دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع السادس عشر: في قوة اللفظ لقوة المعنى، النوع السابع عشر: في الاشتقاق


النوع السادس عشر: في قوة اللفظ لقوة المعنى
والمراد به: اختلاف المعاني قوة وضعفًا؛ لاختلاف الألفاظ قلة وكثرة، أو هيئة ووزنًا.
ومثاله في الأسماء: الشقدف للمحمل الصغير: والشقنداف: لما هو أكبر منه؛ على ما حكى الزمخشري في أول الكشاف، ونحو: واد معشب ومعشوب، وماء غدق ومغدودق، فالثاني أبلغ؛ لزيادة حروفه.
[الإكسير في علم التفسير: 259]
وفي الأفعال نحو: أعشب واعشوشب، وخشن الرجل واخشوشن، وقدر واقتدر، وحمق واستحمق.
وفي الحروف كما قالوا: الواو على الجمع، والفاء على الترتيب؛ لكونهما على حرف واحد. وثم، لزيادة حروفها، دلت على الجمع والترتيب والتراخي.
ففي الكلام في فاعل وفعيل أيهما أبلغ؟ ذكر ابن الأثير فيه كلامًا طويلاً أنا ألخصه وأحققه، ثم أذكر ما عندي فيه.
قال: إن قضت العرب أن أحدهما أبلغ من الآخر، لزمنا المصير إليهم، لأنهم أهل اللغة، وإلا فلنا أن نبحث عن ذلك، نحو: أن يكون مقيسًا؛ إذ اللغة ضربان:
مقيس وغيره:، فإن لم يكن مقيسًا، تلقيناه بالقبول والتقليد، كغيره، كما لو صرحوا بأحد الحكمين، وإن كان مقيسًا ضربنا عليه بقداح القياس.
قال: وفاعل أبلغ من فعيل، لوجهين:
أحدهما: أن فاعلاً مختص بالاسم، كضارب وقاتل. وفعيل مشترك بينه وبين اسم المفعول كظريف وكريم وجريح، والمختص أقوى، كالحرف إذا اختص، عمل، وإذا اشترك، أهمل. ولأن الفاعل أقوى، والمختص بالأقوى أقوى.
لا يقال: قد جاء فاعل بمعنى مفعول، كماء دافق، أي: مدفوق، فما اختص.
لأنا نقول بل معناه: مندفق وتأويله على معنى مدفوق شاذ ضعيف قليل، وجمهور المفسرين على خلافه.
سلمناه، لكنه إنما ورد قليلاً شاذًا في نحو: {عيشةٍ راضيةٍ} و{حجابًا مستورًا}، والشاذ القليل لا يقدح في الكثير المطرد.
[الإكسير في علم التفسير: 260]
الوجه الثاني: إن كان فاعلاً أخص لبنائه من اللازم والمتعدي، نحو جالس وغالب، وفعيلاً أعم لبنائه من اللازم فقط نحو: شريف وظريف، والأخص أقوى وأدل فيكون أبلغ.
فإن قيل: قد جاء فعيل بمعنى فاعل، نحو خطيب، وعليم، وقدير، وسميع، ونصير فاستويا في العموم والخصوص.
قلنا: فعيل في فاعل شاذ قليل دخيل عليه. بدليل خاطب، وعالم، وقادر، وسامع، وناصر، وهو الأصل فيه، والدخيل لا يعتبر.
ثم لو لم يكن إلا أن فعيلاً خاص في المفعول، ومشترك في فاعل لكفى في ظهور قوته وأبلغيته.
أتج الخصم بأن فعيلاً تدل على الصفات اللازمة، كعليم وقدير، وفاعل على الصفات العرضية، كضارب وشارب، والملازم أقوى، فالدال عليه أقوى.
أجاب: بأن فاعلاً يدل على الملازمة أيضًا، كعالم وقادر، فاستويا، ويترجح فاعل بدلالته على اللازم والعرضي، وفعيل اختص بأحدهما.
قال الخصم: بل فعيل إذن أقوى؛ لاختصاصه باللازم الأقوى، وفاعل مشترك متردد بين القبيلين، وقد قدمتم أن المختص أقوى من المشترك.
أجاب: بأن فعيلاً أيضًا مشترك، إذ قد دل على العرضية، نحو: نصير، وفقير، ووجيه ونبيه، فاستويا ههنا، وترجح فاعل بتعديه ولزوم فعيل، كما ذكر في الوجه الأول.
واعلم أن هذا تهافت من ابن الأثير من وجهين:
أحدهما: أنه رجح فاعلاً، لعمومه في اللازم والعرضي، ثم أجاب هنا بمساواة فعيل له في ذلك.
الثاني: أن أمره في هذا الوجه الثاني آل إلى استواء فاعل وفعيل، وهو إنما نصب البحث على أبلغية فاعل، فما حصل له مراده من هذا الوجه، وكان ينبغي أن يقتصر
[الإكسير في علم التفسير: 261]
على الوجه الأول، وهذا يمكن أن يمشي حاله فيه، فإنه قصد من الوجه الثاني تمرين الناظر بإيراد السؤال والجواب، أو غير ذلك.
والذي عندي أن فعيلاً أبلغ، لأن العرب إذا أرادت أن تبالغ بلفظ، أحدثت فيه تغييرًا ما، إما في كمية حروفه، نحو: اعشوشب، أو في كيفية بنائه نحو: طهور وسبوع وقبول، والتغيير هاهنا إنما حدث في فعيل، إذ هو معدول عن مفعول، لا في فاعل؛ إذ هو باقٍ في بنائه على القياس، ويؤكد هذا أنهم يستعملون ذلك في مفردات اللغة أيضًا، فيقولون للغراب: أعور، مبالغة في وصفه بحدة البصر، فبالغوا في وصفه، بوصفه بضد وصفه.
لا يقال هذا في معنى الدعاء عليه، لبغضهم إياه، لأنا نقول خلاف الظاهر منهم والمنقول عن أهل اللغة، فكذا هاهنا، لما أرادوا المبالغة في فاعل، عدلوه إلى بناء ضده الذي هو المفعول. فتأمل هذا منصفًا، تجده صحيحًا حسنًا، والله أعلم.

النوع السابع عشر: في الاشتقاق
وهو افتعال من شققت العصا أو غيرها: إذا فرقت أجزاءها، لأن معنى الأصل الواحد، المشتق منه يتفرع على فروعه المشتقة، وهو اقتطاع أحد المعنيين من الآخر مع اشتراك لفظهما في الحروف الأصول.
ثم الحروف الأصول إن كانت في المشتق كثرتها في المشتق منه نحو: (ضرب وضارب واضطرب) -فإنها تميزت في جميع ذلك: الصاد ثم الراء ثم الباء،- فهو الاشتقاق الصغير، وإلا فهو الكبير.
أما الأول: فكاشتقاقنا من الأصل (س ل م) معنى السلامة في نحو: (سلم سالم، وسلمان، وسلمى، وسُليمى، والإسلام، والاستسلام)، وهما الانقياد لطلب السلامة، و(السليم) بمعنى اللديغ، تفاؤلاً له بالسلامة.
ومن أمثلته (ح د د) معنى المنع في الحديد؛ لمنعه وصول السلاح، والحدّ
[الإكسير في علم التفسير: 262]
الشرعي، لمنعه من إتيان المعاصي، وحد الدار، والمعنى، لمنعه من خروج بعض المحدود عنه، ودخول غيره فيه، والحداد وهو البواب، وأيضًا كل صانع وتاجر، لمنعه صناعته وسلعته إلا مما يريد، ومن هذا نقول (سالمك سالم) (وحاربك محارب) (وهشمك هاشم) (ولواك لؤى) (وأعلى كعبك كعب) (وأناف بك عبد مناف) (وغلبك غالب) (وأعلاك عليّ).
وفي الشعر:
وما زال معقولاً عقال عن الندى = وما زال محبوسًا عن الخير حابس
وقال آخر:
لقد عَلم القبائلُ أن قومي = لهم حدٌ إذا لبس الحديد
وفي التنزيل (وأسلَمتُ مَعَ سُلَيْمانَ} {فأقِمْ وجهَك للدّين القَيم}
ومما يشبه هذا الاشتقاق، وليس باشتقاق {يا أسفى على يوسف} {وجنى الجَنتّين دانً}
وفي الشعر قول القائل:
فضول بلا فضل وَسِن بلا سنا = وطول بلا طَوْل وعَرض بلا عَرض
[الإكسير في علم التفسير: 263]
ولا يشترط الاطراد في الاشتقاق، فلا يلزم تسمية الحجر حديدا، لأن فيها معنى المنع، ولا الجمل ضيغمًا؛ لأن فيها معنى الضغم؛ وهو: العض الشديد؛ لأن شرطه الاتفاق في الحروف الأصول؛ وليست متفقة فيما ذكر وشبهه. وأيضًا فاستناده إلى وجوه المعنى مع استعمال العرب له في محله، فهو بمنزلة العلة المركبة، لا تؤثر بدون جميع أجزائها، بخلاف العلة، فإن استناد تأثيرها إلى مجرد وجودها، فيدور الحكم معها وجودًا وعدمًا.
وأما الثاني: وهو الكبير، فهو رد التراكيب المختلفة من لفظ واحد إلى معنى واحد، ثم ذلك الرد قد يكون ظاهرًا، وقد يكون خفيًا يحتاج إلى تأويل وتلطف.
واعلم أن الفعل، إما ثلاثي أو رباعي. فالثلاثي: تراكيبه الممكنة تسعة؛ لأن كل واحد من حروفه، إما أن يُجعل فاءً أو عينًا أو لامًا، وثلاثة في ثلاثة تسعة، مثاله:
(ض رب، ر ض ب، ب ر ض، ر ب ض، ب ر ض، ض ب ر، ب ض ر، ض ب ر، رض ب) سقط منها بالتكرار ثلاثة وهي (ب ر ض، ر ض ب، ض ب ر).
بقي ستة راجعة كلها إلى معنى الضرب، وهو حركة يتعقبها استقرار، لأن الضارب يحرك جارحته ليضرب، ثم يتعقب بذلك الحركة استقرار المضروب به على المضروب. أما (ضرب) فذلك فيه ظاهر.
وأما (رضب) فقد بين معناه من الرضاب؛ وهو ماء الفم، فإنه يتحرك بتحرك الفم واللسان، ويسكن لسكونهما. وبالجملة توجد فيه الحركة والاستقرار.
وأما (برض) فالبرض: الماء القليل، وفيه الحركة والسكون، وتبرضت الماء تبرضًا أي شربته امتصاصًا، والمعنى فيه ظاهر.
وأما (ربض) فلأن الربض سكون عقب حركة، كالغنم تأوي من المراعي إلى المربض، وكذلك (أسد رابض).
وأما (ضبر) فيقال: (ضبر الفرس) إذا جمع يديه. ووثب. والحركة والسكون فيه ظاهران، لكن السكون فيه عقلاً لا حسًا، لتواتر الحركة وتلاحقها.
[الإكسير في علم التفسير: 264]
وأما (بضر) فبضر المرأة فرجها، والمعنى فيه ظاهر، إذ لا يخلو من حركة وسكون قصدًا أو تبعًا.
فأما ضرب في الأرض إذا سافر، وضارب بالمال، وضرب في الغنيمة ونحوها بسهم، فهي مجازات عن حقيقة الضرب.
وتراكيب (ق ر م) بدون تكرار، وهي ستة أيضًا راجعة إلى معنى القوة والشدة. وهي (ق ر م، ر ق م، ر م ق، م ر ق، ق م ر، م ق ر).
فالقرم: شدة شهوة اللحم، والقرم: السيد وفيه معنى القوة، والقرم: فحل الإبل، وذلك فيه ظاهر، والرقم: الداهية: وهي الشدة تلحق الإنسان، والرقيم: قيل الكتاب المرقوم، أي: المكتوب، وقيل: اسم الوادي الذي فيه الكهف، والأرقم: الحية، والمعنى في كل موجود،
ويقال: (عيش مرمق) أي ضيق، وفيه نوع شدة، والرمق: بقية الروح في البدن، وهو نوع من القوة، (ومرق السهم) إذا نفر من الرمية؛ لشدة مضائه، واستعمال المروق في الناس مجازًا، بجامع الخروج؛ لشدة التمرد، (ويقمر الرجل) إذا غلب من يقامره، ولعل القمر سمي قمرًا، لغلبة ضوئه ضوء الكواكب، (واقمرار العين) غلبة الآفة الخاصة عليها، و(المقر) الصبر نفسه، (وأمقر الشيء) إذا صار مرًا، وفي ذلك المعنى الشدة، والساقط منها (ر م ق، ق م ر، ر ق م).
واعلم أنه ليس من شرط صحة الاشتقاق استعمال جميع تراكيب الكلمة، بل قد يسقط بعضها كمادة (و س ق) فإن تراكيبها المستعملة خمسة: (و س ق، س و ق، ق س و، ق و س، و ق س). وهي راجعة إلى معنى الاجتماع، والقوة، والشدة.
فاستوسق الأمر: إذا اجتمع وقوي واشتد، والسوق: حث الدواب على السير، وفيه قوة وشدة على السائق والمسوق.
والقسوة، قوة القلب وشدته، وقوة الحجر ونحوه.
والقوس. معروفة. والقوة فيها ظاهرة.
والوقس: ابتداء الحرب والشدة فيه ظاهرة.
والساقط منها (س ق و).
[الإكسير في علم التفسير: 265]
والمكرر هو أيضًا (ق و س، و س ق).
وأما الرباعي: نحو: دحرج. فتراكيبه بالقسمة تقريبًا ستة عشر؛ لأن كل حرف من حروفه: إما أن يقع أولاً أو ثانيًا أو ثالثًا أو رابعًا، ويكون المكرر منه أربعة، والباقي اثني عشر. والظاهر أن المستعمل منه أقل من تراكيبه الممكنة خمسًا وعشرين، مكررها خمسة، وباقيها عشرون، وليس المدعى اطراد هذا التصرف في تراكيب جميع ألفاظ اللغة، بل في بعضها، والله أعلم). [الإكسير في علم التفسير: 266]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السادس, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir