن عارِ؟ ([3])
فـ(عَطُوفاً ومعروفاً) حالانِ، وهما منصوبانِ بفعلٍ محذوفٍ وُجُوباً، والتقديرُ في الأوَّلِ: (أَحُقُّهُ عَطُوفاً)، وفي الثاني: (أَحَقُّ معروفاً).
ولا يَجُوزُ تقديمُ هذه الحالِ على هذه الجملةِ؛ فلا تقولُ: (عطوفاً زَيْدٌ أخوكَ)، ولا: (معروفاً أنا زيدٌ)، ولا تَوَسُّطُها بينَ المبتدأِ والخبرِ؛ فلا تقولُ: (زيدٌ عطوفاً أخوكَ).


([1])(وعاملُ) مبتدأٌ، وعاملُ مُضافٌ و(الحالِ) مُضافٌ إليه ، (بها) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بأُكِّدَ الآتي ، (قد) حرفُ تحقيقٍ، ُكِّدَا) أُكِّدَ: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هو يَعُودُ إلى عاملُ الحالِ، والألِفُ للإطلاقِ، والجملةُ في مَحَلِّ رفعٍ خَبَرُ المُبْتَدَأِ ، (في نَحْوِ) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بأُكِّدَ ، (لا) ناهيةٌ، (تَعْثَ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مجزومٌ بلا الناهيةِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، (في الأرضِ) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِتَعْثَ ، (مُفْسِدَا) حالٌ من الضميرِ المُسْتَتِرِ في (تَعْثَ) ، وهو حالٌ مُؤَكِّدَةٌ للعاملِ، وهو (تَعْثَ) ، وجملةَُعْثَ في الأرضِ مُفْسِدَا) في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ نحوِ إليها.

([2])(وإنْ) شَرْطِيَّةٌ ، ُؤَكِّدْ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ، فِعْلُ الشرطِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هي يَعُودُ إلى الحالِ، (جُمْلَةً) مفعولٌ به لِتُؤَكِّدْ ، (فمُضْمَرُ) الفاءُ لربطِ الجوابِ بالشرطِ، مُضْمَرُ: خبرٌ مُقَدَّمٌ ، َامِلُها) عامِلُ: مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وعاملُ مُضافٌ وها: مُضافٌ إليه، والجملةُ في مَحَلِّ جَزْمٍ جوابُ الشرطِ، (وَلَفْظُهَا) الواوُ عاطِفَةٌ، لَفْظُ: مبتدأٌ، ولفظُ مُضافٌ وها: مُضافٌ إليه، وجملةُُؤَخَّرُ) من الفعلِ المضارِعِ المَبْنِيِّ للمجهولِ ونائبِ الفاعلِ المُسْتَتِرِ فيه في مَحَلِّ رفعٍ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، وجملةُ المبتدأِ وخبرِهِ في مَحَلِّ جَزْمٍ معطوفةٌ بالواوِ على جملةِ جوابِ الشرطِ.

([3])191- البيتُ لِسَالِمِ بنِ دَارَةَ، من قصيدةٍ طويلةٍ يَهْجُو فِزَارَةَ، وقد أَوْرَدَهَا التِّبْرِيزِيُّ في شَرْحِهِ على الحماسةِ، وذَكَرَ لهذه القصيدةِ قِصَّةً، فارْجِعْ إليها هناك.
اللغةُ: (دَارَةَ) الأكثرون على أنه اسمُ أُمِّهِ، وقالَ أبو رِيَاشٍ: هو لَقَبُ جَدِّهِ، واسْمُه يَرْبُوعُ، ويجابُ - على هذا القولِ - عن تأنيثِ الضميرِ الراجعِ إلى دَارَةَ في قَوْلِهِ: (معروفاً بها نَسَبِي) بأنه عَنَى به القبيلةَ.
المعنى: أنَا ابنُ هذه المرأةِ، ونَسَبِي معروفٌ بها، وليسَ فيها مِن المَعَرَّةِ ما يُوجِبُ القَدْحَ في النسَبِ، أو الطعنَ في الشرفِ.
الإعرابُ: (أنا) ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ، (ابْنُ) خَبَرُ المُبْتَدَأِ، وابنُ مُضافٌ و(دَارَةَ) مُضافٌ إليه ، َعْرُوفاً) حالٌ، (بِهَا) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بمعروفٍ، (نَسَبِي) نائبُ فاعلٍ لمعروفٍ؛ لأنَّه اسمُ مفعولٍ، وياءُ المُتَكَلِّمِ مُضافٌ إليه ، َهَلْ) حرفٌ دالٌّ على الاستفهامِ الإنكاريِّ، (بِدَارَةَ) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بمَحْذُوفٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ، ِنْ) زائدةٌ، (عَارِ) مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ مرفوعٌبضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على آخرِهِ ِمَنَعَ مِن ظُهُورِها اشتغالُ المَحَلِّ بحَرَكَةِ حرفِ الجرِّ الزائدِ، وقولُه: (يا لَلنَّاسِ) اعتراضٌ بينَ المبتدأِ والخبرِ، ويا: للنداءِ، واللامُ للاستغاثةِ.
الشاهدُ فيه: قولُه:َعْرُوفاً) ؛ فإنَّه حالٌ أَكَّدَتْ مَضْمُونَ الجملةِ التي قبلَها.


  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فصلٌ: الحالُ ضَرْبانِ:
مُؤَسِّسَةٌ: وهي التي لا يُستفادُ معناها بدونِها؛ كـ "جاءَ زَيْدٌ رَاكِباً", وقدْ مَضَتْ.
ومُؤكِّدَةٌ([1]): إمَّا لعامِلِها لَفْظاً ومعنًى نحوَ: {وأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}([2]) وقولِه:
279- أَصِخْ مُصِيخاً لِمَنْ أبْدَى نَصِيحَتَهُ([3])
أو معنًى فقطْ نحوَ: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً}([4]َلَّى مُدْبِراً}([5]).
وإمَّا لصَاحِبِها([6]) نحوَ: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}([7]).
وإمَّا لمَضْمونِ([8]) جملةٍ مَعْقودةٍ من اسميْنِ مَعرِفتيْنِ جامدتيْنِ؛ كـ "زيدٌ أَبُوكَ عَطُوفاً", وهذهِ الحالُ واجبةُ التأخيرِ عن الجملةِ المذكورةِ, وهي معمولةٌ لمحذوفٍ وجوباً تقديرُه: أَحُقُّه([9]) ونحوُه.

([1]) هذا الذي ذكَرَه المُؤلِّفُ– من أنَّ الحالَ تَنقسِمُ إلى مُؤَسِّسةٍ, وهي التي لا يُستفادُ معناها من الكلامِ المُتقَدِّمِ عليها، ومُؤَكِّدَةٍ, وهي التي يُستفادُ معناها مِمَّا سَبَقَها إِمَّا من عَامِلِها وإِمَّا من جُملةٍ قَبلَها- هو مذهبُ جمهورِ النحاةِ، وذهَبَ الفرَّاءُ والمُبرِّدُ والسُّهَيليُّ إلى أنَّ الحالَ لا تَكونُ إِلاَّ مُؤَسِّسَةً، وأنكَرُوا ما ظَنَّه الجمهورُ مُؤَكِّدَةً لعاملِها، وتأوَّلوا الأمثلةَ حتى جَعَلوها من أمثلةِ المُؤَسِّسةِ، ولم يَتعرَّضوا لإنكارِ المُؤَكِّدَةِ لصاحبِها؛ لأنَّ المُتقدِّمِينَ من النحاةِ لم يَعرِفوها؛ فلهذا لم يَتعَرَّضوا لها.

([2]) سورة النساءِ، الآية: 79.

([3]) 279-لم أقِفْ لهذا الشاهدِ على نسبةٍ إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، وهذا الذي أنشَدَه المُؤلِّفُ صَدْرُ بيتٍ من البَسيطِ، وعَجُزُه قولُه:
*والْزَمْ تَوَقِّي خَلْطِ الجِدِّ باللَّعِبِ*
اللغةُ: (أصِخْ) فعلُ أمرٍ مأخوذٌ من الإصاخةِ، وهي الاستماعُ، و(مُصِيخاً) اسمُ فاعلٍ منه، تقولُ: أصاخَ فلانٌإلى كلامِ فلانٍ يَصِيخُ إِصاخةً، تُرِيدُ استمَعَ يَستمِعُ استماعاً، وقالَ الشاعرُ:
يَصِيخُ للنَّبْأَةِ أسْمَاعَهُ = إِصَاخَةَ المُنْشِدِ للنَّاشِدِ
(أبْدَى) أظهَرَ وأعْلَنَ,َصِيحتَه) النصيحةُ: الإرشادُ إلى الخيرِ، تقولُ: نَصَحْتُه، ونَصَحْتُ له. والثاني أكثرُ، وهو الذي استعمَلَه القرآنُ الكريمُ، قالَ تعالى: {وَلاَ يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصِحَ لَكُمْ} وفي قصيدةِ بِشْرِ بنِ عَوانةَ المذكورةِ في مقاماتِ بديعِ الزَّمانِ الهَمَذَانيِّ:
نَصَحْتُكَ فالْتَمِسْ يَا لَيْثُ غَيْرِي = طَعَاماً إِنَّ لَحْمِيَ كَانَ مُرَّا
َوَقِّي" هو مصدرُ "تَوَقَّى الرجلُ الأمرَ يَتوقَّاهُ" إذا حَفِظَ نفسَه أنْ يقَعَ فيه, وتَحَرَّزَ عن إتيانِه، وكأنَّه جعَلَ لنفسِه وِقايةً تَحولُ بينَه وبينَ ذلك الأمرِ,َلْطِ" مصدرَُلَطَ الأمرَ يَخْلِطُه" من بابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ – جعَلَ بعضَه في بعضٍ,"الجِدِّ": الاجتهادُ، وهو أيضاً ضِدُّ الهَزْلِ:"اللِّعِبِ" بفتحِ اللامِ وكسرِ العينِ: اللَّهْوُ والاشتغالُ بما لا يُفِيدُ.
الإعرابُ: (أصِخْ) فعلُ أمرٍ، مَبنِيٌّ على السُّكونِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، وفاعلُه ضميرٌ مستترٌ فيه وجوباً تقديرُه: أنتَ,ُصِيخاً) حالٌ صاحبُه الضميرُ المستترُ فيه أصِخْ، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (لمَن) اللامُ حرفُ جَرٍّ مَبنِيٌّ على الكسرِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، مَن: اسمٌ موصولٌ مَبنِيٌّ على السُّكونِ في مَحلِّ جرٍّ باللامِ، والجارُّ والمجرورُ مُتعلِّقٌ بأصِخْ, (أبْدَى) فعلٌ ماضٍ مَبنِيٌّ على الفتحِ المُقدَّرِ على الألفِ منَعَ من ظهورِه التعَذُّرُ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، وفاعلُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه: هو, يعودُ إلى الاسمِ الموصولِ,َصِيحَتَهُ) نصيحةَ: مفعولٌ به لأبْدَى منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، وضميرُ الغائبِ العائدُ إلى الاسمِ الموصولِ مضافٌ إليه مَبنِيٌّ على الضَمِّ في محلِّ جَرٍّ، وجملةُ الفعلِ الماضي وفَاعِلِه ومفعولِه لامَحَلَّ لها من الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ,"والْزَمْ" الواوُ حرفُ عطفٍ مَبنِيٌّ على الفتحِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، الْزَمْ: فعلُ أمرٍ مَبنِيٌّ على السُّكونِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، وفاعلُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه: أنتَ,َوقِّي" مفعولٌ بهِ لالزَمْ منصوبٌ, وعلامةُ نصبِه الفتحةُ الظاهرةُ، وهو مضافٌ, و"خَلْطِ" مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وهي من إضافةِ المصدرِ إلى مفعولِه, و"خَلْطِ" مضافٌ, و"الجِدِّ" مضافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وهي أيضاً من إضافةِ المصدرِ إلى مفعولِه: "باللَّعِبِ" الباءُ حرفُ جَرٍّ مَبنِيٌّ على الكسرِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، اللعبِ: مَجرورٌ بالباءِ، وعلامةُ جرِّه الكسرةُ الظاهرةُ، والجارُّ والمجرورُ مُتعلِّقٌ بـ"خَلْطِ".
الشاهدُ فيه قولُه: (مُصِيخاً). فإنَّه حالٌ من الضميرِ المستترِ في أصِخْ، على ما عَلِمْتَ في إعرابِ البيتِ، وعاملُه هو قولُه: (أصِخْ). والمعنَى الذي يدُلُّ عليه هذا الحالُ قد كانَ العامِلُ فيه يدُلُّ عليهِ قبلَ الإتيانِ بالحالِ، فجَاءَ الحالُ مُؤَكِّداً لهذا المعنَى معَ كونِ مَادَّةِ الحالِ وعاملِه واحدةً، لا جَرَمَ كانتْ هذه الحالُ مُؤكِّدَةً لعاملِها لفظاً ومعنًى.
وقد عَلِمْتَ مِمَّا قدَّمْناه من أقوالِ النحاةِ في أولِ هذهِ المسألةِ أنَّ الفرَّاءَ والمُبرِّدَ والسهيليَّ يُنكِرونَ أنْ تجِيءَ الحالُ مؤكِّدَةً لعاملِها، ويَزعُمونَ أنَّها لا تكونُ إِلاَّ مُؤَسِّسةً, أي: دَالَّةً على معنًى لم يُسْتَفَدْ من عامِلِها، ويُؤَوِّلونَ كلَّ ما ظَنَّه الجمهورُ مُؤَكِّدَةً ويَرُدُّونَه إلى المُؤَسِّسةِ، ففي مثلِ هذا البيتِ يَتأوَّلُونَ (أصِخْ) الذي هو العاملُ بأنَّه بمعنَى استمِعْ، (ومُصِيخاً) ليسَ معناهُ مُستمِعاً مُجرَّدَ استماعٍ، بل معناهُ: مُستمِعاً في انتباهٍ ويَقَظةٍ ووَعْيٍ وحرْصٍ على أنْ تأخُذَ بما تَسْتَمِعُه، وفي الآيةِ الكريمةِ– وهي قولُه تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}- يُؤوِّلونَ قولَه سبحانَه: {وَأَرْسَلْنَاكَ}. بأنه بمعنَى أوْجَدْناكَ، فقولُه سبحانَه: {رَسُولاً} لم يُسْتَفَدْ من العاملِ، وادَّعَوْا أنَّهم إنَّما يَرْتَكِبونَ هذا لأنَّهم يَرَوْنَ أنَّه لا بُدَّ أنْ تَدُلَّ الحالُ على معنًى جديدٍ، وانظُرْ كيفَ خَلَطوا بَاعِثاً حَسَناً بتقديرٍ مُتكلَّفٍ, ليسَ فيما يَرْتَكِبُه النحاةُ أشَقُّ منه!

([4]) سورة النملِ، الآية: 19.

([5]) سورة النملِ، الآية 10.

([6]) أغفَلَ جميعُ النحْويِّينَ المتقدِّمينَ التنبيهَ على هذا القسمِ؛ ولذلك لم يَشْمَلْه إنكارُ الفرَّاءِ والمُبرِّدِ والسهيليِّ.
ومثلُ هاتيْنِ الآيتيْنِ الكريمتيْنِ قولُه تعالى: {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. وقولُه جَلَّتْ كَلِمتُه: {وَأَزْلَفْنَا الْجَنَّةَ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}. وذلك لأنَّ الإزلافَ هو التقريبُ.

([7]) سورة يونسَ، الآية: 99.

([8]) فسَّرَ العلامَّةُ الصبَّانُ مضمونَ الجملةِ في هذا الموضعِ بأنَّه (مصدرُ الخبرِ مُضافاً إلى المُبْتدأِ إذا كانَ الخبرُ مُشْتقًّا، والكونُ العامُّ مُضافاً إلى المبتدأِ ومُخْبَراً عنه بالخَبَرِ إذا كانَ الخَبَرُ في الجملةِ جَامِداً). ثم قالَ: "وهذا يُرِيدُ النوعَ الثانِيَ الذي هو الكونُ العامُّ مضافاً إلى المبتدأِ ومُخْبَراً عنه بالخبرِ). هو الممكنُ هنا؛ لِمَا سيُذْكَرُ من اشتراطِ جُمودِ جزأَيِ الجملةِ, فإِذَا قلتَ: (زَيْدٌ أخوكَ عَطوفاً). كانَ مَضْمونُ الجملةِ"كونَ زَيْدٍ أخَاكَ", ثم اعتُرِضَ على ذلكَ بأنَّ التأكيدَ المقصودَ ليسَ لقولِنا: "كَوْنُ زيدٍ أخاكَ". وإِنَّما هو تأكيدٌ للازمِ ذلك، قالَ: (والتأكيدُ في الحقيقةِ للازمِ الكونِ أَخاً، وهو العَطْفُ والحُنُوُّ) والذي دَعَا إلى كونِ التأكيدِ لذلك هو ضرورةَ مُوافَقَةِ التأكيدِ للمُؤكِّدِ في المعنَى، والذي دَعَا العلامَّةَ الصبَّانَ إلى تفسيرِ مَضْمونِ الجملةِ بهذا التفسيرِ ثم اعتراضِه بما ذُكِرض، هو أنَّ هذا هو المعنَى المشهورُ عندَ النحاةِ لمَضمونِ الجملةِ.
وقد سبَقَه إلى هذا التفسيرِ جارُ اللهِ في المُفَصَّلِ حيثُ يقولُ: (والحالُ المُؤَكِّدَةُ هي التي تَجِيءُ على أثَرِ جملةٍ عقدُها من اسميْنِ لا عمَلَ لهما- يُرِيدُ أنَّهما جامدانِ- لتوكيدِ خَبَرِها وتقريرِ مُؤدَّاهُ ونفْيِ الشكِّ عنه، وذلك قولُكَ: زَيْدٌ أبوكَ عَطُوفاً, وهو زيدٌ معروفاً، وهو الحقُّ بَيِّناً، ألاَ ترَى كيفَ حَقَّقْتَ بالعطوفِ الأُبُوَّةَ, وبالمعروفِ والبَيِّنِ أنَّ الرجُلَ زَيْدٌ، وأنَّ الأمرَ حَقٌّ، وفي التنزيلِ: {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}. وكذلكَ: أبا عبدِ اللهِ آكِلاً كَمَا يأكُلُ العبيدُ، وفيهِ تقريرٌ للعُبودِيَّةِ وتحقيقٌ لها، وتقولُ: أنا فلانٌ بَطَلاً شُجاعاً وكريماً جَوَاداً. فتَحقَّقَ ما أنتَ مُتَّسِمٌ به, وما هو ثابِتٌ لك في نفسِكَ). اهـ.
وذكَرَ المُحَقِّقُ الرضيُّ أنَّ مضمونَ الجملةِ المؤكِّدَةِ بهذه الحالِ هو مقصودُ المُتكلِّمِ وغَرَضُه الباعِثُ له على ذكْرِ هذه الجملةِ الخَبَرِيَّةِ, قالَ: وتَجِيءُ- يُرِيدُ الحالَ المُؤكِّدَةَ- إمَّا لتقريرِ مضمونِ الخبرِ وتأكيدِه، وإمَّا للاستدلالِ على مضمونِه، ومضمونُ الخَبَرِ: إمَّا فخْرٌ؛ كقولِه:
َنَا ابنُ دَارَةَ مَعْرُوفاً بِهَا نَسَبِي*
وكقولِه: أنا حاتِمٌ جَوَاداً، وأنا عمرٌو شُجاعاً. إذ لا يقولُ مثلَه إِلاَّ من اشتَهَرَ بالخَصلةِ التي دَلَّتْ عليها الحالُ؛ كاشتهارِ حاتمٍ بالجُودِ وعمرٍو بالشجاعةِ، فصَارَ الخبرُ مُتضَمِّناً لتلك الخَصلةِ, وإِمَّا تعظيمُ غيرِكَ، نحوُ: أنتَ الرجُلُ كَامِلاً، أو تصاغُرٌ لنفسِكَ، نحوُ: أنا عبدُ اللهِ آكِلاً كما يأكُُلُ العَبيدُ، أو تصغيرٌ للغيرِ، نحوُ: هو المِسْكِينُ مَرْحوماً، أو تَهْدِيدٌ نحوُ: أنا الحَجَّاجُ سَفَّاكاً للدِّماءِ، أو غيرُ ذلك، نَحوُ: زَيْدٌ أبُوكَ عَطُوفاً، و: َذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} وهو الحَقُّ بَيِّناً، فقولُكَ: آكِلاً ومَرْحوماً ومُصَدِّقاً. للاستدلالِ على مضمونِ الخبرِ، وقولُه: "مشهوراً بها نَسَبِي". وقولُكَ: كامِلاً وسَفَّاكاً للدماءِ وآيةً ومَعْروفاً وبَيِّناً. لتقريرِ مضمونِ الجملةِ وتأكيدِه، وقولُكَ: عَطُوفاً. لكِلَيْهما، وإنَّما سُمِّيَ الكلُّ حالاً مُؤَكِّدَةً، وإنْ لم يكُنِ القسمُالأولُ -أي: الذي للاستدلالِ على مضمونِ الخَبَرِ- مُؤَكِّداً؛ إذ ليسَ في كونِه حَقًّا معنَى التصديقِ حتَّى يُؤَكِّدَ بمُصَدِّقاً؛ لأنَّ مضمونَ الحالِ لازِمٌ في الأغلبِ لمضمونِ الجملةِ؛ لأنَّ التصديقَ لازمُ حقيقةِ القرآنِ، فصارَ كأنَّه هو". اهـ.

([9]) من شواهدِ هذا النوعِ من الحالِ المُؤكِّدَةِ قولُ سالمِ بنِ دَارَةَ:
أنَا ابنُ دَارَةَ مَعْروفاً بِهَا نَسَبِي = وهَلْ بدَارَةَ يَا للنَّاسِ مِنْ عَارِ
وقد مثَّلَ لهذا النوعِ جارُ اللهِ الزَّمَخشريُّ بقولِكَ: "أنا حاتِمٌ جَوَاداً، وأنا عمرٌو شُجاعاً، وأنتَ الرجُلُ كَامِلاً، وأنا عبدُ اللهِ آكِلاً كما يأكُلُ العَبِيدُ" وحمَلَ عليه قولَه سبحانَه: {هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً}. كما حمَلَ غيرُه عليه قولَه: {وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}.



  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


349 - وَعَامِلُ الحالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا = فِي نَحْوِ: لاَ تَعْثَ فِي الأَرْضِ مُفْسِدَا
(وَعَامِلُ الحالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا)
أي: الحالُ على ضربينِ: مُؤَسِّسَةٍ ، وتُسَمَّى مبينةً ، وهي التي لا يُستفادُ معناها بدونِها كـ "جاءَ زيدًا راكبًا".
ومؤكِّدةِ : وهي التي يُستفادُ معناها بدونِها ، وهي على ثلاثةِ أَضْرُبٍ:
مؤكِّدةٍ لعاملِها وهي: كلُّ وصفٍ وافَق عاملَه: إما معنًى دونَ لفظٍ ، كما في نحوِ: ( لاَ تَعْثَ فِي الأَرْضِ مُفْسِدَا) { ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} أو معنًى ولفظًا، نحوَ: { وَأَرْسَلْنَاكَ للنَّاسِ رَسُولاً}
وقولِه [من البسيط]:
491 - أَصِخْ مُصيِخًا لِمَنْ أَبْدَى نَصِيحَتَهُ = وَالْزَمْ تَوَقِّيَ خلطِ الجدِّ باللعبِ
ومؤكِّدةٍ لصاحبِها نحو: { لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلِّهِمْ جَمِيعًا }.
ومؤكِّدةٍ لمضمونِ جملةٍ، وقد أشارَ إليها بقولِه:
350 - وإِنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فَمُضْمَرُ = عَامِلُهَا وَلَفْظُهَا يُؤَخَّرُ
(وإِنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فَمُضْمَرُ عَامِلُهَا) أي: عاملُ الحالِ وجوبًا (وَلَفْظُهَا يُؤَخَّرُ)، عنِ الجملةِ وجوبًا أيضًا ويشترطُ في الجملةِ ، أنْ تكونَ معقودةً مِنَ اسمينِ معرفتينِ جامدينِ، نحوَ: " زيدٌ أخوك عطوفًا"
وقولِه [من البسيط]:
492 - أَنَا ابْنُ دَارَةَ مَعْرُوفًا بِهَا نَسَبِي = وَهَلْ بِدَارَةَ يَا لَلنَّاسِ مِنْ عَارٍ
والتقدير: أحقُّه عطوفًا وأحقُّ معروفًا.
تنبيهٌ : قد يُؤخذَ مِنْ كلامِه ما ذكَرَ مِنَ الشروطِ ، فتعريفُ جزأيِ الجملةِ مِنْ تسميتِها مؤكِّدةٌ ؛ لأنه لا يؤكُّدُ إلا ما قد عُرِفَ ، وجمودُهما مِنْ كونِ الحالِ مؤكِّدةً للجملةِ ؛ لأنه إذا كانَ أحدُ الجزأينِ مشتقًّا أو في حكمِه كان عاملاً في الحالِ فكانت مؤكِّدةً لعاملِها لا للجملةِ ، ولذلك جعَل في شرحِ التسهيلِ قولَهم: " زيدٌ أبوك عطوفًا" و"هو الحقُّ بيِّنًا" من قبيلِ المؤكِّدةِ لعاملِها ، وهي موافِقَةٌ له معنًى دون لفظٍ ؛ لأنَّ "الأبَّ" و"الحقَّ" صالحان للعملِ ، ووجوبِ تأخيرِ الحالِ مِنْ كونِها تأكيدًا ووجوبِ إضمارِ عاملِها مِنْ جزمِه بالإضمارِ.

  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


الحالُ المؤكِّدَةُ
348- وعاملُ الحالِ بها قد أُكِّدَا = في نحوِ لا تَعْثَ في الأرضِ مُفْسِدَا
349- وإن تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فمُضْمَرُ = عاملُها ولَفْظُها يُؤَخَّرُ
ذَكَرْنا في أوَِّلِ بابِ الحالِ أنَّ الحالَ قِسمانِ:
1- مُؤَسِّسَةٌ: وهي التي لا يُستفادُ معناها بدونِها، وقد مَضَتْ.
2- مُؤَكِّدَةٌ: وهي لا تُفيدُ معنًى جديداً سِوى التوكيدِ، وهي ثلاثةُ أنواعٍ:
أ‌- مُؤَكِّدَةٌ لعامِلِها: وهي كلُّ وصْفٍ دَلَّ على معنى عامِلِه، وخالَفَه لَفْظاً، وهو الأكثَرُ، أو وافَقَه لَفْظاً، وهو دُونَ الأوَّلِ في الكثرةِ.
فمِثالُ ما وافَقَتْ عامِلَها معنًى: لا تَظْلِم الناسَ باغياً، فـ (باغياً) حالٌ مِن الفاعلِ، وهي مؤكِّدَةٌ للعاملِ (تَظْلِمْ) والظلْمُ هُو البَغْيُ، ولو حُذِفَتْ لفُهِمَ معناها مما بَقِيَ مِن الْجُملةِ، ومنه قولُه تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} وقولُه تعالى: {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} وقولُه تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِن قَوْلِهَا}.
ومِثالُ ما وافَقَتْ عامِلَها لفْظاً ومعنًى: أَصْغِ مُصْغِياً لِمَن يَنْصَحُكَ، ومنه قولُه تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} فـ (رَسُولاً) حالٌ مِن الكافِ وهي مُؤَكِّدَة لـ (أَرسلناكَ).
ب‌- مُؤَكِّدَةٌ لصاحبِها: ولم يَذكرْها ابنُ مالِكٍ، وهي التي يُستفادُ معناها مِن صَريحِ لفْظِ صاحبِها، نحوُ: مَررتُ عَلَى ما في المكتبةِ جميعاً قالَ تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} فـ (جميعاً) حالٌ مؤَكِّدَةٌ لأنَّ لَفظةَ (ما في الأرضِ) عامٌّ، ومعنى (جميعاً) العمومُ.
وقالَ تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} فـ (بَيِّنَاتٍ) حالٌ مؤكِّدَةٌ؛ لأنَّ آياتِه تعالى لا تكونُ إلاَّ بهذا الوصْفِ دائِماً.
ج- مُؤَكِّدَةٌ لمضمونِ الْجُملةِ: ويُشترَطُ في الجملةِ أنْ تكونَ اسْمِيَّةً، وطَرَفَاها مَعْرِفَتانِ جامِدانِ، نحوُ: محمَّدٌ أبوكَ عَطوفاً، فـ (عَطوفاً) حالٌ مِن (أبٍ) ومعنى هذه الحالِ وهو (العَطْفُ) يُوافِقُ معنَى الْجُملةِ التي قَبْلَها، وهي (محمَّدٌ أبوكَ) لأنَّ هذه الأُبُوَّةَ لا تَتَجَرَّدُ مِن العطْفِ الذي هو معنى الحالِ، ومنه قولُه تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} فـ (مُستقيماً) حالٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَضمونِ الجملةِ التي قَبْلَها، وإنما كانت مُؤَكِّدَةً لأنَّ صراطَ اللهِ لا يكونُ إلاَّ مُستقيماً.
وهذه الحالُ يَتعلَّقُ بها حُكمانِ:
الأوَّلُ: أنها واجبةُ التأخيرِ، فلا يَجُوزُ تقديمُها على الْجُملةِ ولا تَوَسُّطُها بينَ المبتدأِ والخبرِ.
الثاني: أنَّ عامِلَها محذوفٌ وُجوباً، تقديرُه: أُحِقُّه أو أعْرِفُه أو أعْلَمُه أو، نحوُ ذلك.
وهذا معنى قولِه: (وعاملُ الحالِ بها قد أُكِّدَا.. إلخ) أيْ: أنَّ العاملَ في الحالِ قد يُؤَكَّدُ بالحالِ نفْسِها، نحو (لا تَعْثَ في الأرْضِ مُفْسِداً) فـ (مُفْسِداً) حالٌ مُؤَكِّدَةٌ لعامِلِها؛ لأنَّ العَثْيَ هو الإفسادُ، ثم ذَكَرَ أنَّ الحالَ إنْ تُؤَكِّدْ جُملةً فإنَّ العامِلَ (مُضْمَرٌ) أيْ: محذوفٌ ولفْظُ الحالِ يُؤَخَّرُ وُجوباً عن الجملةِ، وعن عامِلِها المحذوفِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المؤكدة, الحال

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir