دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > السلوك والآداب الشرعية > متون الآداب الشرعية > منظومة الآداب

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو الحجة 1429هـ/11-12-2008م, 04:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

وَصَلِّ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ = وَأَصْحَابِهِ مِنْ كُلِّ هَادٍ وَمُهْتَدِ


  #2  
قديم 13 ذو الحجة 1429هـ/11-12-2008م, 04:56 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي غذاء الألباب للشيخ: محمد بن أحمد السفاريني

وَصَلِّ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ = وَأَصْحَابِهِ مِنْ كُلِّ هَادٍ وَمُهْتَدِ
‏(‏وَصَلِّ‏)‏ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَنِيعَ النَّاظِمِ رحمه الله عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ لِلْمُخَاطَبِ، وَتَكُونَ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى جُمْلَةٍ مُقَدَّرَةٍ، أَيْ احْمَدْ رَبَّك ذَا الْإِكْرَامِ وَصَلِّ ‏.‏وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ وَصَلِّ يَا اللَّهُ فَإِنَّ ‏(‏صَلِّ‏)‏ فِعْلُ دُعَاءٍ ‏.‏وَكُنْت رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا هَذَا صُورَتُهُ‏:‏
بِحَمْدِك ذِي الْإِكْرَامِ مَا رُمْت أَبْتَدِي = كَذَاكَ كَمَا تَرْضَى بِغَيْرِ تَحَدُّدِ ‏
أُصَلِّي إلَخْ ‏.‏فَيَكُونُ الْمَعْنَى كَمَا أَنَّ رَوْمَ ابْتِدَائِي بِحَمْدِك كَذَاك أَيْ مِثْلُهُ كَمَا تَرْضَاهُ بِغَيْرِ تَحَدُّدٍ أُصَلِّي ‏.‏وَبِغَيْرِ تَحَدُّدِ مُتَعَلِّقٌ بِأُصَلِّي، وَيَكُونُ شَطْرُ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقًا بِالثَّانِي ‏.‏
مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ ‏.‏قَالَ الضَّحَّاكُ‏:‏ صَلَاةُ اللَّهِ رَحْمَتُهُ، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ ‏.‏وَقَالَ الْمُبَرِّدُ‏:‏ أَصْلُ الدُّعَاءِ الرَّحْمَةُ، فَهُوَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ رِقَّةٌ وَاسْتِدْعَاءٌ لِلرَّحْمَةِ مِنْ اللَّهِ ‏.‏وَقِيلَ صَلَاةُ اللَّهِ مَغْفِرَتُهُ ‏.‏وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الضَّحَّاكِ أَيْضًا نَقَلَهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ جَلَاءِ الْأَفْهَامِ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ، وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ كَوْنَ الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ثَنَاؤُهُ جَلَّ شَأْنُهُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ لِرَفْعِ ذِكْرِهِ وَتَقْرِيبِهِ، وَكَذَلِكَ ثَنَاءُ مَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏.‏وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ‏:‏ صَلَاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ انْتَهَى ‏.‏وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ وَالْآدَمِيِّينَ ‏(‏الصلاة عَلَى النبي‏)‏ فَهِيَ سُؤَالُهُمْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَيَكُونُ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ مُصَلِّيًا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ مِنْهُ فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا الثَّنَاءُ وَإِرَادَةُ الْإِكْرَامِ وَالتَّقْرِيبِ وَإِعْلَاءِ الْمَنْزِلَةِ وَالْإِنْعَامِ، فَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ الْعَبْدِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاَللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلهُ بِرَسُولِهِ ‏.‏وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ‏.‏وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي تَفْسِيرِ الصَّلَاةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ - وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ ‏.‏

‏(‏عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ‏)‏ كَسَحَابٍ، وَالْأَنَامُ بِالْمَدِّ والْأَنِيمُ كَأَمِيرٍ‏:‏ الْخَلْقُ، أَوْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، أَوْ جَمِيعُ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ‏.‏
نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ الْخَلَائِقِ تَفْصِيلًا وَجَمْلًا ‏.‏قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا‏:‏ ‏"‏ مَا خَلَقَ خَلْقًا وَلَا بَرَأَهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ‏.‏وَفِي أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ ‏"‏ ‏.‏وَرَوَى الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا قَالَ ‏"‏ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ‏"‏ وَنَحْوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏. وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ ‏.‏

فَضْلُ الِابْتِدَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَإِنَّمَا أَتْبَعَ النَّاظِمُ ‏(‏الْحَمْدَلَةَ‏)‏ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ‏"‏ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ أَبْتَرُ مَمْحُوقُ الْبَرَكَةِ ‏"‏ قَالَ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ‏:‏ وَهُوَ ضَعِيفٌ ‏.‏قُلْت‏:‏ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ عَدَمُ ضَعْفِهِ ‏.‏قَالَ فِي كِتَابِهِ جَلَاءِ الْأَفْهَامِ ‏(‏الْمَوْطِنُ الْأَرْبَعُونَ‏)‏ ‏.‏مِنْ مَوَاطِنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ كُلِّ ذِي بَالٍ فَإِنَّهُ يُبْتَدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَذْكُرُ كَلَامَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ‏.‏أَمَّا ابْتِدَاؤُهُ بِالْحَمْدِ ‏(‏الصلاة عَلَى النبي‏)‏ ‏;‏ فَلِمَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ‏"‏ كُلُّ كَلَامٍ لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ فَيُبْدَأُ بِهِ وَبِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَهُوَ أَقْطَعُ مَمْحُوقٌ مِنْ كُلِّ بَرَكَةٍ ‏"‏ انْتَهَى ‏.‏
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِم وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ‏"‏ ‏.‏
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ‏"‏ وَفِي رِوَايَةٍ ‏"‏ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ ‏"‏ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ ‏.‏
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ ‏"‏ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتُهُ سَبْعِينَ صَلَاةً ‏"‏ ‏.‏
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا ذَهَبَ رُبْعُ اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ‏:‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُذْكُرُوا اللَّهَ اُذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ‏.‏قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَا شِئْت ‏.‏قُلْت‏:‏ الرُّبْعَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَا شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك ‏.‏قُلْت‏:‏ النِّصْفَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَا شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ‏.‏قُلْت‏:‏ أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ إذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُك ‏"‏ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ‏.‏وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ‏:‏ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏.‏وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ قَالَ ‏"‏ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ جَعَلْت صَلَاتِي كُلَّهَا عَلَيْك‏؟‏ قَالَ‏:‏ إذَنْ يَكْفِيكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَمَّك مِنْ دُنْيَاك وَآخِرَتِك ‏"‏ ‏.‏قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ‏:‏ قَوْلُهُ يَعْنِي أُبَيَّا بْنَ كَعْبٍ‏:‏ أُكْثِرُ الصَّلَاةَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي، مَعْنَاهُ أُكْثِرُ الدُّعَاءَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ دُعَائِي ‏.‏قَالَ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ‏:‏ كَانَ لِأُبَيِّيَ بْنِ كَعْبٍ دُعَاءٌ يَدْعُو بِهِ لِنَفْسِهِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يَجْعَلُ لَهُ مِنْهُ رُبْعَهُ صَلَاةً عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ إنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك، فَقَالَ لَهُ النِّصْفَ فَقَالَ إنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك إلَى أَنْ قَالَ أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا أَيْ أَجْعَلُ دُعَائِي كُلَّهُ صَلَاةً عَلَيْك، قَالَ إذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَك ذَنْبُك، لِأَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، وَمَنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كَفَاهُ هَمَّهُ وَغَفَرَ لَهُ ذَنْبَهُ ‏.‏انْتَهَى كَلَامُهُ رضي الله عنه ‏.‏
وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ ‏"‏ كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مَوْقُوفًا وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ مَوْقُوفًا قَالَ ‏"‏ إنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ‏.‏

مطلب فِي مَرَاتِبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الدُّعَاءِ
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ الْمَوْطِنُ السَّابِعُ مِنْ مَوَاطِنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الدُّعَاءِ وَلَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ‏:‏
إحْدَاهَا أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الدُّعَاءِ وَبَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَيَجْعَلَ حَاجَتَهُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُمَا ‏.‏
أَمَّا دَلِيلُ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى فَحَدِيثُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ ‏"‏ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ‏.‏
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ‏:‏ اجْعَلُونِي فِي وَسَطِ الدُّعَاءِ وَفِي أَوَّلِهِ وَفِي آخِرِهِ ‏"‏ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ‏.‏
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَقَالَ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ سَمِعْت أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ رحمه الله يَقُولُ‏:‏ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ حَاجَتَهُ فَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلْيَسْأَلْ حَاجَتَهُ وَلْيَخْتِمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْبُولَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَكْرَمُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَيْنَهُمَا ‏.‏انْتَهَى ‏.‏
وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَادَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ ‏"‏ قَالَ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أُسَيْدٍ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْعَلَّافُ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُبَيْدٍ فَقَالَ عَنْ حَازِمِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏.‏قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم ‏.‏
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلْ الصَّلَاةُ جَارِيَةً لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ ‏"‏ وَذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جِلَاءِ الْأَفْهَامِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت خَالِي الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ‏:‏ رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رضي الله عنه فِي النَّوْمِ فَقَالَ يَا أَبَا عَلِيٍّ لَوْ رَأَيْت صَلَاتَنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ كَيْفَ تَزْهُو بَيْنَ يَدَيْنَا‏؟‏ وَلِذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ‏:‏ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ فَائِدَةٌ إلَّا الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ اسْمُهُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ‏:‏ رَأَيْت الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه فِي النَّوْمِ فَقُلْت مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك‏؟‏ فَقَالَ رَحِمَنِي وَغَفَرَ لِي وَزَفَّنِي إلَى الْجَنَّةِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ، وَنَثَرَ عَلَيَّ كَمَا يُنْثَرُ عَلَى الْعَرُوسِ، فَقُلْت بِمَاذَا بَلَغْت هَذِهِ الْحَالَةَ‏؟‏ فَقَالَ لِي قَائِلٌ‏:‏ بِقَوْلِك فِي ‏(‏كِتَابِ الرِّسَالَةِ‏)‏ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قُلْت فَكَيْفَ ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَدَدَ مَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَعَدَدَ مَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ فَلَمَّا أَصْبَحْت نَظَرْت إلَى الرِّسَالَةِ فَوَجَدْت الْأَمْرَ كَمَا رَأَيْت صلى الله عليه وسلم ‏.‏وَذَكَرَ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ مِنْ هَذَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً ‏.‏وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏"‏ جَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ إنَّهُ مَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ، فَقُلْت آمِينَ ‏"‏ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ‏.‏وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا ‏"‏ أَنَّ جِبْرِيلَ عَرَضَ لِي فَقَالَ بَعُدَ مَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك فَقُلْت آمِينَ ‏"‏ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏"‏ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ‏"‏ ‏.‏وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضوان الله عليهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ‏"‏ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ فِي سَنَدِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ‏.‏وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْإِمَامِ الصَّرْصَرِيِّ فِي ذَلِكَ‏:‏

مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ إنْ ذُكِرَ اسْمُهُ = فَهُوَ الْبَخِيلُ وَزِدْهُ وَصْفَ جَبَانِ
وَإِذَا الْفَتَى فِي الْعُمْرِ صَلَّى مَرَّةً = فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ وَالْبُلْدَانِ
صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ عَشْرًا فَلْيَزِدْ = عَبْدٌ وَلَا يَجْنَحْ إلَى نُقْصَانِ
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا قَامُوا عَنْ أَنْتَنِ مِنْ جِيفَةٍ ‏"‏ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ‏"‏ إلَّا قَامُوا عَنْ أَنْتَنِ جِيفَةٍ ‏"‏ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ‏:‏ هَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ‏.‏
وَفَضْلُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَوَاطِنُهَا وَمُتَعَلِّقَاتُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ ‏.‏وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ لِيَكُونَ كَالْأُنْمُوذَجِ وَمَا لَا يُدْرَكُ كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ بَعْضُهُ ‏.‏

مَعْنَى الْآلِ ‏(‏الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ‏)‏
‏(‏وَآلِهِ‏)‏ أَيْ أَتْبَاعِهِ عَلَى دِينِهِ ‏.‏قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ قَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ يُقَالُ آلُ الرَّجُلِ لَهُ نَفْسِهِ، وَآلُهُ لِمَنْ تَبِعَهُ، وَآلُهُ لِأَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ ‏.‏فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَهُ أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ ‏"‏ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ‏"‏ وقوله تعالى {‏سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ‏}وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ‏"‏ فَآلُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ‏(‏إبْرَاهِيمُ‏)‏ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَطْلُوبَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هِيَ الصَّلَاةُ عَلَى إبْرَاهِيمَ نَفْسِهِ، وَآلُهُ تَبَعٌ لَهُ فِيهَا ‏.‏وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا لَا يَكُونُ الْآلُ إلَّا الْأَتْبَاعُ وَالْأَقَارِبُ، وَقَالُوا وَمَا ذَكَرُوا مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُرَادُ بِهَا الْأَقَارِبُ ‏.‏ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْآلَ إنْ أُفْرِدَ دَخَلَ فِيهِ الْمُضَافُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ‏}‏وَأَمَّا إنْ ذُكِرَ الرَّجُلُ ثُمَّ ذُكِرَ آلُهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ ‏.‏
وَاخْتُلِفَ فِي آلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، فَقِيلَ‏:‏ هُمْ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ، وَفِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ‏:‏ أَحَدُهَا أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمطلب، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ خَاصَّةً، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يُفْتَى بِغَيْرِهِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا ‏.‏الثَّالِثُ أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَمَنْ فَوْقَهُمْ إلَى غَالِبٍ، فَيَدْخُلُ فِيهِمْ بَنُو المطلب وَبَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو نَوْفَلٍ وَمَنْ فَوْقَهُمْ إلَى بَنِي غَالِبٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَشْهَبَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ‏.‏الْقَوْلُ الثَّانِي‏:‏ أَنَّ آلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُمْ ذُرِّيَّتُهُ وَأَزْوَاجُهُ خَاصَّةً، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ ‏.‏وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ‏:‏ أَنَّ آلَهُ صلى الله عليه وسلم أَتْبَاعَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ‏.‏وَأَقْدَمُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ‏.‏ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ‏.‏قُلْت‏:‏ وَغَالِبُ عُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ خَاصَّةً ‏.‏وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ‏:‏ أَنَّ آلَهُ صلى الله عليه وسلم هُمْ الْأَتْقِيَاءُ مِنْ أُمَّتِهِ، حَكَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالرَّاغِبُ وَجَمَاعَةٌ ‏.

اشْتِقَاقُ كَلِمَةِ آلِ وَهَلْ أَصْلُهُ أَهْلُ ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً فَقِيلَ أأل ثُمَّ سُهِّلَتْ عَلَى قِيَاسِ أَمْثَالِهَا فَقِيلَ آلُ بِدَلِيلِ تَصْغِيرِهِ عَلَى أُهَيْلٍ‏؟‏ أَوْ أَوْلٌ مِنْ آلَ يَئُولُ إذَا رَجَعَ، فَآلُ الرَّجُلِ هُمْ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَيُضَافُونَ، وَيَئُولُهُمْ أَيْ يَسُوسُهُمْ فَيَكُونُ مَآلُهُمْ إلَيْهِ ‏.‏ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ تَرْجِيحُ الثَّانِي ‏.‏وَفِي الْقَامُوسِ‏:‏ آلُهُ أَهْلُ الرَّجُلِ وَأَتْبَاعُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا فِيهِ شَرَفٌ غَالِبًا، فَلَا يُقَالُ آلُ الْإِسْكَافِ كَمَا يُقَالُ أَهْلُهُ ‏.‏قَالَ وَأَصْلُهُ أَهْلُ أُبْدِلَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً فَصَارَتْ أأل تَوَالَتْ هَمْزَتَانِ فَأُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلِفًا تَصْغِيرُهُ أويل وَأُهَيْلٍ ‏.‏انْتَهَى ‏.‏
قَالَ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ قَالَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي‏:‏ وَالْتَزَمَتْ الْعَرَبُ إضَافَتَهُ فَلَا يُسْتَعْمَلُ مُفْرَدًا إلَّا نَادِرًا كَقَوْلِ الشَّاعِرِ‏:‏ نَحْنُ آلُ اللَّهِ فِي بَلْدَتِنَا لَمْ نَزَلْ آلًا عَلَى عَهْدِ إرَمْ وَالْتَزَمُوا أَيْضًا إضَافَتَهُ إلَى الظَّاهِرِ فَلَا يُضَافُ إلَى مُضْمَرٍ إلَّا قَلِيلًا ‏.‏وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إضَافَتُهُ إلَى الْمُضْمَرِ لَحْنٌ ‏.‏قَالَ ابْنُ مَالِكٍ‏:‏ وَالصَّحِيحُ لَيْسَ بِلَحْنٍ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ ‏.‏قَالَ تِلْمِيذُهُ فِي كِتَابِهِ الْمُطْلِعِ‏:‏ وَالصَّوَابُ جَوَازُ إضَافَتِهِ إلَى الْمُضْمَرِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ‏:‏ أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقِيقَةَ وَالِدِي وَآلِي فَمَا تَحْمِي حَقِيقَةَ آلِكَا وَقَالَ عَبْدُ المطلب فِي الْفِيلِ وَأَصْحَابِهِ‏:‏ وَانْصُرْ عَلَى آلِ الصَّلِي بِ وَعَابِدِيهِ الْيَوْمَ آلَك فَأَضَافَهُ إلَى الْيَاءِ وَالْكَافِ ‏.‏وَزَعَمَ بَعْضُ النُّحَاةِ أَنَّهُ لَا يُضَافُ إلَّا إلَى عَلَمِ مَنْ يَعْقِلُ ‏.‏وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ خِلَافُهُ ‏.‏قَالَ الشَّاعِرُ‏:
نَجَوْت وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْك طَلَاقَهُ = سِوَى زَيْدِ التَّقْرِيبِ مِنْ آلِ أَعْوَجَا
وَأَعْوَجُ عَلَمُ فَرَسٍ ‏.‏وَإِنَّمَا أَتْبَعَ النَّاظِمُ الْآلَ لِرَسُولِ الْمَلِكِ الْمُتَعَالِ لِمَا تَضَافَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَصَحَّتْ الْآثَارُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ‏"‏ إلَى مَا لَا نُحْصِيهِ عَدًّا إلَّا بِالْإِطَالَةِ ‏(‏وَأَصْحَابِهِ‏)‏ جَمْعِ صَاحِبٍ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ‏:‏ وَلَمْ يُجْمَعْ فَاعِلٌ عَلَى فَعَالَةٍ إلَّا هَذَا ‏.‏
قَالَ فِي الْقَامُوسِ‏:‏ صَحِبَهُ كسمعه صَحَابَةً وَيُكْسَرُ، وَصُحْبَةً‏:‏ عَاشَرَهُ وَهُمْ أَصْحَابٌ وَأَصَاحِيبٌ وَصُحْبَانٌ وَصِحَابٌ وَصَحَابَةٌ وَصِحَابَةٌ وَصَحْبٌ وَاسْتَصْحَبَهُ دَعَاهُ إلَى الصُّحْبَةِ وَلَازَمَهُ ‏.‏وَالصَّحَابِيُّ مَنْ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ لَحْظَةً وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ مُؤْمِنًا وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ تَخَلَّلَهُ رِدَّةٌ.‏

مطلب الصُّحْبَةِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ
وَقَسَّمَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الصُّحْبَةَ إلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ‏:‏ الْأُولَى‏:‏ مَنْ كَثُرَتْ مُخَالَطَتُهُ وَمُعَاشَرَتُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا إلَّا بِهَا، فَيُقَالُ هَذَا صَاحِبُ فُلَانٍ وَخَادِمُ فُلَانٍ لِمَنْ تَكَرَّرَتْ خِدْمَتُهُ لَا لِمَنْ خَدَمَهُ مَرَّةً أَوْ سَاعَةً أَوْ يَوْمًا ‏.‏
الثَّانِيَةُ‏:‏ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِنًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَحِبَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْتَهِ إلَى الِاشْتِهَارِ بِهِ حَتَّى يَصِيرَ يُعْرَفُ ‏.‏الثَّانِيَةُ‏:‏ مَنْ رَآهُ صلى الله عليه وسلم رُؤْيَةً وَلَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يُمَاشِهِ فَهَذَا أَلْحَقُوهُ بِالصُّحْبَةِ إلْحَاقًا وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَةُ الصُّحْبَةِ لَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّهِ، وَلَكِنْ صُحْبَةٌ إلْحَاقِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ لِشَرَفِ قَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي انْطِبَاعِ طَلْعَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ بِرُؤْيَتِهِ إيَّاهُمْ أَوْ رُؤْيَتِهِمْ إيَّاهُ مُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ رُتَبُهُمْ رضوان الله عليهم ‏(‏مِنْ كُلِّ‏)‏ صَحَابِيٍّ ‏(‏هَادٍ‏)‏ لِغَيْرِهِ أَيْ مُرْشِدٍ وَدَالٍ، وَمِنْ كُلِّ ‏(‏مُهْتَدِي‏)‏ فِي نَفْسِهِ ‏.‏يُقَالُ هَدَاهُ هُدًى وَهَدْيًا وَهِدَايَةً وَهِدْيَةً بِكَسْرِهِمَا أَرْشَدَهُ فَهَدَى وَاهْتَدَى ‏.‏وَهَدَاهُ اللَّهُ الطَّرِيقَ دَلَّهُ ‏.‏وَالْهُدَى بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الرَّشَادُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ‏.‏

مطلب الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعُ الْفَوَائِدِ‏:‏ الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ‏:‏
أَحَدُهَا‏:‏ الْهِدَايَةُ الْعَامَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْخَلْقِ الْمَذْكُورَةُ فِي قوله تعالى{‏الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى‏}‏ أَيْ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ صُورَتَهُ الَّتِي لَا يَشْتَبِهُ فِيهَا بِغَيْرِهِ، وَأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ شَكْلَهُ وَهَيْئَتَهُ، وَأَعْطَى كُلَّ مَوْجُودٌ خَلْقَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ ثُمَّ هُدَاهُ لِمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ ‏.‏قَالَ وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ تَعُمُّ الْحَيَوَانَ الْمُتَحَرِّكَ بِإِرَادَتِهِ إلَى جَلْبِ مَا يَنْفَعُهُ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ ‏.‏قَالَ وَلِلْجَمَادِ أَيْضًا هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ، كَمَا أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ هِدَايَةً تَلِيقُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَصُوَرُهَا، وَكَذَلِكَ لِكُلِّ عُضْوٍ هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ، فَهُدَى الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ، وَاللِّسَانِ لِلْكَلَامِ، وَالْعَيْنِ لِكَشْفِ الْمَرْئِيَّاتِ، وَهَلُمَّ جَرًّا ‏.‏وَكَذَلِكَ هَدَى الزَّوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ إلَى الِازْدِوَاجِ وَالتَّنَاسُلِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، وَالْوَلَدِ إلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ عِنْدَ وَضْعِهِ، وَمَرَاتِبُ هِدَايَتِهِ سُبْحَانَهُ لَا يُحْصِيهَا إلَّا هُوَ ‏.
‏الثَّانِي‏:‏ هِدَايَةُ الْبَيَانِ وَالدَّلَالَةِ وَالتَّعْرِيفِ لِنَجْدَيْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَطَرِيقَيْ النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ ‏.‏وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْهُدَى التَّامَّ فَإِنَّهَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ، وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْهُدَى مَعَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏}‏أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ وَأَرْشَدْنَاهُمْ وَدَلَلْنَاهُمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا ‏.‏وَمِنْهَا قوله تعالى ‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏} .
‏الثَّالِثُ‏:‏ هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلِاهْتِدَاءِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قوله تعالى ‏{‏يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء‏}‏وَفِي قوله تعالى{‏إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ‏} وفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ‏"‏ وَفِي قوله تعالى{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء‏} ‏فَنَفَى عَنْهُ هَذِهِ الْهِدَايَةَ وَأَثْبَتَ لَهُ هِدَايَةَ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏‏ .
‏الرَّابِعُ‏:‏ غَايَةُ هَذِهِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ الْهِدَايَةُ إلَى الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ إذَا سِيقَ أَهْلُهُمَا إلَيْهِمَا ‏.‏قَالَ تَعَالَى ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيم‏}‏ وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا {‏الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ‏}‏ وَقَالَ فِي حَقِّ أَهْلِ النَّارِ{‏احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ‏} انْتَهَى ‏كَلَامُ إبن القيم فِي الْهِدَايَةِ .
وَفِي تفسير الْبَيْضَاوِيِّ‏:‏ الْهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بِلُطْفٍ، وَلِذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ ‏.‏وَقَوْلُهُ {‏فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم‏}‏ عَلَى التَّهَكُّمِ ‏.‏ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدٌّ، لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ‏:‏ الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمُؤْمِنُ الِاهْتِدَاءَ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ ‏.‏وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ حَيْثُ قَالَ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏} وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِيَّاهَا عَنَى بِقَوْلِهِ{‏وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا‏} ‏وَقَوْلِهِ {‏إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ‏} وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ وَالْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ، وَهَذَا قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِنَيْلِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَإِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ ‏{‏أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ‏}‏ وَقَوْلِهِ {‏وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا‏}‏انْتَهَى ‏.‏فَالصَّحَابَةُ رضي الله عنهم هُدَاةٌ مَهْدِيُّونَ ‏.‏
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه مَرْفُوعًا ‏"‏ النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْت أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَتْ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ ‏"‏ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ رضي الله عنهم مَرْفُوعًا ‏"‏ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ ‏"‏ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ ‏.‏
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ‏"‏ وَالنَّصِيفُ أَحَدُ اللُّغَاتِ الْأَرْبَعِ فِي النِّصْفِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ نِصْفٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا وَنَصِيفٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالْمَعْنَى لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ نَفَقَةَ أَصْحَابِي مُدًّا وَلَا نِصْفَ مَدٍّ لِأَنَّ إنْفَاقَهُمْ كَانَ فِي نُصْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَحِمَايَتِهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ بَعْدَهُ، فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ أَفْضَلِيَّتَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا، وَأَنَّ فَضِيلَةَ نَفَقَتِهِمْ عَلَى نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ بِاعْتِبَارِ فَضِيلَةِ ذَوَاتِهِمْ، وَفَضْلُ الصَّحَابَةِ مَشْهُورٌ، وَسَعْيُهُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَذْلُهُمْ أَنْفُسَهُمْ النَّفِيسَةَ مَأْثُورٌ، وَصِدْقُهُمْ وَمُوَاسَاتُهُمْ وَحُسْنُ صُحْبَتِهِمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَشْكُورٌ.

مطلب عَدَدُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ
(‏فَائِدَةٌ‏)‏ ذَكَرَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ شَيْخُ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُونَ عَلَى الْمِائَةِ أَلْفٍ ‏.‏قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ الزَّهْرِ الْبَسَّامِ‏:‏ هَذَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي ذَيْلِهِ كِتَابَ الصَّحَابَةِ ‏.‏وَرَوَى أَنَّهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ مِنْهُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ ‏.‏قُلْت‏:‏ جَزَمَ بِهَذَا الْعَدَدِ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى ‏.‏وَأَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْمَنِينِيُّ فِي نَظْمِهَا بِقَوْلِهِ‏:‏ وَصَحْبُهُ أَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ بِلَا اشْتِبَاهِ هُمْ كَالنُّجُومِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُ يَا وَيْلَ أَقْوَامٍ بِهِمْ لَمْ يَهْتَدُوا وَالْفَضْلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَرَاتِبُ وَعَدُّهُمْ لِلْأَنْبِيَا يُقَارِبُ ‏(‏تَنْبِيهَاتٌ‏)‏ الْأَوَّلُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم الصلاة والسلام هَلْ تَجُوزُ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا‏؟‏ فَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ‏:‏ هَذِهِ الْمُسْأَلَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، فَهَذَا يَجُوزُ وَيَكُونُ صلى الله عليه وسلم دَاخِلًا فِي آلِهِ فَالْإِفْرَادُ عَنْهُ وَقَعَ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى ‏(‏الثَّانِي‏)‏ أَنْ يُفْرِدَ وَاحِدًا بِالذِّكْرِ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَوْ حَسَنٍ أَوْ أَبِي بَكْرٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، قَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ مَنْ مَضَى، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ ‏.‏وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما‏:‏ لَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏:‏ ‏(‏أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ النَّاسِ قَدْ الْتَمَسُوا الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَإِنَّ مِنْ الْقُصَّاصِ قَدْ أَحْدَثُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عَدْلَ صَلَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا جَاءَ كِتَابِي فَمُرْهُمْ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ عَلَى النَّبِيِّينَ وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً‏)‏ وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏:‏ أَنَّهُ مَنْعُ تَحْرِيمٍ أَوْ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ أَوْ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ، بِمَكْرُوهٍ، حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ ‏.‏وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ‏:‏ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ اسْتِقْلَالًا ‏.‏
قَالَ الْقَاضِي أَبُو حُسَيْنٍ الْفَرَّاءُ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ‏:‏ وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَصِيفٌ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه مَضَى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَقَدْ سُئِلَ أَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَلَيْسَ قَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك‏؟‏ قَالَ الْقَاضِي‏:‏ وَبِهِ قَالَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ يَأْتِيهِ بِالصَّدَقَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْجَوَازَ مَا لَمْ يَتَّخِذْهُ شِعَارًا أَوْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدًا إذَا ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، كَفِعْلِ الرَّافِضَةِ مَعَ عَلِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ قِيلَ حِينَئِذٍ بِالتَّحْرِيمِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ ‏.‏
الثَّانِي‏:‏ هَلْ السَّلَامُ كَالصَّلَاةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا أَوْ لَيْسَ إلَّا الْإِبَاحَةُ فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏؟‏ أَمَّا مَذْهَبُنَا فَقَدْ عَلِمْت جَوَازَهُ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتِقْلَالًا بِالْأَوْلَى ‏.‏وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَكَرِهَهُ مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فَمَنَعَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ ‏.‏وَفَرَّقَ آخَرُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فَقَالُوا السَّلَامُ يُشْرَعُ فِي حَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ حَيٍّ وَمَيِّتٍ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، فَإِنَّك تَقُولُ بَلِّغْ فُلَانًا مِنِّي السَّلَامَ، وَهُوَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَلِهَذَا يَقُولُ الْمُصَلِّي السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ‏.‏
الثَّالِثُ‏:‏ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْمَلَائِكَةِ جَائِزَةٌ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ‏:‏ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى صَاحِبِهِ فِي الْغَارِ، وَعَلَى الْفَارُوقِ مُمَصَّرِ الْأَمْصَارِ، وَعَلَى عُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ الَّذِي بَايَعَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْيَسَارِ، وَعَلَى عَلِيٍّ الْكَرَّارِ، وَعَلَى السِّبْطَيْنِ خُلَاصَةِ الْأَنْوَارِ، وَعَلَى الْعَمَّيْنِ لَا سِيَّمَا أَسَدُ اللَّهِ مَنْ فَرَّجَ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ‏.‏

مطلب اخْتِصَاصُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ بـِ ‏"‏ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ‏"‏
الرَّابِعُ‏:‏ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَدْ غَلَبَ فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنْ النُّسَّاخِ لِلْكُتُبِ أَنْ يُفْرَدَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِأَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دُونِ الصَّحَابَةِ أَوْ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ، وَالشَّيْخَانِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ انْتَهَى ‏.‏قُلْت‏:‏ قَدْ ذَاعَ ذَلِكَ وَشَاعَ وَمَلَأ الطُّرُوسَ وَالْأَسْمَاعَ ‏.‏قَالَ الْأَشْيَاخُ‏:‏ وَإِنَّمَا خُصَّ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِقَوْلِ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لِأَنَّهُ مَا سَجَدَ إلَى صَنَمٍ قَطُّ وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا بَأْسَ بِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معنى, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir