دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 2 شعبان 1443هـ/5-03-2022م, 08:45 PM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.
1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
أخرجه الطبري عن سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش من طرق.
قال الطبري: اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة (بِضَنِينٍ) بالضاد...وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين (بِظَنِينٍ) بالظاء.
وعنى بقوله: "بعض المكيين" عبد الله بن كثير الداري المكي، وبقوله: "بعض البصريين" أبا عمرو بن العلاء البصري، وبقوله: "بعض الكوفيين" أبا الحسن علي بن حمزة الكسائي الكوفي.
قال الحسين بن أحمد بن خالويه في إعراب القراءات السبع وعللها: ((وقوله تعالى: {وما هو على الغيب بضنين}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: {بظنين} بالظاء...قرأ الباقون: {بضنين} بالضاد...))
وقال الأزهري في معاني القراءات: ((وقوله جلَّ وعزَّ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي والحضرمّى (بِظَنِينٍ) بالظاء. وقرأ عاصم ونافع وحمزة وابن عامر "ضَنِينٍ" بالضاد)).
إذا كل واحدة من القراءتين قراءة صحيحة متواترة.
أما معناهما فقد قال زر بن حبيش: (الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
فمعنى الظنين: المتهم. وهو فعيل بمعنى مفعول، قال ابن الأنباري في الأضداد: ((ويقال: فلان عندي ظَنِين، أَي متَّهم، وأَصله مَظنون، فصرِف عن مفعول إِلى فعيل، كما قالوا: مطبوخ وطبيخ)).
وقال أبو هلال العسكري في الوجوه والنظائر: ((والظنين: المظنون)).
فالمعنى: أنه -صلى الله عليه وسلم- غير متهم فيما يخبر عن الله تعالى، بل هو أمين، فأدى الرسالة على وجهها من غير زيادة ونقصان.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: (({وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بظَنِينٍ}؛ أي بمُتَّهَم على ما يُخبِر به عن الله عز وجل)).
قال الأزهري في معاني القراءات: ((من قرأ (وَمَاهُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ) فمعناه: ما هو متهم، هو الثقة فيما أداه عن اللَّه. والظَّنَّةُ: التهَمَة)).
فإن قيل: أليس "ظن" يتعدي على مفعولين؟ قيل: ليس ما في هذه الآية من هذا الباب. فإن (ظن) في القرآن على ثلاثة أوجه كما بينه مقاتل بن سليمان في (الوجوه والنظائر في القرآن الكريم).
الوجه الأول: الظن بمعنى اليقين. ومثل له بقوله تعالى: {وظن داوود أنما فتناه}، يعني: أيقن داوود أنا ابتليناه.
الوجه الثاني: الشك، ومثل له بقوله تعالى: {قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا}، يعني: إن نشك إلا شكا، {وما نحن بمستيقنين}.
الوجه الثالث: الظن، يعني: التهمة.
قال مقاتل بن سليمان: ((فذلك قوله في "إذا الشمس كورت": {وما هو على الغيب بضنين}، يعني: على القرآن بمتهم، فالغيب في هذا الموضع القرآن خاصة. وقال في أول الأحزاب: {وتظنون بالله الظنونا}، يعني: التهمة، اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبرهم به عن الله تبارك وتعالى)).
ومنه أيضا قوله في الفتح: {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء}.
والظن إذا كان بعمنى التهمة لا يتعدى إلى المعغولين، بل يتعدى إلى مفعول واحد.
قال سيبويه في الكتاب: ((وقد يجوز أن تقول: ظننتُ زيداً، إذا قال: من تظنُّ، أى من تَتهمُ؟ فتقول: ظننتُ زيداً، كأَنه قال: أتَّهَمْتُ زيدا. وعلى هذا قيل: ظَنينٌ "أى مُتَّهَمٌ ". ولم يَجْعَلوا ذاك فى حَسِبتُ وخِلْتُ وأُرَى؛ لأنّ من كلامهم أن يدخلوا المعنى في الشيء لا يَدْخل فى مثله)).
وقال ابن الأنباري في الأضداد: ((...وأَمَّا معنى التّهمة فهو أَن تقول: ظننت فلاناً، فتستغنيَ عن الخبر، لأَنَّكَ اتَّهمته، ولو كان بمَعْنَى الشكّ المحْض لم يُقْتَصرْ به على منصوب واحد)).
قال أبو هلال العسكري في الوجوه والنظائر: قال اللَّه: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} أي: ما هو على الوحي بمتهم، والظنين المظنون، وظننت في هذا يتعدى إلى مفعول واحد، ظننته أي: اتهمته.
قال مكي في الكشف عن وجوه القراءات السبع: ((...و«ظننت» إذا كانت بمعنى «اتهمت» لم تتعد إلا إلى مفعول واحد)).
قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن: ((وأما قراءة من قرأ بظنين بالظاء فمعناه المتهم، يقال: ظننت زيداً، بمعنى اتهمته، وليس من الظن الذي هو الشعور والإدراك، فإن ذاك يتعدى إلى مفعولين ومنه ما أنشده أبو عبيدة:
أما وكتاب الله لا عن شناءة ... هجرت ولكن المحب ظنين))
وذكر في معنى "ظنين" قول آخر، وهو أنه الضعيف.
قال الفراء: ((...والذين قالوا: بظنين. احتجوا بأن على تقوى قوهم، كما تَقُولُ: ما أنت عَلَى فلان بمتهم، وتقول: ما هو عَلَى الغيب بظنين: بضعيف، يَقُولُ: هُوَ محتمل لَهُ، والعرب تَقُولُ للرجل الضعيف أَوِ الشيء القليل: هُوَ ظنون. سمعت بعض قضاعة يَقُولُ: ربما دلّك عَلَى الرأي الظنون، يريد: الضعيف من الرجال، فإن يكن معنى ظنين: ضعيفًا، فهو كما قيل: ماءٌ شريب، وشروب)).
وعلى هذا يكون أصله: ظَنون، فصرف إلى ظنين.
قال الخليل بن أحمد في معنى ظنون: ((والظنون: الرجل السيء الظن بكل أحد...والظنون: البئر التي لا يدرى أفيها ماء أم لا)).
وقال ابن الأنباري في المذكر والمؤنث: ((ويقال بئرٌ (ظنونٌ)، إذا كانت لا يُوثق بمائها: يأتي مرةً، ويذهبُ مرةً أخرى...ويقال: ورجُلٌ ظنونٌ، إذا كان لا يُوثقُ به)).
وقال ابن الأنباري أيضا في الأضداد: ((وقالَ الله عزَ وجلّ: {ومَا هُوَ على الغَيْنِ بِظَنِين}، فيجوز أَن يكون معناه: بمتَّهم. ويجوز أَن يكون معناه: بضعيف، من قول العرب: وَصْلُ فلان ظَنون، أَي ضعيف، فيكون الأَصل فيه: وما هو على الغيب بظَنون، فقلَبوا الواو ياءً، كما قالوا: ناقةٌ طَعُوم وطَعِيم، للَّتي بين الغَثَّة والسَّمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإِحصاءها.

أما الضنين فمعناه البخيل، وهو بمعنى فاعل، فالمعنى: أنه -صلى الله عليه وسلم- غير بخيل على الناس بتعليمهم ما علَّمه الله، وأنزل إليه من كتابه. وهذه القراءة تضمنت تنزيهه صلى الله عليه وسلم عن البخل، وفيها أيضا دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم على ثقة من الغيب الذي يخبر به، فلا يخاف أن ينتقض ويظهر الأمر بخلاف ما أخبر به، كما ذكره ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن.
قال الفراء: ((يقول: يأتيه غيب السماء، وهو منفوس فيه، فلا يضن به عنكم)). والضنة هو البخل بالشيء النّفيس.
قال الخليل بن أحمد في العين: ((ضن: الضن والضنة والمضنة، كل ذلك من الإمساك والبخل، تقول: رجل ضنين. وقوله تعالى وما هو على الغيب بضنين، أي بمكتوم لما أوحي إليه من القرآن)).
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: ((ومن قرأ: {بِضَنِينٍ}؛ أراد: ببخيل. أي ليس ببخيل عليكم)).
وقال الأزهري في معاني القراءات: ((ومن قرأ (بضنِين) فمعناه: ما هو ببخيل على الغيب الذي يؤديه عن الله، وعلى تعليمه كتاب الله. مأخوذ من: الضن، وهو: البخلُ)).
قال ابن فارس في مقاييس اللغة: ((ضن) الضاد والنون: أصل صحيح، يدل على بخل بالشيء. يقال: ضننت بالشيء أضن به ضنا وضنانة، ورجل ضنين. وهذا علق مضنة ومضنة، إذا كان نفيسا يضن به. وفلان ضني من بين إخواني، إذا كان النفيس الذي يضن به. وربما قالوا ضننت بفتح النون)). وهذا قريب مما قال الفراء.
قال مكي في الكشف عن وجوه القراءات السبع: ((...وقرأ الباقون بالضاد على معنى «ببخيل»، أي: ليس محمد ببخيل في بيان ما أوحي إليه وكتمانه، بل يبثه ويبينه للناس)).
وللعلماء ثلاث طرق في المعاملة بهاتين القراءتين:
الأول: ترجيح القراءة بالضاد، لموافقتها لرسم المصحف واللغة.
قال الطبري: ((وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب: ما عليه خطوط مصاحف المسلمين متفقة)). ولما اختار هذه القراءة اختار المعنى الذي تدل عليه فقال: ((فإذا كان ذلك كذلك، فأولى التأويلين بالصواب في ذلك: تأويل من تأوّله، وما محمد على ما علَّمه الله من وحيه وتنزيله ببخيل بتعليمكموه أيها الناس، بل هو حريص على أن تؤمنوا به وتتعلَّموه)).
وقال مكي في مشكل إعراب القرآن: ((قوله {على الغيب بظنين} دخول "على" يدل على أن ضنينا بالضاد بمعنى بخيل، يقال: بخلت عليه. ولو كان بالظاء بمعنى متهم لكان بالباء، كما يقال: هو متهم بكذا، ولا يقال: على كذا. ويجوز أن تكون "على" في موضع الباء فتحسن القراءة بالظاء)).
وقال أبو الحسن القيرواني في النكت في القرآن الكريم: ((والقراءة بالضاد أجود، لا يقال: اتهمته على كذا، وإنما يقال اتهمته بكذا، ومجاز القراءة بالظاء أنه وضع {عَلَى} موضع الباء)).
الثاني: ترجيح القراءة بالظاء.
وذلك لوجوه:
• أن الكفار إنما اتهموه صلى الله عليه وسلم، ولم يبخلوه.
• دخول "على" يدل أدل على مراد البخل. يقال: فلان ضنين بكذا، وقلما يقال: على كذا.
• لما وصف الرسول الملكي بالأمانة نسب نفي التهمة عن الرسول البشري.
ذكره ابن القيم في التبيان ونسب بعضها إلى أبي عبيدة.
الثالث: عدم الترجيح؛ لأن "إذا كان لكل قراءة تفسير يغاير تفسير القراءة الأخرى فإن القراءتين بمنزلة الآيتين"، كما ذكره خالد السبت في قواعد التفسير.
قال ابن القيم في التبيان: ((...ثم نزه رسوليه كليهما أحدهما بطريق النطق والثاني بطريق اللزوم عما يضاد مقصود الرسالة من الكتمان الذي هو الضنة والبخل والتبديل والتغيير الذي يوجب التهمة فقال {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} فإن الرسالة لا يتم مقصودها إلا بأمرين أدائها من غير كتمان وأدائها على وجهها من غير زيادة ولا نقصان والقراءتان كالآيتين...))
وقال محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: ((اعلم أولا، أن القراءتين إذا ظهر تعارضهما في آية واحدة لهما حكم الآيتين، كما هو معروف عند العلماء)).
وذلك لأن الأصل هو المحفوظ في الصدور، والرسم فرع عنه، فرسم الكلام في وقت الصحابة كان مجرَّداً من النقط والشكل والضبط.
وقال السيوطي: في الإتقان في علوم القرآن: ((...مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة، ولذا لم يعدوا إثبات ياء الزوائد وحذف ياء: {فلا تسألني} في الكهف، وواو: {وأكون من الصالحين}، والظاء من: {بضنين}، ونحوه من مخالفة الرسم المردودة، فإن الخلاف في ذلك مغتفر؛ إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول، بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف المعاني فإن حكمه في حكم الكلمة لا تسوغ مخالفة الرسم فيه وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته)).
بل تعود القراءتان إلى ذات واحدة، ما يدل على زيادة في الحكم لهذه الذات بمعنييهما.
وقد بين بن خالويه (المتوفى: 370 هـ) في إعراب القراءات السبع وعللها أنواع الاختلاف في القراءات فقال: ((وأمّا على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف، فإنه يشتمل على ثلاثة معان يحيط بها كلها:
أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد.
والثاني: اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضادّ اجتماعهما فيه)).
ومثل له قائلا: ((وكذا قوله: وما هو على الغيب بضنين بالظاء وبالضاد؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب، أي: غير متّهم فيما أخبر به عن الله تعالى، وغير ضنين به، أي: غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه، فقد انتفى عنه الأمران جميعا، فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين، وكذا ما أشبهه)).
والثالث: اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه.
وهذا الاختلاف بين القراءتين من اختلاف النتوع الذي يمكن الجمع فيه، لا سيما أن القراءتين متواترتان صحيحتان، فيمكن أن تكونا كليهما مرادا.
قال الطاهر بن العاشور: ((وإذ تواترت قراءة بضنين بالضاد الساقطة، وبظنين بالظاء المشالة علمنا أن الله أنزله بالوجهين وأنه أراد كلا المعنيين)).

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
أخرجه الطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند (وقال ابن أبي حاتم: يعني أبي هند) عن أبي العالية من طرق.
قد بين أبو العالية ثلاث مسائل في الآية:
الأولى: المراد بالذين كفروا، والمراد بكفرهم بعد الإيمان.
الثانية: معنى زيادة الكفر.
الثالثة: علة امتناع قبول التوبة.
أما المسألة الأولى: فقد قال أبو العالية: ((إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا...))
أما اليهود، فقد كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بصفاته وإقرارهم أنها في التوراة، وهذا قوله تعالى فيهم في سورة البقرة: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}. وقد روى الطبري عن ابن عباس أنه قال: ((إن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. فلما بعثه الله من العرب، كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه)).
وقد أخبر عيسى عليه الصلام قومه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما بين هذا ربنا تعالى بقوله: {وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين}.
ولهذا جمع الله تعالى بينهم وبين المشركين لما وافقوهم على هذا الكفر -الكفر بالرسول صلى الله عليه وسلم- فقال: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1) رسول من الله يتلو صحفا مطهرة}، أي: لم يكن أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، تاركين صفة محمد في كتابهم، حتى بعث، فلما بعث تفرقوا فيه، على الذي اختاره الطبري.
وهنا قولان آخران:
أحدهما: أنها نزلت فيمن لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد، فإنهم قالوا: نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون، قاله ابن عباس، ومقاتل. فالنفاق من أنواع الكفر، كما هو معلوم.
والثاني: أنها نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل، ثم ازدادوا كفراً بمحمد والقرآن، قاله الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني.
ذكرهما ابن الجوزي في زاد المسير.
واختار الطبري القول إن المراد بهم اليهود مستدلا بالسياق، قال: وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل هذه الآية، قولُ من قال:"عنى بها اليهودَ"، وبين سبب اختياره بقوله: "لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها، إذ كانت في سياق واحد".
وقال ابن عطية بعد ذكره قول أبي العالية: "وعلى هذا الترتيب يدخل في الآية المرتدون اللاحقون بقريش وغيرهم"، وعلى هذا فالآية تعم كل من هذه صفته، من الكفر بعد الإيمان.
المسألة الثانية: معنى زيادة الكفر.
فقد بين هذا أبو العالية أنها كانت بارتكاب الذنوب حال كفرهم واستمرارهم على الضلال، فيضمون إلى ذلك الكفر كفرا آخر من الافتراء والبهت والسعي على الإسلام وغير ذلك.
قال الرازي في تفسيره: :والضابط أن المرتد يكون فاعلا للزيادة بأن يقيم ويصر فيكون الإصرار كالزيادة، وقد يكون فاعلا للزيادة بأن يضم إلى ذلك الكفر كفرا آخر، وعلى هذا التقدير الثاني ذكروا فيه وجوها"، وذكر أن من هذه الوجوه "أن أهل الكتاب كانوا مؤمنين بمحمد عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه، ثم كفروا به عند المبعث، ثم ازدادوا كفرا بسبب طعنهم فيه في كل وقت، ونقضهم ميثاقه، وفتنتهم للمؤمنين، وإنكارهم لكل معجزة تظهر".
ونقل الواحدي في البسيط قول أبي عبيد: "جعل أبو العالية إصابة الذنوب زيادة في الكفر، كما أن أعمال البر زيادةٌ في الإيمان".
وقول أبي العالية هذا اختاره الطبري مستدلا بسياق الآية حيث قال تعالى: {لن تُقبل توبتهم}، فكانت زيادة الكفر سببا للحكم بعدم قبول التوبة. قال الطبري: "فالذي لا يَقبل منه التوبة، هو الازدياد على الكفر بعد الكفر، لا يقبل الله توبة صاحبه ما أقام على كفره، لأن الله لا يقبل من مشرك عملا ما أقام على شركه وضلاله".
وقال النحاس: "ويجوز في اللغة أن يكون المعنى: لن تقبل توبتهم فيما تابوا منه من الذنوب وهم مقيمون على الكفر، هذا يروي عن أبي العالية".
والقول الثاني: تربص المرتدين بمحمد ريب المنون، على قول ابن عباس، ومقاتل إن المراد بالذين كفروا أصحاب الحارث بن سويد.
والقول الثالث: هو ازدياد اليهود كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد كفرهم بعيسى عليه السلام. وهو قول الحسن وقتادة.
وضعفه ابن عطية فقال: وفي هذا القول اضطراب، لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين.
والقول الرابع: التمام على الكفر وبلوغ الموت به. وهو قول مجاهد. فيكون إصرارهم على الكفر كالزيادة.
وهذا القول قريب من قول أبي العالية حيث يشمل كل من مات على كفره من أهل الكتاب والمرتدين، كما ذكره ابن عطية.
المسألة الثالثة: علة امتناع قبول التوبة.
قال أبو العالية: (...فهم يتوبون منها في كفرهم). وهذا قد ذكر آنفا، أن المراد أن التوبة لا تنفع صاحبها ما دام كافرا. وهو اختيار الطبري، كما ذكر، قال: ((لن تقبل توبتهم من ذنوبهم التي أصابوها في كفرهم، حتى يتوبوا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويراجعوا التوبة منه بتصديقه بما جاء به من عند الله)).
والقول الثاني: أن معناه: لن تُقبل توبتهم حين يحضرهم الموت، وهو قول الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والسدي.
القول الثالث: لن تقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر، وهو قول مجاهد.
وعلى كل فالآية تبين حكم من يموت كافرا، ويؤيد ذلك قوله تعالى بعدها: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين}، سواء أظهر الكفر أم كتمه.

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
أخرجه عبد الرزاق، والطبري، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق سفيان الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير.
وهذا القول اختاره الفراء، وأبو عبيدة، والبخاري، وابن قتيبة، والزجاج.
وذكر في المراد بالصاحب بالجنب قولان آخران:
أحدهما: أنه الزوجة، قاله علي، وابن مسعود، والحسن، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى.
والثاني: الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك، وهو قول ابن زيد.
ولما ليس في الأقوال الواردة في المراد بالصاحب بالجنب ما يدل على إرادة التخصيص والحصر حمله بعض العلماء على التفسير بالمثال.
قال الطبري: ((وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاء نفعه؛ لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه، وقد أوصى الله تعالى بجميعهم لوجوب حق الصاحب على المصحوب...وإن كان الصاحب بالجنب معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كل من جنب رجلا يصحبه في سفر أو نكاح أو انقطاع إليه واتصال به ولم يكن الله جل ثناؤه خص بعضهم مما احتمله ظاهر التنزيل؛ فالصواب أن يقال: جميعهم معنيون بذلك , وبكلهم قد أوصى الله بالإحسان إليه)).
وقال الجصاص في أحكام القرآن (370): ((لما كان اللفظ محتملا لجميع ذلك وجب حمله عليه وأن لا يخص منه شيء بغير دلالة)).
قال الزمخشري (538): ((وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك، إما رفيقا في سفر، وإما جاراً ملاصقاً، وإما شريكا في تعلم علم أو حرفة، وإما قاعداً إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه. فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه، وتجعله ذريعة إلى الإحسان)).
وقال القرطبي: ((والأول (يعني: الرفيق في السفر) أصح، وهو قول ابن عباس وابن جبير وعكرمة ومجاهد والضحاك. وقد تتناول الآية الجميع بالعموم. والله أعلم)).
وقال الشوكاني: ((ولا يبعد أن تتناول الآية جميع ما في هذه الأقوال مع زيادة عليها، وهو كل من صدق عليه أنه صاحب بالجنب، أي: بجنبك، كمن يقف بجنبك في تحصيل علم أو تعلم صناعة أو مباشرة تجارة أو نحو ذلك)).
وقال السعدي: ((قيل: الرفيق في السفر، وقيل: الزوجة، وقيل الصاحب مطلقا، ولعله أولى، فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر ويشمل الزوجة)).
وهذا صحيح، فقد جاء في بعض ما روي عن سعيد بن جبير أنه الرفيق مطلقا، وفي بعضه أنه الرفيق الصالح.
وذلك أن مبنى الأقوال على أصل الجنب في اللغة، وقد بين الراغب الأصفهانى في المفردات وجه العلافة، قال: ((أصل الجَنْب: الجارحة، وجمعه: جُنُوب... ثم يستعار من الناحية التي تليها كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك، نحو: اليمين والشمال...))
وفي كل الأقوال عبارة عن قرب، وهذا يمكن أن يوصف كل من ذكر، وهو كما قاله الطبري: ((...لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه)).

4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
قول سعيد بن المسيب هذا أخرجه الطبري فقال: حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}، قال: المصلين المؤمنين، بلال وابن أم عبد. قال ابن جريج، وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: صليت الصبح مع سعيد بن المسيب، فلما سلّم الإمام ابتدر الناس القاصَّ، فقال سعيد: ما أسرعَ بهم إلى هذا المجلس! قال مجاهد: فقلت: يتأولون ما قال الله تعالى ذكره. قال: وما قال؟ قلت:"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، قال: وفي هذا ذَا؟ إنما ذاك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن، إنما ذاك في الصلاة.
والمسألة هنا: المراد بالدعاء.
قال الطبري: واختلف أهل التأويل في الدعاء الذي كان هؤلاء الرَّهط، الذين نهى الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم عن طردهم، يدعون ربّهم به.
وقول سعيد بن المسيب، إن المراد به الصلوات المفروضة قاله أيضا ابن عباس، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن.
ونسب الواحدي في البسيط هذا القول إلى عامة المفسرين، قال: "وهو قول جميع أهل التأويل".
وقوله تعالى: {بالغداة والعشي} على هذا القول يحتمل ثلاث احتمالات:
الأول: وهما الصبح والعصر. وهو قول مجاهد وقتادة.
الثاني: هي الصلاة بمكة قبل فرض الخمس وكانت غدوة وعشية، ذكره ابن عطية عن الحسن، وابن الجوزي عن مقاتل.
الثالث: هي عبارة عن دوام الفعل.
قال ابن عطية: ((...قوله: {بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ} "عبارة عن استمرار الفعل وأن الزمن معمور به، كما تقول: الحمد لله بكرة وأصيلا، فإنما تريد الحمد لله في كل وقت".
وقال الرازي: ((وقيل: المراد من الغداة والعشي طرفا النهار، وذكر هذين القسمين تنبيها على كونهم مواظبين على الصلوات الخمس)).
والظاهر أن قول سعيد بن المسيب من التفسير بالمثال، كما يفهم ذلك من قول الطبري: "و"الدعاء لله"، يكون بذكره، وتمجيده، والثناء عليه قولا وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمالَ التي كان عليهم فرضُها، وغيرُها من النوافل التي ترضي عن العامل له عابدَه بما هو عامل له. وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها".
فلما يعم الدعاء هذه المعاني كلها تبين أن ذكر بعضها إنما يكون على وجه التمثيل لا التخصيص. قال الطبري مبينا سبب تعدد أقوال المفسرين هنا: ((فيعمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يخصُّون منها بشيء دون شيء)).
ويؤيد ذلك أن تعدد الأقوال غير المتعارضة عن المفسر الواحد فيه دليل على العموم اللفظة المفسرة، فتكون الأقوال جارية مجرى التمثيل، وقد ورد عن إبراهيم النخعي قولان في المراد بالدعاء.
وهو القول الثاني: أنه ذكرُهم الله تعالى ذكره. كما قال إبراهيم النخعي.
قال ابن عطية: وقيل الدعاء وذكر الله واللفظة على وجهها. يعني: أنه تفسير لفظي.
الثالث: تعلمهم القرآن وقراءته. وهو قول أبي جعفر.
الرابع: عبادتهم ربهم. وهو قول الضحاك.
ورجح الطبري القول الأخير؛ لأنه أعم، قال: ((وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي، لأن الله قد سمى "العبادة"، "دعاء")).
واستشهد بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، فقال: ((وقد يجوز أن يكون ذلك على خاصّ من الدعاء)).
وقال أيضا: ((ولا قول أولى بذلك بالصحة، من وصف القوم بما وصفهم الله به: من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيعمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يخصُّون منها بشيء دون شيء)).
وهذا يشمل دعاء العبادة، ودعاء المسألة.
والقول بالعموم يؤيده ما جاء في سبب نزول الآية. فقد روى مسلم في صحيحه عن سعد، قال: (( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: (اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا). قال: (وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.
وعلى هذا يكون قوله تعالى: {بالغداة والعشي} عبارة عن استمرار الفعل ودوامه.
قال الزمخشري: "وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أى عبادته ويواظبون عليها. والمراد بذكر الغداة والعشى: الدوام".
وقال النسفي: "وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته ويواظبون عليها والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام..."

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
أخرجه عبد الله بن وهب المصري، والطبري، والواحدي في الوسيط عن فرقد السبخي عن إبراهيم النخعي به.
ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة، عن رجل، عن إبراهيم.
والسوء هنا بمعنى الشدة.
قال مقاتل بن سليمان: ((السوء على أحد عشر وجها:
الوجه الأول: السوء، يعني الشدة: فذلك كقوله في البقرة: {يسومونكم سوء العذاب}، يعني: شدة العذاب...وكذلك في الرعد: {أولائك لهم سوء الحساب}، يعني: شدة الحساب)).

فقد قال الله تعالى: {والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد} ولما جيء هنا بالموصول الدال على عِلِّية الحكم وسببه تبين أن سبب المحاسبة سوء الحساب هو عدم استجابة الكفار للدعوة.
وعلى هذا يكون قول إبراهيم النخعي من التفسير باللازم؛ لأن مقتضى سوء الحساب هو الشدة بأن تكون المحاسبة على كل ذنب، فلا يغفر منه شيء.
قال الرازي: ((...وأما الأشقياء فهم الذين لم يستجيبوا لربهم، فلهذا السبب وجب أن يحصل لهم سوء الحساب)).
قال السعدي: وهو الحساب الذي يأتي على كل ما أسلفوه من عمل سيئ وما ضيعوه من حقوق الله وحقوق عباده قد كتب ذلك وسطر عليهم.
ويستدل لهذا القول بقول عائشة رضي الله عنها: ((من نوقش الحساب هلك)).
وأورد المارودي في{سوء الحساب} أقوالا أخر:
أحدها: أنه المناقشة في الأعمال، قاله أبو الجوزاء.
قال البيضاوي: (({أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ} وهو المناقشة فيه بأن يحاسب الرجل بذنبه لا يغفر منه شيء)). فجمع بين قول إبراهيم وأبي الجوزاء.
والثاني: أنه التقريع والتوبيخ، حكاه ابن عيسى.
والثالث: هو أن لا تقبل حسناتهم فلا تغفر سيئاتهم.
والأقوال لا تعارض بينها؛ إذ كل واحدة منها من مقتضيات سوء الحساب. والله أعلم.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir