دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 02:58 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مجلس أداء التطبيق التاسع من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق التاسع من تطبيقات دورة مهارات التفسير


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 صفر 1440هـ/29-10-2018م, 05:02 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن أبي حاتم وابن جرير في عدة روايات من طريق هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: بَعْدَ أُمَّةٍ. قَالَ: بَعْدَ نِسْيَانٍ.
التوجيه:
ذَكَرَ الطبري أَنَّ بعض الْعَرَبَ تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: أَمِهَ الرَّجُلُ يَأْمَهُ أَمَهًا: إِذَا نَسِيَ، وذكر أن جماعة من المتقدمين قرأوا "بعد أَمَةً" بِفَتْحِ الْأَلِفِ، وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَفَتْحِهَا، بِمَعْنَى بَعْدَ نِسْيَانٍ، ونسب أكثر المفسرين هذه القراءة إلى ابن عباس وغيره، وإذا صح ذلك فهي من الشاذ لأنها بالهاء.
وبالرجوع إلى كتب اللغة المتقدمة يتبين أن هذا المعنى وارد ومحتمل كما يلي:
قال أبو عبيدة في مجاز القرآن: (يقال: أمهت تأمه أمّها، أي نسيت)
وقال الفراء: يقال رجل مأموه، كأنه ليس معه عقل.
وقال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: (الأمهُ النسيَانُ، يقال أمِهَ يَأمَهُ أمَهاً. هذا الصحيح بفتح الميم، وروى بعضهم عن أبي عبيدة: أمْهُ بسكون الميم، وليس ذلك بصحيح عنه، لأن المصدَرَ أنه يأمَهُ أمَهٌ لا غير)
وقال ابن فارس في مقاييس اللغة: (أَمَهَ) وَأَمَّا الْهَمْزَةُ وَالْمِيمُ وَالْهَاءُ. فَقَدْ ذَكَرُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ: وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ، أَنَّهُ النِّسْيَانُ، يُقَالُ: أَمِهْتُ: إِذَا نَسِيتُ. وَذَا حَرْفٌ وَاحِدٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.
وقال زين الدين الرازي في مختار الصحاح: (أم هـ: (الْأَمَهُ) النِّسْيَانُ وَقَدْ (أَمِهَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ)
وذكر ابن حسنون في كتاب اللغات في القرآن أن أمه بمعنى النسيان في لغة تميم وقيس عيلان
فيكون أصل المعنى: أمَهْتُ أي: نسيت، كما قَالَ الشَّاعِرُ:
أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُودِي بِالْعُقُولِ

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 ربيع الأول 1440هـ/12-11-2018م, 01:46 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

بارك الله فيك أخي الفاضل.
لعلك فهمتَ المقصود خطأ
فالمطلوب حل جميع النقاط، وليس اختيار أحدها.

اقتباس:
خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).
2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
5: قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
وأعتذر عن هذا التأخر في توجيهك لهذا الأمر.
والله المستعان.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ربيع الأول 1440هـ/18-11-2018م, 01:08 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).

التخريج:
رواه الطبري من طريق عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ "{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ} يَقُولُ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"، ونسب السيوطي في الدر المنثور تخريجه أيضا إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر، ولم أقف عليه.

التوجيه:
قال ابن فارس في مقاييس اللغة: "الميم، والثاء، واللام، أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء، وهذا مِثْلُ هذا، أي: نظيره".
وقال الفيروزابادي في بصائر ذووي التمييز: "المثَل، والمِثْل، والمثيل؛ كالشبه، والشبه، والشبيه، لفظًا ومعنًى، والجمع أمثال. وقد يستعمل المثل -بكسر الميم- عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني، أي معنًى كان".

والأعلى من أفعل التفضيل، أي أعلى من غيره، وبذلك يستلزم المثل الأعلى إثبات الكمالات كلها له وحده، وتفرده بها، وقَوْله تَعَالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} متضمن لأحد معاني المثل الأعلى، وأنه ليس كأوصافه شيء سبحانه، فالكمال المطلق هو الذي ليس فيه نقص بأي وجه من الوجوه،

كما قال ابن القيم: "أنه سبحانه وصف نفسه بأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وأنه لا سميّ له ولا كفؤ له، وهذا يستلزم وصفه بصفات الكمال التي فات بها شبه المخلوقين، واستحق بقيامها به أن يكون {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وهكذا كونه ليس له سميّ، أي مثيل يساميه في صفاته وأفعاله، ولا من يكافيه فيها".
وقَال أيضا: "فهذا هو الَّذِي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لكثرة نعوته وأوصافه وأسمائه وأفعاله، وثبوتها له على وجه الكمال الَّذِي لا يماثله فيه شيء، فالمثبت للصفات والعلو والكلام والأفعال وحقائق الأسماء هو الَّذِي يصفه سبحانه بأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ".

وقَال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الكمال ثابت لله، بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية، بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب تعالى، يستحقه بنفسه المقدسة، وثبوت ذلك مستلزم نفي نقيضه".

وعلى هذا فقَوْله تَعَالى: {وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى}، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} كلاهما يُثْبِت اتصاف الله تعالى بأوصاف الكمال، وتفرده بها، مع اختلافهما في الأسلوب، حيث إن الآية الأولى مثبتة له، والثانية نافية.

2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن أبي حاتم وابن جرير كلاهما من طريق هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: بَعْدَ أُمَّةٍ. قَالَ: بَعْدَ نِسْيَانٍ.

التوجيه:
بالرجوع إلى كتب المتقدمين نجد أن: أَمَهَ يَأمَهُ أمَهاً - بفتح الميم- أي: إِذَا نَسِيَ، ذكر ذلك: أبو عبيدة في مجاز القرآن، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه، والطبري في تفسيره، وزين الدين الرازي في مختار الصحاح.

وذكر ابن حسنون في كتاب "اللغات في القرآن" أن أمه بمعنى النسيان في لغة تميم وقيس عيلان، واستدل بقول الشَّاعِرُ:
أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُودِي بِالْعُقُولِ

وقال الفراء: يقال رجل مأموه، كأنه ليس معه عقل.

وعقب عليه ابن فارس في "مقاييس اللغة" بقوله: وَذَا حَرْفٌ وَاحِدٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
التخريج:
رواه الطبري من طريق يونس قال، أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير مولى قريش، عن سالم الأفطس في قوله:"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه"، قال: يخوفكم بأوليائه.

التوجيه:
الفعل (يخوف) من الأفعال التي يجوز حذف مفعوليها، وأحدهما اقتصارا أو اختصارا، كما قال أبو حيان.
فيكون التقدير: أن الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه من المشركين، ثم حذفت الباء والمفعول الأول، ونظير ذلك قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} بِبَأْسِ شَدِيدٍ، وَقَوْلُهُ: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ}، وقوله: {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ}، أي: بيوم الجمع.

قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: (وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي الْآيَةِ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَعْطَيْت الْأَمْوَالَ: أَيْ أَعْطَيْت الْقَوْمَ الْأَمْوَالَ فَيَحْذِفُونَ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ وَيَقْتَصِرُونَ عَلَى ذِكْرِ الثَّانِي).

وعلى هذا القول يكون (أولياءه): منصوب بنزع الخافض، أي على إسقاط حرف الجر "الباء"، أي: أن الفعل (يخوف) تعدى بنفسه (يخوفكم) وحذف المفعول الأول، ثم تعدى إلى الثاني بالباء (بأوليائه).

وقيل إن التقدير: يخوفكم الشرّ بأوليائه، فيكونون هم آلة التخويف، فيكون قد حذف مفعولا (يخوف) لدلالة المعنى على الحذف، وهذا محل خلاف عند النحويين، ولم يختار أبو حيان والسمين الحلبي حذف المفعولين.

4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
التخريج:
رواه الطبري من طريق ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ: الْحَفَظَةُ، وَحِفْظُهُمْ إِيَّاهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ"

التوجيه:
هذا القول يقتضي إضمارا كما في قول الفراء: (أي: ذلك الحفظ من أمر الله، أي: مما أمر الله به)، وقال الزجاج: (المعنى حفظهم إياه من أمر الله، أي: مما أمرهم الله به، لا أنهم يقدرون أن يدفعوا أمر الله).

ومن المعلوم أن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، كما هو مذهب بعض النحويين.

فمن قال أن "من" هنا بمعنى "الباء":
فيكون المعنى أن الله قدر عليهم أن يحفظوا هذا العبد بأمره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وبإذنه، وهو معنى قول ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وقتادة.

ومن ذهب إلى أن "من" هنا بمعنى "عن":
فيكون المعنى أي أن حفظهم إياه متسبب عن أمر الله لهم بذلك، أي من عند الله لا من عند أنفسهم، كقوله تعالى: {أطعمهم من جوع} أي عن جوع، وهو معنى قول الحسن.
والقولين متقاربين في المعنى.

5: قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
التخريج:
رواه البخاري في صحيحه والنسائي في الكبرى والطبري والبيهقي والمروزي عن ابن المبارك في الزهد والحاكم في المستدرك كلهم من طريق هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْكَوْثَرُ هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ»

التوجيه:
بالرجوع إلى الاستعال اللغوي لكلمة الكوثر يتبين أنه من الكثرة، وهو دال على الكثرة المبالغ فيها.
كما قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر: بِمَ آبَ ابنك؟ قالت: آبَ بكوثر، أي: بالعدد الكثير.

ويطلق الكوثر على الرجل الخيّر المعطاء، كثير العطاء والخير وهو السخي الجيد، كما في قول الكُمَيْت:
وأنت كثيرٌ يا ابن مروان طيّبٌ وكان أبوك ابْن العقائل كَوْثَرا

وقال صاحب تاج العروس: يقال للغبار إذا سطع وكثر: كوثر.

وهُوَ عَلَى وَزْنِ فَوْعَل مِنَ الْكَثْرَةِ مطلقا، فيكون على الوصفية على هذا القول، ولا تعارض بينه وبين من ذكر أنه على العلمية فيكون المراد به نهر في الجنة.

ولذلك لا اختلاف بين التفسير باللغة من اطلاق اللفظ على عمومه وبين التفسير بالمأثور من تخصيصه بالنهر، وفائدة العموم هنا كما قال ابن تيمية: (وَحَذَفَ مَوْصُوفَ الْكَوْثَرِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْعُمُومِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ التَّعْيِينِ وَأَتَى بِالصِّفَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى فِيهِ بِلَامِ التَّعْرِيفِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ الْمُسَمَّى وَتَمَامِهِ. كَقَوْلِهِ: زَيْدٌ الْعَالِمُ زَيْدٌ الشُّجَاعُ أَيْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ وَلَا أَشْجَعُ مِنْهُ)

فهذا القول يشمل بقية الأقوال الواردة في معنى الكوثر، ويكون النهر من أفراد الخير الكثير.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ربيع الثاني 1440هـ/12-12-2018م, 10:56 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم التطبيق التاسع من دورة مهارات التفسير المتقدمة
توجيه أقوال المفسّرين





هيثم محمد أ+
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: أحسنت، والتوجيه أن نقول إنه من التفسير باللازم، فكونه تعالى له المثل الأعلى يستلزم ألا يكون كمثله شيء، لأنه أعلى من كل شيء.
ج2: لا يفوتنا أن نذكّر بأن قراءة: "بعد أَمَهٍ" مروية عن ابن عباس، فيكون توجيه القول محمول على هذه القراءة المأثورة وإن كانت منسوخة الآن.
ج3: أحسنت بارك الله فيك، وهذا القول له مستند آخر من جهة اختلاف القراءات أيضا، فقد أورد المفسّرون أن في هذا الموضوع قريء "يخوفكم أولياءه" و"يخوفكم بأوليائه".

وأنقل لك هذه الزيادة للفائدة:
قال شيخنا عبد العزيز الداخل -حفظه الله-:
"توجيه قول سالم الأفطس في تفسير قول الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه} قال: يخوّفكم بأوليائه.
هذا القول يمكن أن يوجّه بأحد توجيهين:
الأول: أن يكون ذلك من باب التفسير بلازم المعنى؛ ومعنى الآية أن الشيطان يخوّف أولياءه، وبيان ذلك أن التخويف يُعدّى بمفعول ويعدّى بمفعولين:
- فتعديته بمفعول واحد كقولك: خوّفتُ زيداً فخاف.
- وتعديته بمفعولين كقولك: خوّفتُ زيداً الأعداءَ فخافهم.
فالمفعول الثاني بيان للمخوف منه.
وهذا التخويف يكون بتعظيم شأن الأعداء وشدّة بطشهم حتى يخافهم.
ومن ذلك قول عروة بن الورد:
أرى أم حسان الغداة تلومني … تخوفني الأعداءَ والنفس أخوف
وقول عنترة:
بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني … أَصْبحْتُ عن غَرض الحتوفِ بِمَعْزِل
ويصحّ أن يسبق المفعول الثاني بـ "من" فيقال: خوّفه من الأعداء؛ فيكون الجار والمجرور في محلّ نصب مفعول ثانٍ.
ويصحّ أن يحذف المفعول الأول فيقال: أتى زيدٌ يخوّف الأعداءَ ؛ أي يُعظّم شأنهم وخطرَهم حتى يخافهم الناس.
وهذا هو معنى قول الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه} أي يعظّم شأنهم وخطرهم حتى تخافوهم {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.
فحذف المفعول الأوّل، ولحذف المفعول لطائف بيانية:
منها: أنّ ذلك لإرادة العموم فيدخل فيه تقدير: "يخوّفكم أولياءه" كما قدّره بعض المفسرين، ويدخل فيه غير المؤمنين من المنافقين واليهود ومشركي العرب؛ فالشيطان مجتهد في تخويف شأن أوليائه ليخافهم المؤمنون ويخافهم المستضعفون من المشركين فيطيعوهم؛ ويخافهم غيرهم فيتبعوا خطواته.
ومنها: أن المقام مقام بيان غرض الشيطان في التخويف من أوليائه وتعظيم شأنهم بغضّ النظر عمّن يصيبه هذا التخويف.
ومنها: أنّ حذف المفعول الذي يشار فيه إلى المؤمنين فيه تحقير لكيد الشيطان، وأنّ مقصوده الأعظم تخويف المؤمنين، ومن كان مؤمناً قويّ الإيمان فلن يخافَ كيده، ولذلك قال تعالى: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} فمقتضى الإيمان الصحيح انتفاء الخوف من الشيطان.
والمقصود أن معنى الآية على ما تقرر هو أن الشيطان يخوّف المؤمنين وغيرهم شأنَ أوليائه، وهذا التخويف إنما يكون بتعظيم خطرهم في أعين المؤمنين وتهويل كيدهم كما قال أبو مالك الغفاري رحمه الله: (يعظّم أولياءه في أعينكم) رواه ابن أبي حاتم.
فيكون تأويل سالم الأفطس لهذه الآية بقوله: (يخوّفكم بأوليائه) تفسير بلازم المعنى؛ لأن المعنى يفضي إلى هذا اللازم؛ فالشيطان إنما يخوّف بأوليائه؛ فأوقع أولياءه موقع الأداة التي يخوّف بها.
والتوجيه الثاني: أن هذا التأويل مُخرّج على قراءة (يخوّفكم بأوليائه) وهي قراءة ذكرها ابن عطية عن أبيّ بن كعب، ولا أعلم لها أصلاً، وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: [يخوفكم أولياءه] وهي قراءة فيها التصريح بالمفعول الأول.
والتوجيه الأول أقرب وأصوب لأنه متى أمكن توجيه قول المفسّر على القراءة المشهورة المتواترة فلا يعدل إلى غيرها إلا بنصّ أو قرينة؛ فالنص أن يذكر عن ذلك المفسّر كأنّه كان يقرأ الآية على قراءة موافقة لما ذهب إليه من التأويل، والقرينة كأن تكون تلك القراءة معروفة في زمن المفسّر وورد نظير ما يفيد التوجيه بها عن غيره" ا ه.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 جمادى الآخرة 1440هـ/2-03-2019م, 11:47 PM
رقية إبراهيم عبد البديع رقية إبراهيم عبد البديع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 312
افتراضي


التطبيقات:
خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق علي عن أبي صالح عن معاوية عن علي، وكذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وكذا رواه ابن المنذر كما ذكر السيوطي في الدر المنثور (ولم أقف عليه في تفسير ابن المنذر المطبوع، فقد وصل المطبوع منه- حسب علمي- إلى سورة النساء).
التوجيه:
فسر ابن عباس رضي الله عنهما المثل الأعلى بلازم معناه، فإذا كانت الأسماء الحسنى والصفات العلى مختصة بالله عز وجل، لا يشاركه فيها مشارك؛ فيلزم من ذلك أنه ليس كمثله شيء.
قال القاضي ابن عطية: "لما جاء بلفظ فيه استعارة واستشهاد بالمخلوق على الخالق، وتشبيه بما يعهده الناس من أنفسهم، خلص جانب العظمة بأن جعل له المثل الأعلى الذي لا يصل إليه تكييف ولا تماثل مع شيء"

2:
قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن جرير من عدة طرق عن ابن عباس، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه بسنده إلى ابن عباس، وكذا رواه ابن المنذر كما ذكر السيوطي في الدر المنثور (ولم أقف عليه في تفسير ابن المنذر المطبوع، فقد وصل المطبوع منه- حسب علمي- إلى سورة النساء).
التوجيه:
هذا التفسير مبني على قراءة: "بعد أَمَهٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم، وفتحها بمعنى بعد نسيانٍ. وذكر بعضهم أنّ العرب تقول من ذلك: أمه الرّجل يأمه أمهًا: إذا نسي . وقد روي عن جماعةٍ من المتقدّمين أنّهم قرءوا ذلك. ذكره ابن جرير في تفسيره.
قال الفراء: "يقال: رجل مأموه كأنه الذي ليس معه عقله، وقد أمه الرجل"
بينما روي عن ابن عباس وغيره أنهم قالوا: بعد حين، وهذا التّأويل على قراءة من قرأ: {بعد أُمّةٍ} بضمّ الألف وتشديد الميم، وهي قراءة القرّاء في أمصار الإسلام. ذكره ابن جرير في تفسيره.

3:
قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق يونس عن علي بن معبد عن عتاب بن بشير مولى قريش
التوجيه:
يطابق هذا المعنى قراءة أبي بن كعب «يخوفكم بأوليائه» ، وقراءة ابن عباس: "إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه."
ويأتي على قراءة الجماعة "يخوف أولياءه" على حذف المفعول الأول، فالمعنى: يعظّم أولياءه في صدوركم فتخافونهم، وذلك نظير قوله تعالى: {لينذر بأسًا شديدًا}، بمعنى: لينذركم بأسه الشّديد، وذلك أنّ البأس لا ينذر، وإنّما ينذر به.
وقد كان بعض النحويين يقول: "معنى ذلك: يخوّف النّاس أولياءه، كقول القائل: هو يعطي الدّراهم، ويكسو الثّياب، بمعنى: هو يعطي النّاس الدّراهم، ويكسوهم الثّياب، فحذف ذلك للاستغناء عنه"، وليس ذلك كالآية، لأنّ الدّراهم في قول القائل: هو يعطي الدّراهم معلومٌ أنّ المعطَى هي الدّراهم، وليس كذلك الأولياء في قوله: {يخوّف أولياءه} مخوّفين، بل التّخويف من الأولياء لغيرهم، فلذلك افترقا. ذكره ابن جرير في تفسيره ونصره، وقد روى هذا القول -بمعناه- عن ابن عباس ومجاهد وابن إسحاق وقتادة وعكرمة وإبراهيم النخعي، وبه فسَّر ابن جرير الآية.
وكذلك به فسر ابن كثير الآية، وسرد الآيات التي تؤيد هذا المعنى، نحوقوله تعالى: {أليس اللّه بكافٍ عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه} إلى قوله: {قل حسبي اللّه عليه يتوكّل المتوكّلون} [الزّمر:36-38] وقال تعالى: {فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا} [النّساء:76] وقال تعالى: {أولئك حزب الشّيطان ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون} [المجادلة:19] وقال تعالى: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} [المجادلة:21] وقال [تعالى] {ولينصرنّ اللّه من ينصره} [الحجّ:40] وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم} [محمّدٍ:7] وقال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافر:51، 52]
وقد نصر اللغويون هذا القول، قال النحاس: "قيل: هذا حسن في العربية كما تقول فلان يعطي الدنانير، أي: يعطي الناس الدنانير، والتقدير على هذا يخوف المؤمنون بأوليائه ثم حذفت الباء وأحد المفعولين ونظيره قوله عز وجل: {لينذر بأسا شديدا} وأنشد سيبويه فيما حذفت منه الباء:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال وذا نشب"
وقال المبرد: " مجاز الآية أن المفعول الأول محذوف، ومعناه: يخوفكم من أوليائه.
وفي القرآن: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، والشهر لا يغيب عنه أحد، ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهدًا بلده في الشهر فليصمه، والتقدير {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ} أي فمن كان شاهدًا في شهر رمضان فليصمه، نصب الظروف لا نصب المفعول به"
وفي الآية قول آخر: وهو أنه يخوف أولياه المنافقين، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: "إنما كان ذلك تخويف الشيطان، ولا يخاف الشيطان إلا ولي الشيطان"

4:
قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق ابن حميد عن جرير، عن عطاء بن السّائب</span>
التوجيه:
مبنى هذا القول على أن المراد بالمعقبات هي الملائكة التي تقوم بحفظ الإنسان وحمايته من بين يديه ومن خلفه من شر الجن والإنس، فيعقب بعضها بعضا، تحفظه ملائكة الليل إثر ملائكة النهار، وملائكة النهار إثر ملائكة الليل. وهذا القول مروي عن كثير من السلف.
وعلى هذا التأويل فإن: (مِن) في قوله تعالى: {من أمر الله} للسببية بمعنى الباء، أي: حفظهم إياه بأمر الله لهم.
ويجوز أن تكون على أصل معناها، فهي تحفظ ابن آدم من المصائب والشرور، فإذا كان القدر خلَّت بينه وبينها.
وهناك قول آخر: وهو أنها الملائكة التي تحفظ على ابن آدم أعماله من حسنات وسيئات، وعلى هذا القول تتعين السببية في (من)

5:
قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق يعقوب عن هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير
التوجيه:
هذا التأويل مبناه على التفسير بالمعنى اللغوي، قال الراغب في المفردات: " الكوثر: قيل: هو نهر في الجنة يتشعب عنه الأنهار، وقيل: بل هو الخير العظيم الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يقال للرجل السخي : كوثر، ويقال: تكوثر الشيء: كثر كثرة متناهية، قال الشاعر: وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا "
وهو هنا معنى عام؛ يشمل كل ما ورد عن السلف في تفسير هذه الآية، من نهر الكوثر في الجنة، وكل خير امتن الله به على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ففي رواية ابن جرير:قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 جمادى الآخرة 1440هـ/4-03-2019م, 01:00 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:

1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري وقال حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، وكذلك ذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن منذر وابن أبي حاتم أخرجاه عن ابن عباس.

التوجيه: بعض أهل اللغة ومنهم ابن قتيبة والنحاس قال بأن المثل هو الصفة فيكون المعنى أنه سبحانه وتعالى له الصفة العليا وإذا كانت له الصفة العليا فهو لا يماثله فيها أحد وهو مفهوم قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) التي فسر بها ابن عباس الآية، فيكون تفسيره باللازم.
وهناك من النحويين ضعف قول من قال بأن المثل هو الصفة كأبو علي، وقال إِنَّما مَعْناه التَّمْثِيل وتَمَثَّلَ بالشَّيءِ والمِثالُ المِقْدارُ وهو من الشَّبَه، فالله تمثّلت به الأصنام والأنداد في بعض صفاته، ولعل من ذلك سميت تمثال وتماثيل، ولكنه سبحانه له المثل الأعلى لم يجرء أحد على ادعاء وجود مثيل مطلق له فهو له المثل الأعلى، وإن أعطت هذه التماثيل بعضاً من صفات الله فهي ليست مثله حقيقةً، لأنه ليس كمثله شيء، فكأن تفسير ابن عباس على هذا القول من باب إذهاب اللبس والشبه التي قد تطرأ على الجاهل من أنها قد تشابهه الأصنام والتماثيل بعض الشبه، فرد بقوله تعالى في موضع آخر: (ليس كمثله شي)، والقرآن يفسر بعضها بعضاً ويتفق معه ولا يخالفه.

2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه ابن جرير من طريق آخر كذلك وهو من طريق سعيد عن قتادة عن ابن عباس.

التوجيه: يعود هذا المعنى الذي ذكره ابن عباس إلى قراءته والتي هي (أَمَه) بفتح الهمزة وتخفيف الميم مع فتحها، والتي بمعنى النسيان، وكذلك هناك قراءة أخرى كذلك بمعنى النسيان وهي (أَمْهٍ) بفتح الهمزة وسكون الميم، وهما عائدان إلى أَمِهَ يأمه أمها إذا نسي، فالعرب تقول: أَمِهَ الرَّجُلُ يَأْمَهُ أَمَهًا: إِذَا نَسِيَ قال الشاعر:
أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُودِي بِالْعُقُولِ
أي: نسيت.
وهذه القراءة معروفة عن ابن عباس وعكرمة وقتادة، وهم الذين رووا عنه معنى الآية كما هو مبين في التخريج.

3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري بإسناده فقال حدثني يونس قال، أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير مولى قريش، عن سالم الأفطس.

التوجيه: سبب هذا القول أن في الآية محذوف، دلّ عليه تعدي فعل التخويف لمفعولين، ولم يذكر إلا مفعولاً واحداً، ويجوز الاقتصار على أحدهما لأن الآخر يدل عليه مفهوم الكلام، فبسبب هذا كان هناك طريقين لتقدير المحذوف:
الأول: ما ذكره سالم الأفطس، وهو بتقدير مفعول به أول وحرف جر محذوفان، ولما حذف حرف الجر أصبح الاسم المجرور محل المفعول به الثاني، وهو كقوله تعالى: (لينذر بأساً شديداً) أي: لينذركم من بأس أو ببأس، وهذا هو مذهب الفراء والزجاج وأبو عليّ من علماء اللغة، ويعضده القراءة الواردة عن أبيّ بن كعب: (يخوفكم بأوليائه).
والثاني: هو مذهب ابن عباس ومن معه وعليه قراءته وهي: (يخوفكم أولياه)، فيقدر المفعول به الأول فقط، وهو كقول العرب أعطيت الأموال وهي تريد أعطيت القوم الأموال، فلما كان مفهوماً من دونه حذف، وبه فسر البعض.
فقول الأفطس في تفسير الآية عائد إلى النحو وتقدير المحذوفات، مع تعضيد ذلك بالقراءات الواردة عن الصحابة.

4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري من طريق ابن حميد فقال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.

التوجيه: يعود الضمير في يحفظونه إلى المعقبات والتي اختلف فيها، وأولى التفسيرات فيها أنهم ملائكة الله الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ " فالمعقبات ملائكة يحفظون المؤمن كما قال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك موكّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك إلا شيئًا يأذن الله فيصيبه.
أما المراد من حفظهم إياه من أمر الله، فقد اختلفوا فيه فقال قوم بأن المراد به بأمر الله، ذلك لأن حروف الصفات يقوم بعضها قام بعض، وقال قوم بأن المراد به من أمر الله ما لم يأتي أمر الله وقدره، فيخلى بينه وبين ما كتبه الله عليه، فهم يحفظونه من الهوام والدواب والجن والأنس التي هي من أمر الله، ولعل هذا ما أراده سعيد بن جبير من قوله، ولكن إذا جاء قضاء الله وأمره المخالف لذلك وقع ولم يحفظونه منها؛ لأنهم عباد مأمورون يفعلون كما يؤمرون لا يزيدون ولا ينقصون، وهذا راجع إلى أن أمر الله نوعين: الأول قضى الله وقوعه وحلوله بصاحبه فلا يدفعه شيء كان ما كان، والآخر لم يقض الله حلوله ووقوعه بل قضى صرفه وابعاده إما بتوبة أو صدقة أو دعاء أو الحفظة من الملائكة أو غيرها من الأمور الصّارفة.
ويتبين من هذا بأن القولين عائدين إلى التفريق بين أنواع أوامر الله من حيث الوقوع، والقولين لا تعارض بينهما ويمكن الجمع بينهما.

5: قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
التخريج:
رواه ابن جرير والنسائي من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي بعض الروايات ليس فيها (الذي أعطاه الله إياه)

التوجيه: الكوثر في أصل اللغة يعود إلى الكثرة، والتي هي نماء العدد، وهو فَوعل من الكثرة، قال عبد الكريم أبو أُميَّةَ: قالت عجوز: قَدِم فلانٌ بكوثرٍ كثيرٍ..."، ومن ذلك أيضاً يقال للغبار إذا كثر وارتفع كوثر من كثرته.
وقد قال أهل المعاني في سبب تسمية الكوثر الذي هو نهر في الجنة بهذا الاسم أقوال:
قيل لأنه يكثر الواردون عليه من الناس يوم القيامة، ويعضده قول عطاء: (حوض أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر الناس عليه يوم القيامة)
وقيل لما فيه من الخير الكثير، ويعضده قول ابن عباس السابق.
ووجه خيره الكثير يتبين بالأثر التالي الوارد في المستدرك:
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: هَلْ سَمِعْتَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَذْكُرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكَوْثَرِ شَيْئًا، قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْ مَا يَسْقُطُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، شَرَابُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» ، فَقَالَ: «صَدَقَ وَاللَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَاللَّهِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ".
فابن عباس ورد عنه تفسير الكوثر بأنه النهر وورد عنه هذا القول، وكأنه يشير إلى خير النهر الكثير، وإلى أن الخير الذي أعطيه الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقتصر على الكوثر، بل يشمل كل ما أعطاه الله، فيشمل هذا القول جميع الأقوال الواردة في معنى الكوثر من النبوة والقرآن وغيرها من الأقوال

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 رجب 1440هـ/12-03-2019م, 09:00 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رقية إبراهيم عبد البديع مشاهدة المشاركة

التطبيقات:
خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق علي عن أبي صالح عن معاوية عن علي، وكذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، وكذا رواه ابن المنذر كما ذكر السيوطي في الدر المنثور (ولم أقف عليه في تفسير ابن المنذر المطبوع، فقد وصل المطبوع منه- حسب علمي- إلى سورة النساء).
التوجيه:
فسر ابن عباس رضي الله عنهما المثل الأعلى بلازم معناه، فإذا كانت الأسماء الحسنى والصفات العلى مختصة بالله عز وجل، لا يشاركه فيها مشارك؛ فيلزم من ذلك أنه ليس كمثله شيء.
قال القاضي ابن عطية: "لما جاء بلفظ فيه استعارة واستشهاد بالمخلوق على الخالق، وتشبيه بما يعهده الناس من أنفسهم، خلص جانب العظمة بأن جعل له المثل الأعلى الذي لا يصل إليه تكييف ولا تماثل مع شيء"

2:
قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن جرير من عدة طرق عن ابن عباس، وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه بسنده إلى ابن عباس،
[رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه ابن جرير من طريق آخر قال:
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن ابن عبّاس به ]
وكذا رواه ابن المنذر كما ذكر السيوطي في الدر المنثور (ولم أقف عليه في تفسير ابن المنذر المطبوع، فقد وصل المطبوع منه- حسب علمي- إلى سورة النساء).

التوجيه:
هذا التفسير مبني على قراءة: "بعد أَمَهٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم، وفتحها بمعنى بعد نسيانٍ. وذكر بعضهم أنّ العرب تقول من ذلك: أمه الرّجل يأمه أمهًا: إذا نسي . وقد روي عن جماعةٍ من المتقدّمين أنّهم قرءوا ذلك. ذكره ابن جرير في تفسيره.
قال الفراء: "يقال: رجل مأموه كأنه الذي ليس معه عقله، وقد أمه الرجل"
بينما روي عن ابن عباس وغيره أنهم قالوا: بعد حين، وهذا التّأويل على قراءة من قرأ: {بعد أُمّةٍ} بضمّ الألف وتشديد الميم، وهي قراءة القرّاء في أمصار الإسلام. ذكره ابن جرير في تفسيره. [لا يلزمكِ ذكر هذه القراءة لأنها خارجة عن المطلوب]

3:
قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق يونس عن علي بن معبد عن عتاب بن بشير مولى قريش[ عن سالم الأفطس به، ينتهي التخريج لمنتهى الإسناد]
التوجيه:
يطابق هذا المعنى قراءة أبي بن كعب «يخوفكم بأوليائه» ، وقراءة ابن عباس: "إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه."
ويأتي على قراءة الجماعة "يخوف أولياءه" على حذف المفعول الأول، فالمعنى: يعظّم أولياءه في صدوركم فتخافونهم، وذلك نظير قوله تعالى: {لينذر بأسًا شديدًا}، بمعنى: لينذركم بأسه الشّديد، وذلك أنّ البأس لا ينذر، وإنّما ينذر به.
وقد كان بعض النحويين يقول: "معنى ذلك: يخوّف النّاس أولياءه، كقول القائل: هو يعطي الدّراهم، ويكسو الثّياب، بمعنى: هو يعطي النّاس الدّراهم، ويكسوهم الثّياب، فحذف ذلك للاستغناء عنه"، وليس ذلك كالآية، لأنّ الدّراهم في قول القائل: هو يعطي الدّراهم معلومٌ أنّ المعطَى هي الدّراهم، وليس كذلك الأولياء في قوله: {يخوّف أولياءه} مخوّفين، بل التّخويف من الأولياء لغيرهم، فلذلك افترقا. ذكره ابن جرير في تفسيره ونصره، وقد روى هذا القول -بمعناه- عن ابن عباس ومجاهد وابن إسحاق وقتادة وعكرمة وإبراهيم النخعي، وبه فسَّر ابن جرير الآية.
وكذلك به فسر ابن كثير الآية، وسرد الآيات التي تؤيد هذا المعنى، نحوقوله تعالى: {أليس اللّه بكافٍ عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه} إلى قوله: {قل حسبي اللّه عليه يتوكّل المتوكّلون} [الزّمر:36-38] وقال تعالى: {فقاتلوا أولياء الشّيطان إنّ كيد الشّيطان كان ضعيفًا} [النّساء:76] وقال تعالى: {أولئك حزب الشّيطان ألا إنّ حزب الشّيطان هم الخاسرون} [المجادلة:19] وقال تعالى: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} [المجادلة:21] وقال [تعالى] {ولينصرنّ اللّه من ينصره} [الحجّ:40] وقال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبّت أقدامكم} [محمّدٍ:7] وقال تعالى: {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافر:51، 52]
وقد نصر اللغويون هذا القول، قال النحاس: "قيل: هذا حسن في العربية كما تقول فلان يعطي الدنانير، أي: يعطي الناس الدنانير، والتقدير على هذا يخوف المؤمنون بأوليائه ثم حذفت الباء وأحد المفعولين ونظيره قوله عز وجل: {لينذر بأسا شديدا} وأنشد سيبويه فيما حذفت منه الباء:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال وذا نشب"
وقال المبرد: " مجاز الآية أن المفعول الأول محذوف، ومعناه: يخوفكم من أوليائه.
وفي القرآن: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، والشهر لا يغيب عنه أحد، ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهدًا بلده في الشهر فليصمه، والتقدير {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ} أي فمن كان شاهدًا في شهر رمضان فليصمه، نصب الظروف لا نصب المفعول به"
وفي الآية قول آخر: وهو أنه يخوف أولياه المنافقين، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: "إنما كان ذلك تخويف الشيطان، ولا يخاف الشيطان إلا ولي الشيطان"

[راجعي تعليق الأستاذة أمل عبد الرحمن أعلاه]
4:
قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق ابن حميد عن جرير، عن عطاء بن السّائب [ عن سعيد بن جبير به] </span>
التوجيه:
مبنى هذا القول على أن المراد بالمعقبات هي الملائكة التي تقوم بحفظ الإنسان وحمايته من بين يديه ومن خلفه من شر الجن والإنس، فيعقب بعضها بعضا، تحفظه ملائكة الليل إثر ملائكة النهار، وملائكة النهار إثر ملائكة الليل. وهذا القول مروي عن كثير من السلف.
وعلى هذا التأويل فإن: (مِن) في قوله تعالى: {من أمر الله} للسببية بمعنى الباء، أي: حفظهم إياه بأمر الله لهم. [ وعلى هذا يكون " من أمر الله " صفة لـ " معقبات" فيكون المراد : " له معقبات من أمر الله يحفظونه]
ويجوز أن تكون على أصل معناها، فهي تحفظ ابن آدم من المصائب والشرور، فإذا كان القدر خلَّت بينه وبينها.
وهناك قول آخر: وهو أنها الملائكة التي تحفظ على ابن آدم أعماله من حسنات وسيئات، وعلى هذا القول تتعين السببية في (من) [ هذه الأقوال في متعلق الحفظ]

5:
قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق يعقوب عن هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير
التوجيه:
هذا التأويل مبناه على التفسير بالمعنى اللغوي، قال الراغب في المفردات: " الكوثر: قيل: هو نهر في الجنة يتشعب عنه الأنهار، وقيل: بل هو الخير العظيم الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يقال للرجل السخي : كوثر، ويقال: تكوثر الشيء: كثر كثرة متناهية، قال الشاعر: وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا "
وهو هنا معنى عام؛ يشمل كل ما ورد عن السلف في تفسير هذه الآية، من نهر الكوثر في الجنة، وكل خير امتن الله به على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
ففي رواية ابن جرير:قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.


[ وهذا أحد الأقوال في توجيه هذا القول، والتوجيه الثاني - على القول بأن التعريف في الكوثر للعهد الذهني وهو النهر الذي في الجنة - أنه الخير الكثير الموجود على النهر كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وفيه : قال النبي صلى الله عليه وسلم " أتدرون ما الكوثر ؟، فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ]
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أثني على حسن توجيهك للأقوال وما زلتِ بحاجة لمزيد تدريب على التخريج؛ فأرجو مراجعة التطبيقات السابقة، والحرص على تتبع الأسانيد وعدم الاكتفاء بمصدر واحد خاصة إذا توفر لكِ عدد من الأسانيد للأثر الواحد.
من ذلك قول سعيد بن جبير في معنى الكوثر مروي في البخاري وعدد من كتب السنن والمسانيد، وأغلبها موجود في الجمهرة، وما فعلتيه أنكِ نسخت إسناد ابن جرير فقط.
وإن كانت هناك عقبة تحول بينك وبين إتقانه فلا تترددي في السؤال والتواصل مع هيئة الإشراف.
التقويم:
ج+
آسف لخصم نصف درجة للتأخير.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 رجب 1440هـ/15-03-2019م, 10:21 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة إبراهيم الزبيري مشاهدة المشاركة
خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:

1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {وله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء).
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري وقال حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، وكذلك ذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن منذر وابن أبي حاتم أخرجاه عن ابن عباس.

التوجيه: بعض أهل اللغة ومنهم ابن قتيبة والنحاس قال بأن المثل هو الصفة فيكون المعنى أنه سبحانه وتعالى له الصفة العليا وإذا كانت له الصفة العليا فهو لا يماثله فيها أحد وهو مفهوم قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) التي فسر بها ابن عباس الآية، فيكون تفسيره باللازم.
وهناك من النحويين ضعف قول من قال بأن المثل هو الصفة كأبو علي، وقال إِنَّما مَعْناه التَّمْثِيل وتَمَثَّلَ بالشَّيءِ والمِثالُ المِقْدارُ وهو من الشَّبَه، فالله تمثّلت به الأصنام والأنداد في بعض صفاته، ولعل من ذلك سميت تمثال وتماثيل، ولكنه سبحانه له المثل الأعلى لم يجرء أحد على ادعاء وجود مثيل مطلق له فهو له المثل الأعلى، وإن أعطت هذه التماثيل بعضاً من صفات الله فهي ليست مثله حقيقةً، لأنه ليس كمثله شيء، فكأن تفسير ابن عباس على هذا القول من باب إذهاب اللبس والشبه التي قد تطرأ على الجاهل من أنها قد تشابهه الأصنام والتماثيل بعض الشبه، فرد بقوله تعالى في موضع آخر: (ليس كمثله شي)، والقرآن يفسر بعضها بعضاً ويتفق معه ولا يخالفه.

2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
التخريج:
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه ابن جرير من طريق آخر كذلك وهو من طريق سعيد عن قتادة عن ابن عباس.

التوجيه: يعود هذا المعنى الذي ذكره ابن عباس إلى قراءته والتي هي (أَمَه) بفتح الهمزة وتخفيف الميم مع فتحها، والتي بمعنى النسيان، وكذلك هناك قراءة أخرى كذلك بمعنى النسيان وهي (أَمْهٍ) بفتح الهمزة وسكون الميم، وهما عائدان إلى أَمِهَ يأمه أمها إذا نسي، فالعرب تقول: أَمِهَ الرَّجُلُ يَأْمَهُ أَمَهًا: إِذَا نَسِيَ قال الشاعر:
أَمِهْتُ وَكُنْتُ لَا أَنْسَى حَدِيثًا ... كَذَاكَ الدَّهْرُ يُودِي بِالْعُقُولِ
أي: نسيت.
وهذه القراءة معروفة عن ابن عباس وعكرمة وقتادة، وهم الذين رووا عنه معنى الآية كما هو مبين في التخريج.

3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري بإسناده فقال حدثني يونس قال، أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير مولى قريش، عن سالم الأفطس.

التوجيه: سبب هذا القول أن في الآية محذوف، دلّ عليه تعدي فعل التخويف لمفعولين، ولم يذكر إلا مفعولاً واحداً، ويجوز الاقتصار على أحدهما لأن الآخر يدل عليه مفهوم الكلام، فبسبب هذا كان هناك طريقين لتقدير المحذوف:
الأول: ما ذكره سالم الأفطس، وهو بتقدير مفعول به أول وحرف جر محذوفان، ولما حذف حرف الجر أصبح الاسم المجرور محل المفعول به الثاني، وهو كقوله تعالى: (لينذر بأساً شديداً) أي: لينذركم من بأس أو ببأس، وهذا هو مذهب الفراء والزجاج وأبو عليّ من علماء اللغة، ويعضده القراءة الواردة عن أبيّ بن كعب: (يخوفكم بأوليائه).
والثاني: هو مذهب ابن عباس ومن معه وعليه قراءته وهي: (يخوفكم أولياه)، فيقدر المفعول به الأول فقط، وهو كقول العرب أعطيت الأموال وهي تريد أعطيت القوم الأموال، فلما كان مفهوماً من دونه حذف، وبه فسر البعض.
فقول الأفطس في تفسير الآية عائد إلى النحو وتقدير المحذوفات، مع تعضيد ذلك بالقراءات الواردة عن الصحابة.

4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
التخريج:
رواه ابن جرير الطبري من طريق ابن حميد فقال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.

التوجيه: يعود الضمير في يحفظونه إلى المعقبات والتي اختلف فيها، وأولى التفسيرات فيها أنهم ملائكة الله الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ " فالمعقبات ملائكة يحفظون المؤمن كما قال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك موكّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك إلا شيئًا يأذن الله فيصيبه.
أما المراد من حفظهم إياه من أمر الله، فقد اختلفوا فيه فقال قوم بأن المراد به بأمر الله، ذلك لأن حروف الصفات يقوم بعضها قام بعض، وقال قوم بأن المراد به من أمر الله ما لم يأتي أمر الله وقدره، فيخلى بينه وبين ما كتبه الله عليه، فهم يحفظونه من الهوام والدواب والجن والأنس التي هي من أمر الله، ولعل هذا ما أراده سعيد بن جبير من قوله، ولكن إذا جاء قضاء الله وأمره المخالف لذلك وقع ولم يحفظونه منها؛ لأنهم عباد مأمورون يفعلون كما يؤمرون لا يزيدون ولا ينقصون، وهذا راجع إلى أن أمر الله نوعين: الأول قضى الله وقوعه وحلوله بصاحبه فلا يدفعه شيء كان ما كان، والآخر لم يقض الله حلوله ووقوعه بل قضى صرفه وابعاده إما بتوبة أو صدقة أو دعاء أو الحفظة من الملائكة أو غيرها من الأمور الصّارفة.
ويتبين من هذا بأن القولين عائدين إلى التفريق بين أنواع أوامر الله من حيث الوقوع، والقولين لا تعارض بينهما ويمكن الجمع بينهما.

5: قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
التخريج:
رواه ابن جرير والنسائي من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي بعض الروايات ليس فيها (الذي أعطاه الله إياه)

التوجيه: الكوثر في أصل اللغة يعود إلى الكثرة، والتي هي نماء العدد، وهو فَوعل من الكثرة، قال عبد الكريم أبو أُميَّةَ: قالت عجوز: قَدِم فلانٌ بكوثرٍ كثيرٍ..."، ومن ذلك أيضاً يقال للغبار إذا كثر وارتفع كوثر من كثرته.
وقد قال أهل المعاني في سبب تسمية الكوثر الذي هو نهر في الجنة بهذا الاسم أقوال:
قيل لأنه يكثر الواردون عليه من الناس يوم القيامة، ويعضده قول عطاء: (حوض أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر الناس عليه يوم القيامة)
وقيل لما فيه من الخير الكثير، ويعضده قول ابن عباس السابق.
ووجه خيره الكثير يتبين بالأثر التالي الوارد في المستدرك:
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: هَلْ سَمِعْتَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَذْكُرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكَوْثَرِ شَيْئًا، قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، قُلْ مَا يَسْقُطُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، شَرَابُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» ، فَقَالَ: «صَدَقَ وَاللَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَاللَّهِ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ".
فابن عباس ورد عنه تفسير الكوثر بأنه النهر وورد عنه هذا القول، وكأنه يشير إلى خير النهر الكثير، وإلى أن الخير الذي أعطيه الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقتصر على الكوثر، بل يشمل كل ما أعطاه الله، فيشمل هذا القول جميع الأقوال الواردة في معنى الكوثر من النبوة والقرآن وغيرها من الأقوال
[فيكون التخريج على قولين:
1. أن التفسير بالنهر من باب المثال لعموم الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
2. أن المراد الخير الكثير الذي على النهر.]


التقويم: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وآسف لخصم نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 رجب 1441هـ/27-02-2020م, 11:46 PM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي


خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {ولله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء(.
- روى ابن جرير عن عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَلَهُ المَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَوَاتِ) يقول: ليس كمثله شيء.
فسر ابن عباس قوله تعالى{ولله المثل الأعلى} بقوله: ( ليس كمثله شيء) لأن المثل الأعلى يقتضي وصفه بما لا شبيه له ولا نظير، فلا يدانيه فيه مخلوق من وحدانية وأزلية وإثبات كل صفات الكمال ونفي مالا يجوز عليه.

2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
- روى بن جرير عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ:"بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان.
وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك:"أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا"، إذا نسي.
وروي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك:" بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان، وعلى هذا فسرها.

3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
- رواه ابن جرير عن يونس، قال: أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير، مولى قريش، عن سالم الأفطس.
- قال الثعلبي : (روى محمد بن مسلم بن أبي وضاح قال: حدثنا علي بن خزيمة قال: في قراءة أبي بن كعب: يخوفكم بأوليائه.) وذكر هذه القراءة عن أبي البغوي والسمعاني وابن عطية وغيرهم، فتكون من باب تفسير قراءة بقراءة أخرى.
وعلى هذا يكون مفعول يخوف الثاني محذوفا وكذا حرف الجر، ومثله قَوْله تَعَالَى: {لينذر بَأْسا شَدِيدا} أَي: ببأس شَدِيد، وَقَالَ الشَّاعِر:
(أَمرتك الْخَيْر فافعل مَا أمرت بِهِ ... فقد تركتك ذَا مَال وَذَا نسب)
أَي: أَمرتك بالْخَيرِ، فَنزع الْبَاء.

4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
- رواه ابن جرير عن ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.
هذا المعنى مبني على أحد أمرين :
الأول: أنه على التقديم والتأخير، وتقديره: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
الثاني: أن (من ) هنا بمعنى (الباء) أو (عن) ، أي يحفظونه بأمر الله، أو يحفظونه عن أمر الله.



5:قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
- رواه ابن جرير في تفسيره من طرق عن ابن عباس.
وهو تفسير باللغة، فكوثر مشتق من الكثرة ، قال أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي (المتوفى: 224هـ) : (الفرَّاء: الكَوْثر: الرجل الكثيرُ العطاءِ والخير. قال الكُميت:
وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مَرْوانَ طيِّبٌ ... وكانَ أبوكَ ابنُ العَقائِل كَوْثرا

- وقد روي في الكوثر أحاديث كثيرة عن أنه نهر في الجنة ويبعد أن تخفى على ابن عباس،
فلعل معنى كلامه أن الكوثر اسم عام يضم النهر ويضم غيره، ويؤيد ذلك ما رواه ابن جرير عن يعقوب، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
ويؤيده ايضا ما رواه ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، قال: هو النبوّة، والخير الذي أعطاه الله إياه.
أو أنه يعني أن الخير الكثير هو النهر نفسه كما روى ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الكوثر، فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله، فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة، فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 رجب 1441هـ/7-03-2020م, 12:43 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سها حطب مشاهدة المشاركة

خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {ولله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء(.
- روى ابن جرير عن عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَلَهُ المَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَوَاتِ) يقول: ليس كمثله شيء.
فسر ابن عباس قوله تعالى{ولله المثل الأعلى} بقوله: ( ليس كمثله شيء) لأن المثل الأعلى يقتضي وصفه بما لا شبيه له ولا نظير، فلا يدانيه فيه مخلوق من وحدانية وأزلية وإثبات كل صفات الكمال ونفي مالا يجوز عليه.
[فهو تفسير بلازم المعنى]
2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
- روى بن جرير عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ:"بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان.
[التخريج ناقص]
وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك:"أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا"، إذا نسي.
وروي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك:" بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان، وعلى هذا فسرها.

3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
- رواه ابن جرير عن يونس، قال: أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير، مولى قريش، عن سالم الأفطس.
- قال الثعلبي : (روى محمد بن مسلم بن أبي وضاح قال: حدثنا علي بن خزيمة قال: في قراءة أبي بن كعب: يخوفكم بأوليائه.) وذكر هذه القراءة عن أبي البغوي والسمعاني وابن عطية وغيرهم، فتكون من باب تفسير قراءة بقراءة أخرى.
وعلى هذا يكون مفعول يخوف الثاني محذوفا وكذا حرف الجر، ومثله قَوْله تَعَالَى: {لينذر بَأْسا شَدِيدا} أَي: ببأس شَدِيد، وَقَالَ الشَّاعِر:
(أَمرتك الْخَيْر فافعل مَا أمرت بِهِ ... فقد تركتك ذَا مَال وَذَا نسب)
أَي: أَمرتك بالْخَيرِ، فَنزع الْبَاء.

4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
- رواه ابن جرير عن ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.
هذا المعنى مبني على أحد أمرين :
الأول: أنه على التقديم والتأخير، وتقديره: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
[فيكون " من أمر الله " صفة للمعقبات]
الثاني: أن (من ) هنا بمعنى (الباء) [فيكون المعنى بسبب أمر الله] أو (عن) ، أي يحفظونه بأمر الله، أو يحفظونه عن أمر الله.



5:قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
- رواه ابن جرير في تفسيره من طرق عن ابن عباس.
[التخريج ناقص، وقد روي هذا القول في صحيح البخاري فلا يصح إغفال هذا، علاوة على ذكره في مصادر أخرى، وينبغي تعيين مخرج الأثر]
وهو تفسير باللغة، فكوثر مشتق من الكثرة ، قال أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي (المتوفى: 224هـ) : (الفرَّاء: الكَوْثر: الرجل الكثيرُ العطاءِ والخير. قال الكُميت:
وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مَرْوانَ طيِّبٌ ... وكانَ أبوكَ ابنُ العَقائِل كَوْثرا

- وقد روي في الكوثر أحاديث كثيرة عن أنه نهر في الجنة ويبعد أن تخفى على ابن عباس،
فلعل معنى كلامه أن الكوثر اسم عام يضم النهر ويضم غيره، ويؤيد ذلك ما رواه ابن جرير عن يعقوب، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
ويؤيده ايضا ما رواه ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، قال: هو النبوّة، والخير الذي أعطاه الله إياه.
أو أنه يعني أن الخير الكثير هو النهر نفسه كما روى ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الكوثر، فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله، فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة، فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.
التقويم: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- لا تكتفي بمصدر واحد في تخريج الأقوال، بل ينبغي البحث في المصادر - على مراتبها - كما هو موضح في درس تخريج أقوال المفسرين، ثم تعيين أصل الإسناد.
- أنقل إليكِ وللأخوات توجيه الشيخ عبد العزيز الداخل لقول سالم الأفطس للفائدة:
اقتباس:
"توجيه قول سالم الأفطس في تفسير قول الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه} قال: يخوّفكم بأوليائه.
هذا القول يمكن أن يوجّه بأحد توجيهين:
الأول: أن يكون ذلك من باب التفسير بلازم المعنى؛ ومعنى الآية أن الشيطان يخوّف أولياءه، وبيان ذلك أن التخويف يُعدّى بمفعول ويعدّى بمفعولين:
- فتعديته بمفعول واحد كقولك: خوّفتُ زيداً فخاف.
- وتعديته بمفعولين كقولك: خوّفتُ زيداً الأعداءَ فخافهم.
فالمفعول الثاني بيان للمخوف منه.
وهذا التخويف يكون بتعظيم شأن الأعداء وشدّة بطشهم حتى يخافهم.
ومن ذلك قول عروة بن الورد:
أرى أم حسان الغداة تلومني … تخوفني الأعداءَ والنفس أخوف
وقول عنترة:
بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني … أَصْبحْتُ عن غَرض الحتوفِ بِمَعْزِل
ويصحّ أن يسبق المفعول الثاني بـ "من" فيقال: خوّفه من الأعداء؛ فيكون الجار والمجرور في محلّ نصب مفعول ثانٍ.
ويصحّ أن يحذف المفعول الأول فيقال: أتى زيدٌ يخوّف الأعداءَ ؛ أي يُعظّم شأنهم وخطرَهم حتى يخافهم الناس.
وهذا هو معنى قول الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه} أي يعظّم شأنهم وخطرهم حتى تخافوهم {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}.
فحذف المفعول الأوّل، ولحذف المفعول لطائف بيانية:
منها: أنّ ذلك لإرادة العموم فيدخل فيه تقدير: "يخوّفكم أولياءه" كما قدّره بعض المفسرين، ويدخل فيه غير المؤمنين من المنافقين واليهود ومشركي العرب؛ فالشيطان مجتهد في تخويف شأن أوليائه ليخافهم المؤمنون ويخافهم المستضعفون من المشركين فيطيعوهم؛ ويخافهم غيرهم فيتبعوا خطواته.
ومنها: أن المقام مقام بيان غرض الشيطان في التخويف من أوليائه وتعظيم شأنهم بغضّ النظر عمّن يصيبه هذا التخويف.
ومنها: أنّ حذف المفعول الذي يشار فيه إلى المؤمنين فيه تحقير لكيد الشيطان، وأنّ مقصوده الأعظم تخويف المؤمنين، ومن كان مؤمناً قويّ الإيمان فلن يخافَ كيده، ولذلك قال تعالى: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} فمقتضى الإيمان الصحيح انتفاء الخوف من الشيطان.
والمقصود أن معنى الآية على ما تقرر هو أن الشيطان يخوّف المؤمنين وغيرهم شأنَ أوليائه، وهذا التخويف إنما يكون بتعظيم خطرهم في أعين المؤمنين وتهويل كيدهم كما قال أبو مالك الغفاري رحمه الله: (يعظّم أولياءه في أعينكم) رواه ابن أبي حاتم.
فيكون تأويل سالم الأفطس لهذه الآية بقوله: (يخوّفكم بأوليائه) تفسير بلازم المعنى؛ لأن المعنى يفضي إلى هذا اللازم؛ فالشيطان إنما يخوّف بأوليائه؛ فأوقع أولياءه موقع الأداة التي يخوّف بها.
والتوجيه الثاني: أن هذا التأويل مخرّج على قراءة (يخوّفكم بأوليائه) وهي قراءة ذكرها ابن عطية عن أبيّ بن كعب، ولا أعلم لها أصلاً، وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: [يخوفكم أولياءه] وهي قراءة فيها التصريح بالمفعول الأول.
والتوجيه الأول أقرب وأصوب لأنه متى أمكن توجيه قول المفسّر على القراءة المشهورة المتواترة فلا يعدل إلى غيرها إلا بنصّ أو قرينة؛ فالنص أن يذكر عن ذلك المفسّر كأنّه كان يقرأ الآية على قراءة موافقة لما ذهب إليه من التأويل، والقرينة كأن تكون تلك القراءة معروفة في زمن المفسّر وورد نظير ما يفيد التوجيه بها عن غيره" ا ه.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir