دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:17 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة الجن (الآيات: 1-5)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:43 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسيرُ سُورةِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ
وهي مَكِّيَّةٌ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً * وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً * وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً * وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً * وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً * وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً * قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً * قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلاَّ بَلاَغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً * حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً * قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(1 -2) {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً *}؛ أي: {قُلْ} يا أَيُّهَا الرسولُ للناسِ {أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} صَرَفَهم اللَّهُ إلى رَسولِه لسَمَاعِ آياتِه؛ لِتَقُومَ عليهم الْحُجَّةُ، وتَتِمَّ عليهم النعمةُ، ويَكونوا نُذُراً لقَوْمِهم.
وأَمَرَ اللَّهُ رسولَه أنْ يَقُصَّ نَبَأَهم على الناسِ؛ وذلكَ أنَّهم لَمَّا حَضَرُوه قالوا: أَنْصِتُوا. فلَمَّا أَنْصَتُوا فهِمُوا مَعانِيَهِ، ووَصَلَتْ حَقائِقُه إلى قُلوبِهم.
{فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً}؛ أي: مِن العَجائبِ الغاليةِ، والمطالِبِ العاليةِ.
(2) {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}، والرُّشْدُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُرْشِدُ الناسَ إلى مَصَالِحِ دِينِهم ودُنياهُمْ، {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فجَمَعُوا بينَ الإيمانِ الذي يَدخُلُ فيه جميعُ أعمالِ الخيرِ، وبينَ التَّقْوَى الْمُتَضَمِّنَةِ لتَرْكِ الشرِّ، وجَعَلُوا السببَ الداعِيَ لهم إلى الإيمانِ وتَوابِعِه، ما عَلِمُوه مِن إرشاداتِ القرآنِ، وما اشْتَمَلَ عليه مِن المصالِحِ والفوائدِ واجتنابِ الْمَضَارِّ؛ فإنَّ ذلك آيةٌ عَظيمةٌ وحُجَّةٌ قاطعةٌ لِمَن اسْتَنَارَ به واهتَدَى بِهَدْيِهِ.
وهذا الإيمانُ النافعُ المُثمِرُ لكلِّ خيرٍ، الْمَبْنِيُّ على هدايةِ القرآنِ، بخِلافِ إيمانِ العوائدِ والْمُرَبِّي والإلْفِ ونحوِ ذلك؛ فإِنَّهُ إيمانُ تَقليدٍ تحتَ خَطَرِ الشُّبُهاتِ والعوارِضِ الكثيرةِ.
{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا}؛ أي: تَعَالَتْ عَظمتُه وتَقَدَّسَتْ أسماؤُه، {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً}, فعَلِمُوا مِن جَدِّ اللَّهِ وعَظمتِه ما دَلَّهم على بُطلانِ ما يَزعُمُ أنَّ له صاحبةً أو وَلَداً؛ لأنَّ له العَظَمَةَ والكمالَ في كلِّ صِفةِ كمالٍ، واتِّخاذُ الصاحبةِ والولَدِ يُنافِي ذلك؛ لأنه يُضَادُّ كمالَ الغِنَى.
{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً}؛ أي: قَوْلاً جائراً عن الصوابِ متَعَدِّياً للحَدِّ، وما حَمَلَه على ذلك إلاَّ سَفَهُهُ وَضَعْفُهُ وضعْفُ عَقْلِه، وإلاَّ فلو كانَ رَزِيناً مُطْمَئِنًّا لعَرَفَ كيف يَقُولُ.
(5) {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً}؛ أي: كُنَّا مغْتَرِّينَ قبلَ ذلك، وغَرَّنَا القادَةُ والرؤساءُ مِن الجنِّ والإنسِ، فأَحْسَنَّا بهم الظنَّ وظَنَنَّاهم لا يَتَجَرَّؤُونَ على الكَذِبِ على اللَّهِ.
فلذلك كُنَّا قَبلَ هذا على طَريقِهم، فاليومَ إذ بانَ لنا الحقُّ، رَجَعْنا إليه وانْقَدْنا له، ولم نُبَالِ بقولِ أحَدٍ مِن الناسِ يُعارِضُ الْهُدَى.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:13 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

سورةُ الْجِنِّ.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا * وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا * وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا * وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا * وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا * قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا * قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا * حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا * قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}.
1-{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} المعنى: قلْ يا مُحَمَّدُ لأُمَّتِكَ: أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ على لسانِ جِبريلَ.
{أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} عددٌ منهم إلى قِراءتي للقرآنِ. والسورةُ التي كانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرؤُها عندَما استَمَعُوا إليه هي سورةُ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ولم يُرسِلِ اللهُ إليهم رُسُلاً منهم، بل الرسُلُ جميعاً مِن الإنسِ مِن بني آدَمَ.
{فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} أيْ: قالوا لقَوْمِهم لَمَّا رَجَعُوا إليهم: سَمِعْنا كلامًا مَقروءاً عَجَباً في فَصاحتِه وبَلاغتِه. وقِيلَ: عَجَباً في مَوَاعِظِه. وقيلَ: في بَرَكَتِه.
2-{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} أيْ: إلى الحَقِّ والصوابِ ومَعْرِفَةِ اللهِ.
{فَآمَنَّا بِهِ} أيْ: صَدَّقْنَا به أنه مِن عندِ اللهِ.
{وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} مِن خَلْقِه، ولا نَتَّخِذَ معه إِلَهًا آخَرَ، آمَنَتِ الجنُّ بسماعِ القرآنِ مَرَّةً واحدةً، وأَدْرَكُوا بعقُولِهم أنه كلامُ اللهِ، ولم يَنتفعْ كُفَّارُ قُريشٍ، لا سيما رؤساؤُهم بسماعِه مَرَّاتٍ، مع كونِ الرسولِ منهم يَتلوهُ عليهم بلسانِهم، لا جَرَمَ صَرَعَهم اللهُ أذَلَّ مَصْرَعٍ, وقَتَلَهم أقْبَحَ مَقْتَلٍ. وفي الآيةِ أنَّأَعْظَمَ ما في دَعوةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَوحيدُاللهِ تعالى وخَلْعُ الشرْكِ وأهلِه.
3-{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} ارتَفَعَ عَظمةُ ربِّنا وجَلالُه. وقيلَ: جَدُّه قُدرتُه.
{مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} أيْ: تعالى جَلالُ ربِّنا وعَظمتُه عن أنْ يَتَّخِذَ {صَاحِبَةً}؛ أيْ: زَوجةً، أو وَلَداً، كما يقولُ الكُفَّارُ الذينَ يَنْسِبونَ إلى اللهِ الصاحبةَ والولَدَ.
4-{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} يُنْكِرُ الجنُّ قولَ مشْرِكِيهِم وسُفَهَائِهم الكَذِبَ على اللهِ مِن دَعْوَى الصاحبةِ والولَدِ وغيرِ ذلك. والشَّطَطُ: الغُلُوُّ في الكُفْرِ، والبُعْدُ عن القَصْدِ، ومُجاوَزَةُ الْحَدِّ.
5-{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أيْ: أنَّا حَسِبْنَا أنَّ الإنسَ والجنَّ كانوا لا يَكْذِبونَ على اللهِ عندَما قالوا بأنَّ له شَريكاً وصاحبةً ووَلداً، فصَدَّقْنَاهم في ذلك ولم يَخْطِرْ ببالِنا أنَّ أَحَداً يَتجرَّأُ على الكَذِبِ على اللهِ، كما صَنَعَ دُعاةُ الإشراكِ باللهِ وسَدَنَةُ الآلهةِ الزائفةِ، حتى سَمِعْنَا القرآنَ، فعَلِمْنَا بُطلانَ قولِهم وبُطلانَ ما كنا نَظُنُّهُ بهم مِن الصدْقِ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:16 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً * وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً * وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً * وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً * وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً * وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً * قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً * قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلاَّ بَلاَغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً * حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً * قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.

تفسيرُ سورةِ الْجِنِّ
وهي مَكِّيَّةٌ

قولُه تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} سببُ نُزولِ هذه الآيةِ ما رَوَى سعيدُ بنُ جُبيرٍ عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انطَلَقَ في نَفَرٍ مِن أصحابِه عامِدينَ إلى سوقِ عُكَاظٍ، فمَرَّ بالنخلةِ، وقد كانَ الشياطينُ مُنِعُوا مِن السماءِ، وأُرْسِلَتِ الشهُبُ عليهم، فقالوا لقومِهم: قد حِيلَ بينَنا وبينَ خبرِ السماءِ. فقالوا: إنما ذلك لأمْرٍ حَدَثَ في الأرْضِ.
ورُوِيَ أنهم قالوا ذلك لإبليسَ، وأنَّ إبليسَ قالَ لهم: اضْرِبُوا في مَشارِقِ الأرْضِ ومَغَارِبِها لتَعْرِفُوا ما الأمْرُ الذي حَدَثَ؟ فمَرَّ نفَرٌ منهم نحوَ تِهامةَ، فرَأَوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي بأصحابِه صَلاةَ الفجْرِ ببَطنِ نَخلةَ، وهو يَقرأُ القرآنَ، فقالوا: هذا هو الأمْرُ الذي حَدَثَ. ورَجَعُوا إلى قومِهم وأَخْبَرُوهم بذلك، وأَنْزَلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ.
وقد رَوَى البخاريُّ في الصحيحِ نَحْواً مِن روايةِ ابنِ عَبَّاسٍ، وذَكَرَ ابنُ جُريجٍ في تفسيرِه عن أبي عُبيدةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ عن ابنِ مسعودٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انطَلَقَ إلى الجنِّ ليَقرأَ عليهم القرآنَ ويَدْعُوَهم إلى اللهِ، فقالَ لأصحابِه: ((مَنْ يَصْحَبُنِي مِنْكُمْ؟)).
وفي روايةٍ: ((لِيَقُمْ مِنْكُمْ رَجُلٌ مَعِي لَيْسَ فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ)). فسكَتَ القوْمُ. فقالَ ذلكَ ثانياً وثالثاً، فقامَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ. قالَ ابنُ مسعودٍ: فانطلَقْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قِبَلَ الْحَجُونِ حتى دَخَلْنَا شِعْبَ أبي دُبٍّ، فقالَ: فخَطَّ لي خَطًّا فقالَ: ((لاَ تَبْرَحْ هَذَا الْخَطَّ)). ونَزَلَ عليه الجنُّ مِثلَ الْحَجَلِ. قالَ: فقَرأَ عليهم القرآنَ وعَلا صوتُه، فلَصِقُوا بالأرْضِ حتى لا أَراهُمْ.
وفي روايةٍ أنهم قالوا له: ما أنتَ؟ ما أنتَ؟ قالَ: ((نَبِيٌّ)). قالوا: ومَن يَشهَدُ لك؟ فقالَ: ((هَذِهِ الشَّجَرَةُ)). قالَ: فدعا الشجرةَ فجاءَتْ تَجُرُّ عُروقَها، لها قَعَاقِعُ، وشَهِدَتِ الشجرةُ له بالنُّبُوَّةِ، ثم عادَتْ إلى مكانِها.
وفي هذا الخبَرِ: أنهم سَأَلُوه الزادَ فأَعْطَاهُم العظْمَ والبَعْرَ، فكانوا يَجِدُونَ العَظْمَ أوْقَرَ ما يكونُ لَحْماً، والبعْرَ عَلَفاً لدَوَابِّهِمْ، ونَهَى الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَئذٍ الاستنجاءَ بالعظْمِ والرَّوَثِ.
قالَ جماعةٌ مِن أهْلِ التفسيرِ: إنَّ أمْرَ الْجِنِّ كانَ مَرَّتَيْنِ، مرَّةً بمكةَ ومَرَّةً ببطنِ نَخْلَةَ.
فالذي رَواهُ ابنُ عبَّاسٍ هو الذي كان ببَطنِ نَخلةَ، والذي رواه ابنُ مَسعودٍ هو الذي كان بمكةَ؛ فأمَّا الذي كانَ ببَطْنِ نخلةَ، فإنهم مَرُّوا بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واسْتَمَعوا القرآنَ, وأمَّا الذي كان بمكةَ فإنَّ الرسولَ انطَلَقَ إليهم, وقَرأَ عليهم القرآنَ ودَعاهم إلى الإيمانِ، فهذا هو الجمْعُ بينَ الرِّوايتينِ، وقد رُوِيَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَأى بالعراقِ قَوماً مِن الزُّطِّ، فقالَ: أُشَبِّهُهم بالْجِنِّ ليلةَ الْجِنِّ.
وفي روايةِ عَلقمةَ: أنه قالَ لعبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ: هل كان مِنكم أحَدٌ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةَ الْجِنِّ؟ قالَ: لا، ما شَهِدَه مِنَّا أحَدٌ. وساقَ خَبراً ذكَرَه مسلِمٌ في كتابِه.
وفي البابِ اختلافٌ كثيرٌ في الرواياتِ، وأمَّا ما ذَكَرْنَاهُ هو المختصَرُ منها، ويُحتمَلُ أنَّ ابنَ مسعودٍ كان مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةَ الْجِنِّ إلا أنه لم يكنْ معه عندَ خِطابِ الجنِّ وقِراءةِ القرآنِ عليهم، فإنه رُوِيَ أنه قالَ: خَطَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لي خَطًّا وقالَ: ((لاَ تَبْرَحْ هَذَا الْخَطَّ)). وَانْطَلَقَ فِي الْجَبَلِ. قالَ: فسَمِعْتُ لَغَطاً وصَوتاً عَظيماً، فأَرَدْتُ أنْ أذْهَبَ في أَثَرِه، فذَكرتُ قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((لاَ تَبْرَحِ الْخَطَّ)). فلم أَذْهَبْ، فلَمَّا رَجَعَ ذَكرتُ له ذلك، فقالَ لي: ((لَوْ خَرَجْتَ مِنَ الْخَطِّ لَمْ تَرَنِي أَبَداً)).
قولُه تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} قالَ الفرَّاءُ: النفَرُ اسمٌ لِمَا بينَ الثلاثةِ إلى عَشرةٍ. وحكاه ابنُ السِّكِّيتِ أيضاً عن ابنِ زَيدٍ. يقولون: عَشرةُ نَفَرٍ، ولا يقولون: عِشرونَ نَفراً ولا ثَلاثونَ نَفَراً، وقد رُوِيَ أنهم كانوا تِسعةَ نَفَرٍ، وذَكَرُوا أسماءَهم، وقد بَيَّنَّا، وروَى عاصمٌ عن زِرٍّ أنه كان فيهم زَوْبَعةُ.
وقولُه تعالى: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} أيْ: عَجَباً في نَظْمِه وتأليفِه وصِحَّةِ معناه، ولا يَصِحُّ قولُه: {إِنَّا سَمِعْنَا} إلا بالكسْرِ.
قولُه: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} أيْ: إلى الصوابِ وطَريقِ الْحَقِّ.
وقولُه تعالى: {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} أيْ: لا نَجعلُ أَحَداً مِن خلْقِه شَريكاً له.
قولُه تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} قُرئَ بالكسْرِ وبالفتْحِ، فمَن قَرأ بالكسْرِ فهو أنَّ الجنَّ قالوا، ومَن قَرأَ بالفتْحِ فنَصَبَه على معنى: آمَنَّا وأنه تعالى جَدُّ رَبِّنا، فانتصَبَ بوُقوعِ الإيمانِ عليه، والقراءةُ بالكسْرِ أحْسَنُ القِراءتينِ.
وقولُه تعالى: {جَدُّ رَبِّنَا} أيْ: عَظمةُ رَبِّنَا، هذا قَولُ قَتادةَ وغيرِه.
والْجَدُّ: العَظمةُ، وهو البَخْتُ أيضاً، وهو أبُ الأبِ، وفي حديثِ أنَسٍ: كان الرجُلُ مِنَّا إذا قَرأَ البَقرةَ وآلَ عِمرانَ جَدَّ فينا، أيْ: عَظُمَ فِينا.
وقولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: ((وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)). أيْ: لا يَنفعُ ذا البَخْتِ منك بَخْتُه إذا أَرَدْتَ به سُوءاً أو مَكروهاً.
وعن الحسَنِ قالَ: {تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} أيْ: غِنَى رَبِّنا. وعن إبراهيمَ والسُّدِّيِّ قالاَ: {جَدُّ رَبِّنَا} أيْ: أَمْرُ رَبِّنَا.
وقولُه تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً} أيْ: زَوجةً ووَلَداً.
قولُه تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً} فيه قولانِ:
أحَدُهما: أنَّ السفيهَ هو إبليسُ عليه اللَّعْنَةُ، وهو قولُ مُجاهِدٍ، والآخَرُ: أنه كُلُّ عاصٍ مُتَمَرِّدٍ مِن الْجِنِّ.
وقولُه: {شَطَطاً} أيْ: كَذِباً، وقيلَ: جَوْراً.
قولُه تعالى: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً} وقَرَأَ يَعقوبُ: (أنْ لَنْ تَقوَّلَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ) أيْ: لن تَقولَ، معناه ظاهِرٌ، كأنهم ظَنُّوا أنَّ كلَّ مَن قالَ على اللهِ شيئاً فهو كما قالَ، وأنه لا يُجْزِي الكذِبُ على اللهِ.

([1] ) كذا بالأصل، ولعلها: " أوفرَ " .

([2] ) لعل بعدها " عن " .


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 11:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة الجنّ وهي مكّيّةٌ.
يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يخبر قومه: أنّ الجنّ استمعوا القرآن فآمنوا به وصدّقوه وانقادوا له، فقال تعالى: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرّشد} أي: إلى السّداد والنّجاح، {فآمنّا به ولن نشرك بربّنا أحدًا} وهذا المقام شبيهٌ بقوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجنّ يستمعون القرآن} [الأحقاف: 29] وقد قدّمنا الأحاديث الواردة في ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله: {وأنّه تعالى جدّ ربّنا} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {جدّ ربّنا} أي: فعله وأمره وقدرته.
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: جدّ اللّه: آلاؤه وقدرته ونعمته على خلقه.
وروي عن مجاهدٍ وعكرمة: جلال ربّنا. وقال قتادة: تعالى جلاله وعظمته وأمره. وقال السّدّيّ: تعالى أمر ربّنا. وعن أبي الدّرداء، ومجاهدٌ أيضًا وابن جريجٍ: تعالى ذكره. وقال سعيد بن جبيرٍ: {تعالى جدّ ربّنا} أي: تعالى ربّنا.
فأمّا ما رواه ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: الجدّ: أبٌ. ولو علمت الجنّ أنّ في الإنس جدًّا ما قالوا: تعالى جدّ ربّنا.
فهذا إسنادٌ جيّدٌ، ولكن لست أفهم ما معنى هذا الكلام؛ ولعلّه قد سقط شيءٌ، واللّه أعلم. وقوله: {ما اتّخذ صاحبةً ولا ولدًا} أي: تعالى عن اتّخاذ الصّاحبة والأولاد، أي: قالت الجنّ: تنزّه الرّبّ تعالى جلاله وعظمته، حين أسلموا وآمنوا بالقرآن، عن اتّخاذ الصّاحبة والولد.
ثمّ قالوا: {وأنّه كان يقول سفيهنا على اللّه شططًا} قال مجاهدٌ، وعكرمة، وقتادة، والسّدّيّ: {سفيهنا} يعنون: إبليس، {شططًا} قال السّدّي، عن أبي مالكٍ: {شططًا} أي: جورًا. وقال ابن زيدٍ: ظلمًا كبيرًا.
ويحتمل أن يكون المراد بقولهم: {سفيهنا} اسم جنسٍ لكلّ من زعم أنّ للّه صاحبةً أو ولدًا. ولهذا قالوا: {وأنّه كان يقول سفيهنا} أي: قبل إسلامه {على اللّه شططًا} أي: باطلًا وزورًا؛ {وأنّا ظننّا أن لن تقول الإنس والجنّ على اللّه كذبًا} أي: ما حسبنا أنّ الإنس والجنّ يتمالئون على الكذب على اللّه في نسبة الصّاحبة والولد إليه. فلمّا سمعنا هذا القرآن وآمنّا به، علمنا أنّهم كانوا يكذبون على اللّه في ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/237-239]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجن, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir