دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > الإكسير في علم التفسير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 محرم 1432هـ/29-12-2010م, 09:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع السادس: في الإطناب، النوع السابع: في توكيد الضمير المتصل بالمنفصل


النوع السادس: في الإطناب
وهو عند أبي هلال العسكري عكس الإيجاز، لأنه قال: الإطناب: بيان، والبيان: إنما بلوغ بالإشباع.
والإيجاز له موضع، وهو للخواص، والإطناب له موضع، وهو للخواص والعوام.
وعند ابن الأثير: هو المبالغة في الكلام التي هي أعم من التطويل والإشباع، إذ قد تكون المبالغة بوضع الماضي موضع المضارع وعكسه، ونحوه مما يذكر في بابه.
فالإطناب نوع من أنواع المبالغة.
قال: وفائدته زيادة التصوير للمعنى المقصود إما حقيقة، كقوله تعالى: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}، فقوله: في جوفه، إطناب معناه معنى التأكيد، قلت: ونظيره {ولا طائر يطير بجناحيه}.
وإما مجازًا، نحو: {ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}، تحقيقًا لإضافة العمى إلى القلب بطريق المجاز، لئلا يسبق الوهم إلى حقيقة المعنى الذي محله البصر، وهذا حاصل كلامه.
والذي يظهر في صحته قول أبي هلال.
وأقول في تقريره: إن الإطناب تطويل اللفظ والمعنى جميعًا؛ للمبالغة في الإفهام، والإيصال إلى الأوهام.
[الإكسير في علم التفسير: 234]
وتناسب اشتقاقه من أطناب الخيمة، وهي معروفة، إذ الغالب عليها الطول بالنسبة إلى غيرها من حبال الخيمة، وبيان ذلك بالقسم:
إن لفظ الكلام ومعناه، إما أن يتفاوتا أو يتطابقا.
فإن تفاوتا: فإما أن يكون اللفظ أطول من المعنى، وهو التطويل، وهو مذموم، إذ اللفظ الزائد عما يطابقه في المعنى هدر.
أو دونه وهو إيجاز القصر.
وإن تطابقا، فإما أن يكون تطابقهما في جانب الإيجاز، أي: يكون اللفظ والمعنى قصيرين، وهو التقدير، وقد سبقا.
أو في جانب الإطالة، وهو أن يكونا طويلين، وهو الإطناب، فتبين بهذا أن الإطناب ضد الإيجاز من حيث الطول والقصر، وضد التطويل من حيث التطابق والتفاوت، وقد أشار أبو هلال إلى هذا بقوله: (من استعمل الإيجاز في موضع الإطناب، والإطناب في موضع الإيجاز، فقد أخطأ، والإطناب بلاغة، والتطويل عيّ).
ورد ابن الأثير على أبي هلال رأيه بتساؤلات واعتراضات طويلة ما أظن لها حاصلاً، ولم أر الإطالة بذكرها، وما ذكره من صور الإطناب ليس لديه إلمام بها، إنما هو من قبيل التأكيد، وأحسن ما وصل إليه الإطناب على رأينا ما اشتهر بين العلماء المتأخرين من شروح الكتب المختصرة: كالحاوي للشافعية، والوافي للحنفية، والمحاسن للمالكية، والنهاية الصغرى للحنابلة، وكتب ابن الحاجب في العربية والأصول، فإن هذه الكتب في رتبة الإيجاز، وشروحها في رتبة الإطناب على ما عرفناه به وإن تفاوت الكتب المذكورة وشروحها في الرتبتين، والله أعلم.
[الإكسير في علم التفسير: 235]
النوع السابع: في توكيد الضمير المتصل بالمنفصل
نحو: {اسكن أنت وزوجك الجنة}، وقمت أنا وزيد.
والنحاة اختلفوا في وجوبه إذا عطف عليه ظاهر من جهة العربية.
فمن أوجبه قال: لأنه بدونه، كالعطف على بعض اللفظ.
ومن أجازه احتج بوقوعه في كلامهم كثيرًا.
أما من جهة الصناعة التي نحن فيها، فالتوكيد أولى؛ لأنه أبلغ، كقوله تعالى: {إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين}، فتأكيد السحرة ضمير أنفسهم في الإلقاء دون ضمير موسى، حيث لم يقولوا: (وإما أن تلقي أنت) دليل على أنهم أحبوا التقدم في الإلقاء؛ لعلمهم بأنهم يأتون بسحر عظيم تتقرر عظمته في أذهان الحاضرين، فلا يرفعها ما يأتي بعدها على زعمهم، وإنما ابتدؤا بموسى عليه السلام فعرضوا عليه البداءة بالإلقاء على عادة العلماء والصناع في تأدبهم مع قرنائهم، وأهل الفضل عليهم، أو على جهة إظهار القوة والإنصاف.
فإن قلت: لم لم تؤكد في قوله: (إما أن نكون، وإما أن تكون أول من ألقى؟)، قلت: استغناء عن التأكيد بالتصريح بالأولية.
وكقوله تعالى لموسى عليه السلام: {لا تخف إنك أنت الأعلى}، فإنه أبلغ في نفي الخوف عنه، وإثبات الاستعلاء عليهم من ستة أوجه:
أحدها: أنه استأنف إخباره بالعلو، ولم يجعله علة لانتفاء الخوف، فيقل: لأنك أنت الأعلى، بل نفى عنه الخوف، وأثبت له الاستعلاء مطلقًا، وهذا يشبه ما ذكره
[الإكسير في علم التفسير: 236]
اللغويون من أن قول المليي: (إن الحمد والنعمة لك)، إن كسر همزة إن أولى، لأنه أعم لكونه مستأنفًا.
الثاني: إثباته بيان المؤكدة، ولم يجعل الكلام مبتدأ وخبرًا.
الثالث: التوكيد المذكور، ولم يقتصر على أحد الضميرين، فيقل: (إنك الأعلى)، أو (فأنت الأعلى).
الرابع: تعريف (الأعلى) ليفيد استغراقه رتبة العلو، ولم ينكره، إذ لو نكره لم يفد اختصاصه بالعلو.
الخامس: مجيئه على أفعل التفضيل، ولم يقل: (العالي).
السادس: إثبات العلية له بلفظ العلو؛ لأنه أخص من لفظ العلية.
فإن قلت: لو كان هذا التوكيد أبلغ، لورد عند ذكر الله نفسه في كتابه، إذ هو أحق بالمبالغة، لكنه لم يرد، حيث قال تعالى: {بيدك الخير إنك على ما تشاء قدير}، ولم يقل: (إنك أنت)، فلا يكون هذا التوكيد أبلغ.
قلت: فائدة استعمال هذا التوكيد تقرير ما كان خفيًا، وإثباته في النفس كتقديم السحرة في الإلقاء، واختصاص موسى بالاستعلاء، وقدرة الله تعالى ثابتة مستقرة في نفوس المخاطبين بهذا الكلام، فلا ضرورة إلى تأكيدها.
فإن قلت: هذا ينتقض بقوله: {ولا أعلم ما في نفسك * إنك أنت علام الغيوب}، وإن كان عليه ثابتًا لا يحتاج إلى تقرير، فهلا كان الموضعان شرعًا واحدًا، إما في نفي التأكيد أو في إثباته.
قلت: الجواب من وجهين:
الوجه الأول: ذكره ابن الأثير، وهو: أن ما كان مستقر الثبوت كقدرة الله
[الإكسير في علم التفسير: 237]
وعلمه ونحوهما، إن أكد فزيادة مبالغة، وإن لم يؤكد، فلاستغنائه بنفسه عن التوكيد، وذلك لا يوجب نقض ما قلناه.
قلت: وهذا قريب، ومثاله من جهة الحس: أن تبسط حصيرًا والريح ساكنة، تعلم قطعًا أنها لا تقوى على إزالته، فإما أن تنقله بأخرة ونحوه احتياطًا، وإما أن لا تنقله معه لما علمناه.
الوجه الثاني: وهو المختار، أن قوله تعالى: {إنك على كل شيء قدير} ثناء منه على نفسه، وقوله: {إنك أنت علام الغيوب}، حكاية لثناء عيسى عليه السلام، وفرق بين ثناء العبد على سيده، وثناء السيد على نفسه، إذ قد تنزل فيه المبالغة لتمام تصرفه في نفسه من تلك الجهة، والعبد ينبغي له المبالغة في ذلك، وأقل مراتبه أن يكون حسن أدب، ألا ترى أن الإنسان قد يثني على نفسه فيقول: (لعمري لست بجبان ولا بخيل)، ولو أثنى عليه عبده أو غيره بذلك، لكان من حسن الأدب المبالغة فيه، فيقول: (إنك لأسد ثائر عند اللقاء، بحر زاخر عند العطاء)، ولهذا لما ضايق الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه العطاء، حتى خطفت شجرة ردائه، قال: ((ردوا علي ردائي، فوالذي نفسي بيده لو أن لي مثل هذه العضاة نعمًا، لقسمتها فيكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جبانًا))، ولما وصفه بعض الصحابة رضي الله عنهم بذلك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة.
وقال علي رضي الله عنه: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان
[الإكسير في علم التفسير: 238]
يكون أقربنا إلى العدو، وهذا أبلغ من بيانه بذلك على نفسه، فكذلك الله تعالى، لما أثنى على نفسه بالقدرة، لم يؤكد.
وعيسى صلى الله عليه وسلم لما أثنى عليه بالعلم أكد استعمالاً لأدب العبودية بين يدي عزة الربوبية، وهذا أحسن من جواب ابن الأثير، لكن جوابه أشمل وأعم.
ويمكن الجواب بالفرق بين القدرة والعلم، وذلك من وجهين:
أحدهما: أن القدرة أخص، إذ كل مقدور معلوم، وليس كل معلوم مقدورًا، إذ المستحيل معلوم، ولا يوصف بالمقدور به، ولا يدخل تحت القدرة، فاستغنت بقوة الأخصية عن التأكيد، بخلاف العلم.
الثاني: أن العلم أخفى من القدرة، إذ العلم صفة للنفس، والقدرة صفة لمجموع الذات، ولهذا كثر الخلاف في العلم، على ما عرف في الكلام، ولم يقع الخلاف في القدرة إلا بيننا وبين القائلين بأن الصانع مؤثر بالطبع والإيجاب، لا بالقدرة والاختيار.
فإن قلت: فهذا يقتضي عكس ما ذكرت، لأن الخلاف في العلم إنما هو في كيفيته مع الاتفاق على وجود حقيقته، والخلاف في القدرة في وجود حقيقتها، وما اتفق على وجوده أظهر مما اختلف فيه، فدل على أن العلم أظهر.
قلت: الخلاف في القدرة ليس من جهة الظهور والخفاء، بل من جهة أن ثبوتها للصانع يستلزم عند هؤلاء محالاً، وحينئذ لا يقتضي ما ذكرت). [الإكسير في علم التفسير: 239]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السادس, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir