دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب العتق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 محرم 1430هـ/24-01-2009م, 12:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أحكام المبعض


وعن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولَهُما عنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)).
وقيلَ: إنَّ السَّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ في الخبَرِ.

  #2  
قديم 28 محرم 1430هـ/24-01-2009م, 01:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


5/1341 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ): بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ أَيْ: لا زِيَادَةَ فِيهِ وَلا نَقْصَ.
(فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاَّ) يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ (فَقَدْ عَتَقَ): بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، (مِنْهُ مَا عَتَقَ): بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَا، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ حِصَّةٌ فِي عَبْدٍ، إذَا أَعْتَقَ حِصَّتَهُ فِيهِ، وَكَانَ مُوسِراً، لَزِمَهُ تَسْلِيمُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ بَعْدَ تَقْوِيمِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ تَقْوِيمَ مِثْلِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ جَمِيعُهُ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمُعْتِقِ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الإِعْتَاقِ.
وَدَلَّ الحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لا يُعْتَقُ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلاَّ مَعَ يَسَارِ الْمُعْتِقِ، لا مَعَ إعْسَارِهِ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: ((وَإِلاَّ))؛ أَيْ: ولا يَكُونُ لَهُ مَالٌ، ((فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ))، وَهِيَ حِصَّتُهُ. وَظَاهِرُ الحَدِيثِ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ، إلاَّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي هَذَا اللَّفْظِ نِزَاعٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ العِلْمِ.
فَقَالَ ابنُ وَضَّاحٍ: لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ لأَنَّهُ رَوَاهُ أَيُّوبُ عنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ نَافِعٌ: وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. فَفَصَلَهُ الرَّاوِي مِن الْحَدِيثِ، ولَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ، قَالَ أَيُّوبُ مَرَّةً: لا أَدْرِي هُوَ مِن الْحَدِيثِ، أَوْ هُوَ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، فَوَصَلاهُ بِكَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلاهُ مِنْهُ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ أَوْلَى، وَقَدْ جَوَّدَاهُ، وَهُمَا فِي نَافِعٍ أَثْبَتُ مِنْ أَيُّوبَ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، كَيْفَ وَقَدْ شَكَّ أَيُّوبُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ رَجَّحَ الأَئِمَّةُ رِوَايَةَ مَنْ أَثْبَتَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لا أَحْسِبُ عَالِماً فِي الْحَدِيثِ يَتَشَكَّكُ فِي أَنَّ مَالِكاً أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ؛ لأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ بِهِ، حَتَّى لَوْ تُسَاوَيَا، وَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ، وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ، كَانَ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ لَمْ يَشُكَّ.
هَذَا، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ؛ أَقْوَاهَا مَا وَافَقَهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَهُوَ أَنَّهُ لا يُعْتَقُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إلاَّ بِدَفْعٍ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ.
وَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ وَآخَرُونَ: إنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ جَمِيعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَإِنَّهُ يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ؛ مُسْتَدِلِّينَ بقَوْلِهِ:
6/1242 - وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((وَإِلاَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)). وَقِيلَ: إنَّ السِّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ.
(وَلَهُمَا)؛ أَي: الشَّيْخَيْنِ، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَإِلاَّ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ، وَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ السِّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ)؛ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَلشَّرِيكِ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ، وَاسْتُسْعِيَ فِي قِيمَةِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذِكْرَ السِّعَايَةِ لَيْسَتْ مِنْ كَلامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ مُدْرَجَةٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فِي الْخَبَرِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الاسْتِسْعَاءِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ هَمَّاماً رَوَاهُ، فَجَعَلَ هَذَا الْكَلامَ؛ أَعْنِي: الاسْتِسْعَاءَ، مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ. وَكَذَا قَالَ الإِسْمَاعِيلِيُّ: إنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ، مُدْرَجٌ عَلَى مَا رَوَى هَمَّامٌ.
وجَزَمَ ابنُ المُنْذِرِ والخَطَّابِيُّ بأنَّهُ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ. وَقَدْ وَرَدَ جَمْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ إدْرَاجِ السِّعَايَةِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى رَفْعِهِ؛ فَإِنَّهُمَا فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ التَّصْحِيحِ.
وَقَدْ رَوَى السِّعَايَةَ فِي الْحَدِيثِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ؛ لِكَثْرَةِ مُلازَمَتِهِ لهُ، وَلِكَثْرَةِ أَخْذِهِ عَنْهُ مِنْ هَمَّامٍ وَغَيْرِهِ وهِشَامٍ وشُعْبَةَ، وإِنْ كَانَ أَحْفَظَ مِنْ سَعِيدٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ مُلازَمَةً لِقَتَادَةَ مِنْهُمَا، وَمَا رَوَيَاهُ لا يُنَافِي رِوَايَةَ سَعِيدٍ؛ لأَنَّهُمَا اقْتَصَرَا فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضِهِ.
وَأَمَّا إعْلالُ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ بِأَنَّهُ اخْتَلَطَ، فَمَرْدُودٌ؛ لأَنَّ رِوَايَتَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَبْلَ الاخْتِلاطِ؛ فَإِنَّهُ فِيهِمَا مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيدٍ كَانَتْ قَبْلَ اخْتِلاطِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ؛ لِمُتَابَعَتِهِ لَهُ؛ لِيَنْفِيَ عَنْهُ التَّفَرُّدَ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ غَيْرَهُمَا تَابَعَهُمَا.
ثُمَّ قَالَ: اخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ، كَأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، تَقْدِيرُهُ: إنَّ شُعْبَةَ أَحْفَظُ النَّاسِ لِحَدِيثِ قَتَادَةَ، فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُر الاسْتِسْعَاءَ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا لا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفاً؛ لأَنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَراً، وَغَيْرُهُ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ، وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِن الْوَاحِدِ.
قُلْتُ: وَبِهَذَا تُعْرَفُ الْمُجَازَفَةُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الاسْتِسْعَاءِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبَعْدَ تَقَرُّرِ هَذَا لَكَ فَقَدْ عَرَفْتَ تَعَارُضَ كَلامِ هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلا كَلامَ أَنَّهَا قَدْ رُوِيَتْ مَرْفُوعَةً، وَالأَصْلُ عَدَمُ الإِدْرَاجِ، حَتَّى يَقُومَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ نَاهِضٌ.
وَقَدْ تَقَاوَمَت الأَدِلَّةُ هُنَا، وَلَكِنَّهُ عَضَّدَ الْقَوْلَ بِرَفْعِ زِيَادَةِ السِّعَايَةِ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الإِدْرَاجِ، وَمَعَ ثُبُوتِ رَفْعِهَا فَقَدْ عَارَضَتْ رِوَايَةَ: ((وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ))، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: ((وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ))؛ أَيْ: بِإِعْتَاقِ مَالِكِ الْحِصَّةِ حِصَّتَهُ وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ يُعْتَقُ بِالسِّعَايَةِ، فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ بَعْدَ تَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ، وَيَكُونُ كَالْمُكَاتَبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ؛ لِقَوْلِهِ: ((غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ))، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ اللُّزُومِ، بِأَنْ يُكَلَّفُ الْعَبْدُ الاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ، لَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ، وَهُوَ لا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَهَذَا مِثْلُهَا.
وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ ذَهَبَ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: لا تَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَةٌ أَصْلاً، وَهُوَ كَمَا قَالَ، إلاَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَبْقَى الرِّقُّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إذَا لَمْ يَخْتَر الْعَبْدُ السِّعَايَةَ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ شِقْصاً لَهُ فِي غُلامٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ)).
وفي رِوَايَةٍ: فأجَازَ عِتْقَهُ، وأخْرَجَهُ النَّسائِيُّ بإسنادٍ قَوِيٍّ. ومِثْلُهُ مَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ شِقْصاً فِي مَمْلُوكٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هُوَ كُلُّهُ، فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ))، فيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ، فَتَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مِلْقَامٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ. وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِلَفْظِ: ((مَنْ أَعْتَقَ عَبْداً، وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ، وَلَهُ وَفَاءٌ، فَهُوَ حُرٌّ، وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِمَا أَسَاءَ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ)).
فَقَالَ: ((وَلَهُ وَفَاءٌ))؛ فإِنَّهُ دَالٌّ علَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهِ الجَمْعِ، باعتبارِ الإِيسارِ والإِعْسَارِ في العِتْقِ وعَدَمِهِ.
وَالثَّانِي مِنْ وَجْهَيِ الْجَمْعِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يَسْتَمِرُّ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْهُ، ويَبْقَى رَقِيقاً بِقَدْرِ حِصَّتِهِ.
وَمَعْنَى: ((غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ))، أَنَّهُ لا يُكَلِّفُهُ سَيِّدُهُ مِن الْخِدْمَةِ فَوْقَ طَاقَتِهِ، وَلا فَوْقَ حِصَّتِهِ مِن الرِّقِّ. وقِيلَ: إنَّهُ يَتَعَدَّى هَذَا الْجَمْعَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ أَعْتَقَ مَمْلُوكاً لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَأَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلُثَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْعَى فِي الثُّلُثَيْنِ.
قُلْتُ: قَدْ يَقُولُ مَن اخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ مِن الْجَمْعِ: إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْعَى فِي الثُّلُثَيْنِ يَسْعَى عَلَى مَوَالِيهِ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ مِن الْخِدْمَةِ؛ لأَنَّهُ الَّذِي بَقِيَ رِقًّا لَهُمْ.
وَإِيضَاحُ الْجَمْعِ بَيْنَ الأَحَادِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا شَرِيكَ لِلَّهِ)) فِيمَا إذَا كَانَ مَالِكُ الشِّقْصِ غَنِيًّا، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَالِكَيْنِ، فَيُعْتِقُ الْعَبْدَ كُلَّهُ، وَيُسَلِّمُ قِيمَةَ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ السِّعَايَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ قَادِراً عَلَيْهَا، كَمَا يُرْشِدُ إليهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ))، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ: ((وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)) عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ فَقِيراً، وَالْعَبْدُ لا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى السِّعَايَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ يَمْلِكُ بَعْضَ الْعَبْدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَمْلِكُهُ كُلَّهُ، فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ، فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: يُعْتَقُ كُلُّهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ والظَّاهِرِيَّةُ: يُعْتَقُ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي عَتَقَ، وَيُسْعَى فِي الْبَاقِي، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَحَمَّادٍ.
وَحُجَّةُ الأَوَّلِينَ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ وَغَيْرُهُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى عِتْقِ الشِّقْصِ؛ فَإِنَّهُ إذَا سَرَى إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ، فَبِالأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ شَرِيكٌ. وَحُجَّةُ الآخَرِينَ أَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ هُوَ مَا يُدْخِلُهُ عَلَى شَرِيكِهِ مِن الضَّرَرِ، فإذَا كَانَ الْعَبْدُ لَهُ جَمِيعُهُ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ، فَلا قِيَاسَ. وَلا يَخْفَى أَنَّهُ رَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ.

  #3  
قديم 28 محرم 1430هـ/24-01-2009م, 01:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1235- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ قِيمَةَ عِدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((وَإِلاَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)). وَقِيلَ: إِنَّ السِّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ.

*مُفْرَداتُ الحديثِ:
َنْ أَعْتَقَ: ظاهِرُه العمومُ، ولكنَّه مخصَّصٌ بالإجماعِ؛ فلا يَصِحُّ من المجنونِ، والصبيِّ، والمحجورِ عليه بسَفَهٍ.
ِرْكاً: بكسرِ الشينِ؛ أي: حِصَّةً ونَصيباً.
َمَنَ الْعَبْدِ: أي: ثَمَنَ بقِيَّةِ العَبْدِ، وأَوْضَحَ ذلك في روايةِ النَّسَائِيِّ بلفظِ: ((وَلَهُ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِشُرَكَائِهِ أَنْصِبَاءَهُمْ)).
ُوِّمَ: مبنيٌّ للمجهولِ، مِن قَوَّمَ المتاعَ بكذا؛ أي: جَعَلَ له قيمةً معلومةً.
ِدْلٍ: عَدَلَ الشيءَ بالشيءِ: سَوَّاه به، وجَعَلَه مثلَه، والمرادُ: أنْ يُقَوِّمَه بقيمةِ مِثلِه.
َأَعْطَى شُرَكَاءَهُ: بالبناءِ للفاعلِ على روايةِ الأكثرينَ، و(شُرَكَاءَ) منصوبٌ على أنه مفعولٌ، ورُوِيَ على صيغةِ المجهولِ و(شُرَكَاؤُهُ) مرفوعٌ على أنه نائبُ فاعلٍ.
َبْدٌ: يَشْمَلُ الذكرَ والأُنْثَى.
-وإلاَّ: أي: وإنْ لم يَكُنْ مُوسِراً، فقدْ عَتَقَ منه حِصَّتَه، وهي ما عَتَقَ.
-اسْتُسْعِيَ: طَلَبَ مِن العبدِ أنْ يَسْعَى، فيَعْمَلَ لِيُحَصِّلَ حِصَّةَ الشَّرِيكِ.
َيْرَ مَشْقُوقٍ: أي: غيرَ مكلَّفٍ عليه، فلا يَشُقُّ عليه سيِّدُه في الخِدمةِ فوقَطاقتِه، ولا فوقَ حِصَّتِه مِن الرقِّ.
ِصَصَهُمْ: جمعُ حِصَّةٍ –بكسرِ الحاءِ وتشديدِ الصادِ- وهي: النصيبُ، يُقالُ: تَحَاصُّوا: اقْتَسَمُوا حِصَصَهُم.

*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- للشارِعِ الحكيمِ الرحيمِ تَشَوُّفٌ إلى عِتْقِ الرِّقابِ مِن الرقِّ؛ فقدْ حَثَّ عليه، ورَغَّبَ فيه، وجَعَلَه أَجَلَّ الكَفَّارَاتِ، وأَعْظَمَ الإحسانِ، وجَعَلَ له مِن السِّرايَةِ والنُّفُوذِ ما يُفَوِّتُ على مالِكِ رِقِّهِ بغيرِ اختيارِه في بعضِ الأحوالِ، التي منها ما ذُكِرَ في هذين الحديثيْنِ، وهي أنَّ له شَرَاكَةً، ولو قليلةٌ في عبدٍ أو أَمَةٍ، ثمَّ أَعْتَقَ جُزْءاً منه، عَتَقَ نَصِيبَه بنفسِ الإعتاقِ.
2- فإنَّ كانَ المُعْتِقُ مُوسِراً –بحيثُ يَسْتَطِيعُ دَفْعَ نَصِيبِ شَرِيكِه- عَتَقَ العبدَ كلَّه، نَصِيبَه، ونصيبَ شريكِه، وقُوِّمَ عليه نصيبُ شَرِيكِه بقيمتِه التي يُساوِيها، وأَعْطَى شريكَه القيمةَ.
فإنْ لم يَكُنْ مُوسِراً –بحيثُ لا يَمْلِكُ قيمةَ نصيبِ صاحبِه- فلا إضرارَ على صاحبِه، فيَعْتِقُ نصيبَه، ويَبْقَى نصيبُ شريكِه رقيقاً كما كانَ.
وبعضُهم يَرَى أنه يَعْتِقُ، ويُسْتَسْعَى العبدُ بالقيمةِ، ويأتي الخلافُ فيه.
3- أنه إنْ مَلَكَ بعضَ قيمةِ نصيبِ شَرِيكِه، عَتَقَ عليه بقَدْرِ ما عندَه من القيمةِ.
4- جوازُ الاشتراكِ في العبدِ والأَمَةِ في المِلْكِ.
5- تَشَوُّفُ الشارِعِ إلى عِتْقِ الرِّقابِ؛ إذ جَعَلَ للعِتْقِ هذه السِّرَايَةَ والنُّفُوذَ.
6- ظاهِرُ الحديثيْنِ الاختلافُ في عِتْقِ العبدِ كلِّه، معَ إعسارِ مباشِرِ العِتْقِ، واستسعاءِ العبدِ.
7- الجَمْعُ بينَ الحديثيْنِ:
دَلَّ الحديثُ الأوَّلُ –في ظاهرِه- على أنَّ مَن أَعْتَقَ نصيبَه مِن عبدٍ مشترَكٍ، عَتَقَ نصيبَه:
فإنْ كانَ مُوسِراً، عَتَقَ باقِيَه، وغَرِمَ لشَرِيكِه قيمةَ نصيبِه.
وإنْ كانَ مُعْسِراً، لم يَعْتِقْ نَصِيبَ شَرِيكِه، وصارَ العبدُ مُبَعَّضاً، بعضُه حُرٌّ، وبعضُه رَقِيقٌ.
ودلَّ الحديثُ الثاني: على أنَّ المباشِرَ لعِتْقِ نصيبِه: إن معسراً، عَتَقَ العبدَ كلَّه أيضاًً؛ ولكن بأنْ يُسْتَسْعَى العبدُ بقَدْرِ قيمةِ نصيبِه الذي لم يُعْتَقْ وتُعْطَى له.
وذهَبَ إلى الأخذِ بظاهرِ الحديثِ الأوَّلِ الأَئِمَّةُ: مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ–في المشهورِ مِن مذهبِه- وأهلُ الظاهِرِ.
ودليلُهم: ظاهرُ الحديثِ، وجَعَلُوا الزيادةَ في الحديثِ مُدْرَجَةً، وهي قولُه: ((فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)).
قالَ الحافظُ: قِيلَ: إنَّ السِّعايةَ مُدْرَجَةٌ.
قالَ النَّسَائِيُّ: بَلَغَنِي أنَّ هَمَّاماً رَوَاهُ، فجَعَلَ هذا الكلامَ–أعني الاسْتِسْعَاءَ- من قولِ قَتَادَةَ، وكذا قالَ الإِسْمَاعِيلِيُّ: إنما هو من قوْلِ قَتادةَ، مدرجٌ على ما رَوَى هَمَّامٌ. وجَزَمَ ابنُ المُنْذِرِ والخَطَّابِيُّ بأنه مِنِ افْتِيَاتِ قَتَادَةَ.
ولكنْ قالَ صاحبُ(شَرْحِ البُلُوغِ): وقدْ رُدَّ جميعُ ما ذُكِرَ مِن إدراجِ السِّعايةِ باتِّفاقِ الشيخيْنِ على رَفْعِه؛ فإنَّهما في أعلى دَرَجَاتِ الصحيحِ.
ولذا فإنَّه ذَهَبَ إلى الأخذِ بهذه الزيادةِ الإمامُ أحمدُ في إحدى الروايتيْنِ عنه، واخْتارَه بعضُ أصحابِه، ومنهم شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ، وابنُ القَيِّمِ، وشَيْخُنا عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تعالى.
وجُمِعَ بينَ الحديثيْنِ، وصِفَةُ الجَمْعِ: ما قالَه شارِحُ (بُلُوغِ المَرَامِ): إن معنى قولِه في الحديثِ الأوَّلِ: ((وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)) أي: بإعتاقِ مالِكِ الحِصَّةِ حِصَّتَه، وحِصَّةُ شَرِيكِه تُعْتَقُ بالسِّعايةِ، فَيُعْتَقُ العبدُ بعدَ تسليمِ ما عليه، ويكونُ كالمُكَاتَبِ، وهذا هو الذي جَزَمَ به الْبُخَارِيُّ.
ويَظْهَرُ أنَّ ذلك يكونُ باختيارِ العبدِ؛ لقولِه: ((غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)).
فلو كانَ ذلك على جِهَةِ الإلزامِ بأنْ يُكَلَّفَ العبدُ الاكتسابَ والطَّلَبَ حتى يَحْصُلَ ذلك، لحَصَلَ له بذلك غايةُ المَشَقَّةِ، وهو لا يَلْزَمُ في الكتابةِ: ذلك عندَ الجمهورِ، ولأنَّها غيرُ واجبةٍ، فهذا مِثْلُها.
وإلى هذا الجمعِ ذهَبَ البَيْهَقِيُّ وقالَ: لا تَبْقَى معارَضةٌ بينَ الحديثيْنِ أصلاً. وهو كما قالَ، إلاَّ أنه يَلْزَمُ منه أنْ يَبْقَى الرقُّ في حِصَّةِ الشريكِ إذا لم يَخْتَرِ العبدُ السِّعايةَ. اهـ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحكام, المبعض

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir