دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > ألفية العراقي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 07:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مراتب التجريح

مراتِبُ التجريحِ

وأَسْوَأُ التجريحِ كَذَّابٌ يَضَعْ = يَكْذِبُ وَضَّاعٌ ودَجَّالٌ وَضَعْ
(340) وبعدَها مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ = وساقِطٌ وهالِكٌ فاجْتَنِبِ
وذاهِبٌ متروكٌ او فيه نَظَرْ = وسَكَتُوا عنه به لاَ يُعْتَبَرْ
وليسَ بالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا = حديثُه كذا ضعيفٌ جِدَّا
وَاهٍ بِمَرَّةٍ وَهُمْ قد طَرَحُوا = حديثَه وارْمِ به مُطَّرَحُ
ليسَ بشيءٍ لا يُسَاوِي شَيْئَا = ثم ضعيفٌ وكذا إنْ جِيئَا
(345) بِمُنْكَرِ الحديثِ أو مُضْطَرِبِهْ = وَاهٍ وضَعَّفُوهُ لا يُحْتَجُّ بِهْ
وبعدَها فيه مَقالٌ ضُعِّفْ = وفيه ضَعْفٌ تُنْكِرُ وتَعْرِفْ
ليس بذاكَ بالْمَتِينِ بِالْقَوِيّْ = بِحُجَّةٍ بعُمْدَةٍ بالْمَرْضِيّْ
للضَّعْفِ ما هو فيه خُلْفٌ طَعَنوا = فيه كذا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
تَكَلَّمُوا فيه وكُلُّ مَن ذُكِرْ = مِن بَعْدِ "شيئاً" بحديثِه اعتُبِرْ


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 02:14 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الناظم

مَراتِبُ التجريحِ
(339) وأَسْوَأُ التجريحِ كَذَّابٌ يَضَعْ يَكْذِبُ وَضَّاعٌ ودَجَّالٌ وَضَعْ
(340) وبعدَها مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ وساقِطٌ وهالِكٌ فاجْتَنِبِ
(341)وذاهِبٌ متروكٌ او فيه نَظَرْ وسَكَتُوا عنه به لاَ يُعْتَبَرْ
(342)وليسَ بالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا حديثُه كذا ضعيفٌ جِدَّا
(343)وَاهٍ بِمَرَّةٍ وَهُمْ قد طَرَحُوا حديثَه وارْمِ به مُطَّرَحُ
(344)ليسَ بشيءٍ لا يُسَاوِي شَيْئاً ثم ضعيفٌ وكذا إنْ جِيئَا
(345) بِمُنْكَرِ الحديثِ أو مُضْطَرِبِهْ وَاهٍ وضَعَّفُوهُ لا يُحْتَجُّ بِهْ
(346)وبعدَها فيه مَقالٌ ضُعِّفْ وفيه ضَعْفٌ تُنْكِرُ وتَعْرِفْ
(347)ليس بذاكَ بالْمَتِينِ بِالْقَوِيِّ بِحُجَّةٍ بعُمْدَةٍ بالْمَرْضِيِّ
(348)للضَّعْفِ ما هو فيه خُلْفٌ طَعَنوا فيه كذا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
(349)تَكَلَّمُوا فيه وكُلُّ مَن ذُكِرْ مِن بَعْدِ شيئاً بحديثِه اعتُبِرْ
مَراتِبُ ألفاظِ التجريحِ على خَمْسِ مَراتِبَ، وجَعَلَها ابنُ أبي حاتمٍ وتَبِعَه ابنُ الصلاحِ أربعَ مَراتِبَ:
(الْمَرْتَبَةُ الأُولى) وهي أَسْوَأُها، أنْ يُقالَ: فلانٌ كَذَّابٌ أو يَكذِبُ، أو فُلانٌ يَضَعُ الحديثَ، أو وَضَّاعٌ، أو وَضَعَ حديثاً، أو دَجَّالٌ.
وأَدْخَلَ ابنُ أبي حاتمٍ والخطيبُ بعضَ ألفاظِ الْمَرتبةِ الثانيةِ في هذه.
قالَ ابنُ أبي حاتمٍ: إذا قالوا: متروكُ الحديثِ، أو ذاهبُ الحديثِ، أو كذَّابٌ، فهو ساقِطٌ لا يُكْتَبُ حديثُه، وقالَ الخطيبُ: أدْوَنُ العباراتِ أنْ يُقالَ: كذَّابٌ ساقِطٌ. وقد فَرَّقْتُ بينَ بعضِ هذه الألفاظِ تَبَعاً لصاحِبِ (الْمِيزانِ).
(الْمَرْتَبَةُ الثانيةُ): فُلانٌ مُتَّهَمٌ بالكذِبِ أو الوضْعِ ، وفلانٌ ساقِطٌ ، وفلانٌ هالِكٌ ، وفُلانٌ ذاهِبٌ أو ذاهِبُ الحديثِ ، وفُلانٌ متروكٌ أو متروكُ الحديثِ أو تَركوهُ، وفلانٌ فيه نَظَرٌ ، وفلانٌ سَكَتُوا عنه، وهاتان العبارتانِ يَقولُهما البُخاريُّ فيمَنْ تَرَكُوا حديثَه، فُلانٌ لا يُعْتَبَرُ به، أو لا يُعْتَبَرُ بحديثِه، فلانٌ ليس بالثقَةِ أو ليس بثِقةٍ، أو غيرُ ثِقةٍ، ولا مأمونٌ ونحوُ ذلك.
(الْمَرتبةُ الثالثةُ): فلانٌ رُدَّ حديثُه، أو رَدُّوا حديثَه، أو مَردودُ الحديثِ، وفلانٌ ضَعيفٌ جِدًّا، وفلانٌ واهٍ بِمَرَّةٍ، وفلانٌ طَرَحُوا حديثَه أو مُطَّرِحٌ، أو مُطَّرِحُ الحديثِ، وفلانٌ ارْمِ به، وفلانٌ ليس بشيءٍ، أو لا شيءَ وفلانٌ لا يُساوِي شَيئاً ونحوُ ذلك، وكلُّ مَن قِيلَ فيه ذلك مِن هذه الْمَراتِبِ الثلاثِ لا يُحْتَجُّ بحديثِه ولا يُستشهَدُ به ولا يُعتبَرُ به.
(الْمَرتبةُ الرابعةُ): فلانٌ ضعيفٌ، فلانٌ مُنْكَرُ الحديثِ، أو حديثُه مُنْكَرٌ، أو مُضْطَرِبُ الحديثِ ، وفلانٌ واهٍ، وفلانٌ ضَعَّفُوهُ، وفُلانٌ لا يُحْتَجُّ به.
(الْمَرتبةُ الخامسةُ): فلانٌ فيه مَقالٌ، فلانٌ ضُعِّفَ، أو فيه ضَعْفٌ، أو في حديثِه ضَعْفٌ، وفلانٌ تَعْرِفُ وتُنْكِرُ وفلانٌ ليس بذاك أو بذاك القَوِيِّ، وليس بالْمَتينِ ، وليس بالقويِّ ، وليس بِحُجَّةٍ، وليس بعُمْدَةٍ، وليس بالْمَرْضِيِّ، وفلانٌ للضعْفِ ما هو، وفيه خُلْفٌ، وطَعَنُوا فيه، أو مطعونٌ فيه، وسَيِّئُ الحفْظِ، ولَيِّنٌ، أو لَيِّنُ الحديثِ، أو فيه لِينٌ، وتَكَلَّمُوا فيه ونحوُ ذلك.
وقولِي: (وكلُّ مَن ذُكِرْ مِن بعدِ شيئاً) أيْ: مِن بعدِ قَوْلِي: لا يُساوي شيئاً. فإنه يُخَرَّجُ حديثُه للاعتبارِ، وهم الْمَذْكُورونَ في الْمَرتبةِ الرابعةِ والخامسةِ.
قالَ ابنُ أبي حاتمٍ: إذا أجَابُوا في رجُلٍ بأنه لَيِّنُ الحديثِ فهو ممن يُكْتَبُ حديثُه ويُنظرُ فيه اعتباراً، وإذا قالوا: ليس بقَوِيٍّ. فهو بمنزلتِه في كَتْبِ حديثِه إلاَّ أنه دونَه، وإذا قالوا: ضعيفُ الحديثِ. فهو دونَ الثاني لا يُطَّرَحُ حديثُه بل يُعتبرُ به. وقد تَقَدَّمَ في كلامِ ابنِ مَعينٍ ما قد يُخالِفُ هذا مِن أنَّ مَن قالَ فيه ضعيفٌ فليس بثِقةٍ لا يُكتبُ حديثُه.
وتَقَدَّمَ أنَّ ابنَ الصلاحِ أجابَ عنه بأنه لم يَحْكِهِ عن غيرِه مِن أهْلِ الحديثِ.
وسألَ حمزةُ السهمِيُّ الدارقُطنيَّ: أَيْشٍ تريدُ إذا قلتَ: فلانٌ لَيِّنٌ؟ قالَ: لا يكونُ ساقِطاً متروكَ الحديثِ ولكنْ مَجروحاً بشيءٍ لا يُسْقِطُ عن العَدالةِ، وأمَّا تَمييزُ ما زِدْتُه مِن ألفاظِ الْجَرْحِ على ابنِ الصلاحِ فهي فُلانٌ وضَّاعٌ، ويَضَعُ، ووَضَعَ، ودَجَّالٌ، ومتَّهَمٌ بالكذِبِ, وهالِكٌ، وفيه نظَرٌ، وسَكَتُوا عنه، ولا يُعْتَبَرُ به، وليس بالثقةِ، ورُدَّ حديثُه، وضعيفٌ جِدًّا، ووَاهٍ بِمَرَّةٍ، وطَرَحُوا حديثَه، وارمِ به، ومُطَّرَحٌ، ولا يُساوِي شيئاً، ومنْكَرُ الحديثِ، وواهٍ، وضَعَّفُوهُ ، وفيه مَقالٌ، وضُعِّفَ، وتَعرِفُ وتُنْكِرُ، وليس بالْمَتينِ وليس بعُمدةٍ، وليس بالْمَرْضِيِّ، وللضعْفِ ما هو، وفيه خُلْفٌ، وطَعَنوا فيه، وسَيِّئُ الحفْظِ، وتَكَلَّمُوا فيه.
فهذه الألفاظُ لم يَذْكُرْها ابنُ أبي حاتمٍ ولا ابنُ الصلاحِ وهي مَوجودةٌ في كلامِ أئِمَّةِ هذا الشأنِ، وأَشَرْتُ إلى ذلك بقولِي: (وزِدْتُ ما في كلامِ أهْلِه وَجَدْتُ).

  #3  
قديم 23 ذو الحجة 1429هـ/21-12-2008م, 11:41 AM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح الباقي لأبي زكريا الأنصاري

مَراتِبُ التجريحِ

(مَراتبُ) ألفاظِ (التجريحِ) وهي سِتَّةٌ:
وأَسْوَأُ التجريحِ كَذَّابٌ يَضَعْ يَكْذِبُ وَضَّاعٌ ودَجَّالٌ وَضَعْ
وبعدَها مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ وساقِطٌ وهالِكٌ فاجْتَنِبِ
وذاهِبٌ متروكٌ او فيه نَظَرْ وسَكَتُوا عنه به لاَ يُعْتَبَرْ
وليسَ بالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا حديثُه كذا ضعيفٌ جِدَّا
وَاهٍ بِمَرَّةٍ وَهُمْ قد طَرَحُوا حديثَه وارْمِ به مُطَّرَحُ
ليسَ بشيءٍ لا يُسَاوِي شَيْئاَ ثم ضعيفٌ وكذا إنْ جِيئَا
بِمُنْكَرِ الحديثِ أو مُضْطَرِبِهِ وَاهٍ وضَعَّفُوهُ لا يُحْتَجُّ بِهِ
وبعدَها فيه مَقالٌ ضُعِّفْ وفيه ضَعْفٌ تُنْكِرُ وتَعْرِفْ
ليس بذاكَ بالْمَتِينِ بِالْقَوِيِّ بِحُجَّةٍ بعُمْدَةٍ بالْمَرْضِيِّ
للضَّعْفِ ما هو فيه خُلْفٌ طَعَنوا فيه كذا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
تَكَلَّمُوا فيه وكُلُّ مَن ذُكِرْ مِن بَعْدِ شيئاً بحديثِه اعتُبِرْ
(وأسوأُ التجريحِ) ما أَتَى - كما قالَ شَيْخُنا- بصِيغةِ (أَفْعَلَ)، كأَكذبِ الناسِ، وكذا إليه المنتهَى في الكَذِبِ أو الوَضْعِ.
ثم يَلِيهِ مَرتبةٌ ثانيةٌ بالنظَرِ لذلك وهي:
(كَذَّابٌ)، أو (يَضَعْ) أي: الحديثَ، أو (يَكْذِبُ)، أو (وَضَّاعٌ، و) كذا (دَجَّالٌ)، أو (وَضَعْ) أي: الحديثَ.
وهذه الألفاظُ - وإنْ كانتْ في مَرتبةٍ - تَتفاوَتُ، كما لا يَخْفَى.
(وبعدَها) أيْ: هذه الْمَرتبةِ ثالثةٌ، وهي:
فُلانٌ (مُتَّهَمٌ بالكذبِ)، أو بالوضْعِ، (و) فلانٌ (ساقِطٌ و) فلانٌ (هالكٌ فاجْتَنِبِ) الروايةَ عنهم.
(و) فُلانٌ (ذاهبٌ)، أو ذاهبُ الحديثِ، أو (متروكٌ)، أو متروكُ الحديثِ، أو تَرَكُوه، (او) بدَرْجِ الهمزةِ (فيه نَظَرْ و) فلانٌ (سَكَتُوا عنه)، أو (به لا يُعْتَبَرْ) عندَ الْمُحَدِّثِينَ، أو لا يُعتبَرُ بحديثِه، (و) فلانٌ (ليس بالثقةِ)، أو ليس بثقةٍ، أو غيرُ مأمونٍ، أو نحوَها.
(ثم) يَلِيهَا رابعةٌ وهي:
فلانٌ (رُدَّا) ببنائِه للمفعولِ (حديثُه)، أو رَدُّوا حديثَه، أو مَردودٌ، أو مَردودُ الحديثِ، و(كذا) فُلانٌ (ضَعيفٌ جِدَّا)، وفلانٌ (واهٍ بِمَرَّةٍ) أيْ: قَوْلاً جازِمًا، (و) فُلانٌ (هُمْ) أي: الْمُحَدِّثُونَ (قد طَرَحُوا حديثَه و) فلانٌ (ارْمِ به)، أو (مُطَّرَحُ)، أو مَطروحُ الحديثِ، أو لا يُكْتَبُ حديثُه، أو (ليس بشيءٍ)، أو لا شيءَ، أو لا يُساوِي فِلْسًا، أو (لا يُساوِي شيئَا)، أو نحوَها.
(ثم) يَلِيهَا خامسةٌ وهي:
فلانٌ (ضعيفٌ وكذا إنْ جِيئَا) بألِفِ الإطلاقِ - في وَصْفِ الراوِي - (بمنكَرِ الحديثِ)، أو حديثُه مُنْكَرٌ، أو له مَناكيرُ، أو مَناكيرُ، (أو بِمُضْطَرِبِه) أي: الحديثِ، أو (واهٍ و) فلانٌ (ضَعَّفُوهُ)، أو (لا يُحْتَجُّ به).
(وبعدَها) سادسةٌ وهي:
فُلانٌ (فيه مَقالٌ)، أو أَدْنَى مَقالٍ، أو (ضُعِّفْ) بالتشديدِ والبناءِ للمفعولِ، (و) فُلانٌ (فيه)، أو في حديثِه (ضَعْفٌ)، أو (تُنْكِرُ) أيْ: منه مَرَّةً، (وتَعْرِفْ) أيْ: منه أُخرى، لكونِه يَأتِي مَرَّةً بالمَناكيرِ ومَرَّةً بالمشاهيرِ.
والجزءُ الثاني مِن عَجُزِ البيتِ دَخَلَه الكفُّ إنْ لم تُشْبِعْ حركةَ (تُنْكِرُ)، وهو لا يَدْخُلُ بحرَ الرَّجَزِ، ولو قالَ: (تُنْكِرُهْ) بهاءٍ ساكنةٍ سَلِمَ مِن ذلك، و (تَعْرِفْ) دخَلَه الْخَبْنُ والقطْعُ.
وفُلانٌ (ليس بذاكَ)، أو بذاك القويِّ، أو ليس (بالمتينِ)، أو ليس (بالقويِّ)، أو ليس (بِحُجَّةٍ)، أو ليس (بعُمدةٍ)، أو ليس بمأمونٍ، أو ليس (بالْمَرْضِيِّ).
وفُلانٌ مجهولٌ، أو فيه جَهالةٌ، أو لا أَدْرِي ما هو، أو (للضعْفِ ما هو أيْ: هو قريبٌ منه، على ما مَرَّ، أو (فيه خُلْفٌ)، أو (طَعَنُوا فيه)، أو مطعونٌ فيه.
وكذا (سَيِّئُ حِفْظٍ)، أو (لَيِّنُ)، أو لَيِّنُ الحديثِ، أو فيه لِينٌ، أو تَكَلَّمُوا فيه.
والحكْمُ في أهْلِ الْمَراتِبِ الأربَعِ الأُوَلِ: أنه لا يُحْتَجُّ بأحَدٍ منهم، ولا يُستشهَدُ به، ولا يُعتبَرُ به.
(وكُلُّ مَن ذُكِرْ مِن بعدِ) قولِه: لا يُساوِي (شيئًا) وهو ما عَدَا الأربعَ (بحديثِه اعْتُبِرْ) لإشعارِ صِيغتِه بصلاحِيَةِ المُتَّصِفِ بمضمونِها لذلك.
وما زادَه مِن ألفاظِ الْجَرْحِ التي أشارَ إليها فيما مَرَّ بقولِه: (وزِدْتُ ما في كلامِ أهْلِه وَجَدْتُ). وهو:
(يَضَعْ ووَضَّاعٌ) والثلاثةُ بعدَه، و(هالِكٌ)، وفيه نَظَرٌ، والتسعةُ بعدَه. و(لا يُساوِي شيئًا). و(منْكَرُ الحديثِ)، و(واهٍ، وضَعَّفُوهُ)، و(فيه مَقالٌ)، و(ضُعِّفْ)، و(تُنْكِرُ وتَعْرِفْ)، و(ليس بالمتينِ)، وليس (بحُجَّةٍ) إلى آخِرِه ما عدا قولَه: (لينُ).

  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 05:54 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي

مَرَاتِبُ التَّجْرِيحِ

وأَسْوَأُ التجريحِ كَذَّابٌ يَضَعْ يَكْذِبُ وَضَّاعٌ ودَجَّالٌ وَضَعْ
وبعدَها مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ وساقِطٌ وهالِكٌ فاجْتَنِبِ
وذاهِبٌ متروكٌ اوْ فيهِ نَظَرْ وسَكَتُوا عنهُ بهِ لا يُعْتَبَرْ
وليسَ بالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا حديثُهُ كذَا ضعيفٌ جِدَّا
وَاهٍ بِمَرَّةٍ وَهُمْ قد طَرَحُوا حديثَهُ وَارْمِ به مُطَّرَحُ
ليسَ بشيءٍ لا يُسَاوِي شَيْئَا ثمَّ ضَعِيفٌ وكذا إنْ جِيئَا
بِمُنْكَرِ الحديثِ أوْ مُضْطَرِبِهْ وَاهٍ وضَعَّفُوهُ لا يُحْتَجُّ بِهْ
وبعدَها فيهِ مَقالٌ ضُعِّفْ وفيهِ ضَعْفٌ تُنْكِرُ وتَعْرِفْ
ليسَ بذاكَ بالْمَتِينِ بِالْقَوِيّ بِحُجَّةٍ بعُمْدَةٍ بالْمَرْضِيّ
للضَّعْفِ ما هوَ فيهِ خُلْفٌ طَعَنُوا فيهِ كذا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ
تَكَلَّمُوا فيهِ وكُلُّ مَن ذُكِرْ مِن بَعْدِ "شَيْئاً" بحديثِهِ اعتُبِرْ
وهيَ أَيضاً سِتٌّ، وسِيقَتْ كالَّتِي قَبْلَها في التَّدَلِّي مِن الأَعْلَى إلى الأَدْنَى، معَ أنَّ العكسَ في هذهِ – كما فعَلَ ابنُ أبي حاتمٍ ثمَّ ابنُ الصلاحِ – كانَ أَنْسَبَ؛ لِتَكُونَ مَراتِبُ القِسميْنِ كُلُّها مُنخَرِطَةً في سِلْكٍ واحدٍ، بحيثُ يكونُ أوَّلُها الأعْلَى مِن التعديلِ، وآخِرُها الأعلى مِن التجريحِ.
(وأَسْوَأُ التجريحِ)، الوصْفُ بما دَلَّ على الْمُبالَغَةِ فيهِ، كما قالَ شيخُنا: قالَ: وأَصْرَحُ ذلكَ التعبيرُ بأفعَلَ كأكذَبِ الناسِ، وكذا قولُهم: إليهِ الْمُنتَهَى في الوَضْعِ، وهوَ ركْنُ الكَذِبِ، ونحوُ ذلكَ، فهذهِ هيَ الْمَرتَبَةُ الأُولَى. ثمَّ يَلِيها (كَذَّابٌ)، أوْ (يَضَعْ) الحديثَ على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، أوْ يَكذِبُ، أوْ (وَضَّاعٌ وَ) كذا (دَجَّالٌ)، أوْ (وَضَعْ) حديثاً.
وآخِرُ هذهِ الصِّيَغِ أسْهَلُها، بخِلافِ اللَّتَيْنِ قَبْلَها، وكذا الأُولى؛ فإنَّ فيها نَوعَ مُبالَغَةٍ، لكنَّها دونَ الْمَرتَبَةِ الأُولى.
أمَّا الصِّيغةُ الثانيَةُ والثالثةُ فَهُمَا دَالَّتانِ عُرْفاً على مُلازَمَةِ الوضْعِ والكَذِبِ، وإنَّما لم تُرَتَّبْ ألفاظُ كلِّ مَرتَبَةٍ مِن البابَيْنِ للضَّرُورةِ.
(وبَعْدَها)؛ أي: الْمَرتَبَةِ، ثالثةٌ بالنِّسبةِ لِمَا ذَكَرْتُهُ، وهيَ فُلانٌ يَسرِقُ الحديثَ؛ فإنَّها –كما قالَ الذَّهبيُّ – أَهْوَنُ مِنْ وَضْعِهِ واختلافِهِ في الإثْمِ؛ إذْ سَرِقَةُ الحديثِ أنْ يكونَ مُحَدِّثٌ يَنفرِدُ بحديثٍ، فيَجيءُ السارِقُ ويَدَّعِي أنَّهُ سَمِعَهُ أيضاً مِنْ شَيخِ ذاكَ المحدِّثِ.
قُلْتُ: أوْ يكونُ الحديثُ عُرِفَ براوٍ، فَيُضِيفُهُ لراوٍ غيرِهِ مِمَّنْ شارَكَهُ في طَبقتِهِ، قالَ: وليسَ كذلكَ مَنْ يَسرِقُ الأجزاءَ والكُتُبَ؛ فإنَّها أَنْحَسُ بكثيرٍ مِنْ سَرِقَةِ الرُّواةِ. وفُلانٌ (مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ)، أوْ بالوضْعِ، (وَ) فُلانٌ (ساقِطٌ وَ) فُلانٌ (هالِكٌ فاجْتَنِبِ) الروايَةَ، بَلِ الأخْذَ عنهم، (وَ) فُلانٌ (ذاهبٌ)، أوْ ذاهبُ الحديثِ، وفلانٌ (مَتروكٌ)، أوْ مَتروكُ الحديثِ، أوْ تَرَكُوهُ.
قالَ ابنُ مَهْدِيٍّ: سُئِلَ شُعبةُ: مَن الذي يُترَكُ حديثُهُ؟ قالَ: مَنْ يُتَّهَمُ بالكَذِبِ، ومَنْ يُكْثِرُ الغلَطَ، ومَنْ يُخْطِئُ في حديثٍ يُجمَعُ عليهِ، فلا يَتَّهِمُ نفْسَهُ ويُقيمُ على غَلَطِهِ، ورَجُلٌ رَوى عن الْمَعروفينَ بما لا يَعرِفُهُ الْمَعْرُوفونَ.
وقالَ أحمدُ بنُ صالحٍ فيما رواهُ ابنُ الصلاحِ مِنْ جِهتِهِ: لا يُترَكُ حديثُ الرجُلِ حتَّى يَجتَمِعَ الجميعُ على تَرْكِ حديثِهِ، يعني بخِلافِ قولِهم: ضعيفٌ. وكذا منها: مُجْمَعٌ على تَرْكِهِ، وهوَ على يَدِي عدْلٌ، أوْ مُودٍ بالتخفيفِ، كما سيأْتِي معنَاهُما، (اوْ) بالنَّقْلِ معَ تَنوينِ ما قَبْلَهُ، وإن اتَّزَنَ معَ تَرْكِهِ بالقطْعِ، (فيهِ نَظَرْ).
وفلانٌ (سَكَتُوا عنْهُ)، وكثيراً ما يُعَبِّرُ البخاريُّ بهاتَيْنِ الأخيرتَيْنِ فيمَنْ تَرَكُوا حديثَهُ، بلْ قالَ ابنُ كثيرٍ: إنَّهُما أَدْنَى الْمَنازِلِ عندَهُ وأَردَأُها.
قُلْتُ: لأنَّهُ لِوَرَعِهِ قَلَّ أنْ يقولَ: كَذَّابٌ أوْ وَضَّاعٌ. نَعَمْ، رُبَّما يقولُ: كَذَّبَهُ فلانٌ، ورَمَاهُ فُلانٌ بالكَذِبِ، فَعَلَى هذا فإدخالُهما في هذهِ الْمَرتَبَةِ بالنِّسْبَةِ للبخاريِّ خاصَّةً معَ تَجَوُّزٍ فيهِ أيضاً، وإلاَّ فمَوْضِعُهما منهُ التي قَبْلَها. ومنها: فلانٌ (بهِ لا يُعْتَبَرْ) عندَ الْمُحَدِّثينَ، أوْ لا يُعتَبَرُ بحديثِهِ.
(وَ) فلانٌ (ليسَ بالثِّقَةِ)، أوْ ليسَ بثِقةٍ، أوْ غيرُ ثِقَةٍ ولا مأمونٍ، ونحوُ ذلكَ. (ثُمَّ) يَلِيهَا رابعةٌ، وهيَ فُلانٌ (رُدَّا حديثُهُ) بالبناءِ للمفعولِ؛ يعني: بينَ الْمُحَدِّثينَ، أوْ رَدُّوا حديثَهُ، أوْ مَردودُ الحديثِ، (وكذَا) فُلانٌ (ضَعيفٌ جِدًّا)، وفلانٌ (وَاهٍ بِمَرَّةٍ)؛ أيْ: قَولاً واحداً لا تَرَدُّدَ فيهِ، وكأنَّ الباءَ زِيدَتْ تَأكيداً، وتَالِفٌ.
(وَ) فلانٌ (هُمْ)؛ أيْ: أهلُ الحديثِ، (قدْ طَرَحُوا حديثَهُ وَ) فُلانٌ (ارْمِ بهِ)، وفلانٌ (مُطَّرَحُ)، أوْ مُطَّرَحُ الحديثِ، وفُلانٌ لا يُكتبُ حديثُهُ؛ أيْ: لا احتجاجاً ولا اعتباراً، أوْ لا تَحِلُّ كتابةُ حديثِهِ، أوْ لا تَحِلُّ الروايَةُ عنهُ.
ومنهُ قولُ الشافعيِّ: الروايَةُ عنْ حَرَامِ بنِ عُثمانَ حَرَامٌ، وفُلانٌ (ليسَ بشيءٍ)، أوْ لا شَيْءَ، أوْ فُلانٌ لا يُسَاوِي فِلْساً، (أوْ لا يُسَاوِي شيئَا)، ونحوُ ذلكَ.
وما أُدْرِجَ في هذهِ الْمَرتَبَةِ مِنْ " ليسَ بشيءٍ " هوَ المُعْتَمَدُ، وإنْ قالَ ابنُ القَطَّانِ: إنَّ ابنَ مَعِينٍ إذا قالَ في الراوِي: ليسَ بشيءٍ، إنَّما يُريدُ أنَّهُ لم يَرْوِ حديثاً كثيراً.
هذا معَ أنَّ ابنَ أبي حاتمٍ قدْ حَكَى أنَّ عُثمانَ الدَّارِمِيَّ سألَهُ عنْ أبي دِرَاسٍ، فقالَ: إنَّما يَرْوِي حديثاً واحداً، ليسَ بهِ بَأْسٌ.
علَى أَنَّا قدْ رُوِّينَا عن الْمُزَنِيِّ قالَ: سَمِعَنِي الشافعيُّ يَوْماً وأنَا أَقولُ: فُلانٌ كَذَّابٌ، فقالَ لي: يا أَبَا إبراهيمَ، اكْسُ ألْفَاظَكَ أَحْسَنَها، لا تَقُلْ: فلانٌ كذَّابٌ، ولكنْ قُلْ: حَدِيثُهُ ليسَ بشيءٍ. وهذا يَقتضِي أنَّها حيثُ وُجِدَتْ في كلامِ الشافعيِّ تكونُ مِن الْمَرْتَبَةِ الثانيَةِ.
(ثمَّ) تَلِي هذهِ مَرتَبَةٌ خامسةٌ، وهيَ فُلانٌ (ضعيفٌ، وكذَا إنْ جِيئَا) بِمَدِّ الهمزةِ مِنهم في وَصْفِ الرُّواةِ، (بِـ) لَفْظِ (مُنْكَرِ الحديثِ)، أوْ حديثُهُ مُنْكَرٌ، أوْ لهُ ما يُنكَرُ، أوْ مَناكيرُ، (أَوْ) بلفْظِ (مُضْطَرِبِهِ)؛ أي: الحديثِ.
وفُلانٌ (وَاهٍ وَ) فُلانٌ (ضَعَّفُوهُ)، وفُلانٌ (لا يُحْتَجُّ بهِ وبعدَها)، وهيَ سادسةُ الْمَراتِبِ، فُلانٌ (فيهِ مَقالٌ)، أوْ أَدْنَى مَقالٍ.
وفُلانٌ (ضُعِّفْ، وَ) فُلانٌ (فيهِ) أوْ في حديثِهِ (ضَعْفٌ).
وفُلانٌ (تُنْكِرُ)؛ يعني مَرَّةً، (وتَعْرِفُ)؛ يَعني أُخرى، وفُلانٌ (ليسَ بذَاكَ)، وَرُبَّما قِيلَ: ليسَ بذاكَ القَوِيِّ، أوْ ليسَ (بالْمَتِينِ)، أوْ ليسَ (بالقَوِيِّ).
قالَ الدارقُطنيُّ في سعيدِ بنِ يحيى أبي سفيانَ الْحِمْيَرِيِّ: هوَ مُتَوَسِّطُ الحالِ ليسَ بالقَوِيِّ. وفُلانٌ ليسَ (بحُجَّةٍ)، أوْ ليسَ (بِعُمْدَةٍ)، أوْ ليسَ بمأمونٍ، أوْ ليسَ مِنْ أهْلِ القِبَابِ، كما قالَهُ مالكٌ في عَطَّافِ بنِ خالدٍ أحَدِ مَن اخْتُلِفَ في تَوثيقِهِ وتَجريحِهِ.
قالَ شَيْخُنا في جوَابِهِ عنْ مَسألةِ الاجتماعِ على ذِكْرِ الباقياتِ الصالحاتِ: وهذهِ العبارةُ يُؤخَذُ منهُ أنَّهُ يُرْوَى حديثُهُ ولا يُحْتَجُّ بما يَنفرِدُ بهِ؛ لِمَا لا يَخفَى مِن الكِنايَةِ المذكورةِ.
ونَحْوُهُ: ليسَ مِنْ جِمَالِ الْمَحَامِلِ، أوْ كما قالَهُ داودُ بنُ رُشَيْدٍ في سُرَيْجِ بنِ يُونُسَ: ليسَ مِنْ جَمَّازَاتِ – أيْ: أَبْعِرَةِ – الْمَحَامِلِ، والْجَمَّازُ: البَعِيرُ. أوْ ليسَ (بالْمَرْضِيّ)، أوْ ليسَ يَحْمَدُونَهُ، أوْ ليسَ بالحافِظِ، أوْ غَيْرُهُ أَوْثَقُ منهُ، وفي حديثِهِ شيءٌ، وفُلانٌ مَجهولٌ، أوْ فيهِ جَهَالَةٌ، أوْ لا أَدْرِي ما هوَ، أوْ للضَّعْفِ (مَا هُوَ)؛ يعني: أنَّهُ ليسَ ببَعيدٍ عن الضَّعْفِ، وفُلانٌ (فيهِ خُلْفٌ)، وفلانٌ (طَعَنُوا فيهِ)، أوْ مَطعونٌ فيهِ، (وكَذَا) فُلانٌ نَزَكُوهُ، بنُونٍ وزايٍ؛ أيْ: طَعَنُوا فيهِ، فُلانٌ (سَيِّئُ الحفْظِ)، وفُلانٌ (لَيِّنٌ)، أوْ لَيِّنُ الحديثِ، أوْ فيهِ لِينٌ.
قالَ الدارقُطنيُّ: إذا قُلْتُ: فُلانٌ لَيِّنٌ لا يكونُ ساقطاً متروكَ الحديثِ، ولكنْ مَجروحاً بشيءٍ لا يَسقُطُ بهِ عن العَدالةِ. وفُلانٌ (تَكَلَّمُوا فيهِ)، وكذَا سَكَتُوا عنهُ، أوْ فيهِ نَظَرٌ مِنْ غيرِ البُخاريِّ، ونحوُ ذلكَ. والحُكْمُ في الْمَراتِبِ الأربعِ الأُوَلِ أنَّهُ لا يُحْتَجُّ بواحِدٍ مِنْ أَهْلِها، ولا يُستَشْهَدُ بهِ، ولا يُعتبَرُ بهِ.
(وكُلُّ مَنْ ذُكِرْ مِنْ بَعْدِ) لفْظِ: لا يُسَاوِي (شيئاً)، وهوَ ما عَدَا الأرْبَعَ (بحَدِيثِهِ اعْتُبِرْ)؛ أيْ: يُخَرَّجُ حديثُهُ للاعتبارِ؛ لإشعارِ هذهِ الصِّيَغِ بصَلاحيَةِ الْمُتَّصِفِ بها لذلكَ، وعَدَمِ مُنافاتِها لها.
لكنْ قالَ البخاريُّ: كلُّ مَنْ قُلْتُ فيهِ: مُنكَرُ الحديثِ – يعني: الذي أُدْرِجَ في الخامسةِ – لا يُحتَجُّ بهِ، وفي لفظٍ: لا تَحِلُّ الروايَةُ عنهُ.
وصَنيعُ شيخِنا يُشعِرُ بالْمَشْيِ عليهِ؛ حيثُ قالَ: فقَوْلُهم: مَتروكٌ، أوْ ساقطٌ، أوْ فاحشُ الغَلَطِ، أوْ مُنكَرُ الحديثِ أشَدُّ مِنْ قولِهم: ضعيفٌ، أوْ ليسَ بالقَوِيِّ، أوْ فيهِ مَقَالٌ.
ولكنْ يُساعِدُ كوْنَها مِن التي بعدَها قولُ الشارحِ في تَخريجِهِ الأكبرِ للإحياءِ: وكثيراً ما يُطلِقونَ المنكَرَ على الراوي؛ لكونِهِ رَوَى حديثاً واحداً. ونَحْوُهُ قولُ الذَّهَبِيِّ في تَرجمةِ عبدِ اللَّهِ بنِ مُعاويَةَ الزُّبَيْرِيِّ مِن الْمِيزانِ: قَوْلُهم: مُنكَرُ الحديثِ، لا يَعْنُونَ بهِ أنَّ كُلَّ ما رواهُ مُنْكَرٌ، بلْ إذا روَى الرجُلُ جُملةً، وبعضُ ذلكَ مَناكيرُ، فهوَ منكَرُ الحديثِ.
قُلْتُ: وقدْ يُطلَقُ ذلكَ على الثقَةِ إذا روَى الْمَناكيرَ عن الضعفاءِ. قالَ الحاكمُ: قُلْتُ للدارقُطْنِيِّ: سُليمانُ ابنُ بنتِ شُرَحْبِيلَ؟ قالَ: ثِقةٌ، قُلْتُ: أليسَ عندَهُ مَناكيرُ؟ قالَ: يُحدِّثُ بها عنْ قومٍ ضُعفاءَ، فأمَّا هوَ فَثِقَةٌ.
وقالَ ابنُ دَقيقِ العِيدِ في (شرْحِ الإلمامِ): قَوْلُهم: روَى مَناكيرَ، لا يَقتضِي بِمُجَرَّدِهِ ترْكَ رِوايتِهِ حتَّى تَكثُرَ الْمَناكيرُ في رِوَايتِهِ، ويُنتَهَى إلى أنْ يُقالَ فيهِ: مُنكَرُ الحديثِ؛ لأنَّ مُنكَرَ الحديثِ وَصْفٌ في الرجُلِ يَستحِقُّ بهِ الترْكَ لحديثِهِ. والعبارةُ الأُخْرَى لا تَقتضِي الدَّيْمُومَةَ، كيفَ وقدْ قالَ أحمدُ بنُ حَنبلٍ في محمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيْمِيِّ: يَروِي أحاديثَ مُنكرَةً، وهوَ ممَّن اتَّفَقَ عليهِ الشَّيْخَانِ، وإليهِ الْمَرجِعُ في حديثِ الأعمالِ بالنِّيَّاتِ.
واعلَمْ أنَّ الصِّيَغَ عندَ ابنِ أبي حاتمٍ سِتٌّ فقطْ: كذَّابٌ، ذاهِبٌ، مَتروكٌ، ضعيفُ الحديثِ، ليسَ بقَوِيٍّ، لَيِّنُ الحديثِ، وجَعَلَ الثلاثَ الأُوَلَ منها مِنْ أَقْصَى الْمَراتِبِ، وكلَّ واحدٍ ممَّا بَقِيَ مَرتبةً، فانحصَرَت الْمَراتِبُ عندَهُ في أَرْبَعٍ.
وتَبِعَهُ ابنُ الصلاحِ، وزادَ في أَقْصَى الْمَرَاتِبِ أيضاً: ساقطٌ، تَبَعاً للخطيبِ؛ حيثُ قَرَنَها بكَذَّابٍ.
وكذا زادَ ابنُ الصلاحِ ممَّا لم يُعَيِّنْ لهُ مَرتَبَةً: لا شَيْءَ، مُضْطَرِبُ الحديثِ، لا يُحْتَجُّ بهِ، مجهولٌ، فيهِ ضَعْفٌ، ليسَ بذاكَ، وقالَ: إنَّ قولَهُ: فيهِ ضعْفٌ، أقَلُّ مِنْ: فُلانٌ ضَعيفٌ.
وأمَّا الذَّهَبِيُّ، فالْمَراتِبُ عندَهُ سِتٌّ، ولكنْ فيها بعضُ مُخالَفَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ، فأَردَأُها: دَجَّالٌ، وضَّاعٌ، كذَّابٌ، ثمَّ: متَّهَمٌ ليسَ بثِقَةٍ ولا مَأمونٍ، مُجْمَعٌ على تَرْكِهِ، لا يَحِلُّ كِتابةُ حديثِهِ، ونحْوُها، ثمَّ: هالِكٌ، ساقِطٌ، مَطْرُوحُ الحديثِ، مَتروكُهُ، ذاهبُهُ، ثمَّ: مُجمَعٌ على ضَعْفِهِ، ضعيفٌ جِدًّا، ضَعَّفُوهُ، تَالِفٌ، وَاهٍ، ليسَ بشيءٍ، ثمَّ: ضعيفٌ ضعيفُ الحديثِ، مُضطَرِبُهُ، مُنْكَرُهُ، ونحْوُها، ثمَّ: لهُ مَناكيرُ، لهُ ما يُنكَرُ، فيهِ ضَعْفٌ، ليسَ بالقويِّ، ليسَ بعُمْدَةٍ، ليسَ بالْمَتينِ، ليسَ بِحُجَّةٍ، ليسَ بذاكَ، غيرُهُ أَوْثَقُ منهُ، وتَعرِفُ وتُنْكِرُ، فيهِ جَهالَةٌ، ولَيِّنٌ، يُكتَبُ حديثُهُ، ويُعتبَرُ بهِ، ونَحْوُها مِن العباراتِ الصادقةِ على مَنْ قدْ يُحْتَجُّ بهِ، أوْ يُتَرَدَّدُ فيهِ، أوْ حديثُهُ حسَنٌ غيرُ مُرْتَقٍ إلى الصحيحِ.
وممَّا يُنَبَّهُ عليهِ أنَّهُ يَنبغِي أنْ يُتَأَمَّلَ أَقْوَالُ الْمُزَكِّينَ ومَخَارِجُها، فقدْ يَقُولُونَ: فُلانٌ ثِقةٌ أوْ ضَعيفٌ، ولا يُريدونَ بهِ أنَّهُ ممَّنْ يُحْتَجُّ بحديثِهِ، ولا ممَّن يُرَدُّ، وإنَّما ذلكَ بالنِّسبةِ لِمَنْ قُرِنَ معهُ على وَفْقِ ما وُجِّهَ إلى القائلِ مِن السؤالِ، كأنْ يُسْأَلَ عن الفاضلِ المتوسِّطِ في حديثِهِ ويُقْرَنُ بالضعفاءِ، فيُقَالُ: ما تقولُ في فُلانٍ، وفلانٍ، وفلانٍ؟ فيقولُ: فلانٌ ثِقةٌ، يُريدُ أنَّهُ ليسَ مِنْ نَمَطِ مَنْ قُرِنَ بهِ، فإذا سُئِلَ عنهُ بِمُفرَدِهِ بَيَّنَ حالَهُ في التوَسُّطِ.
وأمْثِلَةُ ذلكَ كثيرةٌ لا نُطِيلُ بها، ومِنها قالَ عُثمانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابنَ مَعِينٍ عن العَلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ عنْ أبيهِ كيفَ حَدِيثُهما؟ فقالَ: ليسَ بهِ بَأْسٌ، قُلْتُ: هوَ أَحَبُّ إليكَ أوْ سعيدٌ الْمَقْبُرِيُّ؟ قالَ: سعيدٌ أَوْثَقُ، والعلاءُ ضَعِيفْ. فهذا لم يُرِدْ بهِ ابنُ مَعِينٍ أنَّ العلاءَ ضَعيفٌ مُطلَقاً، بدليلِ قولِهِ: إنَّهُ لا بَأْسَ بهِ، وإنَّما أرادَ أنَّهُ ضعيفٌ بالنِّسبةِ لسعيدٍ الْمَقْبُرِيِّ.
وعلى هذا يُحْمَلُ أكثرُ ما وَرَدَ مِن اختلافِ كلامِ أئمَّةِ الْجَرْحِ والتعديلِ، ممَّن وَثَّقَ رجُلاً في وقتٍ وجَرَّحَهُ في آخَرَ، فيَنبغِي لهذا حكايَةُ أقوالِ أهلِ الْجَرْحِ والتعديلِ بِنَصِّها؛ ليَتَبَيَّنَ ما لَعَلَّهُ خَفِيَ منها على كثيرٍ مِن الناسِ.
وقدْ يكونُ الاختلافُ لِتَغَيُّرِ اجتهادِهِ، كما هوَ أحَدُ احتمالَيْنِ في قَوْلِ الدارقُطْنِيِّ في الْحَسَنِ بنِ غُفَيْرٍ بالْمُعْجَمَةِ: إنَّهُ مُنكَرُ الحديثِ، وفي مَوضِعٍ آخَرَ: إنَّهُ متروكٌ.
وثَانِيهُما عدَمُ تَفرِقَتِهِ بينَ اللَّفْظَيْنِ، بلْ هما عندَهُ مِنْ مَرتَبَةٍ واحدةٍ.
وكذا يَنبغِي تَأَمُّلُ الصِّيَغِ، فَرُبَّ صِيغةٍ يَختلِفُ الأمرُ فيها بالنظَرِ إلى اختلافِ ضَبْطِها؛ كقولِهم: فُلانٌ مُودٍ؛ فإنَّها اخْتُلِفَ في ضَبْطِها، فمِنهم مَنْ يُخَفِّفُها؛ أيْ: هالكٌ، قالَ في الصِّحاحِ: أَوْدَى فُلانٌ؛ أيْ: هَلَكَ، فهوَ مُودٍ. ومِنهم مَنْ يُشَدِّدُها معَ الْهَمزةِ؛ أيْ: حَسَنُ الأداءِ. أَفادَهُ شَيخِي في تَرجمةِ سعْدِ بنِ سعيدٍ الأنصاريِّ مِنْ مُختَصَرِ التهذيبِ، نَقْلاً عنْ أبي الحسَنِ بنِ القَطَّانِ الفَاسِيِّ.
وكذا أَثْبَتَ الوَجْهَيْنِ كذلكَ في ضَبْطِها ابنُ دَقيقِ العِيدِ، وأَفادَ شيخُنا أيضاً أنَّ شيخَهُ الشارِحَ كانَ يقولُ في قولِ أبي حاتمٍ: هوَ على يَدِي عَدْلٌ: إنَّها مِنْ ألفاظِ التوثيقِ، وكان يَنْطِقُ بها هكذا بكسْرِ الدالِ الأُولى، بحيثُ تكونُ اللفظةُ للواحدِ، وبرفْعِ اللامِ وتنوينِها، قالَ شيخُنا: كُنْتُ أظُنُّ أنَّ ذلكَ كذلكَ إلى أنْ ظَهَرَ لي أنَّها عندَ أبي حاتمٍ مِنْ ألفاظِ التجريحِ، وذلكَ أنَّ ابْنَهُ قالَ في تَرجمةِ جُبَارَةَ بنِ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ أبي يقولُ: هوَ ضَعيفُ الحديثِ، ثمَّ قالَ: سَأَلْتُ أبي عنهُ فقالَ: هوَ على يَدِي عَدْلٌ.
ثمَّ حكَى أقوالَ الْحُفَّاظِ فيهِ بالتضعيفِ، ولم يَنْقِلْ عنْ أحَدٍ فيهِ تَوثيقاً، ومعَ ذلكَ فما فَهِمْتُ مَعْنَاها، ولا اتَّجَهَ لي ضَبْطُها، ثمَّ بَانَ لي أنَّها كِنايَةٌ عن الهالِكِ، وهوَ تَضعيفٌ شديدٌ، ففي كتابِ إصلاحِ الْمَنْطِقِ لِيَعقُوبَ بنِ السِّكِّيتِ، عن ابنِ الكَلْبِيِّ قالَ: جُزْءُ بنُ سَعدِ العَشيرةِ بنِ مالكٍ مِنْ وَلَدِهِ العَدْلُ، وكانَ وَلِيَّ شُرطةِ تُبَّعٍ، فكانَ تُبَّعٌ إذا أَرادَ قَتْلَ رجُلٍ دَفَعَهُ إليهِ، فمِنْ ذلكَ قالَ الناسُ: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ، ومعناهُ هَلَكَ.
قُلْتُ: ونَحْوُهُ عندَ ابنِ قُتيبةَ في أوائلِ (أدَبِ الكاتبِ)، وزادَ: ثمَّ قِيلَ ذلكَ لكُلِّ شيءٍ قدْ يُئِسَ منهُ. انتهى.
وذكَرَ أبو الفَرَجِ الأَصبهانيُّ بسَنَدٍ لهُ أنَّ أبا عيسى بنَ الرَّشيدِ وطاهرَ بنَ الْحُسينِ كَانَا يَوماً يَتَغَدَّيَانِ معَ المأمونِ، فأَخَذَ أبو عيسى هِنْدَبَاةً فغَمَسَها في الْخَلِّ، وضَرَبَ بها عينَ طاهِرٍ، فانزَعَجَ وقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ، إِحْدَى عَيْنَيَّ ذاهبةٌ، والأُخْرَى على يَدَيْ عَدْلٍ، يَفْعَلُ بي هذا بينَ يَدَيْكَ؟ فقالَ المأمونُ: يا أبا الطَّيِّبِ، إنَّهُ واللَّهِ يَعْبَثُ معِي أَكثرَ مِنْ هذا.
ومِنْ ذلكَ: مُقارَبُ الحديثِ؛ حيثُ قِيلَ: إنَّهُ بِفَتْحِ الراءِ رَديءٌ، ولكنَّ المُعتَمَدَ كما تَقدَّمَ أنَّهُ لا يَختلِفُ أمْرُها في فتْحٍ ولا كسْرٍ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراتب, التجريد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir