النوع الحادي عشر
أفعال تسمى أفعال المقاربة
لما فرغ المصنف عن بيان الأفعال الناقصة شرع في بيان أفعال المقاربة-
فإن قيل: لم قدم المصنف أفعال المقاربة على أفعال المدح والذم؟
قيل: إن أفعال المقاربة مشاركة للأفعال الناقصة في العمل في كونها: ناقصة – وتامة – كالأفعال الناقصة –
وهي وضعت لدنو الخبر رجاء أو حصولا – ترفع الاسم وتنصب الخبر على أحد الوجهين.
أي أفعال المقاربة ترفع الاسم وتنصب الخبر إذا كانت ناقصة – وأما إذا كانت تامة فيكون ما بعدها مرفوعا على أنه فاعل لها – وأما ما وضع لدنو الخبر رجاء، فكقولك:
عسى زيد أن يخرج.
فعسى: من الأفعال المقاربة-
وزيد: اسم عسى.
وأن مصدرية ناصبة.
ويخرج: فعل مضارع منصوب بأن والفعل مع فاعله بتأويل المصدر في محل النصب خبر عسى – أي عسى زيد الخروج.
فإن قيل: فعلى هذا التقدير لا يصدق الخبر على الاسم مع أن صدق الخبر على الاسم واجب؟
قيل: إن المضاف مقدر.
إما من جانب الاسم، نحو: عسى حال زيد الخروج.
أو من جانب الخبر، نحو: عسى زيد الخروج – فيصدق الحمل. وعسى أن يخرج زيد-
فعسى: من أفعال المقاربة – وأن: مصدرية ناصبة ويخرج: فعل مضارع منصوب بأن، وزيد فاعل يخرج – والفعل مع الفاعل بتأويل المصدر في محل الرفع فاعل عسى –
ويستغني عسى عن الخبر تقديره: قرب خروج زيد-
وإذا قيل: عسى زيد أن يخرج.
فعسى: ناقصة-
وإذا قيل: عسى أن يخرج زيد.
فعسى تامة.
وإذا قيل: زيد عسى أن يخرج-
فزيد: مبتدأ – فيكون ضمير في عسى عائد إلى زيد وهو اسمه – وأن مع الفعل: منصوب المحل خبر عسى، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر عن زيد.
فعلى هذا تقول:
الزيدان عسيا أن يقوما.
والزيدون عسوا أن يقوموا.
وهند عست أن تقوم.
والهندان عستا أن تقوما.
والهندات عسين أن يقمن.
ويجوز أن يكون أن مع المضارع في محل الرفع على أنه فاعل ولا ضمير في عسى.
وعلى هذا تقول:
الزيدان عسى أن يقوما.
وهند عسى أن تقوم.
والزيدون عسى أن يقوموا.
والهندان عسى أن تقوما.
والهندات عسى أن يقمن.
وقد يحذف أن في قولك: عسى زيد يخرج – تشبيها لعسى بكاد- فكما أن، كان زيد يخرج لم يذكر فيه أن، كذلك عسى زيد يخرج لا يذكر فيه أن كقولهم:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه = يكون وراءه فرج قريب
كان الأصل: أن يكون وراءه فرج قريب.
فحذفت أن بخلاف قولك: عسى أن يخرج زيد لعدم مشابهته بقولك: كاد زيد يخرج.
وعسى غير متصرف من حيث لا يجيء منه المضارع واسم الفاعل، والأمر والنهي لتضمنه " أنشأ": - الطمع والرجاء -: كلعل.
والإنشاء فيه غالبا من معنى الحرف – والحرف لا يتصرف.
وأما ما وضع لدنو الخبر حصولا فكقولك:
كاد زيد يخرج.
فكاد: من أفعال المقاربة.
وزيد: اسم كاد – وخبره: يخرج بعد أن مؤولا باسم فاعل تقديره: كاد زيد خارجا.
وقد تدخل أن على خبر كاد تشبيها له بعسى. فكما يذكر (أن) في خبر عسى يذكر (أن) في خبر كاد – فيقال:
كاد زيد أن يخرج، كقولهم:
قد كاد من طول البلى أن يمحصا.
فأن يمحصا خبر كاد – ودخلت أن عليه.
فإن قيل: لم حذف أن مع كاد – وأثبت مع عسى؟
قيل: إن كاد أبلغ في تقريب الشيء من الحال ألا ترى أنك إذا قلت:
كادت الشمس تغرب كان المعنى: قرب غروبها جدا – وعسى أذهب في الدلالة على الاستقبال. ألا ترى أنك تقول: عسى الله أن يدخلني الجنة – وإن لم يكن هذا شديد القريب من الحال.
فإذا كان الأمر كذلك حذف على الاستقبال مع كاد – وأثبت مع عسى.
وكرب
بفتح الراء مثل كاد خبره فعل مضارع بغير أن – كذلك خبر كرب بغير أن نحو:
كرب زيد يخرج.
وأوشك
مثل عسى كما أن عسى يكون خبره فعلا مضارعا مع أن كذلك خبر أوشك فعل مضارع مع أن نحو:
أوشك زيد أن يخرج.
فأوشك: من أفعال المقاربة.
وزيد: اسم أوشك.
وأن مصدرية ناصبة.
ويخرج: فعل مضارع منصوب بأن – والجملة الفعلية بتأويل المصدر في محل النصب خبر أوشك.
فإن قيل: لم استعمل كرب – وأوشك مثل استعمال كاد وعسى؟ قيل: إن عسى وكاد – أصل الباب فاستعمل كل واحد من كرب وأوشك مثل استعمالها
فإن قيل: لم خص كرب باستعمال كاد وأوشك باستعمال عسى؟
قيل: إن كرب أقرب لكاد في تقريب الشيء من الحال – وأوشك أقرب لعسى في الدلالة على الاستقبال فاستعمل كرب استعمال كاد – وأوشك استعمال عسى.