ومن سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {قل هو اللّه أحدٌ...}.
سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: ما ربك؟ أيأكل أم يشرب؟ أم من ذهب أم من فضة؟ فأنزل الله جل وعز: {قل هو اللّه}. ثم قالوا: فما هو؟ فقال: {أحدٌ}. وهذا من صفاته: أنه واحد، وأحد وإن كان نكرة. قال أبو عبد الله: يعني في اللفظ، فإنه مرفوع بالاستئناف كقوله: {هذا بعلي شيخٌ}. وقد قال الكسائي قولا لا أراه شيئا. قال: هو عماد. مثل قوله: {إنّه أنا الله}. فجعل "أحد" مرفوعا بالله، وجعل هو بمنزلة الهاء في (أنه)، ولا يكون العماد مستأنفا به حتى يكون قبله إن أو بعض أخواتها، أو كان أو الظن.
قوله عز وجل: {كفواً أحدٌ...}.
يثقل ويخفف، وإذا كان فعل النكرة بعدها أتبعها في كان وأخواتها فتقول: لم يكن لعبد الله أحد نظير، فإذا قدمت النظير نصبوه، ولم يختلفوا فيه، فقالوا: لم يكن لعبد الله نظير أحد. وذلك أنه إذا كان بعدها فقد أتبع الاسم في رفعه، فإذا تقدم فلم يكن قبله شيء
[معاني القرآن: 3/299]
يتبعه رجع إلى فعل كان فنصب. والذي قرأ "أحد الله الصمد" بحذف النون من (أحد) يقول: النون نون الإعراب إذا استقبلتها الألف واللام حذفت. وكذلك إذا استقبلها ساكن، فربما حذفت وليس بالوجه قد قرأت القراء: {وقالت اليهود عزير ابن الله}، و"عزيرٌ ابن الله".
والتنوين أجود، وأنشدني بعضهم:
لتجدنّي بالأمير برّا * وبالقناة مدعسًا مكرّا
* إذا غطيف السّلمي فرّا *
وأنشدني آخر:
كيف نومي على الفراش ولمّا * تشمل الشّام غارةٌ شعواء
تذهل الشّيخ عن بنيه وتبدى * عن خدام العقيلة العذراء
أراد عن خدامٍ العقيلة العذراء، وليس قولهم عن خدامٍ [عقيلة] عذراء بشيء.
[معاني القرآن: 3/300]