دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 10:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي السادس: قتل الصيد

وإن قَتَلَ صيدًا مأْكُولًا بَرِّيًّا أَصْلًا ولو تَوَلَّدَ منه ومن غيرِه أو تَلِفَ في يدِه فعليه جَزَاؤُه، ولا يَحْرُمُ حيوانٌ آنِسِيٌّ، ولا صَيْدُ البحرِ، ولا قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ ولا الصائلُ.


  #2  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 12:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.....................

  #3  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

السادسُ: قَتْلُ صَيْدِ البَرِّ أو اصطِيَادُه، وقد أَشَارَ إليه بقَولِه: (وإن قَتَلَ صَيْداً مَأْكُولاً بَرِّيًّا أَصْلاً) كحَمَامٍ وبَطٌّ ولو استُأْنِسَ، بخلافِ إِبِلٍ وبَقَرٍ أَهلِيَّةٍ ولو تَوَحَّشَت، (ولو تَوَلَّد منه)؛ أي: مِن الصَّيْدِ المذكُورِ (ومِن غَيْرِه) كالمُتَوَلَّدِ بينَ المأكولِ وغيرِه أو بينَ الوَحْشِيِّ وغيرِه تَغْلِيباً للحَظْرِ، (أو تَلَفَ) الصَّيْدُ المذكورُ (في يَدِه) أو بمُبَاشَرَةٍ أو سببٍ كإشارةٍ ودَلالةٍ وإعانةٍ ولو بمُنَاوَلَةِ آلةٍ أو بجِنَايَةِ دَابَّةٍ وهو مُتَصَرِّفٌ فيها؛ (فعليه جَزَاؤُه) وإن دَلَّ ونَحْوُه مُحْرِمٌ مُحْرِماً فالجزاءُ بينَهما. ويَحْرُمُ على المُحْرِمِ أَكْلُه ممَّا صَادَه، أو كانَ له أثرٌ في صَيْدِه، أو ذُبِحَ أو صِيدَ لأجلِه، وما حَرُمَ عليه لنَحْوِ دَلالةٍ أو صِيدَ له لا يَحْرُمُ على مُحْرِمٍ غَيْرِه، ويَضْمَنُ بَيْضَ صيدٍ ولَبَنَه إذا حَلَبَه بقِيمَتِه. ولا يَمْلِكُ المُحْرِمُ ابتِدَاءً صَيْداً بغيرِ إِرْثٍ. وإن أَحْرَمَ وبمِلْكِه صَيْدٌ لم يَزُلْ ولا يَدُه الحُكْمِيَّةُ بل تُزَالُ يَدُه المُشَاهَدَةُ بإِرْسَالِه.
(ولا يَحْرُمُ) بإحرامٍ أو حَرَمٍ (حَيَوَانٌ إِنْسِيٌّ) كالدجاجِ وبهيمةِ الأنعامِ؛ لأنَّه ليسَ بصَيْدٍ، وقد كانَ النبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ يَذْبَحُ البُدْنَ في إحرامِه بالحَرَم.ِ (ولا) يَحْرُمُ (صَيْدُ البَحْرِ) إن لم يَكُنْ بالحَرَمِ لقولِه تعالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُه} وطَيْرُ الماءِ يُرَى. (ولا) يَحْرُمُ بحَرَمٍ ولا إحرامٍ (قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ) كالأسدِ والنِّمْرِ والكلبِ إلا المُتَوَلَّدِ كما تَقَدَّمَ. (ولا) يَحْرُمُ قَتْلُ الصَّيْدِ (الصَّائِلِ) دَفْعاً عَن نفسِه أو مالِه سواءٌ خُشِيَ التَّلَفُ أو الضَّرَرُ بجُرْحِه أو لا؛ لأنَّه التَحَقَ بالمُؤْذِيَاتِ فصَارَ كالكلبِ العَقُورِ. ويُسَنُّ مُطلقاً قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ غيرِ آدَمِيٍّ، ويَحْرُمُ بإحرامٍ قَتْلُ قَمْلٍ وصِئْبَانَةٍ ولو برَمْيِه ولا جَزَاءَ فيه، لا بَرَاغِيثَ وقُرَادٍ ونَحْوِهما، ويُضْمَنُ جَرَادٌ بقِيمَتِه. ولمُحْرِمٍ احتاجَ لفِعْلِ محظورٍ فِعْلُه ويَفْدِي، وكذا لو اضْطُرَّ إلى أَكْلِ صَيْدٍ فله ذَبْحُه وأَكْلُه كمَن بالحَرَمِ، ولا يُبَاحُ إلا لمَن له أَكْلُ المَيْتَةِ.


  #4  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

السادس: قتل صيد البر واصطياده([1]).
وقد أشار إليه بقوله (وإن قتل صيدًا مأكولاً بريًّا أصلاً) ([2]) كحمام وبط، ولو استأنس([3]) بخلاف إبل، وبقر أهلية، ولو توحشت([4]) (ولو تولد منه) أي من الصيد المذكور([5]) (ومن غيره) كالمتولد بين المأكول وغيره ([6]).
أو بين الوحشي وغيره، تغليبًا للحظر([7]) (أو تلف) الصيد المذكور (في يده) بمباشرة ([8]) أو سبب كإشارة ودلالة، وإعانة ولو بمناولة آلة([9]) .
أو بجناية دابة هو متصرف فيها (فعليه جزاؤه) ([10]) وإن دل ونحوه محرم محرما فالجزاء بينهما ([11]) ويحرم على المحرم أكله مما صاده، أو كان له أثر في صيده ([12]أو ذبح أو صيد لأجله([13]) وما حرم عليه لنحو دلالة، أو صيد له، لا يحرم على محرم غيره([14]).
ويضمن بيض صيد([15]) ولبنه إذا حلبه بقيمته([16]) ولا يملك المحرم ابتداء صيدا بغير إرث([17]) وإن أحرم وبملكه صيد لم يزل([18]) ولا يده الحكمية([19]).
بل تزال يده المشاهدة بإرساله([20]) (ولا يحرم) بإحرام أو حرم (حيوان إنسي) ([21]) كالدجاج وبهيمة الأنعام([22]) لأنه ليس بصيد([23]) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذبح البدن في إحرامه بالحرم([24]).
(ولا) يحرم (صيد البحر) إن لم يكن بالحرم([25]) لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} ([26]) وطير الماء بري([27]) (ولا) يحرم بحرم ولا إحرام (قتل محرم الأكل) ([28]) كالأسد، والنمر، والكلب([29]).
إلا المتولد كما تقدم([30]) (ولا) يحرم قتل الصيد (الصائل) دفعا عن نفسه، أو ماله([31]) سواء خشي التلف أو الضرر بجرحه أولا([32]) لأنه التحق بالمؤذيات، فصار كالكلب العقور([33]) ويسن مطلقا قتل كل مؤذ غير آدمي([34]).
ويحرم بإحرام قتل قمل وصئبانه([35]) ولو برميه([36]) ولا جزاء فيه([37]) لا براغيث وقراد، ونحوهما([38]).
ويضمن جراد بقيمته([39]) ولمحرم احتاج لفعل محظور فعله ويفدي([40])، وكذا لو اضطر إلى أكل صيد، فله ذبحه وأكله([41]) كمن بالحرم([42]).
ولا يباح إلا لمن له أكل الميتة([43]).



([1]) أي السادس من محظورات الإحرام قتل صيد البر المأكول، وذبحه، عمدا أو خطأ وعليه جزاؤه إجماعا لقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} أي يحرم عليكم الاصطياد من صيد البر، ما دمتم محرمين، ويحرم أذاه ولو لم يقتله أو يجرحه، قال الشيخ: ولا يصطاد صيدا بريا ولا يعين على صيد ولا يذبح صيدا، ولا يصطاد بالحرم صيدا، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه، وفي الإنصاف: لو نفر صيدا فتلف أو نقص في حال نفوره ضمنه، بلا خلاف فيهما اهـ، فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله، والصيد هو الحيوان الممتنع المتوحش بأصل الخلقة.
([2]) فعليه جزاؤه إجماعا لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ويعتبر كونه أصلا لا وصفا فلو تأهل وحشي ضمنه لا إن توحش أهلي، وأما ما ليس بمأكول، كسباع البهائم، والمستخبث من الحشرات والطير، فيباح قتله، لحديث خمس فواسق يقتلن، إلخ، ويقاس عليها ما شابهها.
([3]) أي الحمام والبط وهو الأوز، اعتبار بأصله، فيجب فيه الجزاء إجماعا.
([4]) أي الإبل والبقر، اعتبارا بأصلهما، والأصل فيهما الإنسية قال أحمد في بقرة صارت وحشية: لا شيء فيها، لأن الأصل فيها الإنسية.
([5]) تغليبا للتحريم، كما غلبوا تحريم أكله، ويفديه إذا قتله، لتحريم قتله، قال الموفق: هو قول أكثر العلماء.
([6]) فيحرم أكله واصطياده.
([7]) وهو الجانب الذي من جهة صيد البر، والوحشي من دواب البر ما لا يستأنس غالبا، والجمع الوحوش، وقال الجوهري: الوحوش حيوان البر.
([8]) فعليه جزاؤه لأنه تحت يد عادية، أشبه ما لو أتلفه، إذ الواجب إما إرساله أو رده على مالكه.
([9]) أو إعارة ليقتله أو ليذبحه، سواء كان مع الصائد ما يقتله أو يذبحه أو لا، لأنه وسيلة إلى الحرام فكان حراما، كسائر الوسائل وفاقا، لحديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي، فأبصرته ثم ركبت ونسيت الرمح، قال: فقلت لهم: ناولوني فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون قال: فتناولته فأتيت الحمار فعقرته، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء؟ قالوا: لا فعلق الحكم بالإشارة أو الأمر، وكان أمرا معلوما متقررا عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قالوا: ((لا والله، لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون))، فيضمن المحرم الصيد بالدلالة والإشارة والإعانة ونحو ذلك.
قال القاضي: «لا خلاف أن الإعانة توجب الجزاء فكذا الإشارة والدلالة» خلافا لمالك، والشافعي، ولأن المحرم قد التزم بالإحرام أن لا يتعرض للصيد بما يزيل أمنه، والأمر به، والدلالة عليه، والإشارة إليه يزيل الأمن عنه فيحرم ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالإثاية، إذا ظبي حاقف، في ظل فيه سهم، فأمر رجلا أن يقف عنده، لا يريبه أحد من الناس، حتى يجاوزوه وأما الآلة فمقصودة هنا، بخلاف ما يأتي من: أن من دفع لشخص آلة، فقتل بها شخصا انفرد القاتل بالضمان، والفرق أن الآدمي لما كان من شأنه الدفع عن نفسه، ولا يقدر عليه إلا بمزيد قوة، تقدمت المباشرة فلم يلحق بها السبب بخلاف الصيد، فإن من شأنه أن لا يدفع عن نفسه، فضعفت المباشرة، فألحق بها السبب.
([10]) سواء كان بيدها، أو فمها، لا برجلها أو ذنبها، وسواء كان راكبا، أو سائقا، أو قائدا، فلا ضمان عليه، وإن أمسك صيدا حتى حل ضمنه بتلفه، لتحريم إمساكه، وكذا بذبحه، وكذا إن أمسك صيد حرم، وخرج به إلى الحل.
([11]) بأن أشار ، أو أعان، وإن دل ونحوه حلال محرما على صيد، فقتله المحرم وحده، فلا ضمان على الحلال، لأنه ليس محلا للضمان، ويضمنه المحرم كله، تغليبا للإيجاب، كشركة نحو سبع، إلا أن يكون في الحرم، فيشتركان في الجزاء، كالمحرمين، وهو أحد قولي الشافعي، وعنهما: على كل واحد جزاء كامل، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، وإن جرحه محرم، ثم قتله حلال، ضمن المحرم أرش جرحه فقط، وإن جرحه محرم، ثم قتله محرم، فعلى الأول أرش جرحه، وعلى الثاني تتمته.
([12]) أي يحرم على المحرم ما صاده هو وغيره من المحرمين إجماعا، لأنه كالميتة إلا أنه حكي فيه قول للشافعي أنه يباح، وكذا لو كان له أثر في صيده كما لو أعان الصائد بإعارة آلة، أو مناولة وفاقا، كما تقدم، وإن ذبح المحرم صيدا، أو قتله فميتة وفاقا، ومثله صيد حرم ذبحه محل، وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد: له أن يأكل من الميتة ما يدفع به ضرورته ولا يأكل الصيد، ومن اضطر إليه أبيح له، بغير خلاف لقوله:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
([13]) بالبناء للمفعول نقله الجماعة، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، لما في الصحيحين من حديث الصعب بن جثامة، أنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده إليك إلا أنا حرم، ولمسلم نحوه من حديث ابن عباس، ولأحمد: «لحم الصيد للمحرم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم»، وهو في السنن وحسنه الترمذي، وقال الشافعي: هذا أحسن حديث في هذا الباب، وأقيس، والعمل على هذا، وقال عثمان لأصحابه: كلوا فقالوا: ألا تأكل؟ قال: إني لست كهيئتكم إنما صيد لأجلي، رواه مالك والشافعي، وعليه الجزاء إن أكل كقتله، وإن أكل بعضه ضمنه بمثله، وإن قتله المحرم ثم أكله، ضمنه لقتله، لا لأكله، لأنه ميتة، وفاقا لمالك، والشافعي، وصاحبي أبي حنيفة، ولا يضمنه محرم آخر وفاقا.
([14]) بالجر صفة لمحرم، أي غير الدال والمعين، والذي صيد أو ذبح له، لما سبق، وكحلال وفي خبر أبي قتادة هو حلال فكلوه وأكل منه وهو في الصحيحين وغيرهما من طرق بألفاظ كثيرة، وأمر أبا بكر فقسمه بين الرفاق، وفيه دلالة واضحة على جواز أكل المحرم من صيد الحلال، إذا لم يصد لأجله والحاصل أن ما صاده الحلال للمحرم ومن أجله، فلا يجوز للمحرم أكله، وما لم يصد من أجله، بل صاده الحلال لنفسه أو الحلال، لم يحرم على المحرم أكله وهذا قول الجمهور، وقال ابن عبد البر: وعليه تصح الأحاديث وإذا حملت عليه لم تختلف، وعلى هذا يجب أن تحمل السنن، ولا يعارض بعضها ببعض، ما وجد إلى استعمالها سبيل، وقال ابن القيم: وآثار الصحابة في هذا الباب إنما تدل على هذا التفصيل، ولا تعارض بين أحاديثه صلى الله عليه وسلم بحال.
([15]) أي يضمن المحرم بيض صيد أتلفه، أو نقله إلى موضع ففسد، بقيمته ولو باض على فراشه فنقله برفق، لخبر الأنصاري في بيض نعامة، قال صلى الله عليه وسلم: ((عليه بكل بيضة صوم يوم، أو إطعام مسكين))، حديث حسن، وعن عائشة نحوه، وللشافعي عن ابن مسعود، وأبي موسى، ونحوه موقوفا، ولقول ابن عباس: في بيض النعام قيمته، ولخبر أبي هريرة عند ابن ماجه في بيض النعامة ثمنه وقال الوزير: اتفقوا على أن بيض النعام مضمون.
([16]) أي قيمة حليب الصيد مكان الإتلاف وفاقا، لأنه لا مثل له من بهيمة الأنعام والأولى بقيمتهما إذ العاطف الواو.
([17]) أي لا يملك ابتداءً ملكا تجدد بشراء، أو هبة، أو نحوهما، ولا بوكيله ولا باتهاب ولا باصطياد وفاقا، لخبر الصعب بن جثامة، فإنه ليس محلا للتمليك لأن الله حرمه عليه كالخمر، غير إرث وفاقا، لأنه أقوى من غيره ولا فعل منه، بدليل أنه يدخل في ملك الصبي، والمجنون ومثله لو أصدقها وهو حلال صيدا، ثم طلق قبل الدخول، عاد إليه نصفه، قال الشيخ: ولا يصيد صيدا بريا، ولا يتملكه بشراء، ولا اتهاب، ولا غير ذلك اهـ فإن أخذه بأحد هذه الأسباب الممنوع منها ثم تلف، فعليه جزاؤه لعموم الآية.
([18]) بضم الزاي أي لم يزل ملكه عنه لقوة الاستدامة.
([19]) بأن يكون الصيد في ملكه، ولا يكون معه، أو بيده بل في بلده مودعا عند غيره، بحيث لا يشاهده، أو في يد نائبه الغائب عنه، ونحو ذلك، ولا يضمنه لأنه لم يفعل في الصيد فعلا فيلزمه شيء، كما لو كان في ملك غيره، والياء مشددة ياء النسب، والتاء للتأنيث، لأنها صفة لليد، أي اليد الحكمية.
([20]) إلى موضع يمتنع فيه، وتخليته وهو مذهب أبي حنيفة، والمشاهدة بفتح الهاء، اسم مفعول من شوهد، مثل ما إذا كان في قبضته، أو خيمته، أو رحله، أو قفصه، أومربوطا بحبل معه، لأن ذلك إمساك للصيد المحرم إمساكه، وقال مالك والشافعي: لا يلزمه إرساله لأن الشارع إنما نهى عن تنفير صيد مكة ولم يبين مثل هذا الحكم الخفي مع كثرة وقوعه، ولأنه إنما نهى عن فعله في الصيد ولم يفعل بخلاف المشاهدة فإنه فعل الإمساك، وفرق أحمد بين اليد الحكمية والمشاهدة، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحد القولين للشافعي.
ومن أمسكه في الحل، فأدخله الحرم، لزمه إرساله فإن أتلفه ضمنه كمحرم، وفاقا لأبي حنيفة، وفي الفروع: يتوجه لا يلزمه ونظر قياسه على صيد الحرم، وإن أمسكه في الحرم، فأخرجه إلى الحل، لزمه إرساله، فإن تلف في يده ضمنه ولا ضمان على مرسله من يده قهرا، وفاقا لمالك، والشافعي، وصاحبي أبي حنيفة لأنه واجب في هذه الحالة، بخلاف أخذه في حال الإحرام، فإنه لم يملكه فلا يضمنه مرسله إجماعًا.
([21]) إجماعا والاعتبار في أهلي ووحشي بأصله وفاقا.
([22]) الإبل والبقر والغنم.
([23]) ولو توحش وتقدم أن الاعتبار بالأصل.
([24]) كما هو مستفيض مشهور، وقال: أفضل الحج العج والثج، والثج: إرسال الدماء بالذبح والنحر، والبدن، بضم الموحدة، جمع بدنة بفتحها، وفدى عن نسائه بالبقر، وذبح البقر والغنم، ونحر الإبل بالحرم، مما لا نزاع فيه.
([25]) إجماعا، والبحر جميع المياه المالحة والحلوة والأنهار، والآبار، والعيون وفاقا، فإن كان مما لا يعيش إلا في الماء، فلا خلاف فيه، وإن كان مما يعيش فيهما كالسلحفاة والسرطان فإن كان بالحرم حرم صيده جزم به غير واحد، وصححه في التصحيح وغيره، والشارح، والشيخ، وغيرهما، لأن التحريم فيه للمكان ولا جزاء فيه.
([26]) صيده ما يصاد منه طريا وطعامه ما يتزود منه مليحًا يابسًا.
([27]) لأنه يبيض ويفرخ في البر، فيحرم على محرم صيده وفيه الجزاء، في قول عامة أهل العلم، وقال الشارح: لا نعلم فيه مخالفًا إلا عطاء.
([28]) وهو ثلاثة أقسام.
([29]) والفهد وما في معناه، مما فيه أذى للناس، لأنها أشد ضررا من الفواسق، وكالبازي، والصقر، والشاهين، والعقاب، والحشرات المؤذية، والزنبور، والبق، والبعوض، والبراغيث، والقسم الثاني الفواسق، وهي الحدأة والغراب والأبقع، وغراب البين والفأرة والحية، والعقرب، والثالث، ما لا يؤذي بطبعه كالرخم، والبوم والديدان، ولاجزاء في ذلك، واستحبه بعضهم، وقيل: يكره جزم به في المحرر وغيره.
ويكره قتل النمر ونحوه، إلا من أذية شديدة، وقيل: يحرم، قال ابن كثير وغيره: وعليه الجمهور وحكى الوزير اتفاقهم على أنه لا يجوز أن يقتل المحرم الصيد على الإطلاق، ولا يقتل ما لا يؤكل لحمه ولا يصيده، ولا يدل عليه حلالا، ولا محرما، ولا يشير إليه، ويكره قتل ما لا يضر، كنمل وهدهد، إلا من أذى.
([30]) قريبا في قوله: تولد منه ومن غيره، تغليبا للحظر.
([31]) فعن نفسه خشية تلفها، أو مضرة كجرحه، ولا يضمنه وفاقا، أو ماله خشية تلفه، أو تلف بعض حيواناته، ولا يضمنه أيضا، لأنه قتله لدفع شره، وقد أذن الشارع في قتل الفواسق، لدفع أذى متوهم، فالمتحقق أولى، وكذا لو تلف بتخليصه من سبع، أو شبكة ونحوها ليطلقه، أو أخذه ليخلص من رجله خيطا ونحوه فتلف بذلك، لم يضمنه وفاقا، كقتله لحاجة أكله وفاقا، وظاهر كلامه أنه لو دفع عن غير نفسه، مما يجوز له الدفع عنه، أنه يضمنه، وليس كذلك، بل هو كالصائل عليه، والصائل عليه: هو القاصد الوثوب عليه.
([32]) أي أو لم يخش التلف أو الضرر بجرحه ونحوه، قال الوزير: اتفقوا على أنه إذا عدا السبع على المحرم، فقتله المحرم، فلا ضمان عليه، وإن قتله ابتداء فقال مالك، والشافعي، وأحمد: لا ضمان عليه.
([33]) وليس المحرم صيدا حقيقة، وفي الصحيحين ((خمس فواسق، يقتلن في الحل والحرم)).
([34]) فلا يحل قتله إلا بإحدى ثلاث، والمراد غير الحربي، وما سوى الآدمي من كل مؤذ يستحب قتله، عدا عليه، أو لم يعد، وهو مذهب مالك، والشافعي، وكذا روي عن أبي حنيفة، العقور وغير العقور، والمستأنس والمستوحش، منهما سواء، والفأرة الوحشية، والأهلية، والإطلاق يقتضي ذلك، سواء كان بالحرم أو لا، وجده دنا منه أو لا، محرما كان أو غير محرم آذى بالفـعل أو لا.
قال الشيخ وغيره: وللمحرم وغيره أن يقتل ما يؤذي بعادته الناس، كالحية، والعقرب، والفأرة، والغراب، والكلب العقور، وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون حرمته فهو شهيد)) وكذلك ما يتعرض له من الدواب، فينهى عن قتله وإن كان في نفسه محرما، كالأسد والفهد فإذا قتله فلا جزاء عليه، في أظهر قولي العلماء، واختاره أنه لا يجوز قتل نحل، ولو بأخذ كل عسله، وقال هو وغيره: إن لم يندفع ضرر نمل إلا بقتله جاز.
([35]) لأنه يترفه بإزالته، كإزالة الشعر، وصئبانه بيضه وحكاه الوزير اتفاقا، ومفهومه أنه لا يحرم بغير إحرام، قال في المبدع: بغير خلاف، لأنه إنما حرم في حق المحرم لما فيه من الرفاهية، فأبيح في الحرم كغيره.
([36]) وفي مغني ذوي الأفهام، يكره رميه حيا، وصرح في الإقناع بحرمة رميه مقتولا في المسجد.
([37]) أي في قمل وصئبانه إذا قتله أو رماه، لأنه ليس بصيد، ولا قيمة له، جزم به الشيخ وغيره.
([38]) كبعوض ففي الفروع: قال الصحابة: ولا شيء في بعوض، وبراغيث وقراد، لأنها ليست بصيد، ولا متولدة من البدن، ومؤذية بطبعها، وقال شيخ الإسلام: وإذا قرصته البراغيث والقمل، فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها، وقال أيضا: إن قرصه ذلك قتله مجانا، وإلا فلا يقتله، وقال غير واحد، لم يحرم الله قتله، وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عـليه اهـ ولا يـكره أن يقرد بعيره، روي عن ابن عمر وغيره، كسائر المؤذي، ولا يقتل بنار قمل، ولا نمل، ولا برغوث، ولا غيرها، وصحح في الفروع التحريم، ولا يكره إذا لم يزل ضرره إلا بذلك.
([39]) يضمن بالبناء للمفعول، وجراد اسم جنس، الواحدة منه جرادة، فإذا تلف بمباشرة أو سبب ضمن، لأنه بري يشاهد طيرانه في البر، وهذا مذهب الشافعي، وذكره الموفق قول أكثر العلماء، لأنه طير في البر، وقال عمر لكعب -لما حكم في جرادة بدرهم-: إنك لتجد الدراهم، لتمرة خير من جرادة. وقال مرة: قبضة من طعام، وعند الحنفية: يتصدق بما شاء، وقال مالك: عليه جزاؤه.
وعنه: يتصدق بتمرة عن جرادة، قال القاضي، هذه الرواية تقويم لا تقدير، فتكون المسألة رواية واحدة وقيل: يضمن حتى لو انفرش في طريقه بمشيه فقتله، وأن مثله دابته المتصرف فيها، وقيل: لا لأنه اضطره إلى إتلافه كصائل وعنه: لا ضمان في الجراد، لما رواه الترمذي عن أبي هريرة: استقبلنا رجل من جراد، فجعلنا نضربه بسياطنا وعصينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلوه فإنه من صيد البحر))، قال: وقد رخص فيه قوم من أهل العلم، وعن أبي سعيد أن كعبا أفتى بأخذه وأكله.
([40]) لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الآية وللخبر وتقدم، وظاهره العموم حتى في الوطء إلا أن يقال: إن الكلام في المحظور غير المفسد، كما استظهره غير واحد.
([41]) ما لم يجد ميتة وتقدم، ويفدي لأنه ذبحه لمصلحته.
([42]) أي كمضطر بالحرم، فله ذبح صيد الحرم وأكله لاضطراره إليه.
([43]) أي ولا يباح الصيد الذي ذبحه المحرم المضطر إلى أكله إلا لمن يباح له أكل الميتة، وهو المضطر.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 01:20 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِنْ قَتل صيداً مأكولاً بَرِّياً أَصْلاً وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ،....
قوله: «وإن قتل صيداً مأكولاً» ، هذا هو السادس من محظورات الإحرام.
وقد ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أوصاف الصيد المحرم في الإحرام فقال: «مأكولاً» وهذا هو الوصف الأول، فإن كان غير مأكول فليس قتله من محظورات الإحرام، ولكن هل يقتل أو لا يقتل؟
الجواب: ينقسم ذلك إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما أمر بقتله.
الثاني ما نهي عن قتله.
الثالث: ما سكت عنه.
فأما ما أمر بقتله، فإنه يقتل في الحل والحرم والإحرام والإحلال، مثل الخمس التي نص عليها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ((خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)) [(1)]، ومنه الحية، والذئب، والأسد، وما أشبهها؛ لأن نص الرسول صلّى الله عليه وسلّم على هذه الخمسة يتناول ما في معناها أو أشد منها.
الثاني: ما نهي عن قتله، مثل: النملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرَد. فلا تقتل لا في الحل ولا في الحرم.
فالنملة: معروفة، ومنه الصغار والكبار، والمعروف لا يعرَّف؛ لأنك إذا عرَّفت المعروف صار نكرة.
والنحلة: معروفة وهي التي يخرج من بطونها العسل وقد قيل:
تقول هذا مجاج النحل تمدحه
وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
الهدهد: معروف.
والصُّرَد: طائر صغير فوق العصفور منقاره أحمر، ويعرفه أهل الطيور.
الثالث: ما سكت عنه فلم يؤمر بقتله ولم ينه عنه، فإن آذى ألحق بالمأمور بقتله؛ لأن المؤذي يقتل دفعاً لأذيته، وإن لم يؤذ فهو محل توقف.
فأجاز بعضهم قتله؛ لأن ما سكت عنه الشارع فهو مما عفا عنه.
وكرهه بعضهم؛ لأن الله خلقه لحكمة، فلا ينبغي أن تقتله، وهذا هو الأولى.
قوله: «برياً» هذا هو الوصف الثاني، وهو الذي يعيش في البر دون البحر؛ لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] وضده البحري، والبحري: ما لا يعيش إلا في الماء.
وأما ما يعيش في البر والبحر فإلحاقه بالبري أحوط، لأنه اجتمع فيه جانب حظر، وجانب إباحة، فيغلب جانب الحظر.
مسألة: إذا صاد السمك داخل حدود الحرم، كأن تكون بحيرة في مكة فيها أسماك، فهل يجوز؟
الصحيح أنه لا يحرم، وإن كان الفقهاء ـ رحمهم الله ـ قالوا إنه حرام، والصحيح أنه حلال؛ لأن المحرَّمَ صيد البر.
قوله: «أصلاً» أي: أن أصله بري، ومراده أن يكون متوحشاً وإن استأنس، فمثلاً: الأرنب صيد مأكول بري أصلاً، والأرنب المستأنسة كالأرنب المتوحشة؛ لأن أصلها متوحش فيحرم على المحرم قتلها.
والحمامة أصلها وحشي، وعلى هذا فنعتبر الأصل.
والدليل على هذا من القرآن، قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] الآية، فجعل إتلاف الصيد قتلاً، ولو صيد على وجه شرعي؛ لأنه ميتة.
والصيد هو ما جمع هذه الأوصاف الثلاثة السابقة.
والدليل من السنة أن الصعب بن جثامة -رضي الله عنه- لما نزل به النبي صلّى الله عليه وسلّم ضيفاً في طريقه إلى مكة في حجة الوداع، وكان الصعب عداءً سبوقاً صياداً، فذهب وصاد حماراً وحشياً، وجاء به إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، رده النبي صلّى الله عليه وسلّم فتغير وجه الصعب فعرف النبي صلّى الله عليه وسلّم ما في وجهه فقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرُم)) [(2)].
والمحرم إذا صيد الصيد من أجله فالصيد عليه حرام، لكن لم يمنع النبي صلّى الله عليه وسلّم الصعب من أكله؛ لأن الصعب صاده وهو حلال، وصيد الحلال حلال.
قوله: «ولو تولد منه ومن غيره» ، أي: لو تولد الصيد من الوحشي والإنسي أو من المأكول وغيره، فإنه يكون حراماً.
مثل: لو تولد شيء من صيد بري متوحش، وصيد بري غير متوحش، فإنه يكون حراماً؛ للقاعدة المشهورة: «أنه إذا اجتمع في شيء مبيح وحاظر، ولم يتميز المبيح من الحاظر، فإنه يغلب جانب الحاظر»؛ لأنه لا يمكن اجتناب المحظور إلا باجتناب الحلال، فوجب الاجتناب.
قوله: «أو تلف في يده» معطوف على «قتل» ، أي: وإن قتل الصيد أو تلف في يده فعليه جزاؤه.
أي: إذا كان في يده صيد مشتمل على الأوصاف الثلاثة وهي أن يكون برياً مأكولاً متوحشاً، ولم يقتله، لكن أصيب هذا الصيد بمرض من الله ـ عزّ وجل ـ، وتلف فإنه يضمنه؛ لأنه يحرم عليه إمساكه.
وظاهر كلام المؤلف أنه يحرم عليه إمساكه، ولو كان قد ملكه قبل الإحرام.
ولكن الصواب أن الصيد الذي في يد المحرم، إن كان قد ملكه بعد الإحرام فهو حرام، ولا يجوز له إمساكه.
وإن كان قد ملكه قبل الإحرام وأحرم وهو في يده، فهو ملكه، وملكه إياه تام، والمذهب أنه يجب عليه إزالة يده المشاهدة.
مثاله: صاد في قرن المنازل أرنباً قبل الإحرام، فأحرم والأرنب معه، فنقول: يلزمك إطلاقها؛ لأنه لا يمكن أن يبقي يده المشاهدة على صيد وهو محرم، ولا يزول ملكه عنها، فلو أن أحداً أخذها، ثم حلَّ صاحبها من الإحرام فإنها ترجع عليه ويأخذها.
أما إذا صادها بعد أن أحرم، فعليه إطلاقها، ولا تدخل في ملكه أصلاً؛ لأن المحرم يحرم عليه صيد البر الذي يجمع الأوصاف الثلاثة السابقة.
قوله: «فعليه جزاؤه» ظاهره: أن عليه جزاءه سواء تلف بتعد منه أو تفريط أو لا، وهو كذلك؛ لأن إبقاء يده عليه محرَّم. فيكون كالغاصب، والغاصب يضمن المغصوب بكل حال، فهذا يضمنه بكل حال.
وقوله: «فعليه جزاؤه» سيأتي جزاء الصيد مفصلاً في كلام المؤلف.

وَلاَ يَحْرمُ حيوانٌ إِنسيٌّ وَلاَ صيدُ البَحْرِ، ولاَ قَتْلُ مُحَرَّمِ الأكْلِ، وَلاَ الصائِلِ ....
قوله: «ولا يحرم حيوان إنسي» ، شرع المؤلف في ذكر المفهوم في كلامه السابق.
فقوله: «ولا يحرم حيوان إنسي» هذا مفهوم قوله: «بري أصلاً» مثل الإبل، والبقر، والغنم، والدجاج، كل هذه لا تحرم، وعموم كلامه أنه لا يحرم ولو توحش، أي: لو أن الدجاجة هربت من أهلها وصارت متوحشة، لا يمكن أن تستأنس بالآدمي، ثم لحقها وأمسكها فهي حلال اعتباراً بالأصل.
ومثل ذلك: إذا ندت البعير، وتوحشت، وصارت كالظباء لا يمكن إمساكها، ثم أدركها وهو محرم وقتلها رمياً فهي حلال؛ اعتباراً بالأصل.
قوله: «ولا صيد البحر» ، أي: لا يحرم صيد البحر على المحرم؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ، فإذا أحرم من رابغ مثلاً ومرَّ بسيف البحر، وصاد سمكاً فليس حراماً.
قوله: «ولا قتل محرم الأكل» كالهر، فالهر محرم الأكل، فلو أن محرماً قتله فليس عليه جزاء؛ والعلة في ذلك أنه لا قيمة له وليس بصيد، فلا يدخل تحت قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] .
قوله: «ولا الصائل» أي: ولا يحرم على المحرم قتل الصائل أي: لو صال عليك غزال وخفت على نفسك ودافعته، وأبى أن ينصرف فقتلته فلا شيء عليك؛ لأنك دفعته لأذاه، وكل مدفوع لأذاه فلا حرمة له، وكل ما أبيح إتلافه لصوله، فإنه يدافع بالأسهل فالأسهل، فإذا أمكن دفعه بغير القتل دفع، وإلا قتل.
ومن فروع هذه القاعدة: لو نزلت شعرة بعينه، أي: نبتت في الجفن من الداخل وصارت تؤذي عينه وأزالها بالمنقاش، وقلنا: بأن تحريم إزالة الشعر على المحرم عام لجميع البدن، فإن ذلك لا شيء فيه، وكذا لو انكسر ظفره وصار يؤذيه كلما مسه شيء آلمه، فقص المنكسر، فلا شيء عليه؛ لأنه دفعه لأذاه.
مسائل :
الأولى: ما قتل لدفع أذاه هل يكون حلالاً؟
الجواب: إن قتل قتلاً دون ذكاة شرعية فهو حرام، لكن إن ذكي ذكاة شرعية، كما لو كان جملاً وضربه في نحره وأنهر الدم وسمى الله فهو حلال؛ لأنه قصد التذكية مع الدفاع عن نفسه، لكن لو غاب عن ذهنه قصد التذكية ولم يقصد إلا الدفاع عن نفسه فحينئذٍ يكون حراماً، ولهذا ينتبه لهذه المسألة فلا بد من قصد التذكية، فلو أرسلت سكيناً هكذا على شيء من الأشياء فأصابت شاة مع مذبحها وأنهرت الدم هل تحل؟ الجواب: لا.
ولهذا كانت ذكاة المجنون غير صحيحة؛ لأنه ليس عنده قصد، وذكاة السكران غير صحيحة، فلا بد من القصد.
الثانية: المحرم لو صاد الصيد في حال تحريمه عليه فليس له أكله؛ لأنه محرم لحق الله.
ولو غصب شاة من شخص وذبحها، هل يحرم أكلها؟ فيه قولان:
القول الأول: يحرم، قياساً على صيد المحرم.
القول الثاني: لا يحرم؛ لأن هذا يضمن لصاحبه بالقيمة، أو بالمثل، لكنه آثم، وهو الصحيح.
الثالثة: المحرم إذا قتل الصيد فهو حرام عليه وعلى غيره؛ لأنه بمنزلة الميتة.
الرابعة: لو اضطر إلى الأكل فذبح الصيد لذلك، فهل يحل؟
الجواب: نعم يحل؛ لأنه لا تحريم مع الضرورة لقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] ، فلو أن محرماً خاف أن يهلك من الجوع، ولم يبق عليه إلا أن يموت أو يقتل هذه الغزالة أو الأرنب، فله صيدها، وإذا صادها فهي حلال، وهل هي حرام يأكل منها بقدر الضرورة فقط، أو حلال ويتزود منها؟
الجواب: هي حلال ويتزود منها؛ لأنه لما حل قتلها لم يؤثر الإحرام فيها شيئاً، وقد أبيح قتلها للضرورة فكانت حلالاً، لأن الآدمي أكرم عند الله ـ عزّ وجل ـ من الصيد.
الخامسة: ما شارك فيه المحرم غيره، بمعنى أن هذا الصيد قتله رجلان أحدهما محرم، والثاني غير محرم، فهل يحرم على المحرم وحده دون المحل، أو عليهما جميعاً؟
الجواب: يحرم عليهما جميعاً؛ لأنه لا يمكن اجتناب الحرام إلا باجتناب الحلال، حيث إن الحرام لم يتميز.
السادسة: إذا دل أو أعان حلالاً على الصيد؟
قال العلماء: يحرم على المحرم الدال أو المُعِين دون غيره.
مثال الدال: جماعة يمشون فالتفت محرم منهم، فنظر فقال للمحل: انظر الصيد، فذهب المحل فصاده، فهو حرام على المحرم الدال فقط؛ لأنه دل عليه، أما غيره فلا يحرم عليه.
ومثال الإعانة: رأى المحل صيداً فركب فرسه ليصطاده، ولكنه نسي السهم في الأرض، فقال للمحرم: ناولني السهم فناوله إياه، فذهب فصاده، فإنه يحرم على المحرم الذي أعانه فقط، أما غيره فلا يحرم عليه.
السابعة: إذا صاد المحل صيداً وأطعمه المحرم، فهل يكون حلالاً للمحرم؟
الجواب: قال بعض العلماء: إنه حرام على المحرم، واستدلوا بعموم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ، قالوا: هذا صيد بر، فيحرم على المحرم ولو كان الذي قتله حلالاً.
وبحديث الصعب بن جثامة، حين صاد حماراً وحشياً فجاء به إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- فرده، وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) [(3)]، ولم يقل: إلا أنك صدته لنا.
وقولهم قوي بلا شك.
لكن الصحيح أنه يحل للمحرم[(4)]، ومعنى قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: 96] أن «صيد» مصدر، أي: حرم عليكم أن تصيدوا صيد البر، وليس بمعنى مصيد، وهذا المحرم ليس له أثر في هذا الصيد، لا دلالة، ولا إعانة، ولا مشاركة، ولا استقلالاً، ولا صِيد من أجله.
ويؤيد ذلك قصة أبي قتادة -رضي الله عنه- حين ذهب مع سرية له إلى سيف البحر عام الحديبية، فرأى حماراً وحشياً فركب فرسه، فنسي رمحه، وقال لأحد أصحابه: ناولني الرمح، قال: ما أناولك إياه أنا محرم فنزل وأخذه، فضرب الصيد، فجاء به إلى أصحابه فأطعمهم إياه، ولكن صار في قلوبهم شك حتى وصلوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فسألوه فأذن لهم في أكله، مع أنهم حرم[(5)].
فيجمع بينه وبين حديث الصعب بن جثامة: بأن أبا قتادة ـ رضي الله عنه ـ صاده لنفسه، وأن الصعب ـ رضي الله عنه ـ صاده للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا الجمع أولى من النسخ؛ لأن بعض العلماء قال: إن حديث الصعب ناسخ؛ لأنه متأخر، وقد رده الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقال: ((إنا حرم)).
والصحيح أنه مع إمكان الجمع لا نسخ، والجمع هنا ممكن ويدل له ما أخرجه أهل السنن عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصد لكم)) [(6)].
فإذا قال قائل: أبو قتادة -رضي الله عنه- معه قومه وصاد الحمار، فكيف يريده لنفسه ولم يصده لقومه؟!
فالجواب: أن أبا قتادة -رضي الله عنه- صاده لنفسه أصلاً، ولقومه تبعاً، هذا إن لم نتجاوز ونقول: إن أبا قتادة -رضي الله عنه- غضب عليهم؛ لأنهم منعوه الرمح فصاده لنفسه، ولكن هذا بعيد لأنهم ما امتنعوا بخلاً بمعونتهم، لكن امتنعوا لسبب شرعي، فقالوا: إنا حرم لا نعطيك إياه، فلا أظن أبا قتادة -رضي الله عنه- يكون في نفسه شيء عليهم، فيريد أن يختص بالصيد، ولكنه وقع في نفسه أنه صاده لنفسه وسيطعم أصحابه، بخلاف الذي لم يصد الحمار الوحشي إلا للرسول صلّى الله عليه وسلّم. فبين القصدين فرق عظيم، وهذا الذي يكون به الجمع بين الأدلة.



[1] أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب ما يقتل المحرم من الدواب (1829)؛ ومسلم في الحج/ باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم (1198) (67) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[2] أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب إذا أهدى المحرم حماراً وحشياً (1825)؛ ومسلم في الحج/ باب تحريم الصيد للمحرم (1193).
[3] سبق تخريجه ص(142).
[4] وهو المذهب.
[5] أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله (1821)، (1822)؛ ومسلم في الحج/ باب تحريم الصيد للمحرم (1196).
[6] أخرجه أبو داود في المناسك/ باب لحم الصيد للمحرم (1851)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم (775)؛ والنسائي في مناسك الحج/ باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال (5/187)؛ وابن حبان (3971)؛ والحاكم (1/476) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ وصححه ابن حبان؛ وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السادس, قتل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir