دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 11:05 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي حجية خبر الواحد

مَسْأَلَةٌ: خَبَرُ الوَاحِدِ لَا يُفِيدُ العلم إلَّا بِقَرِينَةٍ وَقَالَ الأَكْثَرُ لَا مُطْلَقًا، وَأَحْمَدُ يُفِيدُ مُطْلَقًا وَالأُسْتَاذُ وَابْنُ فَوْرَكٍ: يُفِيدُ المُسْتَفِيضُ عِلْمًا نَظَرِيًّا.
مَسْأَلَة:ٌ يَجِبُ العَمَلُ بِهِ فِي الفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ إجْمَاعًا، وَكَذَا سَائِرَ الأُمُورِ الدِّينِيَّةِ قِيلَ: سَمْعًا وَقِيلَ: عَقْلاً، وَقَالَتْ الظَّاهِرِيَّةُ لَا يَجِبُ ظَنَّ وَالفَرْعُ جَازِمٌ، فَأَوْلَى بالقَبُولُ وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُ وَزِيَادَةُ العَدْلِ مَقْبُولَةٌ إنْ لَمْ يُعْلَمْ اتِّحَادُ المَجْلِسِ وَإِلَّا فَثَالِثُهَا الوَقْفُ، وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ غَيْرُهُ لَا يَغْفُلُ مِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهَا عَادَةً لَمْ تُقْبَلْ، وَالمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلسَّمْعَانِيِّ المَنْعُ إنْ كَانَ غَيْرُهُ لَا يَغْفُلُ أَوْ كَانَتْ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا فَإِنْ كَانَ السَّاكِتُ أَضْبَطُ أَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَى وَجْهٍ يُقْبَلُ تَعَارَضَا وَلَوْ رَوَاهَا مَرَّةً وَتَرَكَ أُخْرَى فَكَرَاوِيَيْنِ وَلَوْ غَيَّرْت إعْرَابَ البَاقِي تَعَارَضَا خِلَافًا للبَصْرِيِّ وَلَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ قُبِلَ عِنْدَ الأَكْثَرِ وَلَوْ أَسْنَدَ وَأَرْسَلُوا أَوْ وَقَفَ وَرَفَعُوا فَكَالزِّيَادَةِ وَحَذْفُ بَعْضِ الخَبَرِ جَائِزٌ عِنْدَ الأَكْثَرِ إلا أن يتعلق بِهِ وَإِذَا حَمَلَ الصَّحَابِيُّ قِيلَ: أَوْ التَّابِعِيُّ مَرْوِيَّهُ عَلَى أحد محمليه المُتَنَافِيَيْنِ، فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَتَوَقَّفَ أَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَإِنْ لَمْ يَتَنَافَيَا فَكَالمُشْتَرَكِ فِي حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ فَإِنَّ حَمَلَهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ فَالأَكْثَرُ عَلَى الظُّهُورِ، وَقِيلَ: عَلَى تَأْوِيلِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ صَارَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِقَصْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

  #2  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 09:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةٌ: خَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَمَا فِي إخْبَارِ الرَّجُلِ بِمَوْتِ وَلَدِهِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ قَرِينَةِ الْبُكَاءِ، وَإِحْضَارِ الْكَفَنِ وَالنَّعْشِ (وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا) يُفِيدُ (مُطْلَقًا) وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرِينَةِ يُوجَدُ مَعَ الْإِغْمَاءِ (وَ) قَالَ الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يُفِيدُ مُطْلَقًا) بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {, وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ} {إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ} نَهْيٌ عَنْ اتِّبَاعِ غَيْرِ الْعِلْمِ وَذَمٌّ عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْعِلْمُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ ; لِمَا ثَبَتَ مِنْ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ فِي الْفُرُوعِ (وَ) قَالَ (الْأُسْتَاذُ) أَبُو إسْحَاقَ الإسفراييني (وَابْنُ فَوْرَكٍ: يُفِيدُ الْمُسْتَفِيضُ) الَّذِي هُوَ مِنْهُ عِنْدَهُمَا (عِلْمًا نَظَرِيًّا) جَعَلَاهُ وَاسِطَةً بَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ الْمُفِيدِ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَالْآحَادِ الْمُفِيدِ لِلظَّنِّ، وَقَدْ مَثَّلَهُ الْأُسْتَاذُ بِمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْوَاحِدَ بِالْعَدْلِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ ; لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ حَيْثُ يُفِيدُ الْعِلْمَ ; لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى الْقَرِينَةِ، وَلَا عَلَى الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ عَلَى الثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا عَلَى الرَّابِعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ حَيْثُ يُقَالُ يُفِيدُ الظَّنَّ.
(مَسْأَلَة:ٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ) أَيْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (فِي الْفَتْوَى وَالشَّهَادَةِ) أَيْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا يُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي، وَبِمَا يَشْهَدُ بِهِ الشَّاهِدُ بِشَرْطِهِ (إجْمَاعًا، وَكَذَا سَائِرَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ) أَيْ بَاقِيهَا يَجِبُ الْعَمَلُ فِيهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَالْإِخْبَارِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قِيلَ: سَمْعًا) لَا عَقْلًا ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ الْآحَادَ إلَى الْقَبَائِلِ وَالنَّوَاحِي لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْثِهِمْ فَائِدَةٌ (وَقِيلَ: عَقْلًا)، وَإِنْ دَلَّ السَّمْعُ أَيْضًا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ الْعَمَلُ بِهِ لَتَعَطَّلَتْ وَقَائِعُ الْأَحْكَامِ الْمَرْوِيَّةِ بِالْآحَادِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَجِّحْ الْأَوَّلَ كَمَا رَجَّحَهُ غَيْرُهُ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ ; لِأَنَّ الثَّانِي مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْقَفَّالِ وَابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ كَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ
(وَقَالَتْ الظَّاهِرِيَّةُ لَا يَجِبُ) الْعَمَلُ بِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّفْصِيلِ الْآتِي ; لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّتِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَقَدْ نَهَى عَنْ اتِّبَاعِهِ وَذَمَّ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ} {إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ}، قُلْنَا: تَقَدَّمَ جَوَابُ ذَلِكَ قَرِيبًا (وَ) قَالَ (الْكَرْخِيُّ): لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِي الْحُدُودِ) ; لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ لِحَدِيثِ مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ {ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ}، وَاحْتِمَالُ الْكَذِبِ فِي الْآحَادِ شُبْهَةٌ.، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ شُبْهَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الشَّهَادَةِ أَيْضًا (وَ) قَالَ قَوْمٌ: لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِي ابْتِدَاءِ النُّصُبِ) بِخِلَافِ ثَوَانِيهَا حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ فَقَبِلُوا خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي النِّصَابِ الزَّائِدِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ; لِأَنَّهُ فَرْعٌ، وَلَمْ يَقْبَلُوهُ فِي ابْتِدَاءِ نِصَابِ الْفِصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ ; لِأَنَّهُ أَصْلٌ يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَتَمَّ حَوْلُهَا عَلَى الْأَوْلَادِ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَهُمْ فِي الْأَوْلَادِ مَعَ شُمُولِ الْحَدِيثِ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَخِيرُ قَالَ: لِعَدَمِ اشْتِمَالِهَا عَلَى السِّنِّ الْوَاجِبِ، وَقَالَ أَوَّلًا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَثَانِيًا يُؤْخَذُ مِنْهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ
(وَ) قَالَ (قَوْمٌ) لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِيمَا عَمِلَ الْأَكْثَرُ) فِيهِ (بِخِلَافِهِ) ; لِأَنَّ عَمَلَهُمْ بِخِلَافِهِ حُجَّةٍ مُقَدَّمَةٍ عَلَيْهِ كَعَمَلِ الْكُلِّ، قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ (وَ) قَالَتْ (الْمَالِكِيَّةُ) لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِيمَا عَمِلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) فِيهِ بِخِلَافِهِ ; لِأَنَّ عَمَلَهُمْ كَقَوْلِهِمْ حُجَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ حُجِّيَّةَ ذَلِكَ، وَقَدْ نَفَتْ الْمَالِكِيَّةُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ الثَّابِتَ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا} لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِخِلَافِهِ (وَ) قَالَتْ (الْحَنَفِيَّةُ) لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ (فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى) بِأَنْ يَحْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهِ كَحَدِيثِ {مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ} صَحَّحَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ فَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ تَوَاتُرًا لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِالْآحَادِ فِيهِ قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ قَضَاءَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ أَوْ (خَالَفَهُ رَاوِيهِ) فَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خَالَفَهُ لِدَلِيلٍ، قُلْنَا فِي ظَنِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُهُ ; لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا كَمَا سَيَأْتِي، مِثَالُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ} وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ {أَمَرَ بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} قَالَ: وَالصَّحِيحُ عَنْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ خَالَفَهُ رَاوِيهِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ اتِّفَاقًا (أَوْ عَارَضَ الْقِيَاسَ) يَعْنِي، وَلَمْ يَكُنْ رَاوِيهِ فَقِيهًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَيُقْبَلُ مَنْ لَيْسَ فَقِيهًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ ; لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ تُرَجِّحُ احْتِمَالَ الْكَذِبِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ (وَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (فِي مُعَارِضِ الْقِيَاسِ) أَنَّهُ (إنْ عُرِفَتْ الْعِلَّةُ) فِي الْأَصْلِ (بِنَصٍّ رَاجِحٍ) فِي الدَّلَالَةِ (عَلَى الْخَبَرِ) الْمُعَارِضِ لِلْقِيَاسِ (وَوُجِدَتْ قَطْعًا فِي الْفَرْعِ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ الْخَبَرُ الْمُعَارِضُ لِرُجْحَانِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (أَوْ ظَنًّا فَالْوَقْفُ) عَنْ الْقَوْلِ بِقَبُولِ الْخَبَرِ أَوْ عَدَمِ قَبُولِهِ لِتَسَاوِي الْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ الْعِلَّةُ بِنَصٍّ رَاجِحٍ بِأَنْ عُرِفَتْ بِاسْتِنْبَاطٍ أَوْ نَصٍّ مُسَاوٍ أَوْ مَرْجُوحٍ (قَبْلَ) أَيْ الْخَبَرِ مِثَالُ الْخَبَرِ الْمُعَارِضِ لِلْقِيَاسِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ {لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ، وَلَا الْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ} فَرَدُّ التَّمْرِ بَدَلَ اللَّبَنِ، مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فِيمَا يُضْمَنُ بِهِ التَّالِفُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ مِنْ صَرَّى، وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ مِنْ صَرَّ
(وَ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ (الْجُبَّائِيُّ: لَا بُدَّ) فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ (مِنْ اثْنَيْنِ) يَرْوِيَانِهِ (أَوْ اعْتِضَادٍ) لَهُ فِيمَا إذَا كَانَ رَاوِيهِ وَاحِدًا كَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَوْ يَنْتَشِرَ فِيهِمْ ; لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقْبَلْ خَبَرَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ، وَقَالَ: هَلْ مَعَك غَيْرُك ؟ فَوَافَقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقْبَلْ خَبَرَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ، وَقَالَ: أَقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَوَافَقَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَيْ فَقَبِلَ ذَلِكَ عُمَرُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَقُومُ مَقَامَ التَّعَدُّدِ الِاعْتِضَادُ، قُلْنَا: طَلَبُ التَّعَدُّدِ لَيْسَ لِعَدَمِ قَبُولِ الْوَاحِدِ بَلْ لِلتَّثَبُّتِ كَمَا قَالَ عُمَرُ فِي خَبَرِ الِاسْتِئْذَانِ: إنَّمَا سَمِعْت شَيْئًا فَأَحْبَبْت أَنْ أَتَثَبَّتَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَ) قَالَ (عَبْدُ الْجَبَّارِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَا) فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ مَا دُونَهَا فِيهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَحُكِيَ هَذَا فِي الْمَحْصُولِ عَنْ حِكَايَةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ الْجُبَّائِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَسَقَطَ مِنْهُ هُنَا لَفْظَةٌ عَنْهُ، وَهُوَ إمَّا تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ نَقْلِ الِاثْنَيْنِ عَنْهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ حِكَايَةُ قَوْلٍ آخَرَ عَنْهُ فِي خَبَرِ الزِّنَا.
(مَسْأَلَةُ: الْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلسَّمْعَانِيِّ وَخِلَافًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ) كَالْإِمَامِ الرَّازِيُّ وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمَا (أَنَّ تَكْذِيبَ الْأَصْلِ الْفَرْعَ) فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ كَأَنْ قَالَ مَا رَوَيْت لَهُ هَذَا (لَا يُسْقِطُ الْمَرْوِيَّ) عَنْ الْقَبُولِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الْأَصْلِ لَهُ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلْفَرْعِ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِتَكْذِيبِهِ لِلْآخَرِ مَجْرُوحًا (وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ تَكْذِيبَ الْأَصْلِ الْفَرْعَ لَا يُسْقِطُ الْمَرْوِيَّ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَقُولُ (لَوْ اجْتَمَعَا فِي شَهَادَةٍ لَمْ تُرَدَّ) وَوَجْهُ الْإِسْقَاطِ الَّذِي نَفَى الْآمِدِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ، وَلَا بُدَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْفَرْعُ فَلَا يَثْبُتُ مَرْوِيُّهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا فِي قَضِيَّةٍ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ وَالْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرٍ إنَّمَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ إذَا كَانَ عَمْدًا، وَلَوْ اسْتَوْضَحَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَنَاهُ عَلَيْهِ لَسَلِمَ مِنْ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ الْمَبْنِيِّ وَالثَّانِي الَّتِي أَفْهَمَهُمَا بِنَاؤُهُ. (وَإِنْ شَكَّ) الْأَصْلُ فِي أَنَّهُ رَوَاهُ لِلْفَرْعِ (أَوْ ظَنَّ) أَنَّهُ مَا رَوَاهُ لَهُ (وَالْفَرْعُ) الْعَدْلُ (جَازِمٌ) بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ (فَأَوْلَى الْقَبُولُ) لِلْخَبَرِ مِمَّا جَزَمَ فِيهِ الْأَصْلُ بِالنَّفْيِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبُولِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ احْتِمَالِ نِسْيَانِ الْأَصْلِ وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَبُولِ الْقِيَاسُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ. وَأُجِيبَ الْفَرْقُ بِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ إذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَوْ ظَنَّ الْفَرْعُ الرِّوَايَةَ وَجَزَمَ الْأَصْلُ بِنَفْيِهَا أَوْ ظَنَّهُ قَالَ فِي الْمَحْصُولِ فِي الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الرَّدُّ، وَفِي الثَّانِي تَعَارَضَا، وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ وَالْأَشْبَهُ الْقَبُولُ.
(وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ) فِيمَا رَوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْعُدُولِ (مَقْبُولَةٌ إنْ لَمْ يُعْلَمْ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ) بِأَنْ عُلِمَ تَعَدُّدُهُ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فِي مَجْلِسٍ وَسَكَتَ عَنْهَا فِي آخَرَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ تَعَدُّدَهُ، وَلَا اتِّحَادَهُ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِ التَّعَدُّدِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ عُلِمَ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (الْوَقْفُ) عَنْ قَبُولِهَا وَعَدَمِهِ وَالْأَوَّلُ الْقَبُولُ لِجَوَازِ غَفْلَةِ غَيْرِ مَنْ زَادَ عَنْهَا وَالثَّانِي عَدَمُهُ لِجَوَازِ خَطَأِ مَنْ زَادَ فِيهَا (وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُهُ مَنْ زَادَ (لَا يَغْفُلُ) بِضَمِّ الْفَاءِ (مِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهَا عَادَةً لَمْ تُقْبَلْ) أَيْ الزِّيَادَةُ، وَإِلَّا قُبِلَتْ (وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلسَّمْعَانِيِّ الْمَنْعُ) أَيْ مَعَ الْقَبُولِ (إنْ كَانَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ زَادَ (لَا يَغْفُلُ) أَيْ مِثْلُهُمْ عَنْ مِثْلِهَا عَادَةً (أَوْ كَانَتْ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا) وَبِهَذَا يَزِيدُ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى الرَّابِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قُبِلَتْ (فَإِنْ كَانَ السَّاكِتُ عَنْهَا) أَيْ غَيْرُ الذَّاكِرِ لَهَا (أَضْبَطُ) مِمَّنْ ذَكَرَهَا (أَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَى وَجْهٍ يُقْبَلُ) كَأَنْ قَالَ مَا سَمِعْتُهَا (تَعَارَضَا) أَيْ الْخَبَرَانِ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُقْبَلُ بَانَ مَحْضُ النَّفْيِ، فَقَالَ لَمْ يَقُلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ (وَلَوْ رَوَاهَا) الرَّاوِي (مَرَّةً وَتَرَكَ أُخْرَى فَكَرَاوِيَيْنِ) رَوَاهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ أَسْنَدَهَا وَتَرَكَهَا إلَى مَجْلِسَيْنِ وَسَكَتَ قُبِلَتْ أَوْ إلَى مَجْلِسٍ فَقِيلَ: تُقْبَلُ لِجَوَازِ السَّهْوِ فِي التَّرْكِ، وَقِيلَ: لَا لِجَوَازِ الْخَطَأِ فِي الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ عَنْهُمَا (وَلَوْ غَيَّرْت إعْرَابَ الْبَاقِي تَعَارَضَا) أَيْ خَبَرُ الزِّيَادَةِ وَخَبَرُ عَدَمِهَا لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ} إلَخْ نِصْفَ صَاعٍ (خِلَافًا لِلْبَصْرِيِّ) أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ كَمَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْإِعْرَابُ.
(وَلَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ) فِيمَا رَوَيَاهُ عَنْ شَيْخٍ بِزِيَادَةٍ (قُبِلَ) الْمُنْفَرِدُ فِيهَا (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) ; لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَقِيلَ: لَا لِمُخَالَفَتِهِ لِرَفِيقِهِ (وَلَوْ أَسْنَدَ وَأَرْسَلُوا) أَيْ أَسْنَدَ الْخَبَرَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ رُوَاتِهِ وَأَرْسَلَهُ الْبَاقُونَ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرُوا الصَّحَابِيَّكَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (أَوْ وَقَفَ وَرَفَعُوا) كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ سَهْوًا وَصَوَابُهُ أَوْ رَفَعَ وَوَقَفُوا أَيْ رَفَعَ الْخَبَرَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ رُوَاتِهِ وَوَقَفَهُ الْبَاقُونَ عَلَى الصَّحَابِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ (فَكَالزِّيَادَةِ) أَيْ فَالْإِسْنَادُ أَوْ الرَّفْعُ كَالزِّيَادَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيُقَالُ إنْ عُلِمَ تَعَدُّدُ مَجْلِسِ السَّمَاعِ مِنْ الشَّيْخِ فَيُقْبَلُ الْإِسْنَادُ أَوْ الرَّفْعُ لِجَوَازِ أَنْ يَفْعَلَ الشَّيْخُ ذَلِكَ مَرَّةً دُونَ أُخْرَى وَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ، وَلَا اتِّحَادُهُ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ التَّعَدُّدُ، وَإِنْ عُلِمَ اتِّحَادُهُ فَثَالِثُ الْأَقْوَالِ الْوَقْفُ عَنْ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ. وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَ مِثْلُ الْمُرْسِلِينَ أَوْ الْوَاقِفِينَ لَا يَغْفُلُ عَادَةً عَنْ ذِكْرِ الْإِسْنَادِ أَوْ الرَّفْعِ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ فَإِنْ كَانُوا أَضْبَطَ أَوْ صَرَّحُوا بِنَفْيِ الْإِسْنَادِ أَوْ الرَّفْعِ عَلَى وَجْهٍ يُقْبَلُ كَأَنْ قَالُوا: مَا سَمِعْنَا الشَّيْخَ أَسْنَدَ الْحَدِيثَ أَوْ رَفَعَهُ تَعَارَضَ الصَّنِيعَانِ.
(وَحَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ) أَيْ يَحْصُلَ التَّعَلُّقُ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ (بِهِ) فَلَا يَجُوزُ حَذْفُهُ اتِّفَاقًا لِإِخْلَالِهِ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ كَأَنْ يَكُونَ غَايَةً أَوْ مُسْتَثْنًى كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُزْهِيَ} وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ {لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ} بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيَجُوزُ حَذْفُهُ ; لِأَنَّهُ كَخَبَرٍ مُسْتَقِلٍّ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلضَّمِّ فَائِدَةٌ تَفُوتُ بِالتَّفْرِيقِ وَقَرُبَ هَذَا مِنْ مَنْعِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَسَيَأْتِي، مِثَالُهُ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْبَحْرِ {هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ}. (وَإِذَا حَمَلَ الصَّحَابِيُّ قِيلَ: أَوْ التَّابِعِيُّ مَرْوِيَّهُ عَلَى) أَحَدِ مَحْمَلَيْهِ (الْمُتَنَافِيَيْنِ) كَالْقُرْءِ يَحْمِلُهُ عَلَى الطُّهْرِ أَوْ الْحَيْضِ (فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ لِقَرِينَةٍ (وَتَوَقَّفَ) الشَّيْخُ (أَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ) حَيْثُ قَالَ: فَقَدْ قِيلَ: يُقْبَلُ وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَمَلَهُ لِمُوَافَقَةِ رَأْيِهِ لَا لِقَرِينَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَاوِ التَّابِعِيُّ الصَّحَابِيَّ عَلَى الرَّاجِحِ ; لِأَنَّ ظُهُورَ الْقَرِينَةِ لِلصَّحَابِيِّ أَقْرَبُ.
(وَإِنْ لَمْ يَتَنَافَيَا) أَيْ الْمَحْمَلَانِ (فَكَالْمُشْتَرَكِ فِي حَمْلِهِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ) الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ، ظُهُورًا أَوْ احْتِيَاطًا كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْمَلُ لِمَرْوِيٍّ عَلَيْهِ مَحْمَلَيْهِ، كَذَلِكَ وَلَا يُقْصَرُ عَلَى مَحْمَلِ الرَّاوِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ يُخَصِّصُ، وَعَلَى الْمَنْعِ مِنْ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ تَنَافَى الْمَحْمَلَانِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَدِيعِ الْمَعْرُوفُ حَمْلُهُ عَلَى مَحْمَلِ الرَّاوِي قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ لَا يَكُونُ تَأْوِيلُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ ا ه. (فَإِنَّ حَمَلَهُ) أَيْ حَمَلَ الصَّحَابِيُّ مَرْوِيَّهُ (عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ) كَأَنْ يُحِيلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ دُونَ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ دُونَ الْوُجُوبِ (فَالْأَكْثَرُ عَلَى الظُّهُورِ) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْمَرْوِيِّ، وَفِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ أَتْرُكُ الْحَدِيثَ بِقَوْلِ مَنْ لَوْ عَاصَرْتُهُ لَحَجَجْتُهُ (وَقِيلَ:) يُحْمَلُ (عَلَى تَأْوِيلِهِ مُطْلَقًا) ; لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا لِدَلِيلٍ، قُلْنَا: فِي ظَنِّهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُهُ فِيهِ (وَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى تَأْوِيلِهِ إنْ صَارَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ بِقَصْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ) مِنْ قَرِينَةٍ شَاهَدَهَا، قُلْنَا: عِلْمُهُ ذَلِكَ أَيْ ظَنُّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ اتِّبَاعُهُ فِيهِ ; لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فَإِنْ ذَكَرَ دَلِيلًا عَمِلَ بِهِ.

  #3  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 09:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


(ص) مسألة: خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرينة، وقال الأكثر: لا مطلقا وأحمد: يفيد العلم مطلقا، والأستاذ وابن فورك: يفيد المستفيض علما نظريا.
(ش) خبر الواحد العدل المتجرد عن القرائن لا يفيد العلم مطلقا عند الجمهور: وقيل: يفيده مطلقا، ونقله الباجي عن أحمد وابن خويز منداد وحمله بعض المحققين على الخبر المشهور، وهو الذي صحت له أسانيد متعدد سالمة عن الضعف والتعليل فإنه يفيد العلم النظري، لكن لا بالنسبة إلى كل أحد، بل إلى الحافظ المتبحر، قال: ولعل هذا مراد أحمد لا مطلق الخبر، وقال أبو الحسين حكى= عن قوم أنه يقتضي العلم الظاهر، وعنوا بذلك الظن
والثالث: أنه يفيده إن احتفت به قرائن وإلا فلا، وهو المختار عند المصنف وفاقا للإمام والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي وغيرهم فإن خبر الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن يفيد القطع بالموت، واعترض بأنه قد يقال: أغمي عليه، والجواب: أن عدم إفادة هذه القرينة العلم، لا يوجب عدم إفادة باقي القرائن إذ منها ما لا يعبر عنه كما يظهر بوجه الخجل والوجل، وفصل الأستاذ أبو إسحاق وابن فورك فقالا: غير المستفيض لا يفيد العلم، وأما المستفيض فيفيد العلم النظري بخلاف المتواتر فإنه يفيد ضرورة.
(ص) مسألة: يجب العمل به في الفتوى والشهادة إجماعا وكذا سائر الأمور الدينية الظنية قيل: سمعا، وقيل: عقلا، وقالت الظاهرية: لا يجب مطلقا.
(ش) لا خلاف في وجوب العمل بخبر الواحد في الفتوى والشهادة والأمور الدنيوية وإنما الخلاف في الأمور الدينية، كذا قاله في (المنهاج) فتابعه المصنف، وإنما تعرض في (المحصول) للجواز، لا للوجوب، ثم مرادهم بقبول الواحد في الفتوى، والاثنين في الشهادة، ولهذا قال ابن السمعاني في (القواطع): إضافة الفتوى إلى المفتي يقبل فيها خبر الواحد، وأما إن أخبر بحكم الحاكم فإنه لا يقبل إلا بما يقبل به سائر الشهادات، انتهى.
وأما الأمور الدينية، فالجمهور قالوا: يجب العمل به ثم اختلفوا فالأكثرون: إنه يجب سمعا وأما الخبر المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يرسل كتبه بأحكام الله تعالى على يد الآحاد من غير تكليف جمع، وهذا مقطوع به ضرورة، وأما إجماع الصحابة على العمل به، فإن معظم فتاويهم مستندة إليه، وقال القفال: يجب عقلا على معنى أنه لو لم يرد الدليل السمعي بوجوب العمل به لدل على ذلك العقل، وإلا لتعطلت الأحكام وعن أبي الحسين: دل عليه العقل مع السمع وكان ينبغي للمصنف، أن يقول: وقيل: عقلا، فإن الكل اتفقوا على أن الدليل السمعي يدل عليه، كما قاله الإمام في (المحصول) قال: وإنما اختلفوا في الدليل العقلي، هل دل عليه مع ذلك أم لا؟ فالأكثرون على نفيه، وقال ابن سريج والقفال والصيرفي وغيرهم: بل الدليل العقلي دل عليه، وهو الاحتياج إلى معرفة بعض الأشياء من الخبر، وتنبه أن القائلين بوجوب العمل لا يريدون أنه يوجب العمل لذاته وإنما يوجب العمل بما يجب به العلم بالعمل، وهي الأدلة القطعية على وجوب العمل عند رواية الآحاد، وهكذا حكاه الإمام في أول (البرهان) عن المحققين، قال: وهكذا القول في العمل بالقياس ومن الناس من أنكر التعبد به، وعزاه المصنف للظاهرية وإنما يعرف عن بعضهم كالقاشاني وابن داود، كما نقله ابن الحاجب بل قد قال ابن حزم في كتاب (الإحكام) مذهب داود أنه يوجب العلم والعمل جميعا ثم المنكرون انقسموا بينهم إلى مذاهب:
الأول: إنه لم يوجد ما يدل على أنه حجة، فوجب القطع بأنه غير حجة.
والثاني: أن الدليل السمعي قام على أنه غير حجة، وهو رأي القاشاني وابن داود.
والثالث: أن الدليل العقلي قام على امتناع العمل به، وعليه جماعة من المتكلمين كالجبائي.
(ص) والكرخي في الحدود، وقوم في ابتداء النصب، وقوم فيما عمل الأكثر بخلافه، والمالكية فيما عمل أهل المدينة، والحنفية فيما تعم به البلوى، أو خالفه راويه، أو عارض القياس، وثالثها في معارض القياس، إن عرفت العلة بنص راجح على الخبر، ووجدت قطعا في الفرع لم يقبل، أو ظنا فالوقف وإلا قبل.
(ش) ذهب قوم إلى أنه لا يعمل بخبر الواحد في صور، منها: قال الكرخي: لا يقبل في الحدود لأن الآحاد شبهة، والحدود تدرأ بها وعبارة أبي الحسين في كتابه: (هذا القول أن يكون مما ينتفي بالشبهة) وهي أعم من تعبير المصنف وأيضا فإنه يقبله في إسقاط الحدود، ولا يقبله في إثباتها، كما قاله أبو الحسين ومنها: ما لا يقبل في ابتداء النصب، نقله ابن السمعاني عن بعض الحنفية، وفرقوا بين ابتداء النصاب وثواني النصاب، فقبلوا خبر الواحد في النصاب الزائد على خمسة أوسق، لأنه فرع ولم يقبلوا في ابتداء نصاب الفصلان والعجاجيل، لأنه أصل. ومنها: لا يقبل فيما عمل الأكثر بخلافه، والأصح أنه لا أثر له، فإن تحول البعض ليس بحجة، نعم هو من المرجحات عند التعارض، ومنها: قالت المالكية: لا يقبل إذا خالف عمل أهل المدينة، لهذا نفوا خيار المجلس، قال القرطبي: إذا فسر عملهم بالمنقول تواترا كالأذان والإقامة والمد والصاع، فينبغي أن لا يقع فيه خلاف لانعقاد الإجماع على أنه لا يعمل بالمظنون إذا عارضه قاطع ومنها: قالت الحنفية: لا يقبل فيما تعم به البلوى ولهذا أنكروا نقض الوضوء بمس الذكر.
والجهر بالبسملة وغيره. ومنها: ما خالفه راويه، ولهذا لم يوجبوا السبع في الولوغ، لمخالفة أبي هريرة لروايته، وقسمه صاحب (البديع) من الحنفية إلى ثلاثة أقسام: لأنه إما أن يخالف ما رواه قبل الرواية فلا يرد أو بعدها فترد، وإن جهل التاريخ لم ترد لجواز التقدم فليخصص إطلاق المصنف وغيره، ومنها: ما عارضه القياس، ولهذا ردوا خبر المصراة، وظاهر سياق المصنف أن ذلك قول الحنفية، وقد نقل في (المنهاج) عنهم إنهم اشترطوا فقه الراوي، إذا خالف الحديث القياس، وهو تصريح بأنهم لا يردونه مطلقا، وسيذكره المصنف فيما بعد، وفي (اللمع) للشيخ أبي إسحاق، قال أصحاب مالك رحمه الله: إذا خالف القياس لم يقبل، وقال أصحاب أبي حنيفة رحمه الله: إذا خالف القياس الأصول لم يقبل، وذكروه في أحاديث الوقف والقرعة والمصراة، فإن أرادوا بالأصول القياس على ما ثبت بالأصول، فهو قول المالكية وإن أرادوا نفس الأصول التي هي الكتاب والسنة والإجماع، فليس معهم فيما ردوه كتاب ولا سنة، انتهى.
والثاني: وهو الصحيح تقديم الخبر مطلقا وحكاه في (البديع) عن الأكثرين وقال الباجي: إنه الاصح عندي من قول مالك، فإنه سئل عن حديث المصراة، فقال: أولا. في هذا الحديث رأى=، وقال: وهذا عندي على تقدير وجوده، وإلا فما أعلم حديثا يعارضه نظر صحيح، لأن النظر الصحيح ملغى في حديث صحيح، وإنما يعارض ظواهر الأحاديث والتأويل يجمع بينهما على الوجه الصحيح. والثالث: وهو المختار عند الآمدي، وابن الحاجب، إن كانت العلة ثبتت بنص راجح على الخبر في الدلالة فإن كان وجود العلة في الفرع قطعيا، فالقياس مقدم، وإن كان وجودها فيه ظنيا فالتوقف وإن ثبت لا بنص راجح فالخبر مقدم وحكى الباجي عن القاضي أبي بكر رابعا: أنهما متساويان.
(ص) والجبائي: لا بد من اثنين أو اعتضاد، وعبد الجبار: لا بد من أربعة في الزنا.
_(ش) ذهب الجبائي إلى: أنه يشترط في الخبر اثنان. فإن لم يوجد فلا بد أن يعتضد إما بظاهر، أو عمل بعض الصحابة أو اجتهاد أو كونه منتشرا وهذا الذي نقله المصنف هو الصواب وهو الذي حكاه أبو الحسين في (المعتمد) وبه يعلم غلط من نقل عنه اعتبار العدد مطلقا، كالإمام في (البرهان)، وقد احتج له بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقبل خبر ذي اليدين، حتى سأل أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فصدقاه ولم يقبل أبو بكر خبر المغيرة.
حتى روى معه محمد بن مسلمة ولم يقبل عمر خبر أبي موسى في الاستئذان حتى روى معه أبو سعيد ونظائر ذلك وأجيب بأن توقفهم لمعان أوجبت التوقف، وإلا فقد قبلوا خبر الواحد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفذ الآحاد إلى الملوك والسعاة للزكوات، وما نقله عن عبد الجبار تابع فيه (المحصول)، ولم يقله عبد الجبار وإنما حكاه عبد الجبار عن الجبائي، كذا قاله أبو الحسين في (المعتمد) وأنه قاسه على الشهادة عليه، ومقتضى كلام (المستصفى) في حكاية هذا القول: التعميم في كل خبر، لا في الزنا بخصوصه، فإنه قال: يشترط الجبائي في قبول الخبر العدد، وقال قوم: لا بد من أربعة أخذا من شهادة الزنا.
(ص) مسألة: المختار وفاقا للسمعاني، وخلافا للمتأخرين: أن تكذيب الأصل الفرع لا يسقط المروي، ومن ثم لو اجتمعا في شهادة لم ترد.
(ش) وجهه ابن السمعاني بأنه قال: ذلك على ما ظنه، وقوله: ما رويته أصلا يعارضه قول الراوي: إني سمعته منه، وكل واحد منهما ثقة، ويجوز أن يكون المروي عنه، رواه ثم نسيه، فلا تسقط رواية الراوي بعد أن يكون ثقة مع هذا التجوز وأيد المصنف ذلك بأن الأصل والفرع لو اجتمعا في شهادة، لم ترد بالاتفاق فدل ذلك على أنه غير قادح، لكن ينازع في ذلك قول الهندي: إنه لا يصير بذلك واحد منهما بعينه مجروحا وإن ولا بد من جرح واحد منهما لا بعينه، كالبينتين المتكاذبتين، قال: وفائدته تظهر في رواية كل واحد منهما، وشهادته إن انفرد وعدم قبول روايته وشهادته مهما اجتمعتا ولو كان في غير ذلك الحديث. وفي المسألة قول ثالث صار إليه إمام الحرمين: إنهما متعارضان ويرجح أحدهما بطريق من طرق الترجيح، واعلم أن حكاية الإسقاط عن المتأخرين قصور، بل الذي عليه الأصحاب كما قاله ابن السمعاني، وذكر إمام الحرمين أن القاضي عزاه للشافعي رضي الله عنه، بل حكى الهندي الإجماع عليه، ولم يحفظ المصنف الخلاف فيه عن غير السمعاني وقد جزم به الماوردي والروياني في الأقضية، وقالا: لا يقدح ذلك في صحة الحديث، إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل وهذا كله إذا كان الفرع جازما فإن لم يكن وقال: أظن أني سمعت منك والأصل جاحد، تعين الرد، قطع به في (المحصول) وغيره.
