دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصيام

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 05:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


548- وعن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةٌ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
* مُفرداتُ الحديثِ:
-السَّحورُ- بفتْحِ السينِ الْمُهْمَلَةِ-: اسمٌ للطعامِ الذي يُتَسَحَّرُ به، ورُوِيَ بالضَّمِّ فهو مَصْدَرٌ، أيْ: التسَحُّرُ أيْ: اسمٌ للفعْلِ نفْسِه، وأكثَرُ ما يُرْوَى بالفتْحِ، وهو مُشْتَقٌّ مِن، السَّحَرِ، وهو ما قُبَيْلَ الفَجْرِ.
-بَرَكَةٌ:- بفَتحتينِ-: هي كَثرةُ الْخَيْرِ، ومِن مَعانِيهَا: النماءُ والزيادةُ، والتبريكُ الدعاءُ بالْبَرَكَةِ، وسُمِّيَت بِرْكَةُ الماءِ؛ لكثرةِ مائِها، والْبَرَكَةُ في الفِعْلِ والطعامِ.
* ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- زادَ الإمامُ أحمدُ (10646) مِن حديثِ أبي سَعيدٍ: ((فَلاَ تَدْعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَتَجَرَّعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)).
2- ظاهِرُ الحديثِ وُجوبُ السُّحورِ، ولكنْ صَرَفَه عن الوُجوبِ إلى الندْبِ هو ما ثَبَتَ مِن مُواصلَتِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-, وقد نَقَلَ ابنُ الْمُنْذِرِ الإجماعَ على أنَّ التسَحُّرَ مَندوبٌ، وليس بواجِبٍ.
3- الْبَرَكَةُ الحاصلةُ مِن السُّحورِ ما فيه مِن امتثالِ الأَمْرِ الشرعيِّ، فطاعةُ اللهِ تعالى هي امتثالُ أمْرِه، واجتنابُ نَهْيِه.
ومِن بَرَكَتِه: أنَّ الأَكْلَ للتَّقَوِّي على الصيامِ، وطاعةِ اللهِ تعالى، وعِبادتِه، ومِن بَركتِه أنَّ السُّحورَ يُعْطِي الصائمَ قُوَّةً لا يَمَلُّ معها الصِّيامَ، بخِلافِ مَن لا يَتَسَحَّرُ، فإنه يَجِدُ مَشَقَّةً تُثْقِلُ عليه الصِّيامَ والعبادةَ، ومِن بَرَكَةِ السُّحورِ أنه يكونُ سَبباً للانتباهِ مِن النوْمِ في وقتِ السَّحَرِ، الذي هو وقتُ الاستغفارِ والدعاءِ، وفيه يَنْزِلُ الربُّ جَلَّ وعلا إلى السماءِ الدنيا، يُنَادِي عِبادَه ليَسألوهُ مَطالِبَهم ورَغَبَاتِهم.
ومِن بَرَكَةِ السحورِ صلاةُ الفَجْرِ مع الجماعةِ، وفي وقْتِها الفاضلِ، ولذا تَجِدُ الْمُصَلِّينَ في صلاةِ الفَجْرِ في رمضانَ أَكْثَرَ منهم في غيرِه مِن الشهورِ؛ لأنهم قامُوا مِن أَجْلِ السُّحورِ.
4- يَنبغِي للمسْلِمِ ألاَّ يقومَ بأمورِه العادِيَّةِ مُجَرَّدَةً عن النِّيَّةِ الصالِحَةِ، بل يُمَرِّنُ نفْسَه على أنْ تكونَ أعمالُه العَادِيَّةُ عِباداتٍ للهِ تعالى، وذلك باستحضارِ إرادةِ هذه الْمَعَانِي السامِيَةِ لتُصْبِحَ كلُّ تَصَرُّفَاتِه عِبادةً للهِ تعالى، ومادَّةُ "خيرٌ" و"بَرَكَةٌ" تَعودُ عليه بالثوابِ والأجْرِ، أَسْأَلُ اللهَ أنْ يُوَفِّقَنا والمسلمينَ لكلِّ ما يُقَرِّبُ مِن رِضَاهُ، آمِينَ، وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا محمَّدٍ.
5- في السُّحورِ مِن مُخالَفَةِ أهْلِ الكتابِ؛ فقد جاءَ في صحيحِ مسلِمٍ (1096) مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمْرٍو قالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ((إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ)).
والشارِعُ يُريدُ ألاَّ يكونَ لنا مُشابَهَةٌ بالكُفَّارِ، لا في العِباداتِ، ولا في العاداتِ، لكنْ إنْ تَشَبَّهَ المسلِمُ بالكُفَّارِ بعباداتِهم، فهذا قد يُؤَدِّي إلى الشرْكِ والكُفْرِ، وإنْ كان في العاداتِ باستحسانِ أفعالِهم وعَادَاتِهم، فهذا قد يَؤُولُ إلى التَّشَبُّهِ بهم في الأمورِ البَاطِنَةِ، ويكونُ منه الهلاكُ.
6- قولُه: ((فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً)) دليلٌ على أنَّ الْبَرَكَةَ تكونُ في المخلوقاتِ؛ وذلك بحَسْبِ ما وَهَبَه اللهُ تعالى مِن القُدْرَةِ، والْمُؤَهِّلاَتِ، والْمَنفعَةِ، فقد يكونُ في الإنسانِ بَرَكَةٌ إمَّا: بِعِلْمِه، وإمَّا ببَدَنِه، وإمَّا بخُلُقِه، وإمَّا بمالِه، وإمَّا بِجَاهِهِ، فيَحْصُلُ منه خيرٌ يَنتفِعُ به غيرُه، والممنوعُ مِن التَّبَرُّكِ في المخلوقينَ أنْ تكونَ بجِسْمِه، فيُتَبَرَّكُ بالظاهِرِ مِن فَضَلاتِه، وثيابِه، وشعورِه، ونحوَ ذلك، فهذا لا يكونُ إلاَّ في حَقِّ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ومَن عَداهُ ممنوعٌ منه.
*فائدةٌ:
أحاديثُ الأَمْرِ بالتَّسَحُّرِ، والْحَضِّ عليه، وتأخيرِه، وتعجيلِ الفِطْرِ، مُتواترةٌ، حكاها الطحاويُّ وغيرُه.
ولا يَجِبُ السُّحورُ، حكاهُ ابنُ الْمُنْذِرِ وغيرُه إِجْمَاعاً.
وقالَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ: أحاديثُ تعجيلِ الفُطورِ، وتأخيرِ السحورِ صحيحةٌ متواترةٌ.
وقولُه تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] يَقتضِي الإفطارَ عندَ غُروبِ الشمْسِ حُكْماً شَرعيًّا.
ويَدُلُّ عليه: ما جاءَ في البخاريِّ (1853)، ومسلِمٍ (1100) مِن حديثِ عمرَ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: ((إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا، وَغَابَتِ الشَّمْسُ -فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ)) ولكنْ سَيأتِي قَريباً إنْ شاءَ اللهُ أنَّ معنى الآيةِ والحديثِ، أنه قد دَخَلَ وقتُ الإفطارِ، لا أنه حَصَلَ الإفطارُ بالفِعْلِ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصيام, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir