القارئ: (والأصل في مياهنا الطهارةْ والأرض والثياب والحجارةْ)
الشيخ:
يقول المؤلف هنا (الأصل) المراد بالأصل: القاعدة المستمرة التي نحكم بها إذا لم يوجد دليل يغير الأصل.
فإن المسائل على أربعة أنواع:
النوع الأول:
مسائل فيها دليل للتحريم أو النجاسة أو الفساد، فيُحكم بذلك الدليل.
والنوع الثاني من المسائل: مسائل فيها دليل يدل على الإباحة أو الطهارة أو الصحة، فنحكم بذلك الدليل.
النوع الثالث:
مسائل يوجد فيها دليلان متعارضان؛ دليل يدل على الصحة، ودليل يدل على الفساد، أو دليل يدل على الإباحة، وآخر يدل على التحريم، فإذا لم يمكن الجمع بينهما، فلا بد من الترجيح، ومن قواعد الترجيح أن دليل التحريم يُقدم على دليل الإباحة.
النوع الرابع من المسائل: مسائل لا نعلم فيها دليلاً، فهذه نطبق عليها قواعد الأصل.
قوله هنا: (والأصل في مياهنا الطهارة)يراد بهذه القاعدة أن الماء الذي لا نعلم فيه دليلاً على طهارته ولا على نجاسته، فإننا نحكم بقاعدة الأصل، وهو أن الأصل أنه طاهر، ما لم يأت دليل يغيره.
ودليل هذه القاعدة عدد من النصوص الشرعية منها:
- قوله عز وجل: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ}.
- وقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}.
- وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: ((هو الطهور ماؤه))، وقال في الحديث الآخر: ((الماء طهور لا ينجسه شيء))، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في طهارة المياه، فهذا هو الأصل والقاعدة المستمرة في المياه.
وكذلك: الأرض الأصل أنها طاهرة حتى نعلم دليلاً نحكم به على أن الأرض نجسة، وهذا يشمل الفرشات، ويشمل الإسفلت، ونحو ذلك من الأمور، فالأصل أنها طاهرة حتى يأتي دليل يغيره.
ودليل طهارة الأرض عدد من النصوص الشرعية منها:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي)).
وذكر من ذلك: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما مسلم أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره)).
- وفي الحديث الآخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصعيد الطيب طهور المسلم إذا لم يجد الماء ولو عشر سنين)) كما في (سنن أبي داود).
وكذلك: الثياب الأصل فيها الطهارة، ولا يحكم بنجاستها إلا إذا قام دليل على أنها نجسة.
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم كان يلبسون الثياب التي يصنعها الكفار وينسجونها ولا يغسلونها، فدل ذلك على أن الأصل فيها الطهارة.
وأما: الحجارة فهي نوع من أنواع الأرض فتأخذ حكمها في ذلك.