(ص) وإن شك أو ظن والفرع العدل جازم فأولى بالقبول وعليه الأكثر.
(ش) ما سبق فيما إذا جزم الأصل بالتكذيب، فإن شك أو ظن والفرع العدل جازم فوجهان:
أحدهما: وحكاه ابن كج عن بعض الأصحاب: لا يقبل، لأن راوي الأصل كشاهد الأصل، ثم شاهد الأصل إذا أنكر شهادة شاهد الفرع لم تقبل شهادته كذلك هنا، وأصحهما: القبول، لجواز أنه رواه ثم نسيه، وقد وقع ذلك لكثير من الأئمة وصنف فيه الدارقطني والخطيب ويفارق الشهادة فإنها لها مزيد احتياط ويجتمع من الصورتين ثلاثة أوجه، ثالثها: يقبل فيما إذا تردد دون ما إذا جحد، قال القاضي: وهو مذهب الدهماء من العلماء والفقهاء من أصحاب مالك، والشافعي، وأبي حنفية وحكي غيره عن أكثر الحنفية الرد، ولهذا ردوا خبر الولي في النكاح، لأن راويه الزهري قال: لا أذكره، وقوله: والفرع جازم أي: بالرواية عنه، وهو يخرج صورتين:
إحداهما: أن يكون ظانا بأن يقول الخبر: إني سمعته منك، وهو الأغلب على ظني، قال الهندي: فإن كان الأصل شاكا بأن قال: أشك، أو لا أذكر فالأشبه أنه من جملة صور الخلاف وإن كان هو أيضا ظانا بأن قال: أظن أني ما حدثتك، فالأشبه أنه من صور الوفاق على عدم القبول، والضابط أنه مهما كان قول الأصل معادلا لقول الفرع، فإنه من جملة صور الاتفاق، ومهما كان قول الفرع راجحا على قول الأصل فإنه من جملة صور الخلاف.
الثانية: أن يكون شاكا، فلا تقبل روايته قطعا، وإن كان الشيخ مصدقا له، لفقد شرط الرواية، فإن من شرطها جزم الراوي أو ظنه.
(ص) وزيادة العدل مقبولة إن لم يعلم اتحاد المجلس، وإلا فثالثها: الوقف، ورابعها: إن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة لم يقبل، والمختار وفاقا للسمعاني: المنع، إن كان غيره لا يغفل، أو كانت تتوفر الدواعي على نقلها.
(ش) دخل في قوله: إن لم يعلم اتحاد المجلس، صورتان: إحداهما: أن يعلم تعدده وزعم الأبياري وابن الحاجب والهندي، وغيرهم: أنه لا خلاف فيه وليس كذلك وقد أجرى فيها ابن السمعاني التفصيل الذي سيحكيه المصنف عنه، فيما إذا اتحد المجلس ووجه القبول: أنه لا يمتنع أن يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكلام في أحد المجلسين بدون زيادة وفي الأخرى بها.
والثانية: أن لا يعلم هل تعدد المجلس أو اتحد، وبهذا صرح الآمدي قال: وحكمه حكم المتحد، وأولى بالقبول نظرا إلى احتمال التعدد، وألحقها الأبياري بالتي قبلها حتى يقبل بلا خلاف وقال الهندي: ينبغي أن يكون فيها خلاف مرتب على الخلاف في الاتحاد، وأولى بالقبول، لأن المقتضى لصدقه حاصل والمعارض له غير محقق وقوله: وإلا، أي: وإن علم اتحاد المجلس، فأقوال: الجمهور على القبول مطلقا، لأنه لو انفرد بنقل الحديث عن الجمهور لقبل، فكذا الزيادة وعن الحنفية: المنع مطلقا، وحمل الأمر في الزيادة على الغلط، وعزاه ابن السمعاني لبعض أهل المدينة. والثالث: الوقف للتعارض، فإن من يثبت الزيادة يعارض من ينفيها والرابع: إن كان غيره لا يغفل مثله عن مثلها عادة لم تقبل، وإلا قبلت وهو قول الآمدي وابن الحاجب، والخامس: قول السمعاني واختاره المصنف لا يقبل إن كان غيره لا يغفل، أو كانت تتوفر الدواعي على نقلها وإلا قبلت والذي رأيته في (القواطع) بعد أن صحح القبول، قال: واعلم أن على موجب هذه الدلالة ينبغي أن يقال:إن الذين تركوا رواية الزيادة لو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة، وكان المجلس واحدا، أن لا تقبل رواية راوي الزيادة، ثم قال في الحجاج مع الخصوم: قد بينا أن الذي ترك الزيادة لو كانوا جماعة لا يجوز عليهم الغفلة ينبغي أن لا تقبل رواية هذا الواحد، قلت: وينبغي أن تقول الجماعة أنهم لم يسمعوه، فإنهم إذا لم يقولوا ذلك يجوز أنهم رووا بعض الحديث ولم يرووا البعض لغرض لهم. انتهى.
(ص) فإن كان الساكت أضبط أو صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل تعارضا.
(ش) الخلاف السابق فيما إذا اتحد المجلس ونقل بعضهم الزيادة، ونقله آخرون بدونها، ولم يصرحوا بنفيها لفظا ولا معنى، واستوى الكل في الضبط وإن كان الساكت عن الزيادة أضبط، من راويها، أو صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل –تعارضا، وهذا مختار الإمام، فإنه قال: يقبل إلا أن يكون الممسك من الزيادة أحفظ وأن لا يصرح بنفيها، فإن صرح وقع التعارض وقال الأبياري: إذا اتحد المجلس وأثبت قوم ونفى آخرون، قال قائلون: هو تعارض فينظر إلى أعدل البينتين، وقال آخرون: الإثبات مقدم قال: وهذا هو الظاهر عندنا فإنه إذا لم يكن به من تطرق الوهم إلى أحدهما، لاستحالة صدقهما، وامتنع الحمل على تعمد الكذب، لم يبق إلا الذهول والنسيان والعادة ترشد إلى نسيان ما جرى أقرب من تخيل ما لم يجر، وحينئذ فالمثبت أولى. وقوله: على وجه يقبل قيد زاده على المحصول، ولعله تصيده من مثاله، فإنه قال: لو صرح المتمسك بنفي الزيادة، وقال: إنه عليه الصلاة والسلام وقف على قوله: ((فيما سقت السماء العشر)) فلم يأت بعده بكلام آخر مع انتظاري له، فههنا تعارض القولان ويصار إلى الترجيح، وقال أبو الحسين في (المعتمد): إن قال: إن نفي علمه بالزيادة أو قال: ما سمعتها، ولم يقطعه قاطع عن سماعها – فإنه يكون ناقلا للنفي، ولارتفاع الموانع، كما نقل الآخر الزيادة فتتعارض الروايتان، وإن قال: لم تكن هذه الزيادة فإنه يحتمل أن يكون ذلك موضع اجتهاد، ويحتمل أن يقال: رواية المثبت أولى، لأنه يحتمل أن يكون النافي إنما نفى الزيادة بحسب ظنه، ويحتمل أن يقال: يرجع إلى رواية النافي إذا كان أضبط.
(ص) ولو رواها مرة وترك أخرى فكراوبين=.
(ش) هذا كله إذا كان المتفرد بالزيادة واحد والساكت عنها غيره، فأما إذا اختلفت رواية الواحد في ذلك، بأن روى الزيادة مرة، ولم يروها أخرى، فإن أسندهما إلى مجلس غير مجلس الناقص قبلت، وإن أسندهما إلى مجلس واحد فيجيء الخلاف السابق، وهو في هذه العبارة متابع لابن الحاجب، وقال في (المحصول): إن اتحد المجلس بالزيادة، ولم يغير الإعراب فإما أن تكون روايته للزيادة مرات أقل من مرات الإمساك، أو بالعكس أو يتساويان فلا يقبل في الأول، ويقبل في الثاني والثالث.
(ص) ولو غيرت إعراب الباقي تعارضا، خلافا للبصري.
(ش) هذا كله فيما إذا لم تغير الزيادة إعراب الباقي، فأما إذا غيرت كما إذا روى أحدهما: في أربعين شاة شاة، وروى الآخر: نصف شاة، فرواية شاة تكون بالرفع ورواية النصف تكون بالجر، والرفع والجر ضدان فالأكثرون كما قاله الهندي على أنه لا يقبل للتعارض لأن كل واحد منهما يروي ضد ما رواه الآخر، فيكون نافيا له، فيحصل التعارض فلا يقبل إلا بعد الترجيح، والفرق بينه وبين ما إذا لم تغير إعراب الباقي، لأن مع أحدهما زيادة علم، ليس الآخر نافيا له، وقال أبو عبد الله البصري: يقبلان، كما إذا لم تغير إعراب الباقي لأن الموجب إنما هو زيادة العلم بذلك الزائد الذي لم ينفه الساكت عنه واختلاف إعراب تابع للاختلاف في ذلك الزائد، فلا يكون مانعا من القبول.
(ص) ولو انفرد واحد عن واحد قبل عند الأكثر.
(ش) أي: لقيام الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد، وشرط الجبائي العدد في كل خبر ونقل القرافي عن كتاب المحصول (لابن العربي): أن الجبائي اشترط في قبول الخبر اثنين وشرط على الاثنين اثنين إلى أن ينتهي الخبر إلى التابعي وكذا نقله عن الشيخ في (اللمع) وهذا الذي قاله مردود بقبول الصحابة خبر العدل الواحد لعمل علي بخبر المقداد وتعويلهم على خبر عائشة في التقاء الختانين، وغير ذلك، ولك أن تقول: ما هذه المسألة مع قوله أولا: والجبائي: لا بد من اثنين أو اعتضاد.
(ص) ولو أسند وأرسلوا أو وقف ورفعوا فكالزيادة.
(ش) أي: فالقول قول من أسند ومن رفع على الصحيح، لأن الرفع والإسناد زيادة على من لم يرو ذلك وهذا تفريع على رد المرسل، فأما من يقبله فلا شبهة عنده في قبوله والمصنف في إلحاقها بالزيادة متابع لصاحب (القواطع) وابن الحاجب إذا هو يقتضي مجيء المذاهب السابقة كلها هنا، ولم يصرح به أكثر النقلة وليس ببعيد، وقد قال بعضهم: الراجح من قول أئمة الحديث: أن الرفع والوقف، والوصل والإرسال يتعارضان، وهذا نظير القول بالوقف هناك، وأهمل المصنف ما إذا أرسل ثم أسند أو وقف ثم رفع وهو في (المنهاج) ورجح القبول.
(ص) وحذف بعض الخبر جائز عند الأكثر إلا أن يتعلق الحكم به.
(ش) يجوز حذف بعض الخبر ورواية الباقي والأكثرون: أنه جائز إذا كان مستقلا، لأنهما كخبرين وقد فرق أئمة الحديث حديث جابر الطويل في حج النبي صلى الله عليه وسلم على الأبواب. وأما إذا تعلق بالمذكور تعلقا بغير المعنى، كما في (الغاية) نحو: لا تباع الثمرة حتى تزهو والاستثناء نحو: لا يباع البر بالبر إلا سواء سواء، لم يجز حذفه، لاختلاف المقصود وسواء كان التعلق لفظيا كما ذكرنا، أو معنويا كما في بيان التخصيص والنسخ وبيان المجمل بالجمل المتصلة، واعلم أن إمام الحرمين وابن القشيري حكيا ثلاثة أقوال: أحدها: يجوز.
والثاني: لا يجوز.
والثالث: هذا التفصيل. وقال: إنه المرضي عند القاضي وقضيته: أن الأول يجوز مطلقا، ولو مع التعلق وفيه بعد. وقال الهندي والأبياري في المتعلق: لا خلاف في عدم جوازه، وقسم الأبياري غير المتعلق إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقطع بذلك، فلا يبعد طرد قول المنع هنا، حسما للذريعة وحذرا من الإفضاء إلى موضع الإشكال.
ثانيها: أن يظن فلا يجوز الحذف بحال.
ثالثها: أن يعلم ذلك بنوع من النظر، فعلى الخلاف في جواز الرواية بالمعنى للعارف.
(ص) وإذا حمل الصحابي – قيل: أو التابعي – مرويه على أحد محمليه المتنافيين فالظاهر حمله عليه، وتوقف أبو إسحاق الشيرازي، وإن لم يتنافيا فكالمشترك في حمله على معنييه.
(ش) إذا روى الصحابي خبرا محتملا، وحمله على أحد محمليه، فإن تنافيا كالقرء فحمله الراوي على الأطهار، فالظاهر حمله عليه لأن الظاهر أنه لم يحمله عليه إلا لقرينة معينة، وتوقف الشيخ أبو إسحاق كذا حكاه عنه في هذه الحالة، وعبارة الشيخ في (اللمع): وإذا احتمل اللفظ أمرين احتمالا واحدا، فصرفه إلى أحدهما، كما روي عن عمر – رضي الله تعالى عنه – أنه حمل قوله عليه الصلاة والسلام: ((الذهب بالذهب ربا، إلا هاء وهاء)) على القبض في المجلس فقد قيل: إنه يقبل، لأنه أعرف بمعنى الخطاب، وفيه نظر عندي. انتهى. وإن لم يتنافيا وقلنا: اللفظ المشترك ظاهر في جميع محامله كالعام – فتعود المسألة إلى التخصيص بقول الصحابي، وإن قلنا: لا يحمل على جميعها ففي (البديع): أن المعروف حمله على ما عينه، لأن الظاهر أنه لم يحمله عليه إلا لقرينة. قال: ولا يبعد أن يقال: لا يكون تأويله حجة على غيره، ثم قال: فإن اجتهد فلاح له تأويله، يعني: إن اجتهد المجتهد، ولاح له تأويل غير ذلك وجب، وإلا فتعيين الراوي الصالح للترجيح، انتهى. وقال القاضي أبو الطيب في تعليقه، في باب بيع الثمار: مذهب الشافعي رضي الله عنه، أن الراوي إذا روى حديثا له احتمالان وفسره بأحد محمليه، وجب قبوله، كتفسير ابن عمر التفرق بالأبدان، دون الأقوال، وينبغي تقييد كلام المصنف في الحمل على جميعها بما إذا لم يجمعوا على أن المراد أحدهما، وجوزوا كلا منهما، وقد ذكر الماوردي في (الحاوي) حديث ابن عمر في التفرق في خيار المجلس، هل هو التفرق بالأبدان أو بالأقوال؟ قال: وأجمعوا على أن المراد أحدهما، فكان ما صار إليه الراوي أولى، وقال أبو علي بن أبي هريرة: أحمله عليهما معا، فأجعله لهما في الحالين الخيار بالخبر. قال الماوردي: وهذا صحيح لولا أن الإجماع منعقد على أن المراد أحدهما، والخلاف كما قاله الهندي فيما إذا ذكر ذلك لا بطريق التفسير للفظه، وإلا فتفسيره أولى بلا خلاف، واعلم أن الجمهور قد فرضوا المسألة في الراوي الصحابي، ومنهم من قال: يجري في الراوي مطلقا، وإن كان تابعيا، وقد بينا ما فيه في باب التخصيص والمصنف هناك سوى بينهما، بخلاف ما يقتضيه كلامه هنا ولا بد من التقييد بكونه من الأئمة.
(ص) فإن حمله على غيره ظاهره، فالأكثر على ظهوره، وقيل: على تأويله مطلقا، وقيل: إن صار إليه لعلمه بقصد النبي صلى الله عليه وسلم إليه.
(ش) هل يجوز ترك شيء من الظواهر بقول الراوي، مثل أن يحتمل الخبر أمرين، وهو في أحدهما أظهر، فيصرفه الراوي إلى الآخر، كصرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه، أو من الوجوب إلى الندب؟ فيه ثلاثة مذاهب.
أصحها: الحمل على الظاهر قال الآمدي: وفيه قال الشافعي رضي الله عنه، كيف أترك الخبر لأقوال أقوام لو عاصرتهم لحججتهم؟
والثاني: يحمل على ما عينه مطلقا، لأنه لا يفعله إلا عن توقيف، وبه قال أكثر الحنفية.
والثالث: وبه قال أبو الحسين: يحمل على تأويله إن صار إليه، لعلمه بقصد النبي صلى الله عليه وسلم من مشاهدته قرائن تقتضي ذلك، وإن جهل وجوز أن يكون لظهور نص أو قياس أو غيرهما – وجب النظر في الدليل، فإن اقتضى ما ذهب إليه وجب وإلا فلا واختار في (الإحكام): إن علم مأخذ خلافه وإنه مما يوجبه صبر إليه، اتباعا للدليل وإن جهل عمل بالظاهر، لأن الأصل في خبر العدل وجوب العمل ومخالفة الراوي للظاهر يحتمل النسيان.
تنبيه: سبق في باب التخصيص أنه لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي على الأصح، ولا شك أن صرف العام إلى الخصوص من خلاف الظاهر، فتكرار المصنف لهذه من باب ذكر العام بعد الخاص.

  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 09:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرينة وقال الأكثر: لا مطلقا وأحمد: يفيد العلم مطلقا، والأستاذ وابن فورك: يفيد المستفيض علما نظريا.
ش: اختلف في أن خبر الواحد هل يفيد العلم أم لا؟
على أقوال: أحدها: أنه يفيده إن احتفت به قرائن كإخبار ملك بموت ولده مع سماع الصياح من داره، وخروجه مع جنازته على هيئة غير معتادة، وإلا فلا وهو اختيار المصنف وفاقا لإمام الحرمين والغزالي والإمام والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي.
الثاني: أنه لا يفيد العلم مطلقا، ولو احتفت به قرائن، وبه قال الأكثرون.
الثالث: أنه يفيد العلم مطلقا، وحكاه الباجي عن أحمد بن حنبل وابن خويز منداد، وقال أبو الحسين: حكي عن قوم أنه يقتضي العلم الظاهر وعنوا به الظن.
الرابع – وبه قال الأستاذ أبو إسحاق وابن فورك – أنه إن كان غير مستفيض لم يفد العلم وإن كان مستفيضا أفاد العلم النظري، بخلاف المتواتر فإنه يفيد العلم الضروري.
ص: مسألة: يجب العمل به في الفتوى والشهادة إجماعا، وكذا سائر الأمور الدينية، قيل: سمعا، وقيل: عقلا. وقالت الظاهرية: لا يجب مطلقا. والكرخي: في الحدود وفي ابتداء النصب. وقوم: فيما عمل الأكثر بخلافه، والمالكية: فيما عمل أهل المدينة. والحنفية: فيما تعم به البلوى أو خالفه راويه أو عارض القياس. وثالثها في معارض القياس إن عرفت العلة بنص راجح على الخبر ووجدت قطعا في الفرع – لم يقبل، أو ظنا فالوقف وإلا قبل: والجبائي: لا بد من اثنين أو اعتضاد وعبد الجبار: لا بد من أربعة في الزنا.
ش: يجب العمل بخبر الواحد في الفتوى والشهادة بالإجماع، والمراد في الفتوى واحد، وفي الشهادة اثنان، ويؤخذ من ذلك من طريق الأولى العمل به في الأداء والحروب وسائر الأمور الدنيوية كإخبار طبيب أو مجرب بضرر شيء أو نفعه، وتبع المصنف في تعبيره في ذلك بالوجوب البيضاوي وعبر في (المحصول) بالجواز، واختلف في العمل به في الأمور الدينية الظنية على أقوال:
أحدها: وبه قال الجمهور – وجوبه: ثم قال أكثرهم: دل على ذلك السمع فقط، وقال أبو العباس بن سريج والقفال الشاشي – من أصحابنا – وأبو الحسين البصري من المعتزلة -: دل عليه العقل أيضا. فكان ينبغي للمصنف أن يقول: وقيل: وعقلا.
القول الثاني: أنه لا يجب العمل به مطلقا، وعزاه المصنف للظاهرية.
قال الشارح: وإنما يعرف عن بعضهم كالقاشاني وابن داود كما نقله ابن الحاجب، بل قال ابن حزم: مذهب داود أنه يوجب العلم والعمل جميعا. والذين ذهبوا إلى عدم وجوب العمل به افترقوا فقالت فرقة: سببه عدم دليل شرعي أو عقلي على ذلك وقالت فرقة: سببه قيام دليل سمعي على عدم العمل به. وقالت فرقة: قيام الدليل العقلي على منع التعبد به.
الثالث – وبه قال الكرخي -: إنه لا يعمل به في الحدود خاصة، لأن الآحاد شبهة والحدود تدرأ بها.
الرابع – وبه قال بعض الحنفية -: أنه لا يقبل في ابتداء النصب، وإن قبل في أثنائها فيقبل فيما زاد على خمسة أوسق، لأنه فرع، ولا يقبل في ابتداء نصاب الفصلان والعجاجيل، لأنه أصل.
الخامس: أنه لا يقبل فيما عمل الأكثر بخلافه، قاله بعضهم، وهو ضعيف، لأن قول البعض ليس بحجة.
السادس: أنه لا يقبل فيما عمل أهل المدينة بخلافه وبه قال المالكية ولهذا نفوا خيار المجلس.
السابع: أنه لا يقبل فيما تعم به البلوى، كنقض الوضوء بمس الذكر، أو خالفه راويه كالغسل من ولوغ الكلب سبعا، فإن راويه أبا هريرة أفتى بثلاث. أو عارض القياس كخبر المصراة، وعزاه المصنف للحنفية، لكن نقل عنهم البيضاوي أنهم اشترطوا فقه الراوي إذا خالف القياس وهو صريح في أنهم لا يردونه مطلقا، وسيأتي في كلام المصنف.
وفي خبر الواحد المخالف للقياس مذهبان آخران:
أحدهما – وهو الصحيح – تقديم الخبر مطلقا، وقال الباجي: إنه الأصح عندي من قول مالك فإنه سئل عن حديث المصراة فقال: أو لأحد في هذا الحديث رأي.
ثانيهما: وهو المختار عند الآمدي وابن الحاجب -: التفصيل في ذلك، فإن عرفت علة ذلك القياس بنص راجح على الخبر ووجدت في الفرع قطعا، لم يقبل الخبر. وإن كان وجودها فيه ظنا فالوقف وإن لم تعرف العلة بنص راجح قبل الخبر ولو عبر المصنف بالتقديم كان أولى من تعبيره بعدم القبول.
الثامن – وبه قال أبو علي الجبائي -: أن خبر الواحد لا يقبل إلا إن رواه اثنان أو اعتضد: إما بظاهر أو عمل بعض الصحابة أو كونه منتشرا حكاه عنه أبو الحسين في (المعتمد) وهو أعرف بمذهبه من إمام الحرمين حيث نقل عنه في (البرهان) اعتبار العدد مطلقاً.
التاسع: أنه إن كان خبر الواحد في الزنا لم يقبل إلا برواية أربعة, حكاه المصنف عن القاضي عبد الجبار, والذي في (المعتمد) لأبي الحسين أن عبد الجبار، حكاه عن الجبائي ومقتضى كلام الغزالي في (المستصفى) في حكاية هذا القول: التعميم في كل خبر، فإنه قال: (وقال قوم: لا بد من أربعة، أخذا من شهادة الزنا) فإن صح ذلك فهو قول عاشر. والله أعلم.
ص: مسألة: المختار – وفاقا للسمعاني وخلافا للمتأخرين -: أن تكذيب الأصل الفرع لا يسقط المروي ومن ثم لو اجتمعا في شهادة لم ترد وإن شك أو ظن والفرع العدل جازم، فأولى بالقبول وعليه الأكثر.
ش: إذا كذب الأصل الفرع، وقال: (لم أحدثك بهذا) أو: (ليس هذا من حديثي) فهل يسقط ذلك المروي؟
فيه قولان:
أحدهما: نعم، وحكاه المصنف عن المتأخرين، وحكاه ابن السمعاني عن الأصحاب وذكر إمام الحرمين أن القاضي أبا بكر عزاه للشافعي وحكى الصفي الهندي الإجماع عليه.
الثاني: لا وهو الذي اختاره المصنف تبعا لابن السمعاني وجزم به الماوردي والروياني في الأقضية، وقالا: لا يقدح ذلك في صحة الحديث، إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل، ومما استدل به على عدم إسقاط المروي أن ذلك لا يقدح في الراوي ولهذا لو اجتمعا في شهادة – أي الأصل والفرع – لم ترد، ومقتضى كلام المصنف الاتفاق على هذا، لكن قال الصفي الهندي: لا يصير واحد منهما بعينه مجروحا بذلك، وإن كان لا بد من جرح أحدهما لا بعينه كالبينتين المتكاذبتين.
قال: ويظهر فائدته في قبول رواية كل منهما وشهادته إذا انفرد، وعدم قبول روايته وشهادته مهما اجتمعا ولو كان في غير ذلك الحديث. أما إذا لم يجزم الأصل بتكذيب الفرع، بل ظن ذلك أو شك فيه، مع جزم الفرع بروايته – عنه فقال المصنف: أنه أولى بالقبول، وعليه الأكثر وفيه وجهان لأصحابنا:
أحدهما: لا تقبل كالشهادة على الشهادة، وبه قال أكثر الحنفية كما حكاه بعضهم.
وأصحهما: القبول، لجواز نسيان الأصل ويقع ذلك كثيرا، وقد صنف فيه الدارقطني والخطيب، والفرق بينه وبين الشهادة زيادة الاحتياط في الشهادة.
قال القاضي أبو بكر: وهو مذهب الدهماء من العلماء والفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأبي حنيفة.
وخرج بقول المصنف: (والفرع جازم) ما إذا كان شاكا فلا تقبل روايته قطعا، أو ظانا فقال الصفي الهندي: إن كان الأصل شاكا فالأشبه أنه من صور الخلاف، وإن كان هو أيضا ظانا عدم تحديثه له فالأشبه أنه من صور الوفاق على عدم القبول، والضابط: أنه متى تعادل قولهما فهي صورة اتفاق وإن رجح قول الفرع فهو من محل الخلاف.
ص: وزيادة العدل مقبولة إن لم يعلم اتحاد المجلس وإلا فثالثها الوقف، ورابعها: إن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة لم تقبل والمختار وفاقا للسمعاني: المنع، إن كان غيره لا يغفل أو كانت تتوفر الدواعي على نقلها، فإن كان الساكت عنها أضبط أو صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل تعارضا.
ش: إذا زاد عدل في رواية حديث زيادة لم يذكرها الباقون نحو ما في (صحيح مسلم) وغيره من رواية أبي مالك الأشجعي عن ربعي، عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا)) فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك الأشجعي، وسائر الرواة قالوا: ((جعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا)) ففيه أقوال:
أحدها: إنها مقبولة إن لم يعلم اتحاد المجلس سواء علم اختلافه أو جهل ذلك فإن علم اتحاد المجلس الذي سمع فيه الراويان ذلك الحديث لم يقبل.
الثاني: القبول مطلقا، نص عليه الشافعي وحكاه الخطيب البغدادي عن جمهور الفقهاء والمحدثين وادعى ابن طاهر اتفاق المحدثين عليه، وهو الصحيح.
الثالث: عدم القبول مطلقا، وحكي عن الحنفية وعزاه ابن السمعاني لبعض أهل الحديث، وقال الأبهري: تحمل الزيادة على الغلط.
الرابع: الوقف للتعارض، فإن من يثبت الزيادة يعارض من ينفيها.
الخامس: إن كان غير الراوي للزيادة لا يغفل مثله عن مثلها في العادة، لم تقبل وإلا قبلت وبه قال الآمدي وابن الحاجب.
السادس: أنها غير مقبولة إن كان غير الراوي لها لا يغفل عن مثلها، أو كانت مما تتوفر الدواعي على نقله، وإلا قبلت، واختاره المصنف وعزاه لابن السمعاني.
قال الشارح: والذي رأيته في (القواطع) بعد أن صحح القبول قال: واعلم أن على موجب هذه الدلالة ينبغي أن من ترك الزيادة لو كانوا جماعة لا يجوز أن يغفل جماعتهم عن تلك الزيادة وكان المجلس واحدا ألا تقبل الزيادة. ثم قال: في الحجاج مع الخصوم: قد بينا أن الذي ترك الزيادة لو كانوا جماعة لا يجوز عليهم الغفلة ينبغي ألا تقبل رواية هذا الواحد
قال الشارح: وينبغي أن يقول الجماعة: إنهم لم يسمعوه، فإنهم إذا لم يقولوا ذلك يجوز أنهم رووا بعض الحديث ولم يرووا البعض لغرض لهم. انتهى.
ثم جزم المصنف بأنه متى كان الساكت عن رواية الزيادة أضبط من الراوي لها أو صرح بنفي الزيادة على وجه يقبل تعارضا ولم تقدم الزيادة.
وتبع في ذلك الإمام فخر الدين، ومقتضى كلامهما إخراج هذه الصورة عن محل الخلاف لكن نقل الإبياري في شرح (البرهان) الخلاف فيها، فقال: قال قائلون: هو تعارض.
وقال آخرون: الإثبات مقدم.
قال: وهذا هو الظاهر عندنا فإنه إذا لم يكن بد من تطرق الوهم إلى أحدهما، لاستحالة حديثهما، وامتنع الحمل على تعمد الكذب – لم يبق إلا الذهول والنسيان، والعادة ترشد أن نسيان ما جرى أقرب من تخيل ما لم يجر، وحينئذ فالمثبت أولى. انتهى.
وقول المصنف: (على وجه يقبل) من زيادته على كلام الإمام، وكأنه أراد به ما إذا كان النفي مخصوصا فإنه لا يقبل إلا كذلك فأما النفي المطلق فغير مقبول.
تنبيه:
عبارة المصنف تقتضي أنه إذا لم يعلم اتحاد المجلس فهي مقبولة قطعا، وأن ذلك ليس من مجمل الخلاف وهو فيما إذا علم بعدده تابع للإبياري وابن الحاجب والصفي الهندي، لكن أجرى فيه ابن السمعاني التفصيل المذكور فيما إذا علم اتحاد المجلس، وفيما إذا جهل الأمر فيه بتابع للإبياري لكن قال الآمدي: حكمه حكم المتحد وأولى بالقبول ومقتضاه جريان الخلاف فيه.
ص: ولو رواها مرة وترك أخرى فكراويين، ولو غيرت إعراب الباقي تعارضا، خلافا للبصري، ولو انفرد واحد عن آخر قبل عند الأكثر، ولو أسند وأرسلوا أو وقف ورفعوا فكالزيادة.
ش: فيه مسائل تتعلق بزيادة الثقة:
الأولى: الكلام المتقدم مفروض فيما إذا كان راوي الزيادة غير راوي الناقصة فلو أنه راو واحد رواها مرة وتركها مرة، فحكمه كما لو صدر ذلك من راويين ويعود فيه ما تقدم وقال في (المحصول): إن العبرة بما وقع منه أكثر فإن استوت قبلت أيضا.
الثانية: إذا غيرت الزيادة إعراب الباقي، كأن يروي أحدهما: (في أربعين شاة شاة) ويروي الآخر: (نصف شاة) فقد تغير إعراب الشاة رفعا وجرا، فقال الأكثرون كما قال الصفي الهندي -: يتعارضان فلا يقبل أحدهما إلا بمرجح.
وقال أبو عبد الله البصري: لا فرق بين تغير الإعراب وعدمه لأن الموجب للقبول زيادة العلم، وهو حاصل مع تغير الإعراب.
الثالثة: لو كان الراوي للزيادة واحدا، وللناقصة واحدا، فالأكثرون على أنها كحالة التعدد لقبول خبر الواحد، ومقابله قول الجبائي في اشتراط العدد ولا حاجة لذكر هذه المسألة هنا، لأن قبول الواحد الفرد قد عرف الخلاف فيه وهذه مرتبة على تلك.
الرابعة: لو أسند راو الحديث – أي ذكر صحابيه – وأرسل الباقون فلم يذكروا الصحابي أو وقف راوي الحديث على الصحابي ورفعه الباقون إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فهو كزيادة الثقة فيعود فيه ما سبق ويكون الراجح قبول قول المسند والرافع لما معهما من زيادة العلم ورجح آخرون الإرسال والوقف، ومنهم من رجح قول الأحفظ، ومنهم من رجح قول الأكثر.
ص: وحذف بعض الخبر جائز عند الأكثر إلا أن يتعلق الحكم به.
ش: قال الأكثرون: يجوز للراوي أن يقتصر على بعض الحديث ويحذف باقيه إذا لم يكن للمحذوف تعلق بالمذكور، كأن يكون غاية له نحو: (لا تباع الثمرة حتى تزهو) أو استثناء نحو: (لا يباع البر بالبر إلا سواء بسواء).
ومقابله فيما حكاه إمام الحرمين وغيره قولان: الجواز والمنع.
والتجويز مع تعلق المحذوف بالمذكور بعيد، وقد صرح الإبياري والصفي الهندي بأنه لا خلاف في منعه، وهو الحق.
ص: وإذا حمل الصحابي – قيل: أو التابعي – مرويه على أحد محمليه المتنافيين فالظاهر حمله عليه، وتوقف أبو إسحاق الشيرازي وإن لم يتنافيا فكالمشترك في حمله على معنييه، فإن حمله على غير ظاهره فالأكثر على الظهور، وقيل: على تأويله مطلقا، وقيل: يحمل على تأويله.
إن صار إليه، لعلمه بقصد النبي صلى الله عليه وسلم إليه.
ش: إذا روى الصحابي حديثا فيه لفظ مشترك وحمله على أحد معنييه، فله حالتنان:
إحداهما: أن يكونا متنافيين، كالقرء المشترك بين الطهر والحيض، فالظاهر اتباعه فيه، وحمله على ذلك المعنى، وتوقف فيه الشيخ أبو إسحاق.
قال الشارح: كذا حكاه عنه، وعبارته في (اللمع): (وإذا احتمل اللفظ أمرين احتمالا واحدا، فصرفه إلى أحدهما، كما روي عن عمر رضي الله عنه أنه حمل قوله عليه الصلاة والسلام: ((الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء)) على القبض في المجلس، فقد قيل: إنه يقبل، لأنه أعرف بمعنى الخطاب وفيه نظر عندي) انتهى.
الثانية: ألا يتنافيا فهو كسائر المشتركات عند من يحمل المشترك على معنييه في الحمل على معنييه، ولا يختص بما حمله عليه الصحابي. فإن قلنا: لا يحمل على جميعها، ففي (البديع) أن المعروف حمله على ما عينه، لأن الظاهر أنه لم يحمله عليه إلا لقرينة، قال: ولا يبعد أن يقال: لا يكون تأويله حجة على غيره.
قال الشارح: وينبغي تقييد كلام المصنف في الحمل على جميعها بما إذا لم يجمعوا على أن المراد أحدهما، وجوزوا كلا منهما. ثم استشهد لذلك ثم قال: والخلاف – كما قاله الهندي فيما إذا قال ذلك لا بطريق التفسير للفظه، وإلا فتفسيره، أولى بلا خلاف.
أما إذا لم يكن من مروي باب المشترك، بل كان له ظاهر، فحمله على غير ظاهره ففيه مذاهب:
أصحها – وبه قال الأكثرون: حمله على ظاهره قال الآمدي: وفيه قال الشافعي: كيف أترك الخبر لأقوال أقوام لو عاصرتهم لحججهم.
الثاني: أنه يحمل على تأويله مطلقا، لأنه لا يقوله إلا بتوقيف، وحكي عن أكثر الحنفية.
والثالث – وبه قال أبو الحسين البصري: أنه يحمل على تأويله إن صار إليه، لعلمه بقصد النبي صلى الله عليه وسلم من مشاهدته قرائن تقتضي ذلك فإن جهل وجوز أن يكون لظهور نص أو قياس أو غيرهما، وجب النظر في الدليل فإن اقتضى ما ذهب إليه عمل به، وإلا فلا.
تنبيه:
فرض الجمهور المسألة في الصحابي، ومنهم من أجراه في التابعي أيضا، ومقتضى كلام المصنف في (التخصيص) ترجيحه، وجعله هنا مرجوحا.
قال الشارح: ولا بد من التقييد بكونه من الأئمة.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
خبر, حديث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir