دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > علوم الحديث الشريف > مقدمة ابن الصلاح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الأولى 1431هـ/4-05-2010م, 05:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي النوع الثامن عشر والتاسع عشر: المعلل والمضطرب

النّوع الثّامن عشر: معرفة الحديث المعلّل
ويسمّيه أهل الحديث (المعلول)، وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: " العلّة والمعلول " مرذولٌ عند أهل العربيّة واللّغة.
اعلم أنّ معرفة علل الحديث من أجلّ علوم الحديث وأدقّها وأشرفها، وإنّما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثّاقب، وهي عبارةٌ عن أسبابٍ خفيّةٍ غامضةٍ قادحةٍ فيه.
فالحديث المعلّل هو الحديث الّذي اطّلع فيه على علّةٍ تقدح في صحّته، مع أنّ ظاهره السّلامة منها.
ويتطرّق ذلك إلى الإسناد الّذي رجاله ثقاتٌ، الجامع شروط الصّحّة من حيث الظّاهر.
ويستعان على إدراكها بتفرّد الرّاوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضمّ إلى ذلك تنبّه العارف بهذا الشّأن على إرسالٍ في الموصول، أو وقفٍ في المرفوع، أو دخول حديثٍ في حديثٍ، أو وهم واهمٍ بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنّه ذلك، فيحكم به، أو يتردّد فيتوقّف فيه. وكلّ ذلك مانعٌ من الحكم بصحّة ما وجد ذلك فيه.
وكثيرًا ما يعلّلون الموصول بالمرسل مثل: أن يجيء الحديث بإسنادٍ موصولٍ، ويجيء أيضًا بإسنادٍ منقطعٍ أقوى من إسناد الموصول، ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جمع طرقه.
قال الخطيب أبو بكرٍ: " السّبيل إلى معرفة علّة الحديث أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضّبط".
وروى عن عليّ بن المدينيّ قال: " الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيّن خطؤه".
ثمّ قد تقع العلّة في إسناد الحديث، وهو الأكثر، وقد تقع في متنه.
ثمّ ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحّة الإسناد والمتن جميعًا، كما في التّعليل بالإرسال والوقف، وقد يقدح في صحّة الإسناد خاصّةً من غير قدحٍ في صحّة المتن.
فمن أمثلة ما وقعت العلّة في إسناده من غير قدحٍ في المتن: ما رواه الثّقة يعلى بن عبيدٍ عن سفيان الثّوريّ عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " البيّعان بالخيار.. " الحديث. فهذا إسنادٌ متّصلٌ بنقل العدل عن العدل، وهو معلّلٌ غير صحيحٍ، والمتن على كلّ حالٍ صحيحٌ، والعلّة في قوله: " عن عمرو بن دينارٍ "، إنّما هو عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، هكذا رواه الأئمّة من أصحاب سفيان عنه. فوهم يعلى بن عبيدٍ، وعدل عن عبد اللّه بن دينارٍ إلى عمرو بن دينارٍ، وكلاهما ثقةٌ.
ومثال العلّة في المتن: ما انفرد مسلمٌ بإخراجه في حديث أنسٍ من اللّفظ المصرّح بنفي قراءة " بسم اللّه الرّحمن الرّحيم "، فعلّل قومٌ رواية اللّفظ المذكور لمّا رأوا الأكثرين إنّما قالوا فيه: " فكانوا يستفتحون القراءة بـ " الحمد للّه ربّ العالمين "، من غير تعرّضٍ لذكر البسملة، وهو الّذي اتّفق البخاريّ ومسلمٌ على إخراجه في الصّحيح، ورأوا أنّ من رواه باللّفظ المذكور رواه بالمعنى الّذي وقع له، ففهم من قوله: كانوا يستفتحون بالحمد أنّهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم وأخطأ، لأنّ معناه أنّ السّورة الّتي كانوا يفتتحون بها من السّور هي الفاتحة، وليس فيه تعرّضٌ لذكر التّسمية.
وانضمّ إلى ذلك أمورٌ، منها: أنّه ثبت... عن أنسٍ: أنّه سئل عن الافتتاح بالتّسمية، فذكر أنّه لا يحفظ فيه شيئًا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم...، واللّه أعلم.
ثمّ اعلم: أنّه قد يطلق اسم العلّة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصّحّة إلى حال الضّعف، المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلّة في الأصل، ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح.
وسمّى التّرمذيّ النّسخ علّةً من علل الحديث.
ثمّ إنّ بعضهم أطلق اسم العلّة على ما ليس بقادحٍ من وجوه الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الّذي أسنده الثّقة الضّابط حتّى قال: من أقسام الصّحيح ما هو صحيحٌ معلولٌ، كما قال بعضهم: من الصّحيح ما هو صحيحٌ شاذٌّ، واللّه أعلم.
النّوع التّاسع عشر
معرفة المضطرب من الحديث
المضطرب من الحديث: هو الّذي تختلف الرّواية فيه فيرويه بعضهم على وجهٍ وبعضهم على وجهٍ آخر مخالفٍ له، وإنّما نسمّيه مضطربًا إذا تساوت الرّوايتان. أمّا إذا ترجّحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ، أو أكثر صحبةً للمرويّ عنه، أو غير ذلك من وجوه التّرجيحات المعتمدة، فالحكم للرّاجحة، ولا يطلق عليه حينئذٍ وصف المضطرب ولا له حكمه.
ثمّ قد يقع الاضطراب في متن الحديث، وقد يقع في الإسناد، وقد يقع ذلك من راوٍ واحدٍ: وقد يقع بين رواةٍ له جماعةٍ.
والاضطراب موجبٌ ضعف الحديث ؛ لإشعاره بأنّه لم يضبط، واللّه أعلم.
ومن أمثلته: ما روّيناه عن إسماعيل بن أميّة عن أبي عمرو بن محمّد بن حريثٍ عن جدّه حريثٍ عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المصلّي: " إذا لم يجد عصًا ينصبها بين يديه فليخطّ خطًّا".
فرواه بشر بن المفضّل وروح بن القاسم عن إسماعيل هكذا. ورواه سفيان الثّوريّ عنه عن أبي عمرو بن حريثٍ عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه حميد بن الأسود عن إسماعيل عن أبي عمرو بن محمّد بن حريث بن سليمٍ عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه وهيبٌ، وعبد الوارث عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريثٍ عن جدّه حريثٍ. وقال عبد الرّزّاق عن ابن جريجٍ سمع إسماعيل عن حريث بن عمّارٍ عن أبي هريرة، وفيه من الاضطراب أكثر كما ذكرناه، واللّه أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثامن, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir