دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > خطة المهارات العلمية > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 رمضان 1435هـ/16-07-2014م, 03:56 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي مذاكرة الفتوى الحموية الكبرى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، و لا عدوان إلا على الظالمين كالمبتدعة و المرتدين و المشركين، و أصلي و أسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، و على آله و أصحابه أجمعين، و بعد:
فلما كانت مذاكرات الكتب التي ندرسها في هذا المعهد من الأمور المهمة التي يثبت بها العلم في قلب الطالب إن شاء الله، أحببت أن تكون مذاكرتي لهذه الرسالة عبارة عن شرح مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية فيها، و هي تبدأ من بداية الرسالة إلى قوله رحمه الله: "ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم و الحكمة ـ لا سيما العلم بالله و أحكام آياته و أسمائه ـ من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة أتباع الهند و اليونان و ورثة المجوس و المشركين و ضلال اليهود و النصارى و الصابئين و أشكالهم و أشباههم أعلم بالله من ورثة الأنبياء و أهل القرآن و الإيمان؟".
و قد استفدت من بعض شروحات هذه الرسالة و من أخص ما استفدت منه شرح الشيخ حمد بن عبد المحسن التويجري الذي استمعته قبل أربع سنوات، و شرح الشيخ يوسف بن محمد الغفيص الذي استمعته مرتين.
هذا و أسأله الله تعالى أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، فإنه الذي لا يستحق أن يراد بعمل وجها سواه، و قد قال الله تعالى: {كل ما عليها فان.و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكوام}.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 شوال 1435هـ/6-08-2014م, 08:28 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ
"سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلامِ، العَالمِّ الرَّبَّانِيُّ تَقِيُّ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِِ الحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَجَرَى بِسَبَبِ هَذَا الجَوَابِ أُمُورٌ وَمِحَنٌ، وَهُوَ جَوَابٌ عَظِيمُ النَّفْعِ جِدًّا."

نعم جرى بسبب هذا الجواب أمور و محن، و قد ذكر ابن كثير شيئا من ذلك في "البداية و المنهاية" و ابن عبد الهادي في "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" (ص 162، ط. الفاروق الحديثة للطباعة و النشر)، و سبب ذلك أن هذه الرسالة نزلت كصاعقة على أهل البدع، ذلك أن الأشاعرة مر عليهم عشرات سنين و هم يرفعون لواء أهل السنة و يطلقون على أهل السنة الحشوية، و أنهم ـ أي: الأشاعرة ـ هم الذين دفعوا الدين عن الجهمية و المعتزلة، فجاء شيخ الإسلام فبين لهم أن تأويلاتهم هي بعينها التأويلات التي ذكرها بشر المريسي في كتابه " التوحيد" أو " كفر المشبهة"، و إن كان قد يوجد في كلام هؤلاء رد التأويل و إبطاله أيضا، فليسوا على طريقة جهمية محضة، و لا على طريقة اعتزالية محضة و إن كانت طريقتهم مبتدعة و لا شك.

و هذه الرسالة تسمى بالفتوى الحموية الكبرى.
أما سبب تسمبيتها بالفتوى فلأنها إجابة على سؤال و لأنها مختصرة.
و أما سبب تسميتها بالحموية فلأن السؤال ورد من حماة من بلاد الشام.
و أما سبب تسميتها بالكبرى فللتمييز بينها و بين الصغرى.
فائدة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه على تلخيصه لهذه الرسالة: "هذه الفتوى الحموية كتبها رحمه الله في قعدة واحدة بين الظهر و العصر، لكن يقال: إنها كانت أقل مما هي عليه الآن، و أنها زاد عليها نقولا، و هذا ليس ببعيد."
و هذه الرسالة قد أكثر فيها المؤلف من ذكر الأدلة الشرعية و النقول عمن سبقه من العلماء و اعتراف أئمة المتكلمين بأن الذي عليه أهل السنة و الجماعة هو الحق.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 شوال 1435هـ/7-08-2014م, 08:22 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

"فَقَالَ السَّائِلُ: مَا قَوْلُ السَّادَةِ الفقهاء أَئِمَّةِ الدِّينِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}، {ثم استوى على العرش} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ، وَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ إصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) وَقَوْلِهِ: (يَضَعُ الجَبَّارُ قَدَمَهُ فِي النَّارِ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيثِ،"
المراد جنس هذه النصوص لا ذات هذه الصفات، و السؤال وقعت على ما يتعلق بالصفات الفعلية.
"وَمَا قَالَت العُلَمَاءُ، وَابْسُطُوا القَوْلَ فِي ذَلِكَ مَأْجُورِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ "

أي: أنهم طلبوا منه قول الحق.
فائدة: ذكر العلامة عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله أن سبب تسمية هذه الفتوى بالكبرى أن المؤلف زاد فيها زيادات على ما في "الحموية الصغرى".

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 شوال 1435هـ/7-08-2014م, 08:40 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

" فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قَوْلُنَا فِيهَا مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ" الذين تلقوا هذه النصوص عن النبي صلى الله عليه و سلم. "وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَمَا قَالَهُ أَئِمَّةُ الهُدَى بَعْدَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ،"
فائدة الرجوع إلى العلماء هو فهم النصوص الشرعية كما فهمها السلف، ففي الرجوع إليهم ضبط الفهم.
"وَهَذَا هُوَ الوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِ الخَلْقِ فِي هَذَا البَابِ" العقيدة "وَغَيْرِه"الأحكام" فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النَّوْرِ بِإِذْنِ ربِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ بَعَثَهُ دَاعِيًا إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}"

شرع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إيراد مقدمات تدل على ضرورية وجود الحق مع القرون الفاضلة و استحالة وجوده مع غيرهم لا سيما إذا كان هؤلاء المنحرفين قد كثر اضطرابهم في هذا الباب.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 شوال 1435هـ/8-08-2014م, 06:28 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فَمِن المُحَالِ فِي العَقْلِ وَالدِّينِ أَنْ يَكُونَ السِّرَاجُ المُنِيرُ الَّذِي أَخْرَجَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ،"معنى كون النبي صلى الله عليه و سلم سراجا منيرا أن الأمة تستضيء به.
" وَأَنْزَلَ مَعَهُ الكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرُدُّوا مَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ أمر دِينِهِمْ إِلَى مَا بُعِثَ بِهِ مِنَ الكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى سَبِيلِهِ بِإِذْنِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَهُ وَلأُمَّتِهِ دِينَهُمْ وَأَتَمَّ عَلَيْهِمْ نِعْمَتَهُ، مُحَالٌ مَعَ هَذَا وَغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ بَابَ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْعِلْمَ بِهِ مُلتبِسًا مُشتبِهًا، فَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ مَا يَجِبُ لِلَّهِ مِنَ الأَسْمَاءِ الحُسنَى وَالصِّفَات العُلْيَا، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ."
هذه المصطلحات ـ أعني الواجب، و الجواز، و الامتناع في حق الله و حق المخلوق لا بد من معرفتها.
فالواجب في حق الله تعالى كل صفة كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، و الواجب في حق المخلوق كل صفة نقص.
و الجواز في حق الله تعالى كل صفة تتعلق بمشيئته، و في حق المخلوق كل صفة كمال مع وجود النقص بوجه من الوجوه.
و الامتناع في حق الله كل صفة نقص، و في حق المخلوق كل صفة اختص الله تعالى به.

"فَإِنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا أَصْلُ الدِّينِ،"أي: معرفة باب العقائد، و ذلك أن الأعمال قسمان: ظاهرة و باطنة، و هي الأصل.
" وَأَسَاسُ الهِدَايَةِ، "وَأَفْضَلُ وأوجب مَا اكْتَسَبَتْهُ القُلُوبُ،" أفضل ما اكتسبته القلوب لأن تحقيق العبادة بحسب معرفة أسماء الله تعالى و صفاته، و "أوجب" لأنه أصل الدين.
" وَحَصَّلَتْهُ النُّفُوسُ، وَأَدْرَكَتْهُ العُقُولُ."
فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ الكِتَابُ، وَذَلِكَ الرَّسُولُ وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ لَمْ يُحْكِمُوا هَذَا البَابَ اعْتِقَادًا وَقوْلاً؟"
قوله:اعتقادا" أي: العلم، و "قولا"، أي: أنهم بينوا للناس أمور دينهم.
فهذه المقدمات التي أوردها شيخ الإسلام تبين لنا أن مسألة الأسماء و الصفات لا يمكننا أن نحصلها بدليل عقلي من دون الرجوع إلى الأدلة الشرعية.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12 شوال 1435هـ/8-08-2014م, 06:42 PM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي

بارك الله فيكم ونفع بكم؛ ويرجى مراجعة الآية في مقدمتكم، أسأل الله تعالى للجميع الإخلاص في القول والعمل.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 شوال 1435هـ/8-08-2014م, 07:00 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بدر الدين سيفي مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم ونفع بكم؛ ويرجى مراجعة الآية في مقدمتكم، أسأل الله تعالى للجميع الإخلاص في القول والعمل.
و فيكم البركة، و الآية هي قول الله تعالى:{كل من عليها فان. و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام} و وجه ذكرها في مقدمتي بعد أن دعوت الله تعالى أن يجعلني من المخلصين أن تفسير هذه الآية: أن كل ما ما أريد به وجه الله تعالى يبقى، و ما لا أريد به وجهه يفنى و يذهب.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12 شوال 1435هـ/8-08-2014م, 07:37 PM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليم سيدهوم مشاهدة المشاركة
و فيكم البركة، و الآية هي قول الله تعالى:{كل من عليها فان. و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام} و وجه ذكرها في مقدمتي بعد أن دعوت الله تعالى أن يجعلني من المخلصين أن تفسير هذه الآية: أن كل ما ما أريد به وجه الله تعالى يبقى، و ما لا أريد به وجهه يفنى و يذهب.
بارك الله فيكم قصدت بمراجعتها من جهة الكتابة ؛ فأنت كتبتها من حفظك : {كل ما عليها فان.و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكوام}. وصححتها في ذكرك لوجه استدلالك بها على مقولتك وهو جيّد واستفدتُ منه ، نفع الله بكم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 شوال 1435هـ/10-08-2014م, 03:24 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

"وَمِن الْمُحَالِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلَّمَ أُمَّتَهُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الخِرَاءَةَ، وَقَالَ:( تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحَجَّةِ البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ)
وَقَالَ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ أَيْضًا: (مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ شَرِّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)."

المعتبر عند أهل العلم أنهم إذا قالوا: "في الصحيح" فالمعنى أن الحديث في صحيح مسلم، و إذا قالوا: "فيما صح" فالمعنى أنه خارج الصحيح لكن شيخ الإسلام لم يسلك هذا المسلك و لهذا قال: "فيما صح" مع أن الحديث في صحيح مسلم.
"وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا مِنْ طَائِرٍ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا).
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخُطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقَامًا، فَذَكَرَ بَدْءَ الخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) رَوَاهُ البُخاريُّ."
أورد شيخ الإسلام هذه الأحاديث ليبين أن النبي صلى الله عليه و سلم أحكم هذا الدين اعتقادا و قولا.
"وَمُحَالٌ مَعَ تَعْلِيمِهِمْ كُلَّ شَيْءٍ لَهُمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي الدِّينِ - وَإِنْ دَقَّتْ - أَنْ يَتْرُكَ تَعْلِيمَهُمْ مَا يَقُولُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَيَعْتَقِدُونَهُ في قُلُوبِهِمْ فِي ربِّهِمْ وَمَعْبُودِهِمْ رَبِّ العَالَمِينَ، الَّذِي معرِفَتُهُ غَايَةُ المَعَارِفِ، وَعِبَادَتُهُ أَشْرَفُ المَقَاصِدِ، وَالْوُصُولُ إِلَيْهِ غَايَةُ المَطَالِبِ، بَلْ هَذَا خُلاصَةُ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ وَزُبْدَةُ الرِّسَالَةِ الإِلَهِيَّةِ، فَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مُسْكَةٍ مِنْ إِيمَانٍ وَحِكْمَةٍ أَنْ لاَ يَكُونَ بَيَانُ هَذَا البَابِ قَدْ وَقَعَ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَايَةِ التَّمَامِ."
رد شيخ الإسلام في ما ذكره هنا على ثلاثة طوائف:
الطائفة الأولى: من قال بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يبين للأمة كما يقرر ذلك المتفلسفة.
و الطائفة الثانية: أنه لم يقع البيان على جهة التمام كما يقوله جمهور متقدمي المتكلمين من المعتزلة و الجهمية.
و الطائفة الثالثة:من يسلم بأن القرآن تضمن هذا الباب على جهة التمام، لكنه لا يلتزم هذا القول الذي قاله، فتجده يستعمل التأويل أو يستعمل الدلائل الكلامية في ذلك، كما هو شأن الأشعرية وأمثالهم.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 شوال 1435هـ/10-08-2014م, 03:50 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

"ثم إِذَا كَانَ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَمِنَ المُحَالِ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ أُمَّتِهِ وَأَفْضَلُ قُرُونِهَا قَصَّرُوا فِي هَذَا البَابِ، زَائِدِينَ فِيهِ أَوْ نَاقِصِينَ عَنْهُ."
يعود اسم الإشارة "ذلك" إلى كون بيان هذا الباب وقع من النبي صلى الله عليه و سلم على جهة التمام، و قد ذكر الشيخ حمد بن عبد المحسن التويجري حفظه الله أن من أراد فهم كلام شيخ الإسلام فليفهم الضمائر، و ذكر لي مثل ذلك الدكتور أبو بكر صار السنغالي حفظه الله، و قد هو من المتخصصين في كتب شيخ الإسلام، كما أنه ذكر لي أيضا أنك أحيانا تقرأ في كتاب من كتب المؤلف و يذكر لك مسألة ثم يمر عليك سبع صفحات و نحو ذلك و يقول رحمه الله:"و هذا" و ما إلى ذلك، و يعود هذا الاسم إلى ما ذكر في هذه المسألة".
و قوله رحمه الله: "القرون الفاضلة" القرون جمع قرن، و هو أهل زمان متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة كما رجحه ابن حجر و غيره، و الصحابة اشتركوا في رؤية النبي صلى الله عليه و سلم، و التابعون اشتركوا في معاصرة الصحابة و رؤيتهم و هكذا، و القرون الفاضلة هم قرن الصحابة، و قرن التابعين، و قرن تابعي التابعين، و هو خير القرون.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 15 شوال 1435هـ/11-08-2014م, 05:02 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

"ثُمَّ مِنَ الْمُحَالِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ القُرُونُ الفَّاضلَةُ - القَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ -"الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه و سلم، مؤمنا به و مات على ذلك، و لو تخللت ردة على الصحيح، و التابعي هو: من لقي الصحابة مؤمنا بالنبي صلى الله عليه و سلم و مات على الإسلام.
فائدة حديثية: هل يمكن أن يروي التابعي عن النبي صلى الله عليه و سلم؟
الجواب: نعم كأن سمع شخص حديثا عن النبي صلى الله عليه، ثم أسلم و لم يره قبل موته صلى الله عليه و سلم، فهذا الشخص سمع حديثا و رواه و لقي الصحابة لكن لم ير النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن أسلم ، و مثل ذلك المخضرمون، و هو طبقة معددون من كبار التابعين، و هم من أدرك الجاهلية و الإسلام و أسلم و لم ير النبي صلى الله عليه و سلم بعد إسلامه.
" كَانُوا غَيْرَ عَالِمِينَ وَغَيْرَ قَائِلِينَ فِي هَذَا البَابِ بِالْحَقِّ المُبِينِ;"
و هذا ممتنع، فأحوال الصحابة لا تخلو عن ثلاثة:
ـ الحالة الأولى: أن يقولوا في باب الأسماء و الصفات بالحق المبين.
ـ و الحالة الثانية: أن يسكتوا عنه، و هذا ممتنع و قد علم أن النبي صلى الله عليه و سلم شهد لهم بالخير، و شهد لهم التاريخ أيضا بأنهم أنصح عباد الله بعد الرسل عليهم السلام.
ـ و الحالة الثالثة: أن يقولوا بالباطل و هذا ممتنع أيضا.

"لأَنَّ ضدَّ ذَلِكَ إِمَّا عَدَمُ العِلْمِ وَالْقَوْلِ، وَإِمَّا اعْتِقَادُ نَقِيضِ الحَقِّ وَقَوْلُ خِلافِ الصِّدْقِ، وَكِلاهُمَا مُمْتَنِعٌ."شرع رحمه الله في التعليل على ما قال.
"أَمَّا الأَوَّلُ فَلأَنَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاةٍ وَطَلَبٍ لِلْعِلْمِ أَوْ نَهْمَةٍ فِي العِبَادَةِ يَكُونُ البَحْثُ عَنْ هَذَا البَابِ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ وَمَعْرِفَةُ الحَقِّ فِيهِ أَكْبَرَ مَقَاصِدِهِ وَأَعْظَمَ مَطَالِبِهِ، أَعْنِي بَيَانَ مَا يَنْبَغِي اعْتِقَادُهُ، لاَ مَعْرِفَةَ كَيْفِيَّةِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ.
وَلَيْسَتِ النُّفُوسُ الصَّحِيحَةُ إِلَى شَيْءٍ أَشْوَقَ مِنْهَا إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الأَمْرِ. وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ الوِجْدِانيَّةِ،"فيه رد على ما قاله الجويني من أن الصحابة لم يعرفوا هذا الباب لأنهم انشغلوا عن الجهاد و القتال.
" فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مَعَ قِيَامِ هَذَا المُقْتَضِي" - الَّذِي هُوَ مِنْ أَقْوَى المُقْتَضِيَاتِ -"و هذا المقتضى هو أن يكون البحث عن هذا الباب، و السؤال عنه، و معرفة الحق فيه أكبر مقاصده، و أعظم مطالبه." أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ مُقْتَضَاهُ" أي: كونهم كانوا عالمين بهذا الباب و قائلين فيه بالحق المبين. "فِي أُولَئِكَ السَّادَةِ فِي مَجْمُوعِ عُصُورِهِمْ. هَذَا لاَ يَكَادُ يَقَعُ في أَبْلَدِ الخَلْقِ، وَأَشَدِّهِمْ إِعْرَاضًا عَنِ اللَّهِ وَأَعْظَمِهِمْ إِنكْبَابًا عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا، وَالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَقَعُ مِنْ أُولَئِكَ؟!"
وَأَمَّا كَوْنُهُمْ كَانُوا مُعْتَقِدِينَ فِيهِ غَيْرَ الحَقِّ أَوْ قَائِلِيهِ فَهَذَا لاَ يَعْتَقِدُهُ مُسْلِمٌ وَلا عَاقِلٌ عَرَفَ حَالَ القَوْمِ."

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16 شوال 1435هـ/12-08-2014م, 02:34 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

"ثُمَّ الكَلامُ فِي هَذَا البَابِ عَنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُمْكِنَ سَطْرُهُ فِي هَذِهِ الفَتْوَى أَوْ أَضْعَافِهَا، يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ طَلَبَهُ وَتَتَبَّعَهُ."
و ذلك أن الفتوى تكون مختصرة في الغالب، و شيخ الإسلام رحمه الله اقتصر على المقصود، و ممن اجتهد في جمع أقوالهم في هذا الباب اللالكائي، و الآجري، و عبد الله بن الإمام أحمد و غيرهم.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 17 شوال 1435هـ/13-08-2014م, 07:16 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "وَلا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الخَالِفُونَ أَعْلَمَ مِنَ السَّالِفِينَ، كَمَا قد يَقُولُهُ بَعْضُ الأَغْبِياءِ مِمَّنْ لا يعرف قَدْرَ السَّلَفِ، بَلْ وَلا عَرَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَقِيقَةَ المَعْرِفَةِ المَأْمُورِ بِهَا مِنْ أَنَّ "طَرِيقَةَ السَّلَفِ أَسْلَمُ، وَطَرِيقَةَ الخَلَفِ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ"
نعم لا يجوز أن يكون الخالفون أعلم من السالفين، كما يقوله بعض الأغبياء، و سماهم شيخ الإسلام بذلك لما في مقالتهم من التناقض.
و هؤلاء يقولون: "طريقة السلف أسلم و طريقة الخلف أعلم و أحكام" و ذلك أن الذي يبحث أفضل من الذي يفوض، و كلامهم هذا متناقض، لأن السلامة نتيجة و العلم مقدمة.
و المراد بالخلف هنا المتكلمون و الأشاعرة الذين انتسبوا إلى السنة، و لا يعنون المعتزلة و لا الجهمية و لا المتفلسفة.
" وإن كَانَت هذه العِبَارة إذا صَدَرت مِن بَعْض العُلَمَاء قد يُعْنَى بها معناً صحيحاً"
هذه العبارة ليست من كلام شيخ الإسلام، بل هي مدسوسة في كلامه، و ظاهرها أنه يذم قائله إذا لم يكن من العلماء، و لم يصف صاحب هذه المقالة بأنه خارج العلماء و لكن يبقى أنها غلط، و قد ذكرها المؤلف في كتبه و لم يعتذر هذا الاعتذار.
" فَإِنَّ هَؤُلاءِ المُبْتَدِعين الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ طَرِيقَةَ الخَلَفِ مِنَ المُتَفَلْسِفَةِ،"و ذلك أن الكلام مولد من الفلسفة" وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ إِنَّمَا أُتُوا مِنْ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ طَرِيقَةَ السَّلَفِ هِيَ مُجَرَّدُ الإِيمَانِ بِأَلْفَاظِ القُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، مِنْ غَيْرِ فِقْهٍٍ لِذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ الأُمِّيِّينَ الَّذِينَ قَالَ الله فِيهِمْ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ}"
ظنوا أن السلف فوضوا معاني نصوص الصفات، و الصحيح الذي عليه أهل السنة أن السلف فوضوا الكيفية.
" وأَنَّ طَرِيقَةَ الخَلَفِ هِيَ اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ المَصْرُوفَةِ عَنْ حَقَائِقِهَا بِأَنْوَاعِ المَجَازَاتِ وَغَرَائِبِ اللُّغاتِ.
فَهَذَا الظَّنُّ الفَاسِدُ أَوْجَبَ تِلْكَ المَقَالاَت" الفاسدة، و فساد اللازم يدل على فساد الملزوم " الَّتِي مَضْمُونُهَا نَبْذُ الإِسْلامِ وَرَاءَ الظَّهْرِ، وَقَدْ كَذَبُوا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَضَلُّوا فِي تَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الخَلَفِ; فَجَمَعُوا بَيْنَ الجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السَّلَفِ فِي الكَذِبِ عَلَيْهِمْ، وبيَنَ الجَهْلِ وَالضَّلالِ بِتَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الخَلَفِ ".

تنبيه: قلت: "و ذلك أن الكلام" و ما قلت: "أن علم الكلام" اقتداء بعلمائنا و سلفنا، و ذلك أنهم ما وصفوا الكلام بأنه علم، و فذموا الكلام و أهله، و انظر على سبيل المثال "ذم الكلام و أهله" لأبي إسماعيل الهروي رحمه الله.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 18 شوال 1435هـ/14-08-2014م, 11:18 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "وَسَبَبُ ذَلِكَ اعْتِقَادُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ صِفَةٌ دَلَّتْ عَلَيْهَا هَذِهِ النُّصُوصُ لِلشُّبُهَاتِ الفَاسِدَةِ الَّتِي شَارَكُوا فِيهَا إِخْوَانَهُمْ مِنَ الكَافِرِينَ" من ملاحدة الفلاسفة " فَلَمَّا اعْتَقَدُوا انْتِفَاءَ الصِّفَاتِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ -" أي: أن الله تعالى لم يتصف بالصفات الفعلية " وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ لاَ بُدَّ للنَّصوصِ مِنْ مَعْنًى بَقُوا مُتَرَدِّدِينَ بَيْنَ الإِيمَانِ بِاللَّفْظِ وَتَفْوِيضِ المَعْنَى - وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا طَرِيقَةَ السَّلَفِ -" فمذهب السلف عندهم: عدم النظر في فهم النصوص لتعارض الاحتمالات، و هذا عندهم أسلم " وَبَيْنَ صَرْفِ اللَّفْظِ إلىَ مَعَانٍ بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ - وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا طَرِيقَةَ الخَلَفِ -، " فمذهب الخلف عندهم: معرفة النفي الذي هو الحق عندهم، و تأويل معاني نصوص الإثبات "فَصَارَ هَذَا البَاطِلُ مُرَكَّبًا مِنْ فَسَادِ العَقْلِ وَالْكُفْرِ بِالسَّمْعِ"

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 01:30 AM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "فَإِنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا اعْتَمَدُوا فِيهِ عَلَى أُمُورٍ عَقْلِيَّةٍ ظَنُّوهَا بَيِّنَاتٍ، وَهِيَ شُبُهَاتٌ، وَالسَّمْعَ حَرَّفُوا فِيهِ الكَلامَ عَنْ مَوَاضِعِهِ.
فَلَمَّا انْبَنَى أَمْرُهُمْ عَلَى هَاتَيْنِ المُقَدَّمَتَيْنِ الكُفْرِيَّتَيْنِ الكاذبتين كَانَتِ النَّتِيجَةُ: اسْتِجْهَالَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، وَاسْتِبْلاَلهُمْ، وَاعْتِقَادَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا أُمِّيِّينَ، بِمَنْزِلَةِ الصَّالِحِينَ مِنَ العَامَّةِ، لَمْ يَتَبَحَّرُوا فِي حَقَائِقِ العِلْمِ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَتَفَطَّنُوا لِدَقَائِقِ العِلْمِ الإِلَهِيِّ، وَأَنَّ الخَلَفَ الفُضَلاءَ حَازَوا قَصَبَ السَّبْقِ فِي هَذَا كُلِّهِ."
الأسس العقلية التي بنى عليها أهل الكلام من المعتزلة و الأشاعرة و غبرهم نفي الصفات أربعة:
ـ شبهة تعدد القدماء.
ـ و شبهة التركيب.
ـ و شبهة حلول الحوادث بذات الله تعالى.
ـ و شبهة التشبيه و التمثيل.
و قد بينها و ناقشها الدكتور عبد الرحيم بن صمايل السلمي في كتابه:"حقيقة التوحيد بين أهل السنة و المتكلمين" (ص 282-337) فارجع إليه.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 12:42 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه: "ثُمَّ هَذَا القَوْلُ" القول بأن مذهب السلف أسلم و مذهب الخلف أعلم و أحكام " إِذَا تَدَبَّرَهُ الإِنْسَانُ وَجَدَهُ فِي غَايَةِ الجَهَالَةِ، بَلْ فِي غَايَةِ الضَّلالَةِ. كَيْفَ يَكُونُ هَؤُلاءِ المُتَأَخِّرُونَ، لاَ سِيَّمَا وَالإِشَارَةُ بِالْخَلَفِ إِلَى ضَرْبٍ مِنَ المُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ كَثُرَ فِي بَابِ الدِّينِ اضْطِرَابُهُمْ، وَغَلُظَ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ حِجَابُهُمْ، وَأَخْبَرَ الوَاقِفُ عَلَى نِهَايَاتِ إِقْدَامِهِمْ بِمَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ أَمرِهمْ حَيْثُ يَقُولُ:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها و صيرت طرفي بين تلك المعالمي
فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم"

ذكر هاذين البيتين الشهرتاني في أول "نهاية الإقدام"، و له كتاب يعتبر من أوسع كتب المقالات، و لكنه في نفس الوقت من أجهلها في تحصيل مذهب السلف، و من هنا ننبه إلى ما ذكره الشيخ ناصر العقل من أنه لا يأخذ العقيدة من كتب أصحاب المقالات؛ لأن غالبهم من أهل الكلام.
و قد رد عليه الصنعاني رحمه الله تعالى لما قال:
لعلك أهملت الطواف بمعهد الرسول و من لاقاه من كل عالم
فما حار من يهدي بهدي محمد و ليس تراه قارعا سن نادم

"وَأَقَرُّوا عَلَى نُفُوسِهِمْ بِمَا قَالُوهُ مُتَمَثِّلِينَ بِهِ أَوْ مُنْشِئِينَ لَهُ فِيمَا صَنَّفُوهُ مِنْ كُتُبِهِمْ كَقَوْلِ بَعْضِ رُؤَسَائِهِمْ:" و هو الفخر الرازي
"نهاية إقدام العقول عقال و أكثر سعي العالمين ضلال
و أرواحنا في وحشة من جسومنا و غاية دنيانا أذا و بال

و لم نستفد من بحثتا طول عمرنا سوى أن جمعنا قيل و قالوا
لَقَدْ تَأَمَّلْتُ الطُّرُقَ الكَلامِيَّةَ، وَالْمَنَاهِجَ الفَلْسَفِيَّةَ، فَمَا رَأَيْتُهَا تَشْفِي عَلِيلاً، وَلا تُرْوِي غَلِيلاً، وَرَأَيْتُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ القُرْآنِ، أَقْرَأُ فِي الإِثْبَاتِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فَاطِر: 10] وَأَقْرَأُ فِي النَّفْيِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى:11] {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طهَ:110] وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتَي". اهـ.
وَيَقُولُ الآخَرُ مِنْهُمْ:" و هو أبو معالي الجويني "لَقَدْ خُضْتُ البحرَ الخِضَمَّ وتَركتُ أهلَ الإسلامِ وعلومَهم، وخضتُ في الذي نهونِي عنْهُ والآنَ إن لم يتداركني ربِّي برحمتِه فالويلُ لفلانِ، وها أنا أموتُ على عقيدةِ أمِّي".
ويقول الآخر منهم:" و هو أبو حامد الغزالي "أَكْثَرُ النَّاسِ شَكًّا عِنْدَ المَوْتِ أَصْحَابُ الكَلام."
و يبقى أن قصد شيخ الإسلام من إيراد هذه الأقوال هو أنه ليس هناك طائفة مخالفة لأهل السنة و الجماعة إلا و بين أصحابها نزاع شديد في تقرير المسائل و الدلائل، و من الأدلة على بطلان مذاهب المخالفين أن الطائفة الواحدة تقع في إبطال الطائفة الأخرى مع أن القاعدة واحدة.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 19 شوال 1435هـ/15-08-2014م, 03:40 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "ثُمَّ هَؤُلاءِ المُتَكَلِّمُونَ المُخَالِفُونَ لِلسَّلَفِ إِذَا حُقِّقَ عَلَيْهِمُ الأَمْرُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُمْ مِنْ حَقِيقَةِ العِلْمِ بِاللَّهِ وَخَالِصِ المَعْرِفَةِ بِهِ خَبرٌ، وَلا وقعوا مِنْ ذَلِكَ عَلَى عَيْنٍ وَلا أَثَرٍ." أي: لم يستندوا في ذلك إلى خبر.
"كَيْفَ يَكُونُ هَؤُلاءِ المَحْجُوبُونَ المَفضولونَ المَسْبُوقُونَ الحَيَارَى المُتَهَوِّكُونَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَمَ فِي بَابِ ذَاتِهِ وآياته مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، مِنْ وَرَثَةِ الأَنْبِيَاءِ وَخُلَفَاءِ الرُّسُلِ، وَأَعْلامِ الهُدَى وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، الَّذِينَ بِهِمْ قَامَ الكِتَابُ، وَبِهِ قَامُوا، وَبِهِمْ نَطَقَ الكِتَابُ، وَبِهِ نَطَقُوا، الَّذِينَ وَهَبَهُمُ اللَّهُ مِنَ العِلْمِ وَالْحِكْمَةِ مَا بَرَّزُوا بِهِ عَلَى سَائِرِ أَتْبَاعِ الأَنْبِيَاءِ، فَضْلاً عَنْ سَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ لاَ كِتَابَ لَهُمْ،" يشير رحمه الله تعالى إلى المتفلسفة الذبن دخل قولهم على المسلمين" وَأَحَاطُوا مِنْ حَقَائِقِ المَعَارِفِ وَبَوَاطِنِ الحَقَائِقِ ِمَا لَوْ جُمِعَتْ حِكْمَةُ غَيْرِهِمْ إِلَيْهَا لاسْتَحْيَا مَنْ يَطْلُبُ المُقَابَلَةَ."

"ثُمَّ كَيْفَ يَكُونُ خَيْرُ قُرُونِ الأُمَّةِ أَنْقَصَ فِي العِلْمِ وَالْحِكْمَةِ - لاَ سِيَّمَا العِلْمُ بِاللَّهِ وَأَحْكَامِ َأَسْمَائِهِ وآياته - مِنْ هَؤُلاءِ الأَصَاغِرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ؟
أَمْ كَيْفَ يَكُونُ أَفْرَاخُ المُتَفَلْسِفَةِ" الكلام مولد من المتفلسفة، و هذا أمر يقطع به شيخ الإسلام، و لهذا قال: "أفراخ المتفلسفة". " وَأَتْبَاعُ الهِنْدِ وَالْيُونَانِ، وَوَرَثَةُ المَجُوسِ وَالْمُشْرِكِينَ، وضُلاَّلُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَأَشْكَالُهُمْ وَأَشْبَاهُهُمْ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ وَرَثَةِ الأَنْبِيَاءِ وَأَهْلِ القُرْآنِ وَالإِيمَانِ؟

وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ هَذِهِ المُقَدِّمَةَ؛ لأَنَّ مَن اسْتَقَرَّتْ هَذِهِ المُقَدِّمَةُ عِنْدَهُ عَرف طَرِيقَ الهُدَى أَيْنَ هُوَ فِي هَذَا البَابِ وَغَيْرِهِ.
وَعَلِمَ أَنَّ الضَّلالَ والتَّهَوُّكَ إِنَّمَا اسْتَوْلَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ بِنَبْذِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَإِعْرَاضِهِمْ عَمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ البَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، وَتَرْكِهِم البَحْثَ عَنْ طَرِيقِة السَّابِقِينَ وَالتَّابِعِينَ وَالْتِمَاسِهِمْ عِلْمَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَبشَهَادَةِ الأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَبِدَلاَلاَتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَيْسَ غَرَضِي وَاحِدًا مُعَيَّنًا، إِنَّمَا أَصِفُ نَوْعَ هَؤُلاءِ."

هذا آخر ما قاله شيخ الإسلام في هذه المقدمة، و تحتاج إلى مزيد العناية بها كما أن هذه الفتوى تحتاج إلى ذلك، و قد بين الشيخ الدكتور يوسف بن محمد الغفيص مقصد هذه المقدمة فليرجع إليه
هذا و الله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, الفتوح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir