دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع السابع والعشرون: في التوشيح، النوع الثامن والعشرون: في الأخذ والسرقة، النوع التاسع والعشرون: في المعاظلة


النوع السابع والعشرون: في التوشيح
وهو جعل القصيدة متضمنة لبحرين وقافيتين، فيكون الزائد من آخر البحرين على الآخر، كالوشاح له، كقول القائل:
اسلم ودمت على الحوادث ما رسا = ركنا ثبير أو هضاب حراء
ونل المراد ممكنًا منه على = رغم الدهور وفز بطول بقاء
وكقول الحريري:
[الإكسير في علم التفسير: 315]
يا خاطب الدنيا الدنية إنها = شرك الردى وقرارة الأكدار
دار متى ما أضحكت في يومها = أبكت غدًا، بعدًا لها من دار
إلى آخرها.
وقد رأيت شعرًا تتضمن القصيدة منه عشرة أبحر وأكثر.
ومما يسمى توشيحًا أن يضاف إلى البيت ثلاثة مصاريع فيصير مخمسًا، كقول القائل:
فإن أدركتها فهي الأماني = وإن فاتت فداك عذير حالي
فوشحه بعضهم فقال:
سأطرح التعلل والتواني = ولا أصغي إلى غر لحاني
وأطلق في طلابتها عناني = فإن أدركتها ... ... ...
إلى آخر البيت الأول:
وقد وشحت مقصورة ابن دريد.
ولامية العجم التي أولها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل
وقصيدة ابن سيناء في الروح التي أولها:
هبطت إليك من المحل الأرفع
وكثير من الأشعار المشهورة هكذا، والله أعلم.
[الإكسير في علم التفسير: 316]
النوع الثامن والعشرون: في الأخذ والسرقة
واعلم أن المؤلف نظمًا ونثرًا، إن أتى بمعنى لم يسبق إليه، فليس من هذا الباب.
وإن سبق إليه، فإن أتى بعين لفظ السابق، فهو النسخ، ما لم يكن تضمينًا، مأخوذ من نسخ الكتاب إذا نقله على هيئته.
وإن غير لفظه، فإن أبرزه في معرض جميل، وهيئة حسنة تساوي الأول، أو تزيد عليه، فهو السلخ، لأنه أخذ بعض الشيء المسلوخ.
وإن أبرزه في معرض رديء، وهيئة قبيحة، فهو المسخ.
أما القبيح فله صور:
إحداهن: أن يتصرف الثاني في كلام الأول بتغيير هيئته: بتقديم أو تأخير.
الثانية: أن يتصرف فيه بحذف بعضه.
الثالثة: أن يأتي به بعينه من غير تصرف أصلاً، كقول امرئ القيس:
وقوفًا بها صاحبي على مطيهم = يقولون لا تهلك أسى وتجمل
وقال طرفة بن العبد ذلك بعينه، إلا أنه قال: وتجلد.
وكما حكي أن ابن ميادة أنشد:
كريم ومتلاف إذا ما سألته = تهلل واهتز اهتزاز المهند
فقيل له: أين تذهب؟ إنما هذا شعر فلان، يعني شاعرًا مذكورًا أظنه
[الإكسير في علم التفسير: 317]
الشماخ، فقال: الله أكبر، الآن علمت أني شاعر، حيث وافقت فلانًا، والله ما نمي قوله إلى علمي حتى الساعة.
وقد روي لأبي تمام والبحتري جميعًا:
والمرء يشرق بالزلال البارد
قال ابن الأثير وهذا وأمثاله لنا فيه الظاهر، وإن الثاني أخذه من الأول فيلزمه العيب.
قلت: وهذا من حيث التحقيق يحتاج إلى تفصيل، وهو: أن الثاني إن كان فاضلاً يصدر منه ذلك الكلام عن مثله، نسب إلى فضيلته وداريته، وجعل من باب توارد الخواطر، وتواقع الحافر، وإلا نسب إلى السرقة ولزمه العيب.
وأما من حيث الفقه فيحتمل الخلاف مطلقًا، لتعارض الأصلين، أما لزوم العيب فلأن الأصل عدم السرقة، فالظاهر التوارد. والله أعلم.
وأما السلخ: فهو أخذ المعنى دون اللفظ فلا عيب فيه، إذ لا يستغني الثاني من استعارة المعاني ممن تقدمه، وقد قال علي رضي الله عنه: (لولا أن الكلام يعاد لنفد). ولأن المعاني مشتركة، وإنما التفاضل في جودة الصناعة اللفظية، وحسن السبك، كما قال بعضهم: (أبو عذر الكلام من سبك لفظه على معناه).
وبالجملة فاستعارة المعاني وتداولها إجماع من العالم، لكن ينبغي للثاني مراعاة ما قدمنا ذكره: من إبراز المعاني المستعارة في تركيب بديع، ومنظر أنيق، وبيان في رخاوة إن أمكن، وهو ضربان:
[الإكسير في علم التفسير: 318]
الضرب الأول: أن يزيد الثاني على الأول شيئًا
فمن أمثلة ذلك قول العرب: (القتل أنفى للقتل) فجاء القرآن بقوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة}، وهو أحسن وأبدع، لأنه أخصر في الحروف، وأعدل في المخارج، وهو عري عن التكرار، وفيه ذكر القصاص المشعر بالتساوي والعدل، والدلالة على حصول الغرض، إذ ليس كل قتل ينفي القتل، بل ما كان قصاصًا.
أما العدوان، فإنه يوقع الهرج، ويكثر القتل، ثم نظم الشاعر هذه المعاني فقال:
بسفك الدما يا جارتي تحقن الدما = وبالقتل تنجو كل نفس من القتل
ثم قال الآخر:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى = حتى يراق على جوانبه الدم
ومنها قول بعض العرب:
وحي ذوي الأضغان تسب عقولهم = تحية ذي الحسنى وقد يرفع النغل
وإن دحسوا بالقول فاعف تكرمًا = وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل
فإن الذي يؤذيك منه سماعه = وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
[الإكسير في علم التفسير: 319]
فجاء القرآن بقوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} وهو أخصر حروفًا وأحسن تركيبًا وطباقًا.
واعلم أن جعلنا القرآن في هذين المثالين ثانيًا لكلام العرب، إنما هو باعتبار النزول، وأما باعتبار الوجود فالقرآن قبل العرب فضلاً عن كلامهم.
ومنها قول النابغة:
إذا ما غزا بالجيش ... ... ...
البيتين المذكورين في باب الإفراط، أخذ الأفواه معناهما فقال:
وترى الطير على آثرنا = رأي عين ثقة أن ستمار
وهو أخصر وأحسن، وبمثل هذا يصير الثاني أحق بالمعنى الأول.
ومنها قول بشار:
من راقب الناس لم يظفر بحاجته = وفاز بالطيبات الفاتك اللهج
[الإكسير في علم التفسير: 320]
فقال سلم الخاسر:
من راقب الناس مات همًا = وفاز باللذة الجسور
فلما سمع به بشار قال: (ذهب به ابن الفاعلة).
ومنها قول أبي العتاهية:
كم نعمة لا تستقل بشكرها = لله في طي المكاره كامنه
فأخذه أبو تمام فقال:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت = ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
فأتى بالمعنى وعكسه.
ومنها قوله أيضًا:
فإن لم يجد في قسمة العمر حيلة = وجاز له الإعطاء من حسناته
لجاد بها من غير شرك بربه = وأشركهم في صومه وصلاته.
فقال المتنبي:
فلو يممتهم في الحشر تجدو = لأعطوك الذي صلوا وصاموا
[الإكسير في علم التفسير: 321]
وهو أبسط لفظًا وأوجز معنى.
ومنها قول بعضهم نثرًا: (أحق من أثبت لك العذر في حال شغلك من لم يخل ساعة من برك وقت فراغك).
فأخذه آخر بعده فقال: (في شكر ما تقدم من إحسانك شاغل عن استبطاء ما تأخر منه). فزاد في المعنى وأوجز في اللفظ، ثم قال أبو نواس:
لا تسدين إلي عارفة = حتى أقوم بشكر ما سلفا
وهو أبدع وأحسن.
تنبيه:
لما كان الإنسان ناقصًا في نفسه لا يستغني بذاته، دعت حاجته إلى مساعد ومعاضد على انتظام أموره، وبلوغ أغراضه، ومن لوازم ذلك إعلام ما في ضمير غيره، فاقتضت حكمة الخالق سبحانه وتعالى وضع ما يعلم ويستعلم ذلك به فوضع له الآلة النطقية، لأنها أسهل ما يمكن من الموضوعات لذلك من عقد أو إشارة أو كتابة، فقد علم من هذا أن أصل وضع هذه الآلة لأجل الضرورة، وما ثبت بالضرورة تعدد بقدرها، لاستلزام انقطاع العلة بانقطاع معلولها، وهذا يقتضي أمرين:
أحدهما: أنه حيث أمكنت الإفادة التامة بدون الكلام كان أولى، ولهذا نفت المعتزلة كلام الله تعالى أصلاً، لأنهم قالوا: فائدة الكلام إخبار المكلفين بما يحتاجون إليه في التكليف، وهو ممكن لله تعالى بدون الكلام، بأن يخلق فيهم العلم بذلك، أو يخلق كلامًا في محل ما يعلمون ذلك به، وحينئذ إثبات الكلام له مع جواز الاستغناء عنه عنت، وموضع الرد عليهم غير هاهنا.
[الإكسير في علم التفسير: 322]
والثاني: أنه متى أمكن الإفهام بلفظ أوجز كان أولى وأحسن، وهذا معنى قولهم: (خير الكلام ما قل ودل). ولهذا قال النحاة: (لا يجوز الإتيان بالضمير المنفصل مع العدل على المتصل إلا لضرورة كقوله:
إليك حتى بلغت إياكا
وقوله:
................. قد ضمنت = إياهم الأرض.............. البيت
ولذلك افتخر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارًا)).
فحصل من هذا أن اللفظ ومعناه: إما وجيزان أو بسيطان.
أو اللفظ وجيز فقط، أو بالعكس.
فالأول: التقدير.
والثاني: الإطناب.
والثالث: الإيجاز بالقصر.
والرابع: التطويل.
وقد سبقت أحكامها في باب الإطناب.
[الإكسير في علم التفسير: 323]
الضرب الثاني: أن يستويا
كقول بشار:
يسقط الطير حيث يلتقط الحب = وتغشى منازل الكرماء
فقال الآخر بعده:
يزدحم الناس على بابه = والمنهل العذب كثير الزحام
وكقول الآخر:
ما أنت إلا كلحم ميت = دعا إلى أكله اضطرار.
فقال الآخر بعده:
وإن بقوم سودوك لحاجة = إلى سيد لو يظفرون بسيد
ومن أحسن ما وقع في هذا الباب من تناول جماعة معنى بعضهم عن بعض قول الأعشى:
وكأس شربت على لذة = وأخرى تداويت منها بها
ثم قال قيس بن الملوح:
تداويت من ليلى بليلى عن الهوى = كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
[الإكسير في علم التفسير: 324]
ثم أخذه أبو نواس فقال:
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء = وداوني بالتي كانت هي الداء
فأتى بالمعنى على لفظ أخصر، ثم أخذه ابن مقرب البحراني، فقال:
وداو نفسك من داء الهموم بها = فما سوى موتة بالكأس نحييها
والله أعلم.
وأما المسخ: ومثاله ما سبق من قول الشريف الرضي:
أحن إلى ما تضمر الخمر والحلى = وأصدف عما في ضمان المآزر
فنسخه أبو الطيب بقوله:
إني على شغفي بما في خمرها = لأعف عما في سراويلاتها
فإن قلت: فضربك أنت في كتاب ابن الأثير من أي هذه الأقسام؟
قلت: هو سلخ، وأنت إذا نظرت بعين الإنصاف، علمت ذلك، والله أعلم.

خاتمة:
اختلف أهل الحديث في روايته بالمعنى، والجمهور على جوازها بشروطها، وعلى القولين، فالمسخ والسلخ مما يتواردان في تصنيفه على ترتيب التصانيف، لا على سند
[الإكسير في علم التفسير: 325]
الحديث، ولا متنه، مثل: أن تأخذ كتابًا مرتبًا على تراجم الرواة كمسند أحمد، وإسحاق، أو على طبقاتهم، فرتبه على حروف المعجم، باعتبار الرواة، كجامع المسانيد، ومختصر الحميدي لابن الحنبلي الدمشقي، أو باعتبار المتون، كمشارق الأنوار للتعالي، أو على أبواب الفقه، ككتب الأحكام، والله أعلم.

النوع التاسع والعشرون: في المعاظلة
وهي تداخل معاني الكلام وتراكيبها، والتقديم والتأخير المذموم كما سبق في بابه من قول الفرزدق:
وما مثله في الناس....... البيت
وكما تقدم في القسمة المتداخلة.
واشتقاقها من تعاظلت الجرادتان: إذا ركبت إحداهما الأخرى، وهي قبيحة يجب اجتنابها. ووصف عمر رضي الله عنه زهير بن أبي سلمى فقال: (كان لا يعاظل بين الكلام).
فهذا آخر الأنواع المعنوية.
لكن ذكر ابن سنان نوعًا آخر:
وهو: أن لا يستعمل المؤلف -ناظمًا أو ناثرًا- ألفاظ المتكلمين والنحاة والمهندسين ونحو ذلك، لأن المتكلم في علم، ينبغي أن يستعمل ألفاظ ذلك العلم، واصطلاح أهله، ومثل ذلك قول أبي تمام:
مودة ذهب أثمارها شبه = وهمة جوهر معروفها عرض
[الإكسير في علم التفسير: 326]
وقوله أيضًا:
خرقاء يلعب بالعقول حبابها = كتلعب الأفعال بالأسماء
وهذا ضعيف جدًا، لأن المتكلم إذا جمع في كلامه بين ألفاظ أهل الفنون والصناعات واصطلاحاتهم، كان ذلك أدل على فضله، وغزارة علمه، وأجدر بتوفر الدواعي على سماع كلامه، واستكتابه، واشتهاره، لأنه يصير كالطعام الجامع ألوانًا، فالنفوس إليه أميل منها إلى اللون الواحد، كمقامات الحريري حيث جمعت أنواع الأدب، ونفائس الطرف والعجب، وككتاب شرح السنة حيث جمع بين صحيح المنقول وصريح المعقول من الفروع والأصول، وغريب الحديث، ونحوه من الفوائد، وككتاب المحصل حيث جمع فيه بين تقرير مذهب المتكلمين والفلاسفة، ولذلك كثر شراحه، والمشتغلون به، والانتفاع منه وذكرنا هذه الأمثلة من قبيل ما نحن بصدد نصرته، والله أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السابع, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir