السادسُ: قَتْلُ صَيْدِ البَرِّ أو اصطِيَادُه، وقد أَشَارَ إليه بقَولِه: (وإن قَتَلَ صَيْداً مَأْكُولاً بَرِّيًّا أَصْلاً) كحَمَامٍ وبَطٌّ ولو استُأْنِسَ، بخلافِ إِبِلٍ وبَقَرٍ أَهلِيَّةٍ ولو تَوَحَّشَت، (ولو تَوَلَّد منه)؛ أي: مِن الصَّيْدِ المذكُورِ (ومِن غَيْرِه) كالمُتَوَلَّدِ بينَ المأكولِ وغيرِه أو بينَ الوَحْشِيِّ وغيرِه تَغْلِيباً للحَظْرِ، (أو تَلَفَ) الصَّيْدُ المذكورُ (في يَدِه) أو بمُبَاشَرَةٍ أو سببٍ كإشارةٍ ودَلالةٍ وإعانةٍ ولو بمُنَاوَلَةِ آلةٍ أو بجِنَايَةِ دَابَّةٍ وهو مُتَصَرِّفٌ فيها؛ (فعليه جَزَاؤُه) وإن دَلَّ ونَحْوُه مُحْرِمٌ مُحْرِماً فالجزاءُ بينَهما. ويَحْرُمُ على المُحْرِمِ أَكْلُه ممَّا صَادَه، أو كانَ له أثرٌ في صَيْدِه، أو ذُبِحَ أو صِيدَ لأجلِه، وما حَرُمَ عليه لنَحْوِ دَلالةٍ أو صِيدَ له لا يَحْرُمُ على مُحْرِمٍ غَيْرِه، ويَضْمَنُ بَيْضَ صيدٍ ولَبَنَه إذا حَلَبَه بقِيمَتِه. ولا يَمْلِكُ المُحْرِمُ ابتِدَاءً صَيْداً بغيرِ إِرْثٍ. وإن أَحْرَمَ وبمِلْكِه صَيْدٌ لم يَزُلْ ولا يَدُه الحُكْمِيَّةُ بل تُزَالُ يَدُه المُشَاهَدَةُ بإِرْسَالِه.
(ولا يَحْرُمُ) بإحرامٍ أو حَرَمٍ (حَيَوَانٌ إِنْسِيٌّ) كالدجاجِ وبهيمةِ الأنعامِ؛ لأنَّه ليسَ بصَيْدٍ، وقد كانَ النبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ يَذْبَحُ البُدْنَ في إحرامِه بالحَرَم.ِ (ولا) يَحْرُمُ (صَيْدُ البَحْرِ) إن لم يَكُنْ بالحَرَمِ لقولِه تعالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُه} وطَيْرُ الماءِ يُرَى. (ولا) يَحْرُمُ بحَرَمٍ ولا إحرامٍ (قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ) كالأسدِ والنِّمْرِ والكلبِ إلا المُتَوَلَّدِ كما تَقَدَّمَ. (ولا) يَحْرُمُ قَتْلُ الصَّيْدِ (الصَّائِلِ) دَفْعاً عَن نفسِه أو مالِه سواءٌ خُشِيَ التَّلَفُ أو الضَّرَرُ بجُرْحِه أو لا؛ لأنَّه التَحَقَ بالمُؤْذِيَاتِ فصَارَ كالكلبِ العَقُورِ. ويُسَنُّ مُطلقاً قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ غيرِ آدَمِيٍّ، ويَحْرُمُ بإحرامٍ قَتْلُ قَمْلٍ وصِئْبَانَةٍ ولو برَمْيِه ولا جَزَاءَ فيه، لا بَرَاغِيثَ وقُرَادٍ ونَحْوِهما، ويُضْمَنُ جَرَادٌ بقِيمَتِه. ولمُحْرِمٍ احتاجَ لفِعْلِ محظورٍ فِعْلُه ويَفْدِي، وكذا لو اضْطُرَّ إلى أَكْلِ صَيْدٍ فله ذَبْحُه وأَكْلُه كمَن بالحَرَمِ، ولا يُبَاحُ إلا لمَن له أَكْلُ المَيْتَةِ.