دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة نوح (الآيات: 21-28)

قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:41 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

{قَالَ نُوحٌ} شَاكِياً لرَبِّه: إنَّ هذا الكلامَ والوعْظَ والتذكيرَ ما نَجَعَ فيهم ولا أَفادَ، {إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} فيما أمَرْتُهُمْ به، {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً}؛ أي: عَصَوُا الرسولَ الناصِحَ الدالَّ على الخيرِ، واتَّبَعُوا الْمَلأَ والأشرافَ الذين لم تَزِدْهم أموالُهم ولا أولادُهم إلاَّ خَسَاراً؛ أي: هَلاكاً وتَفويتاً للأرباحِ، فكيفَ بمَن انْقَادَ لهم وأَطاعَهم.
{وَمَكَرُو مَكْراً كُبَّاراً}؛ أي: مَكْراً كَبيراً بلِيغاً في مُعانَدَةِ الحقِّ.
{وَقَالُوا} لهم داعِينَ إلى الشِّرْكِ مُزَيِّنِينَ له: {لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}. فدَعَوْهُم إلى التعصُّبِ على ما هم عليه مِن الشِّرْكِ، وأنْ لا يَدَعُوا ما عليه آباؤُهم الأَقْدَمُون.
ثُمَّ عَيَّنُوا آلِهَتَهم فقالوا: {وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}، وهذه أسماءُ رِجالٍ صالحِينَ, لَمَّا ماتُوا زَيَّنَ الشيطانُ لقَوْمِهم أنْ يُصَوِّرُوا صُوَرَهم لِيَنْشَطوا بزَعْمِهم على الطاعةِ إذا رَأَوْها، ثم طالَ الأَمَدُ وجاءَ غيرُ أولئكَ فقالَ لهم الشيطانُ: إنَّ أسلافَكم يَعْبُدُونَهم ويَتَوَسَّلُونَ بهم، وبهم يُسْقَوْنَ المطَرَ. فعَبَدُوهم.
ولهذا أَوْصَى رُؤساؤُهم للتابعِينَ لهم أنْ لا يَدَعُوا عِبادةَ هذه الآلِهَةِ.
{وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً}؛ أي: وقدْ أضَلَّ الكِبارُ والرؤساءُ بدَعْوَتِهم كثيراً مِن الخَلْقِ.
{وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً}؛ أي: لو كانَ ضَلالُهم عندَ دَعوتِي إيَّاهم بحَقٍّ، لكانَ مَصلحةً، ولكنْ لا يَزِيدُونَ بدعوةِ الرؤساءِ إلاَّ ضَلالاً؛ أي: فلم يَبْقَ مَحَلٌّ لنجاحِهم ولا لصَلاحِهم.
ولهذا ذَكَرَ اللَّهُ عذابَهم وعُقوبَتَهم الدنيويَّةَ والأُخرويَّةَ فقالَ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} في اليَمِّ الذي أحاطَ بهم، {فَأُدْخِلُوا نَاراً} فذَهَبَتْ أَجسادُهم في الغَرَقِ، وأرواحُهم للنارِ والْحَرَقِ.
وهذا كلُّه بسببِ خَطيئاتِهم، التي أَتاهم نَبِيُّهم نوحٌ يُنْذِرُهم عنها، ويُخبِرُهم بشُؤْمِها ومَغَبَّتِها فرَفَضُوا ما قالَ؛ حتى حَلَّ بهم النَّكَالُ.
{فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً} يَنْصُرُونَهم حِينَ نَزَلَ بهم الأمْرُ الأمَرُّ، ولا أحَدَ يَقْدِرُ يُعارِضُ القَضَاءَ والقَدَرَ.
{وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} يَدُورُ على وجهِ الأرضِ، وذَكَرَ السببَ في ذلك فقالَ: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً}؛ أي: بَقاؤُهم مَفْسَدَةٌ مَحْضَةٌ لهم ولغيرِهم، وإنما قالَ نُوحٌ عليه السلامُ ذلك؛ لأنه معَ كَثرةِ مُخالَطَتِه إيَّاهم، ومُزاوَلَتِه لأخلاقِهم عَلِمَ بذلك نَتيجةَ أعمالِهم, لا جَرَمَ أنَّ اللَّهَ استجابَ دعوتَه فأَغْرَقَهم أَجْمعِينَ، ونَجَّى نُوحاً ومَن معَه مِن المؤمنينَ.
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً} خَصَّ المَذْكورِينَ لتَأَكُّدِ حقِّهم وتَقْدِيمِ بِرِّهِم، ثُمَّ عَمَّمَ الدعاءَ فقالَ: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً}؛ أي: خَسَاراً ودَماراً وهَلاكاً.
تَمَّ تفسيرُ سورةِ نوحٍ عليه السلامُ، والحمدُ لِلَّهِ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:09 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

21-{قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} أيْ: اسْتَمَرُّوا على عِصيانِي ولم يُجِيبُوا دَعْوَتِي. شَكاهم إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ وهو أعْلَمُ بذلك.
{وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} أيْ: اتَّبَعَ الأصاغرُرُؤساءَهم وأَهْلَ الثروةِ منهم، الذين لم يَزِدْهم كثرةُ المالِ والولَدِ إلا ضَلالاً في الدنيا وعُقوبةً في الآخرةِ.
22-{وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً} أيْ: مَكْراً كَبيراً عَظيماً، وهو تَحريشُهم سِفَلَتَهم على قَتْلِ نُوحٍ.
23-{وَقَالُوا} أيْ: قالَ الرؤساءُ للأتباعِ يُغْرُونَهم بِمَعصيةِ نُوحٍ, {لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} أيْ: لا تَتركوا عِبادةَ آلِهَتِكم، وهي الأصنامُ والصوَرُ التي كانتْ لهم، ثم عَبَدَتْهَا العرَبُ مِن بعدِهم.
{وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} أيْ: لا تَتركوا عِبادةَ هذه.
قالَ محمَّدُ بنُ كعْبٍ: هذه أسماءُ قَومٍ صالحينَ كانوا بينَ آدَمَ ونوحٍ، فنَشَأَ بعدَهم قومٌ يَقتدونَ بهم في العِبادةِ، فقالَ لهم إبليسُ: لو صَوَّرْتُمْ صُوَرَهم كانَ أنْشَطَ لكم وأَشوقَ إلى العِبادةِ؟ ففَعَلُوا، ثم نَشأَ قومٌ مِن بعدِهم فقالَ إبليسُ: إنَّ الذينَ مِن قَبْلِكم كانوا يَعْبُدونَ هذه الصُّوَرَ فاعْبُدُوهم. فابتداءُ عبادةِ الأوثانِ كان مِن ذلك الوقتِ.
24-{وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} أيْ: أَضَلَّ كُبراؤُهم ورُؤساؤُهم كثيراً مِن الناسِ. وقيلَ: المرادُ الأصنامُ، أضَلَّتْ كثيرًا مِن الناسِ، {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} إلا خُسراناً. وقيلَ: ضَلالاً في مَكْرِهم.
25-{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} أيْ: مِن أَجْلِها وبسبَبِها أُغْرِقوا بالطوفانِ {فَأُدْخِلُوا نَاراً} عَقِبَ ذلك، وهي نارُ الآخِرَةِ. وقيلَ: عذابَالقبرِ.
{فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا} أيْ: لم يَجِدُوا أحَداً يَمنعُهم مِن عذابِ اللهِ ويَدْفَعُه عنهم.
26-{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} لَمَّا أَيِسَ نُوحٌ مِن إيمانِهم دعا عليهم بعدَ أنْ أُوحِيَ إليه:{أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} فأجابَ اللهُ دعوتَه وأَغْرَقَهم. والدَّيَّارُ: مَن يَسكُنُ الدِّيارَ.
27-{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} عن طريقِ الحقِّ {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا} أيْ: إلا فَاجِراً يَترُكُ طاعتَك، {كَفَّاراً} لنِعْمَتِكَ. أيْ: كثيرَ الكُفرانِ لها.
28-{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} وكانا مُؤمنينِ.
{وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ} مَنْزِلَه الذي هو ساكِنٌ فيه. وقِيلَ: سَفينتُه. {مُؤْمِناً} فيَخْرُجُ مَن دَخَلَه غيرَ مُتَّصِفٍ بهذه الصفةِ، كامرأتِه, وولدِه الذي قالَ:{سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}. {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أيْ: واغفِرْ لكلِّ مُتَّصِفٍ بالإيمانِ مِن الذكورِ والإناثِ.
{وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً} هَلاكاً وخُسراناً ودَماراً. شَمِلَ دُعاؤُه هذا كلَّ ظالِمٍ إلى يومِ القِيامةِ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:11 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

وقولُه: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً} يَعنِي: أنَّ الضُّعفاءَ اتَّبَعُوا الأشرافَ والأكابِرَ والرؤوسَ مِن الكُفَّارِ الذينَ لم تَزِدْهُم أموالُهم وأولادُهم إلا خَسَاراً.
وقولُه: {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً} أيْ: كَبيراً، وكُبَّارٌ في اللغةِ أشَدُّ مِن الكبيرِ.
وقولُه: {وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} أيْ: لا تَذَرُوا آلِهَتَكم، {وَلاَ تَذَرُنَّ} أيْ: ولاَ تَذَرُوا، {وَدًّا وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} هذه الأسماءُ أسماءُ أصنامِهم التي كانوا يَعبُدُونَها. وفي التفسيرِ: أنَّ وَدًّا كانتْ لكلْبٍ، والسُّواعَ لِهُذَيْلٍ، ويَغوثَ كانت لبني غُطَيْفِ بنِ دَارِمٍ، ويَعوقَ كانت لِهَمْدَانَ، ونَسْراً كانتْ لِحِمْيَرَ، وقد قيلَ على خِلافِ هذا، وكانت بَقِيَّةُ هذه الأصنامِ لهم مِن زَمانِ نُوحٍ قد غَرِقَتْ، فاستَخْرَجَها لهم إبليسُ حتى عَبَدُوها.
وعن أبي عُثمانَ النَّهْدِيِّ قالَ: كانتْ يَغوثُ مِن رَصاصٍ، رأيتُه وكانوا يَحْمِلُونَه على جَمَلٍ أَجْرَدَ إذا سافَرُوا ولا يَهِيجُونَ الجمَلَ ويَجعلونَه قُدَّامَهم، فإذا بَرَكَ في مَوضِعٍ نَزلوا، وقالوا: رَضِيَ ربُّكم الْمَنْزِلَ.
وعن محمَّدِ بنِ كعْبٍ القُرَظيِّ قالَ: هذه الأسماءُ أسماءُ قومٍ صالحينَ قبلَ نُوحٍ، فلَمَّا مَاتُوا زَيَّنَ الشيطانُ لأبنائِهم ليَتَّخِذوا أَشخاصاً على صُوَرِهم، فيكونَ نَظَرُهم إليها حَثًّا لهم على العِبادةِ، ثم إنهم عَبَدُوها مِن بَعْدُ لَمَّا تَطَاوَلَ لهم الزَّمانُ.
قولُه تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} أيْ: ضَلَّ كثيرٌ مِن الناسِ بسَبَبِهم.
وقولُه: {وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً} دَعَا عليهم هذا الدعاءَ عُقوبةً لهم، وهو مِثلُ دُعاءِ موسى على قومِ فِرعونَ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ}.
قولُه تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} أيْ: مِن خَطيئاتِهم، {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً} يَعنِي: أُغْرِقُوا في الدنيا، وأُدْخِلُوا ناراً في الآخِرَةِ، وقيلَ: هو في القبرِ، وعن الحسَنِ قالَ: البحرُ طَبَقُ جَهَنَّمَ، وقيلَ: البحرُ نارٌ ثم نارٌ.
وقولُه: {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً} أيْ: أحداً يَمْنَعُهم مِن عذابِ اللهِ.
قولُه تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} أيْ: أَحَداً. وقيلَ: {دَيَّاراً} أيْ: مَن يَنْزِلُ دَاراً. مأخوذٌ مِن الدارِ.
وقولُه: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً} وهذا على ما أَخْبَرَه اللهُ تعالى عنهم؛ {إِنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ} وعن مُجاهِدٍ: أنَّ الرجُلَ منهم كانَ يَأتِي نُوحاً فيَضربُه حتى يُغْشَى عليه، فإذا أَفاقَ قالَ: "اللهمَّ اغفِرْ لقَوْمِي فإنهم لا يَعلمونَ". ثم إنه لَمَّا أَخْبَرَ اللهُ تعالى أنه لا يُؤمِنُ أحَدٌ منهم دَعَا عليهم، وفي القِصَّةِ: أنَّ الرجُلَ منهم كان يَحملُ ابنَه على كَتِفِه إليه ويقولُ: احذَرْ هذا الشيخَ الْمَجنونَ فإنَّ أَبِي أَحْذَرَنِي إيَّاهُ كما حَذَّرْتُكَ. ففَعَلُوا كذلك حتى مَضَى سبعةُ قُرونٍ، فرُوِيَ أنَّ آخِرَ مَن جَاءَهُ منهم قالَ كذلك لابنِه، فقالَ ذلك الصبيُّ: أنْزِلْنِي. فأَنْزَلَه، فجَعَلَ يَرميهِ بالحجَرِ حتى شَجَّهُ، فغَضِبَ حينَئذٍ ودَعَا عليهم.
قولُه تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} قرأَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ: (لِوَالِدِي) وفي بعضِ القِراءاتِ: (لوالدي).
وقولُه: {وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً} أيْ: سَفينتِي، وقيلَ: صَوْمَعَتِي. وقيلَ: بَيْتِيَ الذي أَسْكُنُه.
وقولُه: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ} أيْ: لكلِّ المؤمنينَ والمؤمناتِ إلى يومِ القِيامةِ.
وقولُه: {وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً} أيْ: هَلاكاً.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 صفر 1435هـ/25-12-2013م, 01:00 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/ الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول : {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً} يَعنِي: أُغْرِقُوا في الدنيا، وأُدْخِلُوا ناراً في الآخِرَةِ، وقيلَ: هو في القبرِ، وعن الحسَنِ قالَ: البحرُ طَبَقُ جَهَنَّمَ، وقيلَ: البحرُ نارٌ ثم نارٌ. ما يقصد الحسن رحمه الله بقوله ؟
الجواب: في المراد بالنار في هذه الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: المراد نار جهنم، وهذا قول ابن جرير الطبري وابن عطية وجماعة من المفسرين.
القول الثاني: المراد نارٌ يُعَذبون بها في البرزخ، وهذا القول ذكره بعض المفسرين كأبي المظفر السمعاني والزمخشري وأبي حيان ، ولم أجده منسوباً لأحد من السلف، وهم إنما ذكروه من باب ذكر ما قيل في الآية من الأقوال.
والتعذيب بالنار في البرزخ ثابت في آيات وأحاديث صريحة في ذلك ، لكن في هذا الموضع لم أجد من نصّ عليه من السلف.
القول الثالث: أنها نار عذبوا بها في الدنيا عند موتهم فكانوا يغرقون من جانب ويحترقون من جانب، والعياذ بالله، وهذا قول الضحاك ذكره الثعلبي والبغوي وابن الجوزي.

وقول أبي المظفر السمعاني: (وعن الحسن قال: البحر طبق جهنم).
صوابه عن سعيد بن أبي الحسن البصري، وهو أخو الحسن، رواه عنه كذلك عبد الرزاق في تفسيره والإمام أحمد في الزهد، وروي لفظه مرفوعاً من حديث يعلى بن أمية عند الإمام أحمد، وموقوفاً على عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر.
وهذا القول أحد الأقوال المروية عن السلف في تعيين مكان جهنّم ، وهي أنها في الأرض السفلى، وأن البحر طبقة فوقها، وأن تحت البحر ناراً.


السؤال الثاني: {وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً}؛ أي: لو كانَ ضَلالُهم عندَ دَعوتِي إيَّاهم بحَقٍّ، لكانَ مَصلحةً، ولكنْ لا يَزِيدُونَ بدعوةِ الرؤساءِ إلاَّ ضَلالاً؛ ما المقصود من تفسير السعدى فى هذه الاية؟
الجواب: تفسير السعدي هاهنا فيه نظر، ولعله أراد الهروب من إشكال كيف يدعو النبي على قومه بالإضلال وهو قد جاء لهدايتهم، ولعل منشأ الإشكال أن السعدي رحمه الله ذهب إلى أن الذين أضلوا هم الرؤساء كما في تفسيره لأول الآية: ( {وقد أضلوا كثيراً} أي: وقد أضل الكبار والرؤساء بدعوتهم كثيراً من الخلق.
والصواب أن الإضلال صادر من الرؤساء والمرؤوسين و{كثيراً} بيان لكثرة صدور هذا الفعل منهم، ونوح عليه السلام قد أسند الفعل إليهم كلهم.
فالكبراء أضلوا بأمرهم العامة بألا يتبعوا نوحاً عليه السلام، والعامة شاركوا في الإضلال بالموافقة والمتابعة فأضل بعضهم بعضاً بتلك المتابعة، ولا شك أن من العامة من إذا رأى تتابع الناس على أمر تابعهم عليه، فصاروا كلهم ظالمين مضلين.
فوقع منهم إضلال لبعضهم، وعاد عليهم إضلالهم بأن ضلوا بالموافقة والمتابعة، حتى الكبراء لما وافقهم العامة زادوا ضلالاً وطغياناً.
فدعاء نوح - عليه السلام - عليهم لظلمهم وإضلالهم؛ فمن أضل غيره يناسب أن يعاقب بأن يضلَّ هو.
والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 11:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى مخبرًا عن نوحٍ، عليه السّلام، أنّه أنهى إليه، وهو العليم الّذي لا يعزب عنه شيءٌ، أنّه مع البيان المتقدّم ذكره، والدّعوة المتنوّعة المتشمّلة على التّرغيب تارةً والتّرهيب أخرى: أنّهم عصوه وكذّبوه وخالفوه، واتّبعوا أبناء الدّنيا ممّن غفل عن أمر اللّه، ومتّع بمالٍ وأولادٍ، وهي في نفس الأمر استدراجٌ وإنظارٌ لا إكرامٌ؛ ولهذا قال: {واتّبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارًا} قرئ {وولده} بالضّمّ وبالفتح، وكلاهما متقاربٌ.
وقوله: {ومكروا مكرًا كبّارًا} قال مجاهدٌ: {كبّارًا} أي عظيمًا. وقال ابن زيدٍ: {كبّارًا} أي: كبيرًا. والعرب تقول: أمرٌ عجيبٌ وعجاب وعجّاب. ورجلٌ حسان. وحسّان: وجمال وجمّال، بالتّخفيف والتّشديد، بمعنًى واحدٍ.
والمعنى في قوله: {ومكروا مكرًا كبّارًا} أي: باتّباعهم في تسويلهم لهم بأنّهم على الحقّ والهدى، كما يقولون لهم يوم القيامة: {بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [سبأٍ:33] ولهذا قال هاهنا: {ومكروا مكرًا كبّارًا وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودًّا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا} وهذه أسماء أصنامهم الّتي كانوا يعبدونها من دون اللّه.
قال البخاريّ: حدّثنا إبراهيم، حدّثنا هشامٌ، عن ابن جريجٍ، وقال عطاءٌ، عن ابن عبّاسٍ: صارت الأوثان الّتي كانت في قوم نوحٍ في العرب بعد: أمّا ود: فكانت لكلب بدومة الجندل؛ وأما سواعٌ: فكانت لهذيلٍ، وأمّا يغوث فكانت لمراد، ثمّ لبني غطيف بالجرف عند سبأٍ، أمّا يعوق: فكانت لهمدان، وأمّا نسرٌ: فكانت لحمير لآل ذي كلاع، وهي أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوحٍ، عليه السّلام، فلمّا هلكوا أوحى الشّيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسمّوها بأسمائهم. ففعلوا، فلم تعبد حتّى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت
وكذا روي عن عكرمة، والضّحّاك، وقتادة، وابن إسحاق، نحو هذا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هذه أصنامٌ كانت تعبد في زمن نوحٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمّد بن قيسٍ {[يغوث] ويعوق ونسرًا} قال: كانوا قومًا صالحين بين آدم ونوحٍ، وكان لهم أتباعٌ يقتدون بهم، فلمّا ماتوا قال أصحابهم الّذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم. فصوّروهم، فلمّا ماتوا وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس فقال: إنّما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر، فعبدوهم.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث، عليه السّلام، من طريق إسحاق بن بشرٍ قال: وأخبرني جويبر ومقاتلٌ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: ولد لآدم عليه السّلام، أربعون ولدًا، عشرون غلامًا وعشرون جاريةً، فكان ممّن عاش منهم: هابيل، وقابيل، وصالحٌ، وعبد الرّحمن -والّذي كان سمّاه عبد الحارث-وودّ، وكان ودّ يقال له "شيث" ويقال له: "هبة اللّه" وكان إخوته قد سوّدوه، وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسرٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو عمر الدّوريّ، حدّثني أبو إسماعيل المؤدّب، عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز عن أبي حزرة، عن عروة بن الزّبير قال: اشتكى آدم، عليه السّلام، وعنده بنوه: ودٌّ، ويغوث، [ويعوق] وسواعٌ، ونسرٌ -قال وكان ودّ أكبرهم وأبرّهم به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا يعقوب، عن أبي المطهّر قال: ذكروا عند أبي جعفرٍ -وهو قائمٌ يصلّي-يزيد بن المهلّب، قال: فلمّا انفتل من صلاته قال: ذكرتم يزيد بن المهلّب، أما إنّه قتل في أوّل أرضٍ عبد فيها غير اللّه. قال: ثمّ ذكر ودًّا -قال: وكان ودٌّ رجلًا مسلمًا وكان محبّبًا في قومه، فلمّا مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلمّا رأى إبليس جزعهم عليه، تشبّه في صورة إنسانٍ، ثمّ قال: إنّي أرى جزعكم على هذا الرّجل، فهل لكم أن أصوّر لكم مثله، فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم. فصوّر لهم مثله، قال: ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه. فلمّا رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كلّ واحدٍ منكم تمثالًا مثله، فيكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم. قال: فمثّل لكلّ أهل بيتٍ تمثالًا مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، قال وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إيّاه، حتّى اتّخذوه إلهًا يعبدونه من دون اللّه أولاد أولادهم، فكان أوّل ما عبد من غير اللّه: الصّنم الّذي سمّوه ودّا.
وقوله: {وقد أضلّوا كثيرًا} يعني: الأصنام الّتي اتّخذوها أضلّوا بها خلقًا كثيرًا، فإنّه استمرّت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم. وقد قال الخليل، عليه السّلام، في دعائه: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس} [إبراهيم: 35، 36].
وقوله: {ولا تزد الظّالمين إلا ضلالا} دعاءٌ منه على قومه لتمرّدهم وكفرهم وعنادهم، كما دعا موسى على فرعون ومثله في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88] وقد استجاب اللّه لكلٍّ من النّبيّين في قومه، وأغرق أمّته بتكذيبهم لما جاءهم به.
يقول تعالى: {ممّا خطاياهم} وقرئ: {خطيئاتهم} {أغرقوا} أي: من كثرة ذنوبهم وعتوّهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم {أغرقوا فأدخلوا نارًا} أي: نقلوا من تيّار البحار إلى حرارة النّار، {فلم يجدوا لهم من دون اللّه أنصارًا} أي: لم يكن لهم معينٌ ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب اللّه كقوله: {قال لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم} [هودٍ: 43].
{وقال نوحٌ ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} أي: لا تترك على [وجه] الأرض منهم أحدًا ولا تومريّا وهذه من صيغ تأكيد النّفي.
قال الضّحّاك: {ديّارًا} واحدًا. وقال السّدّي: الدّيّار: الّذي يسكن الدّار.
فاستجاب اللّه له، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتّى ولد نوحٍ لصلبه الّذي اعتزل عن أبيه، وقال: {سآوي إلى جبلٍ يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} [هود: 43].
وقال ابن أبي حاتمٍ: قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني شبيب بن سعدٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو رحم اللّه من قوم نوحٍ أحدًا، لرحم امرأةً، لمّا رأت الماء حملت ولدها ثمّ صعدت الجبل، فلمّا بلغها الماء صعدت به منكبها، فلمّا بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها، فلمّا بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها. فلو رحم اللّه منهم أحدًا لرحم هذه المرأة".
هذا حديثٌ غريبٌ، ورجاله ثقاتٌ. ونجّى اللّه أصحاب السّفينة الّذين آمنوا مع نوحٍ، عليه السّلام، وهم الّذين أمره اللّه بحملهم معه.
وقوله: {إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك} أي: إنّك إن أبقيت منهم أحدًا أضلّوا عبادك، أي: الّذين تخلقهم بعدهم {ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} أي: فاجرًا في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا.
ثمّ قال: {ربّ اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا} قال الضّحّاك: يعني: مسجدي، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها، وهو أنّه دعا لكلّ من دخل منزله وهو مؤمنٌ، وقد قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا حيوة، أنبأنا سالم بن غيلان: أنّ الوليد بن قيسٍ التّجيبيّ أخبره: أنّه سمع أبا سعيدٍ الخدريّ -أو: عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ:-أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا تصحب إلّا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلّا تقيٌّ".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث عبد اللّه بن المبارك، عن حيوة بن شريحٍ، به ثمّ قال التّرمذيّ: إنّما نعرفه من هذا الوجه.
وقوله: {وللمؤمنين والمؤمنات} دعاءٌ لجميع المؤمنين والمؤمنات، وذلك يعم الأحياء منهم والأموات؛ ولهذا يستحبّ مثل هذا الدّعاء، اقتداءً بنوحٍ، عليه السّلام، وبما جاء في الآثار، والأدعية [المشهورة] المشروعة.
وقوله: {ولا تزد الظّالمين إلا تبارًا} قال السّدّيّ: إلّا هلاكًا. وقال مجاهدٌ: إلّا خسارًا، أي: في الدّنيا والآخرة.
آخر تفسير سورة "نوحٍ" [عليه السّلام وللّه الحمد والمنة]). [تفسير القرآن العظيم: 8/234-237]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
سورة, نوح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir