دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع الرابع عشر: في المبادئ والافتتاحات، النوع الخامس عشر: في خذلان المخاطب


النوع الرابع عشر: في المبادئ والافتتاحات
وأعلى مراتب هذا النوع وأحسنها، تضمين الكلام، نظمًا أو نثرًا، المعنى المقصود به، كما يفعله الشيخ أبو لفرج ابن الجوزي في خطب كتبه، وكما حكي: أن ناقة على عهد المأمون ولدت شخص آدمي، فأمر بعض كتابه أن يكتب بذلك إلى البلاد فكتب: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام، وذلك لأن افتتاح الكلام أول ما يقرع السمع، فإذا كان حسنًا، توفرت الدواعي على سماع تمامه، وإلا أحجمت ومجته الأسماع، ولا يقع منها موقعًا، ولا يجد في النفوس موضعًا.
وقد افتتح الله تعالى بعض سور كتابه بالحروف المقطعة، ليقرع أسماع الكفار شيء بديع لم يعتادوه، فينصتوا لما بعده، فينبغي للشاعر إن كان مادحًا أن يفتتح شعره إما بنفس المدح كقوله:
[الإكسير في علم التفسير: 253]
صعود العلا إلا عليك حرام
وقوله:
بنانك من مغدودق المزن أهطل
أو شيء من الحكمة، نحو:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
أو يتغزل إما بأسماء الأماكن الرائعة، كالغوير، والعقيق، وزرود.
أو بأسماء النساء، نحو: سعاد وأمامة وزينب، إلا أن يكون في اللفظ استكراه كقدور التي تغزل بها الأخطل، فعيب عليه ذكرها، لاشتقاق لفظه من القدر، وإن كان إنما سميت بذلك لتجنبها الأقدار، نعم، وإن كان الشاعر متعتبًا على زمانه أو شاكيًا إلى ممدوحه منه، جاز إظهار التعتب والتضجر، كقول البحراني:
أفي كل يوم للخطوب أصالي = ألا ما لأحداث الزمان ومالي
وكقوله:
تجاف عن العتبى فما الذنب واجد = وهب لصروف الدهر ما أنت واجد
إذا خانك الأدنى الذي أنت حزبه = فلا عجب إن أسلمتك الأباعد
لأن في ذلك استنصارًا بالممدوح، وسؤالاً له المساعدة على كشف ما به، وتأهيلاً له لذلك، وهو من أحسن المدح.
فمن حسن الافتتاحات قول البحراني في المديح:
وهب هجرة من بعد ما رث حالها = وعاد إليها حسنها وجمالها
[الإكسير في علم التفسير: 254]
وكقوله:
بيني فما أنت من جدي ولا لعبي = ما لي بشيء سوى العلياء من أرب
وقوله:
خذوا عن يمين المنحنى أيها الراكب = لنسأل ذاك السرب ما فعل السرب
وقول كعب:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
وكقول المهيار:
أما وهواها عذرة وتنصلاً = لقد نقل الواشي إليها فأمحلا
سعى جهده لكن تجاوز حده = وكثر فارتابت ولو شاء قللا
فأبرز الاعتذار والتنصل في هيئة التغزل.
وقول بعض المتأخرين في مثل ذلك:
وراءك أقوال الوشاة الفواجر = ودونك أحوال الغرام المخامر
فلولا ولوع منك بالصد ما سقوا = ولولا الهوى لم أنتدب للمعاذر
وقال في أنو شروان الوزير، وقد خلع عليه:
خلعت من الحدثان أحصن أدرع = ولقد تبين على الكريم الأروع
وليجتنب في افتتاح المدائح والتهاني، ذكر الديار ورسومها وإقفارها ونحو ذلك مما
[الإكسير في علم التفسير: 255]
يتطير به كتشتت الآلاف، وذم الزمان، كما افتتح أبو نواس قصيدته التي مدح بها الفضل بن يحيى:
أربع البلى إن الخشوع لباد
فأنكر عليه الفضل ذلك، وتطير به فلما بلغ قوله:
سلام على الدنيا إذا ما فقدتم = بني برمك من رائحين وغاد
استحكم تطير الفضل، ويقال: إنه لم يمض بعد ذلك أسبوع واحد حتى أصيبوا.
وعندي، أن العتب مختص بافتتاحه القصيدة بربع البلى والخشوع، أما البيت الثاني، وهو وإن كان مما يتطير منه إلا أن له ولنظائره وجهًا حسنًا، وهو بيان تأثير وجود الممدوح طردًا وعكسًا، فاعرفه.
وكافتتاح قصيدته التي مدح بها الأمين بقوله:
يا دار ما فعلت بك الأيام = لم تبق فيك بشاشة تستام
وهي من أجود شعره، واجتهد أبو تمام مع تقدمه في صناعة الشعر على أن يأتي بمثلها، فلم يستطع، ولكن شانها قبح افتتاحها.
وكافتتاح إسحاق بن إبراهيم الموصلي قصيدته التي أنشدها المعتصم يمدحه فيها، ويهنئه بإتمام القصر الذي بناه بالميدان، بقوله:
يا دار غيرك البلى، ومحاك = يا ليت شعري ما الذي أبلاك؟
[الإكسير في علم التفسير: 256]
فتطير المعتصم من ذلك، وتغامز الحاضرون على إسحاق، وتعجبوا كيف فاته ذلك، مع معرفته وطول خدمته للملوك، ويقال: إنهم لما فصلوا عن ذلك المجلس لم يعد إليه منهم اثنان، بل خرج المعتصم إلى (سُر من رأى)، وخرب القصر، وقد كان اللائق بإسحاق أن يقول كما قال الخريمي:
ألا يا دار دام لك السرور = وساعدك النضارة والحبور
أو كما قال أشجع:
قصر عليه تحية وسلام = ألقت عليه جمالها الأيام
أو كما قال ابن التعاويذي:
أحق دار وأولى أن نهيئها = دار على السعد قد شيدت مبانيها
وهذا أحسن الافتتاحات في هذا المعنى.
وقد أنكر ابن الأثير على ذي الرمة افتتاحه قصيدته البائية بقوله:
ما بال عينيك منها الماء ينسكب؟
قال: لأن مقابلة الممدوح بمثل ذلك قبيح، وهذا وهم، لأن هذه القصيدة ليس فيها مدح أحد، وإنما تضمنت شرح حاله في عشق مية، ونحو ذلك، فهي كقول امرئ القيس:
قفا نبك
[الإكسير في علم التفسير: 257]
وقول الأعشى:
ودع هريرة
وإن كان معزيًا أو راثيًا، كان على عكس المادح، فيستحب له الافتتاح بما فيه تحزن وتضجر، وتذكر المنازل الداثرة، والجموع المشتتة ونحو ذلك، كقول أبي ذؤيب:
أمن المنون وريبه تتوجع؟ = والدهر ليس بمعتب من يجزع
وقول أبي الطيب:
الحزن يقلق والتجمل يردع = والدمع بينهما عصي طيع
يتنازعان دموع عين متيم = هذا يجيء بها وهذا يرجع
وقول البحراني:
غرام أثارته الحمام السواجع = ونار جوى أذكت لظاها المدامع
وقلت إذا ما قلت حان ارعواؤه = أتت نوب تأتي بهن الفجائع
وقوله يرثي أهل البيت:
يا باكيًا لدمنة ومربع = ابك على النبي أو دع
تحبهم قلت وتبكي غيرهم = إنك فيما قلته لمدع
ورأيت بعض الحمقى قد جاء بمرثية في عزاء، وافتتاحها:
أتاك العيد يخدم بالتهاني = يبشر بالسرور مدى الزمان
والله أعلم.
[الإكسير في علم التفسير: 258]
النوع الخامس عشر: في خذلان المخاطب
وهو أمره بعكس المطلوب منه، كقوله تعالى:
{قل تمتًّع بكفُرِكَ قليلاً}
{فاعبدوا ما شئِتم مِن دونه}
{اعْمَلوا ما شئتم}
{فَمن شاء فَليُومِنَ ومَن شاء فليكفر}
{ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا}.
كأنه قال: قد أمرتم بالإيمان فأبيتم، فأنتم مخذلون، من حقكم أن تؤمروا بضده، مع ما اقترن بذلك من الوعيد البليغ، وهو الذي يسمى: التهديد). [الإكسير في علم التفسير: 259]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرابع, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir