دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:35 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

فإن قيل: كيف قال في معرض الامتنان: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب).
[أنموذج جليل: 127]
ولم يذكر إسماعيل مع أنه كان هو الابن الأكبر؟
قلنا: لأن إسحاق وهب له من حرة، وإسماعيل من أمة، وإسحاق وهب له من عجوز عقيم، فكانت المنة فيه أظهر.
فإن قيل: كيف قال في وصف القرآن: (والّذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به)
وكثير ممن يؤمن بالآخرة من اليهود والنصارى وغيرهم لا يؤمنون به؟
قلنا: معناه والذين يؤمنون بالآخرة إيمانًا نافعًا مقبولا هم الذين يؤمنون به، إما تصديقًا به قبل إنزاله كما بشر به موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، أو اتباعًا له بعد إنزاله، والأمر كذلك فإن من لم يصدق موسي وعيسى عليهما الصلاة والسلام في بشارتهما بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، أو كان بعد بعثه ولم يؤمن به فإيمانه بالآخرة غير معتد به ولا معتبر.
فإن قيل: كيف أفرد قوله تعالى: (أو قال أوحي إليّ)
بالذكر بعد قوله: (ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا)
وذلك أيضًا افتراء؟
قلنا: لأن الأول عام والثاني خاص، والمقصود الإنكار فيهما، ولا يلزم من وجود العام وجود الخاص، قلت في هذا الجواب مغالطة لأنه مسلم أنه لا يلزم من وجود العام وجود الخاص، ولكن يلزم من الذم على العام وإنكاره الذم على الخاص، وإنكاره لا محالة، وما نحن
[أنموذج جليل: 128]
فيه من هذا القبيل فالجواب المحقق أن يقال أن هذا الخاص لما كان مخصوصًا بمزيد قبح من بين أنواع الافتراء، خصه بالذكر تنبيهًا على مزيد العقاب فيه والإثم.
فإن قيل: في قوله تعالى: (بديع السّماوات والأرض...الآية)
ما فائدة قوله: (خالق كلّ شيءٍ)
بعد قوله: (وخلق كلّ شيءٍ)؟
قلنا: ذكره أولا استدلالا به على نفى الولد، ثم ذكره ثانيا توطئة وتمهدًا لقوله تعالى: (فاعبدوه) فإن كونه خالق كل شيء يقتضى تخصيصه بالعبادة والطاعة فكانت الإعادة لفائدة جديدة.
فإن قيل: في قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)
كيف خص بإدراكه لها ولم يقل وهو يدرك كل شيء، مع أنه أبلغ في التمدح؟
قلنا: لوجهين أحدهما مراعاة المقابلة اللفظية فإنه نوع من البلاغة.
الثاني: أن هذه الصفة خاصة بينه وبين الأبصار، إنه يدركها بمعنى الإحاطة بها، وهي لا تدركه، فأما غيره فما يدرك الأبصار فهي تدركه أيضًا فلهذا خصها بالذكر.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وهو الّذي أنزل إليكم الكتاب مفصّلًا) ولم يقل وهو الذي أنزل إلى مع أن الله تعالى قال:
[أنموذج جليل: 129]
(أنزل إليكم الكتاب)؟
قلنا: لما كان إنزاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى الخلق ويهديهم به كان في الحقيقة منزلا إليهم، لكن بواسطة النبي عليه الصلاة والسلام فصح إضافة الإنزال إليه وأليهم.
فإن قيل: في قوله تعالى: (فكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه)
كيف علق الكون من المؤمنين بأكل الذبيحة المسمى عليها، والكون من المؤمنين حاصل، وإن لم تؤكل الذبيحة أصلًا؟
قلنا: المراد اعتقاد الحل لأنفس الأكل، فإن بعض من كان يعتقد حل الميتة من العرب كان يعتقد حرمة الذبيحة.
فإن قيل: كيف أبهم فاعل التزيين هنا فقال: (كذلك زيّن للكافرين ما كانوا يعملون) وقال في آية أخرى: (فزيّن لهم الشّيطان أعمالهم)
وقال في آية أخرى: (زيّنّا لهم أعمالهم)
فمن هو مزين الأعمال للكفار في الحقيقة؟
قلنا: التزيين من الشيطان بالإغواء والإضلال والوسوسة وإيراد الشبه، ومن الله تعالى بخلق، جميع ذلك فصحت الإضافتان.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (يا معشر الجنّ والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم).
[أنموذج جليل: 130]
والرسل إنما كانت من الإنس خاصة؟
قلنا: المراد برسل الجن هم الذين سمعوا القرآن من النبي عليه الصلاة السلام ثم ولوا إلى قومهم منذرين كما قال الله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجنّ يستمعون القرآن...الآية).
الثاني أنه كقوله تعالى: (يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان)
والمراد من أحدها لأنه إنما يخرج من الملح، الثالث: أنه بعث إليهم رسول منهم قاله الضحاك ومقاتل.
فإن قيل: كيف كرر ذكر شهادتهم على أنفسهم في قوله تعالى: (يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم...الآية) والمعنى فيهما واحد؟
قلنا: المعنى في المشهود به متعدد، وإن كان في الشهادة واحدا، لأنهم في الأولى شهدوا على أنفسهم بتبليغ الرسل وإنذارهم، وفى الثانية شهدوا على أنفسهم بالكفر في الدنيا وهما متغايران.
فإن قيل: كيف أقروا في هذه الآية بالكفر وشهدوا على أنفسهم به وجحدوه في قولهم: (واللّه ربّنا ما كنّا مشركين)؟
قلنا: مواقف القيامة ومواطنها مختلفة، ففي بعضها يقرون وفى بعضها يجحدون، أو يكون المراد هنا شهادة أعضائهم عليهم حين بختم على أفواههم كما قال تعالى: (اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم).
[أنموذج جليل: 131]
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (سفهًا بغير علم) والسفه ليكون إلا عن جهل؟
قلنا: معنى قوله: "بغير علم " بغير حجة، وقيل: بغير علم بمقدار قبحه، ومقدار العقوبة فيه وعلى الوجهين لا يكون مستفادًا من الأول.
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (وما كانوا مهتدين) بعد
قوله: (قد ضلّوا)؟
قلنا: فائدته الإعلام بأنهم بعد ما ضلوا لم يهتدوا مرة أخرى، فإن من الناس من يضل ثم يهتدي بعد ضلاله.
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (إذا أثمر) بعد قوله: (كلوا من ثمره) ومعلوم أنه إنما يؤكل من ثمره إذا أثمر؟
قلنا: فائدته نفى توهم توقف الإباحة على الإدراك والنضج بدلالته على الإباحة من أول إخراج الثمر.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلّا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا... الآية)
[أنموذج جليل: 132]
وفى القران تحريم أكل الربا ومال اليتيم ومال
الغير بالباطل وغير ذلك؟
قلنا: (يعنى كان) محرمًا مما كانوا يحرمونه في الجاهلية.
وقيل: مما كانوا يستحلونه فيها.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ) والموضوع موضوع العقوبة، فكان يحسن أن يقال فيه ذو عقوبة شديدة أو عظيمة ونحو ذلك؟
قلنا: إنما قال ذلك نفيًا للاغترار بسعة رحمته في الاجتراء على معصيته، وذلك أبلغ في التهديد، معناه لا تغتروا بسعة رحمته فإنه (مع) ذلك لا يرد عذابه عنكم.
وقيل: معناه فقل ربكم ذو رحمة واسعة للمطيعين ولا يرد عذابه عن العاصين.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم)
ثم فسره بعشرة أحكام خمسة منها واجبة والتلاوة
وصف للفظ لا للمعنى كيلا يقال أضدادها محرمة؟
قلنا: قوله: (تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم)
لا ينفى تلاوة غيره فقد تلا ما حرم وتلا غيره أيضًا، الثاني إن فيه إضمار تقديره: اتل ما حرم ربكم عليكم وأوجب.
[أنموذج جليل: 133]
فإن قيل: كيف خص مال اليتيم بالنهي عن قربانه بغير الأحسن، ومال البالغ كذلك أيضًا؟
قلنا: إنما خصه بالنهي لأن طمع الطامعين فيه أكثر، لضعف مالكه وعجزه، وقلة الحافظين له، والناصرين، بخلاف مال البالغ، الثاني: أن التخصيص لمجموع الحكمين وهما النهي عن قربانه بغير الأحسن، ووجوب قربانه بالأحسن، أو جواز قربانه بالأحسن بغير إذن مالكه.
ومجموع الحكمين مخصوص بمال اليتيم، وهنا هو الجواب عن كونه منفيًا ببلوغ الأشد، لأن المجموع ينتفي ببلوغ الأشد، لانتفاء الحكم الثاني، وقيل: إن الغاية لمحذوف تقديره: حتى يبلغ فسلموه إليه.
فإن قيل: كيف خص العدل بالقول فقال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا) ولم يقل وإذا فعلتم فاعدلوا، والحاجة إلى العدل في الفعل أمس، لأن الضرر الناشئ من الجور الفعلي أقوى من الضرر الناشئ من الجور القولي؟
قلنا: إنما خصه بالقول ليعلم وجوب العدل في الفعل بالطريق الأولى: كما قال تعالى: (فلا تقل لهما أفٍّ)
ولم يقل: ولا تشتمهما ولا تضربهما لما قلنا.
فإن قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى: (ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى)
وبين قوله: (وليحملنّ أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم)
[أنموذج جليل: 134]
وقوله: (ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة)
وقوله: (ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علمٍ)
وقد جاء في الحديث المشهور "فعليه وزرها ووزر من عمل بها"؟
قلنا: المراد بالآية الأولى وزر لا يكون مضافًا إليها بمباشرة أو تسبب لتحقق إضافته إلى غيرها على الكمال، أما إذا لم يكن كذلك فهو وزرها من وجه فتزره، وقيل: معناه لا تزره طوعًا كما زعم المشركون بقولهم للنبي عليه الصلاة والسلام: ارجع إلى ديننا ونحن كفلاء بما يلحقك من تبعة في دينك، وقول الذين كفروا للذين آمنوا (اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) إلى قوله تعالى: (عمّا كانوا يفترون) ومعنى باقي النصوص أنها تحمله كرهًا فلا تنافى بينهما.
[أنموذج جليل: 135]


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنعام, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir