دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع الثامن: في استعمال العام نفيًا والخاص إثباتًا، النوع التاسع: في تفسير المبهم


النوع الثامن: في استعمال العام نفيًا والخاص إثباتًا
وهو أبلغ وأدل على المقصود، كقولنا: لا حيوان، يدل على أن لا إنسان ضرورة، لاستلزام انتفاء اللازم انتفاء الملزوم، كقولنا: أن لا إنسان، لا يدل على انتفاء الحيوان، إذ انتفاء الملزوم لا يدل على انتفاء اللازم، وقولنا: إنسان، يدل على وجود الحيوان، لاستلزام وجود الملزوم وجود اللازم، وقولنا: حيوان، لا يدل على وجود
[الإكسير في علم التفسير: 239]
الإنسان، لأن وجود اللازم لا يستلزم وجود الملزوم، وهذا العموم والخصوص يقع تارة في الماهيات، وتارة في الأعداد، وتارة في المقادير، وقد يقع في غير ذلك.
مثال الأول: قوله تعالى: {ذهب الله بنورهم}، ولم يقل: بضوئهم، لأن الضوء أخص، إذ هو فرط الاستنارة، ويدل عليه قوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورًا}، والكلام في قوة الثاني، إذ إذهاب الشيء كنفيه، ونفي الأعم أبلغ، لاستلزامه نفس الأخص، ولو قال: (بضوئهم)، لأفاد ذهاب خصوصية الضوء بقاء النور، وكذا قوله: {ذهب الله بنورهم}، ولم يقل (أذهب الله نورهم)؛ لأن الذهاب بالشيء، أخص من إذهابه، إذ فيه معنى المصاحبة والاحتجار بالمذهوب به، وليس ذلك في الإذهاب، وهذا العموم والخصوص في ماهية الفعل، فهو من هذا القسم.
ومثال الثاني: الجمع والإفراد، فالجمع أخص، لاستلزامه المفردات، وقولنا: ما عندي رجل أو تمرة، أبلغ في نفي جنس الرجل والتمر من قولنا: ما عندي رجال أو تمر.
وقولنا: عندي رجال أو تمر، أبلغ في إثباتهما من قولنا: عندي رجل أو تمرة، بل هذا لا يدل أصلاً على غير المفرد.
وابن الأثير خص هذا النوع بالأسماء المفردة الواقعة على الجنس التي بين جمعها ومفردها تاء التأنيث، كتمرة، وتمر.
ولا أرى لهذا التخصيص فائدة، إذ جمع الشيء أخص من مفرده مطلقًا كما سبق، ثم ضرب لها مثلاً ليس بنص فيه، وهو قول نوح لقومه: {ليس بي ضلالة}، ولم يقل: ليس بي ضلال؛ لأن الأول أبلغ في نفي الضلال من الثاني، كما قال: ما لي تمرة في جواب: ألك تمر؟، وهذا بناء منه على أن ضلالة اسم مفرد، لكن يحتمل أنه اسم
[الإكسير في علم التفسير: 240]
جنس مصدر، كالجهالة والسفاهة بمعنى الضلال، والجهل، والسفه، وبهذا التقدير لا يكون المثال مطابقًا.
ومثال الثالث: قولنا: مربع عرضه مائة ذراع، لزم أن يكون طوله مثلها أو أكثر، إذ الطول لا ينقص عن العرض، ولو قال: طوله مائة لم يلزم ذلك، لجواز أن يكون العرض أنقص، فالعرض إذن أعم؛ لأنه يكون مساويًا للطول، ودونه، وأكثر منه، والطول أخص؛ لأنه لا يكون إلا مساويًا أو أكثر، ولهذا قال سبحانه: {وجنة عرضها السموات والأرض}، كأنه قال: هذا عرضها، فما ظنكم بطولها، ولو قال: طولها السموات والأرض، لم يكن فيه مبالغة، لجواز أن يكون عرضها أقل من ذلك.
فإن قلت: فذكره العرض مع جواز مساواة الطول له على ما قررت، غير مفيد، إذ بتقدير التساوي لا يكون بينهما تفاوت، فيكون أحدهما قائمًا مقام الآخر في الذكر، ولا معنى للتخصيص.
قلت: لما كانت المقادير المشاهدة، غالبها طوله أكثر من عرضه، ذكر العرض، لينقاس الغائب على الشاهد، والأصل عدم المساواة، وجوازها لاستلزام وقوعها.
فإن قلت: السموات والأرض على ما تقدر في حكم الهيئة على شكل كري: وهو ما استوى بقدر محيطه ومركزه من جميع جهاته، ومثل ذلك: لا طول له ولا عرض، فكيف يجعل له طولاً وعرضًا يشبه به طول الجنة وعرضها؟.
قلت: الجواب من وجوه:
أحدها: أن كرية السموات والأرض إنما مستندها المقدمات الرصدية والهندسية، وذلك قد يخطئ ويصيب، ألا ترى أن المتكلمين في مذهب المنجمين بالطعن في
[الإكسير في علم التفسير: 241]
مقدمات الرصد، الذي هو مستند عليهم، وحينئذ يجوز أن يكون لهما طول عرض، الله أعلم بهما، {ألا يعلم من خلق}.
الثاني: سلمنا كريتهما، لكن الجواب من وجهين:
أحدهما: أنه جعل لهما عرضًا بالنسبة إلى أوهام العرب، فإنهم كانوا ليعتقدون لهما عرضًا، ولهذا قالوا: لقد ذهبتم فيها عريضة، يعني: الأرض، والقرآن نزل مخاطبًا لهم بما كانوا يعتقدون، كقوله تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا}، وإن لم يكن في الجنة بكرة ولا عشي.
الثاني: أن المراد: العرض التقديري، لا الحقيقي، ألا ترى أن أهل الهيئة مع اعتقادهم كرية السماء والأرض، فرضوا فيهما خطوطًا متقاطعة قسموهما بها إلى أربعة أقسام جنوبًا، وشمالاً، وشرقًا، وغربًا، وأطلقوا على ذلك اسم العرض والطول.
كل ذلك بالتقدير، وإن لم يعتقدوا لذلك تحققًا.
الثالث: أنه أراد بالعرض: السعة، قال بعض المفسرين: فيكون تقديره: عرض الجنة كسعة السموات والأرض الكريين، ويلزم حينئذٍ أن يكون طول الجنة أكبر من ذلك، كما سبق، والله أعلم.

النوع التاسع: في تفسير المبهم
بعد إبهامه، طلبًا لتفخيمه، وإعظامه، لأنه يذهب بالسامع كل مذهب، ثم يأتي التفسير، فيخص بعض المذاهب، وقد استعدت النفس لشوقها إلى معرفة المبهم لسماع التفسير، فيكون أبلغ وأسد موقعًا، ولهذا تقول العامة: (إذا أردت نعمه: قل له ولا تتمه).
[الإكسير في علم التفسير: 242]
فمنه قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}، أبهمه، لتتوفر الدواعي على معرفته، ثم فسره بقوله: {صراط الذين أنعمت عليهم}، وتنبيهًا على أن صراطهم: هو المستقيم.
ومنه قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد}، أبهمها لذلك، وتفخيمًا لشأنها، ثم فسرها بقوله {من البيت}، ولم يقل قواعد البيت لذلك.
ومنه قول فرعون لهامان: {ابن لي صرحًا لعلي أبلغ الأسباب}، فأبهمها تفخيمًا لشأنها في علوها، وتشويقًا لهامان إلى معرفتها، ليكون أجدر بالمسارعة إلى بناء الصرح، ثم فسرها بقوله: {أسباب السموات}.
ومنه قول مؤمن آل فرعون: {يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد}، فأبهمه لذلك، ثم فسره بتحقير شأن الدنيا، والإعراض عنها، وتعظيم الآخرة والقصد إليها، وختم ذلك بذكر الوعد والوعيد، والثواب والعقاب.
ونظير هذه الأمثلة: أن تقول: هل أدلك على أكرم الناس وأجودهم؟، زيد، وهو أبلغ من قولك: زيد أكرم الناس وأجودهم، ولهذا قال الله عز وجل: {هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}، ثم فسرها: بالإيمان بالله والجهاد في سبيله.
ووقع مثل ذلك في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا الباب: تفسير الضمير بذكر من هو له، نحو قولهم: ربه رجلاً، ومنه: {وما تتلو منه من قرآن}.
[الإكسير في علم التفسير: 243]
وبذكر الجملة، وتسمى: ضمير الشأن والقصة، نحو: {إنه أنا الله العزيز الحكيم}، و{قل هو الله أحد}.
ومنه الاستثناء العددي نحو: {فلبث فيهم ألف سنة} تعظيمًا لشأنه، والأمر الذي صبر عليه، ليكون أبلغ في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، ثم فسر حقيقة مقدار لبثه بقوله: {إلا خمسين عامًا}، ولو قال ابتداء: فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عامًا، لم يكن كالأول في تحصيل الفائدة المذكورة.
أما الإبهام بدون تفسيرها، فكثير نحو: {إن القرآن يهدي للتي هي أقوم}، فالتي صفة موصوف محذوف لا تعلم حقيقته أهي الطريقة، أو الحالة، أو الملة، أو الجنة؟، إلا أن المعنى مفهوم من حيث الجملة، إذ معناه: يهدي إلى الخير والرشاد، كما قال في سورة النمل: {وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين}). [الإكسير في علم التفسير: 244]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir