دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الأولى 1431هـ/5-05-2010م, 07:41 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الصيام: الباب الأول: واجباته وسننه وأحكامه, جائزا ومكروها

الكتاب الثاني: الصوم
الباب الأول: في واجباته وسننه وأحكامه، جائزا ومكروها
الفصل الأول: في وجوبه وموجبه
الفرع الأول: في وجوبه بالرؤية
4377 - (خ م ط د س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له».
وفي رواية: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان، فقال: لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطرروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له».
وفي أخرى أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدّة ثلاثين»، أخرجه البخاري، ومسلم.
ولمسلم «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان، فضرب بيديه، فقال: الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا - ثم عقد إبهامه في الثالثة - فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فاقدروا ثلاثين».
وفي رواية: «فاقدروا له».
وأخرج الموطأ الرواية الثانية، والثالثة، وقال: «فإن غمّ عليكم فاقدروا له».
وأخرج أبو داود الثالثة، وزاد: «فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين: نظر له، فإن رئي فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب أو قترة أصبح مفطرا، فإن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائما، قال: وكان ابن عمر يفطر مع الناس، ولا يأخذ بهذا الحساب». وأخرج النسائي الرواية الأولى، والثانية.

[شرح الغريب]
غمّ، وأغمي، وغمّي: يقال: غم الهلال، وأغمي، وغمي: إذا غطاه شيء من غيم أو غيره، فلم يظهر.
فاقدروا له: يقال: قدرت الأمر أقدره.وأقدره: إذا نظرت فيه ودبرته: والمعنى: قدّروا عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما.
قترة: القترة: الظلمة والغبار.

4378 - (خ م س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فصوموا ثلاثين يوما».
وفي أخرى قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهلال، فقال: ... وذكر الحديث، وقال في آخره: «فإن أغمي عليكم فعدّوا ثلاثين».
وفي أخرى قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - أو قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته: فإن غمّي عليكم فأكملوا العدّة».
وفي أخرى «فإن أغمي عليكم الشهر فعدّوا ثلاثين». أخرجه مسلم.
وأخرج البخاري الرواية الثالثة، وقال: «فإن غمّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين».
وأخرج النسائي الرواية الأولى.
وله في أخرى مثلها، وقال: «فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين».
وفي أخرى: «فاقدروا ثلاثين».
وفي أخرى: «فاقدروا له».
وله في أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الشهر يكون تسعا وعشرين، ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة».

4379 - (د س) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تقدّموا الشهر حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدّة، ثم صوموا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة». أخرجه أبو داود، والنسائي.
وزاد النسائي بعد «الهلال» في الموضعين «قبله».
وللنسائي عن بعض أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسمّه... وذكر الحديث، وقال: «أو تكملوا العدة ثلاثين».
وله في أخرى عن ربعي [بن حراش] مرسلا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأتموا شعبان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك، ثم صوموا رمضان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك».

4380 - (ط س د ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان، فقال: لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين». أخرجه الموطأ، والنسائي.
وفي رواية للنسائي: أنّ ابن عباس قال: «عجبت ممن يتقدّم الشهر، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين».
وله في أخرى: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا».
وفي أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تصوموا قبل رمضان، صوموا للرؤية، وأفطروا للرؤية، فإن حالت دونه غياية، فأكملوا ثلاثين».
وأخرجه أبو داود قال: «لا تقدّموا الشهر بصيام يوم أو يومين، إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم، ولا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه، فإن حال دونه غمامة، فأتموا العدة ثلاثين، ثم أفطروا، الشهر تسع وعشرون».
وفي رواية بمعناه، ولم يقل: «ثم أفطروا».
وأخرجه الترمذي قال: «لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين».

[شرح الغريب]
غياية: بياءين منقوطتين من تحت: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه، مثل السحابة، والغبرة الظلمة.

4381 - (د) عائشة - رضي الله عنها -: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتحفّظ من شعبان ما لا يتحفّظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غمّ عليه عدّ ثلاثين يوما، ثم صام». أخرجه أبو داود.
4382 - (د) أيوب السختياني: قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة: «بلغنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... وذكر نحو حديث ابن عمر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وزاد: وإنّ أحسن ما يقدر له، إذا رأينا هلال شعبان لكذا وكذا، فالصوم إن شاء الله لكذا وكذا، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك». أخرجه أبو داود هكذا عقيب حديث ابن عمر، وحديث ابن عمر قد تقدّم في أول الفصل في جملة رواية أبي داود.
الفرع الثاني: في وجوبه بالشهادة
[النوع] الأول: شهادة الواحد
4383 - (د ت س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «جاء أعرابي إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني رأيت الهلال - قال الحسن في حديثه: يعني هلال رمضان - فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال، أذّن في الناس: أن صوموا غدا».
وفي رواية عن عكرمة: «أنهم شكّوا في هلال رمضان مرّة، فأرادوا أن لا يقوموا ولا يصوموا، فجاء أعرابي من الحرّة يشهد أنه رأى الهلال، فأتي به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قال: نعم، وشهد أنه رأى الهلال، فأمر بلالا، فنادى في الناس: أن يقوموا وأن يصوموا». أخرجه أبو داود.
وقال: رواه جماعة عن سماك بن حرب عن عكرمة مرسلا، ولم يذكر القيام أحد إلا حماد بن سلمة، قال أبو داود: هذه كلمة لم يقلها إلا حماد: «وأن تقوموا»، لأن قوما يقولون: القيام قبل الصيام.
وفي رواية الترمذي: قال: «جاء أعرابي إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال، أذّن في الناس: أن يصوموا غدا». قال الترمذي: وروي عن عكرمة مرسلا. وأخرجه النسائي مثل الترمذي، وقال: «أن محمدا عبده ورسوله».
وله في أخرى: «فنادى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أن صوموا». أخرجه أيضا مرسلا عن عكرمة، ولم يذكر لفظه.

4384 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته فصامه، وأمر النّاس بصيامه». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
تراءى: الترائي: تفاعل: من الرؤية، وهو طلب رؤية الهلال.

[النوع] الثاني: في شهادة الاثنين
4385 - (د) حسين بن الحارث الجدلي: أن أمير مكة [خطب، ثم قال: ] «عهد إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن ننسك لرؤيته، فإن لم نره، وشهد شاهدا عدل، نسكنا بشهادتهما، قال: فسألت الحسين بن الحارث: من أمير مكة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بعد، فقال: هو الحارث بن حاطب، أخو محمد بن حاطب، ثم قال الأمير: إنّ فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وقد شهد هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأومأ إلى رجل - قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدق، كان أعلم بالله جلّ وعزّ منه - فقال: بذلك أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
ننسك: النسك: العبادة، والمراد به ها هنا: الصوم.

4386 - (س) عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: «أنه خطب الناس في [اليوم] الذي يشكّ فيه - فقال: ألا، إني جالست أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وساءلتهم، وإنّهم حدّثوني: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوالها، فإن غمّ عليكم فأتموا ثلاثين، وإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا». أخرجه النسائي
4387 - (د) ربعي بن حراش: عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيّان فشهدا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالله: لأهلّ الهلال، ورأياه أمس عشيّة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس أن يفطروا».
زاد في رواية: «وأن يغدوا إلى مصلاهم». أخرجه أبو داود.

4388 - (د س) أبو عمير [عبد الله] بن أنس بن مالك: عن عمومة له من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنّ ركبا جاؤوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشهدون: أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدون إلى مصلاهم». أخرجه أبو داود، والنسائي.
الفرع الثالث: في اختلاف البلاد في الرؤية
4389 - (م د ت س) كريب مولى ابن عباس: «أن أمّ الفضل بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهلّ عليّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم، حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» شك أحد رواته في نكتفي أو: تكتفي.
أخرجه مسلم، وأخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وكلّهم قالوا: «فرأيت الهلال ليلة الجمعة».
والذي في كتاب الحميدي: «يوم الجمعة».
وقال النسائي: «أولا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟»، وقال الترمذي: «فقلت: رآه الناس وصاموا»، ولم يقل عن نفسه: «أنه رآه».

4390 - (م) أبو البختري [سعيد بن فيروز]: قال: «خرجنا للعمرة فلما نزلنا ببطن نخلة قال: تراءينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، قال: فلقينا ابن عباس، فقلت: إنا رأينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، فقال: أيّ ليلة رأيتموه؟ قال، فقلنا: ليلة كذا وكذا، فقال: إن [رسول الله -صلى الله عليه وسلم-] قال: إن الله مدّه للرؤية، فهو لليلة رأيتموه».
وفي أخرى قال أبو البختري: «أهللنا رمضان ونحن بذات عرق فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس، فسأله؟ فقال ابن عباس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد أمدّه لرؤيته، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة». أخرجه مسلم.

الفرع الرابع: في الصوم والفطر بالاجتهاد
4391 - (ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحّون». أخرجه الترمذي.
وعند أبي داود عن أبي هريرة - ذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيه - قال: «وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحّون، وكلّ عرفة موقف، وكل منّى منحر، وكل فجاج مكة منحر، وكل جمع موقف».
قال الترمذي: فسّر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا: أن الصوم والفطر مع الجماعة، وعظم الناس، وترجم أبو داود على هذا الحديث: باب إذا أخطأ القوم الهلال.

[شرح الغريب]
الصوم يوم تصومون: قال الخطابي: معنى الحديث: أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض، ولا شيء عليهم من وزر أو عيب، وكذلك الحج: إذا أخطئوا [يوم] عرفة، فليس عليهم إعادته، وكذلك أضحاهم تجزئهم، وإنما هذا رفق من الله ولطف بعباده.
فجاج: الفجاج: جمع فج، وهو الطريق.
جمع: اسم علم [على] المزدلفة.

4392 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحّي الناس». أخرجه الترمذي.
الفرع الخامس: في كون الشهر تسعا وعشرين
4393 - (خ م د س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهر كذا وكذا وكذا، وصفّق بيديه مرتين بكلّ أصابعهما، ونقص في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى أو اليسرى». هذه رواية مسلم.
وفي رواية البخاري قال: «الشهر هكذا وهكذا، وخنس إبهامه في الثالثة».
وفي رواية للبخاري: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب، ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا - يعني مرة: تسعا وعشرين، ومرة ثلاثين».
وفي رواية لمسلم أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنا أمّة أمّيّة، لا نكتب، ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة، والشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، يعني: تمام الثلاثين».
وفي أخرى قال: «الشهر هكذا وهكذا، وقبض إبهامه في الثالثة».
وفي أخرى: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا: عشرا، وعشرا، وتسعا».
وفي أخرى أنه قال: «الشهر تسع وعشرون». ولم يزد.
وزاد في أخرى قال عقبة: «وأحسبه قال: الشهر ثلاثون، وطبّق كفّيه ثلاث مرار».
وفي أخرى «أنّ ابن عمر سمع رجلا يقول: الليلة ليلة النصف، فقال له: وما يدريك أن الليلة النصف؟ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الشهر هكذا، وهكذا، وأشار بأصابعه العشر مرتين، وهكذا في الثالثة، وأشار بأصابعه كلّها، وحبس - أو خنس - إبهامه».
وأخرج أبو داود رواية البخاري الثانية، وقال: «هكذا» مرة ثالثة، وقال: «وخنس سليمان - هو ابن حرب - إصبعه في الثالثة، يعني: تسعة وعشرين، وثلاثين».
وأخرج النسائي رواية مسلم الثانية التي فيها: «أمّة أمّية».
وله في أخرى: «إنّا أمّة أمّيّة، لا نكتب، ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا - ثلاثا - حتى ذكر تسعا وعشرين».
وله في أخرى قال: «الشهر هكذا»، ووصف شعبة عن صفة جبلة [ابن سحيم] عن صفة ابن عمر: «أنه تسع وعشرون»، فيما حكى من صنيعه مرتين بأصابع يديه، ونقص في الثالثة إصبعا من أصابع يديه.
وأخرج أيضا أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهر تسع وعشرون». لم يزد على هذا.

[شرح الغريب]
أمة أمية: الأمة الجيل من الناس، والأمية التي لا تكتب ولا تقرأ. وقيل: هو منسوب إلى الأم، أي إنها على أصل ولادتها، لم تتعلم الكتاب.
خنس إبهامه: أي قبضها وجمعها على أخواتها.

4394 - (م س) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: «ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده على الأخرى، ثم قال: الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، ثم نقص في الثالثة إصبعا». أخرجه مسلم، وعند النسائي مثله.
وله في أخرى: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» - يعني تسعة وعشرين - وفي أخرى مثل الأولى، وقال: «وصفّق محمد بن عبيد بيديه ينعتها، ثلاثا، ثم قبض في الثالثة الإبهام في اليسرى».

4395 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أتاني جبريل فقال: الشهر تسع وعشرون يوما».
وفي أخرى: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «الشهر تسع وعشرون يوما». أخرجه النسائي.

4396 - (د ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: «لما صمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين». أخرجه أبو داود.
وعند الترمذي قال: «ما صمت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-...» وذكر الحديث.

4397 - (خ م د ت) أبو بكرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- قال: «شهرا عيد لا ينقصان: رمضان، وذو الحجّة». أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.
قال الترمذي: قال أحمد: معنى هذا الحديث: لا ينقصان معا في سنة واحدة، إن نقص أحدهما تمّ الآخر، قال: وقال إسحاق: معناه: إن يكن تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان.

[شرح الغريب]
شهرا عيد لا ينقصان: قال الخطابي: اختلف الناس في معنى قوله: شهرا عيد لا ينقصان، فقال بعضهم: معناه: أنهما لا يكونان ناقصين في الحكم، وإن وجدا ناقصين في عدد الحساب. وقال بعضهم: معناه: أنهما لا يكادان يوجدان في سنة واحدة مجتمعين في النقصان، إن كان أحدهما تسعة وعشرين كان الآخر ثلاثين. قال الخطابي: قلت: وهذا القول لا يعتمد عليه؛ لأن الواقع يخالفه، إلا أن يحمل الأمر على الغالب والأكثر. وقال بعضهم: إنما أراد بهذا تفضيل العمل في العشر من ذي الحجة، فإنه لا ينقص في الأجر والثواب عن شهر رمضان.

4398 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحصوا هلال شعبان لرمضان». أخرجه الترمذي.
الفصل الثاني: في ركن الصوم
الفرع الأول: في النية
النوع الأول: في نية الفرض
4399 - (د ت س) حفصة - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له». أخرجه أبو داود، والترمذي.
وعند النسائي: «من لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر فلا يصوم».
وفي أخرى: «من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له».
وفي أخرى له: «من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له».
وفي أخرى: «من لم يبيّت الصيام من الليل».
وله في أخرى: أن حفصة كانت تقول: «من لم يجمع الصوم من الليل فلا يصوم».
وفي أخرى: «لا صيام لمن لم يجمع الصوم قبل الفجر».
وفي أخرى: «لا صيام لمن لم يجمع قبل الفجر».
وقال أبو داود: وقفه على حفصة: معمر، والزبيدي، وابن عيينة، ويونس الأيلي، [كلّهم] عن الزهري.

[شرح الغريب]
يجمع الإجماع: العزم والنية.
يبيّت التّبييت: أن ينوي الصيام من الليل.

4400 - (ط س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: كان يقول: «لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر». أخرجه الموطأ.
وعند النسائي قال: «إذا لم يجمع الرّجل الصوم من الليل فلا يصم».
وفي أخرى أنه كان يقول: «لا يصومنّ إلا من أجمع الصيام قبل الفجر».

4401 - (ط س) عائشة، وحفصة - رضي الله عنهما -: قالتا: «لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر». أخرجه النسائي.
وأخرجه الموطأ عقيب حديث ابن عمر، وقال: عن عائشة، وحفصة، زوجي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، ولم يذكر لفظهما.

النوع الثاني: في نية صوم التطوع
4402 - (م س ت د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم: «يا عائشة، هل عندكم شيء؟ قالت: فقلت: يا رسول الله، ما عندنا شيء، قال: فإني صائم، قالت: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأهديت لنا هديّة - أو جاءنا زور - فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: يا رسول الله، أهديت لنا هديّة - أو جاءنا زور - وقد خبأت لك شيئا، قال: ما هو؟ قلت: حيس، قال: هاتيه، فجئت به فأكل، ثم قال: قد كنت أصبحت صائما».
قال طلحة: فحدّثت مجاهدا بهذا الحديث، فقال: ذلك بمنزلة الرّجل يخرج الصدقة من ماله، فإن شاء أمضاها، وإن شاء أمسكها.
وفي أخرى قالت: «دخل عليّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، فقال: هل عندكم من شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم، ثم أتانا يوم آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس، فقال: أرينيه، فلقد أصبحت صائما، فأكل». أخرجه مسلم، وأخرج النسائي الرواية الثانية.
وله في أخرى مثلها، وقال في آخره: «فقلت يا رسول الله دخلت عليّ وأنت صائم، ثم أكلت حيسا؟ قال: نعم يا عائشة، إنما منزلة من صام في غير رمضان، أو في غير قضاء رمضان، أو في التطوع، بمنزلة رجل أخرج صدقة من ماله، فجاد منها بما شاء فأمضاه، وبخل [منها] بما بقي فأمسكه».
وفي رواية الترمذي قالت: «دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فقال: هل عندكم شيء؟ قالت: قلت لا، قال: فإني صائم».
وفي أخرى قالت: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يأتيني، فيقول: أعندك غداء؟ فأقول: لا، فيقول: إني صائم، قالت: فأتاني يوما، فقلت: يا رسول الله، إنّه قد أهديت لنا هديّة، قال: وما هي؟ قلت: حيس، قال: أما إني أصبحت صائما، ثم أكل».
وفي رواية أبي داود قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل عليّ قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا، قال: إني صائم»، زاد وكيع: «فدخل علينا يوما آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس، فحبسناه لك، فقال: أدنيه، قال طلحة: فأصبح صائما، فأفطر».

[شرح الغريب]
زور: الزور: الزائر والضيف، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع والذكر والأنثى.
حيس: الحيس: دقيق وسمن وتمر مخلوط. وقيل: تمر وسمن وأقط.

4403 - (ت د) أم هانئ - رضي الله عنها -: قالت: «كنت قاعدة عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فأتي بشراب، فشرب منه، ثم ناولني فشربت، فقلت: إني أذنبت فاستغفر لي، فقال: وما ذاك؟ قلت: كنت صائمة فأفطرت، فقال: أمن قضاء كنت تقضينه؟ قلت: لا، قال: فلا يضرّك».
وفي رواية مثله، وفيه: «فقالت: يا رسول الله، أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الصائم المتطوّع أمين نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر».
وفي رواية: «أمير نفسه - أو أمين نفسه -» على الشّكّ. أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود قالت: «لما كان يوم الفتح - فتح مكة - جاءت فاطمة، فجلست على يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمّ هانئ عن يمينه، قال: فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب، فناولته، فشرب منه، ثم ناوله أمّ هانئ فشربت منه، فقالت: يا رسول الله، لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال لها: أكنت تقضين شيئا؟ قالت: لا، قال: لا يضرّك، إن كان تطوّعا».

[شرح الغريب]
الوليدة: الأمة، والجمع: ولائد.

4404 - (خ) أم الدرداء - رضي الله عنها -: قالت: «كان أبو الدرداء يأتي نهارا، فيقول: [هل] عندكم طعام؟ فإن قلنا: لا، قال: فإني صائم يومي هذا».
وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن عباس، وحذيفة، وذكره البخاري في ترجمة باب من أبواب الصوم.

الفرع الثاني: في الإمساك عن المفطرات
النوع الأول: في القيء، والحجامة، والاحتلام
4405 - (ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ذرعه القيء، فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض». أخرجه الترمذي.
وعند أبي داود: «من ذرعه القيء وهو صائم، فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض».

[شرح الغريب]
ذرعه القيء: إذا خرج من غير استدعاء ولا اقتضاء.

4406 - (ط) نافع - مولى ابن عمر -: أنّ ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يقول: «من استقاء وهو صائم، فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فليس عليه قضاء». أخرجه الموطأ.
4407 - (ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقيء، والاحتلام». أخرجه الترمذي.
4408 - (د) زيد بن أسلم: عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفطر من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم». أخرجه أبو داود.
4409 - (د ت) معدان بن [أبي] طلحة: أنّ أبا الدرداء حدّثه: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاء فأفطر، فلقيت ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدّثني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاء فأفطر، قال: صدق، وأنا صببت له وضوءه». أخرجه أبو داود، والترمذي نحوه.
4410 - (خ م د ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم». أخرجه البخاري ومسلم.
وعند أبي داود: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم».
وفي أخرى: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتجم صائما محرما».
وعند الترمذي: «احتجم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم صائم».
وفي رواية أخرى: احتجم فيما بين مكة والمدينة وهو محرم صائم.
وفي أخرى: احتجم وهو صائم.

4411 - (د خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهية الجهد». أخرجه أبو داود.
وعند البخاري: قال ثابت [البناني]: «سئل أنس بن مالك: [أ]كنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف».

4412 - (د) عبد الرحمن بن أبي ليلى: عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن الحجامة والمواصلة، ولم يحرّمهما إبقاء على أصحابه، فقيل له: يا رسول الله إنّك تواصل [إلى السّحر] فقال: إني أواصل إلى السّحر، وربي يطعمني ويسقيني». أخرجه أبو داود.
4413 - (ط) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله -: «أن سعد بن أبي وقّاص، وابن عمر، كانا يحتجمان وهما صائمان». أخرجه الموطأ.
4414 - (ط) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «كان يحتجم وهو صائم، ثم ترك ذلك بعد، فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر». أخرجه الموطأ.
4415 - (ت) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفطر الحاجم والمحجوم». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
أفطر الحاجم والمحجوم: من ذهب إلى أن الحجامة تفطر فهو ظاهر، ومن قال: إنها لا تفطر، فمعناه أنهما تعرضا للإفطار، أما المحجوم، فللضعف الذي يلحقه من ذلك، فربما أعجزه عن الصوم، وأما الحاجم: فلا يأمن أن يصل إلى حلقه شيء من دم المحجوم فيبلعه، أو من طعمه، وهذا كما يقال: أهلك فلان نفسه: إذا كان يتعرض للمهالك، وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» يريد أنه قد تعرض للذبح، وقيل: هذا على سبيل الدعاء عليهما، كقوله عليه الصلاة والسلام فيمن صام الدهر: «لا صام ولا أفطر» المعنى: بطل أجرهما، فكأنهما صارا مفطرين غير صائمين.

4416 - (د) ثوبان - رضي الله عنه -: أن نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفطر الحاجم والمحجوم». أخرجه أبو داود.
4417 - (د) شداد بن أوس - رضي الله عنه -: قال: «بينما هو يمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...» فذكر نحوه.
وفي رواية: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى رجلا بالبقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي، لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم». أخرجه أبو داود.

[النوع] الثاني: الكحل
4418 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اشتكت عيني، أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: نعم». أخرجه الترمذي.

4419 - (د) عبد الرحمن بن النعمان [بن معبد بن هوذة]: عن أبيه عن جده: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بالإثمد المروّح عند النوم، وقال: ليتّقه الصائم». أخرجه أبو داود، وقال: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر، يعني: حديث الكحل.
4420 - (د) أنس بن مالك: «أنه كان يكتحل وهو صائم». أخرجه أبو داود.
[النوع] الثالث: القبلة والمباشرة
4421 - (خ م ط د ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقبّل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت».
وفي أخرى قالت: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقبّل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه». أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم عن عروة، أن عائشة أخبرته: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقبّلها وهو صائم».
وفي رواية ابن عيينة قال: «قلت لعبد الرحمن بن القاسم: أسمعت أباك يحدّث عن عائشة: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقبّلها وهو صائم؟ فسكت ساعة، ثم قال: نعم».
وفي أخرى قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبّلني وهو صائم، وأيّكم يملك إربه، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يملك إربه؟».
وفي أخرى: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقبّل وهو صائم، وكان أملككم لإربه، وأنه كان يباشر وهو صائم».
وفي أخرى: «أنه كان يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه».
وفي أخرى قالت: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقبّل في شهر الصوم».
وفي أخرى: «يقبل وهو صائم في رمضان».
وأخرج الموطأ الرواية الأولى.
وله في أخرى: «بلغه: أن عائشة - رضي الله عنها - كانت إذا ذكرت أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبّل وهو صائم، تقول: وأيّكم أملك لنفسه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟».
وأخرج أبو داود الروايتين: الخامسة، والسادسة من أفراد مسلم.
وله في أخرى قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبّلني وهو صائم وأنا صائمة».
وفي أخرى: «أنه كان يقبّلها وهو صائم، ويمصّ لسانها».
وأخرج الترمذي الرواية الخامسة والسادسة من أفراد مسلم.
وللترمذي: «أنه كان يباشرني وهو صائم، وكان أملككم لإربه».

[شرح الغريب]
يقبّل ويباشر: التقبيل: البوس، والمباشرة أراد بها: الملامسة والمداعبة ومقدمات الجماع.
أملككم لإربه: يروى «لإربه» بكسر الهمزة وسكون الراء، وهو الإرب المخصوص، ويعني: الذكر، ويروى بفتح الهمزة والراء، والإرب الحاجة، وأرادت به حاجة الجماع.

4422 - (م ط) عمر بن أبي سلمة - ربيب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيقبّل الصائم؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سل هذه - لأمّ سلمة - فأخبرته: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما والله، إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له». أخرجه مسلم.
وفي رواية الموطأ عن عطاء بن يسار: «أن رجلا قبّل امرأته وهو صائم في رمضان، فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأرسل امرأته، فسألت أمّ سلمة؟ فأخبرتها: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله، فأخبرت زوجها، فزاده ذلك شرّا، وقال: لسنا مثل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن الله يحلّ لرسوله ما شاء، ثم رجعت امرأته إلى أمّ سلمة فوجدت عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما لهذه المرأة؟ فأخبرته أمّ سلمة، فقال: ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟ قالت: قد أخبرتها، فذهبت إلى زوجها فأخبرته، فزاده ذلك شرّا، وقال: لسنا مثل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يحلّ الله لرسوله ما شاء، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: والله إني لأتقاكم لله، وأعلمكم بحدوده».

4423 - (م) حفصة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبّل وهو صائم». أخرجه مسلم.
4424 - (د) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أن عمر بن الخطاب قال: «هششت، فقبّلت، وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرا عظيما: قبّلت وأنا صائم، قال: أرأيت لو مضمت بالماء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس، قال: فمه!». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
هششت: هش إلى الأمر يهش: إذا مالت نفسه إليه وفرح به.
فمه؟: قوله: فمه، أي فماذا عليه؟ والهاء للسكت، ويجوز أن يكون مه بمعنى اسكت.

4425 - (ط) يحيى بن سعيد - رحمه الله -: أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب: «كانت تقبّل رأس عمر وهو صائم، فلا ينهاها». أخرجه الموطأ.
4426 - (ط) عائشة بنت طلحة: «كانت عند عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدخل عليها زوجها هنالك - وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق - وهو صائم، فقالت له عائشة: ما يمنعك من أن تدنو من أهلك فتقبّلها وتلاعبها؟ قال: أقبّلها وأنا صائم؟ قالت: نعم». أخرجه الموطأ.
4427 - (ط) زيد بن أسلم: «أن أبا هريرة، وسعد بن أبي وقاص: كانا يرخّصان في القبلة للصائم». أخرجه الموطأ.
4428 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: «أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصائم؟ فرّخص له، فأتاه آخر فسأله، فنهاه، فإذا الذي رخّص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب». أخرجه أبو داود.
4429 - (ط) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «كان يرخّص فيها للشيخ الكبير، ويكرهها للشاب». أخرجه الموطأ، وهذا لفظه: «أنه سئل عن القبلة للصائم؟ فأرخص فيها للشيخ الكبير وكرهها للشاب».
4430 - (ط) نافع - مولى ابن عمر - رضي الله عنهم -: أن عبد الله بن عمر: «كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم». أخرجه الموطأ.
[النوع] الرابع: المفطر ناسياً
4431 - (خ م د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه». أخرجه البخاري، ومسلم.
وعند الترمذي: «من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله».
وعند أبي داود: «أن رجلا جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله: أكلت وشربت ناسيا، وأنا صائم؟ فقال: الله أطعمك وسقاك».

الفصل الثالث: في زمان الصوم
الفرع الأول: في الأيام المستحب صومها
النوع الأول: قول كلي في الصوم
4432 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر من الشهر، حتى نظنّ أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظنّ أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته».
وفي رواية: قال حميد: «سألت أنسا عن صيام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: ما كنت أحبّ أن أراه من الشهر صائما إلا رأيته، ولا مفطرا إلا رأيته، ولا من الليل قائما إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته، ولا مسست خزّة، ولا حريرة ألين من كفّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا شممت مسكة، ولا عبيرة أطيب رائحة من رائحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه البخاري.
ولمسلم: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم حتى يقال: قد صام، [قد] صام، ويفطر حتى يقال: قد أفطر، [قد] أفطر». وأخرجه الترمذي الرواية الأولى.

4433 - (خ م س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «ما صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرا كاملا قطّ غير رمضان، وكان يصوم حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم». أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.
وزاد النسائي: «وما صام شهرا غير رمضان منذ قدم المدينة».

4434 - (س) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسرد الصوم، فيقال: لا يفطر، ويفطر، فيقال: لا يصوم». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
يسرد: سردت الصوم: إذا تابعت بعضه بعضا من غير إفطار.

4435 - (م ت س) عائشة - رضي الله عنها -: قال عبد الله بن شقيق العقيلي: «سألت عائشة عن صوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام، قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، قد أفطر، وما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة، إلا أن يكون رمضان».
وفي رواية قالت: «ما علمته صام شهرا كلّه إلا رمضان، ولا أفطره كلّه حتى يصوم منه، حتى مضى لسبيله». أخرجه مسلم.
وأخرج الترمذي، والنسائي الرواية الأولى.

النوع الثاني: في يوم عاشوراء
4436 - (خ م ط د ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر».
وفي رواية قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بصيام يوم عاشوراء...» الحديث.
وفي أخرى قالت: «كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوما تستر فيه الكعبة، قالت: فلما فرض رمضان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه».
وفي أخرى قالت: «كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه».
وفي أخرى: «فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه».
وفي أخرى: «أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية، ثم أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيامه، حتى فرض رمضان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من شاء صامه، ومن شاء فليفطر». أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الموطأ، وأبو داود، والترمذي الرواية الرابعة، وقالوا فيها: «وكان هو الفريضة». بعد قوله: «فلما فرض رمضان».

4437 - (خ م د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه».
وفي رواية قال: «ذكر عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء، فقال: ذاك يوم كان يصومه أهل الجاهلية، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه». أخرجه البخاري، ومسلم.
وللبخاري قال: «صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه».
ولمسلم مثل الثانية، وقال: «فمن أحبّ منكم أن يصومه فليصمه، ومن كره فليدعه». وأخرج أبو داود نحو الرواية الأولى.

4438 - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: «كان يوم عاشوراء يوما تعظّمه اليهود، وتتّخذه عيدا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صوموه أنتم».
وفي رواية: «كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتّخذونه عيدا، ويلبسون نساءهم فيه حليّهم وشارتهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فصوموه أنتم». أخرجه البخاري، ومسلم.

[شرح الغريب]
شارتهم: الشارة،الرواء والمنظر الحسن والزينة.

4439 - (خ م د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: [هذا] يوم صالح، نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوّهم، فصامه، فقال: أنا أحقّ بموسى [منكم]، فصامه -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه».
وفي رواية: «فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا، فنحن نصومه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمر بصيامه».
وفي أخرى بنحو ذلك، وفيه: «فنحن نصومه تعظيما له».
أخرجه البخاري، ومسلم، وأخرج أبو داود الرواية الآخرة.

4440 - (م) جابر بن سمرة - رضي الله عنه -: قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثّنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده». أخرجه مسلم.
4441 - (خ م) علقمة بن قيس النخعي: «أن الأشعث بن قيس دخل على عبد الله [بن مسعود] وهو يطعم يوم عاشوراء، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن اليوم يوم عاشوراء، فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك، فإن كنت مفطرا فاطعم». أخرجه البخاري، ومسلم.
ولمسلم نحوه، إلا أنه قال: «كان يوما يصومه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان تركه».
وله في أخرى مختصرا قال: «دخل الأشعث على عبد الله يوم عاشوراء فقال: ادن فكل، فقال: إني صائم، قال: كنا نصومه، ثم ترك».

[شرح الغريب]
يطعم: طعم الرجل يطعم: إذا أكل.

4442 - (خ م س) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلا من أسلم: أن أذّن في الناس: من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء».
وفي رواية «أنه قال لرجل من أسلم: أذّن في قومك - أو في الناس - بالشك». أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

4443 - (د) عبد الرحمن بن مسلمة: عن عمه «أن أسلم أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتمّوا بقيّة يومكم، واقضوه». أخرجه أبو داود، وقال: يعني يوم عاشوراء.
4444 - (خ م) الرّبيّع بنت معوّذ - رضي الله عنها -: قالت: أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائما فليتمّ صومه، ومن كان مفطرا فليتمّ بقية يومه، فكنّا بعد ذلك نصومه ونصوّمه صبياننا الصّغار، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللّعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم أعطيناها إياه، حتى يكون الإفطار.
وفي أخرى نحوه، قال: «ونصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللّعبة، نلهيهم بها حتى يتمّوا صومهم». أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
العهن: الصوف. وقيل: هو الصوف المصبوغ.

4445 - (س) قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: قال: «كنا نصوم عاشوراء، ونؤدّي زكاة الفطر، فلما نزل رمضان، ونزلت الزكاة: لم نؤمر به، ولم ننه عنه، وكنا نفعله». أخرجه النسائي.
4446 - (س) محمد بن صيفي - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء: «أمنكم أحد أكل اليوم؟ فقالوا: منا من صام، ومنا من لم يصم، قال: فأتمّوا بقية يومكم، وابعثوا إلى أهل العروض فليتمّوا بقية يومهم». أخرجه النسائي.
4447 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله -: بلغه: «أن عمر بن الخطاب أرسل إلى الحارث بن هشام: أن غدا يوم عاشوراء، فصم وأمر أهلك أن يصوموا». أخرجه الموطأ.
4448 - (خ م س) عبيد الله بن أبي يزيد: أنه سمع ابن عباس، وسئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: «ما علمت [أن] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهرا إلا هذا الشهر - يعني: رمضان -».
وفي حديث عبيد الله بن موسى [عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد] «ما رأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء، وهذا الشهر - يعني شهر رمضان». أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

4449 - (ت) أبو قتادة الأنصاري - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «صيام يوم عاشوراء: إني أحتسب على الله أن يكفّر السنّة التي قبله، [والسنة التي بعده]». أخرجه الترمذي.
4450 - (ت) عبد الله بن عباس: قال: «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصوم يوم عاشوراء: [يوم] العاشر». أخرجه الترمذي.
4451 - (خ م ط س) حميد بن عبد الرحمن: أنه «سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبا بالمدينة، يعني في قدمة قدمها خطبهم يوم عاشوراء - وفي حديث البخاري: عام حجّ - على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صامه، ومن شاء فليفطر». أخرجه البخاري، ومسلم، والموطأ، والنسائي.
4452 - (م د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع - يعني: يوم عاشوراء».
وفي رواية قال: «حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظّمه اليهود والنصارى؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإذا كان العام القابل - إن شاء الله - صمت اليوم التاسع، فلم يأت العام المقبل حتى توفّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية الحكم بن الأعرج قال: «انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسّد رداءه في زمزم، فقلت: أخبرني عن صوم عاشوراء؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما، قلت: هكذا كان محمد -صلى الله عليه وسلم- يصومه؟ قال: نعم». أخرجه مسلم.
وأخرج أبو داود الثانية، والثالثة.
وفي رواية ذكرها رزين عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: «صوموا التاسع والعاشر، خالفوا اليهود».

[شرح الغريب]
لأصومن التاسع: قال الخطابي: يجوز أن يكون أراد بصوم التاسع: مخالفة اليهود، فيصوم اليوم التاسع، ويدع العاشر، ويجوز أن يكون أراد: أن يصله بيوم قبله، كراهية أن يصوم يوما فردا لا يصله بصيام قبله ولا بعده، وأما قول ابن عباس: «إن عاشوراء هو اليوم التاسع» فإن بعض أهل اللغة زعم: أن يوم عاشوراء مأخوذ من أعشار أوراد الإبل، والعشر عندهم: تسعة أيام، وذلك أنهم يحسبون في الإظماء يوم الورد، فإذا وردوا يوما وأقاموا في الرعي يومين، ثم وردوا اليوم الثالث قالوا: وردنا ربعا، وإنما هو اليوم الثالث في الإظماء، وإذا قاموا في الرعي ثلاثا ووردوا في اليوم الرابع قالوا: وردنا خمسا، وعلى هذا الحساب بهذا القياس، وإنما هو اليوم التاسع، وإليه ذهب ابن عباس.

4453 - (س) حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما -: قالت: «أربع لم يكن يدعهنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتان قبل الفجر». أخرجه النسائي.
النوع الثالث: في صوم رجب
4454 - (خ م د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال عثمان بن حكيم الأنصاري: «سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب ونحن يومئذ في رجب؟ فقال: سمعت ابن عباس يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم، حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم». أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه أبو داود عن عثمان بن حكيم: أنه سأل سعيد ابن جبير؟... وذكر الحديث.

النوع الرابع: في صوم شعبان
4455 - (خ م ط د س ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم، حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قطّ إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان».
وفي رواية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «سألت عائشة عن صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: كان يصوم، حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قطّ أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كلّه، كان يصوم شعبان إلا قليلا». أخرج الأولى البخاري، ومسلم، والموطأ، وأبو داود، وأخرج الثانية مسلم، والنسائي.
وفي رواية الترمذي قالت: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كلّه».
وفي أخرى لأبي داود قالت: «كان أحبّ الشهور إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصومه: شعبان، ثم يصله برمضان».
وأخرج النسائي أيضا رواية الترمذي، وأبي داود.
وللنسائي أيضا قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وكان يصوم شعبان، أو عامّة شعبان».
وفي أخرى له قالت: «لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لشهر أكثر صياما منه لشعبان، كان يصومه، أو عامّته».
وفي أخرى له قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شعبان إلا قليلا».
وفي أخرى: «كان يصوم شعبان كلّه».
وفي رواية البخاري، ومسلم قالت: «لم يكن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كلّه، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا، وأحبّ الصلاة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما دوم عليه، وإن قلّت، وكان إذا صلّى صلاة داوم عليها».

[شرح الغريب]
لا يمل حتى تملوا: قد تقدم تفسير هذا الكلام مستوفى في كتاب الاعتصام من حرف الهمزة، ونحن نذكر منه ها هنا بعضه، قالوا: المراد بهذا الحديث: أن الله عز وجل لا يمل أبدا، مللتم أو لم تملوا، وقيل: أراد أن الله لا يطّرحكم حتى تتركوا العمل، فسمى الفعلين مللا، وكلاهما ليس بملل، وقيل: أراد أن الله لا يقطع فضله حتى تملوا سؤاله.

4456 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: بمثل حديث قبله عن عائشة، ولم يذكر أبو داود لفظ أبي هريرة، وحديث عائشة الذي أخرجه أبو داود، وأحال بحديث أبي هريرة عليه: هو الرواية الأولى من حديثها المقدّم ذكره، قال أبو داود: وزاد أبو هريرة «كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كلّه».
4457 - (د ت س) أم سلمة - رضي الله عنها -: قالت: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان، ورمضان». أخرجه الترمذي.
وعند أبي داود: «لم يكن يصوم من السّنة شهرا تاما إلا شعبان، كان يصله برمضان».
وأخرج النسائي الروايتين.
وله في أخرى: «ما رأيته يصوم شهرين متتابعين، إلا أنه كان يصل شعبان برمضان».

4458 - (س) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: قال: «قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحبّ أن يرفع عملي، وأنا صائم». أخرجه النسائي.
النوع الخامس: ست من شوال
4459 - (م د ت) أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «من صام رمضان وأتبعه بستّ من شوّال كان كصيام الدّهر». أخرجه مسلم، والترمذي.
وعند أبي داود: «فكأنما صام الدهر».

النوع السادس: عشر ذي الحجة
4460 - (د س) هنيدة بن خالد: عن امرأته عن بعض أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر، والخميس». أخرجه أبو داود.
وفي رواية النسائي مثله، وقال: «اثنين من الشهر، وخميسين».
وفي أخرى: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصوم العشر، وثلاثة أيام من كل شهر، الأثنين والخميسين».

4461 - (م د ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صائما في العشر قطّ». أخرجه مسلم، والترمذي، وأبو داود إلا أن أبا داود أسقط منه لفظه: «في».
4462 - (ط) القاسم بن محمد بن أبي بكر: قال: «كانت عائشة تصوم يوم عرفة، ولقد رأيتها عشيّة عرفة: يدفع الإمام ثم تقف، حتى يبيضّ ما بينها وبين الناس من الأرض، ثم تدعو بشراب فتفطر». أخرجه الموطأ.
4463 - (ت) أبو قتادة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «صيام يوم عرفة: إني أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي بعده والسّنّة التي قبله». أخرجه الترمذي.
النوع السابع: أيام الأسبوع
4464 - (ت س) عائشة - رضي الله عنها -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتحرّى صيام يوم الاثنين والخميس». أخرجه الترمذي، والنسائي.
وفي رواية للنسائي: «أن رجلا سأل عائشة عن الصيام؟ فقالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم شعبان كلّه، ويتحرى صيام يوم الاثنين والخميس».
وفي أخرى له قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شعبان، ورمضان، ويتحرّى يوم الاثنين والخميس».
وفي أخرى: «كان يصوم الاثنين والخميس».

4465 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «تعرض الأعمال على الله يوم الاثنين ويوم الخميس، فأحبّ أن يعرض عملي، وأنا صائم». أخرجه الترمذي.
4466 - (د س) مولى أسامة بن زيد: «أنه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى في طلب مال له، فكان يصوم الاثنين والخميس، فقال له مولاه: لم تصوم الاثنين والخميس، وأنت شيخ كبير؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم الاثنين والخميس، فسئل عن ذلك؟ فقال: إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين، ويوم الخميس». أخرجه أبو داود.
وعند النسائي: قال أسامة: «قلت: يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم، إلا يومين إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما؟ قال: أيّ يومين؟ قلت: الاثنين والخميس، قال: ذلك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».

4467 - (د س) حفصة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى». أخرجه أبو داود، والنسائي.
وللنسائي في أخرى بزيادة في أوله قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أخذ مضجعه جعل كفّه اليمنى تحت خدّه الأيمن، وكان يصوم الاثنين والخميس».

4468 - (د س) هنيدة الخزاعي: عن أمه قالت: «دخلت على أمّ سلمة، فسألتها عن الصيام؟ فقالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أولها الاثنين والخميس». أخرجه أبو داود.
وفي رواية النسائي: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس من هذه الجمعة، والإثنين من المقبلة».
وفي أخرى: «أول اثنين من الشهر، ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه».
وفي أخرى: «كان يأمر بصيام ثلاثة أيام: أول خميس، والاثنين، والاثنين».

4469 - (س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر: يوم الاثنين من أول الشهر، والخميس الذي يليه، [ثم الخميس الذي يليه]». أخرجه النسائي.
4470 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم من الشهر: السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء، والأربعاء، والخميس». أخرجه الترمذي.
4471 - عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصوم كلّ أربعاء وخميس». أخرجه....
4472 - (د ت) مسلم القرشي - رضي الله عنه -: قال: «سألت - أو سئل- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيام الدهر، فقال: إن لأهلك عليك حقّا، فصم رمضان، والذي يليه، وكلّ أربعاء، وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر كلّه». أخرجه الترمذي، وأبو داود.

النوع الثامن: في أيام البيض
4473 - (د س) عبد الملك بن ملحان القيسي: عن أبيه قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، قال: وقال: هنّ كهيئة الدهر». أخرجه أبو داود.
وعند النسائي قال: عن عبد الملك بن قدامة بن ملحان عن أبيه قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بصوم أيام الليالي الغرّ البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وله في أخرى عن عبد الملك عن أبيه - ولم يسمّ أباه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بهذه الأيام الثلاث البيض، ويقول: هن صيام الشهر».
وله في أخرى عن عبد الملك بن أبي المنهال عن أبيه: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بصيام ثلاثة أيام البيض، وقال: هي صوم الشهر».
قلت: هكذا رويناه في كتاب النسائي، والذي قد جاء في أسماء الصحابة على اختلاف الكتب: أن عبد الملك: هو ابن قتادة، لا قدامة، وجاء في رواية أخرى: أنه ابن قتادة بن منهال، لا ابن أبي المنهال، والله أعلم.

[شرح الغريب]
أيام البيض: الأيام البيض من كل شهر: ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر، وسميت بيضا، لأن لياليها بيض، لطلوع القمر فيها من أولها إلى آخرها. ولا بد من حذف مضاف، تقديره: أيام الليالي البيض.
الغر البيض: [مأخوذ] من غرة الفرس، وهو البياض الذي يكون في وجهه.

4474 - (ت س) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وفي رواية النسائي: «أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وله في أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا صمت شيئا فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وفي أخرى: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: «عليكم بصيام ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
وفي أخرى: «أمر رجلا».
وفي أخرى عن ابن الحوتكيّة قال: قال أبي: «جاء أعرابي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعه أرنب قد شواها، وخبز فوضعها بين يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: إني وجدتها تدمي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: لا يضرّ كلوا، وقال للأعرابيّ: كل، [قال]: إني صائم، قال: صوم ماذا؟ قال: صوم ثلاثة أيام من الشهر، قال: إن كنت صائما فعليك بالغرّ البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة».
قال النسائي: الصواب عن أبي ذر، ويشبه أن يكون وقع من الكتّاب «ذر» فقيل: «أبي».
وفي أخرى عن موسى بن طلحة: «أن رجلا أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأرنب، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مدّ يده إليها، فقال الذي جاء بها: إني رأيت بها دما، فكفّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، وأمر القوم أن يأكلوا، وكان في القوم رجل منتبذ، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: مالك؟ قال: إني صائم، فقال له النبيّ: فهلا ثلاث البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة؟».
وفي أخرى نحوه، وفيه «وقال لمن عنده: كلوا، فإني لو اشتهيتها أكلتها».

[شرح الغريب]
تدمى: أي أنها ترى الدم، وذلك أن الأرنب يجيئها الدم، كما تحيض المرأة.
منتبذ: الانتباذ الانفراد والتنحي عن الناس.

4475 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «جاء أعرابي إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يأكل، وأمر القوم أن يأكلوا، وأمسك الأعرابيّ، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ما يمنعك أن تأكل؟ قال: إني أصوم ثلاثة أيام من الشهر، قال: إن كنت صائما فصم الغرّ». أخرجه النسائي.
4476 - (س) جرير بن عبد الله - رضي الله عنهما -: عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر: صيام الدهر، وأيام البيض: صبيحة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة». أخرجه النسائي.
4477 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يفطر أيام البيض في حضر، ولا سفر». أخرجه النسائي.
النوع التاسع: في الأيام المجهولة من كل شهر
4478 - (خ م س د ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قد تقدّم لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص روايات عدة طويلة في كتاب الاعتصام من حرف الهمزة وغيره.
ونحن نذكر في هذا الفصل ما بقي من طرقه على اختلاف ألفاظها وطولها وقصرها.
قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «إنك لتصوم الدهر، وتقوم الليل؟ قلت: نعم. قال: إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونفهت له النّفس، لا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام: صوم الدّهر كلّه، قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: فصم صوم داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوما، ولا يفرّ إذا لاقى».
زاد في رواية: «من لي بهذه يا نبيّ الله؟ وقال: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد؟ فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: لا صام من صام الأبد - مرتين».
وفي أخرى: قال له «ألم أخبر أنك تصوم، ولا تفطر، وتصلّي الليل؟ فلا تفعل، فإنّ لعينك حظّا، ولنفسك حظّا، ولأهلك حظّا، فصم وأفطر، وصلّ ونم، وصم من كلّ عشرة أيام يوما، ولك أجر تسعة». وفيه: «لا صام من صام الأبد - ثلاثا».
وفي أخرى: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر له صومي، فدخل عليّ، فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه، فقال: أما يكفيك من كلّ شهر ثلاثة أيام؟ قال: قلت: يا رسول الله، قال: خمسا؟ قلت: يا رسول الله، قال: سبعا؟ قلت: يا رسول الله، قال: تسعا؟ قلت: يا رسول الله، قال: إحدى عشرة، ثم قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: لا صوم فوق صوم داود عليه السلام: شطر الدّهر، صم يوما، وأفطر يوما». أخرجه البخاري، ومسلم.
ولمسلم: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: «صم يوما، ولك أجر ما بقي»، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم يومين، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم [أربعة أيام، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك. قال: صم] أفضل الصيام عند الله: صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوما، ويفطر يوما.
وله في أخرى قال: «بلغني أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ فلا تفعل، فإن لجسدك عليك حظّا، ولعينك عليك حظّا، و[إن] لزوجك [عليك] حظّا، صم وأفطر، صم من كلّ شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر. قلت: يا رسول الله، إن بي قوة. قال: فصم صوم داود عليه السلام، صم يوما، وأفطر يوما، فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرّخصة».
وأخرج النسائي الرواية الثانية التي فيها ذكر الوسادة، والرواية الأولى، ورواية مسلم الأولى.
وله في أخرى قال: «ذكرت للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- الصوم، فقال: صم من كل عشرة أيام يوما، ولك أجر تلك التسعة، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: صم من كل تسعة [أيام] يوما، ولك أجر تلك الثمانية، فقلت: إني أقوى من ذلك، قال: فصم من كلّ ثمانية أيام يوما، ولك أجر تلك السبعة، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل حتى قال: صم يوما، وأفطر يوما».
وله في أخرى قال: «أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يأتيها فيسألها عن بعلها؟ فقالت: نعم الرّجل من رجل، لم يطأ لنا فراشا ولم يفتّش لنا كنفا منذ أتيناه، فذكر ذلك للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ائتني به، فأتيته معه، فقال: كيف تصوم؟ قلت: كلّ يوم، قال: صم من كلّ جمعة ثلاثة أيام، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوما وأفطر يومين، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصيام: صيام داود عليه السلام: صوم يوم، وفطر يوم».
وله في أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: يا رسول الله، ما أردت بذلك إلا الخير، قال: لا صام من صام الأبد، ولكن أدلّك على صوم الدّهر: ثلاثة أيام من كلّ شهر، قلت: يا رسول الله، إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم خمسة أيام، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: فصم عشرا، فقلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم صوم داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوما».
وله في أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوما، ويفطر يوما».
وقد أطال النسائي في تخريج طرق هذا الحديث: وقد ذكرنا بعضها في كتاب الاعتصام، وبعضها هنا، وبعضها تكرر، فلم نحتج إلى ذكره، ومن جملة طرقه قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: خمسة أيام، وقال: ثلاثة أيام من الشهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه حتى قال: صم أحبّ الصيام إلى الله عز وجل: صوم داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما».
وأخرج أبو داود غير ما تقدّم ذكره في كتاب الاعتصام، وكتاب تلاوة القرآن، وفي رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن ابن عمرو قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صم من كلّ شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر، فناقضني وناقضته، فقال: صم يوما وأفطر يوما - قال عطاء: فاختلفنا عن أبي، فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا: خمسا».
وأخرج الترمذي من هذا الحديث أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أفضل الصوم صوم أخي داود: كان يصوم يوما، ويفطر يوما، ولا يفرّ إذا لاقى».

[شرح الغريب]
هجمت له العين: هجوم العين: غورها ودخولها في مكانها من الضعف.
نفهت له النفس: نفهت النفس - بالنون - إذا أعيت وسئمت.
كنفا: الكنف الجانب أرادت أنه لم يقربها، ولم يطلع منها على ما جرت بها عادة الرجال مع نسائهم.
فناقضني: المناقضة المراددة في القول، ينقض قولي وأنقض قوله.

4479 - (م د ت) معاذة بنت عبد الرحمن العدوية: قالت: سألت عائشة: «أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم من كلّ شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت لها: من أيّ أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أيّ أيام الشهر يصوم». أخرجه مسلم، والترمذي، وأبو داود.
4480 - (ت س) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام من كلّ شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] اليوم بعشرة أيام». أخرجه الترمذي، وقال: وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة.
وفي رواية النسائي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام ثلاثة أيام من الشهر فقد صام الدهر كلّه، ثم قال: صدق الله في كتابه: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}».
وله في أخرى: «من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد تمّ صوم الشهر، أو: فله صوم الشهر».

4481 - (م د س) أبو قتادة الأنصاري - رضي الله عنه -: قال: إنّ رجلا أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله، فلما رأى عمر غضبه، قال: رضينا بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيّا - وفي رواية: وببيعتنا بيعة - نعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله، فجعل عمر يردّد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كلّه؟ قال: لا صام، ولا أفطر - أو قال: لم يصم، ولم يفطر - قال: كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: ويطيق ذاك أحد؟ قال: كيف بمن يصوم يوما ويفطر يوما؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام، قال: كيف بمن يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أنّي طوّقت ذلك، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاث من كلّ شهر، ورمضان إلى رمضان: فهذا صيام الدهر كلّه، صيام يوم عرفة: أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام [يوم] عاشوراء: أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله».
وفي رواية مثله ونحوه، إلى قوله: «ذاك صوم أخي داود عليه السلام، قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه، وفيه بعثت، وفيه أنزل عليّ، قال: فقال: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ورمضان إلى رمضان: صيام الدهر، قال: وسئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية والباقية، قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السنة الماضية».
وفي هذا الحديث في رواية شعبة قال: «وسئل عن صوم الاثنين والخميس؟ فسكتنا عن ذكر الخميس، لما نراه وهما».
وفي رواية بمثله، غير أنه ذكر: «الاثنين»، ولم يذكر «الخميس».
وفي رواية: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ». أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود مثل الأولى، ولم يذكر «وببيعتنا بيعة».
وزاد في أخرى: «قال: يا رسول الله، أرأيت [صوم] الاثنين، والخميس؟ فقال: فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ القرآن».
وفي رواية النسائي: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صومه؟ فغضب، فقال عمر: رضينا بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وسئل عن صيام الدهر؟ فقال: لا صام، ولا أفطر، أو ما صام، وما أفطر».
وفي أخرى له: قال عمر: «يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدّهر كلّه؟ قال: لا صام، ولا أفطر، أو ما صام، وما أفطر، أو لم يصم، ولم يفطر... وذكر الحديث، إلى قوله: هذا صيام الدّهر كلّه».

[شرح الغريب]
فغضب رسول الله: يشبه أن يكون غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسألته إياه عن صومه كراهية أن يقتدي به السائل في ذلك فيعجز عنه ويسأمه ويمله، أو أنه يفعله فيكون من غير نية وإخلاص، فقد «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يواصل وينهى أمته عن الوصال» وقد ترك بعض النوافل خوفا [من] أن يقتدي به أمته فيعجزوا.
وددت أني طوقت: يقول: ليتني طوقت هذا الأمر، أي ليته جعل داخلا في طاقتي وقدري، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- عاجزا عن ذلك غير مطيق له لضعف يه، ولكنه يحتمل أنه إنما خاف العجز عنه للحقوق التي تلزمه لنسائه، لأن ذلك يخل بحظوظهن منه.

4482 - (س) عمرو بن شرحبيل - رحمه الله -: عن رجل من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «قيل للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: رجل يصوم الدّهر؟ فقال: وددت أنه لم يطعم الدّهر، قالوا: فثلثيه؟ قال: أكثر، قالوا: فنصفه؟ قال: أكثر، ثم قال: ألا أخبركم بما يذهب وحر الصّدر؟ صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر».
وفي أخرى عن عمرو بن شرحبيل قال: «أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل صام الدّهر كلّه؟... الحديث». أخرجه النسائي.

4483 - (س) عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «صيام حسن: صيام ثلاثة أيام من كل شهر». أخرجه النسائي.
4484 - (س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم ثلاثة أيام من كلّ شهر». أخرجه النسائي.
4485 - (س) أبو عقرب [البكري الكناني] - رضي الله عنه -: أنه «سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصوم، فقال: صم يوما من كلّ شهر، فاستزاده، فقال: بأبي أنت وأمّي، إني أجدني قويا، فزاده، فقال: صم يومين من كلّ شهر، قال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، إني أجدني قويا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني أجدني قويا، إني أجدني قويا، فما كاد أن يزيده، فلما ألحّ عليه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صم ثلاثة أيام من كلّ شهر».
وفي رواية قال: «سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصوم، فقال: صم يوما من الشهر، قلت: يا رسول الله زدني، [زدني] قال: تقول: يا رسول الله زدني [زدني] يومين من كلّ شهر، قلت: يا رسول الله زدني [زدني]، إني أجدني قويّا، فقال: زدني، زدني، إني أجدني قويا ! فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننت أنه ليزيدني، قال: صم ثلاثة أيام من كلّ شهر». أخرجه النسائي.

4486 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «شهر الصّبر وثلاثة أيام من كلّ شهر: صوم الدّهر». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
شهر الصبر: هو شهر رمضان، وأصل الصبر: الحبس، وسمي الصيام صبرا: لما فيه من حبس النفس عن الطعام، والشراب، والنكاح.

4487 - (د) مجيبة الباهلية: عن أبيها أو عمها «أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيّرت حالته، وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهليّ الذي جئتك عام أوّل، قال: فما غيّرك، وكنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلا بليل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلم عذّبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصّبر، ويوما من كلّ شهر، قلت: زدني فإنّ بي قوّة، قال: صم يومين، قلت: زدني، قال: صم ثلاثة، قلت: زدني، قال: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم، واترك، وقال بأصابعه الثلاثة، فضمّها، ثم أرسلها». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الحرم: الأشهر الحرم ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.

4488 - (ت د س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم من غرّة كلّ شهر ثلاثة أيام». أخرجه أبو داود.
وزاد الترمذي، والنسائي: «وقلّما كان يفطر يوم الجمعة».

[شرح الغريب]
غرة كل شهر: أوله، ويقال للثلاثة أيام من أول الشهر: غرر.

4489 - (خ م د ت س) أبو هريرة، وأبو الدرداء - رضي الله عنهما -: قال كلاهما: «أوصاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث لا أدعهنّ في سفر، ولا حضر: صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر، ولا أنام إلا على وتر، وسبحة الضّحى». أخرجه الجماعة إلا الموطأ باختلاف ألفاظهم في تقديم بعضها على بعض، وقد تقدّم الحديث في صلاة الضحى.
4490 - (ت) عامر بن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الغنيمة الباردة: الصوم في الشتاء». أخرجه الترمذي، وقال: هو مرسل لأن عامر ابن مسعود لم يدرك النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
4491 - (خ م) علقمة - رحمه الله -: قال: «قلت لعائشة: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختصّ يوما من الأيام شيئا؟ قالت: لا، كان عمله ديمة، وأيّكم يطيق ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطيق؟». أخرجه البخاري، ومسلم.
[شرح الغريب]
ديمته: الديمة: المطر الدائم في سكون، فتشبه به الأعمال الدائمة مع القصد والرفق.

الفرع الثاني: في الأيام التي يحرم صومها
النوع الأول: في أيام العيد والتشريق
4492 - (خ م د ت) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: قال قزعة: سمعت منه حديثا فأعجبني، فقلت له: أنت سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فأقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم أسمع؟ قال: سمعته يقول: «لا يصلح الصيام في يومين: يوم الفطر، ويوم الأضحى».
وفي رواية: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النّحر». أخرجه مسلم.
وعند البخاري قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الفطر، و[يوم] النّحر، وعن الصّمّاء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد، وعن الصلاة بعد الصبح [والعصر]».
وفي رواية الترمذي: «نهى عن صيامين: صوم يوم الأضحى، ويوم الفطر».
وعند أبي داود مثل البخاري، وقال في حديثه: «وعن الصلاة في ساعتين: بعد الصبح، وبعد العصر».

[شرح الغريب]
الصماء: اشتمال الصماء: هيئة مخصوصة من اللبس، وقد تقدم ذكره مستقصى في كتاب الصلاة.
يحتبي: الاحتباء أن يجمع الإنسان بين ظهره وركبتيه بحبل أو ثوب فيستند إليه.

4493 - (م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيام يوم الأضحى، والفطر». أخرجه مسلم، والموطأ.
4494 - (م) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم الأضحى». أخرجه مسلم.
4495 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «كان أبو طلحة قلّما يصوم على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رأيته مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى». أخرجه البخاري.
4496 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله -: أنه سمع أهل العلم يقولون: «لا بأس بصيام الدّهر إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامها، وهي: أيام منى، ويوم الأضحى، ويوم الفطر فيما بلغنا، وذلك أحبّ ما سمعت إليّ في ذلك». أخرجه الموطأ.
4497 - (خ م ط د ت) أبو عبيد سعد بن عبيد - مولى ابن أزهر: عن عمر وعلي مسندا، وعن عثمان موقوفا: «أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فقال: يا أيّها الناس إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاكم عن صيام هذين العيدين - وقال بعضهم: اليومين - الفطر والأضحى، أمّا أحدهما: فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر: فيوم تأكلون فيه من نسككم، قال أبو عبيد: ثم شهدته مع عثمان بن عفّان - رضي الله عنه -، فصلّى قبل أن يخطب، وكان ذلك يوم جمعة، فقال لأهل العوالي: من أحبّ أن ينتظر الجمعة فليفعل، ومن أحبّ أن يرجع إلى أهله فقد أذنّا له، ثم شهدته مع عليّ - رضي الله عنه -، فصلّى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهاكم أن تأكلوا من لحوم نسككم فوق ثلاث».
ليس في رواية مالك «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحوم النّسك فوق ثلاث». أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرجه الموطأ، وزاد بعد قوله: «مع علي بن أبي طالب»: «وعثمان محصور». وانتهت روايته عند قوله: «ثم خطب».
وأخرجه الترمذي قال: «شهدت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في يوم نحر بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن صوم هذين اليومين، أمّا يوم الفطر: ففطركم من صومكم، وعيد المسلمين، وأمّا يوم الأضحى: فكلوا من لحم نسككم».
وأخرجه أبو داود مثل الترمذي، وفيه «أما يوم الأضحى: فتأكلون من لحم نسككم، وأمّا يوم الفطر: ففطركم من صيامكم».

[شرح الغريب]
نسككم: النسك ها هنا: الذبيحة، يريد بها الضحية.

4498 - (خ م) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «جاء إليه رجل فقال: إني نذرت أن أصوم يوما، فوافق [يوم] أضحى، أو فطر، فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النّذر، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم هذا اليوم». أخرجه البخاري ومسلم، ولهما رواية أخرى ترد في كتاب النذور.
4499 - (ط د) أبو مرة - مولى أم هانئ: قال: «أخبرني عبد الله بن عمرو: أنه دخل على أبيه في أيام التشريق، فوجده يأكل، قال: فدعاني، فقلت له: لا آكل، إني صائم، فقال: كل، فإن هذه الأيام التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بإفطارها، وينهى عن صيامها».أخرجه الموطأ.
وفي رواية أبي داود «أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه، فقرّب إليه طعاما، فقال: كل، فقال: إني صائم، فقال عمرو: كل فهذه الأيام التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بإفطارها، وينهى عن صيامها». قال مالك: هي أيام التشريق.

[شرح الغريب]
أيام التشريق: ثلاثة أيام بعد يوم النحر، سمّيت بذلك لأنهم كانوا يشرّقون فيها لحوم الأضاحي في الشمس، وقد استوفينا ذكر ذلك في كتاب الحج من حرف الحاء.

4500 - (د ت س) عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «يوم عرفة، ويوم النّحر، وأيام التشريق: عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب». أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
4501 - (م) نبيشة الهذلي - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أيام التشريق أيّام أكل وشرب، وذكر الله». أخرجه مسلم.
4502 - (ط م) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «بعث عبد الله بن حذافة أيام منى يطوف، يقول: إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله». أخرجه الموطأ.
وفي رواية مسلم: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره أن ينادي في أيام التشريق: أنّها أيام أكل وشرب».
قال الحميديّ: أخرجه خلف الواسطيّ في كتابه عن مسلم، قال: ولم أجده فيما عندنا من كتاب مسلم.

4503 - (س) بشر بن سحيم - رضي الله عنه -: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمره أن ينادي في أيام التشريق: أنّه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وهي أيام أكل وشرب». أخرجه النسائي.
4504 - (م) كعب بن مالك - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق، فناديا: إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب». أخرجه مسلم.
4505 - (ط) سليمان بن يسار - رحمه الله -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم أيام التشريق». أخرجه الموطأ.
4506 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «الصيام تمتّع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديا، ولم يصم صام أيام منى».
وعن عائشة مثله، وقال: «لم يرخّص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي». أخرجه البخاري.

النوع الثاني: في يوم الشك
4507 - (ت د س) صلة بن زفر: قال: «كنّا عند عمّار في اليوم الذي يشك فيه من شعبان، أو رمضان، فأتينا بشاة مصليّة، فتنحّى بعض القوم، فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه الترمذي، وأبو داود، والنسائي.

4508 - (س) سماك بن حرب: قال: «دخلت على عكرمة في يوم - يعني: قد أشكل: من رمضان هو، أو من شعبان؟ - وهو يأكل خبزا وبقلا ولبنا، فقال لي: هلمّ، فقلت: إني صائم، فقال - وحلف بالله -: لتفطرنّ: قلت: سبحان الله ! مرتين، فلما رأيته يحلف لا يستثني تقدّمت، فقلت: هات الآن ما عندك، قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة، أو ظلمة، فأكملوا العدّة: عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان». أخرجه النسائي.
4509 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله -: قال: سمعت أهل العلم ينهون عن صوم اليوم الذي يشكّ فيه: إنّه من شعبان، أو رمضان؟ إذا نوي به الفرض، ويرون أنّ على من صامه على غير رؤية، ثم جاء الثّبت أنّه رمضان - القضاء، ولا يرون في صيامه تطوعا بأسا. أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
التّثبت: الحجّة والبيّنة.

الفرع الثالث: في الأيام التي يكره صومها
النوع الأول: صوم الدهر
4510 - (س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: من صام الأبد فلا صام ولا أفطر».
وفي أخرى إلى قوله: «فلا صام». أخرجه النسائي.

4511 - (س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام الأبد فلا صام ولا أفطر».
وفي أخرى قال: «بلغ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أني أسرد الصوم... وساق الحديث». قال عطاء: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد: «لا صام من صام الأبد». أخرجه النسائي.

4512 - (س) عمران بن حصين - رضي الله عنه -: قال: قيل: يا رسول الله، إن فلانا لا يفطر نهارا الدهر، قال: «لا صام ولا أفطر». أخرجه النسائي.
4513 - (س) عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه -: قال: «قيل: يا رسول الله، إن فلانا لا يفطر نهاره الدّهر؟ قال: لا صام، ولا أفطر». أخرجه النسائي.
4514 - (ت س) أبو قتادة - رضي الله عنه -: قال: «قيل: يا رسول الله كيف بمن صام الدهر؟ قال: لا صام، ولا أفطر». أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي عن أبي قتادة عن عمر قال: «كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمررنا برجل، فقالوا: يا رسول الله، هذا لا يفطر منذ كذا وكذا، فقال: لا صام، ولا أفطر».
وهذا الحديث طرف من حديث قد أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وقد تقدّم في النوع التاسع من الفرع الأول من هذا الفصل.

النوع الثاني: صوم أواخر شعبان
4515 - (د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا». أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي: «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا».

4516 - (خ م د ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يتقدمنّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلا كان يصوم صوما فليصمه». أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.
وللترمذي في أخرى بزيادة: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين».
وأخرجه النسائي مثلهم، وله في أخرى قال: «ألا لا تتقدّموا قبل الشهر بصيام، إلا رجل كان يصوم صياما أتى ذلك اليوم على صيامه».

4517 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تتقدّموا الشهر بصيام يوم أو يومين، إلا أن يوافق ذلك يوما كان يصومه أحدكم». أخرجه النسائي، وقال: هذا خطأ.
4518 - (خ م د) عمران بن حصين - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أما صمت من سرر هذا الشهر؟ يعني: آخر شعبان» قال: لا، قال: «إذا أفطرت فصم يومين».
وفي رواية قال: «أصمت سرر هذا الشهر؟ قال: أظنه يعني رمضان».
وفي أخرى: «من سرر شعبان»، قال البخاري: «وشعبان» أصح.
وفي أخرى: «أصمت من سرّة هذا الشهر؟». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية أبي داود قال: «هل صمت من سرر شعبان [شيئا]؟» قال: لا، قال: «فإذا أفطرت فصم يوما». وفي أخرى قال: «يومين».

[شرح الغريب]
سرّ الشهر: آخره، وكذلك سرره وسراره.
قال الخطابي: وما روي عن الأوزاعي أنه قال: «سرّه»: أوله، غلط في النقل، ولا أعرف له وجها في اللغة، قال: وقوله في الحديث: «صوموا الشهر» يريد: مستهلّ الشهر، والعرب تسمي الهلال شهرا، قال: والشهر مثل قلامة الظفر، قال: وفي «السر» ثلاث لغات: سرّه، وسره، وسراره. قال: ويجوز أن يكون سرّه: وسطه، وسرّ كل شيء: جوفه ووسطه، ومنه سرّة الإنسان، فيكون حثّا على صيام الأيام البيض، قال: وقوله: «هل صمت من سرر شعبان شيئا؟ قال: لا» يشبه أن يكون سؤال زجر وإنكار؛ لأنه قد نهى أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين، ويشبه أن يكون هذا الرجل قد أوجبهما على نفسه، فاستحب له الوفاء بهما، وأن يجعل قضاءهما في شوال.

4519 - (د) المغيرة بن فروة: قال: «قام معاوية في الناس بدير مسحل، الذي على باب حمص، فقال: يا أيّها الناس، إنا قد رأينا الهلال يوم كذا، وكذا، وإني متقدّم بالصيام، فمن أحبّ أن يفعله فليفعله، [قال]: فقام إليه مالك بن هبيرة السبئيّ، فقال: يا معاوية، أشيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أم شيء من رأيك؟ فقال: بل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: صوموا الشهر وسرّه».
قال الأوزاعي: «سرّه: أوّله». أخرجه أبو داود.
وزاد رزين: وقال غيره: «أوسطه»، وقال جماعة: هو آخره، حين يستسرّ الهلال، وهو الذي عنى معاوية.

النوع الثالث: صوم يوم عرفة
4520 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة». أخرجه أبو داود.

4521 - (خ م) ميمونة أم المؤمنين - رضي الله عنها -: «أن الناس شكّوا في صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة، فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف في الموقف، فشرب والنّاس ينظرون». أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
بجلاب الحلاب: قدح يحلب فيه، بملء قدر الحلبة.

4522 - (خ ط د) أم الفضل - رضي الله عنها -: «أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره فشربه».
وفي رواية: «فبعثت إليه بشراب فشربه». أخرجه البخاري، والموطأ، وأبو داود.

4523 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفطر بعرفة، وأرسلت إليه أمّ الفضل بلبن فشربه». أخرجه الترمذي.
4524 - (ت) عبد الله بن أبي نجيح يسار: عن أبيه قال: «سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة، فقال: حججت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فلم يصم، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه، ولا آمر به، ولا أنهى عنه». أخرجه الترمذي.
النوع الرابع: صوم الجمعة والسبت
4525 - (خ م د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يصومنّ أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو بعده». هذا لفظ البخاري.
وعند مسلم: «لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله، أو يصوم بعده».
وله في أخرى: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تختصّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم».
وعند الترمذي مثل الرواية الثانية.
وعند أبي داود مثلها، وقال: «إلا أن يصوم قبله بيوم أو بعده».

4526 - (خ د) جويرية - رضي الله عنها -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: تريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري». أخرجه البخاري، وأبو داود.
4527 - (خ م) محمد بن عباد: قال: «سألت جابر بن عبد الله وهو يطوف بالبيت: أنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيام يوم الجمعة؟ قال: نعم، وربّ هذا البيبت». أخرجه البخاري ومسلم.
زاد البخاري في رواية: «يعني: أن ينفرد بصيامه».

4528 - (د ت) عبد الله بن بسر السلمي: عن أخته الصّماء: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجر فليمضغه». أخرجه الترمذي، وأبو داود.
وقال أبو داود: هذا حديث منسوخ.

[شرح الغريب]
لحاء عنبة: اللّحاء: قشر الشجر، وأراد به: قشر العنبة التي يجمع ماؤها.

الفصل الرابع: في سنن الصوم وجائزاته ومكروهاته
الفرع الأول: في السحور
النوع الأول: في الحث عليه
4529 - (خ م ت س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «تسحّروا، فإنّ في السّحور بركة». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

[شرح الغريب]
السّحور بفتح السين: ما يتسحر به، وبضمها: الفعل نفسه.

4530 - (س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تسحّروا، فإنّ في السّحور بركة». أخرجه النسائي.
4531 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «تسحّروا، فإنّ في السّحور بركة». أخرجه النسائي.
4532 - (س) عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «دخلت على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يتسحّر، فقال: إنها بركة أعطاكم الله إيّاها، فلا تدعوه». أخرجه النسائي.
4533 - (م ت د س) عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكلة السّحر». أخرجه مسلم، والترمذي، وأبو داود، والنسائي.
4534 - (د س) العرباض بن سارية - رضي الله عنه -: قال: «دعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السّحور في رمضان، فقال: هلمّ إلى الغداء المبارك». أخرجه أبو داود، والنسائي.
4535 - (س) المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «عليكم بغداء السّحور، فإنه الغداء المبارك». أخرجه النسائي.
4536 - (س) خالد بن معدان - رحمه الله -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل: «هلمّ إلى الغداء المبارك، يعني: السّحور». أخرجه النسائي.
4537 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «نعم سحور المؤمن: التّمر». أخرجه أبو داود.
النوع الثاني: في وقته وتأخيره
4538 - (خ م ت د) زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: قال: «تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قمنا إلى الصّلاة، قال أنس بن مالك: قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال: قدر خمسين آية».
وفي رواية عن قتادة: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزيد بن ثابت تسحّرا» جعله من مسند أنس، أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: «قدر خمسين آية».
وفي رواية النسائي قال: «قدر ما يقرأ الرّجل خمسين آية».
وفي أخرى: «قلت: زعم أنّ أنسا القائل: ما كان بين ذلك؟ قال: قدر ما يقرأ الرّجل خمسين آية».

4539 - (س خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «تسحّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزيد بن ثابت، ثم قاما، فدخلا في صلاة الصّبح، فقلت لأنس: كم كان بين فراغهما ودخولهما في الصّلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية».
وفي رواية: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وذلك عند السّحر: «يا أنس، إني أريد الصّيام، فأطعمني شيئا، فأتيته بتمر، وإناء فيه ماء - وذلك بعد أن أذّن بلال - قال: يا أنس، انظر رجلا يأكل معي، فدعوت زيد بن ثابت، فجاء فقال: إني شربت شربة سويق، وأنا أريد الصّيام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأنا أريد الصّيام، فتسحّر معه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة». أخرجه النسائي.
وفي رواية البخاري عن أنس: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وزيد بن ثابت تسحّرا فلما فرغا من سحورهما، قام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الصلاة، فصلى، قال: قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية».

4540 - (خ) سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال: «كنت أتسحّر [في أهلي] ثم يكون بي سرعة أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه البخاري.
4541 - (س) زر بن حبيش - رحمه الله -: قال: «قلنا لحذيفة: أيّة ساعة تسحّرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: هو النّهار، إلا أن الشمس لم تطلع».
وفي رواية قال زرّ بن حبيش: «تسحّرت [مع حذيفة]، ثم خرجنا إلى الصلاة، فلما أتينا المسجد صلّينا ركعتين، وأقيمت الصّلاة، وليس بينهما إلا هنيهة».
وفي رواية عن صلة بن زفر: «تسحّرت مع حذيفة، ثم خرجنا إلى المسجد، فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصّلاة فصلّينا». أخرجه النسائي.

4542 - (خ م د س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يمنعنّ أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنّه يؤذّن - أو قال: ينادي - بليل، ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم، وليس الفجر أن يقول: هكذا - وجمع بعض الرواة كفّيه - حتى يقول: هذا، ومدّ إصبعيه السّبّابتين».
وفي رواية: «هو المعترض، وليس بالمستطيل». أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود.
وفي رواية النسائي: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ بلالا يؤذّن بليل، لينبّه نائمكم، ويرجع قائمكم، وليس الفجر أن يقول: هكذا - وأشار بكفّه - ولكن الفجر: أن يقول: هكذا، وأشار بالسّبّابتين».

[شرح الغريب]
ليرجع قائمكم: القائم: هو الذي يصلي صلاة الليل، ورجوعه عن صلاته: إذا سمع الأذان.

4543 - (خ م ط س) عائشة، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن بلالا يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم».
وفي رواية عنها، وعن ابن عمر: «أنّ بلالا كان يؤذّن بليل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كلوا واشربوا حتى يؤذّن ابن أمّ مكتوم، فإنّه لا يؤذّن حتّى يطلع الفجر».
وفي أخرى عن ابن عمر قال: «كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مؤذّنان: بلال، وابن أمّ مكتوم الأعمى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ بلالا يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذّن ابن أمّ مكتوم، قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا، ويرقى هذا».
وفي عقبه متصلا به من حديث عبد الله بن عمر: عن القاسم، عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله.
أخرج الأولى البخاري ومسلم، والثانية: البخاري، والثالثة: مسلم، وأخرج الموطأ الأولى.
وفي رواية النسائي قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أذّن بلال فكلوا واشربوا، حتى يؤذّن ابن أمّ مكتوم، [قالت]: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا، ويصعد هذا».

4544 - (خ م ط ت س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أمّ مكتوم، قال: وكان ابن أمّ مكتوم رجلا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت». أخرجه البخاري ومسلم، والموطأ.
وأخرجه الترمذي، والنسائي إلى قوله: «حتى ينادي ابن أمّ مكتوم».

4545 - (م ت د س) سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغرّنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا - وحكاه حماد بن زيد بيديه - قال: يعني: معترضا». أخرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي: «لا يمنعنّكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق».
وفي رواية أبي داود: «لا يمنعنّ من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق الذي هو هكذا حتى يستطير».
وفي رواية النسائي: «لا يغرّنّكم أذان بلال، ولا هذا البياض، حتى ينفجر الفجر - هكذا وهكذا - يعني: معترضا».
قال أبو داود - يعني: الطيالسي -: بسط يديه يمينا وشمالا، مادّا يديه.

[شرح الغريب]
يستطير: استطار ضوء الفجر: إذا انبسط في الأفق وانتشر.

4546 - (س) أنيسة بنت حبيب الأنصارية - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أذّن ابن أمّ مكتوم فلا تأكلوا، ولا تشربوا، وإذا أذّن بلال فكلوا واشربوا». أخرجه النسائي.
4547 - (ت د) طلق بن علي - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلوا واشربوا، ولا يهيدنّكم الساطع المصعد حتى يعترض لكم الأحمر». أخرجه الترمذي، وأبو داود.
[شرح الغريب]
يهيدنكم: هدت الشيء: إذا حركته وأقلقته، يقول: لا تنزعجن للفجر المستطيل، فإنه الصبح الكذاب، فلا تمتنعوا به عن الأكل والشرب.

4548 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يدعه حتى يقضي حاجته». أخرجه أبو داود.
الفرع الثاني: في الإفطار
النوع الأول: في وقت الإفطار
4549 - (خ م د ت) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار [من هاهنا] وغابت الشمس، فقد أفطر الصائم». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي: «فقد أفطرت».
وفي رواية أبي داود: «إذا جاء الليل من ها هنا، وذهب النهار من هاهنا».
زاد في رواية: «فقد أفطر الصائم».

[شرح الغريب]
فقد أفطر الصائم: أي أنه صار في حكم المفطر وإن لم يأكل ولم يشرب وقيل: معناه: أنه دخل وقت الفطر، وجاز له أن يفطر، كما قيل: أصبح الرجل: إذا دخل في وقت الصبح، وكذلك أمسى وأطهر.

4550 - (خ م د) عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -: قال: «كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر في شهر رمضان، فلما غابت الشمس قال: يا فلان، انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، إنّ عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، قال: فنزل فجدح، فأتي به، فشرب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال بيديه: إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا، فقد أفطر الصائم».
وفي رواية قال: «كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فلما غابت الشمس قال لرجل: قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله لو أمسيت، فقال: انزل فاجدح لنا، فقال: إنّ علينا نهارا، فنزل فجدح له، فشرب ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا - وأشار بيده نحو المشرق - فقد أفطر الصائم». أخرجه مسلم.
وعند البخاري، قال: «كنت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فصام حتى أمسى، قال لرجل: انزل فاجدح لي، قال: لو انتظرت حتى تمسي، قال: انزل فاجدح لي، إذا رأيت الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم».
وفي أخرى لمسلم - ووافقه عليها أبو داود - قال: «سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم، فلما غربت الشمس قال: يا فلان، انزل فاجدح لنا». إلى ها هنا ذكر مسلم، ثم قال: «بمثل حديث ابن مسهر، وعبّاد بن العوام» يعني: الذي تقدّم.
وأما أبو داود: فإنه قال: «فلما غربت الشمس قال: يا بلال، انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، إنّ عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا،فنزل فجدح فشرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم، وأشار بإصبعه قبل المشرق».

[شرح الغريب]
فاجدح: جدحت السويق: أي: لتته، والمجدح: خشبة طرفها ذو جوانب يخلط بها.

4551 - (ط) حميد بن عبد الرحمن: «أنّ عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفّان كانا يصلّيان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود، قبل أن يفطرا، ثم يفطران بعد الصلاة، وذلك في رمضان». أخرجه الموطأ.
4552 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله-: «بلغه: أن الهلال رئي في زمن عثمان بن عفان بعشيّ، فلم يفطر عثمان حتى أمسى [وغابت الشمس]». أخرجه الموطأ.
النوع الثاني: في تعجيل الإفطار
4553 - (خ م ط ت) سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر». أخرجه البخاري ومسلم، والموطأ، والترمذي.

4554 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال الدّين ظاهرا ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخّرون». أخرجه أبو داود.
4555 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله عز وجل: أحبّ عبادي إليّ: أعجلهم فطرا». أخرجه الترمذي.
4556 - (م س ت د) مالك بن عامر أبو عطية - رحمه الله -: قال: «دخلت أنا ومسروق [بن الأجدع] على عائشة أمّ المؤمنين، فقلت: يا أمّ المؤمنين، رجلان من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، أحدهما يعجّل الإفطار، ويعجّل الصلاة، والآخر يؤخّر الإفطار ويؤخّر الصلاة؟ قالت: أيّهما الذي يعجّل الإفطار ويعجّل الصلاة؟ قال: قلنا: عبدالله بن مسعود، قالت: كذا كان يصنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
زاد في رواية: «والآخر أبو موسى».
وفي أخرى قال لها مسروق: «رجلان من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، كلاهما لا يألو عن الخير، أحدهما يعجّل المغرب والإفطار، والآخر يؤخّر المغرب والإفطار، فقالت: من يعجّل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله، فقالت: هكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع». أخرجه مسلم، والنسائي، إلا أن النسائي لم يسمّ المغرب، وقال: «الصلاة». أخرج الترمذي، وأبو داود الرواية الأولى.
وأخرجه النسائي عن مالك بن عامر، ولم يذكر معه مسروقا، قال: «قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أحدهما يعجّل الإفطار ويؤخّر السّحور، والآخر يؤخّر الإفطار ويعجّل السّحور... وذكر الحديث».

[شرح الغريب]
لا يألو في كذا: أي لا يقصر.

4557 - (ط) مالك بن أنس - رحمه الله -: أنه سمع عبد الكريم بن أبي المخارق يقول: «من عمل النبوة: تعجيل الفطر، والاستيناء بالسّحور». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
الاستيناء: التأني والتأخير.

النوع الثالث: فيما يفطر عليه
4558 - (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من وجد تمرا فليفطر عليه، ومن لا، فليفطر على ماء، فإنّ الماء طهور».
وفي رواية قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء». أخرجه الترمذي، وأخرج أبو داود الثانية.

4559 - (ت د) سلمان بن عامر الضبي: يبلغ به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنّه بركة، فإن لم يجد تمرا فالماء، فإنّه طهور، وقال: الصّدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرّحم ثنتان: صدقة، وصلة». أخرجه الترمذي.
وللترمذي، وأبي داود في أخرى إلى قوله: «طهور». ولم يذكرا «فإنّه بركة».

النوع الرابع: في الدعاء عند الإفطار
4560 - (د) معاذ بن زهرة: بلغه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت». أخرجه أبو داود، وهو مرسل.

4561 - (د) مروان بن سالم المقفع: قال: «رأيت ابن عمر يقبض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكفّ، وقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: ذهب الظّمأ، وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله». أخرجه أبو داود.
زاد رزين: «الحمد لله». في أول الحديث.

الفرع الثالث: ترك الوصال
4562 - (خ م ط د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن الوصال، قالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى». وفي رواية: «لست مثلكم». أخرجه البخاري، ومسلم.
وللبخاري: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- واصل، فواصل الناس، فشقّ عليهم، فنهاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يواصلوا، قالوا: إنّك تواصل؟ قال: لست كهيئتكم، إني أظلّ أطعم وأسقى».
وأخرج الموطأ، وأبو داود الرواية الأولى.

[شرح الغريب]
الوصال: المواصلة في الصوم: هو أن يصوم يومين أو ثلاثة لا يفطر فيها.
أطعم وأسقى: أي: أعان على الصوم وأقوى عليه، فيكون ذلك بمنزلة الطعام والشراب لكم.

4563 - (خ م ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: «واصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال: لو مدّ لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمّقون تعمّقهم، إنكم لستم مثلي - أو قال: لست مثلكم - إني أظلّ يطعمني ربي ويسقيني».
وفي رواية قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «لا تواصلوا، قالوا: إنّك تواصل؟ قال: لست كأحد منكم، إني أبيت أطعم، وأسقى». أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الترمذي الثانية، وقال: «إن ربي يطعمني ويسقيني».

[شرح الغريب]
المتعمقون: المتعمق في الأمر: المبالغ فيه، المجاوز للحد.

4564 - (خ م) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «نهاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنّك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي، ويسقيني». أخرجه البخاري ومسلم، إلا أن البخاري قال: «نهى»، ولم يقل: «نهاهم»، وقال: ولم يذكر عثمان - يعني: ابن أبي شيبة - أحد رواته «رحمة لهم».
4565 - (خ م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟ قال: وأيّكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما، ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخّر لزدتكم، كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا». أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إيّاكم والوصال - مرتين - فقيل: إنّك تواصل؟ قال: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون». ولمسلم نحوه، ولم يقل: «مرتين»، وقال: «إنّكم لستم في ذلك مثلي».
وله في أخرى مثله، وقال: «اكلفوا مالكم به طاقة».
وأخرج الموطأ رواية البخاري إلى قوله: «ويسقيني».

[شرح الغريب]
كالتنكيل: نكل به: إذا جعله عبرة لغيره، وقيل: هو العقوبة.

4566 - (خ د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تواصلوا، فأيّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر، قالوا: فإنّك تواصل يا رسول الله؟ فقال: إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني، وساق يسقيني». أخرجه البخاري، وأبو داود.
ولم أجد هذا الحديث في كتاب الحميديّ، وقد ذكره البخاري في «كتاب الصوم»، في «باب الوصال» بعد حديث أنس، ولا أعلم سبب سقوطه من كتاب الحميديّ الذي قرأته ونقلت منه، ولعله يقع في نسخة أخرى لكتابه، أو أنّه لم يكن في كتاب البخاري الذي رواه الحميديّ، ونقل منه، والله أعلم.

الفرع الرابع: في الجنابة
4567 - (خ م ط د ت س) عائشة، وأم سلمة - رضي الله عنهما -: قالتا: «إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصبح جنبا من جماع، غير احتلام، في رمضان ثم يصوم».
وفي أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر: «أن مروان أرسله إلى أمّ سلمة، يسأل عن الرّجل يصبح جنبا، أيصوم؟ فقالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا من جماع، لا حلم، ثم لا يفطر، ولا يقضي».
وفي أخرى قالت عائشة: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يدركه الفجر في رمضان جنبا من غير حلم، فيغتسل ويصوم». أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية للبخاري: قال أبو بكر بن عبد الرحمن: «كنت أنا وأبي، فذهبت معه حتى دخلنا على عائشة، فقالت: أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام، ثم يصوم، ثم دخلنا على أمّ سلمة، فقالت مثل ذلك».
وفي أخرى لمسلم: أن أمّ سلمة قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا من غير احتلام، ثم يصوم».
وفي أخرى للبخاري عن أبي بكر بن عبد الرحمن: «أن أبا عبد الرحمن: أخبر مروان: أن عائشة وأمّ سلمة أخبرتاه: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر، وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم، فقال مروان لعبد الرحمن: أقسم بالله لتقرعنّ بها أبا هريرة، ومروان يومئذ على المدينة، قال أبو بكر: فكره ذلك عبد الرحمن، ثم قدّر لنا أن نجتمع بذي الحليفة، وكانت لأبي هريرة هنالك أرض، فقال عبد الرحمن لأبي هريرة: إني ذاكر لك أمرا، ولولا مروان أقسم عليّ فيه لم أذكر قول عائشة وأمّ سلمة، فقال: كذلك حدّثني الفضل بن العباس، وهو أعلم».
قال البخاري: وقال همام: حدّثني عبد الله بن عمر عن أبي هريرة: «كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالفطر»، والأول أسند.
وفي رواية عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر عند مسلم قال: «سمعت أبا هريرة يقصّ يقول في قصصه: من أدركه الفجر جنبا فلا يصوم، فذكرت ذلك لعبد الرحمن - يعني: لأبيه - فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن، وانطلقت معه، حتى دخلنا على عائشة، وأمّ سلمة فسألهما عبد الرحمن عن ذلك؟ فكلتاهما قالتا: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم، قال: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان: عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة ورددتّ عليه ما يقول، قال: فجئنا أبا هريرة - وأبو بكر حاضر ذلك كلّه - فذكر له عبد الرحمن، فقال أبو هريرة: أهما قالتا لك؟ قال نعم، قال: هما أعلم. ثم ردّ أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس، فقال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك».
قال يحيى بن سعيد: قلت لعبد الملك: أقالتا «في رمضان؟». قال: كذلك «[كان] يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم».
وفي رواية أخرى لمسلم عن عائشة: «أن رجلا جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يستفتيه - وهي تسمع من وراء الباب - فقال: يا رسول الله: تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتّقي».
وأخرج الموطأ الرواية الأولى، وله في أخرى مثلها، ولم يذكر «في رمضان».
وله في أخرى عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: «كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فذكر له أنّ أبا هريرة يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، فقال مروان: أقسمت عليك يا عبد الرحمن لتذهبنّ إلى أمّي المؤمنين: عائشة، وأمّ سلمة فلتسألنّهما عن ذلك، فذهب عبد الرحمن وذهبت معه، حتى دخلنا على عائشة، فسلّم عليها، ثم قال: يا أمّ المؤمنين، إنا كنا عند مروان بن الحكم، فذكر له: أن أبا هريرة يقول: من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم، قالت عائشة: ليس كما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع؟ قال عبد الرحمن: لا والله، قالت عائشة: فأشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يصبح جنبا من جماع، غير احتلام، ثم يصوم ذلك اليوم، قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أمّ سلمة، فسألها عن ذلك؟ فقالت كما قالت عائشة، قال: فخرجنا حتى جئنا مروان ابن الحكم، فذكر له عبد الرحمن ما قالتا، فقال مروان: أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبنّ دابتي، فإنها واقفة بالباب، فلتذهبنّ إلى أبي هريرة، فإنه بأرضه بالعقيق، فلتخبرنّه ذلك، فركب عبد الرحمن وركبت معه، حتى أتينا أبا هريرة، فتحدّث معه عبد الرحمن ساعة، ثم ذكر له ذلك، فقال أبو هريرة: لا علم لي بذلك، إنما أخبرنيه مخبر».
وأخرج الموطأ أيضا رواية مسلم الآخرة، وقال فيها: «إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام، فأغتسل، وأصوم».
وأخرج أبو داود عن عائشة، وأمّ سلمة: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبا - قال عبد الله الأذرمي في حديثه -: في رمضان، من جماع غير احتلام، ثم يصوم».
قال أبو داود: ما أقلّ من يقول هذه الكلمة، يعني: «يصبح جنبا في رمضان»، وإنما الحديث: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يصبح وهو صائم».
وأخرج الرواية الآخرة التي لمسلم، وقال فيها: «إني أصبحت جنبا، وإني أريد الصيام، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأنا أصبح جنبا، وأنا أريد الصيام، فأغتسل وأصوم... وذكر الحديث». وقال في آخره: «وأعلمكم بما أتّبع».
وفي رواية الترمذي عن عائشة، وأمّ سلمة: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل، ويصوم».
وفي رواية النسائي: قال سليمان بن يسار: «دخلت على أمّ سلمة، فحدّثتني: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصبح جنبا من غير احتلام، ثم يصوم».
وحدّثنا مع هذا الحديث أنها حدّثته: «أنها قرّبت إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مشويا، فأكل منه، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ».

الفرع الخامس: في السواك
4568 - (د ت خ) عامر بن ربيعة - رضي الله عنه -: قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أعدّ، ولا أحصي». أخرجه أبو داود.
وعند الترمذي قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لا أحصي يتسوّك وهو صائم».
وأخرجه البخاري، قال: ويذكر عن عامر بن ربيعة... وذكر الحديث.

4569 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «يستاك أوّل النهار الصائم وآخره». أخرجه البخاري في ترجمة باب اغتسال الصائم.
الفرع السادس: في حفظ اللسان
4570 - (خ م ط د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جنّة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إنّي صائم». أخرجه الموطأ، وأبو داود.
وأخرجه البخاري ومسلم، والنسائي أطول من هذا بزيادة معنى آخر، وسيجيء في كتاب «فضل الصوم» من «حرف الفاء».

[شرح الغريب]
جنة: الجنة: الوقاية.
يرفث: لا يرفث، أي: لا يفحش في القول.
فليقل: إني صائم: معناه: فليقل لصاحبه: إني صائم، ليرده بذلك عن نفسه، وقيل: هو أن يقول ذلك في نفسه، ليعلم نفسه أنه صائم ويذكرها بذلك، فلا يخوض معه، ولا يكافئه على شتمه، لئلا يفسد صومه، ولا يحبط أجر عمله.

4571 - (خ د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». أخرجه البخاري، وأبو داود، والترمذي.
[شرح الغريب]
قول الزور: هو الكذب.

الفرع السابع: في دعوة الصائم
4572 - (م د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام وهو صائم، فليقل: إني صائم».
وفي رواية: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام، فليجب، فإن كان مفطرا، فليطعم، وإن كان صائما فليصلّ».
قال هشام: يريد: «فليدع لهم». أخرجه مسلم، وأبو داود.
وأخرج الترمذي الرواية الأولى، وأخرج الثانية، قال: «فليجب، فإن كان صائما فليصلّ - يعني: الدّعاء».

[شرح الغريب]
فليصل: قد جاء تفسيره في الحديث، أي: فليدع لهم، وكذلك هو، فإن الصلاة في اللغة أصلها الدعاء.

4573 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من نزل بقوم فلا يصومنّ [تطوعا] إلا بإذنهم»، أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث منكر، لا نعرف أحدا من الثقات [روى هذا الحديث] عن هشام بن عروة.
4574 - (ت) أم عمارة بنت كعب الأنصارية - رضي الله عنها -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها، فقدّمت إليه طعاما، فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الصائم تصلّي عليه الملائكة إذا أكل طعامه حتى يفرغوا - وربما قال: [حتى] يشبعوا».
وفي رواية ليلى عن مولاتها: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلّت عليه الملائكة».
وفي أخرى نحو الأولى، ولم يذكر فيها «حتى يفرغوا، أو يشبعوا»، أخرجه الترمذي.

الفرع الثامن: في صوم المرأة بإذن زوجها
4575 - (خ م د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه». رواه البخاري في رواية هكذا، ولم يزد عليه.
وقد اتفق هو ومسلم عليه في رواية أخرى في جملة حديث ذكر في «باب الصّدقة».
وزاد أبو داود في هذه الرواية: «في غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه».
وفي رواية الترمذي: «لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه».


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصيام, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir