دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > مراقي السعود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الآخرة 1431هـ/27-05-2010م, 03:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي المخصص المنفصل

المخصص المنفصل
423- وسم مستقله منفصلا = للحس والعقل نماه الفضلا
424- وخَصِّص الكتاب والحديث به = أو بالحديث مطلقا فلتنتبه
425- واعتبرَ الإجماع جل الناس = وقسمي المفهوم كالقياس
426- والعرفَ حيث قارن الخطابا = ودع ضمير البعض والاسبابا
427- وذكرَ ما وافقه من مفرد = ومذهب الراوي على المُعْتَمَدْ
428- واجزم بإدخال ذوات السبب = وارو عن الإمام ظنا تُصِب
429- وجاء في تخصيص ما قد جاورا = في الرسم ما يعم خلفُ النظرا
430- وإن أتى ما خص بعد العمل = نسخ والغير مخصصا جلي
431- وإن يك العموم من وجه ظهر = فالحكم بالترجيح حتما معتبر

  #2  
قديم 15 جمادى الآخرة 1431هـ/28-05-2010م, 08:18 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي نشر البنود للناظم عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي

...................

  #3  
قديم 15 جمادى الآخرة 1431هـ/28-05-2010م, 08:19 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي نثر الوورد على مراقي السعود للإمام محمد الأمين الجكني الشنقيطي

المخصص المنفصل
423 وسم مستقله منفصلا = للحس والعقل نماه الفضلا
هذا هو القسم الثاني من أقسام المخصص وهو المنفصل، وعرفه المؤلف بأنه المستقل بنفسه عن العام، أي لا يحتاج إلى ذكره مقترنا بالعام، وهو قسمان: لفظي وغير لفظي. وبدأ المؤلف بغير اللفظي لقلته، وهو التخصيص بالحس والعقل.
وقوله: (للحس والعقل نماه الفضلا) المخصص المنفصل إلى الحس فقالوا: مخصص منفصل واقع بالحس، ويمثلون له بقوله تعالى: {تدمر كل شيء بأمر ربها} فقوله: {كل شيء} يعم الأرض والجبال والسماء، والحس بالعين يشاهدها غير مدمرة، فدل على خصوص التدمير بغيرها. وبعضهم قال: إن هذا التخصيص باللفظ في قوله: {بأمر ربها} وهذا لم يأمرها ربها بتدميره. وله مخصص آخر لفظي، وهو تخصيص التدمير بما أتت عليه دون غيره المشار إليه بقوله: {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم}.
ومخصص منفصل واقع بالعقل كقوله تعالى: {الله خالق كل شيء} الآية. دل العقل على دخول الله جل وعلا في هذا العموم، مع أن لفظ (الشيء) يطلق عليه كما في قوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} وقوله تعالى: {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله} الآية. وقوله: (الفضلا) مقصور لضرورة الوزن، والمراد به الأصوليون.
424 وخصص الكتاب والحديث به = أو بالحديث مطلقا فلتنتبه
يعني أنه يخصص الكتاب والحديث بالكتاب والحديث، فصور التخصيص بالنص المنفصل أربع، لأن المخصص باسم الفاعل، والمخصص باسم المفعول، كل منهما يكون كتابا ويكون سنة، فتضرب حالتي المخصص بالكسر في حالتي المخصص بالفتح بأربع:
الأولى: تخصيص الكتاب بالكتاب كتخصيص قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن} الآية بغير الحوامل بقوله: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}، وكتخصيصه أيضا بغير المدخول بهن بقوله تعالى: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة} الآية.
الثانية: تخصيص الكتاب بالسنة كتخصيص قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها)) وكتخصيص قوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} بحديث ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)) وكقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركناه صدقة)).
الثالثة: تخصيص السنة بالسنة كتخصيص قوله صلى الله عليه وسلم: ((فيما سقت السماء العشر)) بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أو سق صدقة))
الرابعة: تخصيص السنة بالكتاب، كتخصيص قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما أبين من البهيمة وهي حية فهو ميت)) الشامل عمومه للوبر والصوف والشعر بقوله تعالى: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا} الآية، وكتخصيص قوله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) الشامل لأهل الكتاب بقوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد} الآية.
واعلم أن التحقيق هو تخصيص العام بالخاص سواء تقدم العام أو الخاص أو جهل الحال، خلافا لأبي حنيفة القائل بأن العام المتأخر ناسخ للخاص، وأنه إن جهل التاريخ تساقطا، وهو رواية عن أحمد.
واعلم أيضا أنه يجوز تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بأخبار الآحاد، لأن التخصيص بيان، والقطعي يبين المقصود منه بالآحاد على التحقيق، كما يأتي للمؤلف في قوله: (وبين القاصر من حيث السند) إلخ.
425 واعتبر الإجماع جل الناس = وقسمي المفهوم كالقياس
يعني أن الإجماع اعتبره جل الأصوليين مخصصا للعموم، والتحقيق أن التخصيص في نفس الأمر بالنص الذي هو مستند الإجماع، ويوضح ذلك أنهم يمثلون للتخصيص بالإجماع بتخصيص قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانهم} بغير الأخت من الرضاع، وبغير موطوءة الأب للإجماع على عدم إباحتهما بملك اليمين، والمخصص حقيقة في الأولى هو قوله: {وأخواتكم من الرضاعة}، وفي الثاني قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} وهكذا.
وقوله: (وقسمي المفهوم) أي واعتبر جل الناس أيضا قسمي المفهوم مخصصين للعام وهما: مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة اللذان تقدم الكلام عليهما، وظاهر كلامه وجود الخلاف في كل من المفهومين وهو كذلك في مفهوم المخالفة. أما مفهوم الموافقة فقد حكى الاتفاق على التخصيص به الآمدي والسبكي في (شرح المختصر).
ومثال تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم: ((لي الواجد يحل عقوبته وعرضه)) ومعنى ((لي الواجد)) ظلم الغني، ومعنى ((يحل)) بقوله: (مطلني)، و((عقوبته)) أي بالحبس. وظاهر هذا الحديث العموم ولو كان الواجد الذي حصل منه اللي أبا في دين ابنه، ولكن مفهوم الموافقة في قوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} يدل على تحريم الأذى بالحبس الذي هو أشد من التأفيف، فيخصص عموم الحديث بمفهوم الموافقة في هذه الآية، فيمتنع حبس الوالد في دين ولده كما نص عليه مالك.
وأما مفهوم المخالفة فقد اختلف في جواز التخصيص به كما أشار له المؤلف، وحكى الباجي منع التخصيص به عن أكثر المالكية، والجمهور على التخصيص كما أشار له المؤلف.
وحجة من قال بالتخصيص به: أن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وهو الحجة في التخصيص بمفهوم الموافقة أيضا.
وحجة من قال بعدم التخصيص بمفهوم المخالفة: أن ما دل عليه العام دل عليه بالمنطوق، والمخالفة مفهوم، والمنطوق مقدم على المفهوم. وأجيب عن هذا بأن تقديم المنطوق على المفهوم في غير المنطوق الذي هو بعض أفراد العام. أما المنطوق الذي هو بعض أفراد العام فيقدم عليه المفهوم، لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما. ومثال التخصيص بمفهوم المخالفة: تخصيص عموم ((في أربعين شاة شاة)) بمفهوم قوله: ((في الغنم السائمة زكاة)) يفهم منه أنه لا زكاة في المعلوفة فيخصص به عموم ((في أربعين شاة شاة)) أي إن كانت سائمة لا معلوفة عند من لا يرى الزكاة في المعلوفة وهم أكثر.
وقوله: (كالقياس) يعني أن الأكثر يخصصون النص بالقياس، ومثال ذلك قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} فإنه يعم بظاهره كل زانية وكل زان، ثم إن عموم الزانية خصصه النص بالحرة في قوله تعالى: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} وخصص العلماء عموم الزاني الذكر بالقياس على الزانية بالعلة الجامعة التي هي الرق فقالوا: لا فرق بين الأمة والحرة إلا الرق فتشطر جلد الأمة لعلة الرق، فيشطر جلد العبد لاتصافه بعلة التشطير التي هي الرق، فصار عموم الزانية مخصصا بالنص، وعموم الزاني مخصصا بالقياس على النص.
426 والعرف حيث قارن الخطابا =................
قوله: (والعرف) عطف على الإجماع في قوله: (واعتبر الإجماع) إلخ، يعني أن العرف من مخصصات العام، وهو مخصص منفصل كما تقدم في قول المؤلف: (إن لم يكن فمطلق العرفي فاللغوي) إلخ. وقوله: (حيث قارن الخطابا) يعني أن العوائد لا تخصص نصوص الشريعة إلا إذا كانت مقارنة لها في الوجود عند النطق بها، أما الطارئة بعدها فلا تخصصها.
ومثال العرف المقارن للخطاب: ما أخرجه مسلم والإمام أحمد من حديث معمر بن عبد الله العدوي رضي الله عنه قال: كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الطعام بالطعام مثلا بمثل)) وكان طعامنا يومئذ الشعير فلفظ الطعام يعم كل أجناسه إلا أن العرف المقارن للخطاب خصصه بالشعير كما قال هذا الصحابي الجليل، فيخصص العرف المقترن بالخطاب الطعام بالمتعارف عندهم باسم الطعام وهو الشعير، ولولا أن هذا العرف خصص الطعام بذلك لكان الربا منصوصا في جميع أنواع المطعومات، ولم يحتج فيها إلى قياس أصلا كما ذهب إليه الشافعي. والعرف والغالب والعادة مترادفات، وعرفه ابن عاصم في أصوله بقوله:
والعرف ما يغلب عند الناس = ومثله العادة دون باس
................ = ودع ضمير البعض والأسبابا
427 وذكر ما وافقه من مفرد = ومذهب الراوي على المعتمد
هذه أربع مسائل اختلف في التخصيص بها، والمعتمد عدم التخصيص بها، ولذا قال فيها المؤلف: (دع) أي دع التخصيص بها على المعتمد.
الأولى: ضمير البعض، وقيل: يخصص العام، وهو مروي عن الشافعي وأكثر الحنفية. ومثاله قوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن} فإنه راجع إلى بعض المطلقات وهي الرجعيات خاصة، ورجوع ضمير بعض المطلقات للمطلقات لا يجعله خاصا بالرجعيات بل جميع الرجعيات والبوائن كلهن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، فالعموم باق وإن رجع إليه ضمير البعض. وعلى القول الآخر فالتربص المذكور في خصوص الرجعيات، أما تربص البوائن فبدليل آخر كالقياس على الرجعيات أو نص منفصل.
الثانية: سبب النزول لا يخصص العام النازل فيه، وتحرير هذا المقام: أن العام الوارد على سبب خاص له ثلاثة حالات:
الأولى: أن يقترن بما يدل على التعميم.
الثانية: أن يقترن بما يدل على التخصيص.
الثالثة: ألا يقترن بما يدل على عموم ولا خصوص.
فإن اقترن بما يدل على التعميم فهو عام بلا نزاع كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإنها نزلت في المخزومية التي سرقت وقطع صلى الله عليه وسلم يدها. وقال بعض العلماء: نزلت في الرجل الذي سرق رداء صفوان بن أمية في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى أنها نزلت في المرأة فالإتيان بلفظ {السارق} الذكر دليل على العموم، وعلى أنها نزلت في الرجل فالإتيان بلفظ {السارقة} الأنثى يدل على التعميم.
وإن اقترن بما يدل على الخصوص فهو خاص بلا نزاع، ومثاله قوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} الآية فهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، والخاص به عام على التحقيق كما تقدم في قول المؤلف: (وما قد خوطب النبي) إلخ، فإذا عرفت عمومه فاعلم أنه مقترن بما يدل على التخصيص وهو قوله تعالى: {خالصة لك من دون المؤمنين} وإن لم يقترن بما يدل على عموم ولا خصوص فهو مراد المؤلف بقوله: (والأسباب) أي دع تخصيص العام بسبب نزوله لأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، ومثاله: آية الظهار النازلة في امرأة أوس بن الصامت، وآية اللعان النازلة في هلال بن أمية وعويمر العجلاني، وآية {شهادة بينكم} النازلة في تميم الداري وعدي بن بداء، وآية {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا} النازلة في العباس بن عبد المطلب. وآية {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} النازلة في كعب بن عجرة، وآية {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} النازلة في خصم الزبير بن العوام، وآية {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} النازلة في الأنصار. فكل هذه الآيات يعم من نزلت فيه الآية وغيره.
فآية الظهار تعم كل مظاهر، وآية اللعان تعم كل ملاعن، وهكذا.. وإن نزلت في أسباب خاصة.
والدليل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: قصة الأنصاري الذي نال بعض ما لا يجوز من امرأة أجنبية فلما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أنزل الله فيه {إن الحسنات يذهبن السيئات} فسأل ذلك الأنصاري: هل ذلك خاص به؟ فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه عام بقوله: ((بل لأمتي كلهم)) فكان فيه الدليل الصريح على أن العبرة بعموم {إن الحسنات يذهبن...} الآية لا بخصوص الأنصاري الذي هو سبب النزول.
الثالث: ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه على التحقيق، وهو مذهب الجمهور ولم يخالف فيه إلا أبو ثور، زاعما أنه لا فائدة لذكره إلا التخصيص. وأجيب من جهة الجمهور بأنه مفهوم لقب وهو ليس بحجة، وبأن فائدة ذكر البعض نفي احتمال إخراجه من العام. وسواء ذكرا في نص واحد أو ذكر كل منهما على حدته، فمثال ذكرهما في نص واحد قوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فذكر الصلاة الوسطى لا يقتضي تخصيص الأمر بالمحافظة بها بل هو عام في جميع الصلوات. ومثال ذكر كل منهما على حدة: حديث الترمذي وغيره: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) مع حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال: ((هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به)) الحديث، فإن ذكر إهاب الشاة لا يدل على تخصيص ذلك بجلد الشاة الميتة فقط بل يعم جلود الميتة لعموم ((إيما إهاب دبغ فقد طهر)).
المسألة الرابعة: مذهب الراوي لا يخصص مرويه لأن العبرة بمرويه لا بمذهبه، لجواز أن يكون قوله عن اجتهاد. وقيل: يخصصه لأنه لا يخالف مرويه إلا عن دليل. وقيل: يفرق بين الصحابي وغيره فيقبل من الصحابي دون غيره، لأنه إذا خالف مرويه دل ذلك على أنه اطلع منه صلى الله عليه وسلم على قرينة تدل على تخصيص ذلك العام، وأنه صلى الله عليه وسلم أراد به الخصوص، والتابعي لا يتأتى له ذلك لعدم اجتماعه به صلى الله عليه وسلم. وما راء كمن سمعا.
ومثاله حديث البخاري من ما يروى عن ابن عباس: ((من بدل دينه فاقتلوه)) وهو شامل للمرأة إذا ارتدت، مع ما يروى عن ابن عباس من أنه يقول بعدم قتل المرتد إلا أنه لم يصح عنه، ولكن سيأتي للمؤلف:
والشأن لا يعترض المثال = إذ قد كفى الفرض والاحتمال
428 واجزم بإدخال ذوات السبب = وارو عن الإمام ظنا تصب
يعني أن صورة السبب الذي ورد عليه العام قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها بالاجتهاد، فالمرأة التي نزلت فيها آية الظهار داخلة في حكمها قطعا، والرجل الذي نزلت فيه آية اللعان داخل في حكمها قطعا، لأن ورود العام على تلك الصورة قرينة قطعية على شموله لها.
وقوله: (وارو عن الإمام ظنا تصب) فعل أمر من الراوية، والإمام هو مالك، يعني أن القرافي روى عن مالك أن دخول صورة السبب في العام ظني، فاروه عن مالك تصب، أي توافق الصواب. وحجة هذا القول: أنها من أفراد العام وليست دلالته قطعية إلا على واحد منها غير معين كما تقدم في قوله: (وهو على فرد يدل حتما) إلخ.
وما ألزمه المحلي للإمام أبي حنيفة من القول بأنه أخرج صورة السبب في قوله بأن الأمة التي لم يقر سيدها باستلحاق ولد منها لا يلحقه ولو كان متسريا بها، إذ لا بد عنده من الإقرار قائلا أعني المحلي: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خصومة عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص: ((الولد للفراش...)) فالأمة صورة السبب وأبو حنيفة أخرجها = لا يلزم أبا حنيفة لأنه لم يسلم أن مجرد التسري تكون به الأمة فراشا بل لا تكون عنده فراشا إلا بالإقرار باستلحاق ولد منها، وأمة زمعة عنده استلحق منها ولدا قبل التنازع فيه بدليل قول عبد بن زمعة: (وليدة أبي) فهي فعيلة بمعنى فاعلة أي والدة لأبي، ولو ثبت أنها ولدت منه قبل ذلك وضح كونها فراشا فإنه لا يخرجها من العام لأنها صورة السبب حينئذٍ حقا.
429 وجاء في تخصيص ما قد جاورا = في الرسم ما يعم خلف النظرا
قوله: (خلف) فاعل (جاء). قوله: (تخصيص ما) مصدر مضاف إلى فاعله، ومفعوله (ما يعم) فـ (ما) الأولى فاعل المصدر أضيف إليه، وما الثانية مفعوله.
وقوله: (في الرسم) يتعلق بـ (جاور). وتقرير المعنى: وجاء خلف النظراء – أي المتناظرين – في تخصيص الخاص المجاور للعام في الرسم له، أي إذا ذكر خاص ثم ذكر بعده عام مجاور له في الرسم هل يحمل ذلك العام على خصوص ذلك الخاص أو لا؟
مثاله قوله تعالى: {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} فقوله: {تكونوا صالحين} خاص بالمخاطبين، وقوله: {للأوابين} عام لكل أواب من المخاطبين وغيرهم من عامة الناس، فهل يحمل قوله: (للأوابين) على خصوص المخاطبين أو يبقى على عمومه وشموله لكل أواب كائنا ما كان؟ وأمثال هذا في القرآن كثيرة، كقوله تعالى: {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}.
430 وإن أتى ما خص بعد العمل = نسخ والغير مخصصا جلي
يعني أنه إذا تعارض دليلان أحدهما عام والآخر خاص، وتأخر الخاص عن وقت العمل بالعام، فإن الخاص يكون ناسخا للعام بالنسبة إلى ما تعارضا فيه.
ومثاله: آيات المواريث مع آية الوصية للوالدين والأقربين عند من يقول بأنها مخصصة، لأن تخصيصها بآيات المواريث يخرج من عمومها الوالدين الوارثين والأقارب الوارثين دون غيرهم، كالوالدين الرقيقين والأقارب الذين لا يرثون، فمن يقول بهذا التخصيص فهو تخصيص بعد العمل بالعام، فهو نسخ، وأما على قول الأكثر بأن آيات المواريث ناسخة لآية الوصية من أصلها، وأن حديث ((لا وصية لوارث)) بيان للناسخ فلا تصلح الآية مثالا.
ومن أمثلة ذلك أيضا: ما ذكره جماعة من علماء التفسير من أن آية: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} ناسخة لقوله: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} لأن عموم: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} يتناول ما ذبحه كتابي لم يسم الله ولا غيره، ثم أخرج الكتابي من عموم هذه الآية بقوله: {وطعام الذين} الآية، وهو تخصيص بعد العمل، لأن آية {ولا تأكلوا} من سورة الأنعام وهي مكية بالإجماع، وآية {وطعام الذين أوتوا الكتاب} من سورة المائدة وهي من آخر القرآن نزولا بالإجماع بالمدينة، فهذا التخصيص بعد العمل نسخ، ودليل ذلك أن التخصيص بيان، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة إليه كما يأتي للمؤلف.
431 وإن يك العموم من وجه ظهر= فالحكم بالترجيح حتما معتبر
يعني أن الدليلين إذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه يظهر تعارضهما في الصورة التي يجتمعان فيها، فيجب الترجيح بينهما، ويجب العمل بالراجح إجماعا، وخلاف الباقلاني في وجوب العمل بالراجح مردود عليه بالإجماع كما يأتي للمؤلف في آخر الكتاب.
ومثال ذلك: قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين} مع قوله: {أو ما ملكت أيمانهم} فإن بينهما عموما وخصوصا من وجه، تنفرد آية {وأن تجمعوا بين الأختين} في الأختين بنكاح، وتنفرد آية {أو ما ملكت أيمانهم} في ملك اليمين غير الأختين، ويجتمعان في الأختين بملك اليمين، فتدل آية {وأن تجمعوا بين الأختين} على التحريم، وآية {أو ما ملكت أيمانهم} على الإباحة كما قال عثمان رضي الله عنه: أحلتهما آية وحرمتهما أخرى، فيرجح عموم {وأن تجمعوا بين الأختين} من خمسة أوجه:
الأول: أنه في محل تحريم النساء وتحليلهن، وآية {أو ما ملكت أيمانهم} في معرض مدح المتقين، فذكر من صفاتهم حفظ الفرج فاستطرد أنه لا يلزم عن الزوجة والسرية، وأخذ الأحكام من مظانها أولى من أخذها لا من مظانها.
الثاني: أن عموم {أو ما ملكت أيمانهم} أجمع العلماء على تخصيصه، للإجماع على أن عموم {أو ما ملكت أيمانهم} يخصصه عموم {وأخواتكم من الرضاعة} وعموم {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} الآية، فالأخت من الرضاع وموطوءة الأب لا تحلان بملك اليمين إجماعا بخلاف عموم {وأن تجمعوا بين الأختين} فلم يدخله التخصيص، والعام الباقي على عمومه مقدم على العام المخصوص كما يأتي للمؤلف أيضا، ولم يخالف في ذلك إلا السبكي وصفي الدين الهندي.
الثالث: أن عموم (أو ما ملكت أيمانهم) وارد في معرض مدح المتقين، والعام الوارد في معرض مدح أو ذم قيل بعدم اعتبار عمومه كما تقدم في قوله: (وما أتى للمدح أو للذم) إلخ، وعموم: {وأن تجمعوا بين الأختين} لم يرد في معرض ذم ولا مدح، وما لم يقترن بمانع الاعتبار مقدم على ما قال بعدم اعتباره بعض العلماء كما هو ظاهر.
الرابع: أن الأصل في الفروج التحريم ما لم يدل دليل سالم من المعارضة على الإباحة.
الخامس: أن عموم {أو ما ملكت أيمانهم} يتضمن إباحة، وعموم {وأن تجمعوا بين الأختين} يتضمن تحريما، والتحريم مقدم على الإباحة، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فترك مباح أهون من ارتكاب حرام كما سيأتي للمؤلف.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المخصص, المنفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir