دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الآخرة 1431هـ/8-06-2010م, 11:52 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي 119: قصيدة علقمة بن عبدة: طحا بِك قَلب في الحسانِ طروبُ = بعيدَ الشبَابِ عصر حان مشِيب

قال علقمة بن عبدة بن النعمان بن قيس:

طَحَا بِكَ قَلْبٌ في الحِسَانِ طَرُوبُ = بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حانَ مَشِيبُ
يُكَلِّفُنِي لَيْلَى وقد شَطَّ وَلْيُها = وعادَتْ عَوَادٍ بيننا وخُطُوبُ
مُنَعَّمَةٌ ما يُسْتَطَاعُ كِلاَمُها = عَلَى بَابِها منْ أَنْ تُزَارَ رَقيبُ
إِذَا غابَ عنها البْعلُ لم تُفش سِرَّهُ = وتُرْضِي إِيَابَ البعلِ حينَ يَؤُوبُ
فَلا تَعْدِلي بَيْني وبَيْنَ مُغَمَّرٍ = سَقَتْكِ رَوَايَا المُزْنِ حينَ تَصُوبُ
سَقَاكَ يَمَانٍ ذُو حَبيٍّ وعارِضٍ = تَرُوحُ به جُنْحَ العَشِيِّ جَنُوبُ
وما أَنتَ أَمْ ما ذِكْرُها رَبَعِيَّةٍ = يُخَطُّ لها منْ ثَرْمَدَاءَ قَلِيبُ
فإِنْ تَسْأَلونِي بِالنِّساءِ فإِنَّني = بَصِيرٌ بأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
إِذَا شاب رَأْسُ المرءِ أَو قَلَّ مالُهُ = فليس لهُ من وُدِّهِنَّ نَصِيبُ
يُرِدْنَ ثَرَاءَ المالِ حيثُ عَلِمْنَهُ = وشَرْخُ الشَّبابِ عِندهُنَّ عَجِيبُ
فَدَعْها وسَلِّ الهمَّ عنكَ بِجَسْرَةٍ = كَهَمِّكَ، فيها بالرِّدَافِ خَبِيبُ
وعِيسٍ بَرَيْناها كأَنَّ عُيُونَها = قَوَارِيرُ في أَدْهانِهِنَّ نُضُوبُ
إِلى الحارِثِ الوَهَّابِ أَعْلَمْتُ ناقَتِي = لِكَلْكلها والقُصْرَيَيْنِ وَجِيبُ
تَتَبَّعُ أَفْياءَ الظِّلالِ عَشيَّةً = على طُرُقٍ كأَنَّهنَّ سُبُوبُ
وناجِيةٍ أَفْنَى رَكِيبَ ضُلُوعِها = وحَارِكَها تَهَجُّرٌ فَدُؤُوبُ
فأَوْرَدْتُها ماءً كأَنَّ جِمَامَهُ = من الأَجْنِ حِنَّاءٌ مَعاً وصَبِيبُ
وتُصْبحُ عن غِبِّ السُّرَى وكأَنَّها = مُوَلَّعةٌ تَخْشَى القَنِيصَ شَبُوبُ
تَعَفَّقَ بالأَرْطَى لها وأَرادَها = رِجالٌ فَبَذَّتْ نَبْلَهُمْ، وكَلِيبُ
لِتُبْلِغَنِي دارَ امْرِىءٍ كان نائِياً = فقد قَرَّبَتْنِي مِنْ ندَاكَ قَرُوبُ
إِليكَ أَبَيْتَ اللَّعْنَ كان وَجِيفُها = بِمُشْتَبِهاتٍ هَوْلُهُنَّ مَهِيبُ
هَداني إِليكَ الفَرْقَدَانِ ولا حِبٌ = لهُ فَوْقَ أَصْوَاءِ المِتَانِ عُلوبُ
بِها جِيَفُ الحَسْرَى، فأَمَّا عِظامُها = فَبِيضٌ، وأَمَّا جِلْدُها فَصَلِيبُ
تُرادُ علَى دِمْنِ الْحِياضِ فإِنْ تَعَفْ = فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرُكُوبُ
فَلاَ تَحْرِمَنِّي نائِلاً عنْ جَنابَةٍ = فإِنِّي امرؤٌ وَسْطَ القِبابِ غَريبُ
وأَنتَ امرؤٌ أَفْضَتْ إِليكَ أَمانَتِي = وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعْتُ رُبُوبُ
ولَسْتَ لإِنْسِيِّ ولكنْ لِمَلأَْكٍ = تَنَزَّلَ من جوِّ السَّماءِ يَصُوبُ
فأَدَّتْ بَنُو كَعْبِ بنِ عَوْفٍ رَبِيبَها = وغُودِرَ في بعضِ الجُنودِ رَبِيبُ
فوَ اللهِ لولا فارِسُ الجَوْنِ مِنهمُ = لآبُو خَزَايا، والإِيابُ حَبِيبُ
تُقَدِّمُهُ حَتَّى تَغِيبَ حُجُولهُ = وأَنتَ لِبَيْضِ الدَّاِرعينَ ضَرُوبُ
مُظَاهِرُ سِرْبالَيْ حَدِيدٍ، عليهما = عَقِيلاَ سُيوفٍ مِخْدَمٌ ورَسُوبُ
فقاتَلْتَهُمْ حتَّى اتَّقَوْكَ بِكَبْشِهِمْ = وقد حانَ مِنْ شمسِ النهارِ غُرُوبُ
تَجُود بِنفسٍ لا يُجَادُ بمثلها = فأَنْتَ بها عندَ اللقاءِ خَصِيبُ
تَخَشْخَشُ أَبْدَانُ الحديدِ عليهمُ = كما خَشْخَشَتْ يُبْسَ الحِصَادِ جَنُوبُ
وقاتَلَ مِن غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا = وهِنْبٌ وقَاسٌ جَالَدَت وشَبِيبُ
كأَنَّ رجالَ الأوَسْ تَحْتَ لَبَانِهِ = وما جَمَعَتْ جَلٌّ مَعاً وعَتِيبُ
رَغَا فَوْقَهُمْ سَقْبُ السَّماءِ، فَدَاحِضٌ = بِشِكَّتِهِ لم يُسْتَلَبْ وسَلِيبُ
كأَنَّهُمُ صابَتْ عليهمْ سَحابَةٌ = صَوَاعِقُها لِطَيْرِهِنَّ دَبِيبُ
فلَم تَنْجُ إِلاَّ شِطْبَةٌ بِلِجامِهَا = وإِلاَّ طِمِرٌّ كالقَنَاةِ نَجِيبُ
وإِلاَّ كَمِيٌّ ذُو حِفَاظِ كأَنَّهُ = بما أَبْتَلَّ منْ حَدِّ الظبَاتِ خَضِيبُ
وأَنتَ أَزَلْتَ الخُنْزُوَانَةَ عنهمُ = بِضَرْبٍ له فَوقَ الشُّؤُونَ دَبِيبُ
وأَنتَ الذي آثارُهُ في عَدُوِّهِ = منَ البُؤْسِ والنُّعْمَى لَهُنَّ نُدُوبُ
وفي كُلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمَةٍ = فَحُقَّ لِشَأس من نَدَاكَ ذَنُوبُ
وما مِثلُهُ في الناسِ إِلاَّ أَسِيرُهُ = مُدَانٍ، ولا دَانٍ لِذَاكَ قَرِيبُ


  #2  
قديم 7 رجب 1432هـ/8-06-2011م, 09:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات للشيخين: أحمد شاكر وعبد السلام هارون

119


وقال علقمة بن عبدة بن النعمان بن قيس*


1: طحا بك قلب في الحسان طروب = بعيد الشباب عصر حان مشيب
2: يكلفني ليلى وقد شط وليها = وعادت عواد بيننا وخطوب
3: منعمة ما يستطاع كلامها = على بابها من أن تزار رقيب
4: إذا غاب عنها البعل لم تفش سره = وترضي إياب البعل حين يؤوب
5: فلا تعدلي بيني وبين مغمر = سقتك روايا المزن حين تصوب
6: سقاك يمان ذو حبي وعارض = تروح به جنح العشي جنوب
7: وما أنت أم ما ذكرها ربعية = يخط لها من ثرمداء قليب
8: فإن تسألوني بالنساء فإنني = بصير بأدواء النساء طبيب
9: إذا شاب رأس المرء أو قل ماله = فليس له من ودهن نصيب
10: يردن ثراء المال حيث علمنه = وشرخ الشباب عندهن عجيب
11: فدعها وسل الهم عنك بجسرة = كهمك، فيها بالرداف خبيب
12: [وعيس بريناها كأن عيونها = قوارير في أدهانهن نضوب]
13: إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي = لكلكلها والقصريين وجيب
14: [تتبع أفياء الظلال عشية = على طرق كأنهن سبوب]
15: وناحية أنفى ركيب ضلوعها = وحاركها تهجر فدؤوب
16: [فاوردتها ماء كأن جمامه = من الأجن حناء معا وصبيب]
17: وتصبح عن غب السرى وكأنها = مولعة تخشى القنيص شبوب
18: تعفق بالأرطى لها وأرادها = رجال فبذت نبلهم، وكليب
19: لتبلغني دار امرئ كان نائيا = فقد قربتني من نداك قروب
20: إليك أبيت اللعن كان وجيفها = بمشتبهات هولهن مهيب
21: هداني إليك الفرقدان ولاحب = له فوق أصواء المتان علوب
22: بها جيف الحسرى، فأما عظامها = فبيض، وأما جلدها فصليب
23: تراد على دمن الحياض فإن تعف = فإن المندى رجلة فركوب
24: فلا تحرمني نائلا عن جنابة = فإني امرؤ وسط القباب غريب
25: وأنت امرؤ أفضت إليك أمانتي = وقبلك ربتني فضعت ربوب
26: [ولست لإنسي ولكن لملاك = تنزل من جو السماء يصوب]
27: فأدت بنو كعب بن عوف ربيبها = وغودر في بعض الجنود ربيب
28: فوالله لولا فارس الجون منهم = لآبوا خزايا، والإياب حبيب
29: تقدمه حتى تغيب حجوله = وأنت لبيض الدارعين ضروب
30: مظاهر سربالي حديد، عليهما = عقيلا سيوف مخذم ورسوب
31: فقاتلتهم حتى اتقوك بكبشهم = وقد حان من شمس النهار غروب
32: [تجود بنفس لا يجاد بمثلها = فأنت بها عند اللقاء خصيب]
33: تخشخش أبدان الحديد عليهم = كما خشخشت ببس الحصاد جنوب
34: وقاتل من غسان أهل حفاظها = وهنب وقاس جالدت وشبيب
35: كأن رجال الأوس تحت لبانه = وما جمعت جل معا وعتيب
36: رغا فوقهم سقب السماء، فداحض = بشته لم يستلب وسليب
37: كأنهم صابت عليهم سحابة = صواعقها لطيرهن دبيب
38: فلم تنج إلا شطبة بلجامها = وإلا طمر كالقناة نجيب
39: وإلا كمي ذو حفاظ كأنه = بما أبتل من حد الظبات خضيب
40: [وأنت أزلت الخنزوانة عنهم = بضرب له فوق الشؤون دبيب]
41: وأنت الذي آثاره في عدوه = من البؤس والنعمى لهن ندوب
42: وفي كل حي قد خبطت بنعمة = فحق لشأس من نداك ذنوب
43: وما مثله في الناس إلا أسيره = مدان، ولا دان لذاك قريب



*ترجمته: هو علقمة بن عبدة، بفتح الباء، بن النعمان بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة الجوع بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر. شاعر جاهلي مجيد، وكان من صدور الجاهلية وفحولها. قال الجمحي 50: "له ثلاث روائع جياد لا يفوقهن شعر" وأشار إلى القصيدتين اللتين هنا وإلى التي أولها:
ذهبت من الهجران في كل مذهب = ولم يك حقا كل هذا التجنب
وقال حماد الرواية: "كانت العرب تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوه منها كان مقبولا وما ردوه منها كان مردودا، فقدم عليهم علقمة بن عبدة فأنشدهم قصيدته التي يقول فيها: *هل ما علمت وما استودعت مكتوم* فقالوا: هذا سمط الدهر، ثم عاد إليهم العام المقبل فأنشدهم: *طحا بك قلب في الحسان طروب* فقالوا: هاتان سمطا الدهر. وهو علقمة الفحل، لقب بذلك لأنه نازع امرأ القيس الشعر، وكان صديقا له، ورضيا حكم أم جندب امرأة امرئ القيس، فقال كل منهما قصيدة في وصف الخيل، فحكمت لعلقمة، فغضب امرؤ القيس وقال: ما هو بأشعر مني، ولكنك له وامق! فطلقها فخلف عليها علقمة. انظر الشعراء 107-109 والموشح 28-30 والأغاني 7: 121-122. وفي الاشتقاق 133 أنه من بني مالك بن حنظلة، وهو خطأ، فإنه من ربيعة الكبرى، وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة الذي يلقب ربيعة الجوع، وأما ربيعة بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة فهو ربيعة الصغرى، ولهم أيضا ربيعة الوسطى، وهو ربيعة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة، وكل واحد من الربائع عم صاحبه، فالأكبر عم الأوسط، والأوسط عم الأصغر. وانظر النقائض 186، 699. وشرح الأنباري 772. والشعراء 170-174 وديوانه مخطوط مشروح في آخر الجزء الثاني من منتهى الطلب بدار الكتب المصرية، نسخة الشنقيطي، بخط السيد إسماعيل حقي المغربي بالآستانة وطبع أيضا من غير شرح في "خمسة دواوين من أشعار العرب" في المطبعة الوهبية سنة 1293 وعني بشرحه وتحقيقه العالم الأديب الشيخ السيد أحمد صقر، وطبعه بالمطبعة المحمودية سنة 1353.
جو القصيدة: قالها يمدح الحرث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، وكان أسر أخاه شأسا، فرحل إليه يطلب فيه. وقد بدأها بالغزل والنسيب، ووصف نعمة صاحبته وحرصها على سر الزوج ورضاه ثم نعت نفسه بالتجربة، ودعا لصاحبته بالسقيا. وفي الأبيات 8-10 يعلن خبرته بالنساء، وشدة إعجابهن بالشباب والثراء. مستطردا بذلك إلى مدح الحرث، فوصف الناقة التي رحل بها إليه، وشبهها بالبقرة قد تتبعها القانص بكلابه فهي لا تألو عدوا، ووصف طريق رحلته وما اعترضه من عقاب وجهد. ثم طلب من مليكه النوال، وشكا إليه ما أصابه من خيبة الرجاء فيمن سواه من الملوك ثم نوه بمواقف الحرث في الحرب، ونعت فرسه وسلاحه وسلاح جيشه، وذكر الشؤم الذي لحق بأعدائه وما أصابهم من التقتيل والهزيمة، ثم انتقل إلى ما قصد من كلمته، أن يجعلها شفيعا في أخيه لإنقاذه من أسر الملك. ويروون أن الحرث لما سمع قوله: *فحق لشأس من نداك ذنوب* أمر بإطلاق شأس وسائر أسرى بني تميم وفي البيت 43 يمدحه بحسن معاملته لأسراه وفي تاريخ ابن الأثير 1: 224-225 أنها قيلت بمناسبة يوم حليمة وانظر أيام العرب 54-59، والعمدة 1: 42.
تخريجها: هذه مفضلية ثابتة، روى الأنباري عن أبي عكرمة قال: "قال ابن الأعرابي: قال المفضل بن محمد" وهي في الديوان المخطوط عدا الأبيات 12، 26، 27، 40، 41 وفي المطبوع بالوهبية عدا الأبيات 12، 26، 40 وفي منتهى الطلب 1: 29-30 عدا الأبيات 11، 12، 15، 20، 26، 27، 32، 41، 43 وفي شعراء الجاهلية 502-504 عدا الأبيات 12، 26، 40، 41 والأبيات 1، 2، 8-10، 34، ، 33، 38، 39، 42، 24 في ابن الأثير 1: 224-225 والأبيات 1، 13، 20، 21، 24، 42 في العمدة 1: 42-43 والأبيات 1-11، 13، 15، 17، 18، 29 في شواهد العيني 3: 15-17 والأبيات 1، 2، 8-10 فيه 4: 105 والأبيات 1، 8-10 في شواهد الشافية 496 والأبيات 1، 13، 42 في الشعراء 110 والبيت 1 في الأغاني 14: 2، 21: 112 والموشح 92 والأبيات 8-10 في البيان للجاحظ 3: 197 والشعراء 108 وحماسة البحتري 181. والبيت 10 في الشعراء 341 والبيتان 17، 18 في النوادر 69 والبيت 23 في سمط اللآلي 254 والمخصص 7: 100 والبيت 25 في تفسير البحر 1: 22 غير منسوب والبيتان 28، 29 في الخيل لابن الكلبي 36 والأبيات 28، 31، 36، 42، 24 في السمط 433 والبيت 32 في ديوان المعاني 1: 104 والبيت 36 في الأمالي 2: 133 والبيت 37 في الموشح 91 وهو في اللسان 2: 22 غير منسوب والبيت 42 في السمط 205 وشواهد الشافية 289 والبيتان 42، 24 في شواهد الشافية 494-495 وانظر الشرح 762-786.
(1) طحا بك: اتسع بك وذهب كل مذهب.
(2) يكلفني: يعني يكلفني قلبي. وليها: عهدها، أو ما وليك منها من قرب وجوار. عادت عواد: عاقت وشغلت شواغل.
(3) الكلام، بكسر الكاف: مصدر كالمه، كالمكالمة. رقيب: يحفظها، حفظ صيانة لا حفظ ريبة.
(5) المغمر: الغمر الذي لم يجرب الأمور. المزن: سحاب أبيض. ورواياه: ما حمل الماء منه وكل ما استقى عليه من بعير أو دابة فهو راوية. تصوب: تقصد، أو تتدلى.
(6) يمان: يريد سحابا ارتفع من شق اليمن، واليماني لا يخلف. الحبي: القريب من الأرض. العارض: السحاب يعترض من الأفق. جنح العشي: حين تجنح الشمس، أي: تدنو من المغيب.
(7) ربعية: يعني امرأة من بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وهم ربيعة الجوع رهط علقمة. ثرمداء: قرية. القليب: البئر، يريد أنه يشق لها هناك بئر تشرب منها أوم أراد بالقليب القبر، كأنها لا تبرح من ثرمداء حتى تموت فتدفن به.
(8) بالنساء أي عن النساء.
(10) الثراء: الكثرة. شرخ الشباب: أوله.
(11) الجسرة: الناقة الصلبة المتجاسرة، أو الطويلة وانظر للشطر الأول 99: 6. كهمك: أي كما يهمك أن يكون. الرداف: المرادفة. الخبيب: ضرب من العدو وهو الخبب. أي: فيها قوة على الإسراع براكب ورديفه.
(12) العيس: الإبل يخالط بباضها شقرة. بريناها: أنضيناها وأتعبناها. غارت عيونها حتى صارت كالقوارير نضب منها الطيب وهذا البيت زيادة من المرزوقي ونسخة فينا وهو ثابت في الأصمعيات بخط الشنقيطي بهامش الأصمعية 89، وليس له بها علاقة.
(13) الحرث الوهاب: هو ممدوحه الحرث بن جبلة بن أبي شمر. كلكلها: صدرها. القصريان: الضلعان الصغريان في آخر الأضلاع. الوجيب: اضطراب وخفقان من شدة السير.
(14) يريد تتبع كل شجرة تستظل بها. السبوب: شقاق الكتان. وهذا البيت زيادة من المرزوقي ونسختي فينا والمتحف البريطاني ومنتهى الطلب وديوانه المخطوط.
(15) الناجية: السريعة. ركيب ضلوعها: ما ركب الضلوع من الشحم واللحم. الحارك: ملتقى الكتفين في مقدم السنام. التهجر: سير الهاجرة. الدؤوب: الإلحاح في السير.
(16) جمامه: ما اجتمع منه. الأجن: تغير طعم الماء ولونه، فهو آجن. الصبيب: شجر بالحجاز يخضب به كالحناء وهذا البيت زيادة من نسخة فينا ومنتهى الطلب والديوان.
(17) المولعة: البقرة في قوائمها توليع، أي: نقط سود. القنيص: الصائد أو الصيد. الشبوب: المسنة يريد أن الناقة تصبح بعد سيرها الليل كله نشيطة كهذه البقرة والشطر الأول أخذه ضابئ بن الحرث البرجمي في الأصمعية 63: 20.
(18) تعفق لها رجال: تثنوا واستتروا يعني الصيادين. الأرطى: شجر. بذت: سبقت وغلبت. الكليب: جماعة الكلاب.
(19) قروب: لم نجده في المعاجم، وفي شرح الديوان: "يقال قربت ذاك الأمر أقرب أي طلبت"
(20) أبيت اللعن: هذه تحية ملوك لخم وجذام ومعناه أبيت أن تأتي من الأفعال ما تلعن عليه، وأما ملوك غسان فكان تحيتهم يا خير الفتيان. قاله الأنباري. الوجيف: ضرب من السير. مشتبهات: طرق يشبه بعضها بعضا. مهيب: يقال هبت الشيء فأنا هائب والشيء مهيب.
(21) الفرقدان: نجمان. اللاحب: الطريق الواضح. الأصواء: جمع صوة، وهي حجارة تجمع تكون أعلاما للطريق كالصوى. المتان: ما غلظ من الأرض. العلوب: الآثار.
(22) الحسرى: المعيبة يتركها أصحابها فتموت. الصليب: الجلد اليابس الذي لم يدبغ.
(23) تراد: تعرض على الماء. الدمن والدمنة: البعر والتراب والقذى يسقط في الماء، فمسى الماء دمنا أيضا، والجمع "دمن" بكسر الدال وفتح الميم. المندى: أن ترعى الإبل قليلا حول الماء ثم ترد ثانية للشرب، وهي التندية. يقول: يعرض عليها ماء الدمن فإن عافته فليس إلا الركوب.
(24) الجنابة: البعد والغربة.
(25) أمانتي: أي صارت نصيحتي لك. الربوب: جمع رب، وهو المالك يريد: وقبلك ملكتني أرباب من الملوك فضعت حتى صرت إليك فأدركت ما أحب عندك.
(26) الملائك: الملك، حذفت همزته وعادت في الجمع "ملائكة". يصوب: ينزل وهذا البيت زيادة من المرزوقي ونسخة فينا وهامش نسخة المتحف البريطاني، وهو ثابت في اللسان 2: 22 مع ذكر خلاف في نسبته ورواية صدره في المرزوقي *ولست بجني ولكن ملاكا*.
(27) قال الأصمعي: "ربيب بني عوف الحرث بن أبي شمر، آب ظافرا، الربيب المغادر المنذر بن ماء السماء".
(28) الجون: فرس الحرث بن أبي شمر.
(29) تقدمه: أي في الحرب. حجوله: ما في قوائمه من بياض، تغيب في الدم حتى يواريها. الدارعون: لابسو الدروع.
(30) السربال: القميص، وعنى به ههنا الدرع، يقال: ظاهرت بين درعين أي لبست واحدة على الأخرى. عقيل كل شيء: كريمه وخيرته. المخذم: القاطع الذي يبين الضريبة. الرسوب: الغائص فيها لا ينبو عنها وكان الحرث يتقلد بسيفين.
(31) بكبشهم: أي بملكهم ورأسهم، يعني المنذر بن ماء السماء، قتله الحرث في هذا اليوم وهو يوم أباغ.
(32) خصيب، من الخصب: أي تظفر بما تريد وهذا البيت زيادة من المرزوقي ونسختي فينا والمتحف البريطاني والديوان.
(33) الخشخشة: صوت الثوب الجديد إذا لبس البدن: الدرع من الزرد.
(34) غسان: ماء، سمي به مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت ابن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. هنب: هو ابن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ. قاس وشبيب: هما ابنا دريم بن القين بن أهود بن بهراء.
(35) الأوس: قال الأنباري: "والأوس كلهم ممن كان في دين الحرث بن أبي شمر، أي في طاعته وملكه". لبانه: أي لبان فرسه، يعني صدره، لأنه الرئيس فهم يحفون به. جل: قبيلة من قضاعة. عتيب: قبيلة من جذام.
(36) الرغاء: صوت البعير. السقب: ولد الناقة أراد سقب ناقة صالح النبي، نسبه للسماء لأنه كان معجزة ضرب ثمود قوم صالح مثلا لهم، أي هلكوا ونزل بهم من الشؤم ما نزل بأولئك. الداحض: الذي يفحص الأرض برجله وفي الأمالي 2: 133 أنه بالصاد مهملة وأنه بالمعجمة تصحيف، وكلاهما صحيح ثابت. بشكته: أي وعليه سلاحه.
(37) صابت. مطرت. دبيب: يقول أصابتها الصواعق فلم تقدر على الطيران من الفزع فدبت تطلب النجاء.
(38) الشطبة: الفرس الطويلة. الطمر: المشرف المستفز للوثب. كالقناة: يعني في ضمره وصلابته.
(39) الكمي: الشجاع. الظبات: جمع ظبة، وهي طرف السيف وحده.
(40) الخنزوانة: الكبر. الشؤون: جمع شأن، وهو ملتقى كل عظمين من عظام الرأس. وهذا الببيت زيادة من المرزوقي ونسخة فينا.
(41) الندوب: آثار الجراح.
(42) يقال "خبطه بخير" أعطاه من غير معروف بينهما والبيت رواه سيبويه 2: 423. "خبط" شاهدا لقلب التاء طاء، ثم قال: "وأعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلبها طاء، لأن هذه التاء علامة الإضمار، وإنما تجيء لمعنى". شأس، هو أخو علقمة بن عبدة. الذنوب، بفتح الذال: الدلو. أراد حظا ونصيبا.
(43) يقول: ليس أحد يدانيه في عز إلا أسيره يريد أنه لا يذل أسيره ولا يهينه، ولكنه يشرفه ويعزه.


  #3  
قديم 12 شعبان 1432هـ/13-07-2011م, 09:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

قال الضبي: قال ابن الأعرابي: قال المفضل بن محمد:

وقال علقمة بن عبدة بن النعمان بن قيسٍ
أحد بني عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم يمدح الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني. وكان أسر أخاه شأسًا فرحل إليه يطلب فيه.
وقال عبد الله بن محمد بن رستم قال يعقوب ابن إسحاق السكيت: قال علقمة (والعلقمة عند العرب المرارة ويقال طعام شديد العلقمة إذا كان مر) ابن عبدة (والعبدة الجلد والقوة يقال ثوب ذو عبدة إذا كان قويًا جلدًا) ابن النعمان (وهو فعلان من النعيم) ابن قيس (وهو مصدر قست الشيء أقيسه قيسًا إذا قدرته).
أحد بني عبيد بن ربيعة (وهو فعيلة من قولك ربعت الحجر إذا حملته) ابن مالك بن زيد مناة (وزيد مصدر زاد الشيء يزيد زيدًا وزيدًا أنشدنا عامر بن عمران الضبي لذي الإصبع العدواني:
وأنتم معشر زيد على مائةٍ.......فأجمعوا أمركم طرًا فكيدوني
وقرأته على أحمد بن عبيد فقال: وأنتم معشر زيد على مائةٍ، بالفتح والكسر معًا. قال يعقوب: مناة اسم صنما) ابن تميم (وهو فعيل من التمام) ابن مر (وهو فعل من المرارة) ابن أد (وهو فعل من المودة قلبت الواو ألفًا لانضمامهما كقول الله عز وجل: {وإذا الرسل أقتت} ابن طابخة (وهو فاعلة من قولك طبخت الشيء إذا أنضجته والطبخ الإنضاج والهاء تدخل في المذكر في المدح والذم. وسمي طابخة لأن أباه ندت له إبل فندب أولاده لطلبها وهم ثلاثة عامر وعمرو وعمير: فأمر عمرًا أن يطلبها فأدركها فسمي مدركة.
وأما عامر فاقتنص أرنبًا فأطبخها فسمي طابخة. وأما عمير فانقمع في البيت فسمي قمعة. فلما أبطؤوا على أمهم ليلى خرجت في أثرهم فلقيها عامر محتضنًا صيدًا قد عالجه فقال لجارية لها يقال لها نائلة: تقرفصي في أثر مولاتك أي: اسرعي. فرجع الشيخ يعني أباه وعمرو قد أدرك الإبل فقالت ليلى: ما زلت أخندف في أثركم أي: أهرول فسميت خندف بهذا. وقال عامر: ما زلت في طبيخٍ فسمي طابخة. وقال عمرو: أنا أدركت الإبل فسمي مدركة. وقالت نائلة: أنا قرفصت في أثر مولاتي فقال لها الشيخ: فأنت قرفاصة) ابن إلياس (وهو إفعال من الأليس والأليس: الذي لا يبرح مكانه في الحرب شجاعةً ونجدةً وليس فوق الأليس شجاعة) ابن مضر (وهو فعل من قولك تمضر اللبن إذا حمض) ابن نزار (وهو فعال من النزر والنزر القليل ويكون فعلاً من قولك نزرت فلانًا إذا ألححت عليه في المسألة) ابن معدٍ (والمعد موضع عقب الفارس من جنب الفرس) ابن عدنان (وهو فعلان من قولك عدن بالمكان إذا أقام به والعادن المقيم).
وكان علقمة من صدور الجاهلية وفحولها وكان صديقًا لامرئ القيس فزاره ذات يومٍ فقال أحدهما لصاحبه: أينا أشعر؟ فقال هذا: أنا وقال هذا: أنا فتلاحيا حتى قال امرئ القيس: انعت ناقتك وفرسك وأنا أنعت ناقتي وفرسي: قال: نعم فافعل والحكم بيني وبينك هذه المرأة من ورائك، يعني امرأة امرئ القيس الطائية. فقال امرؤ القيس:
خليلي مرا بي على أم جندب.......لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
وقال علقمة: ذهبت من الهجران في غير مذهب، فلما فرغا من قصيدتهما عرضا على الطائية امرأة امرئ القيس. فقالت فرس ابن عبدة أجود من فرسك. قال لها: وكيف؟ قالت: لأنك زجرت وحركت ساقيك وضربت وإنه جاهر الصيد فقال:
إذا ما اقتنصنا لم نقده بجنةٍ.......ولكن ننادي من بعيدٍ ألا اركب
فغضب عليها امرئ القيس فطلقها. فهذه رواية الرستمي وإملاء أبي عكرمة الضبي. وأما أحمد بن عبيد وغيره من شيوخنا فإنهم قالوا تزوج امرؤ القيس امرأة من طيء وكان مفركًا: فلما كان ليلة ابتنائه بها أبغضته فجعلت تقول: اصبح ليل يا خير الفتيان أصبحت أصبحت. فينظر فيرى الليل كهيئته. فلم يزل كذلك حتى أصبح ثم إن علقمة نزل وكان من فحول الجاهلية وكان صديقًا له، وساقوا الحديث الذي قبله إلا إنهم رووا فيه فقال امرؤ القيس:
خليلي مر بي على أم جندب.......لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
حتى انتهى إلى آخرها وقال علقمة:
ذهبت من الهجران في غير مذهب.......ولم يك حقًا طول هذا التجنب
لليلى فلا تبلى نصيحة بيننا.......ليالي حلوا بالستار فغرب
فلما فرغا منهما عرضاهما على الطائية امرأة امرئ القيس: فقالت: فرس علقمة أجود من فرسك: قال لها: وكيف؟ قالت: لإنك زجرت وحركت ساقيك وضربت وإنه جاهر الصيد فقال: إذا ما اقتنصنا. البيت المتقدم ذكره فغضب عليها وقال: إنك لتبغضينني ففيم أبغضتني؟ قالت: إنك ثقيل الصدرة خفيف العزلة سريع الهراقة بطيء الإفاقة. فلما سمع ذلك طلقها. وقال العدوي: هو علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة ويقال لهم ربيعة الجوع وهم رهط العجاج بن رؤبة، ولعلقمة يقول الفرذدق:
والفحل علقمة الذي كانت له.......حلل الملوك كلامه يتمثل
وقال أحمد في روايته: كان ابن الجصاص وحماد يرويان: ذهبت من الهجران: لامرئ القيس ورواها المفضل لعلقمة.
1: طحا بك قلب في الحسان طروب.......بعيد الشباب عصر حان مشيب
قال الضبي: (طحا بك) اتسع بك وذهب كل مذهب يقال طحا به قلبه في كل مذهب أي اتسع به وذهب. وقوله (طروب) مأخوذ من الطرب وهو استخفاف القلب في الفرح والحزن وهو ههنا في الحزن، أي يحف في للبين: قال جرير:
إن الظعائن يوم بركة عاقلٍ.......قد هجن ذا خبلٍ فزدن خبالا
طرب الفؤاد لذكرهن وقد مضت.......بالليل أجنحة النجوم فمالا
أي: استخفه الجزع لذكرهن. وقال أبو ذؤيب:
طربت لذكره من غير نوبٍ.......كما يهتاج موشي قشيب
يريد أنه أخذه لذكره خفة. والنوب القرب. والموشي الذي قد وشي. والقشيب الجديد: يعني مزمارًا. وقال ذو الرمة:
استحدث الركب من أشياعهم خبرا.......أم راجع القلب من أطرابه طرب
وقوله (عصر حان مشيب) أي في العصر الذي حان فيه الشيب: و(العصر) ههنا الدهر والدهر: الحين والزمان والحرس واحد. يقال عصر وأعصر في الجميع وعصور والعصران الليل والنهار، وقال حميد بن ثور:
ولن يلبث العصران يوم وليلة.......إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
وقال الآخر:
وأمطله العصرين حتى يملني.......ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
وقال أحمد: طروب إلى الحسان. وقال الرستمي عن يعقوب طحا بك طمح طموحًا وطماحًا ويقال رجل طامح وطماح إذا كان يمد بصره إلى كل شيء يراه ويقال فرس طامح الطرف إذا رمى ببصره إلى الشخص البعيد لحدة نفسه: قال أبو دؤاد:
طويل طامح الطرف.......إلى مفزعة الكلب
ويقال طحا يطحو طحوًا وطحا يطحو طحوًا وهو من الواو. قال: وقال الأصمعي: طحا بك أي اتسع بك وذهب كل مذهب قال الله عز وجل: {والأرض وما طحاها}. وقال غيره: طحا أي: انتشر. وقوله بك أراد بي أي طمح بي قلب طروب إلى الحسان، وقال الجعدي:
وأراني طربًا في إثرهم.......طرب الواله أو كالمختبل
وصغر بعد فقال بعيد الشباب أراد تقريب الوقت والتصغير قد يأتي على جهاتٍ منها التقريب كقولك فعل ذلك قديدمة ذاك وبعيد ذاك، وقد يأتي تحقيرًا كقولك نقدت الدراهم إلا دريهمات وباد بنو فلان إلا أهل بييت، وقد يأتي رحمة ورأفة كقولك إنما هو أخيك وبني أمك. وقد يأتي التصغير تعظيمًا وتنبيلاً كقول الأنصاري: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. والجذل والجذل عود ينصب في المعاطن تحتك به الإبل الجربى. يقول فأنا يستشفى برأيي وبكلامي كما تستشفى الإبل الجربى إذا احتكت بهذا العود المنصوب في المعاطن. والعذيق: تصغير العذق والعذق النخلة والعذق الكباسة والمرجب: المعظم فيقول النخلة الكريمة إذا تأكل أصلها وخافوا عليها أن تسقط جمعوا عليها حجارة ويقيمها، فيقول لي أهل بيتٍ وحفدة وحشم يقومون بأمري ويحفدونني. وقال لبيد في تعظيم التصغير:
وكل أناسٍ سوف يدخل بيتهم.......دويهية تصفر منها الأنامل
ويروى بينهم. فقال دويهية فصغر ثم قال يصف شدتها تصفر منها الأنامل فدل ذلك على تعظيمها. وقد يأتي تصغير لا تكبير له يقال هو زوير القوم أي رئيسهم: قال الراجز:
جاؤوا بزوريهم وجئنا بالأصم.......شيخٍ لنا معاودٍ ضرب البهم
البهم: جمع بهمةٍ وهو الرجل الشجاع الذي يبهم على مقاتله أمره فلا يدري من أين يأتي له كالحائط المبهم الذي لا باب فيه والزوران الرئيسان. ومثل ذلك السكيت والكميت من الخيل لا تكبير لهما.
وقوله (عصر حان) أي دهرًا شبت فيه فيقول طمح بي قلبي إلى الحسان حين ذهب شبابي وابتدأت في المشيب.
2: يكلفني ليلى وقد شط وليها.......وعادت عوادٍ بيننا وخطوب
قال الضبي: قوله (يكلفني) يعني قلبه. وشط بعد والشطوط البعد ويقال أشط في سومه إذا رفع فيه وقد شطت داره أي بعدت. وقوله (وليها) أي عهدها. ويقال وليها ما وليك منها من قربٍ وجوار: قال المرقش يذكر دارًا:
ذكرت بها أسماء لو أن وليها.......قريب ولكن حبستني الحوابس
وقال ساعدة بن جؤية الهذلي:
هجرت غضوب وحب من يتجنب.......وعدت عوادٍ دون وليك تشغب
وتشعب أيضًا. أي شغلت شواغل. يقال عداني عنك كذا وكذا أي عاقني وشغلني: ومثله: وعادك أن تلاقيها العداء، أي: صرفك أن تلاقيها الصرف، أراد وعداك فقلب من الرباعي إلى الثلاثي، وقد قيل عادت فاعلت كان الأصل عاودت فانقلبت الواو ألفًا لتحركها وفتح ما قبلها ثم سقطت الألف لسكونها وسكون التاء. ومثله قول كثير:
إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا.......غراء وحشتها مدامع حفل
كان أصله غاريت من قولك قد غري به، والحفل الممتلئة من قولك ضرع حافل إذا كان ممتلئًا. ومثله قول الحارث بن حلزة:
إرمي بمثله جالت الجن.......ن فآبت لخصمها الإجلاء
و(الخطوب): الأمور والأحداث واحدها خطب. وقال الرستمي: يكلفني يعني قلبه يقال كلفت الشيء أكلفه كلفةً وتكلفته تكلفًا إذا أتيته على مشقةٍ وفلان مكلف بالنساء أي يركب المشقة فيهن. ويقال شط في السوم وأشط وأبعط وشحط أي زاد وأبعد وشطت داره وشطنت وشحطت وتنعنعت ونزحت وشطرت. قال ويقال ولي منزلي منزله وولى منزلي منزله بمعنىً واحد وهي لغة لطيء يقلبون الياء إذا تحركت وانكسر ما قبلها ألفًا. وعوادٍ شواغل صوارف وعداني عنك كذا وكذا يعدوني عدوًا وعدوًا أي شغلني وصرفني: قال ابن مقبل:
طاف الخيل بنا ركبًا يمانينا.......ودون ليلى عوادٍ لو تعدينا
أي: شواغل لو تشغلنا. و(الخطوب): الأمور العظام واحدها خطب. فيقول يكلفني زيارة ليلى على بعدها والخطوب الشاغلة لنا عنها.
3: منعمة ما يستطاع كلامها.......على بابها من أن نزار رقيب
يقول (على بابها رقيب) يمنع من زيارتها وكلامها و(الرقيب) الحافظ فيقول هي مصونة مخدرة لا تبتذل لخدمةٍ. وقال أحمد: (رقيب) أي أنها ملكة محجبة لا يوصل إليها. ولا تحفظ خوف ريبةٍ ولكن حفظ صيانةٍ قال: ومن قال إنما تحفظ من الريبة فقد عابها. والعرب تقول هي الحصن من أن ترام وهذا منه، وأنشدني للمرار:
يكفي حداثتها عفاف جيوبها.......رقب العيون ورعية المغيار
وأنشدني لأبي النجم: بلهاء لم تحفظ ولم تضيع، أي: لم تحفظ لعفافها ولم تضيع من حسن القيام عليها.
وأنشدني لآخر:
ربة محرابٍ إذا جئتها.......لم أدن حتى ارتقي سلما
4: إذا غاب عنها البعل لم تفش سره.......وترضي إياب البعل حين يؤوب
قال الضبي: يقول (إذا غاب بعلها لم تفش سره) و(السر) الاسم والإسرار المصدر. و(بعلها) زوجها وهي بعلته. و(الإياب): الرجوع وقد آب يؤوب أوبًا. (وإرضاؤها) إياه أنه لا تحدث بعده مكروهًا ولا يتحدث عنها بفاحشة. وقال الرستمي: قال يعقوب: يقال غاب الرجل غيبة وغابت الشمس غيبوبة وغيبة والغيب البطن من الأرض يغيب عنك الشيء ويستر ما فيه.
قال: ويقال هو بعلها وهي بعلته وهو زوجها وهي زوجته وزوجه. فيقول إذا غاب عنها بعلها لم تذع سره ولم تفشه إلى أحدٍ وإذا رجع إليها زوجها أرضته في جميع أمورها ووجد عندها كل ما أحب، وقال الآخر:
ألست تعرفني في الحي جارية.......إذ لم أخنك ولم أرفع إليك يدا
وقال: أحمد معنى قوله لم تفش سره أي لم تظهر هي لأحدٍ ولم تقع عليها عين هي نفسها سره. والإياب الرجوع قال الله تعالى وعز: {إن إلينا إيابهم} وقال الشاعر:
لقد طوفت بالآفاق حتى.......رضيت من الغنيمة بالإياب
أي: أن أرجع سالمًا إن لم أفد خيرًا.
5: فلا تعدلي بيني وبين مغمرٍ.......سقتك روايا المزن حين تصوب
قال الضبي: (المغمر) والغمر الذي لم يجرب الأمور يقال رجل غمر بين الغمارة من قوم أغمار، وماء غمر بين الغمورة: قال الأعشى:
ولقد شبت الحروب فما غـ.......ـمرت فيها إذ قلصت عن حيال
أي: لم توجد غمرًا، ومعنى عن ههنا معنى بعد. والمزن: سحاب أبيض يأتي في قبل الصيف وهو أحسن السحاب الواحدة مزنة. وروايا المزن ما حمل منه الماء والرواية الحامل للشيء وروايا حوامل مآئية وكل ما استقي عليه من بعير أو دابة فهو رواية والرواية المزادة التي يحمل فيها الماء وهو من الأضداد يقال رويت عليها أروي ريةً إذا استقيت عليها وبه سميت الرواية التي يحمل عليها الماء وإنما هي المزادة، قال أبو النجم:
تمشي من الردة مشي الحفل.......مشي الروايا بالمزاد الأثقل
وقال الرستمي: قال يعقوب: المغمر: الذي قد غمرته الرجال أي: قهرته فلا خير عنده، والغمر: الذي لم يجرب الأمور والغمر: القدح الصغير والغمر: الحقد والتغمير: شرب دون الري. فيقول لا تعدلي بي مغمرًا من الرجال ولا تجعليه لي عدلاً أي مثلاً. ودعا لها بالسقيا فقال سقتك روايا المزن، قال: وأصل الرواية البعير الذي يستقى عليه الماء والبغل والحمار، والرواية حامل العلم. وقال عبد الله بن محمد البصري التوزي: الراوية البعير بين البعيرين ويقال رويت أهلي إذا استقيت لهم: قال الشاعر:
إذا ما كنت جار بني كليبٍ.......فلا تسرح بساحتهم حمارا
فإن لم يأكلوه رووا عليه.......لهاماتٍ وأكبادٍ حرارا
وقال أبو عبيدة: صاب المزن يصوب صوبًا إذا تدلى ويقال صاب يصوب إذا قصد، ويقال أصاب كذا وكذا إذا أراده، قال الله عز وجل: {رخاءً حيث أصاب}: أي: حيث أراد. وتقول العرب: أصاب الصواب فأخطأ الجواب أي أراد الصواب ويقال تصوب من الصوب وهو المطر: أراد سقاك الله المطر، ويقال تصوب تقصد كما قال الشاعر:
كأنهم صابت عليهم سحابة.......صواعقها لطيرهن دبيب
يقال صاب وأصاب بمعنىً واحدٍ كما قال أبو عبيدة: صاب ههنا بمعنى أصاب وقال: طن طنين الطست صاب الحجرا، وكان الأصمعي يقول صاب قصد وأصاب من الإصابة.
6: سقاك يمانٍ ذو حبيٍ وعارض.......تروح به جنح العشي جنوب
يقال سقى فلان فلانًا إذا ناوله ما يشرب بيده فهو ساقٍ والمفعول به مسقي، وأسقى فلان فلانًا إذا أعطاه ثمن ماءٍ يشربه أو جعل له شربًا لأرضه أو دله على موضع ماء، وما كان من السحاب فهو بألفٍ قال الله تعالى: {فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين}، فهذا هو الأفصح من كلام العرب وربما جاء في السحاب باللغتين جميعًا: قال لبيد:
سقى قومي بني مجدٍ وأسقى.......نميرًا والقبائل من هلال
وقوله (يمان) يريد سحابًا ارتفع من شق اليمن واليماني لا يخلف فنسبه إلى اليمن كما قالوا الركن اليماني فنسب إلى اليمن لأنه مما يليها، ومنه قول النابغة وهو يهجو يزيد بن الصعق وهو رجل من قيس:
وكنت أمينه لو لم تخنه.......ولكن لا أمانة لليماني
(الحبي): القريب من الأرض من السحاب يقال قد حبا الشيء إذا قرب ودنا وحبا الرجل إذا استدار وحبا الرجل إذا اعترض يحبو حبوًا، قال الحارث بن حلزة:
قلت لعمروٍ حين أبصرته.......وقد حبا من دونها عالج
لا تكسع الشول بأغبارها.......إنك لا تدري من الناتج
وعالج رمل أي حبا هذا الرمل من دون هذه الإبل وقوله (جنح العشي) حين تجنح الشمس أي تدنو من المغيب وجنوح السفينة منه أي دونوها من الأرض. و(العارض) السحاب أي: سقاك عارض.
قال الأصمعي: إنما خص العشي لأن مطر العشي أحمد من مطر الغداة عند العرب ومطر الليل أحمد من مطر النهار. وإنما خص الجنوب لأنها تؤلف السحاب وتمريه ويكون بها المطر والحياة والخصب: قال حميد بن ثور:
فلا يبعد الله الشباب وقولنا.......إذا ما صبونا صبوةً سنتوب
ليالي إذ سمع الغواني وطرفها.......إلي وإذ ريحي لهن جنوب
أي: أقع عندهن موقع الجنوب عند الناس. والعرب تحب الجنوب وتبغض الشمال لأن الجنوب تجيء بالغيم والمطر والشمال تفرق الغيم وتجيء بالبرد. قال الرستمي: قال يعقوب: يعني سحابًا نشأ من نحو اليمن، ويقال رجل يمان وامرأة يمانية وربما قالوا يماني. وحبيه انتصاب بعضه على بعضٍ واتصاله وقد حبا السحاب إذا أشرف والحابي المشرف وحبي في معنى مفعول به كقولهم رجل قتيل ومقتول وسمي حبيًا لأن الريح أحبته وقاربت بعضه إلى بعضٍ، وقد يكون حبي في معنى فاعل كقولهم عالم وعليم. والعارض من السحاب يعترض من الأفق وبه بالعارض. ولا يكون الرواح إلا بالعشي يقال رحت رواحًا وتروحت تروحًا. وجنح العشي حين مالت الشمس للغروب. وأنكر أحمد أن الريح أحبته. وقد خص الجنوب لأنها ريح لينة قريب بعضها من بعض. قال: ولو كان حبي ههنا فاعلاً كان جائزًا.
7: وما أنت أم ما ذكرها ربعيةٍ.......يخط لها من ثرمداء قليب
ويروى: وما القلب أم ما ذكره ربعية، والمعنى وما القلب وذكره من هو هكذا كقولك ما أنت وهذا. وقوله (ربعية) قال أبو عبيدة: الربائع من بني تميم أربعة أحياء: (ربيعة) بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهو ربيعة الجوع وهم رهط علقمة: و(ربيعة) بن مالك بن حنظلة: و(ربيعة) بن حنظلة ومنهم المغيرة وصخر ابنا حبناء ومنهم مرداس أبو بلال الحروري وأبو حزانة الشاعر، و(ربيعة) بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ويدعون الحباق وهو نبز يغضبون منه. و(ثرمداء) قرية بالوشم وهي جيزة وإليها تنتهي أوديته جميعًا.
وقوله (يخط لها) أي: يحفر لها أي مشربها ذاك. ومعناه أنها تحل بأرض غير أرضك. و(الخط): الشق ومنه قول النابغة:
أنسيت يوم عكاظ حين لقيتني.......تحت الغبار فما خططت غباري
أي: ما شققته ما دخلت فيه، ومنه قول مالك بن الريب:
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي.......وردا على عيني فضل ردائيا
أي شقا. و(القليب) يذكر ويؤنث يقال قليب وأقلبة والكثيرة القلب. قال الأصمعي: القليب يذكر وكذلك الطوي والجفر. ويكون أيضًا المعنى أن تكون كأنها لا تبرح من ثرمداء حتى تموت فتدفن به فأراد بالقليب القبر. ويروى وما القلب أم ما ذكرها. قال أحمد: المعنى قد بعدت عنك فما ذكرك إياها وأنت لا تصل إليها.
وقال: يخط لها أي يجعل في خطتها أي: حصتها قليب تشرب منه أي: هي من أهل ذلك الموضع كما يقال يجاز لك في ناحيتك ماء تشربه. وقال الرستمي: ربعية يعني امرأة من ربيعة بن مالك وهم ربيعة الجوع والربائع ثلث ربائع أي قبائل. قال الفرذدق: وإذا الربائع بالقروم تخاطرت. قال ويخط لها من ثرمداء قليب أي: من منزلها وشربها من ذلك الموضع. قال: وقال الأصمعي أيضًا: يخط يشق يقال خططت البئر والقبر إذا شققتهما فحفرتهما. وأنشد بيت مالك بن الريب وقد مر: ومعناه وشقا لي قبرا وثرمداء مكان. وعنى بالقليب ههنا قبرًا وأصل القليب البئر. فيقوللا هذا المكان لا تبرح منه حتى تموت فتدفن فيه فقبرها قليبها.
8: فإن تسألوني بالنساء فإنني.......بصير بأدواء النساء طبيب
قال الرستمي: قال يعقوب: (بالنساء) أي: عن النساء يقال سألت بفلانٍ أي عن فلان، قال الجعدي:
سألتني بأناسٍ رحلوا.......شرب الدهر عليهم وأكل
ويروى هلكوا. و(طبيب) وطب حاذق يقال فحل طب إذا كان حاذقًا بالضراب ورجل طب ويقال في مثل: افعل في حاجتي فعل من طب لمن حب، أي فعل حاذق محبٍ والطب الجنون ويقال رجل مطبوب. ولم يقال الضبي في هذا البيت شيئًا.
9: إذا شاب رأس المرء أو قل ماله.......فليس له من ودهن نصيب
قال الرستمي: قال يعقوب: هذا كقول امرؤ القيس:
أراهن لا يحببن من قل ماله.......ولا من رأين الشيب فيه وقوسا
10: يردن ثراء المال حيث علمنه.......وشرخ الشباب عندهن عجيب
(ثراء المال) كثرته يقال ثرا المال يثرو ثروة إذا كثر وأثرى صاحبه يثري إثراءً ويقال ثرا القوم يثرون ثروةً إذا كثروا. (وشرخ الشباب) أوله والشرخ نتاج كل زمن ثم نتاج زمنٍ شرخ آخر وكل فرقةٍ من نتاجٍ أو أولاد ناس شرخ ومن ثم يقال لفرقتي الفوق شرخان وحرفا الرحل شرخان: وشرخ الشباب أوله أي والفرقة من الفتيان الذين هم شرخ الشباب، يقول شرخ الشباب عجيب للنساء.
قال الفرزدق:
رأين شروخهن مؤزرات ٍ.......وشرخ لدي أسنان الهرام
ويقال هذا شرخي وأنا شرخه أي: تربي ولدتي في السنة التي ولدت فيها: هذا قول الضبي وقال الرستمي: قال يعقوب: ثراء المال كثرته ونماؤه ويقال ثرا بنو فلان بني فلان إذا كثروهم أي: صاروا أكثر منهم، والثرى: الندى مقصور وثري المكان يثرى ثرى: ثر هذا المكان أي نده وقال جرير:
فلا توبسوا بيني وبينكم الثرى.......فإن الذي بيني وبينكم مثر
وشرخ الشباب أوله وأنشد:
إن شرخ الشباب والشعر الأسـ.......ـود ما لم يعاص كان جنونًا
وشرخ الرجل نسله وولده.
11: فدعها وسل الهم عنك بجسرةٍ.......كهمك فيها بالرداف خبيب
قال الضبي: (الجسرة): الناقة السبطة قال ابن أحمر: موضع رحلها جسر، وقال الآخر: ديار خودٍ جسرة المخدم، وقوله (كهمك) أي كما يهمك أن يكون. وقوله (فيها) أي فيها قوة على الخبب بالردف. قال الرستمي: قال يعقوب: (سل الهم) أي انسه واله عنه. و(الجسرة): الناقة الطويلة وأنشد بيت ابن أحمر وقد مر ويقال هي الجسور كهمك كإرادتك وما شئت. الخبيب: مصدر خبت تخب خببًا وخبيبًا.
12: إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي.......لكلكلها والقصريين وجيب
قال الضبي: ويروى إلى (الحارث) الحراب أي: الذي يحرب أعداءه. قال: كانوا أربعة (الحارث) الجفني و(الحارث) الأعرج و(الحارث) الأكبر و(الحارث) الأصغر فمدح بعضهم. قال ابن الكلبي: ولد الحارث بن عوف بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن عمرًا فولد عمرو أبا شمرٍ وولد أبو شمرٍ الحارث الأعرج هذا نسبه. ويقال إنه جفني وليس بجفني ولكن أمه من بني جفنة. قال الأصمعي: القصريان هما ضلعا الخلف الضلعان الصغريان المستوران في آخر الأضلاع. ويقال هما من جوانح الصدر وهي أضلاعه الصغار. و(الوجيب): اضطراب وخفقان من شدة السير.
12: وناجيةٍ أفنى ركيب ضلوعها.......وحاركها تهجر فدؤوب
قال الرستمي: قال يعقوب: (الناجية): السريعة. فيقول ركوبنا إياها في الهاجرة وإعمالنا إياها أفنى ركيب ضلوعها وهو ما ركب ضلوعها من الشحم واللحم وهو فعيل في معنى فاعل. و(الحارك): ملتقى الكتفين في مقدم السنام.
ويروى: حائرها وهو ما تحير من الشحم فيها. والدؤوب الإلحاح في السير يقال ما زال ذاك دأبه قال الله جل وعز: {قال تزرعون سبع سنين دأبًا} وقال امرؤ القيس:
كدأبك من أم الحويرث قبلها.......وجارتها أم الرباب بمأسل
أي: كعادتك وكذلك الدين والديدن وقال الضبي: (ركيب ضلوعها): سنامها.
14: وتصبح عن غب السرى وكأنها.......مولعة تخشى القنيص شبوب
قال الرستمي: قال يعقوب: (تصبح) يعني الناقة بعد أن سارت ليلتها. وكأنها بقرة من نشاطها. و(السرى) سير الليل يقال سرى وأسرى وقد جاء بهما القرآن الكريم وقال حسان بن ثابت:
حي النضيرة ربة الخدر.......أسرت إليك ولم تكن تسري
و(المولعة) البقرة في قوائمها توليع أي: نقط سود وكذلك البقر كلها، قال رؤبة:
فيها خطوط من سوادٍ وبلق.......كأنه في الجلد توليع البهق
و(القانص) والقنيص الصائد والقنيص والقنص الصيد. و(الشبوب) والمشب والشبب المسن من البقر والثيران.
وقال الضبي: غب السرى بعد السرى أراد أن السرى لا يكلها. و(المولعة): التي فيها ألوان مختلفة يعني بقرة وحشٍ وقال آخر:
كما انكشفت بلقاء تحمي فلوها.......شميط الذنابي ذات لونٍ مولع
و(الشبوب) الشابة قال: قال الأصمعي: الشبوب من البقر بمنزلة القارح من الحافر والصالغ من الظلف والبازل من الخف وهو انتهاء السن.
15: تعفق بالأرطى لها وأرادها.......رجال فبذت نبلهم وكليب
(تعفق) تثنى واستتر يعني استتر لها القناص. و(بذت) سبقت وغلبت. (والكليب) جمع كلب. قال الرستمي: قال يعقوب: ويروى: فبثت نبلهم وقال: (التعفق): اللواذ والاستتار يقال تعفقوا بالشجر إذا استتروا. (التعفق للرجال) ويروى: تعفق بالأرطى يعني البقرة أي: تلوذ بالأرطى وتطيف به. ويقال عفق الرجل إذا ذهب. و(الأرطى) شجر. يقال سقاء مأروط إذا دبغ بورق الأرطى ولحائه.
و(بذت) سبقت وفاتت ويقال بذه يبذه بذًا إذا غلبه في كل شيء ٍ. و(الكليب): جماعة الكلاب مثل عبدٍ وعبيد، ويقال رجل كلاب صاحب كلاب.
16: لتبلغني دار امرئٍ كان نائيًا.......فقد قربتني من نداك قروب
(النائي): البعيد والنأي البعد. وقد انتأى إذا بعد. و(الندى) السخاء وفلان يتندى على أصحابه.
17: إليك أبيت اللعن كان وجيفها.......بمشتبهاتٍ هولهن مهيب
هذه تحية ملوك لخمٍ وجذامٍ ومعناه أبيت أن تأتي من الأفعال ما تلعن عليه. وأما ملوك غسان فكان تحيتهم يا خير الفتيان وقد هبت الشيء فأنا هائب والشيء مهيب مثل كلت الطعام فأنا كائل والطعام مكيل و(الوجيف): ضرب من السير.
18: هداني إليك الفرقدان ولاحب.......له فوق أصواء المتان علوب
قال الضبي: (اللاحب): الطريق النهج يقال طريق ملحوب إذا كان واسعًا بينًا. و(الأصواء) جمع صوة وهي حجارة تجمع ويقال أماكن خشنة. و(المتان): ما غلظ من الأرض. و(العلوب) الآثار. يريد أن آثار الطريق في المتان. و(الفرقدان) نجمان. قال الرستمي: قال يعقوب: أي كنت أسير بالنجوم اهتدي بها. و(اللاحب): الطريق الواضح الذي قد لحبته الأقدام والحوافر أي: أثرت فيه. ويقال متن ومتنة. والصوة حجارة تجمع على ما غلظ من الأرض يهتدى بها ويقال صوىً وصوىً وقد أصوى القوم وظلوا مصوين. ويروى: فوق أجواز وهي الأوساط. ويروى فوق أعلام والاعلام الجبال.
19: بها جيف الحسرى فأما عظامها.......فبيض وأما جلدها فصليب
(الحسرى) المعيية يتركها أصحابها فتموت. وأراد (بجلدها) جلودها فأدى الواحدة عن الجنس كما قال جرير:
الواردين وتيم في ذرى سبأ.......قد عض أعناقهم جلد الجواميس
و(الصليب): الودك ومنه قول الكميت:
واحتل برك الشتاء منزله.......فبات شيخ العيال يصطلب
أي: يطبخ العظام ويأخذ ودكها ومنه قول الآخر:
جريمة ناهضٍ في رأس نيقٍ.......ترى لعظام ما جمعت صليبا
يعني عقابًا والجريم الكاسب يقال فلان جارحة أهله وجريمتهم. قال الأصمعي: ومن الصليب سمي المصلوب. قال الرستمي: قال يعقوب: الواحدة من الحسرى حسير يقال بعير حسير وناقة حسير. وعظامها يعني عظام الحسرى. وبيض يقال قد ابيضت للقدم. والصليب جلد محرم يابس وهو الذي لم يدبغ قال الجميح:
فباتت تضرب الخدين منها.......وثدييها بنعلٍ من صليب
لأنها مات زوجها، قال: والصليب في موضعٍ آخر الودك. وأنشدني في قوله وأما جلدها وهو يريد جلودها: في حلقكم عظم وقد شجينا، أراد حلوقكم: وحكى الكسائي بلغ الماء صدرهم أي: صدورهم وقال الآخر:
كأنه وجه تركيين قد غضبا.......مستهدف لطعانٍ غير تذبيب
20: تراد على دمن الحياض فإن تعف.......فإن المندى رحلة فركوب
قال الضبي: (تراد) أي تعرض على الماء من الحياض. و(دمن الحياض) ما سفت فيها الريح من بعرٍ أو ترابٍ أو قذىً. و(المندى) أن تسقى الإبل ثم تترك ترعى حول الماء لتشرب ثانية. فيقول التندية لهذه الناقة أن تركب، وذلك كقول الآخر:
إن قيل قيلوا ففوق أظهرها.......أو عرسوا فالذميل والخبب
و(الدمن): ما تدمن من الماء وذلك إذا سقط فيه الدمن وهو ما ذكرنا وجمعه دمن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم وخضراء الدمن)): قال: ((هي المرأة الحسناء في منبت السوء)).
وقد دمنوا المكان إذا أقاموا فيه. و(الحياض): جمع حوضٍ وقد احتاض الرجل حوضًا إذا اتخذه. و(تعف): تكره وعفت الشيء عيافًا أي: كرهته. وعفت الطير أعيفها عيافة إذا زجرتها.
قال الأصمعي: المندى أن ترعى قليلاً حول الماء ثم ترد للشرب ثانية وهي التندية.
وقال غيره: المندى المرعى يكون قريبًا من الماء فإذا وردت الإبل الماء فسقيت رعت ذلك المرعى ثم أعيدت إلى الماء ليكون أكثر لشربها.
فيقول يعرض عليها الماء فإن أبت فليس إلا الركوب. ويروى: ترادى بمعنى تدارى وقد داريت الرجل وسانيته وراديته وفانيته وصاديته وداليته، قال الرستمي: أنشدنا أبو يوسف:
يكاد ينسل من التصدير.......على مدالاتي والتوقير
قال: وأنشدنا بيت لبيد:
وسانيت من ذي بهجةٍ ورقيته.......عليه السموط عابسٍ متغضب
قال: وقال الآخر: كما يفاني الشموس قائدها.
21: فلا تحرمني نائلاً عن جنابةٍ.......فإني امرؤ وسط القباب غريب
(الجنابة): الغربة. قال الرستمي: قال يعقوب: (النائل) العطاء يقال نلته وأنلته: قال الشاعر:
ومن لا ينل حتى يسد خصاصه.......يجد شهوات النفس غير قليل
يقال نلته أنوله وأنلته أنيله: قال جرير:
أعذرت في طلب النوال إليكم.......لو كان من ملك النوال ينيل
ووسط القباب أي: فيها.
22: وأنت امرؤ أفضت إليك أمانتي.......وقبلك ربتني فضعت ربوب
(ربتني): ملكتني. قال الرستمي: قال يعقوب: ويروى: أفضت إليك ربابتي. أي: ملكي: قال ويقال هو امرؤ ومررت بامرئ ورأيت امرأ. وتقول هذا مرؤ ومررت بمرئ ورأيت مرأ. وأفضت إليك أمانتي أي: صارت نصيحتي لك والأمانة ههنا النصيحة. وقد أفضى القوم إذا ساروا إلى الفضاء، قال ذو الرمة: كأنها ظبية أفضى بها لبب. ويقال هذا تمر فضى إذا لم يكن في جرابٍ ولم يكن مشدودًا: قال الشاعر:
متاعهم فوضى فضىً في رحالهم.......ولا يحسنون السر إلا تناديا
وامرأة مفضاة إذا التقى مسلكاها وهي الأتوم والشريم. وقوله وقبلك ربتني فضعت أي وقبلك ملكتني أرباب من الملوك فضعت حتى صرت إليك فأدركت ما أحب عندك باتباعي إياك. والرب معناه في اللغة المالك يقال ربني فلان يربني ربًا أي: ملكني ويقال إنه لمربوب بين الربوبة أي: مملوك والعباد مربوبون أي: مملكون. وجاء في الحديث: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. أي: يملكني ويكون علي بمنزلة الرب، والربابة: السياسة.
23: فأدت بنو كعب بن عوفٍ ربيبها.......وغودر في بعض الجنود ربيب
24: فوالله لولا فارس الجون منهم.......لآبوا خزايا والإياب حبيب
قال الضبي: (الجون) فرس وفارسه الممدوح. قال الرستمي: قال يعقوب: فارس الجون يعني الحارث الملك الذي امتدحه والجون فرسه، و(الجون) في كلام العرب الأسود وقد يكون الأبيض: قال الراجز:
غير ما بنت الحليس لوني.......مر الليالي واختلاف الجون.......وسفر كان بعيد الأون
وعني (بالجون) النهار والأون الرفق يقال آن على فلانٍ أونًا فأنوا وقال آخر ووصف قصرًا مجصصًا:
وجون عليه الجص فيه مريضة.......تطلع منه النفس والموت حاضره
حبيسة ذي ألفين شيخ يرى لها.......كثير الذي يعطي قليلاً يحاقره
وقوله فيه مريضة يعني امرأةً فاترة الطرف وقوله حبيسة ذي ألفين يقول هي امرأة رجلٍ عطاؤه في كل شهرٍ ألفان ويرى لها الكثير حقيرًا من محبتها. وقوله آبوا: رجعوا و(الإياب): الرجوع يقال أبت أهلي وتأوبتهم إذا أتيتهم عند الليل والتأويب سير النهار فإذا جاء الليل نزلوا والمآبة سير يومٍ إلى الليل فإذا أتى الليل أقام يقال بيني وبينه مآبتان وثلاث مآوب أي سير ثلاثة أيام ٍ ليس فيهن ليل. فيقول لولا أنك معهم لم يدركوا ما أدركوا ولآبوا مغلوبين خزايا يحبون الإياب. والخزايا: جمع خزيان والاسم الخزاية وهو كل ما يستحيا منه قال ذو الرمة:
خزاية أدركته بعد جولته.......من جانب الحبل مخلوطًا بها غضب
ويقال خزي الرجل يخزى خزيًا إذا وقع في هلكةٍ ويقال خزاه يخزوه إذا ساسه قال الرستمي: وأنشدني يعقوب بيت ذي الإصبع العدواني:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسبٍ.......عني ولا أنت دياني فتخزوني
أي: لا أنت مالك أمري فتخزوني وقال لبيد:
غير أن لا تكذبنها في التقى.......واخزها بالبر لله الأجل
أي: سسها.
25: تقدمه حتى تغيب حجوله.......وأنت لبيض الدارعين ضروب
قال الرستمي: قال يعقوب: (تقدمه) أي: في الحرب ويقال إنه لجريء المقدم أي الإقدام ويقال فلان على مقدمة الخيل ويقال نحر فلان مقدمة إبله (حتى تغيب حجوله) أي: حتى يواريها الدم يعني قوائمه.
و(الدارعين) أصحاب الدروع. والهاء للجون. و(الحجول) ما في يديه ورجليه من البياض وهو موضع الخلاخيل. و(الحجل) الخلخال قال أوس:
أوهب منه لذي أثرٍ وسابحةٍ.......وسابحٍ ذات شمراخ ٍ وأحجال
26: مظاهر سربالي حديدٍ عليهما.......عقيلا سيوفٍ مخذم ورسوب
(المخذم) الذي يبين الضريبة والخذم القطع. و(الرسوب) الغائص في الضريبة. و(عقيلة) كل شيء خيرته.
قال الرستمي: قال يعقوب: يقال ظاهرت بين درعين أي: لبست واحدة على الأخرى. ويقال تظاهرت الأخبار إذا تتابعت وتوالت.
وعنى بالسربال ههنا الدرع والسربال: القميص ويقال قد تسربل الرجل بالسربال إذا لبسه. وقوله عليهما عقيلاً سيوفٍ فالعقيلان الكريمان والعقيلة الكريمة وعقيلة النساء أفضلهن. قال الشاعر ووصف بيض النعام:
وعقائل لا يتئبن من الفتى.......غزلاً ولا يعرضن حين يراها
أنس إذا ما جئتها ببيوتها.......شمس إذا داعي الشباب دعاها
جعلت لهن ملاحف قصيبة.......أعجلتها بالعط قبل بلاها
وكان الحارث يتقلد بسيفين وخذمت الشيء وخذمته إذا قطعته خذمًا وتخذيمًا. وخذمت الدلو إذا انقطعت عراها، ووذمت إذا انقطعت أوذامها وهي السيور التي تدخل في العرى ثم تشد إلى العراقي وهي جمع عرقوة وهي الخشبة المصلبة على الدلو: قال الراجز:
أخذمت أم وذمت أما مالها.......أم صادفت في قعرها حبالها
يصف دلوًا والرسوب الذي يرسب في ضريبته لا ينبو عنها.
27: فقاتلتهم حتى اتقوك بكبشهم.......وقد حان من شمس النهار غروب
قال الرستمي: قال يعقوب: فجالدتهم حتى اتقوك، أي: ضاربتهم يقال جلدته جلدًا إذا ضربته فهو مجلود، والمجلود أيضًا الذي أصابه الجليد وهو الصقيع (وقال الأرزني: والضريب والجليت بلغة هذيل): والمجلد النعل التي تلتدم بها النائحة: قال العبدي:
نوح ابنة الجون على هالكٍ.......تندبه رافعة المجلد
ورجل جلد وجليد إذا كان شديدًا والجلد المكان الغليظ المرتفع، والجلد أيضًا جلد حوارٍ يحشى ثمامًا وتبنًا ثم تعطف عليه الناقة فترأمه: قال العجاج:
وقد أراني للغواني مصيدا.......ملاوة كأن فوقي جلدا
يقول النساء يرأمنني أي يعطفن علي والمجلد العدل العظيم خمس مائة رطل وستمائة، قال الراجز ووصف ناقة:
كأنها وفوقها المجلد.......وقربة غرفية ومزود
وقوله اتقوك بكبشهم جعلوه بينك وبينهم وقد اتقاه بحقه يتقيه وتقاه يتقيه: قال خداش بن زهير:
تقوه أيها الفتيان إني.......رأيت الله قد غلب الجدودا
وقال أوس بن حجر:
تقاك بكعبٍ واحدٍ وتلذه.......يداك إذا ما هز بالكف يعسل
وقال آخر:
ولا أتقي الغيور إذا رآني.......ومثلي لز بالحمس الربيس
ويروى: حتى اتقوك بخيرهم، أي: بملكهم ورأسهم، يعني المنذر بن ماء السماء وهو أخو النعمان قتله الحارث في هذا اليوم وهو يوم عين أباغ، يقال أباغ وإباغ. فيقول قاتلتهم حتى أسلموه إليك وخذلوه.
29: تخشخش أبدان الحديد عليهم.......كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
29: وقاتل من غسان أهل حفاظها.......وهنب وقاس جالدت وشبيب
قال الرستمي: قال يعقوب: ويروى: وجالد من غسان أهل حفاظها، وهو اسم نهرٍ فمن شرب منه فهو غساني ومن لم يشرب منه فليس بغساني. قال حسان: الأزد نسبتنا والماء غسان، وهؤلاء كلهم قبائل اليمن. ويروى: وخاتل من غسان ويقال هؤلاء كلهم من قبائل اليمن وهي قبائل من بهراء بن الحاف بن قضاعة.
30: كأن رجال الأوس تحت لبانه.......وما جمعت جل معًا وعتيب
قال الضبي: (عتيب) حي من جذام سبتهم بنو شيبان. وقوله (تحت لبانه) أي لبان فرسه لأنه الرئيس فهم يحفون به.
قال أبو عبيدة: عتيب بن جذام سبتهم بنو شيبان، قال الرستمي: قال يعقوب: جل وعتيب من غسان ويقال جل من قضاعة وعتيب من جذام وهي حلفاء لبني شيبان. و(الأوس) كلهم ممن كان في دين الحارث بن أبي شمر أي في طاعته وملكه.
31: رغا فوقهم سقب السماء فداحض.......بشكته لم يستلب وسليب
قال الضبي: أي (سقب) ناقة صالح صلى الله عليه وسلم شبه ما أصابهم بما أصاب قوم صالح. و(الداحض) الذي يدفع برجليه. وقوله (بشكته) أي وعليه سلاحه مثل قولهم: صلى في سيفه وخفه، و(الشكة) السلاح. قال الرستمي: قال يعقوب: ضرب ثمود لهم مثلاً أي هلكوا أي نزل بهم من الشؤم ما نزل بأولئك و(الداحض): الزالق والدحض: الزلق ومعناه زل فسقط. وقوله (بشكته) أي: وعليه شكته ومع شكته. ومثله: فتعرككم عرك الرحا بثفالها. والشكة السلاح يقال رجل شاك في السلاح إذا دخل فيه ورجل شاكي السلاح وشاك وأصله شائك أي: سلاحه ذو شوكة، قال الأعشى:
وجيادًا كأنها قضب الشوحط.......تعدو بشكة الأبطال
الشوحط والنبع جنس واحد فالجبلي منه نبع والسهلي منه شوحط ويقال هما جنسان مختلفان.
32: كأنهم صابت عليهم سحابة.......صواعقها لطيرهن دبيب
قال الضبي: (صابت) مطرت والصوب المطر. يقول لطير هذه الصواعق خرق من الفزع لا تستطيع أن تنهض فتطير من الفزع. قال الرستمي: قال يعقوب: صابت تدلت وأمطرت والصيب: ما نزل من المطر ويقال صابت السماء تصوب صوبًا وأصاب بمعنى أراد وقصد. وقوله (لطيرهن دبيب) يقول أصابتها الصواعق فلم تقدر على الطيران من الفزع فدبت تطلب النجاء. ويقال إن معناه ما أفلت من هذه الطير فلم تقتله الصواعق دب دبيبًا لا يقدر على الطيران. ويقال صاعقة وصاقعة وهي الصواعق والصواقع.
33: فلم ينج إلا شطبة بلجامها.......وإلا طمر كالقناة نجيب
قال الضبي: (الشطبة) الطويلة. و(الطمر) الخفيف: يقال هو الشديد الوثب والطمر الوثب. قال الرستمي: قال يعقوب: ويروى: شطبة بالكسر. (ولم ينج) أي: لم يفلت. وقوله (بلجامها) أي هي ملجمة. ويقال وقع الرجل من طمار ومن طمار أي من مكان مرتفع.
وأنشد:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري.......إلى هانئ في السوق وابن عقيل
إلى بطلٍ قد خدد السيف لحمه.......وآخر يهوي من طمار قتيل
ومن طمار. وقوله (كالقناة) أي هو في ضمره وصلابته كالقناة.
34: وإلا كمي ذو حفاظٍ كأنه.......بما ابتل من حد الظبات خضيب
قال الضبي: (من حد الظبات) أي من حد الأسنة. قال الرستمي: قال يعقوب: ويروى: وإلا مجالد كأن يمينه * بما ابتل. ويروى: وإلا أخو حرب كأن يمينه. المجالد المضارب. وقوله (بما ابتل من حد الظبات) يقول احمرت يمينه من الدم فكأنه مخضوب. ويقال بللت الشيء أبله بلا إذا رطبته ونديته ويقال اطو سقاءك على بللته وبللته أي اطوه وفيه بعض النداوة. وأنشد:
ولقد طويتكم على بللاتكم.......وعلمت ما فيكم من الأذراب
الأذراب: جمع ذرب وهو الفساد وقال الآخر:
طوت ليوم الخمس أسقياتها.......غابر ما فيها على بلاتها
والظبة طرف السيف وحده. وقال أحمد بن عبيد: طرف السيف ذبابه وما دون الطرف الظبة وشفرتاه حداه وغراره وسطه الذي ترى فيه كأرجل النمل وذلك فرنده فمن السيوف ما فتق غراره ومنها ما لم يفتق.
35: وأنت الذي آثاره في عدوه.......من البؤس والنعمى لهن ندوب
36: وفي كل حيٍ قد خبطت بنعمةٍ.......فحق لشأسٍ من نداك ذنوب
قال الضبي: (شأس) أخو علقمة. و(الذنوب): النصيب. قال: وقال أبو عبيدة: فلما سمع الحارث قوله: فحق لشأسٍ من نداك ذنوب، قال وأذنبة وأذنبة، ثم أمر بإطلاق شأسٍ وجميع أسرى بني تميم. فقال علقمة للحارث: لا تخرج أسارى بني تميم حتى أدخل إليهم. فلما دخل قال لهم: إني قد استوهبتكم من الملك فوهبكم لي وهو كاسيكم وواهب لكم فإن أعطيتموني ما يعطيكم من كسوة وهبة أخرجتكم وإلا تركتكم.
فضمنوا له ما سأل فلما أخرجهم أخذ ما معهم وأطلقهم. قال الرستمي: قال يعقوب: شأس أخو علقمة ويقال ابن أخيه وكان أسر يومئذٍ فأتاه يطلب فيه.
قال أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء: فلما انتهى إلى قوله: فحق لشأسٍ من نداك ذنوب، قال: نعم وأذنبة. ثم قال له: اختر بين الحباء الجزيل وبين أسارى بني تميم.
فقال له علقمة: عرضتني لألسن بني تميم دعني يومي هذا لأنظر في أمري، فأتاهم فأخبرهم فقالوا له: ويلك أتدعنا وتسير؟ قال: فإن الملك سيكسوكم ويحملكم ويزودكم فإذا وصلتم إلى الحي فإن الحملان والكسوة وبقية الزاد لي فأجابوه إلى ذلك فأطلقهم الملك.
37: وما مثله في الناس إلا أسيره.......مدانٍ ولا دانٍ لذاك قريب
قال الضبي: يقول ليس أحد يدانيه في عزٍ إلا أسيره يريد أنه لا يذل أسيره ولا يهينه ولكنه يشرفه ويعزه.
[شرح المفضليات: 762-786]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
119, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir