دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع الثالث والعشرون: في ورود الكلام بلام التأكيد، النوع الرابع والعشرون: في التضمين


النوع الثالث والعشرون: في ورود الكلام بلام التأكيد
لأمر يعز وجوده، وفعل يعظم إحداثه كقوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون} إلى قوله: {لو نشاء لجعلناه حطامًا}.
وقال في الماء: {لو نشاء جعلناه أجاجًا} بغير لام.
والفرق بينهما: أن صيرورة الماء ملحًا أسهل وأكثر من جعل الحرث حطامًا، إذ الماء العذب يمر بالأرض السبخة فيصير ملحًا، فالتوعد به لا يحتاج إلى تأكيد. بخلاف جعل الحرث حطامًا فإنه على خلاف العادة فاحتاج التوعد به إلى تأكيد وهذا كما أن الإنسان إذا توعد عبده بالضرب بالعصا، لم يحتج إلى تأكيد بيمين ولا غيرها، لجريان العادة واطرادها بذلك. وإذا توعده بالقتل بالكلية، احتاج إلى تأكيد عنده، لندوره وعدم اطراد العادة به.
وأيضًا فلم جعل الحرث حطامًا؟ قلت: للمادة والصورة.
وجعل الماء العذب أجاجًا؟ قلت للكيفية فقط، فهو أسهل وأيسر، وهو راجع إلى ما سبق.
[الإكسير في علم التفسير: 306]
ومن هذا الباب سؤال اشتهر لكثرة دورانه بين كثير من الناس، وتقريره: ما وجه تأكيد الإخبار بالموت، باللام، دون الإخبار بالبعث في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}.
وقد كان العكس أولى وأنسب؟ إذ البعث مختلف فيه، وهو أحوج إلى التأكيد، بخلاف الموت، فإنه لمشاهدته وتحققه عند كل أحد مستغن عن التأكيد، ولقد سئلت عن هذا مرارًا فلم يخطر لي ما يكافئه، ولم أسمع ممن سئل عنه أيضًا له جوابًا مكافئًا، غير أجوبة لفظية لا طائل تحتها.
وأصل هذا السؤال فيما نقلت عن كثير من الزنادقة الطاعنين في القرآن، ثم بعد النظر والتأمل خطر لي جوابان: معنوي ولفظي.
أما الأول: المعنوي، فتقريره: أن المكلفين لم يسمعوا هذا الكلام ولا غيره من القرآن من الله تعالى، ولا من جبريل عليه السلام، وإنما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وحينئذ نقول: إن إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام المتضمن لوقوع البعث، إما أن يكون لمن قد آمن به وصدقه في أنه رسول معصوم، أو لمن كذبه في ذلك، ولم يصدقه، فإن كان إخباره بذلك لمن صدقه، كأبي بكر مثلاً، لم يحتج في تصديقه بالبعث إلى التأكيد باللام ولا غيرها.
وإن كان لمن كذبه كأبي جهل مثلاً، فإنه لا يصدق بالبعث، ولو أكد بجميع أدوات التأكيد، وحينئذ لا يظهر لتأكده أثر طردًا ولا عكسًا، إثباتًا ولا نفيًا، فالسؤال إذن ساقط من أصله، أو غير وارد.
فإن قلت: لا نسلم الحصر فيما ذكرت، لجواز أن يخبر بذلك من ليس مصدقًا له ولا مكذبًا، بل هو في مهلة النظر والتروي في أمره: هل هو صادق، أو لا؟، وحينئذ كان ينبغي تأكد البعث، ليكون أدعى لهذا الشخص إلى التصديق والانقياد.
[الإكسير في علم التفسير: 307]
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذا الإخبار إنما كان بعد ثبوت النبوة بظهور المعجز، وحينئذ لا يتصور وجود هذا القسم، إذ بعد ظهور المعجز لا يتخلف عن التصديق بالنبوة إلا مكذب معاند، فثبت الحصر فيما ذكر.
الثاني: سلمنا وجود هذا القسم، لكن مستند ثبوت النبوة ليس حصول العلم بالبعث، بل مستندها حصول المعجز، فيترتب عليه ثبوت النبوة، ثم يترتب على ثبوتها وجوب التصديق بسائر الإخبارات، فإذا كان هذا الشخص في مهلة النظر ينبغي أن ينظر في المعجز الذي هو مستند النبوة، لا في وقوع البعث الذي يكون التصديق به فرعًا من فروعها.
وأما الثاني: وهو اللفظي، فتقريره: أن قوله: (تبعثون) فعل، ودلالة الفعل على المصدر بنفسه فهي قوية، ويستغنى بقوتها وتأكيدها في نفسها عن تأكيد خارجي.
بخلاف قوله: (ميتون) فإنه اسم فاعل، ودلالته على المصدر لا بنفسه، بل بواسطة دلالته على الفعل، فهي ضعيفة، فاحتاجت إلى مؤكد لضعفها، وقد سبق أن اعتدال العبارة والمعنى من أهم المقاصد البلاغية. وما ذكرناه محصل له، فوجب إضافة هذا التخصيص إليه، فحصل مما أجبنا به أن السؤال المذكور ساقط من حيث النظر المعنوي، وجوابه من حيث النظر اللفظي ما ذكرناه، والله أعلم.

النوع الرابع والعشرون: في التضمين
وهو جعل المتكلم في ضمن كلامه كلامًا أجنبيًا من قرآن، أو شعر، أو مثل سائر، متممًا له ومنتظمًا في سلكه، غير مسم قائله، لشهرته، أو مصرح بأنه لغيره في الجملة.
[الإكسير في علم التفسير: 308]
وهو يزيد الكلام حلاوة، ويكسبه رونقًا وطلاوة. وهو ضربان:
أحدهما: ما لا يتم الكلام بدونه ويسمى تضمين الإسناد. أي: يستند المعنى في تمامه إلى الجزء المضمن، كقول القائل:
ولما أتاني من حماك تحية = تضوع من إتيانها المسك والند
وقفت فأعييت الرسول تساؤلاً = وأنشدته بيتًا له المثل الفرد
(وحدثتني يا سعد عنها فزدتني = جوىً فلتزدني من حديثك يا سعد)
فالبيت الأخير هو حكاية الإنشاد في الذي قبله فلا يتم الكلام كاملاً إلا بذكره. وربما نوجه على هذا الكلام مناقشة ظاهرة.
والثاني: ما يتم الكلام بدونه، كتضمينات ابن نباتة للآيات في خطبه كقوله: (فيا أيها الغفلة المطرقون، أما أنتم بهذا الحديث مصدقون؟ ما لكم منه لا تشفقون. {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما إنكم تنطقون}. وهذا كثير في خطبه. وكقول جحظة:
قم فاسقنيها يا غلام وغنني = (ذهب الذين يعاش في أكنافها)
وهذا نصف بيت للبيد تمامه:
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
ويجوز تضمين البيت كاملاً أو نصفه، كما سبق.
وهاهنا أمران يشتبهان بالتضمين وليسا به:
[الإكسير في علم التفسير: 309]
أحدهما: الإشارة في أثناء الكلام إلى مثل أو شعر نادر، كقول علي رضي الله عنه في خطبته الشقشقبة:
شتان ما يومي على كورها = ويوم حيان أخي جابر
ويسمى التمليح.
وينفصل عن التضمين بأنه ليس متممًا للكلام ولا منتظمًا في سلكه، بل هو بمنزلة من يمشي في طريق فيعدل عنه لعارض، ثم يرجع، ولو ترك لتم الكلام بدونه.
الثاني: أن يذكر قائل الكلام إما باسمه كقول البحراني:
قد أحسن المتنبي حيث قال وما = زالت له حكم تروى وأمثال
لولا المشقة ساد الناس كلهم = الجود يفقر والإقدام قتال
أو بصفته كأديب أو شاعر.
أو أشار بما يدل على أنه لغيره، كقول القائل المتقدم ذكره:
وأنشدته بيتًا له مثل الفرد
والصحيح أن هذا الثاني، وهو: ما إذا سمى القائل فهو تضمين، والله أعلم.
[الإكسير في علم التفسير: 310]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir