دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 01:44 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة الملك (الآيات: 6-12)

وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 01:37 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

فلهذا قالَ: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الذي يُهانُ به أهْلُه غايةَ الْهَوانِ.
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} على وَجْهِ الإهانةِ والذُّلِّ، {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً}؛ أي: صَوتاً عالِياً فَظيعاً، {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}؛ أي: تكادُ على اجتماعِها أنْ يُفارِقَ بعضُها بعضاً، وتَتَقَطَّعَ مِن شِدَّةِ غَيْظِها على الكُفَّارِ، فما ظَنُّكَ ما تَفعلُ بهم إذا حَصَلُوا فيها؟
ثُمَّ ذَكَرَ تَوبيخَ الْخَزَنَةِ لأهلِها، فقالَ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}؛ أي: حالُكم هذا واستحقاقُكم النارَ، كأنَّكُم لم تُخْبَرُوا عنها، ولم تُحَذِّرْكم النُّذُرُ منها.
{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} فجَمَعُوا بينَ تَكذيبِهم الخاصِّ والتكذيبِ العامِّ بكلِّ ما أَنْزَلَ اللَّهُ، ولم يَكْفِهِم ذلك حتى أَعْلَنوا بضَلالِ الرُّسُلِ المنذِرِينَ، وهم الْهُداةُ الْمُهْتدونَ.
ولم يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ الضلالِ، بل جَعَلُوا ضَلالَهم ضَلالاً كبيراً، فأَيُّ عِنادٍ وتَكَبُّرٍ وظُلْمٍ يُشْبِهُ هذا؟
{وَقَالُوا} مُعْتَرِفِينَ بعَدَمِ أَهْلِيَّتِهم للهُدَى والرَّشادِ: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. فنَفَوْا عن أنفُسِهم طُرُقَ الْهُدَى، وهي السمْعُ لِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وجاءَتْ به الرُّسُلُ، والعقْلُ الذي يَنفَعُ صاحبَه، ويُوقِفُه على حقائقِ الأشياءِ وإيثارِ الخيرِ، والانزجارِ عن كلِّ ما عاقِبَتُه ذَميمةٌ، فلا سَمْعَ لهم ولا عَقْلَ.
وهذا بخِلافِ أهْلِ اليَقينِ والعِرفانِ، وأربابِ الصدْقِ والإيمانِ؛ فإنَّهم أَيَّدُوا إِيمانَهم بالأدِلَّةِ السمعيَّةِ، فسَمِعُوا ما جاءَ مِن عندِ اللَّهِ، وجاءَ به رَسولُ اللَّهِ علْماً ومَعرِفَةً وعَمَلاً.
والأدِلَّةُ العقْلِيَّةُ: الْمَعْرِفَةُ للهُدَى مِن الضلالِ، والحَسَنِ مِن القَبيحِ، والخيرِ مِن الشرِّ.
وهُمْ في الإيمانِ بحسَبِ ما مَنَّ اللَّهُ عليهم به مِن الاقتداءِ بالمعقولِ والمنقولِ، فسُبحانَ مَن يَخْتَصُّ بفَضْلِه مَن يَشاءُ، ويَمُنُّ على مَن يَشاءُ مِن عِبادِه، ويَخْذُلُ مَن لا يَصْلُحُ للخيرِ.
قالَ تعالى عن هؤلاءِ الداخلِينَ للنارِ الْمُعْتَرِفينَ بظُلْمِهم وعِنادِهم:
(11) {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ *}؛ أي: بُعْداً لهم وخَسارةً وشَقاءً؛ فما أَشْقَاهُم وأَرْدَاهُم حيثُ فَاتَهم ثوابُ اللَّهِ، وكانوا مُلازِمِينَ للسَّعِيرِ التي تَسْتَعِرُ في أبدانِهم وتَطَّلِعُ على أفْئِدَتِهِم.
(12) {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ *} لَمَّا ذَكَرَ حالةَ الأشقياءِ الفُجَّارِ، ذكَرَ حالةَ السُّعَدَاءِ الأبرارِ فقالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}؛ أي: في جميعِ أحوالِهم، حتى في الحالةِ التي لا يَطَّلِعُ عليهم فيها إلاَّ اللَّهُ، فلا يُقْدِمُونَ على مَعاصِيهِ، ولا يُقَصِّرُون فيما أمَرَ به.
{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذُنوبِهم، وإذا غَفَرَ اللَّهُ ذُنوبَهم وَقَاهُمْ شَرَّها، ووَقاهُم عذابَ الجحيمِ، ولهم أجْرٌ كبيرٌ، وهو ما أَعَدَّه اللَّهُ لهم في الجنَّةِ؛ مِن النعيمِ الْمُقيمِ، والمُلْكِ الكبيرِ, واللَّذَّاتِ الْمُتَواصِلاتِ والْمُشْتَهَيَاتِ، والقُصورِ والمنازلِ العالياتِ، والْحُورِ الْحِسانِ، والخَدَمِ والوِلْدانِ.
وأعظَمُ مِن ذلكَ وأكبرُ رِضَا الرحمنِ الذي يُحِلُّه اللَّهُ على أهْلِ الْجِنانِ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 09:52 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

6-{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} مِن كُفارِ بني آدمَ، أو مِن كُفارِ الفريقينِ؛ مِن بَنِي آدَمَ ومِن الجنِّ, {عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ما يَصيرونَ إليه، وهو جَهَنَّمُ.
7-{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} أيْ: طُرِحُوا فيها كما يُطْرَحُ الحطَبُ في النارِ، {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً} أيْ: صَوتاً كصوتِ الْحَميرِ عندَ أوَّلِ نَهِيقِها، {وَهِيَ تَفُورُ} تَغْلِي بهم غَليانَ الْمِرْجَلِ.
8-{تَكَادُتَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أيْ: تَكادُ تَتَقَطَّعُ ويَنفصِلُ بعضُها مِن بعضٍ، مِن شِدَّةِ غَضَبِها على الكفارِ، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} الفوْجُ الجماعةُ مِن الناسِ.
{سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} مِن الملائكةِ، سُؤالَ تَوبيخٍ وتَقريعٍ:
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ} في الدنيا.
{نَذِيرٌ} يُنذِرُكم هذا اليومَويُحَذِّرُكم منه؟
9-{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ} رسولٌ مِن عندِ اللهِ رَبِّنا فأَنْذَرَنا وخَوَّفَنا وأَخْبَرَنا بهذا اليومِ.
{فَكَذَّبْنَا} ذلك النذيرَ.
{وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِن شَيْءٍ} على أَلْسِنَتِكُمْ مِن أُمورِ الغَيْبِ وأخبارِ الآخرةِ والشرائعِ التي تَتضمَّنُ بيانَ ما يُريدُ اللهُ منا، {إِن أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} أيْ: قلنا للرسُلِ: إنكم في ذَهابٍ عن الحقِّ وبُعْدٍ عن الصوابِ.
10-{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} لو كنا نَسمعُ سَمْعَ مَن يَعِي، أو نَعْقِلُ عقْلَ مَن يُمَيِّزُ ويَنظرُ، ما كنا مِن أهلِ النارِ, بل كُنَّا آمَنَّا بما أَنْزَلَ اللهُ واتَّبَعْنَا الرسولَ.
11-{فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ} الذي استَحَقُّوا به عذابَ النارِ، وهو الكفْرُ وتكذيبُ الأنبياءِ.
{فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ} أي: فبُعْدًا لهم مِن اللهِ ومِن رَحمتِه، أَلْزَمَهم اللهُ تعالى العذابَ بعدَ أنِ اعْتَرَفوا بالذنبِ؛ لأنَّ بذلك تَقومُ عليهم الْحُجَّةُ ولا يَبقَى لهم عُذْرٌ.
12- {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} أي: يَخشونَ عذابَه ولم يَرَوْهُ، فيُؤمنونَ به خَوفاً مِن عَذابِه.
{لَهُم مَّغْفِرَةٌ} عَظيمةٌ يَغفِرُ اللهُ بها ذُنوبَهم.
{وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وهو الجنَّةُ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 09:54 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

وقولُه: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} إنما سَمَّى جَهنَّمَ جَهَنَّماً لبُعْدِ قَعْرِها، تقولُ العرَبُ: رَكِيَّةٌ جَهَنَّامٌ أيْ: بَعيدةُ القَعْرِ.
وقولُه: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: الْمَرْجِعُ.
قولُه: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً} أيْ: لِجَهَنَّمَ، والشَّهِيقُ أوَّلُ صوتِ الحمارِ. وقيلَ: الشَّهيقُ أوَّلُ صَوتِه، والزَّفِيرُ آخِرُ صَوتِه، وقيلَ: الشَّهيقُ في الصدْرِ، والزَّفيرُ في الْحَلْقِ، وقيلَ: إنَّ الشهيقَ مِن الكُفَّارِ حينَ يَدْخُلونَ جَهَنَّمَ، والقولُ الأوَّلُ أظْهَرُ في هذه الآيةِ.
وقولُه: {وَهِيَ تَفُورُ} قالَ ابنُ مسعودٍ: تَغْلِي غَليانَ القِدْرِ بما فيه، وعن مجاهِدٍ: تَغْلِي غَليانَ الماءِ الكثيرِ بالْحَبِّ القليلِ.
وقولُه: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} أيْ: تَتَّقِدُ وتَتفرَّقُ، يُقالُ: فُلانٌ امْتَلأَ غَيْظاً حتى يَكادُ يَتَّقِدُ. وغَيْظُها حَنَقاً على أعداءِ اللهِ وانتقامُها.
وقولُه: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} أيْ: قَوْمٌ، {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} أيْ: رسولٌ، وعن مجاهِدٍ قالَ: الرُّسُلُ مِن الإنْسِ، والنُّذُرُ مِن الْجِنِّ، وهو قولٌ مَهجورٌ.
قولُه تعالى: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ} أيْ: عظيمٍ، ويُقالُ: خاطئينَ.
قولُه تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} أيْ: نَسمعُ سَماعَ مَن يُمَيِّزُ ويَتفكَّرُ، ونَعقِلُ عَقْلَ مَن يَتدبَّرُ ويَنظُرُ، {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} والمعنى: أنَّا لم نَسمعِ الحقَّ ولم نَعْقِلْهُ أيْ: لم نَنتفعْ بأسماعِنا وعُقولِنا، وفي بعضِ الغرائبِ مِن الأخبارِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((لِكُلِّ شَيْءٍ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ الدِّينِ الْعَقْلُ)).
ورُوِيَ أيضاً أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَأَهْلِ الصَّلاَةِ وَأَهْلِ الصِّيَامِ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِنَّمَا يُجَازَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ عَقْلِهِ)) وهو حديثٌ حسَنُ الإسنادِ.
قولُه تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} أيْ: بذُنوبِهم، واحدٌ بمعنى الجمْعِ، وقولُه: {فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} أيْ: بُعْداً، يُقالُ: مكانٌ سَحيقٌ أيْ: بَعيدٌ، وعن مُجاهِدٍ: السُّحْقُ اسمُ وادٍ في جَهَنَّمَ.
قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} أيْ: بالوعْدِ والوَعيدِ الذي غابَ عنه، ويُقالُ: بالجنَّةِ والنارِ، ويُقالُ: في الْخَلَوَاتِ.
وقولُه: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} أيْ: عَظيمٌ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 08:05 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى: {و} أعتدنا {للّذين كفروا بربّهم عذاب جهنّم وبئس المصير} أي: بئس المآل والمنقلب. {إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقًا} قال ابن جريرٍ: يعني الصّياح.
{وهي تفور} قال الثّوريّ: تغلي بهم كما يغلي الحبّ القليل في الماء الكثير.
وقوله: {تكاد تميّز من الغيظ} أي: يكاد ينفصل بعضها من بعضٍ، من شدّة غيظها عليهم وحنقها بهم، {كلّما ألقي فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ قالوا بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذّبنا وقلنا ما نزل اللّه من شيءٍ إن أنتم إلا في ضلالٍ كبيرٍ} يذكر تعالى عدله في خلقه، وأنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه وإرسال الرّسول إليه، كما قال: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15] وقال تعالى: {حتّى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسلٌ منكم يتلون عليكم آيات ربّكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقّت كلمة العذاب على الكافرين} [الزّمر: 71]. وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة، وندموا حيث لا تنفعهم النّدامة، فقالوا: {لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير} أي: لو كانت لنا عقولٌ ننتفع بها أو نسمع ما أنزله اللّه من الحقّ، لما كنّا على ما كنّا عليه من الكفر باللّه والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهمٌ نعي به ما جاءت به الرّسل، ولا كان لنا عقلٌ يرشدنا إلى اتّباعهم، قال اللّه تعالى: {فاعترفوا بذنبهم فسحقًا لأصحاب السّعير}
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختريّ الطّائيّ قال: أخبرني من سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لن يهلك النّاس حتّى يعذروا من أنفسهم" وفي حديثٍ آخر: "لا يدخل أحدٌ النّار، إلّا وهو يعلم أنّ النّار أولى به من الجنّة".
يقول تعالى مخبرًا عمّن يخاف مقام ربّه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن النّاس، فينكفّ عن المعاصي ويقوم بالطّاعات، حيث لا يراه أحدٌ إلّا اللّه، بأنّه له مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ، أي: يكفّر عنه ذنوبه، ويجازى بالثّواب الجزيل، كما ثبت في الصّحيحين: "سبعةٌ يظلّهم اللّه تعالى في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه"، فذكر منهم: "رجلًا دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إنّي أخاف اللّه، ورجلًا تصدّق بصدقةٍ فأخفاها، حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده: حدّثنا طالوت بن عبّادٍ، حدّثنا الحارث بن عبيدٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قالوا: يا رسول اللّه، إنّا نكون عندك على حالٍ، فإذا فارقناك كنّا على غيره؟ قال: "كيف أنتم وربّكم؟ " قالوا: اللّه ربّنا في السّرّ والعلانية. قال: "ليس ذلكم النّفاق".
لم يروه عن ثابتٍ إلّا الحارث بن عبيد فيما نعلمه). [تفسير القرآن العظيم: 8/178-179]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الملك, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir