دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:46 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

( وقَوْلُهُ: (( يَقُولُ الله تَعَالى يَا آدَمُ! فَيَقولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنادي بصَوْتٍ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِن ذُرِّيَّتِكَ بَعْثاً إِلى النَّارِ )). متَّفق عليه.(118)
وقوله:صلى الله عليه وسلم (( ما مِنْكُمْ مِن أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ بينَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمانٌ )) ).(119)

(118) قَولُهُ: ((يَقُولُ اللهُ)): إلخ هذا الحديثُ رواه البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحهِمَا، مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، وتمامُه: ((قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ)) فاشتدَّ ذلكَ عليهمْ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، أيُّنا ذَلكَ الرَّجُلُ؟ قال: ((أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، أَنْتُمْ فِي الأرْضِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأبْيَضِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأسْوَدِ، إِنِّي لاَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) فكبَّرْنَا، ثم قال ((ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) فكبَّرنا، ثم قال: ((شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) فكبَّرنا، وروى هذا المعنى جماعةٌ مِن الصَّحابَةِ.
قَولُهُ: ((لَبَّيْكَ)): لبيكَ من ألبَّ بالمكانِ إذا أقامَ به، أي أنا مقيمٌ على طاعتِكَ.
قَولُهُ: ((وَسَعْدَيْكَ)): مِن المُساعدةِ وهي المُطاوعةُ، ومعناها إسعادٌ بعدَ إسعادٍ، قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ: وقد اشتملَتْ كلماتُ التلبيةِ على فوائدَ عظيمةٍ:
أوَّلاً: أنَّ قَولَهُ لبَّيْكَ يتضَّمنُ إجَابَةَ داعٍ دعاكَ ومنادٍ نادَاكَ، ولا يصحُّ في لغةٍ ولا عَقْلٍ إجابَةُ مَن لا يتكلَّمُ ولا يدعُو مَن أجابَه.
ثانيًا: أنها تتضمنُ المحبةَ، ولا يُقالُ لبَّيكَ إلا لمنْ تُحِبُّهُ وتُعظِّمُه.
ثالثًا: إنها تَتضمَّنُ التزامَ دوامِ العُبوديَّةِ، ولهذا قيلَ مِن الإقامَةِ، أي أنا مقيمٌ على طاعتِكَ.
رابعًا: أنها تَتضمَّنُ الخضوعَ والذُّلَّ، أي خضوعًا بعدَ خُضوعٍ مِن قَولِهِم: أنا مُلبٍّ بينَ يديكَ، أي خاضِعٌ ذليلٌ.
خامسًا: أنها تتضمَّنُ الإخلاصَ، ولهذا قيلَ: إنها مِنَ اللَّبِّ وهو الخالصُ.
سادسًا: أنها تتضمَّنُ الإقرارَ بسمعِ الرَّبِّ إذ يستحيلُ أن يقولَ الرَّجُلُ لمَنْ لا يُسمعُ دَعاؤه لبَّيكَ.
سابعًا: أنها تتضمَّنُ التقرُّبَ مِن اللهِ، ولهذا قيلَ: إنها مِن الألبابِ وهو التقرُّبُ، انتهى.
قَولُهُ: ((فَيُنَادِي)): بكسرِ الدَّالِ، أي اللهُ -سُبْحَانَهُ- وتعالى.
قَولُهُ: ((بِصَوْتٍ)): فيه إثباتُ الصَّوتِ حقيقةً كما يليقُ باللهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى-، وصوتُه مِن صفاتِ ذاتِه لا يشبِهُ خَلْقَهُ ولاَ حاجةَ أن يقيَّدَ النِّداءُ بصوتٍ، فإنَّه بمعناهُ، فإذا انتفى الصوتُ انْتَفى النِّداءُ، ولهذا قيَّده بالصوتِ إيضاحًا وتأكيدًا كما قيَّدَ التَّكْلِيمَ بالمصدرِ في قَولِهِ: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا).
قَولُهُ: ((بَعْثًا إِلَى النَّارِ)): البعثُ هنا هو بمعنى المبعوثِ الموجَّهِ إليها، ومعناه ميَّزَ أهْلَ النَّارِ مِن غيرِهم، انتهى، وإنما خصَّ آدمَ بذلِكَ لكونِه والدَ الجميعِ، ولِكَوْنِه كان قد عَرف أهلَ السَّعَادةِ مِن أهْلِ الشَّقاءِ، فقد رآه النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ليلةَ الإسراءِ، وعن يمينِه أسودةٌ وعن يسارِه أسودَةٌ، الحديثَ. انتهى. مِن (فتحِِ البَارِي)، أفادَ هذا الحديثُ إثباتَ صفةِ القولِ للهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- وأنه قال ويقولُ متى شاءَ إذا شاءَ كما يليقُ بجلالِه وأفادَ إثباتَ النِّدَاء للهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- وأنَّه نداءُ حقيقَةٍ بصوتٍ.
وفيه أنَّ النِّداءَ والقَوْلَ يكونُ يومَ القيامَةِ، فهذا مِن أدلَّةِ الأفعالِ الاختياريَّةِ، وأفادَ إثباتَ صفةِ الكلامِ، وأنها صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، فإنَّه -سُبْحَانَهُ- متَّصفٌ بهذه الصِّفةِ ويتكلَّمُ متى شاءَ إذا شاءَ كيفَ شاءَ، فكلامُه -سُبْحَانَهُ- قديمُ النَّوعِ حادثُ الآحادِ.
قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ: وقد دلَّ القرآنُ وصريحُ السُّنَّةِ والمعقولُ وكلامُ السَّلَفِ على أنَّ اللهَ يتكلَّمُ بمشيئَتِهِ، كمَا دلَّ على أنَّ كلامَه صفةٌ قائمةٌ بذاتِه، وهي صفةُ ذاتٍ وفعلٍ، كما قال تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). انتهى، وفيه دليلٌ على أنَّ اللهَ يتكلمُ بحرفٍ وصوتٍ، ولأنَّ النداءَ لا يكونُ إلا بحرفٍ وصوتٍ بإجماعِ أهلِ اللغةِ، وكانَ أئمةُ السُّنَّةِ يعدُّونَ مَن أنْكَر تكلُّمَه بصوتٍ مِن الجهميَّةِ، كما قال الإمامُ أحمدُ لمَّا سُئِلَ عمَّن قالَ إنَّ اللهَ لا يتكلَّمُ بصوتٍ؟ فقال: هؤلاءِ إنما يَدوُرون على التَّعْطِيلِ.
قالَ شيخُ الإسلامِ تقيُّ الدِّينِ بنُ تيميَةَ: أوَّلُ ما ظهرَ إنكارُ أنَّ اللهَ يتكلَّمُ بصوتٍ في أثناءِ المائةِ الثَّالثةِ لَمَّا ظهرتِ الجهميَّةُ والمعطِّلَةُ، وقالَ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ في كتابِ (السُّنَّةِ): قلتُ لأبي: يا أبتي، إنهم يقولون: إنَّ اللهَ لا يتكلَّمُ بصوتٍ! فقالَ: بلى يتكلَّمُ بصوتٍ. وقال البخاريُّ رحمه اللهُ في كتابِ (خلقِ أفعالِ العبادِ): ويذكرُ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أنه كانَ يحبُّ أنْ يكونَ الرجلُ خافِضًا مِن الصوتِ، ويكرهُ أن يكونَ رفيعَ الصوتِ، وأنَّ اللهَ يُنادي بصوتٍ يسمعهُ مَن بَعُدَ، كما يسمعُهُ مَنْ قَرُبَ، وليس هذا لغيرِ اللهِ، قال: وفي هذا دليلٌ على أنَّ صوتَهُ لا يُشبهُ أصواتَ الخلقِ؛ لأنَّ صوتَ اللهِ يسمَعُهُ مَن بعُدَ كما يسمَعُه مَن قربَ وأنَّ الملائكةَ يصعقونَ مِن صوتِه، وساقَ حديثَ جابرٍ أنَّه س‍َمِعَ عبدَ اللهِ بنَ أنيسٍ يقولُ: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ: ((يَحْشُرُ اللهَ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ)) الحديثَ، ثمَّ احتجَّ بحديثِ أبي سعيدٍ المتقدِّمِ، فهذانِ إِماما أهلِ السُّنَّةِ على الإطلاقِ، أحمدُ بنُ حنبلٍ، والبخاريُّ وكلُّ أهْلِ السُّنَّةِ على قَولِهِمَا وقَدْ صرَّح بذلِكَ وحكاهُ إجماعًا حربُ بنُ إسماعيلَ، صاحبُ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ وإسحاقَ، وصرَّح بهِ غيرُه، وقد احتجَّ بحديثِ ابنِ مسعودٍ وغيرِه، وأخبرَ أنَّ المُنكرِين لِذَلك هُمْ الجهميَّةُ، وقدْ روى في إثباتِ الحرفِ والصَّوتِ في كلامِ اللهِ أكْثَرَ مِن أربعينَ حديثًا، بعضُها صِحاحٌ وبعضُها حِسانٌ ويُحتجُّ بها، أخرجَهَا الضِّياءُ المقدِسيُّ وغيرُه، وأخرجَ أحمدُ غالِبَها واحتجَّ بهِ، واحتجَّ بها البخاريُّ وغيرُه مِن أئمَّةِ الحديثِ، فقد صحَّحوا رحمَهُم اللهُ هذه الأحاديثَ واعتقدوهَا واعتمدُوا عليها مُنَزِّهِينَ اللهَ عمَّا لا يليقُ بجلالِه، كما قالُوا في سائرِ الصِّفاتِ مِن النزولِ والاستواءِ والمجيءِ والسَّمعِ والبصرِ والعينِ وغيرِها، فأثْبَتُوا هذه الصِّفاتِ كمَا يليقُ باللهِ إثباتًا بِلا تمثيلٍ وتنـزيهًا بلا تعطيلٍ، وفي الحديثِ دليلٌ على أنَّ اللهَ نادى آدَمَ وكلَّمه، وفيها الرَّدُ على مَن زعَم أنَّ كلامَ اللهِ هو المعنى النَّفسيُّ، فإنَّ آدمَ عليه السلامُ سمعَ كلامَ اللهِ، والمعنى المجرَّدُ لا يُسْمَعُ، وفيه الرَّدُّ على مَن زعمَ أن كلامَ اللهِ شيءٌ واحدٌ لا يتجزَّأُ ولا يتبعَّضُ.

(119) قَولُهُ: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)): إلخ هذا الحديثُ رواه البخارِيُّ ومسلِمٌ مِن حديثِ عديِّ بنِ حاتِمٍ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ ثُمَّ يَنْظُرُ فَلاَ يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)) هذا لفظُ البخاريِّ، وفي روايةٍ لهما قال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((اتَّقُوا النَّارَ))، ثم أعرضَ وأشاحَ، ثم قال: ((اتَّقُوا النَّارَ)) ثم أعرضَ وأشاحَ ثلاثًا حتى ظننَّا أنَّه ينظرُ إليها، ثم قال: ((اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)).
قَولُهُ: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ)): الحديثُ ظاهِرُ الخطابِ للصَّحابةِ، ويلتحقُ بهم المؤمنونَ كلُّهم سابِقُهُمْ ومُقَصِّرُهُم، انتهى. والمرادُ أنَّه يكلِّمُهم بِلا واسِطَةٍ، فتكليمُه -سُبْحَانَهُ وتعالَى- نوعانِ:
الأوَّلُ: بِلا واسطةٍ، كما في هذا الحديثِ.
الثَّاني: بواسطةٍ وقدْ تقدَّمتِ الإشارةُ إليهِ.
قَولُهُ: ((تُرْجُمَانٌ)): هو مَن يعبِّرُ بلغةٍ عن لغةٍ كما قال بعضُهم:
ومَنْ يفسِّرْ لغةً بلغةٍ مترجمٌ عندَ أهيلِ اللُّغَةِ
أفاد هذا الحديثُ إثباتَ صفةِ الكلامِ لله -سُبْحَانَهُ وتعالَى-، والرَّدِّ على الجهميةِ والأشاعرَةِ مِن نُفاةِ صفةِ الكلامِ، فإنَّ الكلامَ صفةُ كمالٍ، وأدلَّةُ ذلكَ مِن الكتابِ والسُّنَّةِ أظهرُ شيءٍ وأبْيَنْهُ، وأفادَ هذا الحديثُ: أنَّه يكلِّمُ جميعَ النَّاسِ، وأمَّا قَولُهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: (لاَ يُكَلِّمُهُم وَلاَ يُزَكِّيِهمْ) الآيةَ، فالمرادُ لا يكلِّمُهمْ كلامًا يسرُّهم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بصفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir