دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطهارة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 12:47 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صفة الغسل الكامل والمجزئ

و ( الْغُسْلُ الكاملُ ) أن يَنْوِيَ ثم يُسَمِّيَ ويَغْسِلَ يديه ثلاثًا وما لَوَّثَه ، ويَتَوَضَّأَ ويُحْثِيَ على رأسِه ثلاثًا تَرْوِيهِ ويَعُمَّ بدَنَه غُسْلًا ثلاثًا ويَدْلُكُه ويَتَيَامَنُ ويَغسِلُ قَدَمْيِه مكانًا آخَرَ، و ( الْمُجْزِئُ ) أن يَنْوِيَ ويُسَمِّيَ ويَعُمَّ بَدَنَه بالغُسْلِ مَرَّةً، ويَتوضأَ بِمُدٍّ، ويَغتسِلَ بصَاعٍ، فإنْ أَسْبَغَ بأَقَلَّ أو نَوَى بغُسْلِه الْحَدَثَيْنِ أَجْزَأَ ، وَيُسَنُّ لِجُنُبٍ غَسْلُ فَرْجِه، والوُضوءُ، لأَكْلٍ ونَوْمٍ ومُعاودةِ وَطْءٍ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(و) صِفَةُ (الغُسْلِ الكَامِلِ)؛ أي: المُشْتَمِلِ على الواجباتِ والسُّنَنِ .
(أن يَنْوِيَ) رَفْعَ الحَدَثِ أو استِبَاحَةَ الصَّلاةِ أو نَحْوِها.
(ثُمَّ يُسَمِّيَ) وهي هنا كوُضُوءٍ تَجِبُ معَ الذِّكْرِ وتَسْقُطُ معَ السَّهْوِ .
(ويَغْسِلَ يَدَيْهِ ثَلاثاً) كما في الوُضُوءِ، وهو هنا آكَدُ لرَفْعِ الحَدَثِ عَنْهُمَا بذلك.
(و) يَغْسِلَ (مَا لَوَّثَهُ) مِن أَذًى، (ويَتَوَضَّأَ) كَامِلاً (ويَحْثِيَ) المَاءَ .
(على رَأْسِه ثَلاثاً يَرْوِيه)؛ أي: يَرْوِي في كُلِّ مَرَّةٍ أُصُولَ شَعْرِه لحديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ إذا اغتسلَ مِن الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثاً وتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ بيَدَيْهِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أنَّهُ قد رَوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ المَاءَ عليهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِه) مُتَّفَقٌ عليه.
(ويَعُمَّ بَدَنَهُ غَسْلاً) فلا يُجْزِئُ المَسْحُ (ثَلاثاً) حتَّى ما يَظْهَرُ مِن فَرْجِ امرَأَةٍ عِنْدَ قُعُودٍ لحَاجَةٍ وبَاطِنُ شَعْرٍ وتَنْقُضُه لحَيْضٍ .
(ويَدْلُكَهُ)؛ أي: يَدْلُكَ بَدَنَهُ بيَدَيْهِ ليَتَيَقَّنَ وُصُولَ الماءِ إلى مَغَابِنِه وجَمِيعِ بَدَنِه، ويَتَفَقَّدَ أُصُولَ شَعْرِه، وغَضَارِيفَ أُذُنَيْهِ وتَحْتَ حَلْقِه وإِبِطَيْهِ، وعُمْقَ سُرَّتِه، وبَيْنَ إِلْيَتَيْهِ، وطَيَّ رُكْبَتَيْهِ.
(ويَتَيَامَنَ)؛ لأنَّهُ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ كانَ يُعْجِبُه التَّيَامُنُ في طُهُورِه.
(ويَغْسِلَ قَدَمَيْهِ) ثَانِياً (مَكَاناً آخَرَ) ويَكْفِي الظَّنُّ في الإِسْبَاغِ، قالَ بَعْضُهُم: ويُحَرِّكُ خَاتَمَهُ ليَتَيَقَّنَ وُصُولَ الماءِ.
(و) الغُسْلُ (المُجْزِي)؛ أي: الكَافِي (أن يَنْوِيَ) كما تَقَدَّمَ .
(ويُسَمِّيَ) فيَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ، (ويَعُمَّ بَدَنَهُ بالغَسْلِ مَرَّةً)؛ أي: بغَسْلِ ظَاهِرِ جَمِيعِ بَدَنِه وما في حُكْمِه مِن غَيْرِ ضَرَرٍ كالفَمِ والأنفِ والبَشَرَةِ التي تحتَ الشَّعْرِ ولو كَثِيفَةً وبَاطِنِ الشَّعْرِ وظَاهِرِه معَ مُسْتَرْسِلِه وما تَحْتَ حَشَفَةِ أَقْلَفَ إن أَمْكَنَ شَمْرُهَا. ويَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ.
ويُسْتَحَبُّ سِدْرٌ في غُسْلِ كَافِرٍ أَسْلَمَ، وحَائِضٍ، وأَخْذُهَا مِسْكاً تَجْعَلُه في قُطْنَةٍ أو نَحْوِهَا وتَجْعَلُهَا في فَرْجِهَا، فإن لم تَجِدْ فَطِيباً، فإنْ لم تَجِدْ فطِيناً.
(ويُتَوَضَّأُ بمُدٍّ) استِحْبَاباً، والمُدُّ رَطْلٌ وثُلُثٌ عِرَاقِيٌّ، ورَطْلٌ وأُوقِيَّتَانِ وسُبْعَا أُوقِيَّةٍ مِصْرِيٌّ، وثَلاثُ أَوَاقٍ وثَلاثَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ دِمَشْقِيَّةٍ، وأُوقِيَّتَانِ وأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ أُوقِيَّةٍ قُدْسِيَّةٍ.
(ويَغْتَسِلُ بصَاعٍ) وهو أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وإن زادَ جازَ، لكنْ يُكْرَهُ الإسرافُ ولو على نَهَرٍ جَارٍ، ويَحْرُمُ أن يَغْتَسِلَ عُرْيَاناً بينَ النَّاسِ، وكُرِهَ خَالِياً في الماءِ.
(فلو أَسْبَغَ بأَقَلَّ) ممَّا ذُكِرَ في الوُضُوءِ أو الغُسْلِ أَجْزَأَهُ. والإسباغُ: تَعْمِيمُ العُضْوِ بالماءِ بحيثُ يَجْرِي عليه ولا يَكُونُ مَسْحاً، (أو نَوَى بغُسْلِهِ الحَدَثَيْنِ) أو الحدثَ وأَطْلَقَ أو الصَّلاةَ ونَحْوَهَا ممَّا يَحْتَاجُ لوُضُوءٍ وغُسْلٍ، (أَجْزَأَهُ) عَن الحَدَثَيْنِ ولم يَلْزَمْهُ تَرْتِيبٌ ولا مُوَالاةٌ.
(ويُسَنُّ لجُنُبٍ) ولو أُنْثَى وحَائِضٍ ونُفَسَاءَ انقَطَعَ دَمُهَا (غَسْلُ فَرْجِه) لإزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِن الأذَى.
(والوُضُوءُ لأَكْلٍ) وشُرْبٍ لقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ((رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ للجُنُبِ إذا أَرَادَ أنْ يَأْكُلَ أو يَشْرَبَ أنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ)) رواهُ أَحْمَدُ بإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
(ونَوْمٍ) لقَوْلِ عَائِشَةَ، ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ)) مُتَّفَقٌ عليه. ويُكْرَهُ تَرْكُه لنَوْمٍ فَقَطْ.
(و) يُسَنُّ أَيْضاً غَسْلُ فَرْجِه ووُضُوءَهُ .
(لمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ) لحديثِ ((إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءاً)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغَيْرُه وزادَ الحَاكِمُ ((فإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلعَوْدِ)). والغُسْلُ أَفْضَلُ.
وكَرِهَ الإِمَامُ بِنَاءَ الحَمَّامِ وبَيْعَهُ وإِجَارَتَهُ وقالَ: مَن بَنَى حَمَّاماً للنِّسَاءِ لَيْسَ بعَدْلٍ. وللرَّجُلِ دُخُولُه بسُتْرَةٍ معَ أَمْنِ الوُقُوعِ في مُحَرَّمٍ، ويَحْرُمُ على المَرْأَةِ بِلا عُذْرٍ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 11:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


(و) صفة (الغسل الكامل) أي المشتمل على الواجبات والسنن([1]) (أن ينوي) رفع الحدث([2]) أو استباحة الصلاة أو نحوها([3]) (ثم يسمى)([4]) وهي هنا كوضوء، تجب مع الذكر وتسقط مع السهو([5]) (ويغسل يديه ثلاثا) كما في الوضوء([6]) وهو هنا آكد، لرفع الحدث عنهما بذلك([7]).
(و) يغسل (ما لوثه) من أذى([8]) (ويتوضأ) كاملا([9]) (ويحثي) الماء (على رأسه ثلاثا يرويه) أي يروي في كل مرة أصول شعره([10]) لحديث عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثا.
وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعره بيديه، حتى
إذا ظن أنه قـد روى بـشرته أفاض الماء عليه ثلاث مرات. ثم


غسل سائر جسده متفق عليه([11]) (ويعم بدنه غسلا)([12]) فلا يجزئ المسح([13]) ثلاثا([14]) حتى ما يظهر من فرج امرأة عند قعود لحاجة([15]).


وباطن شعر([16]) وتنقضه لحيض ونفاس([17]) (ويدلكه) أي يدلك بدنه بيديه([18]).
ليتيقن وصول الماء إلى مغابنه وجميع بدنه([19]) ويتفقد أصول شعره([20]) وغضاريف أذنيه([21]) وتحت حلقه وإبطيه وعمق سرته([22]) وبين أليتيه وطي ركبتيه([23]) (ويتيامن) لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في طهوره([24]).


(ويغسل قدميه) ثانيا (مكانا آخر)([25]) ويكفي الظن في الإسباغ([26]) قال بعضهم ويحرك خاتمه ليتيقن وصول الماء([27]) (و) الغسل (المجزئ) أي الكافي([28]) (أن ينوي) كما تقدم([29]) (ويسمى) فيقول: بسم الله (ويعم بدنه بالغسل مرة)([30]).


أي يغسل ظاهر جميع بدنه وما في حكمه من غير ضرر كالفم والأنف([31]) والبشرة التي تحت الشعر ولو كثيفة([32]) وباطن الشعر وظاهره مع مسترسلة([33]) وما تحت حشفة أقلف إن أمكن شمرها([34]) ويرتفع حدث قبل زوال حكم خبث([35]) ويستحب سدر في غسل كافر أسلم وحائض([36]).


وأخذها مسكا تجعلها في قطنة ونحوها([37]) وتجعلها في فرجها([38]) فإن لم تجد فطيبا([39]) فإن لم تجد فطينا([40]) (ويتوضأ بمد) استحبابا([41]) والمد رطل وثلث رطل عراقي، ورطل وأوقيتان وسبعا أوقية مصري وثلاث أواق وثلاثة أسباع أوقية دمشقية وأوقيتان وأربعة أسباع أوقية قدسية([42]).


(ويغتسل بصاع)([43]) وهو أربعة أمداد([44]) وإن زاد جاز([45]) لكن يكره الإسراف ولو على نهر جار([46]) ويحرم أن يغتسل عريانا بين الناس([47]).
وكره خاليا في الماء([48]) (فإن أسبغ بأقل) مما ذكر في الوضوء([49]) أو الغسل أجزأه([50]) والإسباغ تعميم العضو بالماء بحيث يجري، عليه ولا يكون مسحا([51]).
(أو نوى بغسله الحدثين) أو الحدث وأطلق([52]) أو الصلاةونحوها مما يحتاج لوضوء وغسل([53]) (أجزأ) عن الحدثين([54]) ولم يلزمه ترتيب ولا موالاة([55]).


(ويسن لجنب) ولو أنثى وحائض ونفساء انقطع دمها (غسل فرجه) لإزالة ما عليه من الأذى([56]) ((والوضوء لأكل) وشرب لقول عائشة رضي الله عنها: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنب إذا أراد أن يأكل وشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة رواه أحمد بإسناد صحيح([57]) (ونوم) لقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة متفق عليه([58]).


ويكره تركه لنوم فقط([59])(و) يسن أيضا غسل فرجه ووضوءه لـ (معاودة وطء)([60]) لحديث «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا» رواه مسلم وغيره([61]) وزاد الحاكم فإنه أنشط للعود([62]) والغسل أفضل([63]).
وكره الإمام أحمد بناء الحمام وبيعه وإجارته([64]) وقال: من بنى حماما للنساء ليس بعدل([65]) وللرجل دخوله بسترة مع أمن الوقوع في محرم([66]).
ويحرم على المرأة بلا عذر([67]).




([1]) واجبا كان أو مستحبا، ولما أنهى الكلام على موجبات الغسل ومستحباته، شرع في بيان صفاته، لأن العلم بالموصوف مقدم على العلم بالصفة.

([2]) الأكبر مثلا، أو غسل الجمعة، فلو وقع في الماء ولم ينو الغسل، أو اغتسل للتبرد لم يكن قربة ولا عبادة، ولم يرتفع حدثه بالاتفاق.

([3]) كمس المصحف في حق من حدثه مستمر كالمستحاضة.

([4]) أي يقول: بسم الله بعد النية.

([5]) ومع الجهل كما مر، والذكر بضم الذال، وذكر اللسان بكسرها.

([6]) لحديث ميمونة، ثم غسل كفيه مرتين أو ثلاثا، ويكون قبل إدخالهما الإناء، ويصب الماء بيمينه على شماله.

([7]) أي غسل اليدين هنا آكد سنية من الوضوء، لرفع الحدث عنهما بذلك، إذا نوى الغسل، لعدم اعتبار الترتيب في الغسل، بخلاف الوضوء ولا يكفي غسل اليدين من نوم الليل عن الجنابة كالعكس على الأصح، لأنهما أمران مختلفان فيعتبر لكل منهما نية، وإن نواهما كفى، هذا المذهب وتقدم الاجتراء بأحدهما عن الآخر في الوضوء فكذا هنا.

([8]) لحديث عائشة فيفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ولا فرق بين أن يكون ما لوثه أي لطخه على فرجه، أو بقية بدنه، وسواء كان نجسا كالمذي، أو طاهرا كالمني، ثم يضرب بيده الأرض أو الحائط، لحديث عائشة متفق عليه.

([9]) وفاقا لقوله صلى الله عليه وسلم ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، قال النووي: وهو أشهر الروايات وأكملها وقدم غسل الأعضاء تشريفا لها، ولتكمل له الطهارتان، وفي حديث ميمونة وغيرها فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه ثلاثا، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه، متفق عليه، وهو مذهب الجمهور والوضوء سنة في الغسل، وليس بواجب ولا شرط، ونقل ابن جرير وغيره الإجماع عليه، لأن الله أمر بالغسل، ولم يذكر الوضوء، وللأحاديث الدالة عليه، كقوله فأفرغ عليك، وقوله فأمسه جلدك.

([10]) وفاقا، لتظاهر الأخبار بذلك، وحثيت وحثوث لغتان، والحثية الحفنة.

([11]) وفي لفظ: يدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حثيات، ولقول ميمونة: ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات وروى الجماعة إلا البخاري عن أم سلمة إنما كان يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات وعلم منه أنه لا ينقضه لجنابة، قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب.

([12]) غسل الشيء يغسله غسلا طهره بالماء، وأزال الوسخ ونحوه عنه بإجراء الماء عليه، وحقيقة الغسل إفاضة الماء على الأعضاء، لحديث ثم أفاض الماء على سائر جسده، وإفاضة الماء على جميع البدن وبشرته واجب بلا خلاف، وسواء كان الشعر الذي على البشرة خفيفا أو كثيفا.

([13]) أي فلا يجزئه المسح بالماء أو الثلج، ولو ابتل به العضو، إلا أن يذوب ويجري على العضو.

([14]) أي يعم بدنه غسلا ثلاثا، قياسا على الوضوء، هذا الصحيح من المذهب وعنه: مرة وفاقا لمالك، وهو ظاهر الخرقي والعمدة، واختاره الشيخ: وقال البخاري: باب الغسل مرة مرة، وفيه: ثم أفاض على جسده، وذكر إفاضة الماء على رأسه ثلاثا، ثم غسل سائر جسده، قال الحافظ: ولم يقيده بعدد، فيحمل على أقل ما يسمى، وهو المرة الواحدة، ولم ينقل أنه غسل جسده ثلاثا، قال الزركشي: وهو ظاهر الأحاديث، وكل من نقل غسل النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أنه غسل بدنه ثلاثا، ولا يصح قياسه على الوضوء، والسنة قد فرقت بينهما.

([15]) أي عند قعودها على رجليها، لقضاء حاجة بول أو غائط، لا داخل فرجها، قال في الاختيارات، ولا يجب غسل باطن الفرج من حيض أو جنابة، وهو أصح القولين في مذهب أحمد.

([16]) سواء كان خفيفا أو كثيفا من ذكر وأنثى لأنه جزء من البدن فوجب غسله لقوله صلى الله عليه وسلم:«من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا» رواه أحمد وأبو داود.
وقال الحافظ: إسناده صحيح، ولقوله تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر، رواه أبو داود والترمذي، ولا خلاف في مشروعية تخليل الشعر بالماء في الغسل، ويجب إيصال الماء إلى جميعه وجميع البشرة إجماعا.

([17]) أي تنقض الحائض والنفساء شعرها وجوبا لحيض ونفاس، واستحبه بعض الأصحاب وفاقا، جمعا بين الأخبار، وصححه الشارح وغيره، وقيده ابن الزاغوني بما إذا طال وتلبد، لا لجنابة.
قال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافا، لمشقة تكرره، وتقدم حديث أم سلمة، وإن لم يصل الماء إلى البشرة إلا بنقضه وجب نقضه، ويجوز للمرأة ضفر شعرها، وإن كانت جنبا لأنه لا يلزم نقضه لغسل الجنابة، لكن لا بد أن تروي أصوله، سواء ضفر قبل لزوم الغسل، أو بعده ويأتي في باب الحيض قول الشيخ: لا حاجة للاستثناء وعنه: لا تنقضه لحيض وفاقا، واختاره الموفق والمجد والشيخ وغيرهم، لحديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية: والحيضة؟ فقال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، رواه مسلم وهو صريح في نفي الوجوب، ومذهب الجمهور: إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهره وباطنه من غير نقض لم يجب، وإلا وجب وما سواه على الندب، وإذا كان على بعض أعضائه أو شعره حناء أو عجين أو طين أو شمع ونحوه، ومنع وصول الماء إلى البشرة، أو إلى نفس الشعر لم يصح غسله.

([18]) ندبا بلا نزاع، ليصل الماء إليه، وليس بواجب لقوله ثم تفيضين
عليك الماء فتطهرين رواه مسلم والإفاضة الإسالة، والغسل كذلك والإفاضة لا دلك فيها فكذا الغسل، ولأن الدلك أنقى لما في قوله: ]فَاطَّهَّرُوا[ من المبالغة والدلك الفرك والدعك ومقارنة الدلك لصب الماء أكمل، والمراد ما لا ينبو عنه الماء، وهو قول العلماء كافة، إلا مالكا والمزني فشرط عندهما وأما دلك ما ينبو عنه الماء فواجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

([19]) إجماعا والمغابن كالإبط والرفغ، من غبن الشيء إذا خبأه، ولأبي داود وغايره ثم غسل مرافغه بالغين أي مغابن البدن يعني مطاويه ولا تجب الإعانة يما عجز عنه، صوبه ابن رشد.

([20]) لقوله عليه الصلاة والسلام تحت كل شعرة جنابة وقوله من ترك موضع شعرة فعل الله به وتقدم.

([21]) أي مغابنها، وهي دواخل قوف الأذن.

([22]) أي ويتفقد ما تحت حلقه وإبطيه وعمق سرته، وهو ما غار منها من المغابن، ويدلكه ليتيقن وصول الماء إليه، والعمق البعد إلى أسفل.

([23]) أي ويتفقد ما بين أليتيه، بفتح الهمزة وما بين طي ركبتيه، ليتيقن وصول الماء إليه، قال في الصحاح، إذا ثنيت قلت أليان، فلا تلحق التاء، وهو مما ورد على خلاف القياس.

([24]) متفق عليه من حديث عائشة ولغير ذلك من الأحاديث، وهو سنة بلا نزاع.

([25]) لحديث ميمونة، توضأ ثم أفاض الماء عليه، ثم تنحى فغسل قدميه ولهما نحوه من حديث عائشة، وهو أكمل وفي رواية: غير قدميه، ثم أفاض الماء عليه، ثم تنحى فغسل قدميه، وعن عائشة بمعناه، قال الحافظ: وهو مذهب الجمهور، وقيل: لا يعيد غسلهما إلا لطين ونحوه، وهو مذهب مالك والشافعي وتكره إعادة الوضوء بعد الغسل، لحديث عائشة كان لا يتوضأ بعد الغسل، صححه الترمذي ولا يستحب وضوءان لغسل واحد اتفاقا.

([26]) على الصحيح من المذهب، لحديث عائشة حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته والإسباغ الإبلاغ، وتقدم ويأتي أيضا.

([27]) يعني إلى ما تحته، ويروى فيه حديث أنه صلى الله عليه وسلم إذا توضأ حرك خاتمه، لكن قال ابن القيم وغيره: إنه ضعيف، فإن علم عدم وصول الماء إلى ما تحته وجب، ليصل الماء إليه.

([28]) يعني المشتمل على الواجبات فقط، الحاصل به الاستغناء في الغسل.

([29]) أي في صفة الغسل الكامل، وفي المقنع، يغسل ما به من أذى وينوي، وعند أبي الخطاب وغيره، يغسل فرجه ثم ينوي، وظاهر الخرقي أنه لا بد من تقدم الاستنجاء على الغسل كالوضوء، وفي المبدع: ظاهر المذهب أنه لا يشترط في المجزئ.

([30]) بلا نزاع قال ابن عبد البر: إذا عم بدنه فقد أدى ما عليه، وهذا إجماع إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبله.

([31]) لا العينين فلا يجب ولا يسن.

([32]) لعموم النصوص، وقال في الإنصاف، وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

([33]) من ذكر وأنثى لقوله تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر، رواه أبو داود وغيره، وفي المغني وغيره، عند الأصحاب وغيرهم عدم وجوب غسل الشعر المسترسل، ولمسلم واغمزي قرونك قال الشيخ: فيه دليل على وجوب بل داخل الشعر المسترسل.

([34]) بأن كان مفتوقا لأنها في حكم الظاهر وإلا فلا.

([35]) أي يرتفع حدث أكبر وأصغر، من جنابة وحيض ونحوهما، قبل زوال الحكم بطهارة نجاسة على البدن، لا تمنع وصول الماء، وإلا وجبت إزالتها، ويبقى حكمها إلى أن تغسل وهذا بناء على أن الماء في محل التطهير لا يؤثر تغيره بالنجس أو الطاهر وقدم المجد وابن عبيدان ومجمع البحرين والحاوي وغيرهم وصححوه أن الحدث لا يرتفع إلا مع آخر غسلة طهر عندها، قال الزركشي: وهو المنصوص عن أحمد، وتقدم أن المتغير في محل التطهير مخفف لها.

([36]) لأمره صلى الله عليه وسلم قيس بن عاصم أن يغتسل بماء وسدر، ويستحب في غسل حائض، لأمره عائشة وأسماء بذلك، رواه مسلم.

([37]) كخرقة مما يمسكه.

([38]) بعد غسلها، لأمره أسماء أن تأخذ فرصة ممسكة، فتطهر بها، رواه مسلم، مع تفسير عائشة له بذلك في الخبر المتفق عليه، تطييبا للمحل، وهو متفق على استحبابه.

([39]) أي فإن لم تجد مسكا فتجعل طيبا غير المسك إن لم تكن محرمة، لقيامة مقام المسك في ذلك.

([40]) أي فإن لم تجد طيبا فتجعل طينا، ليقطع الرائحة، فإن تعذر فالماء الطهور كاف، لدفع الكراهة، ولحصول الطهارة به، لا عن السنة، أما المحرمة فيحرم عليها استعمال المسك والطيب وتستعمل شيئا من قسط أو أظفار، وكذا المحدة: ووضع الطيب في ذلك، قيل المقصود أن تزول به رائحة الدم، فيكمل استمتاع الزوج وقيل: لأنه يسرع إلى علوق الولد، ومن قال بالأول قال: إن أعوزها تستعمل ما كان خلاف منه في طيب الرائحة، ومن قال بالثاني قال: تستعمل ما قام مقامه في إسراع العلوق من القسط والأظفار، وفي وقت استعماله على الأول بعد الغسل، وعلى الثاني قبله.

([41]) لما في الصحيحين عن أنس كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع.

([42]) ومائة وأحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم، ومائة وعشرون مثقالا.

([43]) لحديث أنس ويغتسل بالصاع، قال الشيخ: مقدار طهور النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل ما بين ثمانية أرطال عراقية إلى خمسة وثلث، والوضوء ربع ذلك.

([44]) فتكون زنته ستمائة وثمانين وخمسة أسباع درهم، وبالمثاقيل أربعمائة وثمانين مثقالا وبالأرطال خمسة أرطال وثلثا رطل عراقية، قال الشيخ: والجمهور على أن الصاع والمد في الطعام والماء واحد، وهو أظهر ولما سأل جابر عن الغسل قال: يكفيك صاع، فقال رجل: ما يكفيني فقال جابر: قد كفى من هو خير منك وأوفي شعرا، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.

([45]) أي وإن زاد على المد في الوضوء والصاع في الغسل جاز، ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد الإسراف، والأحاديث ترشد إلى تقليل ماء الوضوء، والاكتفاء باليسير منه.

([46]) لأنه صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف؟ فقال أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم ولو كنت على نهر جار رواه أحمد وابن ماجه، وفيه لين، وله شواهد، والإسراف هو الزيادة الكثيرة، والسرف ضد القصد وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون في أمته من يتعدى في الطهور.
وقال: إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان، فاتقوا وسواس الماء ولأن الزيادة تبذير وقال تعالى: ]إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ[ فظهر أن للشيطان دخلا في التبذير.
وقيل: يحرم الإسراف، وأجمعوا على النهي عنه في ماء الوضوء والغسل، ولو على شاطئ النهر.

([47]) لحديث أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر
فقال إن الله حيي يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر، رواه أبو داود والنسائي، ورجاله رجال الصحيح، وعن ابن عباس نحوه، ولقوله: فإن الله أحق أن يستحيي منه.

([48]) أي وكره اغتساله عريانا في الماء خاليا عن الناس، جزم به الشيخ، وقال: أكثر نصوص أحمد تدل عليه، ولقول الحسن والحسين، إن للماء سكانا ونقل القاضي عياض وغيره جواز الاغتسال عريانا في الخلوة عن جماهير العلماء، ولقصة اغتسال موسى عريانا، وأيوب كذلك متفق عليها قال في المبدع: واختاره جماعة وفاقا، وقال الشيخ: يجوز كشف عورته للاغتسال إن كان في خلوة، ولا يدع أحدا يراها ولا يمسها، قيما كان أو غيرها، وإن ستره إنسان بثوب فلا بأس فقد ستر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب، متفق عليه.

([49]) بأن أسبغ بأقل من المد أجزأ لحديث عمارة أنه توضأ في إناء قدر ثلثي المد رواه أبو داود والنسائي وله أيضا بنحو ثلثي المد وصححه أبو زرعة.

([50]) أي وأسبغ بأقل من الصاع في الغسل أجزأه، صوبه في الإنصاف وغيره، لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة من تور مثل الصاع أو دونه، رواه النسائي ورجاله ثقات، ولفظ مسلم من إناء واحد ثلاثة أمداد أو قريب منها، قال الموفق وغيره: هو مذهب أكثر أهل العلم، ولأنه أمر بالغسل وقد أتى به، والقدر المجزئ من الماء ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء أو الغسل سواء كان مدا في الوضوء وصاعا في الغسل، أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد السرف، والنقصان إلى حد لا يحصل به الواجب.

([51]) وإيصال الماء إلى العضو واجب اتفاقا، فإن كان مسحا بأن أرسل الماء
من يديه ثم مر بهما على وجهه أو غيره من الأعضاء لم يجزئه، حكاه ابن رشد اتفاقا لأنه مسح وليس بغسل، أو أمر الثلج عليه لم تحصل الطهارة به، وإن ابتل به العضو لا إن ذاب وجري على العضو، قال ابن رشد: أجمعوا على أن الجنب إذا انغمس في النهر وتدلك فيه للغسل أن ذلك يجزئه وإن كان لم ينقل الماء بيديه إليه، ولا صبه عليه وكذلك الوضوء، ولا يلزم نقل الماء إلى العضو.

([52]) أي فلم يقيده بالأكبر ولا بالأصغر، أو نوت غسل جنابة أو حيض حصلا بلا خلاف، وإن نوى أحدهما لم يرتفع غير المنوي لحديث إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، وقال الشيخ: إذا نوى الأكبر ارتفع الأصغر، وقال فائدة ذلك تظهر فيما إذا عاد فإنا نوجب عليه الوضوء والغسل فإن نواهما بالغسل أجزأه ولو لم ينتقض لم يجب عليه إلا الغسل، ولا يسن تجديد الغسل، بخلاف الوضوء فيسن وتقدم.

([53]) كطواف ومس مصحف.

([54]) لقوله: ]فَاطَّهَّرُوا[ وقوله: ]حَتَّى تَغْتَسِلُوا[ فأمر الجنب بالتطهير، ولم يأمره معه بوضوء، وقال عليه الصلاة والسلام: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا، رواه مسلم وظاهره الاجتراء بغير وضوء لشمول الحدث لهما، ولأنهما عبادة فتداخلتا في الفعل، كالعمرة تدخل في الحج، فإذا لم يتوضأ وعم جميع بدنه فقال ابن عبد البر وغيره: قد أدى ما عليه لقوله: ]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا[ وهو إجماع لا خلاف فيه اهـ فإن نواهما ثم أحدث أتم غسله ثم توضأ.

([55]) لدخول الوضوء في الغسل، فيصير الحكم للغسل، فلو اغتسل وترك أعضاء وضوئه ثم أراد غسلها من الحدث لم يجب الترتيب فيها، ولا الموالاة، في قول أكثر أهل العلم، حكاه الموفق وغيره.

([56]) إذا أراد النوم أو الأكل أو الشرب أو الوطء ثانيا، لحديث عائشة وغيره، وتخفيفا لما أصابه، وأما الحائض والنفساء قبل انقطاع الدم فإن حدثهما دائم.

([57]) ولفظ أحمد: إذا كان جنبا فأراد أن يأكل وينام توضأ، رواه مسلم ولأحمد وأبي داود والترمذي وصححه من حديث عمار: رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة، فالوضوء عند إرادة الأكل والشرب والنوم ثابت من حديث عائشة وغيرها.

([58]) ولهما من حديث عمر: أيرقد أحدنا هو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ فليرقد، ولمسلم من أراد أن ينام وهو جنب فليتوضأ وضوءه للصلاةوغير ذلك من الأحاديث الكثيرة المتواترة الدالة على تأكد سنيته عند النوم، قال الشيخ: ويستحب الوضوء عند النوم لكل أحد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم قل اللهم إني سلمت نفسي إليك، الحديث، وظاهر كلامهم إعادته إذا أحدث، لمبيته على الطهارة، وهو ظاهر كلام الشيخ، وقال النووي وغيره: يستحب الدوام على الطهارة.

([59]) أي يكره ترك الجنب ونحوه الوضوء لنوم فحسب، لا أكل وشرب وذكر للأخبار، وفي كلام أحمد ما ظاهره وجوبه، ووجه كراهته، أن تقبض روحه وهو نائم، فلا تشهد الملائكة جنازته، وأن الأرواح تسجد تحت العرش، إذا نام على طهارة فالكبرى أولى، وهو أيضا من الثلاثة الذين لا تقربهم الملائكة وعد الجنب إلا أن يتوضأ.
قال ابن القيم: هي والله أعلم العلة التي أمر الجنب أن يتوضأ إذا أراد النوم اهـ وأمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء يدل على أنه يرفع الجنابة الغليظة، وقال الزرقاني: ذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى الجواز بلا كراهة وعليه فقهاء الأمصار.

([60]) الوطء مهموز تقول وطئت الشيء برجلي، ووطئ الرجل امرأته يطأها جامعها وتفتح الطاء.

([61]) فرواه أحمد وأهل السنن وفي بعض ألفاظ الحديث ثم أراد أن يعود أي إلى إتيانها والأمر هنا يقتضي الندب.

([62]) وزاده ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما والعود بفتح العين أي إلى إتيانها أيضا، يقال: عاد إلى الشيء وعادله وعاد فيه صار إليه، ورجع وقد عاد له بعدما كان أعرض عنه، وقيل: العودة تثنية الأمر عودا بعد بدء، يقال بدأ ثم عاد، وللبيهقي وابن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة.

([63]) أي من الوضوء لكل ما تقدم لأنه أزكى وأطهر وروى أحمد وأبو داود من حديث رافع أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه فاغتسل عند كل امرأة غسلا، وقال هذا أزكى وأطيب وأطهر ولأنه يخلف عليه ما تحلل بخروج المني، ويحدث له نشاطاوقوة وخفة، والحكمة في الغسل من المني دون البول أن المني يخرج من جميع البدن، والبول فضلة الطعام والشراب، والغسل من المني دونه من أعظم محاسن الشريعة ما اشتملت عليه من الحكم والمصالح، فإن تأثر البدن بخروجه أعظم من تأثره بخروج البول، والاغتسال منه من أنفع شيء للبدن والقلب والروح، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن تقوي بالاغتسال، وكونه يخلف على البدن ما تحلل منه بخروج المني أمر يعرف بالحسن، وصرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته، وأنه من أنفع شيء له وأن تركه مضر، واستحباب مبادرة الجنب بالغسل من أول الليل مجمع عليه وجواز النوم والأكل والشرب للجنب والعودة إلى الجماع قبل الاغتسال مجمع عليه أيضا، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في آخره، ولمسلم وغيره يجنب ثم ينام.

([64])لما يقع فيه من كشف عورة وغيره، مشتق من الحميم أي الماء الحار مشدد، واحد الحمامات المبنية وأول من اتخذه سليمان عليه السلام.

([65]) وفي رواية ابن الحكم: لا تجوز شهادة من بناه للنساء، وحرمه القاضي وغيره، وحمله الشيخ على غير البلاد الباردة، وقال: قد يقال بناء الحمام واجب حيث يحتج إليه لأداء الواجب العام، وأما إذا اشتمل على محظور مع إمكان الاستغناء فهذا محل نص أحمد، وقد يقال عنه، إنما يكره بناؤها ابتداء وكلامه إنما هو في البناء لا في الإبقاء.

([66]) بأن يسلم من النظر إلى عورات الناس ومسها، ونظرهم إلى عورته
ومسه فإن لم يأمن كره، وإن علم الوقوع في المحرم حرم، لحديث أبي هريرة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر، فلا تدخل الحمام رواه أحمد، وقال المنذري: أحاديث الحمام معلولة، وإنما يصح منها عن الصحابة، ودخل ابن عباس حماما كان بالجحفة.

([67]) الحديث ابن عمر إنها ستفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجل إلا بإزار، وامنعوا النساء إلا مريضة أو نفساء، رواه أبو داود وابن ماجه، وللنسائي من حديث جابر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام إلا من عذر، قال الشيخ: ولم يذكر هذا الاستثناء الترمذي ولا غيره، وقيل إنه غلط، وأصح ما في الباب حديث عائشة ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله من حجاب، رواه أبو داود والترمذي، وقيل يجوز لضرر يلحقها بتركه، لنظافة بدنها اختاره الشيخ، وقال: الأفضل تجنبها بكل حال مع الاستغناء عنها، لأنها مما أحدث الناس من رقيق العيش، وينبغي لمن دخله غسل قدميه وإبطيه بماء بارد عند دخوله، وأن يلزم الحائط ويقصد موضعا خاليا، ولا يدخل بيتا حارا حتى يعرق في البيت الذي قبله، ويقلل الالتفات، ولا يطيل المقام إلا بقدر الحاجة، ويغسل قدميه عند خروجه بماء بارد.


  #5  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:31 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

والغُسْلُ الكاملُ: أَنْ يَنْوي.........
قوله: «والغُسْلُ الكاملُ...» ،
الغُسْل له صفتان:

الأولى: صفة إجزاء.
الثانية: صفة كمال.
كما أنَّ للوُضُوء صفتين، صفة إجزاء، وصفة كمال، وكذلك الصَّلاةُ والحجُّ.
والضَّابط: أن ما اشتَمَل على الواجب فقط فهو صفة إِجزاء، وما اشتمل على الواجب والمسْنُون، فهو صفة كمال.
قوله: «أن ينويَ» ، «أن» وما دخلتْ عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ.
والنِّيَّة لغةً: القصد.

وفي الاصطلاح: عَزْمُ القلب على فعل الشَّيء عَزْماً جازماً، سواء كان عبادة، أم معاملة، أم عادة.
ومحلُّها القلب، ولا تعلُّق لها باللِّسان، ولا يُشْرَع له أن يتكلَّم بما نَوَى عند فِعْلِ العبادة.
فإن قيل: لماذا لا يُقال: يُشْرَع أن يتكلَّم بما نَوَى لِيُوافق القلبُ اللسانَ، وذلك عند فِعْلِ العبادة؟
فالجواب: أنه خِلاف السُّنَّةِ.
فإن قيل: إنه صلّى الله عليه وسلّم لم يَنْهَ عنه؟
فالجواب:
1- أنَّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»[(657)].
2- أنَّ كلَّ شيء وُجِدَ سببُه في عهد النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يفعله، كان ذلك دليلاً على أنه ليس بِسُنَّةٍ، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم كان ينوي العبادات عند إرادة فِعْل العبادة، ولم يكن يتكلَّم بما نَوى، فيكون تَرْكُ الشَّيء عند وجود سببه هو السُّنَّة، وفِعْلُه خِلاف السُّنَّة.
ولهذا لا يُسَنُّ النُّطْق بها لا سِرًّا ولا جهراً؛ خلافاً لقول بعض العلماء: إِنه يُسَنُّ النُّطْق بها سِرًّا[(658)].
ولقول بعضهم: إِنه يُسَنُّ النُّطْق بها جهراً (658) ، وكِلا القولين لا أصْلَ له، والدَّليل على خِلافه.
والنَّيةُ شَرْط في صِحَّة جميع العبادات لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات، وإِنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»[(659)].
والنِّيَّة نيَّتان:
الأولى: نِيَّة العمل، ويتكلَّم عليها الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أنها هي المصحِّحة للعمل.
الثانية: نِيَّة المعمول له، وهذه يتكلَّم عليها أهل التَّوحيد، وأرباب السُّلوك لأنها تتعلَّق بالإخلاص.
مثاله: عند إرادة الإِنسان الغسل ينوي الغُسْل، فهذه نيَّة العمل.
لكن إِذا نَوى الغُسْل تقرُّباً إلى الله تعالى، وطاعة له، فهذه نيَّة المعمول له، أي: قصَد وجهه سبحانه وتعالى، وهذه الأخيرة هي التي نغفل عنها كثيراً فلا نستحضر نيَّة التقرب، فالغالب أنَّنا نفعل العبادة على أننا ملزَمون بها، فننويها لتصحيح العمل، وهذا نَقْصٌ، ولهذا يقول الله تعالى عند ذِكْرِ العمل: {{ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ}} [الرعد: 22] و{{إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى *}} [الليل]، {{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ}} [الرعد: 22] ، و{{يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}} [الحشر: 8] .

ثُمَّ يُسَمِّيَ، ويَغْسِلَ يَديه ثلاثاً، ..........

قوله: «ثُمَّ يُسَمِّيَ» ، أي: بعد النِّيَّة، والتسميَة على المذهب واجبة كالوُضُوء وليس فيها نَصٌّ، ولكنَّهم قالوا: وَجَبَتْ في الوُضُوء فالغُسْلُ من باب أولى، لأنَّه طهارة أكبر.
والصَّحيح كما سبق[(660)] أنها ليست بواجبة لا في الوُضُوء، ولا في الغُسْل.
قوله: «ويغسل يديه ثلاثاً» ، هذا سُنَّة، واليدان: الكفَّان، لأنَّ اليَدَ إِذا أُطْلقتْ فهي الكَفُّ، والدَّليل قوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}} [المائدة: 38] ، والذي يُقْطَع هو الكَفُّ فقط.
ولما أراد ما فوق الكفِّ قال تعالى: {{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}} [المائدة: 6] .

وما لَوَّثَه، ويَتَوَضَّأ، ويَحْثِيَ على رأسِهِ ثلاثاً تُروِّيه، ......
قوله: «وما لَوَّثَه» ، أي: يغسل ما لَوَّثَه من أَثَرِ الجنابة، وفي حديث ميمونة رضي الله عنها أنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم عند غَسْلِهِ ما لوَّثه ضَرَبَ بيَده الأرض، أو الحائط مرَّتين، أو ثلاثاً[(661)].
والذي يَظْهَر لي من حديث ميمونة أن الماء كان قليلاً.
ولذلك احتاج صلّى الله عليه وسلّم أن يضربَ الحائط بيده مرَّتين، أو ثلاثاً، ليكون أسرع في إزالة ما لوَّثه، وَغَسَلَ رجليه في مكان آخر.

قوله: «ويتوضَّأ» ، أي: يتوضَّأ وُضُوءه للصَّلاة.
وكلام المؤلِّف يدلُّ على أنَّه يتوضَّأ وضُوءاً كاملاً، وهو كذلك في حديث عائشة[(662)] رضي الله عنها.
قوله: «ويحثي على رأسه ثلاثاً» ، ظاهره أنه يحثي الماء على جميع الرَّأس ثلاثاً.
قوله: «تُروِّيه» ، أي: تصل إِلى أُصُوله بحيث لا يكون الماء قليلاً.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «ثم يخلِّل بيده شَعْره حتى إذا ظَنَّ أنه قد أروى بَشَرَتَهُ أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسَل سائر جَسَده»[(663)]. وظاهره أن يصب عليه الماء أولاً ويخلِّله، ثم يفيض عليه بَعْدَ ذلك ثلاث مرات.
وقال بعض العلماء: إِن قولها: «ثلاث مرَّات» لا يَعُمُّ جميع الرَّأس، بل مَرَّة للجَّانب الأيمن، ومرَّة للأيسر، ومرَّة للوَسَطِ[(664)]، كما يدلُّ على ذلك صنيعه حينما أتى بشيء نحو الحِلاَب[(665)] فأخذ منه فغسل به جانب الرَّأس الأيمن، ثم الأيسر، ثم وسط الرَّأس[(666)].

ويَعُمَّ بدنَه غُسْلاً ثلاثاً،........
قوله: «ويَعُمَّ بدنَه غسلاً» ، بدليل حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما: «ثم أفاض الماء على سائر جسده»[(667)].
قوله: «ثلاثاً» ، وهذا بالقياس على الوُضُوء لأنه يُشْرَع فيه التَّثليث، وهذا هو المشهور من المذْهَب.
واختار شيخ الإِسلام وجماعة من العلماء، أنه لا تثليث في غَسْلِ البَدَنِ[(668)] لعدم صحَّته عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فلا يُشْرَع.

وَيَدْلُكَهُ، ويَتَيَامن، ويغسل قَدَمَيْه مَكَاناً آخَر. والمجزئُ:.......
قوله: «ويَدْلُكَه» ، أي: يمرُّ يده عليه، وشُرع الدَّلك ليتيقَّن وصول الماء إلى جميع البَدَنِ، لأنَّه لو صَبَّ بلا دَلْكٍ ربَّما يتفرَّق في البدن من أجل ما فيه من الدُّهون، فَسُنَّ الدَّلك.
قوله: «ويَتَيَامن» ، أي: يبدأ بالجانب الأيمن لحديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يُعْجِبُه التَّيمُّن في ترجُّله وتنعُّله، وطُهُوره، وفي شأنه كلِّه»[(669)].
قوله: «ويغسل قَدَميْه مكاناً آخر» ، أي: عندما ينتهي من الغسْل يغسل قَدَميْه في مكان آخر غير المكان الأول.
وظاهر كلام المؤلِّف أنه سُنَّة مطْلَقاً، ولو كان المحلُّ نظيفاً كما في حمَّاماتنا الآن.
والظَّاهر لي أنه يَغْسل قَدَمَيْه في مكان آخر عند الحاجة كما لو كانت الأرض طِيناً، لأنَّه لو لم يغسلهما لتلوَّثت رِجْلاه بالطِّين.
ويدلُّ لهذا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ في حديث عائشة بعد الغُسْلِ[(670)]. ورواية: «أنه غسل رجليه»[(671)] ضعيفة.
والصَّواب: أنه غَسَلَ رِجْلَيْه في حديث ميمونة فقط.

قوله: «والمجزئ» ، أي: الذي تبرأُ به الذِّمَّة.
والإِجزاء: سُقوط الطَّلب بالفِعل، فإذا قيل: أَجْزأتْ صلاته، أي: سقطتْ مطالبته بها لِفِعْله إِيّاها، وكذلك يقال في بقيَّة العبادات.
فلو أنَّ أحداً صلَّى وهو مُحدِث ناسياً، ثم ذَكَرَ بعد الصَّلاة، فإِنَّ صلاته لا تجزِئه لأنه مطالب بها، وفِعْله لم يسقط به الطَّلب.

أن يَنْوِيَ، ويُسَمِّيَ، ويَعُمَّ بَدَنَهُ بالغُسْلِ مَرَّةً ...........

قوله: «أن ينويَ ويُسمِّيَ» ، سبق الكلام على النِّيَّة[(672)] والتَّسمية[(673)].
قوله: «ويعمَّ بدنه بالغُسْل مرَّةً» ، لم يذكر المضمضة والاستنشاق، لأن في وُجوبهما في الغسل خِلافاً، فَمِنْ أهل العِلْم من قال: لا يَصحُّ الغُسْل إِلا بهما كالوُضُوء[(674)].
وقيل: يصحُّ بدونهما[(675)].
والصَّواب: القول الأوّل؛ لقوله تعالى: {{فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] وهذا يَشْمُل البَدَنَ كُلَّه، وداخل الأنْفِ والفَمِ من البَدَنِ الذي يجب تطهيره، ولهذا أَمَرَ النبي صلّى الله عليه وسلّم بهما في الوُضُوء لِدُخولهما تحت قوله تعالى: {{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة: 6] ، فإذا كانا داخلَين في غَسْل الوَجْه، وهو ممَّا يجب تطهيره في الوُضُوء، كانا داخلَين فيه في الغُسْل لأن الطَّهارة فيه أَوْكَدُ.
وقوله: «ويَعُمَّ بَدَنَهُ». يشمل حتى ما تحت الشَّعر الكثيف، فيجب غَسْل ما تحته بخِلافِ الوُضُوء، فلا يجب غَسْل ما تحته.
والشَّعر الكثيف: هو الذي لا تُرى مِنْ ورائه البَشَرة.
قال أهلُ العِلْمِ:
والشَّعر بالنسبة لتطهيره وما تحته ينقسم إلى ثلاثة أقسام[(676)]:

الأول: ما يجب تطهير ظاهره وباطنه بكلِّ حال، وهذا في الغُسْل الواجب.
الثاني: ما يجب تطهير ظاهره وباطنه إِنْ كان خفيفاً، وتطهير ظاهره إِن كان كثيفاً، وهذا في الوُضُوء.
الثالث: ما لا يجب تطهير باطنه سواء كان كثيفاً، أم خفيفاً، وهذا في التَّيَمُّم.
والدَّليل على أنَّ هذا الغُسْل مجزئ: قوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] ، ولم يَذْكُر الله شيئاً سوى ذلك، ومن عَمَّ بَدَنَه بالغُسْل مَرَّة واحدة صَدَقَ عليه أنَّه قد اطَّهَّرَ.
فإن قيل: هذه الآية مُجْملة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم فَصَّلَ هذا الإِجمال بفِعْله فيكون واجباً على الكيفيَّة التي كان يفعلها، كما أنَّ الله لمَّا قال: {{وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ}} [المزمل: 20] ، فَسَّر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الإِقامة بفِعْلِه، فصار واجباً علينا إقامة الصَّلاة كما فعلها الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم.
فالجواب في وجهين:
الأول: أنَّه لو كان الله يريد منَّا أن نغتسل على وَجْه التَّفصيل لَبيَّنه كما بَيَّن الوُضُوء على وَجْهِ التَّفصيل، فلما أَجْمَلَ الغُسْل وفصَّل في الوُضُوء عُلِمَ أنَّه ليس بواجب علينا أن نغتسل على صفة معيَّنة.
الثاني: حديث عِمران بن حصين رضي الله عنه الطويل، وفيه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال للرَّجُل الذي كان جُنباً ولم يُصلِّ: «خُذْ هذا وأَفرِغْه عليك»[(677)]، ولم يُبيِّن له النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم كيف يُفرغه على نفْسِه، ولو كان الغُسْل واجباً كما اغتسل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لبَيَّنه له؛ لأنَّ تأخير البَيَان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز.
فإن قيل: لعلَّ هذا الرَّجُل يعرف كيفيَّة الغُسل.
أُجيب بجوابَين:
الأول: أنَّ الأصْلَ عدم معرفته.
الثاني: أنَّ ظاهر حاله أنه جاهلٌ، بدليلِ أنَّه لم يَعْلَمْ أنَّ التَّيمُّم يُجزئ عن الغُسل عند عدم الماء.
والحاصل:
أن الغُسْلَ المجزئ أن ينويَ، ثم يسمِّيَ، ثم يعمَّ بدَنَه بالغُسل مرَّة واحدة مع المضمضة والاستنشاق[(678)].

ولو أن رَجُلاً عليه جنابة، فنوى الغُسْل، ثم انغمس في بِرْكة ـ مثلاً ـ ثم خرج، فهذا الغُسْل مجزئ بِشَرط أنْ يتمضمض ويستنشق.
ولو أنَّه أراد الوُضُوء بعد أن انغمس فلا يجزئ إِلا إِن خَرَج مرتِّباً، لأن التَّرتيب فرْضٌ على المذهب[(679)].
وظاهرُ كلام المؤلِّف رحمه الله أنَّ الموالاة ليست شرطاً في الغُسل، فلو غسل بعض بدنه ثم أتمَّهُ بعد زمن طويل عُرفاً صَحَّ غُسله، وهذا هو المذهب.
وقيل:
إِن الموالاة شرطٌ، وهو رواية عن الإِمام أحمد، وقيل: وجه للأصحاب[(680)].

وهذا ـ أعني كون الموالاة شرطاً ـ أصَحُّ، لأن الغُسل عبادة واحدة، فلزم أن ينبني بعضُه على بعض بالموالاة، لكن لو فرَّقه لعُذْرٍ، لانقضاء الماء في أثناء الغسل مثلاً؛ ثم حصَّله بعد ذلك لم تلزمه إِعادة ما غسَّله أولاً؛ بل يُكمل الباقي.

وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ ،..........

قوله: «ويتوضَّأُ بمُدٍّ ويَغْتَسِلُ بِصَاعٍ» ، يتوضَّأُ: بالرَّفع؛ لأنَّها جملة استئنافية، وليست معطوفة على قوله: «أن ينوي»، لأنها لو كانت معطوفة على قوله: «أن ينوي» لصار المعنى: والمجزئ أن ينوي، وأن يتوضَّأ بمُدٍّ، وليس كذلك، بل المعنى يُسَنُّ أنْ يكون الوُضُوء بِمُدٍّ، والغُسْلُ بصَاعٍ.
والمُدُّ: رُبْعُ الصَّاع[(681)].
والصَّاع النبويُّ:
أقلُّ من الصَّاع العُرْفِي عندنا بالخُمْس وخُمْس الخُمْس، فالصَّاع النبويُّ ـ مثلاً ـ زِنته ثمانون ريالاً فرنسياً، وصاعنا العُرْفي مائة ريال، وأربع ريالات.

فيأخذ إِناء يَسَعُ أربعة أخماس الصَّاع العُرْفِي، ويغتسل به، هذه هي السُّنَّة، لِئَلا يُسرِف في الماء، فإِن أسبغ بأقلَّ جاز.
فإن قيل: نحن الآن نتوضَّأ مِن الصَّنابير فمقياس الماء لا ينضبط؟
فيقال: لا تَزِدْ على المشروع في غَسْل الأعضاء في الوُضوء، فلا تَزِدْ على ثلاث، ولا تزد في الغُسْل على مرَّة، على القول بِعَدَم الثلاث، وبهذا يحصُل الاعتدال.

فإِن أَسْبَغَ بأَقَلَّ، أو نوى بغُسْلِه الحَدَثيْن أَجْزَأَ،............
قوله: «فإن أسْبَغ بأقلَّ» ، أي: إِن أسْبَغَ بأقلَّ مِنَ المدِّ في الوُضُوء، ومِن الصَّاع في الغُسْل أَجْزأَ؛ لأنَّ التَّقدير بالمدِّ والصَّاع على سبيل الأفضليَّة.
لكنْ يُشترط ألا يكون مَسْحاً، فإِن كان مَسْحاً فلا يُجزئ.
والفرق بين الغُسْل والمسح: أن الغُسْل يتقاطر منه الماء ويجري، والمسح لا يتقاطر منه الماء، والدَّليل على ذلك:
1- قوله تعالى: {{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة: 6] ، ثم قال: {{وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}} [المائدة: 6] ، ففرَّق سبحانه وتعالى بين المسْح، والغُسْل.
2- قوله تعالى: {{فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] ، بيَّنه صلّى الله عليه وسلّم بالغسْل، لا بالمسْح.
قوله: «أو نوى بغُسْلِه الحَدَثَيْن أَجْزَأ» ، النيَّة لها أربع حالات:
الأولى: أن ينوي رفع الحَدَثَيْن جميعاً فيرتفعان لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنِّيَّات»[(682)].
الثانية: أن ينويَ رفع الحَدَثِ الأكبر فقط. ويَسْكت عن الأصغر، فظاهر كلام المؤلِّف أنَّه يرتفع الأكبر، ولا يرتفع الأصغر لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات»، وهذا لم ينوِ إِلاَّ الأكبر.
واختار شيخ الإسلام: أنه يرتفع الحَدَثَان جميعاً[(683)]، واستدلَّ بقوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة: 6] ، فإذا تطهَّر بنيَّة الحَدَثِ الأكبر فإِنَّه يُجزئه، لأنَّ الله لم يذكُر شيئاً سوى ذلك، وهذا هو الصَّحيح.
الثالثة: أن ينويَ استباحة ما لا يُباح إِلاَّ بالوُضُوء، أو ارتفاع الحَدَثَيْن جميعاً كالصَّلاة، فإِذا نوى الغُسْلَ للصلاة، ولم ينوِ رَفْع الحَدَثِ، ارتفع عنه الحَدَثَان، لأنَّ مِنْ لازم نيَّة الصَّلاة أن يرتفع الحَدَثَان، لأنَّ الصَّلاة لا تَصِحُّ إِلا بارتفاع الحَدَثَيْن.
الرابعة: أن ينوي استباحة ما يُباح بالغُسْل فقط، دون الوُضُوء كقراءة القرآن، أو المُكْثِ في المسجد.
فلو اغتسل لقراءة القرآن فقط، ولم يَنوِ رَفْعَ الحَدَثِ أو الحَدَثَيْن فيرتفع حَدَثُه الأكبر فقط، فإِن أراد الصَّلاة، أو مَسَّ المصحفِ، فلا بُدَّ من الوُضُوء.
ولكن واقع النَّاس اليوم، نجدُ أنَّ أكثرهم يغتسلون من الجَنَابة من أَجْلِ رَفْعِ الحَدَثَ الأكبر، أو الصَّلاة، وعلى هذا فيرتفع الحَدَثَان.

ويُسنُّ لجُنُبٍ غَسْلُ فَرْجِهِ، والوُضُوءُ لأكْلٍ، ونَوْمٍ، ومُعَاوَدةِ وَطْءٍ.
قوله: «ويُسنُّ لجُنُبٍ غَسْلُ فَرجِهِ، والوُضُوءُ لأكلٍ» ، وُضوء الجُنُبِ للأكل ليس بواجب بالإِجماع؛ لكنَّه مستَحَبٌّ والدَّليل على ذلك:
1- حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جُنُبٌ توضَّأ وضوءه للصَّلاة[(684)].
وأمَّا مَنْ حمل هذا على الوُضُوء اللغوي، وهو النَّظَافة، فلا عِبْرة به؛ لأن رواية مسلم صريحة في أنَّ المراد به الوُضُوء الشَّرعي.
ولأن القاعدة في أصول الفِقْه:
أنَّ الحقائق تُحمَل على عُرْفِ النَّاطِقِ بها، فإِذا كان النَّاطِقُ الشَّرع حُمِلَت على الحقيقة الشَّرعيَّة، وإِذا كان من أهل اللُّغة حُمِلت على الحقيقة اللغويَّة، وإِذا كان من أهل العُرْف حُمِلَت على الحقيقة العُرفيَّة.

فمثلاً: «زَيْدٌ قائم» زَيْدٌ في اللغة فاعل؛ لأن الفاعل في اللغة من قام به الفعل، وعند النَّحويِّين مبتدأ؛ لأن الفاعل عندهم: الاسمُ المرفوع المذكور قَبْلَه عامِلُه.
2- حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم رخَّص للجُنُب إِذا أراد أن يأكل، أو يشرب أو ينام أن يتوضَّأ[(685)].
قوله: «ونومٍ» ، أي: يُسْتَحَبُّ للجُنُب إِذا أراد النَّوم أن يتوضَّأ، واستُدلَّ لذلك بحديث عمر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أَيَرْقُد أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: «نعم، إِذا توضَّأ أحدُكم فلْيَرْقُد وهو جُنُب»[(686)]، وفي لفظ: «توضَّأ واغسلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ»[(687)].
وهذا الدَّليل يقتضي الوُجوب لأنَّه قال: «نعم إِذا توضَّأ». وتعليق المباح على شَرْط يدلُّ على أنَّه لا يُباح إِلا به، وعليه يكون وُضُوء الجُنُب عند النوم واجباً، وإلى هذا ذهب الظَّاهريَّة وجماعة كثيرة من أهل العِلْمِ[(688)]، ولكن المشهور عند الفقهاء والأئمَّة المتبوعين أنَّ هذا على سبيل الاستحباب[(689)]، واستدلُّوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «كان ينامُ وهو جُنُبٌ من غير أن يمسَّ ماءً»[(690)].
قالوا:
فَتَرْكُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم للوُضُوء في هذه الحال بيان للجَواز، وأن الأمر ليس للوُجوب. وهذه قاعدة صحيحة معتَبَرة، خلافاً لمن قال: إِن فِعْلَه لا يُعارض قولَه، بل يؤخذ بالقول فلا يدلُّ فِعلُه على الجواز.

فائدة:
هذه الطَّريقة يلجأ إِليها الشَّوكاني رحمه الله في «نَيْل الأوطار»[(691)]، وأنا أتعجَّب من سلوكه هذه الطَّريقة؛ لأنَّه مِنَ المعلوم أنَّنا لا نحمل فعْل الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم على الخُصوصيَّة إِلا حَيث تعذَّر الجَمْع، أما إِذا أمكن الجَمْع فإِنَّه لا يجوز حَمْلُ النَّصِّ على الخُصوصيَّة؛ لأن الأصل التَّأسِّي به صلّى الله عليه وسلّم، قال الله تعالى: {{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}} [الأحزاب: 21] ، فإذا كان الأصل التَّأسِّي به فلا وجه لحمل النَّصِّ على الخصوصيَّة مع إِمكان الجمع إِلا بدليل.

ويدلُّ على أن فِعْله صلّى الله عليه وسلّم أو قوله لا يُحمَل على الخُصوصيَّة إِلا بدليل قول الله تعالى: {{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}} [الأحزاب: 50] ،
ووجْه الدَّلالة من الآية: أنَّ الله تعالى بيَّن أنها خالصة للنَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولولا ذلك لكان مقتضَى النَّص أنه يجوز للإِنسان التزوُّج بالهِبَة.

ودليل آخر: أن الله تعالى قال في قصَّة زينب بنت جحش رضي الله عنها: {{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}} [الأحزاب: 37] ، وكانت زينب تحت زيدِ بن حارثة، وكان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قد تَبَنَّاهُ، فلما أحلَّ الله له زينب قال: {{لِكَي لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}} [الأحزاب: 37] . فهذا الحُكْمُ خاصٌّ، وعِلَّته عامّة، وعلى هذا فالحكم الذي يَثْبُت للرَّسول صلّى الله عليه وسلّم يَثْبت للأمَّة؛ وإِلا لم يكُنْ لقوله: {{لِكَي لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}} فَائدةٌ.
وعُورض حديث عائشة: «كان ينام وهو جُنُب من غير أن يمسَّ ماءً» بأمرين:
الأول: أنَّه منقطع. ورُدَّ بأنه متَّصل، وأن أبا إسحاق سَمِع من الأسود الذي رواه عن عائشة، وإِذا تعارض الوَصْل والقَطْع، فالمعتَبَر الوصل.
الثاني: أنَّ قولها: «من غير أن يمسَّ ماءً»،
أي: ماء للغُسْل. ورُدَّ بأن هذا بعيد؛ لأن «ماء» نكرة في سِيَاق النَّفْي فتعُمُّ أيَّ ماءٍ، وعليه فالتَّعليل بالانقطاع غيرُ صَحيح، وكذلك التَّأويل.

والذي يظهر لي: أن الجُنُبَ لا ينام إِلا بِوُضُوء على سبيل الاستحباب، لحديث عائشة رضي الله عنها، وكذا بالنِّسبة للأكْلِ والشُّرْب.
وفرَّق الفقهاء ـ رحمهم الله ـ بين الأكل والشُّرب والنَّوم، فقالوا: يُكْرهُ أن ينام على جنابة بلا وُضُوء، ولا يُكْرَه له الأكل، والشُّرب بلا وُضُوء[(692)].
قوله: «ومُعَاوَدَةِ وَطْءٍ» ، أي: يُسَنُّ للجُنُبِ أن يتوضَّأ إِذا أراد أن يُجَامع مرَّة أُخرى، والدَّليل على ذلك ما ثَبتَ في «صحيح مسلم» أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر مَنْ جَامَع أهلَه، ثم أراد أن يعود أن يتوضَّأ بينهما وُضُوءاً[(693)].
والأصل في الأَمْر الوُجُوب، لكن أخرج هذا الأَمر على الوُجُوب ما رواه الحاكم: «... إِنه أَنْشَطُ للعَوْدِ»[(694)].
فَدلَّ هذا أنَّ الوُضُوء ليس عبادة حتى نُلْزِم النَّاسَ به، ولكنْ من باب التَّنْشيط، فيكون الأَمْرُ هنا للإِرشاد، وليس للوجوب.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يطوف على نسائِه بِغُسْلٍ واحد[(695)]، وإِن كان طوافه عليهن بغسل واحد، لا يَمْنَعُ أن يكون قد توضَّأ بين الفِعْلَين.



موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الغسل, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir