دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > علوم الحديث الشريف > مقدمة ابن الصلاح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الأولى 1431هـ/4-05-2010م, 06:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع الثلاثون والحادي والثلاثون والثاني والثلاثون والثالث والثلاثون: المشهور والغريب والعزيز والمسلسل

النّوع الموفّي ثلاثين

معرفة المشهور من الحديث

ومعنى الشّهرة مفهومٌ، وهو منقسمٌ إلى: صحيحٍ، كقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّما الأعمال بالنّيّات". وأمثاله.

وإلى غير صحيحٍ: كحديث: " طلب العلم فريضةٌ على كلٍّ مسلمٍ".

وكما بلغنا عن أحمد بن حنبلٍ رضي اللّه عنه أنّه قال: " أربعة أحاديث تدور عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في الأسواق ليس لها أصلٌ: " من بشّرني بخروج آذار بشّرته بالجنّة "، و " من آذى ذمّيًّا فأنا خصمه يوم القيامة "،

و " يوم نحركم يوم صومكم "، و " للسّائل حقٌّ وإن جاء على فرسٍ".

وينقسم من وجهٍ آخر إلى: ما هو مشهورٌ بين أهل الحديث وغيرهم، كقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". وأشباهه.

وإلى ما هو مشهورٌ بين أهل الحديث خاصّةً دون غيرهم، كالّذي روّيناه عن محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي مجلزٍ، عن أنسٍ: " أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -

قنت شهرًا بعد الرّكوع، يدعو على رعلٍ، وذكوان".

فهذا مشهورٌ بين أهل الحديث، مخرّجٌ في الصّحيح، وله رواةٌ عن أنسٍ غير أبي مجلزٍ، ورواه عن أبي مجلزٍ غير التّيميّ، ورواه عن التّيميّ غير الأنصاريّ، ولا يعلم ذلك إلّا أهل الصّنعة. وأمّا غيرهم فقد يستغربونه من حيث: إنّ التّيميّ يروي عن أنسٍ، وهو هاهنا يروي عن واحدٍ، عن أنسٍ.

ومن المشهور: المتواتر الّذي يذكره أهل الفقه وأصوله، وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاصّ المشعر بمعناه الخاصّ، وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره، ففي كلامه ما يشعر بأنّه اتّبع فيه غير أهل الحديث، ولعلّ ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم، ولا يكاد يوجد في رواياتهم، فإنّه عبارةٌ عن الخبر الّذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورةً، ولا بدّ في إسناده من استمرار هذا الشّرط في رواته من أوّله إلى منتهاه.

ومن سئل عن إبراز مثالٍ لذلك فيما يروى من الحديث أعياه تطلّبه.

وحديث: " إنّما الأعمال بالنّيّات " ليس من ذلك بسبيلٍ، وإن نقله عدد التّواتر، وزيادةٌ ; لأنّ ذلك طرأ عليه في وسط إسناده، ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره.

نعم حديث " من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النّار " نراه مثالًا لذلك، فإنّه نقله من الصّحابة - رضي اللّه عنهم - العدد الجمّ، وهو في الصّحيحين مرويٌّ عن جماعةٍ منهم.

وذكر أبو بكرٍ البزّار الحافظ الجليل في مسنده أنّه رواه عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - نحوٌ من أربعين رجلًا من الصّحابة.

وذكر بعض الحفّاظ " أنّه رواه عنه - صلّى اللّه عليه وسلّم - اثنان وستّون نفسًا من الصّحابة، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنّة".

قال: وليس في الدّنيا حديثٌ اجتمع على روايته العشرة غيره، ولا يعرف حديثٌ يروى عن أكثر من ستّين نفسًا من الصّحابة عن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - إلّا هذا الحديث الواحد.

قلت: وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد، وفي بعض ذلك عدد التّواتر، ثمّ لم يزل عدد رواته في ازديادٍ، وهلمّ جرًّا على التّوالي والاستمرار، واللّه أعلم.

النّوع الحادي والثّلاثون

معرفة الغريب والعزيز من الحديث

روّينا عن أبي عبد اللّه بن منده الحافظ الأصبهانيّ أنّه قال: " الغريب من الحديث كحديث الزّهريّ وقتادة وأشباههما من الأئمّة ممّن يجمع حديثهم، إذا انفرد الرّجل عنهم بالحديث يسمّى غريبًا، فإذا روى عنهم رجلان وثلاثةٌ، واشتركوا في حديثٍ يسمّى عزيزًا، فإذا روى الجماعة عنهم حديثًا سمّي مشهورًا".

قلت: الحديث الّذي يتفرّد به بعض الرّواة يوصف بالغريب، وكذلك الحديث الّذي يتفرّد فيه بعضهم بأمرٍ لا يذكره فيه غيره: إمّا في متنه، وإمّا في إسناده، وليس كلّ ما يعدّ من أنواع الأفراد معدودًا من أنواع الغريب، كما في الأفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه.

ثمّ إنّ الغريب ينقسم إلى صحيحٍ، كالأفراد المخرّجة في الصّحيح، وإلى غير صحيحٍ، وذلك هو الغالب على الغريب.

روّينا عن أحمد بن حنبلٍ - رضي اللّه عنه - أنّه قال غير مرّةٍ: " لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب، فإنّها مناكير، وعامّتها عن الضّعفاء".

وينقسم الغريب أيضًا من وجهٍ آخر:

فمنه ما هو (غريبٌ متنًا وإسنادًا) وهو الحديث الّذي تفرّد برواية متنه راوٍ واحدٌ.

ومنه ما هو (غريبٌ إسنادًا لا متنًا) كالحديث الّذي متنه معروفٌ مرويٌّ عن جماعةٍ من الصّحابة، إذا تفرّد بعضهم بروايته عن صحابيٍّ آخر كان غريبًا من ذلك الوجه مع أنّ متنه غير غريبٍ.

ومن ذلك غرائب الشّيوخ في أسانيد المتون الصّحيحة، وهذا الّذي يقول فيه التّرمذيّ: " غريبٌ من هذا الوجه".

ولا أرى هذا النّوع ينعكس، فلا يوجد إذًا ما هو غريبٌ متنًا وليس غريبًا إسنادًا، إلّا إذا اشتهر الحديث الفرد عمّن تفرّد به، فرواه عنه عددٌ كثيرون، فإنّه يصير غريبًا مشهورًا، وغريبًا متنًا وغير غريبٍ إسنادًا، لكن بالنّظر إلى أحد طرفي الإسناد، فإنّ إسناده متّصفٌ بالغرابة في طرفه الأوّل، متّصفٌ بالشّهرة في طرفه الآخر، كحديث: " إنّما الأعمال بالنّيّات " وكسائر الغرائب الّتي اشتملت

عليها التّصانيف المشتهرة، واللّه أعلم

النّوع الثّاني والثّلاثون: معرفة غريب الحديث

وهو عبارةٌ عمّا وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم، لقلّة استعمالها.

هذا فنٌّ مهمٌّ، يقبح جهله بأهل الحديث خاصّةً، ثمّ بأهل العلم عامّةً، والخوض فيه ليس بالهيّن، والخائض فيه حقيقٌ بالتّحرّي جديرٌ بالتّوقّي.

روّينا عن الميمونيّ قال:... سئل أحمد بن حنبلٍ عن حرفٍ من غريب الحديث، فقال: " سلوا أصحاب الغريب، فإنّي أكره أن أتكلّم في قول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - بالظّنّ فسأخطئ"....

وبلغنا عن التّاريخيّ محمّد بن عبد الملك قال:... حدّثني أبو قلابة عبد الملك بن محمّدٍ قال: قلت للأصمعيّ: يا أبا سعيدٍ، ما معنى قول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " الجار أحقّ بسقبه "؟ فقال: أنا لا أفسّر حديث رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ولكنّ العرب تزعم أنّ السّقب اللّزيق....

ثمّ إنّ غير واحدٍ من العلماء صنّفوا في ذلك فأحسنوا، وروّينا عن الحاكم أبي عبد اللّه الحافظ قال: " أوّل من صنّف الغريب في الإسلام النّضر بن شميلٍ "، ومنهم من خالفه فقال: " أوّل من صنّف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنّى "، وكتاباهما صغيران.

وصنّف بعد ذلك أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ كتابه المشهور، فجمع وأجاد واستقصى، فوقع من أهل العلم بموقعٍ جليلٍ، وصار قدوةً في هذا الشّأن.

ثمّ تتبّع القتيبيّ ما فات أبا عبيدٍ، فوضع فيه كتابه المشهور.

ثمّ تتبّع أبو سليمان الخطّابيّ ما فاتهما، فوضع في ذلك كتابه المشهور.

فهذه الكتب الثّلاثة أمّهات الكتب المؤلّفة في ذلك، ووراءها مجامع تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثيرةٍ، ولا ينبغي أن يقلّد منها إلّا ما كان مصنّفوها أئمّةً جلّةً.

وأقوى ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث: أن يظفر به مفسّرًا في بعض روايات الحديث، نحو ما روي في حديث ابن صيّادٍ أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال له: " قد خبّأت لك خبيئًا، فما هو؟. قال: الدّخّ".

فهذا خفي معناه وأعضل، وفسّره قومٌ بما لا يصحّ.

وفي معرفة علوم الحديث للحاكم أنّه الدّخّ بمعنى الزّخّ الّذي هو الجماع، وهذا تخليطٌ فاحشٌ يغيظ العالم والمؤمن.

وإنّما معنى الحديث أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال له: قد أضمرت لك ضميرًا، فما هو؟ فقال: الدّخّ، بضمّ الدّال، يعني الدّخان، والدّخّ هو الدّخان في لغةٍ، إذ في بعض روايات الحديث ما نصّه: ثمّ قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّي قد خبّأت لك خبيئًا وخبّأ له: يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ".

فقال ابن صيّادٍ: هو الدّخّ، فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " اخسأ، فلن تعدو قدرك "، وهذا ثابتٌ صحيحٌ، خرّجه التّرمذيّ وغيره. فأدرك ابن صيّادٍ من ذلك هذه الكلمة فحسب، على عادة الكهّان في اختطاف بعض الشّيء من الشّياطين، من غير وقوفٍ

على تمام البيان. ولهذا قال له: " اخسأ، فلن تعدو قدرك " أي فلا مزيد لك على قدر إدراك الكهّان، واللّه أعلم.

النّوع الثّالث والثّلاثون: معرفة المسلسل من الحديث التّسلسل من نعوت الأسانيد، وهو عبارةٌ عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه، واحدًا بعد واحدٍ، على صفةٍ أو حالةٍ واحدةٍ.

وينقسم ذلك إلى ما يكون صفةً للرّواية والتّحمّل، وإلى ما يكون صفةً للرّواة أو حالةً لهم.

ثمّ إنّ صفاتهم في ذلك وأحوالهم - أقوالًا وأفعالًا ونحو ذلك - تنقسم إلى ما لا نحصيه.

ونوّعه الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ إلى ثمانية أنواعٍ، والّذي ذكره فيها إنّما هو صورٌ وأمثلةٌ ثمانيةٌ، ولا انحصار لذلك في ثمانيةٍ كما ذكرناه.

ومثال ما يكون صفةً للرّواية والتّحمّل ما يتسلسل بـ (سمعت فلانًا قال: سمعت فلانًا) إلى آخر الإسناد، أو يتسلسل بـ (حدّثنا) أو (أخبرنا) إلى آخره، ومن ذلك " أخبرنا واللّه فلانٌ قال: أخبرنا واللّه فلانٌ " إلى آخره.

ومثال ما يرجع إلى صفات الرّواة وأقوالهم ونحوها إسناد حديث: " اللّهمّ أعنّي على شكرك وذكرك وحسن عبادتك " المتسلسل بقولهم: إنّي أحبّك، فقل، وحديث التّشبيك باليد، وحديث العدّ في اليد، في أشباهٍ لذلك نرويها وتروى كثيرةً.

وخيرها ما كان فيه دلالةٌ على اتّصال السّماع وعدم التّدليس.

ومن فضيلة التّسلسل اشتماله على مزيد الضّبط من الرّواة، وقلّما تسلم المسلسلات من ضعفٍ، أعني في وصف التّسلسل لا في أصل المتن.

ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده، وذلك نقصٌ فيه، وهو كالمسلسل بأوّل حديثٍ سمعته على ما هو الصّحيح في ذلك، واللّه أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثلاثون, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:13 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir